هه‌واڵ / عێراق

الحصاد draw: العربي الجديد يؤكد خبراء بالشأن الاقتصادي العراقي وسياسيون أن أرقام الأموال المهربة من البلاد بواسطة شخصيات حزبية وسياسية تراجعت لكنها لم تتوقف. يأتي ذلك على الرغم من إعلان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي استمرار الحملات للسيطرة على المنافذ الحدودية ومنع التهريب والفساد في المعابر مع الدول المجاور إضافة إلى المطارات. ويختلف مراقبون بشأن قيمة الأموال التي هرّبت من العراق منذ الاحتلال الأميركي في 2003 ولغاية اليوم، لكنهم يتفقون جميعاً على أنها كافية لإعادة إعمار العراق بالكامل وتوفير البنى التحتية وفرص العمل وإقامة مشاريع عملاقة. ويستمع العراقيون إلى الخطابات التي تطلقها الحكومات المتعاقبة، حول مشاريع وقوانين وآليات استرداد الأموال المنهوبة من بلادهم، ولكنها تبقى حبراً على ورق. ويُرجع محللون عدم استطاعة أي حكومة إنجاز هذا الملف إلى كثرة المتورطين فيه، إضافة إلى أن غالبيتهم أعضاء في الأحزاب ذاتها التي تمسك بالسلطة وتمتلك المليشيات والفصائل المسلحة. وقال رئيس الجمهورية برهم صالح، مطلع مارس/ آذار، إنه "بصدد وضع مدونة قانونية تتناول آليات لاسترداد الأموال المنهوبة من العراق، والموجودة في الخارج". وهذا التعليق الثاني لصالح خلال أقل من ستة أشهر، فقد سبق له أن أكد في أكتوبر/ تشرين الأول 2020 أن العراق يمضي في استرداد الأموال المنهوبة وملاحقة الفاسدين. وكان وزير المالية الحالي علي علاوي، قد أشار في وقتٍ سابق إلى أن "250 مليار دولار سرقت من العراق منذ عام 2003 حتى الآن، وهذا المبلغ يبني العديد من الدول، كما أن هذه السرقات أدت إلى تراجع قدرات العراق الاقتصادية". إلا أن لجنة النزاهة في البرلمان العراقية كانت قد قدرت مطلع العام الحالي حجم الأموال المهربة خارج البلاد بنحو 350 ترليون دينار (239.7 مليار دولار أميركي)، وهو رقم يفوق موازنة البلاد لأكثر من عامين، وفقاً لعضو اللجنة طه الدفاعي، الذي أشار إلى أن "المبالغ المهربة خارج البلاد كانت عبر إيصالات وهمية. وكثير من العمولات دفعت لغرض التهريب كان يحصل عليها بعض المسؤولين"، لكن عضو اللجنة المالية في البرلمان سابقاً رحيم الدراجي أكّد أن قيمة الأموال المنهوبة في العراق نحو 450 مليار دولار. وتواصل "العربي الجديد" مع الدراجي الذي قال إن "هذا الرقم يرتفع يومياً بنسب متفاوتة، لأن عمليات الفساد التي تقودها الأحزاب النافذة وبرعاية من الداخل والخارج تستمر بقوة، وتواصل هذه الأحزاب استغلال كل حادثة أو نكسة عراقية لتحويلها إلى شكل من أشكال المكاسب المالية". وأوضح أن "هذه القوى السياسية، وما فيها من شخصيات فاسدة، تعتبر العراق ليس أكثر من منجم ومعسكر عمل، لذلك فإن معظم السياسيين يغادرون العراق بعد انقضاء مهامهم السياسية إن كانت برلمانية أو حكومية، ولأن أجهزة الرقابة ضعيفة في العراق وخاضعة للنفوذ الحزبي، فإن السرقة لا تكون صعبة على المتنفذين". ويتذكر العراقيون العديد من الملفات في هذا الإطار، فقد اتهم وزير الدفاع في حكومة إياد علاوي، حازم الشعلان، بتهريب نحو مليار دولار، وحكم عليه بالسجن سبع سنوات، إلا أنه لا يزال خارج العراق. كذلك الحال بالنسبة إلى وزير التجارة في حكومة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، عبد الفلاح السوداني، والذي كان متهماً بسرقة 4 مليارات دولار، وحكمت عليه المحاكم العراقية بالسجن 21 عاماً بعد هروبه إلى الخارج. وأكد عضو البرلمان العراقي باسم خشان أن "المبالغ المهربة من العراق تبلغ مئات المليارات". ولفت إلى أن "الحكومة الحالية وكذلك تلك السابقة غير قادرة على استرجاع دولار واحد من الفاسدين". وأضاف في حديثٍ مع "العربي الجديد" أن "أكثر من 90 في المائة من الشخصيات التي سرقت مليارات الدولارات من أموال العراقيين هم أعضاء بارزون في أحزاب عراقية مدعومة من جهات خارجية وداخلية، إضافة إلى أن معظم هؤلاء يمتلكون جنسيات أجنبية ومنها أميركية، وبالتالي فإن هناك عراقيل في عملية اعتقالهم، وإن تم ذلك فإن من المستبعد أن يتم إيجاد هذه الأموال، التي سرعان ما تتحول إلى ممتلكات وشركات تسجل بغير أسمائهم". من جهته، بيَّن الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني أن "الأرقام التي يتحدث عنها سياسيون ومراقبون للشأن السياسي والمالي في العراق عن المبالغ المهربة إلى الخارج كافية لبناء دولة كاملة من الصفر، فهي أرقام ليست اعتيادية، وتدل على كارثة سياسية واقتصادية، قد تظهر آثارها في السنوات المقبلة، وفي الأزمات".  وأكد لـ"العربي الجديد" أن "هناك آليات كثيرة للتعامل مع الأموال المهربة، مثل مخاطبة الإنتربول وتفعيل القرارات القضائية العراقية الصادرة بحق المتهمين، إضافة إلى مخاطبة الحكومات التي يستقر فيها المتهمون، ومصادرة كل ما استملكوه بعد توليهم المناصب في العراق، ولكن كل هذا يحدث في حال توافر الإرادة السياسية في العراق لمتابعة هذا الملف".


الخصاد draw: france 24 على طول الحدود البرية والبحرية للعراق، يقوم كارتيل متشابك ومعقّد بعمليات تهرّب جمركي يحوّل من خلالها الملايين من الدولارات التي يفترض أن تدخل خزائن الحكومة، إلى جيوب أحزاب وجماعات مسلحة ومسؤولين. ويقول موظف جمارك إن هذه الشبكة المتداخلة "لا توصف. الأمر أسوأ من شريعة الغاب". ويضيف "في الغابة، تأكل الحيوانات على الأقل وتشبع. هؤلاء الرجال لا يقنعون أبداً". وعلى غرار معظم المسؤولين الحكوميين وعمال الموانئ والمستوردين الذين قابلتهم وكالة فرانس برس على مدى ستة أشهر، طلب الموظف التحدث دون الكشف عن هويته خوفا من تعرّض حياته للخطر. في البلد الذي يحتل المرتبة 21 في العالم في سلم الفساد، وفق منظمة الشفافية الدولية غير الحكومية، تعبّد البيروقراطية المملّة والفساد المزمن طريقا الى امتصاص موارد الدولة. وفي اقتصاد يقوم أساسا على النفط، وفي ظل ضعف كبير في القطاعين الزراعي والصناعي وغياب أي إمكانية للحصول على عائدات منهما، تشكّل رسوم الجمارك المصدر الأهمّ للعائدات. لكن الحكومة العراقية المركزية لا تتحكم بهذه الموارد التي تتوزّع على أحزاب ومجموعات مسلحة غالبيتها مقربة من إيران تتقاسم السطوة على المنافذ الحدودية وتختلس عبرها ما أمكن من الأموال. ويقول وزير المالية العراقي علي علاوي لوكالة فرانس برس "هناك نوع من التواطؤ بين مسؤولين وأحزاب سياسية وعصابات ورجال أعمال فاسدين"، مشيرا الى أن "هذا النظام ككل يساهم في نهب الدولة". - نظام "مصمم للفشل" - ويستورد العراق الغالبية العظمى من بضائعه، ويعتمد في الغالب على إيران وتركيا والصين في كل شيء من الغاز الى الكهرباء والطعام والإلكترونيات. رسمياً، استورد العراق ما قيمته 21 مليار دولار من السلع غير النفطية في عام 2019، وفق أحدث البيانات التي قدمتها الحكومة، مرّت بمعظمها عبر خمسة معابر رسمية على الحدود مع إيران التي يبلغ طولها 1600 كيلومتر، وواحد على الحدود مع تركيا الممتدة على قرابة 370 كيلومترا، وعبر ميناء أم قصر العملاق في محافظة البصرة الجنوبية. لكن نظام الاستيراد العراقي مرهق وعفا عليه الزمن. فقد تحدث تقرير للبنك الدولي عام 2020 عن "تأخيرات لا تنتهي، ورسوم مرتفعة واستغلال". وقال مستورد يتخذ من دولة في الشرق الأوسط مركزا لعمله لوكالة فرانس برس "إذا كنت تريد أن تستورد بالطريقة الصحيحة، تنتهي بأن تدفع آلاف الدولارات كغرامة تأخير"، مضيفاً أن هذا النظام "مصمم للفشل". وأدّى ذلك، وفق مسؤولين وعمال موانئ ومستوردين ومحللين، إلى نشوء نظام استيراد مواز عبر المعابر البرية وميناء أم قصر، تتولاه أحزاب ومجموعات مسلحة. وتتحقّق معظم الأرباح من ميناء أم القصر كونه المنفذ الذي تدخل عبره الكمية الأكبر من البضائع إلى البلاد. وأكد مسؤولون لوكالة فرانس برس أن غالبية نقاط الدخول تسيطر عليها بشكل غير رسمي فصائل تنتمي الى الحشد الشعبي، وهو تحالف يجمع فصائل شيعية دُمجت مع القوات الأمنية. وتملك هذه الفصائل مكاتب اقتصادية لتمويل نفسها، وتأسست حتى قبل تشكيل الحشد الشعبي. وقال ضابط في المخابرات العراقية حقّق في قضية التهرّب الضريبي "إذا كنت تريد طريقاً مختصراً، تذهب إلى الميليشيات أو الأحزاب". وأضاف "يقول المستوردون إنهم يفضلون خسارة مئة ألف دولار (تدفع كرشوة) بدلاً من خسارة بضاعتهم بالكامل". ويعمل أعضاء الأحزاب والفصائل المستفيدة من ذلك، أو معارفهم وأقاربهم كوكلاء حدود أو مفتشين وفي الشرطة، ويتقاضون مبالغ مالية من المستوردين الذين يريدون تجاوز الإجراءات الرسمية أو الحصول على حسم على الرسوم. وينفي الحشد الشعبي هذه المزاعم علنا. لكن مصادر مقربة من فصائل متشددة مثل "عصائب أهل الحق" و"كتائب حزب الله"، أقرّت بوجود نفوذ لفصائل مختلفة على الحدود، معدّدة الأرصفة والمراكز التي يتمّ عبرها التهرّب الضريبي على أنواع من البضائع، بما يتطابق مع ما قاله مسؤولو الجمارك وضابط المخابرات لفرانس برس. - "المخلّص" - وأكد عمال ميناء أم قصر ومسؤولون ومحللون أن "منظمة بدر" مثلا، وهو فصيل تأسس في إيران في الثمانينات، تدير معبر مندلي على الحدود الإيرانية. وقال ضابط المخابرات "إذا كنت تاجر سجائر، اذهب إلى المكتب الاقتصادي لكتائب حزب الله في الجادرية (في بغداد)، اطرق الباب، وقل أريد التنسيق معكم". وأحد الأشخاص الرئيسيين في عجلة الفساد، هو "المخلِّص"، أي موظف الجمارك الحكومي الذي غالباً ما يعمل كوسيط للجماعات المسلحة والأحزاب السياسية. وقال ضابط المخابرات "لا يوجد شيء اسمه +مخَلِّص+ من دون انتماء، جميعهم مدعومون من الأحزاب". بعد الدفع نقدًا مقابل عمليات صغيرة أو عبر تحويلات مصرفية لصفقات أكبر، يقوم المخلّص بتزوير الأوراق الرسمية، عبر تحريف نوع السلعة التي يتم استيرادها أو عددها وقيمتها الإجمالية، ما يؤدي الى خفض قيمة الرسوم الجمركية التي على التجار دفعها، والتي تكون في النهاية أقلّ بكثير من القيمة الفعلية للبضائع. وقال أحد المستوردين لوكالة فرانس برس إن تسجيل كمية أصغر من الكمية الحقيقية يوفر للمستورد حسما على الرسوم الجمركية يصل إلى 60 في المئة. والمثال الشائع على ذلك هو في استيراد السجائر التي تبلغ تعرفة الاستيراد الرسمية عليها 30 في المئة من قيمتها بالإضافة إلى 100 في المئة إضافية لرفع سعرها في السوق المحلية بهدف تشجيع المستهلكين على شراء البضائع المصنّعة في العراق. ولتقليص هذه الرسوم، غالبًا ما يتم تسجيل السجائر على أنها مناديل ورقية أو سلع بلاستيكية ما يعني في المقابل دفع تعرفات جمركية أقل بكثير. ويقول مسؤول الجمارك "بدلاً من دفع 65 ألف دولار لكل شاحنة على الأقل ينتهي بك الأمر بدفع 50 ألف دولار فقط". ويتلاعب المخلّصون أيضاً بالقيمة الإجمالية المقدّرة للشحنة. فتسجل تلك القيمة بداية على رخصة الاستيراد ولكن يملك المخلّص صلاحية إعادة النظر بها عند نقطة الدخول وبالتالي تخفيضها بهدف تخفيف قيمة الرسوم. وروى مسؤول في أم قصر لفرانس برس أن وكيل جمارك قام بتقييم شحنة من الحديد بثمن بخس لدرجة أن المستورد دفع رسوما جمركية قدرها 200 ألف دولار، في حين كان ينبغي أن يدفع أكثر من مليون دولار. وقال المستورد "هذا النفوذ الكبير للمخلّص ليس طبيعياً على الإطلاق". ومن خلال علاقات مع أشخاص نافذين، تتسرّب بعض البضائع دون تدقيق على الإطلاق. وفي هذا الإطار، قال موظف الجمارك "أنا لست فاسدًا، ولكنني اضطررت لتمرير الشحنة دون تفتيش لأنها مرتبطة بطرف نافذ". في حالات أخرى، يأخذ التجار تراخيص استيراد وإيصالات مزورة إلى البنك المركزي العراقي الذي يرسل بعد ذلك دفعة بالدولار الأميركي إلى شركة شحن وهمية خارج العراق. وتسمح هذه المعاملات بغسل الأموال، بحسب وكيل جمركي ومسؤولين مصرفيين عراقيين. وقال مستورد لوكالة فرانس برس إنه دفع 30 ألف دولار لموظف جمارك في أم قصر للموافقة على دخول أجهزة كهربائية مستعملة يعتبر استيرادها مخالفة قانونية. وأضاف أنه يدفع بانتظام "رشوة لضابط في شرطة الموانئ" ليبلغه بعمليات التفتيش المفاجئة. ومقابل رسوم إضافية، عرض الضابط عليه "إرسال دوريات لتعطيل خروج بضائع منافسة". - "مافيا حقيقية" - وكونهم يعتبرون المنافذ الحدودية مصدراً لامتناهياً للمال، يدفع الموظفون العامون أموالاً لرؤسائهم لتعيينهم هناك. ويفاخر مسؤول في معبر مندلي بالقول إن المعبر يدرّ رشاوى تصل إلى عشرة آلاف دولار لأصغر موظف كل يوم. ويعرب وزير المالية علاوي عن أسفه قائلاً "يتراوح سعر أصغر وظيفة في الجمارك بين 50 ألف دولار إلى مئة ألف دولار، وفي بعض الأحيان ترتفع إلى أضعاف ذلك". وتستخدم الأحزاب والجماعات المسلحة نفوذها السياسي للاحتفاظ بمواقعها هذه التي تسمح لها بتكديس الأموال، ولا تتوانى عن التهديد باستخدام العنف. وقال عامل في معبر مندلي لوكالة فرانس برس إنه أخّر ذات مرة دخول شحنة قادمة من إيران لافتقادها أوراقا رسمية، لكن المخلّص هدّده، مدّعياً أنه من عناصر الحشد الشعبي وأصرّ على إدخال البضائع دون دفع الرسوم، وهو ما سمح به العامل في نهاية المطاف. وروى ضابط المخابرات أن مخبرا في معبر زرباطية على الحدود مع إيران والذي تديره عصائب أهل الحق، وُضع مرارا في إجازة إدارية بسبب عرقلته عمليات استيراد منتجات إيرانية بدون رسوم جمركية. في النهاية، لم يستطع تحمل الضغط. وقال الضابط "عدنا لاحقًا للتحدث معه مرة أخرى ووجدنا أنه انضم إلى العصائب". وقال موظف كبير في المنافذ الحدودية لوكالة فرانس برس إنه يتلقى مكالمات منتظمة من أرقام خاصة تهدّد بالتعرّض لأقاربه بالاسم، في محاولة لترهيبه ودفعه إلى وقف عمليات التفتيش على البضائع في الموانئ. وقال موظف الجمارك "لا يمكننا فعل شيء لأننا سنقتل. الناس خائفون... إنها مافيا حقيقية". - "لا منافسة" - ويشرح ريناد منصور من مركز أبحاث تشاتام هاوس أن هذا النظام أصبح شريان الحياة للأحزاب العراقية والجماعات المسلحة، بما في ذلك فصائل الحشد الشعبي الموالية من إيران. وأضفت هذه الأطراف طابعاً احترافياً على موضوع التمويل غير المشروع هذا بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في عام 2017، بعدما لم يعد في إمكانها الوصول إلى ميزانيات الدفاع الكبيرة. وازدادت هذه الشبكة نشاطا بعد فرض الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عقوبات قاسيةً على إيران. وفي آذار/مارس 2020، أدرجت الولايات المتحدة شركة "الخمائل البحرية للخدمات"، وهي شركة شحن في أم قصر، على القائمة السوداء لتنسيقها مع مجموعات شيعية مسلحة لمساعدة الحرس الثوري الإيراني على "التهرب من بروتوكول التفتيش الحكومي العراقي". كما فرضت عقوبات على عراقيين اثنين وإيرانيين اثنين مرتبطين بالشركة لتمويلهم الكتائب وحزب الله اللبناني. ورفضت السفارة الأميركية في العراق طلبات وكالة فرانس برس التعليق على الأمر. ويجري تقاسم الغنائم بين الأحزاب والجماعات المسلحة بشكل سلس على الرغم من خصومات في ما بينها أحيانا. ويقول منصور "منفذ حدودي واحد يمكن أن يدرّ ما يصل إلى 120 ألف دولار في اليوم (كرسوم غير مشروعة)" تتقاسمه مجموعات عدة "قد تكون عدوة في ما بينها". وقال ضابط المخابرات العراقية "لا توجد منافسة. يعرفون أنه إذا سقط أحدهم فسيسقط الآخرون". في شباط/فبراير، قتل عضوان في عصائب أهل الحق في حادثتين منفصلتين وصفهما مصدران في الحشد الشعبي لفرانس برس بأنهما ذات "خلفيات اقتصادية". لكن عمليات القتل هذه نادرة. - إصلاح بقي قاصرا عن الإصلاح - ويحرم هذا النظام الموازي الدولة من مصادر تمويل كان يمكن تخصيصها للمدارس والمستشفيات والخدمات العامة الأخرى. وقال الوزير علاوي لوكالة فرانس برس "يجب أن نحصل على سبعة مليارات دولار من الجمارك سنويا، لكن في الواقع، تصل عشرة إلى 12 في المئة فقط من موارد الجمارك إلى وزارة المالية". وأفادت منظمة الشفافية الدولية في عام 2020 أن تركيا والصين، وهما من أكبر المصدرين للعراق، هما أقل دولتين تراقبان ضبط الفساد في إطار تصديرهما الى العراق. ويدفع ثمن كل هذا الفساد المستهلك العراقي. وقال مسؤول عراقي لفرانس برس "بصفتك مستهلكاً، فأنت الشخص الذي ينتهي بك الأمر بالدفع مقابل هذا الفساد". منذ الأسابيع الأولى لتوليه رئاسة الوزراء في أيار/مايو 2020، جعل مصطفى الكاظمي من إصلاح المعابر الحدودية أولوية قصوى. فمع الانخفاض الشديد بأسعار النفط، بات العراق بأمس الحاجة إلى عائدات إضافية. وفي رحلات حظيت بتغطية إعلامية واسعة إلى أم قصر ومندلي، تعهد الكاظمي بإرسال قوات جديدة إلى كل منفذ حدودي وتطبيق المداورة في وظائف الجمارك بانتظام لتفكيك دوائر الفساد. على الورق، يفترض أن يكون ذلك مجديا. وبشكل شبه يومي، تفيد هيئة المنافذ الحدودية عن عمليات ضبط بضائع كانت هناك محاولات لتهريبها بدون دفع رسوم. لكن مع انخفاض الواردات في عام 2020 بسبب فيروس كورونا والإعفاءات الجمركية المؤقتة الممنوحة للأدوية والغذاء، كان التأثير الإجمالي لتلك الاجراءات متواضعا. وقالت هيئة المنافذ الحدودية إن العراق حصد 818 مليون دولار من الرسوم في 2020، وهو مبلغ أعلى بقليل من 768 مليون دولار في 2019. - "نحن ندفع الضعف" - ويعتبر مستوردون ومخلصون ومسؤولون هذه الإجراءات ذرّا للرماد في العيون. وقال مستوردون لوكالة فرانس برس إنه، في حين أن بعضهم يدفع الآن الرسوم الحكومية، فإنهم ما زالوا يدفعون في الوقت نفسه الى المخلّصين للتأكد من أن البضائع لن يتم تأخيرها بشكل تعسفي. وقال رجل أعمال عربي يقوم بتصدير بضائع الى العراق منذ أكثر من عقد "في النهاية، ندفع مرتين". في غضون ذلك ، لم يتأثر أصحاب العلاقات الجيدة بالتدابير الجديدة. وقال مستورد عراقي "لم يتغير شيء. يمكنك إدخال أسلحة أو أي شيء آخر تريده عبر مندلي بدون رخصة استيراد وبدون دفع رسوم جمركية". وقال الرجل إنه أدخل مواد بناء من خلال معبر مندلي بدون دفع رسوم جمركية حتى بعد الإصلاحات التي أعلنها الكاظمي. ويصف عناصر في الأمن الأمر بأنه أشبه بالفوضى. وقال جندي تم نشر وحدته لفترة وجيزة في مندلي لوكالة فرانس برس "الشرطة هناك متورطة بجميع عناصرها في الرشوة. التجار يدفعون الأموال بشكل جنوني. اعتقلنا رجلاً، لكنهم أخرجوه في اليوم التالي". واعترف المسؤول الحدودي الكبير بأن بعض عمليات نشر إضافية لعناصر أمن تمّ التعهد بها، لم تحدث قط. وقال لوكالة فرانس برس "في أوقات أخرى، كان الأمر عبارة عن مسرحية، إذ نُشر فقط حوالى عشرين رجلا". ويقول المستوردون والمسؤولون الذين تحدثوا لفرانس برس إن السبب الرئيسي في فشل تلك التدابير هو أن "تناوب الموظفين لم يشمل عنصراً حاسما في آلة الفساد: المخلّص". وقال مسؤول الجمارك "المخلص هو الوسيط الرئيسي للفساد، ما زال هناك. تفاحة فاسدة واحدة ستفسد الباقي". - "الفساد ما زال موجودا" - وما زال وسطاء الأحزاب والمجموعات المسلحة موجودين أيضاً. وقال المستورد العراقي "هناك غرفة جاهزة تدخل إليها الآن، وتقوم بفرز كل شيء هناك". وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية لوكالة فرانس برس إن كتائب حزب الله المتهمة بإطلاق صواريخ على السفارة الأميركية، أُجبرت على إغلاق مكتبها الاقتصادي في مطار بغداد الدولي لمنع وصولها إلى بضائع ثمينة معفاة من الرسوم الجمركية. وأضاف المسؤول "لكن لا يزال بإمكانها الصعود إلى الطائرة والقيام بما تريد. الفساد ما زال موجودا". وبدلاً من الاتصال ببعضهم البعض بشكل علني، انتقل الميسرون إلى تطبيقات المراسلة المشفرة مثل واتساب. وقال ضابط المخابرات "أصبح عملنا بالفعل أكثر صعوبة لأنهم يتخذون المزيد من الاحتياطات". وعلى الرغم من النجاح الجزئي في زيادة إيرادات الدولة، الكارتيل صامد على حاله. وتوقع مسؤولون أن يتجنب التجار بشكل متزايد المعابر التي تديرها الدولة وأن يعتمدوا إما على التهريب أو الاستيراد بشكل غير رسمي عبر كردستان شمالاً. وحذروا من أن تفكيك الشبكة بالكامل سيؤدي إلى عنف قد يكون الكاظمي غير مستعد له. وقال ضابط المخابرات "هذه المصالح تساوي ملايين الدولارات. رصيف واحد في أم قصر يعادل ميزانية دولة"، مضيفاً "لن يتنازلوا بسهولة".


الحصاد:   مايكل نايتس - معهد واشنطن تقيّم الميليشيات العراقية المدعومة من إيران الشرعية وتحاول أن تُظهر نفسها على أنها تعمل وفقاُ للقانون. لذلك يمكن أن تكون الأساليب القائمة على الأدلة فعالة للغاية في كبح جماح أولئك الذين يهاجمون نيابة عن طهران مثل «كتائب حزب الله» و«عصائب أهل الحق» و«كتائب سيد الشهداء» و«حركة حزب الله النجباء». استحدث القاضي السابق في "محكمة العدل العليا في الولايات المتحدة"، لويس برانديز، عبارة "يُقال إن ضوء الشمس هو أفضل المطهرات" وهذا هو الحال حتماً حين يتعلق الأمر بدحض التكتيكات المبهمة التي تستخدمها الميليشيات المدعومة من إيران في العراق. فالهجمات الصاروخية التي أُطلقت على إربيل في 15 شباط/فبراير، هي أعمال تخريبية طائشة أمطرت مدينة مكتظة بالسكان بالقرب من قاعدة أمريكية بوابل من الذخائر الشديدة الانفجار عيار 107 ملم، أعقبها هجوم جديد على القوات الأمريكية في "قاعدة الأسد" الجوية في العراق في 3 آذار/مارس. وقُتل عراقي وفيليبني في هجوم إربيل الذي أسفر عن إصابة تسعة آخرين بجراح؛ كما لقي مقاول أمريكي حتفه في "قاعدة الأسد". وقد اعتقلت قوات الأمن الكردية اثنين على الأقل من مطلقي وابل الصواريخ الذي ضرب إربيل، لتعود وتفيد أن أحدهما اعترف بتنفيذ الهجوم. وزعم مقاتل الميليشيا المحتجز لدى الأكراد أنه تمّ تجنيده من قبل "كتائب سيد الشهداء"، وهي جماعة ميليشيا تعرضت لضربة أمريكية في سوريا الأسبوع الماضي، رداً على تورطها في الهجوم على إربيل.    ونفذت الميليشيات المدعومة من إيران كلا الهجومين الصاروخيين لكنها فعلت ذلك بطريقة مبهمة، سواء بالادعاء أن الهجوم حصل عبر جماعة "واجهة" («سرايا أولياء الدم» فيما يتعلق بحادثة أربيل) أو عبر عدم الادلاء بأي تصريح على الإطلاق (في حادثة "قاعدة الأسد"). ونحن نعلم ذلك لأن الميليشيات استخدمت شبكاتها الإعلامية المتخصصة - قنوات "تيليغرام" وصفحات التغريدات، بالإضافة إلى بعض الأساليب الأكثر غموضاً - للتلميح بشكل استباقي إلى الهجمات المقبلة، والإبلاغ عن الهجمات بسرعة غير معتادة، ومن ثم السيطرة على تغطية الهجمات عبر الغوص في تفاصيل فريدة. وتدل هذه الإزدواجية - إخفاء دورها في الهجوم ولكن التلميح بقوة إليه - على أن الميليشيات تجد صعوبة أيضاً في ما يسمى بـ"الحرب في المنطقة الرمادية". فمن جهة، عليها تجنب الجوانب السلبية لأفعالها - الانتقام من قبل الولايات المتحدة وإلقاء اللوم عليها على مقتل المدنيين الذي سببته صواريخها. ومن جهة أخرى، تريد أن يُنسب إليها الفضل في "مقاومة" الولايات المتحدة وحلف "الناتو" وأي قوى غربية أخرى تقدم المساعدة الأمنية إلى العراق. ونتيجة لهذه الخطوة الموازنة المخادعة، ترتكب الميليشيات الكثير من الأخطاء التي يمكن جمعها كدليل على ذنبها. ويواصل قادة الميليشيات توريط أنفسهم من خلال إظهارهم قيادة خلايا الصواريخ والتفجيرات والتحكم بها، وإعطاء الأوامر لها بوقف الهجمات أو شنها ضد هذا الهدف أو تلك الفئة من الأهداف. وفي حادثة إريبل، ربما تكون "كتائب سيد الشهداء" قد وفّرت القوى البشرية للتحرك وإطلاق الصواريخ، لكن من الواضح أن العملية كانت محرّكة من قبل قيس الخزعلي الذي صنفته الولايات المتحدة على لائحة الإرهاب و"عصائب أهل الحق" التي أدرجتها الولايات المتحدة على لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية، واللذين أعلنا مسؤوليتهما عنها. ولهذا السبب سيطرت وسائل الإعلام التابعة لـ «عصائب أهل الحق» - "صابرين نيوز" ومجموعات الواجهة «أصحاب الكهف» و «سرايا أولياء الدم» -على تغطية الهجوم "قبل" 13 دقيقة من سقوط الصواريخ. كما تكافح الميليشيات مثل "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق" و"كتائب سيد الشهداء" و"حركة حزب الله النجباء" من أجل لعب نوع مختلف من هذه الخدعة - أي أن تكون جزءاً من القوات المسلحة العراقية عندما يكون الأمر ملائم لها، ولكن عدم خضوعها لسيطرة الدولة. فعندما قصفت الطائرات الأمريكية نقاط تفتيش تابعة لـ "كتائب حزب الله" في سوريا في 25 شباط/فبراير، الأمر الذي أسفر عن مقتل أحد أفراد «كتائب حزب الله»، وصفت كافة الميليشيات الغارة بأنها هجوم استهدف "قوات الحشد الشعبي"، وهي ذراع تابعة لقوات الأمن العراقية التي يحصل أفرادها على رواتبهم من الدولة العراقية ولكنها بالكاد تخضع لسلسلة القيادة. ومع ذلك، فإن "قوات الحشد الشعبي" ليست مخوّلة بالتواجد في سوريا، حيث يعمل أعضاء "كتائب حزب الله" وميليشيات عراقية أخرى، في حين يتقاضى أفرادها رواتبهم بالكامل من الحكومة العراقية، ولكنها تخضع للسيطرة العملياتية لـ "الحرس الثوري الإسلامي" الإيراني. وكما ذكر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بعد هجوم 25 شباط/فبراير، لم يكن العراقيون الذين تعرضوا للغارة الجوية الأمريكية في سوريا "أعضاء فعليين في قوات الأمن العراقية". ويتمثل الدرس الرئيسي المستفاد من مبارزة "المنطقة الرمادية" الأخيرة مع إيران وميليشياتها الوكيلة في كوْن أشعة الشمس فعلاً أفضل شكل من أشكال المطهرات، وأن الولايات المتحدة قادرة تماماً على لعب دور في المنطقة الرمادية أيضاً. ومنذ صيف 2020، تقوم وكالات الاستخبارات العراقية والكردية باعتقالات رمزية [لمطلقي الصواريخ] من "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق" و"كتائب سيد الشهداء". غير أنه في كل حالة، مهما كانت محدودة، تسببت الاعتقالات بمضايقة الميليشيات وقلق كبير في أوساطها. وفي حين تبذل الميليشيات المدعومة من إيران قصارى جهدها لتمويه تواطئها في الهجمات الصاروخية، إلّا أن اعتقال مقاتلي الميليشيات وفضح تواطؤهم في الهجمات الصاروخية يقوّض قدرتهم على الهروب من وجه القانون. كما أن قرار السلطات الكردية باعتقال أحد أفراد "كتائب سيد الشهداء" والإعلان عن اعترافه يشير أيضاً إلى أن الميليشيات لا يمكنها دائماً الهروب من وجه القانون وأنه حيثما توجد الإرادة السياسية، إلى جانب التشجيع والدعم من الولايات المتحدة، سيكون من الممكن فرض درجة من المساءلة تضمن عدم حصول الميليشيات على تفويض مطلق [أي أنها غير معفاة من المسؤولية]. علاوةً على ذلك، فإن ربط العمليات الإعلامية للميليشيات والجماعات "الواجهة" بمنظمات فعلية مثل "عصائب أهل الحق" يتسبب بتذلل واضح وكبير في أوساط هذه الشبكات، يتبعه تجزئتها وبروز موجة جديدة من الجهود الفعالة بل المستحيلة في نهاية المطاف لاستحداث علامات جديدة مجهولة الهوية.   وعلى نحو مماثل، أدّى كشف النقاب عن تورط "كتائب حزب الله" في إطلاق الطائرات بدون طيار من العراق إلى السعودية في أيار/مايو 2019 وأيلول/سبتمبر 2019 وكانون الثاني/يناير 2021 إلى تفاقم الخروقات بين هذه الجماعة والحكومة العراقية. وقد أسفر تسليط الضوء على سيطرة "كتائب حزب الله" على مطار بغداد إلى تقليص دورها هناك. وأدّى الكشف عن فساد الميليشيات في أكبر موانئ العراق إلى تطهير الميناء من المسؤولين والتحصين العسكري لأم قصر. تجدر الملاحظة أن الميليشيات العراقية المدعومة من إيران تقيّم الشرعية وتحاول أن تُظهر نفسها على أنها تعمل وفقاُ للقانون. وفي حين تقدّر كونها جزءاً رسمياً من قوات الأمن، إلّا أنها ببساطة تفتقر إلى الانضباط للتقيّد بدستور العراق وقوانينه. وستتمثل الخطوات التالية في هذا الجهد في التوصل إلى المزيد من الأدلة حول توّرط الميليشيات في الجرائم، وتقديم هذه الأدلة إلى العراقيين من أجل دعم الدعاوى المدنية والقضايا الجنائية. على الولايات المتحدة الاستفادة من عودتها إلى نظام تعددية الأطراف من أجل تشجيع أوروبا ودول الخليج على اعتماد العقوبات المتعلقة بمكافحة الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان وفقاً لـ "قانون ماغنيتسكي العالمي"، والتي من شأنها تعزيز تأثيرها بشكل كبير.  


الحصاد- BBC توفي الطبيب العراقي ظافر فؤاد إلياهو الذي لقب بـ"طبيب الفقراء"، وهو واحد من آخر اليهود العراقيين الذين ما زالوا يقيمون في بلادهم. ودفن طبيب وجراح العظام المعروف قبل أيام في مقبرة يهودية، بعد وفاته عن عمر ناهز 62 عاماً، وقد نعاه "مستشفى الواسطي" حيث كان يعمل منذ سنوات. وتقع مقبرة الحبيبية، أكبر مقبرة لليهود في العراق، في مدينة الصدر في بغداد، ويحرسها رجل مسلم، يعتني بالمدافن وبزوارها النادرين. وقال أصدقاء إلياهو على مواقع التواصل إنّ الطبيب رفض عروضاً للهجرة خارج العراق على مر السنين، وفضّل البقاء في بلاده. روت شقيقة إلياهو، التي فضّلت عدم الكشف عن اسمها، لوكالة الصحافة الفرنسية: "أنا صليت عليه، وكذلك شارك أصدقاؤه في مراسم الدفن وصلوا عليه كل حسب دينه". وتعدّ هذه الصلاة حدثاً نادراً في بغداد التي فيها كنيس يهودي واحد صالح للاستخدام. وغالباً ما تقام الشعائر اليهودية لمن بقي من أتباع الديانة في العراق، داخل المنازل. ويقول إدوين شكر، وهو يهودي ولد في العراق عام 1955 وغادره إلى بريطانيا في سن السادسة عشرة، أنه "لم يبقَ سوى أربعة يهود يحملون الجنسية العراقية ومن أبوين يهوديين" في العراق. في عام 1948، بعد إقامة إسرائيل، كان عدد اليهود يبلغ نحو 150 ألفاً في البلاد، ثم بدأ بالتراجع، إثر سحب وثائقهم الشخصية واستبدالها بأخرى خاصة باليهود فقط، جعلتهم عرضة للاستهداف عند إظهارها، بحسب "فرانس برس". وبحلول العام 1951، كان نحو 96 بالمئة من يهود العراق قد خرجوا من البلاد، والتحق بهم كثر بعد ذلك مع تزايد معدلات الهجرة في أعقاب عمليات إعدام علنية شنقاً لعدد من التجار معظمهم من اليهود بتهمة التجسس لحساب إسرائيل في العام 1969. تدريجاً وعلى مر العقود، تلاشى وجود هذه الطائفة الصغيرة، على خلفية الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) ثمّ اجتياح الكويت وما أعقبه من حصار اقتصادي استمر حتى غزو العراق وإسقاط نظام صدام حسين العام 2003. وبعد هذه المرحلة أيضاً، تواصل تناقص أعداد اليهود وسط حرب طائفية وسنوات من العنف الدامي. وبحلول العام 2009، لم يبق سوى ثمانية يهود عراقيين في بلدهم، بحسب برقية دبلوماسية أميركية. في المقابل، تشير إحصاءات رسمية إلى وجود 219 ألف يهودي من أصل عراقي في إسرائيل يشكلون أكبر مجموعة من اليهود المتحدرين من آسيا. وترك هؤلاء خلفهم منازل ومعابد كانت حتى العام 2003 "بحالة ممتازة لدى مالكين معروفين"، حسبما ذكر شكر، للوكالة الفرنسية. وأشار إلى أن استرجاعها "لا يحتاج غير تصويت واحد في البرلمان" ليعاد إلى العائلات اليهودية العراقية كل ما فقدته.


الحصاد draw: ياسر الغرباوي - العربي الجديد    في كتابه "نحن و أبعادنا الأربعة" شرح الدكتور جمال حمدان، فلسفة توجه مصر نحو القبلة الآسيوية قائلا: "رغم أن مصر في أفريقيا موقعا، فقد كانت أبدا في آسيا وقعا، وهي في أفريقيا بالجغرافيا لكنها في آسيا بالتاريخ، وهي في أفريقيا طبيعيا لكنها بشريا في آسيا أكثر". وأشار إلى أن العلاقات الخارجية المصرية القديمة كانت آسيوية أكثر منها أفريقية، معتبرا  أن مصر أكثر أفريقيا آسيوية، "فالنيل في مصر لا يجري في منتصف صحرائها ولكنه يجنح بتحيز واضح نحو الشرق، والمسافة بين بورسعيد وغزة تبلغ 250 كم في مقابل 800 كم بين الإسكندرية ومنتصف الجبل الأخضر في ليبيا، ويعني هذا أن أقرب جار لمصر إنما يقع في آسيا، فجغرافيا البر المصري جعلت لمصر علاقة حميمة مع غرب آسيا".  الذاكرة التاريخية على مدار  التاريخ المصري القديم والمعاصر كانت حركة التجارة والعلاقات والهجرات تدور بلا انقطاع بين غرب آسيا ووادي النيل، خاصة بين مصر والجزيرة العربية في الشمال وبين اليمن والحبشة في الجنوب، على سبيل المثال هجرة الحاميين القدماء من جنوب الجزيرة إلى القرن الأفريقي وحوض النيل حتى مصر شمالاً، بينما جاءت هجرة الساميين العرب مع الإسلام إلى مصر والسودان، ويشير حمدان إلى انتقال جالية مصرية من الصعيد في مصر إلى الحجاز قبل الإسلام واستقرارها وتوطنها، وعلى مر التاريخ المصري  يرى حمدان أن "جميع الموجات التي اكتسحت البلاد جاءت من آسيا عبر سيناء في ما عدا قليلا منها جاء من الغرب مثل الفاطميين، وفي المقابل كل الحركات الخارجة من مصر وكل معاركها التاريخية كانت تتم على أرض آسيوية، وآخرها حرب العاشر من رمضان بينها وبين دولة الاحتلال، والتي وقع مجمل أحداثها من أجل سيناء وفيها".   الجغرافيا السياسية المصرية استكمل حمدان رؤية البعد الآسيوي في السياسة المصرية في كتابه إستراتيجية الاستعمار والتحرير، ووضع إحدى أهم الاستراتيجيات تعبيراً عن فلسفة التوجه المصري نحو آسيا، وطرح فكرة قيام تحالف بين تركيا وإيران الآسيويتين ومصر الأفريقية أطلق عليه اسم مثلث القوة الإقليمي (مصر، تركيا، إيران)، مقدما قراءة بأن "هذا المثلث سيكون من أهم مراكز القوة الطبيعية في العالم العربي والشرق الأوسط". وتتقاطع هذه الرؤية الاستشرافية لمثلث القوة عند  حمدان مع رؤية أحمد داود أوغلو، وزير الخارجية التركي سابقاً في كتابة "العمق الاستراتيجي، موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية"، إذ أكد على أهمية هذا المثلث الإقليمي للسياسة التركية الخارجية المعاصرة، وأنه يقع ضمن الأبعاد الجيواستراتيجية والجيوثقافية لتركيا الحديثة التي يطمع هو من خلال تفعيلها إلى أن تتحول تركيا من دولة طرفية إلى دولة مركز عالمية، ليطلق أوغلو على هذا الأمر  مصطلح المثلث الحساس لأمرين هما: الأول : عند دول المثلث الثلاث (مصر، تركيا، إيران)، تتقاطع الطرق المائية  للقارة الأفروأورآسياوية الأم مع الطرق البحرية الرئيسة، ووفق تصنيف أوغلو لأهمية المضايق عالميا تُطل دول المثلث على ثلاثة مضايق حيوية من مجموع ثمانية مضايق تتحكم في توازنات الإستراتيجيات العالمية عالمية وهي: 1- قناة السويس في مصر التي تصل قارة آسيا بأفريقيا وتربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر. 2- مضيق هرمز (تطل عليه إيران) والذي يصل بين الحزام الهندي الجنوبي للقارة الآسيوية وبين شبة الجزيرة العربية، ويصل الخليج العربي الغني بالمواد الخام مع المحيط الهندي. 3- مضيقا البوسفور والدردنيل في تركيا اللذان يربطان البحر الأسود مع البحر الأبيض المتوسط ويفصلان القارة الأوروبية عن الآسيوية.   الثاني: بروز العلاقات الدولية والإقليمية القائمة على النفط في العصر الحديث، ما زاد من أهمية هذا المثلث. ويحدد أوغلو 4 ملاحظات حول الطبيعة السياسية للمثلث الحساس هي: 1- قوى الهيمنة العالمية تنتهج إستراتيجية الضلع الناقص، للحيلولة دون بناء المثلث، فالقوى الخارجية قبلت التعاون المصري- التركي على حدة، لكنها منزعجة من رفع مستوى التعاون الثلاثي بين الدول الثلاث في آن واحد. 2-أن تحقيق سلام طويل المدى في المنطقة لا يمكن إلا من خلال "تعامل القوى العالمية مع الدول الثلاث وفق أرضية منطقية"، ويعتبر قيام المثلث ضرورة إستراتيجية يمكن أن تتقاطع حولها مصالح القوى الخارجية مع مصالح دول المثلث من زاوية إقرار سلام في النزاع العربي مع دولة الاحتلال. 3- تكمن أهمية تركيا في تحقيق التوازن داخل المثلث كما يرى أوغلو، والذي يقول إنه يتوجب على تركيا اتباع أسلوب من شأنه تخفيف التوتر بين هذه الأقطاب في إطار استراتيجية إقليمية متزنة، ويعتبر أن نجاح تركيا في هذا الدور سيمكنها من الضغط بقوة على التوازنات الإقليمية في أية لحظة. 4-بناء هذا المثلث سيكون له انعكاسات بارزة على مثلثات أصغر للقوى في الساحة مثل المثلث (الأردني، الفلسطيني، اللبناني) والذي يرتبط بعلاقة مجابهة مباشرة مع دولة الاحتلال، والمثلث (العراقي، السوري، السعودي). الخلاصة من خلال ما تقدم تقترب رؤية حمدان وأوغلو في أهمية  ومنافع قيام التعاون الإستراتيجي بين الدول الثلاث (مصر، تركيا، إيران) وحاجة منطقة الشرق الأوسط له، لخيارات استراتيجية ستحقق لدول المنطقة وزناً كبيراً  يمكنها من نيل الحقوق، وتحقيق الحماية لمقدراتها ومصالحها الاقتصادية والسياسية، ولكن المشكلة تتمثل في عوامل وخلافات عديدة تمنع تقارب البلدان الثلاثة وتحقيق مصالح الشعوب.


الحصاد/ الحرّة قال موقع "أويل برايس" إن العراق بدأ يفقد حصته في أسواق النفط الأوروبية نتيجة الاعتماد بشكل متزايد على المشترين الآسيويين، وخاصة الصين والهند. وذكر الموقع أن متوسط حصة البلدان الآسيوية من الصادرات العراقية ارتفع بشكل مطرد خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث بلغت حصتها نحو 80 في المئة من صادرات العراق عبر حقوله الجنوبية في عام 2020. وقارن الموقع بين هذه النسبة وما تم تصديره خلال الفترة الفائتة، والتي تضمنت 60 في المئة في 2017، و65 في المئة عام 2018، و71 في المئة خلال عام 2019. وكشف التقرير أن الصين والهند استحوذتا على نحو ثلثي صادرات العراق اليومية من النفط، بمتوسط مليوني برميل يوميا (1.05 مليون للصين، و0.9 مليون للهند). وأعلنت وزارة النفط العراقية أن صادرات البلاد من الخام ارتفعت إلى 2.96 مليون برميل يوميا في فبراير، من 2.868 مليون برميل يوميا في الشهر السابق. وأضافت الوزارة أن الصادرات، من مرافئ البصرة في جنوب العراق، بلغت 2.825 مليون برميل يوميا في فبراير، ارتفاعا من 2.77 مليون برميل يوميا في يناير. ويعتمد العراق، ثاني أكبر منتج في أوبك، على صادرات النفط في تحصيل جميع إيرادات الدولة تقريبا. وتضرر بشدة من نزول أسعار الخام في العام الماضي وواجه صعوبة في دفع أجور العاملين بالقطاع العام. وزادت إيرادات العراق النفطية في فبراير إلى خمسة مليارات دولار عند متوسط سعر 60.33 دولار للبرميل، مقارنة بمتوسط سعر 53.294 دولار في يناير.  


الحصاد draw: معهد واشنطن - بلال وهاب نظرًا إلى الدوامة المستمرة من الأزمات، نادرًا نحن العراقيون ما ننظر إلى الوراء، ولكن ما لم يستقوا بشكل جماعي العبر من الماضي ويقرروا تجنّب تكرار أخطائهم، فهم سيواصلون الرد على هذه الجرائم بالمثل كما حصل في الماضي. تحمل زيارة البابا فرنسيس إلى العراق هذا الأسبوع رسالة سلام وأخوّة إنسانية، وهذا خبر جيد عن العراق، وويعلم الله كم ان العراق بحاجة الى خبر جيد. الزيارة تاريخية بالمقاييس كافة – فهي الزيارة الأولى التي يقوم بها بابا إلى العراق. والجديد في هذا أيضًا هو زيارة البابا إلى النجف، أو مدينة الفاتيكان الشيعية، ولقاؤه هناك بآية الله علي السيستاني. وبفضل هذه الزيارة، سيتعلم الكثيرون من خارج العراق أن هذا البلد يضم مدينة أور التي وُلد فيها النبي إبراهيم. والأهم، أن البابا سيضمد جراح المجتمع المسيحي في العراق. وعلى نحو مماثل، كان استقبال العراق للبابا حارًا وموحدًا. ومع ذلك، أتمنى أن تكون زيارة البابا وقمة النجف التي عقدها أكثر من مجرد رواية جيدة. فرغم أن العزاء والمسامحة وحدهما لن يكفيا لإنهاء دوامة العنف التي تشهدها الأقليات في العراق والتي غالبًا ما ترتكب باسم الإسلام، إلا أنهما ضروريتان. فزيارة البابا قد تكون بمثابة دعوة للعراق لكي يستفيق وينظر إلى الندبات التي خلفتها دوامة العنف الديني التي اجتاحته، ويتوقف لبرهة من أجل التفكير مليًا في كيفية الحؤول دون استمرار هذه الدوامة. نحن العراقيين عانينا ما عانيناه، سواء من جراء عنف الدولة المنظَّم على يد نظام صدام حسين الذي أباد الأكراد، أو فوضى الحرب الأهلية الطائفية التي اندلعت في خلال السنوات التي تلت الإطاحة به أو إرهاب تنظيم "داعش" الوحشي. وبينما تزامنت المنافسة السياسية المفاجئة مع سقوط دولة العراق، سيطرت الهوية الدينية والطائفية على السلطة والسياسة. وفي خلال هذه الفترة، كانت هوية الفرد الدينية تقرر مصيره بالحياة أو الموت أكثر من أي وقت مضى. وبين عاميْ 2005 و2007، كان الانتماء إلى الطائفة الشيعية بحد ذاته جريمة كافية للتعرض للقتل على يد تنظيم "القاعدة" في العراق. وقتلت الميليشيات الشيعية بدورها، التي لا يزال الكثير منها يتجول بلا رادع، رجال سنّة وفجرت قراهم وأحياءهم. وقُسّمت بغداد تقريبًا إلى مناطق طائفية منفصلة. وكان المجتمعان المسيحي والأيزيدي من بين أوائل ضحايا "داعش". فإلى جانب الكثير من المساجد والأضرحة الإسلامية، دمّر التنظيم الكنائس ومعابد الأيزيديين. وتراجعت أعداد المسيحيين في العراق من 1.5 مليون إلى ما يقدر بربع أو سدس مليون. كذلك، عانى الأيزيديون من التشرد والاستعباد. وكما فعل الغزاة المغول حين دخلوا إلى بلاد ما بين النهرين قبل مئات السنين، لم يترك "داعش" خلفه سوى الدمار والمعاناة. وهذه كلها جراح عميقة لا تزال تنزف في المجتمع العراقي التعددي، غير أن الحكومة تعاملت مع الوضع عن طريق دفع تعويضات للضحايا ومحاولة طي الصفحة والمضي قدمًا. ولكن الجدير بالذكر أنه في ظل هذه البيئة، كانت المعاناة التي شهدها المسيحيون والأيزيديون وغيرهما من مجتمعات الأقليات في ما بعد هائلة وإنما غير مفاجئة. واليوم، لم تعد خلافة "داعش" قائمة، كما أصبح من معيب الخطاب الطائفي الصريح. ولكن في ظل غياب الحسابات الجدية وتحسين التعليم وفرض قوانين أشد صرامةً تعزز التسامح وتحظر خطاب الكراهية، من المستبعد أن تتوقف دوامة العنف الديني في العراق. وهذا لا يعني أنه لم يتمّ إحراز بعض التقدم. فغالبًا ما تصف الحكومتان العراقية والكردية أفعال صدام و"داعش" على أنها جرائم ضدّ الإنسانية وتعلنان عن دعمهما وتعاطفهما مع ضحاياها. وكان البرلمان الاتحادي العراقي وبرلمان إقليم كردستان سنّا تشريعات هامة يعترف بهؤلاء الضحايا – كان أحدثها قانون الناجيات الأيزيديات الذي سُنَّ في خلال هذا الأسبوع في بغداد والذي يصف المعاناة التي تعرضت لها الأيزيديات ونساء من الأقليات الأخرى على يد "داعش" بالإبادة. وإلى جانب الإقرار الرسمي بمعاناة الضحايا، يقدّم القانون – شأنه شأن قوانين أخرى تغطي معاناة ضحايا صدام أو الإرهاب – التعويضات. ولكن هذا القانون هو في الوقت عينه الاستثناء وليس القاعدة. فجزء كبير من الاستجابة للعنف الطائفي لا يغطيه تشريع إنما أوامر تنفيذية أو قرارات برلمانية ضعيفة. كما أنه ما من جهود مبذولة لمعالجة الأسباب الجذرية للعنف الديني وكيفية تطبيق هذه الجهود لوضع حدّ لهذه الدوامة. ونظرًا إلى الدوامة المستمرة من الأزمات، نادرًا نحن العراقيون ما ننظر إلى الوراء، ولكن ما لم يستقوا بشكل جماعي العبر من الماضي ويقرروا تجنّب تكرار أخطائهم، فهم سيواصلون الرد على هذه الجرائم بالمثل كما حصل في الماضي. فالعراقيون بحاجة إلى القيام بالمزيد إذا ما أرادوا أن تكون إبادة الأيزيديين وتشريد المسيحيين آخر فصول العنف والتعصّب الديني في العراق. وما تحتاج إليه البلاد هو حوار جدي بين القادة السياسيين والدينيين والمثقفين حول فصول العنف المتكررة المنفذة باسم الدين. كما يحتاج العراق إلى قوانين أكثر صرامةً تحمي حقوق الأقليات. علاوةً على ذلك، لا بدّ من إدراج قيم التنوع والتسامح في خطب الجمعة والنقاشات الدائرة في الصفوف التعليمية.     وقد تعود ربما الخطيئة الأصلية للتعصب الديني والعنف في العراق الحديث إلى نزع الملكية من يهود البلاد وطردهم منها. وعلى نحو مماثل، تمثّل الردّ بعد هذا الفصل المظلم بالنسيان والمضي قدمًا بدلًا من البحث عن الذات والتعلّم من الدروس. مع ذلك، كانت جدتي تتحدث عن جيرانها اليهود؛ وكانت مصطلحاتها وأمثالها مليئة بالأسماء والنوادر وأيضًا بالأنماط اليهودية.    لقد ترعرعت في عراق ذي أحياء يهودية أُفرغت من سكانها، ولكن كان لدي الكثير من الأصدقاء وزملاء الدراسة المسيحيين. واستنادًا إلى تقديراتي المحزنة، لو كان إرث "داعش" قد نجح في طرد المسيحيين كافة من العراق، لترعرع أولادي في عراق من دون زملاء دراسة من المسيحيين أو الأيزيديين أو الشبك كما ترعرعت أنا من دون زملاء من اليهود. صحيح أنه ليس لدي إحصاءات لإثبات ذلك، لكن كلي ثقة بأن جيل أجدادي عاش حياة أغنى وأكثر تسامحًا مني. ويشير جعل هذه الدورة تكرر نفسها إلى آفاق قاتمة للمستقبل، إن صحّ تقديري.    بعدها، يُطرح سؤال الإيمان بحدّ ذاته في العراق. فلم يسئ أحد إلى ديني، وهو الإسلام، أكثر ممن يقتلون ويسرقون باسمه، سواء "داعش" أو الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وقد صدم ازدياد أعداد الملحدين في العراق البعض.  أما أنا، فما يصدمني هو أن المساجد لا تزال مليئة بالمؤمنين – هذا أشبه بمعجزة نظرًا إلى التمثيل السياسي والعسكري للإسلام. فصحيح أن الكثير من قادة الميليشيات وكبار السياسيين يرتدون العمامة، ولكنهم لا يستقون الكثير من التسامح أو الرحمة من الدين، ويضم العراق عددًا قياسيًا من الأحزاب الإسلامية التي تدير حكومة تعاني من أعلى مستويات الفساد والاختلال الوظيفي في العالم. وليس لدى هذه الأحزاب الكثير لتقدمه من خلال الاستجابات النابعة عن الدين للشباب العراقي الذي يطالب بالسلام والازدهار وسيادة القانون.         ويمكن للدين المخطوف أن يكون مبعث قلق مشتركًا بين البابا والسستاني. فهما الحاميان الإسميان لدينهما. ورغم التناقض الصارخ بين آية الله السيستاني والنموذج الإيراني الذي يشغل فيه الإمام منصب رئيس الدولة، إلا أن مناصريه في السياسة والجماعات المسلحة عرفوا كيف يتعاملون مع الإسلام الشيعة. ويضع آية الله السيستاني، من خلال اجتماعه بالبابا، معيارًا إيجابيًا للتسامح لخلفه. فضلًا عن ذلك، يستمد الرجلان قوتهما وشرعيتهما من أتباعهما وليس من الدولة. وبخلاف إيران أو فعليًا معظم الدول السنية، إن آية الله السيستاني ليس موظف دولة ولا يخضع للدولة وينتظر الكثيرون إدانته القوية لحالة عدم الاستقرار الذي تسببه الميليشيات التي أساءت استخدام اسمه. ومع ذلك، تحمل قمة المنارة والجرس في النجف ثقلًا دينيًا كبيرًا في  العراق وخارجه، التي تلت خطوة المهمة عندما زار البابا الإمارات والتقى بعلماء بالأزهار الشريف. وبين إيران و"داعش"، يمكن لاسم الإسلام وصورة الإسلام بحاجة بعض من التحسين. ولا بدّ من إدانة العنف المرتكب باسم الله بشكل قاطع. فوضع اسم الله على راية لا يعفي أي ميليشيا أو حزب من العقاب. ونستذكر مشهدًا من الموصل ما بعد "داعش" حين أعاد جنود مسلمون في زيهم الرسمي بخشوع صليبًا إلى إحدى الكنائس. في الموازاة، وتمامًا كالمجتمع المسيحي، يُعتبر ترحيب المجتمع الإسلامي في العراق بالبابا وبلقاء النجف خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح. 


الحصاد: قال مصدر أمني في محافظة صلاح الدين العراقية إن مسلحين بزي عسكري قتلوا، صباح الجمعة، سبعة أشخاص من عائلة واحدة، بينهم امرأة، في منطقة البو دور جنوب مدينة تكريت. ونقل مراسل قناة "الحرة" عن المصدر أن "مجموعة مسلحة هاجمت صباح اليوم الجمعة أحد منازل قرية البو دور، وفتحت النار عليهم، مما أسفر عن مقتل سبعة أفراد من العائلة، وإصابة آخر". وأوضح المصدر أن القتلى هم أربعة أشقاء وشقيقتهم ووالدتهم، والمصاب هو شقيقهم الصغير. وأشار إلى أن مجموعة ترتدي زيا عسكريا، وتقود سيارتين، نفذت الهجوم المسلح، وذلك نقلا عن شهود. من جهتها، أصدرت خلية الإعلام الأمني بياناً حول ملابسات الجريمة، وقالت إن "الجهات المختصة في قاطع عمليات صلاح الدين، تباشر بإجراءاتها التحقيقية لمعرفة ملابسات الجريمة البشعة التي حصلت (..)"، وكشفت عن أن "عصابة إرهابية مسلحة" أقدمت على قتل العائلة". وقال قائممقام قضاء تكريت عمر الشنداح لوسائل الاعلام بأن "المعلومات والتحقيقات الأولية أكدت أن الحادث إرهابي، تقف وراءه عناصر داعش لدواع انتقامية، وأن التحقيقات مستمرة لكشف خيوط الجريمة بالكامل". ولفت إلى أن "قوات الأمن اتخذت إجراءات مشددة في عموم مناطق جنوبي تكريت للتحري عن منفذي الهجوم والقبض عليهم".  


الحصاد: أعلنت خلية الإعلام الأمني، الخميس، إطلاق عملية خاصة لجهاز مكافحة الإرهاب في سلسلة جبال قرة جوخ. وقالت الخلية في بيان ورد إلى "الحصاد"، انه "بنسيق مع قيادة العمليات المشتركة، يواصل الشجعان في جهاز مكافحة الإرهاب عملياتهم الناجحة والنوعية في مختلف قواطع العمليات لملاحقة بقايا عصابات داعش ودك اوكارهم، وبعد مجموعة من العمليات المتميزة والاستباقية، شرعت قيادة العمليات الخاصة الثانية في جهاز مكافحة الارهاب بتنفيذ عملية خاصة في سلسلة جبال قره جوخ سبقها ٣٠ ضربة جوية لطيران التحالف الدولي". وأضاف البيان، أن "العملية اسفرت عن تدمير عدد من الاوكار وقتل مجموعة من الإرهابيين وقد باشر طيران الجيش منذ الصباح الباكر بتقديم الاسناد الجوي القريب لهذه العملية والتي جاءت بالتنسيق مع قوات البيشمركة في الطرف الشمالي من سلسلة الجبال وقيادة الفرقة 14 الجيش العراقي من الطرف الجنوبي.  


الحصاد draw: حامد عبد الحسين الجبوري - مركز الفرات يلعب الاستبداد السياسي دوراً كبيراً في تحطيم الاقتصاد وتراجعه كونه يحرم الاقتصاد من اكتشاف الموارد وعدم استثمارها وتقويمها وفق المنطق الاقتصادي السليم. حيث يؤدي الاستبداد إلى حصر جميع الموارد بيده ولا يسمح لأحد باستثمارها وتقويمها فضلاً عن اكتشافها، فيحرم الاقتصاد منها بل ويتم هدرها بفعل تقويمها بعيداً عن التقويم الاقتصادي الدقيق لها. يلجأ الاستبداد السياسي دائماً لتبني النظام الاقتصادي القائم على الدولة بعيداً عن النظام القائم على القطاع الخاص، لان الاستبداد السياسي والاقتصاد القائم على الدولة يسيران بشكل طردي في حين يسير الاستبداد السياسي والاقتصاد القائم على القطاع الخاص بشكل عكسي. لان الأول يجعل الاقتصاد بيد الدولة وهذا ما يخلق مجالاً واسعاً أمام الاستبداد للتدخل والسيطرة على الموارد وتوجيه الاقتصاد وفقاً لما يراه هو لا وفقاً لما يراه أصحاب الخبرة والاختصاص، في حين لم يكن الأمر كذلك بالنسبة للثاني أي إن القطاع الخاص يرفض التحكم به وتوجيهه وفقاً لتوجهات الاستبداد السياسي. ما يخلق مجالاً واسعاً أمام الاستبداد للتدخل والسيطرة وتوجيه الاقتصاد هو الملكية العامة للموارد والتخطيط المركزي، بمعنى إن الدولة تمتلك الموارد ووسائل الإنتاج ويقوم التخطيط المركزي برسم السياسة الاقتصادية للبلد في إطار ما يتطلع إليه القابع على سدة الحكم، فتصبح حياة الاقتصاد وموته بيد السيد الرئيس! والعكس صحيح، أي إن ما يضيّق المجال أمام الاستبداد ويحجّم من تدخله ويحرمه من السيطرة وتوجيه الاقتصاد هو الملكية الخاصة والحرية الاقتصادية والربح، حيث يسعى القطاع الخاص لزيادة ملكيته الخاصة وزيادة أرباحه وكلهما لا يتحققان في ظل غياب الحرية الاقتصادية التي يخطفها الاستبداد من الوجود فيعمل القطاع الخاص للحد من الاستبداد وإيجاد الحرية الاقتصادية وزيادة ملكيته وأرباحه. وإذا ما أجرينا مسحاً عاماً للدول التي تتبنى الاستبداد السياسي وتدخل الدولة وتوجيهها للاقتصاد سنجد إن أغلب اقتصادات هذه الدول هي اقتصادات إمّا مُحطمة كاقتصادات الاتحاد السوفيتي وغيرها أو في طريقها للتحطُّم كالاقتصاد التركي والإيراني والسوري ورها. والعكس صحيح أي سنجد إن أغلب الدول التي تبتعد عن الاستبداد السياسي وتتبنى الديمقراطية السياسية وحياد الدولة وقيام القطاع الخاص بدور كبير في الاقتصاد سنجد إن اغلب اقتصادات هذه الدول هي اقتصادات متقدمة كالاقتصاد الأمريكي والألماني أو في طريقها للتقدم كاقتصادات جنوب شرق آسيا. العراق والاستبداد والاقتصاد أدى الاستبداد السياسي في العراق إلى توجيه الاقتصاد وفقاً لرغباته بعيداً عن مصلحة الاقتصاد والمجتمع فكانت النتيجة هي التراجع والتدهور وحتى التحطّم. إذ إن تعنت الاستبداد ورفضه للرأي والمناقشة والمشورة سياسياً واقتصادياً أدى لحرمان السياسة والاقتصاد في العراق من الأفكار السياسية والاقتصادية التي تسهم بلا شك في تحقيق مصلحة العراق. الأكثر ضرراً في الاستبداد آثاره، لأن استمرار الاستبداد لمدة طويلة يعني ولادة شعب جاهل التفكير وفوضوي السلوك لا يستطيع أن يحدد خارطة طريق لحياته بشكل سليم، بحيث لا يستطيع أن يُجمع رأيه على القرارات التي تصب في مصلحة شؤونه لاسيما السياسية والاقتصادية منها.  فيظل يعاني التخبط والفوضوية وغياب الاستقرار ولا يستطيع النهوض بمستوى حياته بمستوى حياة الدول المتقدمة وهذا ما ينطبق على العراق تماماً، حيث دخل العراق بعد السقوط في صراع طائفي وإرهاب وأزمات متلاحقة وفوضى سياسية واقتصادية مستدامة انعكست سلباً على الواقع العراقي. يمكن القول، إن لجوء العراق في خمسينيات القرن الماضي لتبني نظام التخطيط هي الخطوة الأولى نحو الاستبداد اللاحق سياسياً واقتصادياً، لانه كما ذكرنا قبل قليل، إن الذي يفسح المجال واسعاً أمام الاستبداد للتدخل والسيطرة وتوجيه الاقتصاد هو الملكية العامة للموارد والتخطيط المركزي. إن امتلاك الدولة للموارد وقيامها برسم الخطة الاقتصادية اللازمة لتوظيف تلك الموارد وكذلك قيامها بتنفيذ تلك الخطة عبر وزاراتها المركزية وقطاعها العام أدى ذلك لاتساع دور الدولة في الاقتصاد شيئاً فشيئاً حتى استحكمت عليه بشكل كامل وما عزز قبضة الدولة على الاقتصاد هو دخول النفط على الخط في سبعينيات القرن الماضي. ونظراً لهيمنة الدولة على الاقتصاد بشكل كامل عن طريق الملكية العامة والتخطيط المركزي من جانب وهيمنة القائد على الحزب والأخير على الدولة ومؤسساتها بشكل كامل من جانب ثانٍ فإن الاقتصاد أصبح يخضع لقائد الحزب بشكل كامل ويتجه حيث ما يشاء وهذا ما حصل على أرض الواقع بالفعل. الاقتصاد العراقي ونفق الحروب بعد سنة من تولي صدام حسين إدارة البلاد أدخلها في نفق الحروب حيث ابتدأ بحرب الخليج الأولى التي دامت لثمان سنوات أنهك فيها العراق مادياً ومعنوياً مالياً وبشرياً، وبمجرد انتهاء الحرب أقحمه في غزو الكويت وجاءت التبعات الوخيمة المتمثلة في حرب الخليج الثانية وما تلاها من حصار اقتصادي حتى إسقاط النظام والدولة عام 2003 بشكل قسري من قبل الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تزال تبعاتها سارية المفعول حتى الوقت الحاضر وستستمر حتى المستقبل. وتجب الإشارة إلى إن الولايات المتحدة الأمريكية تتحمل جزء من المسؤولية كونها لم تسقط النظام وحسب بل أسقطت الدولة برمتها بكل مؤسساتها، وإلا لو كانت تريد أن تسقط النظام دون الدولة فإنها لم تستهدف مؤسسات الأمن الداخلي والجيش الوطني والمصانع والبنى التحتية التي تخدم الشعب. لكن يبقى الجزء الأكبر من المسؤولية هو مسؤولية الإدارة الداخلية-الاستبداد-الذي دفع لتدخل الولايات المتحدة لإسقاط النظام والدولة بشكل كامل. إن إدخال العراق في نفق الحروب-لا لشيء إلا استجابةً لرغباته الذاتية بحجة القومية-يعني توجيه الاقتصاد نحو ما عُرف باقتصاد الحرب، لان الحرب تتطلب المزيد من التمويل لغرض إدامة الحرب، وإن إدامة الحرب وتسخير الموارد لإدامتها يعني استمرار هدر الموارد واستنزافها دون توظيفها بما يخدم الاقتصاد والشعب أخيراً. وإن التوجه نحو اقتصاد الحرب يعني تحطم الاقتصاد العراق من حيث ما هو قائم من موجودات ثابتة واستنزاف ما هو موجود في باطن الأرض من موارد معدنية ونفاد ما موجود من أموال سائلة في البنوك فضلاً عن زيادة المديونية. تخيّل لو كانت الإدارة في العراق لم تتسم بالاستبداد وتتحلى بالمشورة والمناقشة وتقبل النقد البنّاء وتبتعد عن تلبية الطموحات والرغبات الذاتية وتعمل وفقاً لمصلحة الاقتصاد السلمي والشعب. هل سيكون واقع الاقتصاد العراقي كما هو عليه الآن، من اقتصاد منهك يعاني الأحادية والتبعية والتذبذب والبطالة والفقر؟! بالتأكيد، سيكون الاقتصاد العراقي خالٍ من تلك المشاكل وسيكون من بين طلائع الاقتصاد المتقدمة لان العراق لديه القابلية على الطفرة وذلك لما يملكه من موارد طبيعية وبشرية هائلة تؤهله ليكون في ذلك الموقع إذا ما توفرت الإدارة السليمة بعيداً عن الاستبداد.


الحصاد: تعرض متظاهر عراقي، الثلاثاء، لإصابات بالغة بعد قيام سائق شاحنة صغيرة بدهسه على أحد الجسور الرئيسية وسط مدينة الناصرية جنوب العراق. وقال مراسل قناة الحرة، نقلا عن متظاهرين، إن أحد سائقي السيارات المدنية دهس عددا من المعتصمين الذين رفضوا مرور السيارات عبر جسر الزيتون ما تسبب بإصابة احدهم بجروح نقل على اثرها الى المستشفى. وأظهرت لقطات مصورة بثها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي لحظة وقوع الحوادث، وكيف أن سائق الشاحنة فر مسرعا بعد دهسه لأحد المعتصمين. وأفادت وسائل إعلام محلية بأن الاعتصام الذي أقيم على جسر الزيتون، الثلاثاء، هو لمجموعة من خريجي المعاهد التقنية الذي يطالبون بتعيينهم في وظائف حكومية. وشهدت الناصرية خلال الأسابيع الماضية موجة احتجاجات قتل خلالها العديد من المتظاهرين، خلال صدامات مع قوات الأمن. ووقعت إحدى أكثر الأحداث دموية في هذه التحركات في الناصرية حيث قُتل نحو 30 متظاهرا على جسر الزيتون في نوفمبر 2019، ما أثار موجة من الغضب في جميع أنحاء البلاد وأدى إلى استقالة رئيس الوزراء آنذاك عادل عبد المهدي. وكانت التظاهرات قد خمدت كلها تقريبا في 2020 في سياق التوترات السياسية وفي مواجهة الوباء، لكن التحركات عادت إلى الظهور في عدة مناسبات في الناصرية.


الحصاد: اعلن وزير الصحة حسن التميمي، اليوم الثلاثاء، استكمال إجراءات الحصول على 20 مليون جرعة من لقاح كورونا. وقال المتحدث باسم مجلس الوزراء حسن ناظم خلال مؤتمر صحفي، إن "وزير الصحة أكد استكمال إجراءات الحصول على 20 مليون جرعة من لقاح كورونا"، لافتاً إلى أن "التميمي قدم تقارير مقلقة عن الوضع الوبائي في العراق". وأشار ناظم غلى أن "إصابات كورونا في تصاعد وعلى الجميع أن يتحملوا مسؤولياتهم". واضاف "نريد تشجيع المواطنين على التسجيل بالمنصة الإلكترونية لأخذ لقاح كورونا".


الحصاد draw: france24 في ظل إجراءات الحجر جراء فيروس كورونا والتدابير الأمنية المشددة، تنطلق الجمعة زيارة البابا فرنسيس التاريخية إلى العراق حيث تجري التحضيرات على قدم وساق من شوارع بغداد الرئيسية وصولا إلى النجف ومرورا بأور الجنوبية والبلدات المسيحية شمالا، حيث رفعت لافتات تحمل صوره مرفقة بعبارات ترحيب. وسيستخدم البابا سيارة مصفحة في تنقلاته على طرق أعيد تأهيلها خصيصا للزيارة، بالإضافة إلى مروحية وطائرة خاصة للتنقلات البعيدة سيعبر خلالها فوق مناطق لا تزال تنتشر فيها خلايا لتنظيم "الدولة الإسلامية". يصل البابا فرنسيس الجمعة إلى العراق في زيارة تاريخية تجري في ظل تدابير أمنية مشددة في بلد تمزقه النزاعات منذ عقود، حاملا رسالة تضامن إلى إحدى أكثر المجموعات المسيحية تجذرا في التاريخ في المنطقة والتي عانت لعقود ظلما واضطهادا، وساعيا الى تعزيز تواصله مع المسلمين. وتتزامن هذه الزيارة غير المسبوقة إلى العراق مع ارتفاع كبير في أعداد الإصابات بفيروس كورونا تخطت السبت الخمسة آلاف في يوم واحد في هذا البلد، وهو رقم قياسي، فيما تفرض السلطات إغلاقا تاما، كما تشهد البلاد توترات أمنية. وأعلن البابا في رسالة مصورة موجهة إلى الشعب العراقي وزعها الفاتيكان عشية الزيارة التي تستمر ثلاثة أيام أنه "أخيرا سوف أكون بينكم، أتوق لمقابلتكم ورؤية وجوهكم وزيارة أرضكم، مهد الحضارة العريق والمذهل". ولن يتمكن الكثير من العراقيين من مشاهدة البابا إلا عبر شاشاتهم التلفزيونية، وسيستخدم البابا على الأرجح سيارة مصفحة في تنقلاته على طرق أعيد تأهيلها خصيصا استعدادا للزيارة، بالإضافة إلى مروحية وطائرة خاصة للتنقلات البعيدة سيعبر خلالها فوق مناطق لا تزال تنتشر فيها خلايا لتنظيم "الدولة الإسلامية" الذي أعلنت القوات العراقية الانتصار عليها وتحرير العراق منه منذ 2017. وستغيب بسبب التدابير الوقائية من وباء كوفيد-19، الحشود التي اعتادت ملاقاة البابا في كل زياراته، باستثناء قداس سيحييه الأحد في الهواء الطلق في أربيل في كردستان بحضور نحو أربعة آلاف شخص حجزوا أماكنهم للمشاركة فيه مسبقا. وجرت التحضيرات على قدم وساق لاستقبال الحبر الأعظم خلال الأسابيع الأخيرة، من شوارع بغداد الرئيسية وصولا إلى النجف ومرورا بأور الجنوبية والبلدات المسيحية شمالا، حيث رفعت لافتات تحمل صوره مرفقة بعبارات ترحيب. وتحضيرا للزيارة، أزيلت آثار ثلاث سنوات من دمار تسبب به تنظيم "الدولة الإسلامية" من مناطق كثيرة، ولكن أيضا آثار عقود من الفساد والإهمال أنهكت البنى التحتية، فعبدت طرق، وأعيد تأهيل كنائس في مناطق نائية لم تشهد زائرا بهذه الأهمية من قبل. "أوافيكم حاجاً يسوقني السلام" ويرغب البابا فرنسيس البالغ 84 عاما في أول زيارة له إلى الخارج منذ انتشار الجائحة، توجيه رسالة تضامن ليس للمسيحيين فقط بل لجميع سكان العراق، مع برنامج حافل في مناطق عدة من البلاد. ومن بغداد إلى النجف وأور وأربيل والموصل وقرقوش، سيعبر مسافة 1445 كلم، في بلد لا يزال فيه الاستقرار هشا. وبعد ساعات من هجوم صاروخي في غرب البلاد استهدف قاعدة عسكرية تضم جنودا أمريكيين، أكد البابا فرنسيس الأربعاء عزمه على المضي بالزيارة لـ"لقاء هذا الشعب الذي عانى كثيرا". "لم نتخلَّ عن إيماننا" ويبدأ البابا زيارته الجمعة بخطاب أمام المسؤولين العراقيين. وبالإضافة إلى التحديات الأمنية والاقتصادية التي يعاني منها العراقيون، سيناقش الطرفان أيضا المعاناة الكبيرة التي لحقت بالمسيحيين. وأدت سنين من العنف والاضطهاد إلى تراجع عدد المسيحيين في العراق من 1,5 مليونا في 2003 إلى 400 ألف فقط اليوم. في العام 2014، سيطر تنظيم "الدولة الإسلامية" على أجزاء واسعة من العراق، واجتاح بلدات مسيحية وخير سكانها بين اعتناق الإسلام أو الموت، ففر الآلاف منهم من بيوتهم. لقاء السيستاني وللمرة الأولى في التاريخ، يزور رأس للكنيسة الكاثوليكية مدينة النجف الأشرف في جنوب العراق حيث يلتقي بالمرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني البالغ من العمر 90 عاما والذي لا يحبذ الظهورات العلنية. وكان البابا قد وقع قبل عامين في أبو ظبي وثيقة تدعو إلى حرية المعتقد إلى جانب إمام الأزهر، أحد أبرز المرجعيات الإسلامية السنية في العالم. وسيشارك البابا في أور التي يعتقد أنها مسقط رأس النبي إبراهيم والواقعة في الجنوب النائي، في صلاة ستضم رجال دين شيعة وسنة وأيزيديين وصابئة.


الحصاد DRAW: فيليب سميث - معهد واشنتطن    في 25 شباط/فبراير، ضربت الطائرات الحربية الأمريكية أهدافاً في منطقة البوكمال السورية التي تستخدمها الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران لتهريب الأسلحة وفرض سيطرتها الاستراتيجية وشن هجمات ضد مختلف الأعداء في سوريا. وتسببت الغارة في وقوع خسائر قليلة. وقد يرغب بايدن في إحياء الاتفاق النووي مع إيران، لكنه بعث برسالة مفادها أنه لن يفعل ذلك بأي ثمن. وإذا كان هذا العمل الدفاعي في صحراء شرق سوريا أكثر من مجرد حدث واحد، فسيكون بمثابة تغيير كامل عن الأخطاء التي وقعت عام 2015. في 25 شباط/فبراير، ضربت الطائرات الحربية الأمريكية أهدافاً في منطقة البوكمال على الحدود الشرقية لسوريا التي تستخدمها الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران بشكل كبير لتهريب الأسلحة وفرض سيطرتها الاستراتيجية وشن هجمات ضد مختلف الأعداء في سوريا، من بينهم تنظيم «الدولة الإسلامية». وأصابت الغارة الجوية سبعة أهداف، ودمرت عدة منشآت لكنها تسببت في وقوع خسائر قليلة. ووفقاً لتقارير صحفية، اختار الرئيس جو بايدن هدفاً أكثر تواضعاً أو "متوسطاً" من مجموعة الأهداف التي عرضها عليه فريقه الاستخباراتي بهدف الانتقام من هجوم شنته ميليشيا شيعية مدعومة من إيران في 15 شباط/فبراير في أربيل، والذي قُتِل فيه مقاول أمريكي وأصيب تسعة آخرون، بينهم جندي أمريكي. وفي حين أفادت وسائل إعلام الميليشيات الشيعية عن مقتل أحد عناصر «كتائب حزب الله» المدعو راحي سلام في الضربة الجوية، إلا أنها قللت مع ذلك من حجم الانتقام الأمريكي وحدّته. وفي الوقت نفسه، أجمع منتقدو العملية على عدم أهمية تلك الخطوة. فقد شن الإسرائيليون ضربات مماثلة أكثر فتكاً في سوريا كل أسبوع أو نحو ذلك على مدى العامين الماضيين، حتى وإن لم تكن ناتجة عن استفزازات سابقة. وفي هذا السياق، نشر الباحث في شؤون الميليشيات نيكولاس كروهلي تغريدة وقحة جاء فيها: "لحظة صمت على مصنع الإسمنت المهجور المصنف من الدرجة الثانية في ضواحي البوكمال". ومع ذلك، لم يكن ضرب وكلاء إيران في سوريا عمليةً تستحق هذا القدر من الاستخفاف. وأحد أسباب ذلك هو أن بايدن لفت إلى أنه تعلّم من الإخفاقات السابقة للرئيس باراك أوباما من حيث الرضوخ للعدائية الإيرانية في محاولة لكسب استحسان دبلوماسي مع طهران، وهي خطوة اعتبرها الإيرانيون بشكل محق بمثابة تصريح لمواصلة أعمالهم دون خوف من أي عواقب ملموسة. (وهذا مهم بشكل خاص في ضوء الرغبة المعلنة للإدارة الأمريكية الحالية في إعادة الدخول إلى «خطة العمل الشاملة المشتركة»، أي الاتفاق النووي الموقّع مع إيران بقيادة الولايات المتحدة عام  2015، والذي انسحب منه الرئيس دونالد ترامب في عام 2018). بالإضافة إلى ذلك، فإن استهداف أصول عراقية خاضعة للسيطرة الإيرانية في سوريا قد جنّب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي صعوبات سياسية أكبر في الداخل حيث تَعتبر الميليشيات أساساً أن رئيس الوزراء دُمية أمريكية، (وتشير التقارير الإضافية إلى أن الكاظمي ربما يكون قد شارك معلومات استخباراتية مع الولايات المتحدة حول وجود الميليشيات في البوكمال). كما أنه لعب دوراً مفيداً في تسليط الضوء على سؤال محرج للتنظيمات المسلحة التي تم إنشاؤها للدفاع عن العراق من المحتلين الأجانب، ودُمجت الآن بشكل قانوني في جهاز الأمن المركزي في بغداد: ما الذي تفعله أصلاً تلك التنظيمات في سوريا؟ ومنذ أواخر عام 2012، بدأ إرسال المقاتلين الشيعة العراقيين بالآلاف إلى سوريا. وجاء البعض كمتطوعين في ما اعتقدوا أن عملية الإرسال هي مهمة من الله "للدفاع" عن مقام السيدة زينب جنوب دمشق. وكان بعضهم الآخر يبحث عن المغامرة. لكن آخرين كانوا يسعون وراء الراتب. ومهما كان الدافع، فبالنسبة لإيران لم يكن لهذا التجنيد الجماعي والنشر الحاشد سوى هدف استراتيجي واحد، وهو إنقاذ نظام الرئيس السوري بشار الأسد المحاصر والمتخبط في الحرب آنذاك من حركة احتجاجية تحوّلت إلى بداية تمرد سني. وبحلول عام 2016، تم استخدام أكثر من 20 منظمة لتجنيد ونشر ما لا يقل عن 10,000 إلى15,000  مقاتل شيعي عراقي. ووصلت الذروة في عام 2015 واستمرت نحو عامين، بالتزامن مع المعارك الشديدة التي قادتها إيران لاستعادة حلب من المتمردين السوريين والجهاديين السنة. ومنذ ذلك الحين، انحسر التجنيد العلني للشيعة العراقيين للقتال في سوريا بشكل كبير، لا سيما بعد توقف العمليات العراقية لسحق تنظيم «الدولة الإسلامية» في الموصل عام 2017. وتتمركز الجماعات العراقية التي لا تزال تعمل في سوريا بشكل أساسي في دمشق أو في مناطق شرق سوريا بالقرب من دير الزور. وفي الواقع، أصبحت هذه المنطقة مرتعاً جيوستراتيجياً رئيسياً للنشاط الإيراني في الشرق الأوسط لأنها المكان الذي سيتم فيه بناء ما يسمى بالجسر البري الذي يربط طهران بالبحر المتوسط. والجسر البري - الذي هو بالفعل خط اتصال مباشر لمرور العناصر ونقل العتاد - كان حلماً طال انتظاره للجنرال قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» الإيراني، الذراع العسكري لـ «الحرس الثوري الإسلامي»، الذي قُتل في غارة جوية أمريكية في بغداد قبل عام. وكان جزء لا يتجزأ من مشروع سليماني، والذي لا يزال قائماً، هو نشر الميليشيات الشيعية التي يسيطر عليها «فيلق القدس» على طول هذه المنطقة، مما يسمح لها بالتسلل بسهولة إلى منطقة البوكمال والخروج منها عبر بلدة القائم الحدودية العراقية. ومن بين الجماعات المتشددة المنتشرة هناك «حركة حزب الله النجباء»، و«كتائب حزب الله» (إحدى الميليشيات التي تم استهدافها في 25 شباط/فبراير)، و«سرايا الجهاد»، و«حزب الله» اللبناني، بالإضافة إلى فصيل أفغاني وباكستاني تحت إدارة إيرانية. وقد قامت جميع هذه الميليشيات بتهريب أسلحة متطورة عبر هذه البوابة المهمة، ومن أجل ضمان ديمومة عملياتها وولاء المجتمعات المحلية التي يجب عليها اجتيازها، أفادت حتى بعض التقارير أنها عرضت مبالغ مالية للسنة المحليين للانضمام إلى قواتها شبه العسكرية أو حتى التحوّل إلى المذهب الشيعي. ومع ذلك، ففي السنوات الأخيرة، أصبح وجود الميليشيات في بلد أجنبي لا يحظى بشعبية متزايدة في العراق، لا سيما بين السكان الشيعة الهائجين والشباب الذين يرون أن هذه الميليشيات هي ليست استنزاف للموارد العراقية فحسب، بل كونها أيضاً دليل كبير على أن العراقيين من أبناء البلاد لا يساوون ما يزيد قليلاً عن وقود مدفعي للطموحات الإستراتيجية لـ «فيلق القدس». وعلى وجه الخصوص، تشكل «كتائب حزب الله»، عنصراً مركزياً في عجلة طهران العدائية في العراق، وبالتالي تشكّل مصدر استياء كبير بين العراقيين. وبالنسبة للبنتاغون، إنها واحدة من الجماعات الإرهابية الأسوأ سمعة في العراق. تأسست «كتائب حزب الله» في عام 2005، وسرعان ما أصبحت رائدة في مجال الأسلحة المتقدمة، مثل العبوات الناسفة التي اخترقت المركبات المدرعة الأمريكية أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق. وقد لعب هذا التنظيم الإرهابي، المدرج على قائمة الولايات المتحدة للإرهاب، دوراً محورياً في المساعي الإيرانية لمهاجمة القوات الأمريكية خلال الاحتلال الأمريكي، بتجنيده المقاتلين في سوريا، وهو يشكل حالياً ركيزة أساسية في الجهود الإيرانية لتطوير عدة ميليشيات شيعية معترف بها رسمياً والسيطرة عليها أيضاً. وقد قُتل أحد مؤسسيها وأحد مساعدي سليماني الرئيسيين، هو أبو مهدي المهندس، مع سليماني في 3 كانون الثاني/يناير 2020، في غارة جوية أمريكية بالقرب من مطار بغداد الدولي. وفي كانون الأول/ديسمبر 2019، تعرضت «كتائب حزب الله» لهجوم من قبل القوات الأمريكية لمشاركتها في تهديد السفارة الأمريكية وتهديداتها للأفراد العسكريين الأمريكيين. أما الجماعة الأخرى المذكورة التي استهدفتها القوات الأمريكية في 25 شباط/فبراير، أي «كتائب سيد الشهداء»، فهي مجرد جماعة منشقة عن «كتائب حزب الله». وتم تشكيلها في أوائل عام 2013، ظاهرياً بسبب نزاع على القيادة داخل صفوف المنظمة الأم. ومنذ ذلك الحين، نشرت «كتائب سيد الشهداء» مرشحين للبرلمان العراقي في الانتخابات الوطنية وجنّدت آلاف المقاتلين للقتال في العراق وسوريا، وكل ذلك بينما بقيت بالكامل تحت السيطرة الإيرانية. ومن المحتمل أن يكون لـ «كتائب سيد الشهداء» دور في هجوم جماعة «سرايا أولياء الدم» في أربيل، نظراً لتأثيرها على الجماعات المحلية في تلك المنطقة. وفي حين ربما يكون الرئيس بايدن قد قاد حملةً لتجديد الدبلوماسية مع إيران، إلّا أنه أشار أيضاً إلى أن معاودة الدخول في اتفاق نووي لن يكون سريعاً أو سهلاً وحذر من مثل هذا الاحتمال بشأن الحد من سوء سلوك إيران في المنطقة. ولطالما أدركت إيران أن قوتها الحقيقية تكمن في التنظيمات العاملة بالوكالة عنها في مختلف أنحاء المنطقة. إنه افتراض ذكي، مبني على الحقيقة التاريخية المتمثلة في أن إيران كانت قادرة، خلال السنوات الخمس الأخيرة، على توسيع نفوذها إلى ما وراء حدودها مع الإفلات من العقاب، معتمدة على استماتة أمريكا للتوصل إلى اتفاق نووي. بعبارة أخرى، كان عليها أن تفعل الكثير مما تريد أن تفعله القنبلة (النووية)، دون الاستفادة من القنبلة. وبعد مضي شهر على استلام بايدن منصبه، لا شك في أن البيت الأبيض تعلّم أيضاً درساً مهماً، وهو أن الشرق الأوسط تغيّر كثيراً عما كان عليه قبل وصول ترامب إلى الرئاسة. فقد برزت تركيا كقوة تدخل رئيسية، وهي على خلاف مع إيران في شمال العراق على نحو متزايد. وفي غضون ذلك، قامت دول الخليج بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل سواء بعدل أو بحكم الأمر الواقع. ومع القضاء على "دولة الخلافة" التي أسسها تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا والعراق، ظهرت قائمة جديدة من الشكاوى الاجتماعية والاقتصادية الموجهة ضد الحكومات المركزية والبنى غير الحكومية أو شبه الحكومية التي تبقيها قائمة. لذلك فإن احتواء إيران يعني باختصار إضعاف الميليشيات، أينما وُجدت على طول "الجسر البري" الذي أقامه سليماني لأن تمركزها نادراً ما يكون مهماً، وهذا أمر يدركه الإسرائيليون جيداً. وقد يرغب بايدن في إحياء الاتفاق النووي مع إيران، لكنه بعث برسالة مفادها أنه لن يفعل ذلك بأي ثمن. وإذا كان هذا العمل الدفاعي في صحراء شرق سوريا أكثر من مجرد حدث واحد، فسيكون بمثابة تغيير كامل عن الأخطاء التي وقعت عام 2015.  


الحصاد DRAW:  د. حسين أحمد السرحان-  مركز الفرات منذ ان تسلم الرئيس الاميركي جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة في 20 كانون الثاني 2021، يلاحظ تزايد الاستهداف ضد المصالح الاميركية في العراق وأبرزها كانت استهداف ارتال الدعم اللوجستي واستهداف القواعد العسكرية الي تضم قوات اميركية بالقرب من مطار بغداد الدولي، وآخرها كان استهداف القاعدة العسكرية الاميركية بالقرب من مطار اربيل الدولي الاسبوع الماضي، في خط موازٍ للتصعيد ضد حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة كما في الاستهدافات الصاروخية لحركة أنصار الله الحوثي ضد المملكة العربية السعودية. وعقب الاستهداف الصاروخي الاخير في اربيل، اكدت الخارجية الاميركية " ستكون محاسبة للجهة المسؤولة عن الهجوم الصاروخي الاخير على القاعدة العسكرية الاميركية قرب مطار اربيل". فيما اعلنت سرايا اولياء الدم مسؤوليتها عن الهجوم والتي تصف على انها ميليشيا ايرانية. في ظل هذا التصعيد الايراني، ماذا تريد إيران في هذه المرحلة؟ وكيف ستقابلها واشنطن؟ وكيف تنظر كل من طهران وواشنطن للعراق في ظل هذا التصعيد؟ رسائل طهران الى واشنطن مرتبطة بأمرين وكلاهما يؤثر ويتأثر بالآخر: الاول، البرنامج النووي، والثاني: نفوذها في المنطقة. وكما هو معروف، ان الادارة الاميركية الجديدة اعلنت تأييدها إعادة الحياة للاتفاق النووي بين إيران من جهة ومجموعة ال(5+1) عام 2015. ولكن طالما كررت واشنطن امرين: الاول، انها تريد توسيع الاتفاق ليشمل برنامج الصواريخ الايراني، والثاني، ان يكون اتفاق طويل الامد. وطهران تدرك موقف الادارة الاميركية الجديدة من الاتفاق الذي أفصح عنه خلال المرحلة الانتخابية الاميركية. وهنا توظف طهران دورها في مناطق نفوذها والتي أطلق عليها المرشد الاعلى انها اوراق لدى طهران، ويقصد الدول الاربع: العراق، سوريا، لبنان، واليمن عبر تجديد اوراق التفاوض هذه، والتي وظفتها سابقا وحصدت نتاج طيبة مع ادارة الريس الاسبق باراك اوباما في التوصل الى الاتفاق النووي عام 2015. ومضمون الرسالة ان تكتسب طهران اوراق قوية على الارض لتتمكن الضغط على واشنطن للتخلي عن هدف شمول البرنامج الصاروخي ضمن الاتفاق الجديد الذي تريده واشنطن. فالبرنامج الصاروخي لإيران وأذرعها في المنطقة هو اهم عناصر قوة طهران وهو العنصر القائد لنفوذها في المنطقة. وهذه الرسالة تستدعي زيادة واستمرارية في تلك الهجمات على المصالح الاميركية في العراق.  العامل الآخر الذي يدفع طهران للتصعيد هو خسارتها الورقة السورية لصالح اسرائيل، اذ شهد العام 2020 تعرض المصالح الايرانية في سوريا الى أكثر من 50 استهداف أسفر عنها مقتل العشرات من المقاتلين الايرانيين وعناصر من المليشيات التابعة لطهران في سوريا، كما شهدت الاشهر الاولى من العام 2021 العديد من الاستهدافات المشابهة نجم عنها العديد من الخسائر في المقاتلين والذخائر العسكرية. وعلى الرغم من عدم اعلان الحكومة الاسرائيلية مسؤوليتها عن الهجمات، الا ان الجيش والاعلام الاسرائيليين عادة ما يؤكدوا بشكل مباشر او غير مباشر مسؤولية بلادهم عن تلك الهجمات. ولهذا باتت التحركات الايرانية في سوريا محط مراقبه من قبل اسرائيل وهي اهداف مباشرة بالنسبة لتل ابيب. وبالتالي سيشهد العراق المزيد من الهجمات تعويضا عن الشلل الحاصل للجانب الايراني في الساحة السورية. من جانبها اكدت الخارجية الاميركية ان الجهة المسؤولة عن الهجمات على اربيل ستحاسب. فيما أكد بيان للبيت الابيض عقب الاتصال بين جو بايدن ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ان الرئيس الاميركي أكد لنتنياهو على عدم امتلاك إيران للأسلحة النووية، وانه ملتزم بضمان أمن اسرائيل على المدى الطويل. فيما اعلنت الخارجية الاميركية ان وزير الخارجية بلينكن سيجري محادثات مع نظرائه الالماني والفرنسي والبريطاني بشأن امن الشرق الاوسط والملف النووي الايراني خلال الايام القادمة. وهذا يرجح الخيار الدبلوماسي للتعامل مع إيران، وهذا لا ينفي ان تشن ضربة محدودة تستهدف الجهة المسؤولة عن الهجوم في اربيل والتي ادت الى مقتل متعاقد مدني واصابة اربعة آخرين وسيظهر هذا الرد على انه منفصل عن الجهود الدبلوماسية.  تبقى واشنطن وطهران تنظران الى العراق على انه ساحة لتعاملها مع طهران من جانبين: الاول، عبر معادلة الحكم في العراق. اذ يتم التوافق بين واشنطن وطهران على من يتولى رئاسة الحكومة العراقية عقب كل انتخابات، وفي احيان يكون التأثير أكبر كما جرى عام 2010 عندما منحت واشنطن طهران دعما حيث تدخل الرئيس الاميركي الحالي بايدن وغير ارادة الناخبين العراقيين لصالح إيران ومنحت رئاسة الحكومة الى حزب الدعوة الاسلامية صاحب العلاقات الراسخة مع طهران.  من جانب آخر، اعلان امين عام حلف الناتو ينس ستولتنبيرغ يوم 18/ شباط/ 2021 توسيع الحلف لمهامه في العراق خلال المرحلة المقبلة وبموافقة الحكومة العراقية، وتأكيده على ان اعتداء اربيل شكل حافز مهم للحلف لتوسيع مهامه في العراق لتضم البعثة 5000 عنصر بدلا من 400 عنصر، ينبغي ان يستثمر امنيا – على الرغم من ان مهامه تدريبية - من قبل الحكومة العراقية باتجاه تحييد طرفي الصراع في الساحة العراقية عبر ضمان امن سلامة الاماكن التي سيشغلها مقاتلي الحلف في العراق من الاستهداف اولا، ومن ثم ردع الجهات التي تخطط وتشن هجمات على قوات الحلف. ويبدوا من هذا الاعلان ان الحلف سيكون أحد اهم قنوات التعامل الاميركي مع النفوذ الايراني في العراق. ومن جانب آخر لا بد ان تتوافر الحكومة العراقية على الارادة اللازمة لضمان امن القواعد العسكرية التي تضم قوات اجنبية واهمها عناصر الحلف وغيرها.


حقوق النشر محفوظة للموقع (DRAWMEDIA)
Developed by Smarthand