خصوم الصدر يحضرون خطة لإقصائه والأخير يرفض الحوار.. كواليس ما وراء الأزمة السياسية في العراق

2022-08-21 13:11:57

 عربيةDraw :

يقول مصدر مقرب من التيار الصدري، "التسريبات الخاصة بالمالكي، أغضبت مقتدى بشدة، وشعر حينها أنه أخطأ بأنه ترك المجال للمالكي بانسحابه من البرلمان، وكانت المناقشة داخل التيار الصدري حول كيفية تدارك هذا الخطأ".

وأثناء تفكير مقتدى الصدر تدارك خطأ الانسحاب من البرلمان، كان الإطار التنسيقي يعمل بعد أن حصل على الأغلبية المطلقة في البرلمان، لتشكيل الحكومة الجديدة دون التيار الصدري، وفجأة أعلن الإطار التنسيقي، أنه توصل إلى مرشح توافقي لمنصب رئيس الحكومة، وهو محمد شياع السوداني.

يقول سياسي شيعي بارز مقرب من الإطار التنسيقي إن "الإعلان عن اختيار السوداني، كان صدمة بالنسبة لمقتدى الصدر، فالمضي في تشكيل الإطار للحكومة الجديدة، واختيار رئيس الوزراء دون التفاوض يعني إقصاء للصدر بشكل كبير، وهذا لن يقبله الصدر بالرغم من انسحابه من البرلمان".

ويضيف المصدر ذاته قائلاً: "هناك قادة في الإطار التنسيقي، قالوا للمالكي إن اختيار رئيس للوزراء دون موافقة مقتدى الصدر، سيقود الأمور إلى منعطف خطر، لكن المالكي أصر على موقفه".

على الجانب الآخر، رفض التيار الصدري ترشيح محمد شياع السوداني، لاعتبارات كثيرة أهمها، وبحسب مصدر شيعي مقرب من الصدر أن "السوداني مجرد دمية في يد المالكي، ولن نقبل برئاسته للحكومة مهما حدث".

رد الصدر

كان قرار ترشيح محمد شياع السوداني، بمثابة تمهيد لاتخاذ مقتدى الصدر لخطوات أكثر تصاعدية، ففي يوم الأربعاء، 27 يوليو/تموز، أمر أنصاره بالتظاهر واقتحام البرلمان العراقي، في مشهد يذكرنا بسنة 2016، عندما اقتحم أنصار مقتدى الصدر البرلمان للضغط على حيدر العبادي.

وفي 27 يوليو/تموز 2022، هاجم  أنصار الصدر مجلس النواب العراقي ليلاً، معلنين رفضهم ترشيح محمد شياع السوداني، لكن بعد ساعات من التظاهر أصدر الصدر أوامره لأنصاره بالانسحاب فوراً من البرلمان، قائلاً "لقد سمع الفاسدين رسالتكم، صلوا ركعتين وعودوا إلى دياركم". تفاصيل خطة الإطار التنسيقي

بعد ساعات من انسحاب أنصار مقتدى الصدر من البرلمان العراقي، اجتمع قادة الإطار التنسيقي عدة مرات لبحث المستجدات الأخيرة.

وقال مصدر سياسي شيعي من الإطار التنسيقي إن، "قادة الإطار كانوا يعلمون أن مقتدى غير مضمون، وأنه سيلجأ للشارع، لكنهم في البداية ومع انسحاب أنصاره من البرلمان، قللوا من قيمة الخطر المتمثل في لجوء مقتدى إلى الشارع، ووصفوا الأمر بأنه مجرد استعراض للقوة".

تقليل قادة الإطار التنسيقي من الخطر المتمثل في استخدام مقتدى الصدر لسياسية الضغط عبر النزول إلى الشوارع، جعلهم يمضون قدماً في خطتهم التي بدأ التخطيط لها منذ انسحاب نواب التيار الصدري من البرلمان.

يقول سياسي شيعي مقرب من المالكي: "المالكي وبعض قادة الإطار على رأسهم قيس الخزعلي، شعروا بالخطر المتمثل فى رغبة الصدر الهيمنة، وهم يعلمون جيداً أنه لن يتنازل عن نفوذه بمجرد الانسحاب من البرلمان، ولن يوافق على تشكيل حكومة من دونه".

وأضاف أن "المالكي وقادة الإطار قرروا استكمال تشكيل الحكومة، بالاتفاق مع محمد شياع السوداني، على إعطاء بعض الوزارات الهامة منها مكافحة الإرهاب والنفط للأحزاب الشيعية المتنافسة مع الصدر، في محاولة لتقليص نفوذ الصدر من هيكل الدولة".

في الجهة الأخرى، كشف مسؤول عراقي مقرب من التيار الصدري، أن "مقتدى الصدر علم بالخطة التي يعمل عليها الإطار التنسيقي، واستشاط غضباً، وأمر أنصاره بالنزول مرة أخرى للشوارع وأعلن اعتصاماً مفتوحاً داخل مجلس النواب".

وفي نهاية شهر يوليو أعلن أنصار التيار الصدري، اعتصامهم المفتوح داخل البرلمان العراقي، مما أعاق الجلسة البرلمانية المخصصة لاختيار رئيس الجمهورية، وتسمية رئيس الوزراء الجديد وتشكيل الحكومة، وبذلك يكون مقتدى الصدر قد قطع الطريق على خصومه.

مواجهة بين الشيعة

بعد أسبوع من اعتصام أنصار الصدر أمر مقتدى الصدر اتباعه بالخروج من القاعة والاعتصام فى باحة المجلس، فامتلأت الساحة بالخيام وتم احضار كميات من الطعام للمعتصمين، وتأمين المنطقة من قبل "سرايا السلام"، الفصيل المسلح التابع لمقتدى الصدر، الذي أُسس على أنقاض جيش المهدي.

على الجهة المقابلة، دعا قادة الإطار التنسيقي الشيعي أنصاره للتظاهر للحفاظ على شرعية مؤسسات الدولة، في هذه اللحظة تأهب جميع العراقيين الى احتمالية نشوب مواجهة مسلحة مباشرة بين أنصار كلا الجانبين.

يقول سياسي شيعي من الإطار التنسيقي ان "نزول أنصار الإطار إلى التظاهر في مقابل أنصار الصدر، لم يوافق عليها بعض من قادة الإطار، لكنها كانت مقترحاً من المالكي والخزعلي".

وقال مسؤول أمني عراقي، "كنا ننتظر في أي لحظة وقوع مواجهة مسلحة بين الطرفين، خاصة وأننا على علم بكمية السلاح الموجودة داخل الخيام، الخاصة بأنصار مقتدى الصدر، لا نعلم كيف انتهى هذا اليوم بسلام، إنها معجزة من الله".

وقال مصدر مقرب من المالكي  إن "نزول أنصار المالكي كان ضرورياً، لا بد أن يعلم مقتدى الصدر أنه ليس الوحيد الذي لديه مؤيدين مخلصين مستعدون للنزول إلى الشوارع بإشارة منه، ولا بد أن يعلم أن الشعب العراقي ليس هو فقط أنصار التيار الصدري".

وبالرغم من المخاوف التي كانت تحيط بالعراق من كل صوب في هذه اللحظة، أكد المسؤول الأمني العراقي ،عدم وجود رغبة حقيقية لدى كلا الطرفين فى الانجرار إلى مواجهة مباشرة.

وقال المتحدث "الجميع يعلم عواقب المواجهة المباشرة، وحتى مقتدى الصدر لا يريد اقتتالاً بين الشيعة، كل طرف يعرف أن بوقوع اقتتال شيعي شيعي سيخسر الجميع، المكاسب التي يحصلون عليها منذ عام 2003 حتى يومنا هذا".

مطالب مقتدى الصدر

بعد اقتحام أنصار التيار الصدري للبرلمان العراقي، واستمرارهم فى الاعتصام خارج البرلمان حتى يومنا هذا، دعا زعيمهم مقتدى الصدر، إلى حل البرلمان الحالي وإجراء انتخابات مبكرة.

لكن مطالب مقتدى الصدر معقدة للغاية، بحسب الدستور العراقي، إذ يتطلب حل البرلمان طلباً من رئيس الحكومة أو رئيس الوزراء، أو ثلث أعضاء مجلس النواب، يليه تصويت الأغلبية المطلقة في البرلمان، ومن ثم يدعو رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء إلى إجراء انتخابات مبكرة في غضون 60 يوماً من تاريخ يوم الحل.

يقول مسؤول عراقي رفيع المستوى مقرب من الإطار التنسيقي،"بالطبع لن يحدث هذا، الأغلبية المطلقة في البرلمان الأن الإطار التنسيقي، ولن يصوت نواب الإطار على حل البرلمان، بعد أن بدأوا في عملية تشكيل الحكومة الجديدة، والصدر يعلم ذلك".

لذلك لم يطلب مقتدى الصدر من رئيس الوزراء الحالي، مصطفى الكاظمي، أو نواب البرلمان الحاليين، حل البرلمان، بل لجأ إلى القضاء العراقي لإصدار أمر بحل البرلمان، وهذا أيضاً أمر مستحيل في الوقت الحالي.

في هذا الصدد، يقول مصدر مقرب من التيار الصدري، "يعلم الصدر جيداً ومستشاريه السياسيين والقانونيين، أن القضاء لا يملك صلاحية حل البرلمان، لكنهم يضغطون من أجل تعديل كبير فى الدستور العراقي، هذا هو الهدف الأكبر بالنسبة للصدر الآن".

من جهته، يقول مصدر قضائي عراقي، "الصدر يريد تصعيد الأمور، هو يعلم جيداً أن القضاء بموجب الدستور العراقي لا يمكنه إصدار حكم بحل البرلمان، لأن ذلك يتطلب تعديل الدستور، وتعديل الدستور يستلزم تصويت البرلمان على التعديلات الجديدة، وهذا لن يحدث".

إذا وافقت أحزاب الإطار التنسيقي الشيعي على طلب مقتدى الصدر بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، فإنهم لن يتخذوا خطوة الانتخابات المبكرة إلا بعد تعديل القانون الانتخابي الجديد المصادق عليه سنة 2020.

في هذا السياق، يقول سياسي شيعي من الإطار التنسيقي، "قانون الانتخابات الجديد، أدى إلى هزيمة أحزاب الإطار، وكان هناك سوء توزيع لمرشحيهم بسبب توسيع الدوائر الانتخابية".

وأضاف المتحدث أنه بموجب القانون الانتخابي الجديد استفاد الصدر وحصل على أغلبية المقاعد في البرلمان، لذلك من المستحيل أن يخوض الإطار التنسيقي انتخابات جديدة دون تعديل القانون الانتخابي، لأنهم بذلك سيتعرضون لهزيمة أخرى.

وافق مسؤول عراقي رفيع المستوى مقرب من الإطار التنسيقي على حديث السياسي الشيعي، قائلاً لـ"عربي بوست"، "إذا وافق الإطار على خوض الانتخابات وفقاً للقانون الانتخابي الجديد، فلن يكون هناك حل للمشكلة، وسيكون الصدر أيضاً عالقاً في نفس الأزمة التي تلت انتخابات العام الماضي".

الصدر يرفض الحوار والوساطة

رفض الصدر بشكل قاطع الجلوس مع خصومه على طاولة المفاوضات، حسب ما كشفه مسؤول عراقي مقرب من التيار الصدري لـ"عربي بوست".

وقال المتحدث إن "هادي العامري تواصل مع الصدر وأبدى استعداده للذهاب إليه في مقر إقامته في النجف لكنه رفض، وأبلغه بذلك عبر أحد قادة التيار، كما أن رفض الصدر أيضاً الوساطات الإقليمية، خاصة من طهران، لكنه وافق على مقابلة بلاسخارت، مبعوثة الأمم المتحدة في العراق".

وبحسب المصدر ذاته، فإن مقتدى الصدر وافق على مقابلة بلاسخارت، التي تلعب دوراً مهماً في السياسة العراقية في الآونة الأخيرة، "طلبت بلاسخارت من مقتدى إنهاء اعتصام أنصاره، والجلوس للتفاوض مع قادة الإطار من أجل إنهاء هذه الأزمة، لكنه رفض طلبها، وأبلغها أنه مستمر في التمسك بمطالبه"، يقول المصدر.

وبحسب مسؤولين وسياسيين عراقيين "، فإن قادة الإطار التنسيقي الشيعي حاولوا إقناع المرجعية الدينية الشيعية الكبرى في العراق، آية الله العظمى علي السيستاني، بالتدخل في حل هذه الأزمة، وإقناع مقتدى الصدر بالجلوس مع الإطار التنسيقي للتفاوض، لكن السيستاني رفض.

هل يريد مقتدى الصدر الثورة حقاً؟

وصف مقتدى الصدر، الخطوات التصعيدية التي اتخذها واعتصام أنصاره أمام ساحة البرلمان، بأنها ثورة على الفساد، ووصفها بأنها "ثورة عاشوراء"، التي قام بها الحسين بن علي بن أبي طالب، الإمام الثالث لدى المسلمين الشيعة.

يقول مصدر مقرب من التيار الصدري، "يعلم الصدر جيداً أن المطالبة بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، لن يوافق عليها خصومه من الإطار التنسيقي، ويعلم أن رفضه الجلوس للتفاوض معهم، سيزيد من تعقيد الأمور، لكنه يرى أنها الطريقة المثلى لتحقيق ثورة الإصلاح التي لطالما رغب بها".

بينما يرى أنصار مقتدى الصدر، أن الرجل يرغب حقاً في تطهير النظام السياسي العراقي الحالي، ويرى آخرون أن المسألة لا تتعدى كونها رغبة في السيطرة والهيمنة على الصوت الشيعي العراقي، وعلى مقاليد السلطة فى البلاد.

يقول دبلوماسي عراقي شيعي مستقل، "أي فساد الذي يريد مقتدى التخلص منه، إنه كان على مدار عشرين عاماً جزءاً من هذا الفساد، وزارتا الكهرباء والصحة منذ سنوات وهما تحت سيطرة التيار الصدري، والوزراتان متشبعتان بالفساد".

ويضيف المصدر ذاته، قائلاً "الصدر أدرك أنه أخطأ بالانسحاب من البرلمان، وهذا القرار عارضه الكثيرون من مستشاريه، وشعر بالخطر الحقيقي وبفداحة قراره عندما علم أن خصومه يحاولون إقصاءه من السلطة، لذلك لجأ إلى لغة الشارع والتهديد بأنصاره، والتلويح باحتمالية حرب أهلية بين الشيعة، ليحصل على المكاسب التى يريدها فى نهاية المطاف".

في نفس الوقت يرى الدبلوماسي العراقي أنه في أي وقت من الأوقات يمكن أن تنقلب ما وصفه بـ"لعبة الثورة": "إذا وصلت الأمور إلى طريق مسدود، سيكون أمام الصدر خياران لا ثالث لهما، الأول جر البلاد إلى حرب أهلية، والذي يخرج منها فائزاً هو من سيحكم العراق، والخيار الثاني أن ينسحب من الحياة السياسية بشكل كامل، ويقبل خسارته التي كان جزءاً منها بقراراته المتسرعة".

يقول مسؤول عراقي رفيع المستوى،"الصراع الحالي بين الإطار والتيار، هو صراع مصالح، صراع على السلطة والهيمنة، وليس صراعاً من أًجل الإصلاح أو تغيير النظام، إذا توصل الطرفان لحل وسط يضمن لكل منهما مصالحه المالية والسياسية، ستنتهى ثورة الصدر المزعومة، لكن هذه المسألة ستحتاج الكثير من الوقت، والشعب العراقي هو الذي يقضي وقته فى القلق والخوف طوال هذه الفترة".

عربي بوست

بابه‌تی په‌یوه‌ندیدار
مافی به‌رهه‌مه‌كان پارێزراوه‌ بۆ دره‌و
Developed by Smarthand