الحصاد draw: صلاح حسن بابان- صحافي كردي عراقي   "لم يخل أي شبرٍ من عناصر الأمن، فكل زاوية فيهما كانت مغطاة بجزمات عسكرية غاضبة حاقدة لم يكن في قلبها إلا الانتقام"... تظاهرات السليمانية تندلع جغرافياً في إقليم كردستان، لكنها سياسياً تندلع في عمق العاصمة بغداد.  يقفُ كاروان علي (19 سنة) خلف بسطةٍ صغيرة لرجل مسنّ تركها هارباً من تأثير الغازات المسيلة للدموع، في أحد أزقة سوق مولوي الشهير، وسط مدينة السليمانية الذي تحوّل لاحقاً إلى مركز انطلاق الاحتجاجات، يقول فيما عيناه تُراقبان تحرّكات عناصر الأمن بحذر خوفاً من اعتقاله مثل غيره: “ماذا تريد منا هذه الحكومة، بعدما جعلتنا عبيداً لها وأوصلتنا إلى التفكير بالهجرة؟”. علي ليس الوحيد المكتوي بنار انعدام فرص العمل والوظائف، حتى بأجور متدنية، فهي ظاهرة يعيشها شباب الإقليم منذ عام 2014، بعدما قطعت الحكومة الاتحادية الميزانية السنوية عن إقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي أمنياً وإدارياً بعد الانتفاضة الشعبية عام 1991، وفيه مطاران دوليان ومعابر ومنافذ حدودية. كما يصدّر النفط باستقلال عن بغداد بعد توقيع عقد لـ50 سنةً مع الحكومة التركية عام 2013، محققاً بذلك إيرادات شهرية تصل إلى مليارات الدولارات. هذه المرة يقف مع علي في مطالبه آلاف الموظفين و37 نائباً في برلمان الإقليم يشاطرونه صرخته. “ردّت سلطات الأمن على من يطالب بحقه المسلوب من الرواتب ورغيف الخبز بالرصاص المطاط والغازات مسيلة الدموع”، يقول النائب المعارض في برلمان كردستان سيروان بابان الذي يشارك في احتجاجات السليمانية: “تلقيت ضربات موجعة، أقدام نحو 30 عنصراً من عناصر الأمن تركت على جسدي كدمات كثيرة”. لم يشفع له أنه نائب في البرلمان يمثّل الشعب. مثله 37 نائباً غيره يشكّلون في البرلمان كتلة معارضة من مختلف الكتل الكردية باستثناء “كتلة الحزب الديموقراطي الكردستاني”، رفعوا سقف ضغوطهم لإفشال عقد جلسة تشريعية اعتيادية قبل مناقشة أزمة تأخر الرواتب والأزمة السياسية بين بغداد وأربيل. وهدّد “مجلس الضغط” الخاص بالاحتجاجات الغاضبة في إقليم كردستان، بإضراب عام وشامل في عموم مناطق الإقليم رداً على تأخير الرواتب، ملوّحاً بنقل الإضراب من السليمانية إلى عمق أربيل الأكثر تحصناً من قوات “الديموقراطي الكردستاني” القابض على مدينتي أربيل ودهوك من الناحية الأمنية والإدارية. بابان يقول إن “المسؤولين وعائلاتهم يتمعتون بالرفاه وبحياة رغيدة، أسعار سيارتهم تصل إلى آلاف الدولارات، يقابلها فئات معدومة لا تملك ثمن الخبز قوت يومها”. يأتي هذا الحديث فيما تعجزُ حكومة كردستان عن دفع رواتب موظفيها، على رغم اعتمادها نظام ادخار الرواتب الذي يقضي باستقطاع ما نسبته 21 في المئة من الموظفين. قدّم 32 عضواً في برلمان إقليم كردستان يوم 18 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، مذكرة إلى رئاسة المجلس لمناقشة اتفاقية بيع نفط الإقليم إلى تركيا لمدة 50 عاماً، وتقييمها على ضوء التطورات الأخيرة في العلاقة المالية بين بغداد وأربيل. سبق ذلك حديث رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني في مؤتمر صحافي في 15 تشرين الثاني الماضي عن أن “العقد المبرم بين حكومة كردستان وتركيا لبيع النفط لمدة 50 عاماً لم يكن السبب في المشكلة الحالية بين حكومتي بغداد وإربيل”.  وادخرت حكومة الإقليم حتى الآن رواتب أشهر، نيسان/ أبريل لغاية آب/ أغسطس، من عام 2020، ولم توزع سوى ثلاثة رواتب للعام الحالي مع ثلاثة رواتب للعام الماضي، وبدأت مع بداية هذا الشهر توزيع رواتب شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي مع اقتطاع نسبة 21 في المئة منها. هل هناك شبه بين ما يحدث في السليمانية وما حدث ويحدث في بغداد وفي مدن الجنوب العراقي خصوصاً الناصرية؟ “لم يخل أي شبرٍ من شارع مولوي وساحة السراي من عناصر الأمن، فكل زاوية فيهما كانت مغطاة بجزمات عسكرية غاضبة حاقدة لم يكن في قلبها إلا الانتقام”، بحسب النائبة عن “كتلة التغيير الكردية” في برلمان الإقليم شيرين أمين، التي شاركت في التظاهرات وأغمي عليها جراء الغاز مسيل الدموع: “لماذا يدافعون عن سلطة فاسدة لن يرحمهم التاريخ أبداً…” قاصدةً بذلك عناصر الأمن. صورة أمين التي يحملها متظاهرون، بعد غيابها عن الوعي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي. وهي زوجة الصحافي الكردي كاوة كرمياني الذي اغتيل عام 2013 في منطقة كرميان: “بعد اليوم سيكون عملنا في الشارع وليس في البرلمان دعماً للمتظاهرين ومطالبهم”. وتزامناً مع اعتقال حوالى 20 متظاهراً، تستعد مناطق كردية عدة للانخراط في صفوف احتجاجات السليمانية، فمجلس المعلمين فيها حذر القوات الأمنية من بركان غضب، في عدم إطلاق سراح المعتقلين. ويقول عضو المجلس عثمان كولبي: “لن تهدأ الاحتجاجات الجماهيرية ما لم تُحقق حكومة كردستان مطالبنا، أبرزها القضاء على الفساد المستشري في جميع المفاصل، وتوزيع الرواتب في وقتها المحدد من دون تأخير”.  لا تمتلك اللجنة الأمنية في السليمانية التي يرأسها محافظ المدينة هفال أبو بكر حيلة سوى إصدار بيانات إدانة ودعوات لتهدئة الأوضاع: “لا نسمح بأي تجمعٍ أو تظاهرة ما لم تحصل على موافقات من الجهات الرسمية”، وهو ما دفع النائب عن كتلة التغيير في البرلمان العراقي هوشيار عبدالله إلى توجيه رسالة للمحافظ، والاثنان ينتميان إلى الحزب نفسه، يسأله فيها: “هل كنت تمتلك رخصة التظاهر عندما كنتَ أحد قادة الاحتجاجات في ساحة السراي في السليمانية عام 2011؟”. هل هناك شبه بين ما يحدث في السليمانية وما حدث ويحدث في بغداد وفي مدن الجنوب العراقي خصوصاً الناصرية؟ يجيب النائب الكردي في البرلمان رابون معروف: “هناك فعلاً نقاط مشتركة، إلا أن تظاهرات كردستان جاءت للمطالبة بحقوق الموظفين والفئات الأخرى، فيما تمتنع بغداد عن إرسال حصة الإقليم من الميزانية الشهرية، وعجز الحكومة الكردية عن دفع الرواتب”. لم تكن الأزمة الاقتصادية التي ضربت بغداد خلال الأشهر الأخيرة من عام 2020 عاملاً بارزاً وسبباً رئيساً لامتناعها عن دفع مستحقات الإقليم المالية والتي تعود جذورها كما يرى معروف إلى عام 2014، خلال وجود نوري المالكي في رئاسة الوزراء(2006-2014)، بل إلى طبيعة الصراعات السياسية بين العاصمة العراقية وأربيل حول السيادة وما يتعلق بالمعابر الحدودية والمنافذ التي تحقق واردات ضخمة تصل إلى مليارات الدولارات شهرياً لحكومة كردستان. بهذا المعنى فإن تظاهرات السليمانية تندلع جغرافياً في إقليم كردستان، لكنها سياسياً تندلع في عمق العاصمة بغداد.   daraj


تقرير : محمد رؤوف – فاضل حمةرفعت ترجمة : ك. ق. خسر نائب في البرلمان العراقي من كتلة الجماعة الاسلامية في كوردستان امام احد حراسه دعوى قضائية في محكمة اربيل، في العراق خصص لكل نائب 16 شخصاً كفريق عمل وحراسة خاصة، اما في كوردستان فخصص لكل نائب ثلاثة اشخاص، في العراق وكوردستان يستغل بعض النواب حراسهم للعمل في شبكات التواصل الاجتماعي وكذلك في العمل المنزلي، كم يبلغ راتب النواب في العراق والاقليم؟ نتابع في هذا التقرير : خلاف النائب وحارسه خسر سليم شوشْكَيي النائب في البرلمان العراقي من كتلة الجماعة الاسلامية في كوردستان دعوى قضائية امام احد حراسه في محكمة اربيل قبل اسبوع وتحديداً يوم 24 من الشهر الماضي.  شوشكيي النائب في البرلمان العراقي لدورتين متتاليتين، كان قد سجل اسماء (14) شخصاً عند مباشرته في الدورة البرلمانية السابقة كحراس له وكفريق عمل خاص به.  احد اولئك الذين سجلهم شوشكيي كحارس له بعد فوزه بأحد المقاعد البرلمانية، شخص يدعى (همداد عزيز قادر)، هذا الشاب كان في السابق و اثناء الحملة الانتخابية المصور الخاص لـ(شوشكيي)، والذي قال عنه بنفسه : وفاءً لما بذله من جهود في سبيله اثناء الحملة الانتخابية، فقد اخذ النائب هوية همداد الى بغداد بغية تسجيله عند البرلمان العراقي كحارس له.  راتب اي حارس من حراس نواب البرلمان العراقي وفقاً للقانون يباغ مجموعه (915 الف) دينار، ومبلغ (750 الف) هو كراتب رسمي و الباقي وقدره (165 الف) دينار عبارة عن مخصصات الطعام للحارس. وبحسب كتاب المحكمة الذي حصل (الحصاد) على نسخة منه، ان سليم شوشكيي قد قام بتوظيف همداد رسمياً عند البرلمان العراقي كحارس خاص له بتأريخ 6/9/2014، لكنه لم يعطه اي مبلغ من راتبه حتى مطلع اول شهر من عام 2018، وفضلاً عن هذا فقد اعطى شوشكيي مبلغ (600 الف) دينار له شهرياً بدل (915 الف) مبلغ الراتب الرسمي للحارس حتى الشهر السابع من عام 2018، اي ان سليم شوشكيي قطع مبلغ (315 الف) دينار شهرياً من راتب همداد. ابلغ همداد (الحصاد) بخصوص الدعوى قائلاً : "بعد ان استلمت مبلغ 600 الف دينار من النائب سليم شوشكيي كحارس له ولمدة سبعة اشهر، ابلغني ذات يوم انه لا راتب لي بعد الاآن وان عقدي قد تم فسخه، لكنني علمت بعد ذلك ان اسمي مازال موجوداً في قائمة الرواتب وهو يستلم راتبي البالغ 915 الف دينار شهرياً بدلاً مني، لذلك قصدت هيئة النزاهة التابعة للجماعة الاسلامية وقدمت شكواي". تتحدث هيئة النزاهة التابعة للجماعة الاسلامية مع سليم شوشكيي حول الشكوى المقدمة ضده من قبل همداد، ينكر شوشكيي الشكوي ويقول ان هذا بهتان، وبعد هذا يقوم همداد بإخراج المشكلة من داخل الحزب ويقوم برفع دعوى قضائية بشكل رسمي على سليم شوشكيي.  قبل اسبوع حكمت محكمة بدائة اربيل حكمها بخصوص الدعوى لصالح همداد وضد سليم شوشكيي، والحكم يلزم شوشكيي بِرَد ما قدره (مليونان و205 الف) دينار لحارسه. وقال الشوشكيي عن طريق وكيله المحامي في المحكمة : ان المبلغ الذي قام بقطعه من راتب حارسه همداد، قد ارجعه لحزبه (الجماعة الاسلامية)، وفقاً للنظام الداخلي لحزبه.   هناك مشكلة اخرى في الدعوى الا وهي تأريخ فسخ عقد همداد كحارس لسليم شوشكيي، فهناك كتاب موجه من البرلمان العراقي الى محكمة اربيل ويؤشر الكتاب الى ان عقد همداد كحارس لسليم شوشكيي قد تم فسخه بتأريخ 1/2/2016، لكن سليم شوشكيي بعث بكتاب آخر عن طريق البرلمان العراقي وفيه قَدَّمَ تأريخ فسخ عقد حارسه الى تأريخ 1/8/2015، وقد اخذت المحكمة الكتاب الاخير وحكمت وفقاً له واعتبرت عقد همداد مفسخاً بتأريخ 1/8/2015، وإن لم تأخذ المحكمة ههذا الكتاب الاخير بنظر الاعتبار، لكان على سليم شوشكيي دفع اكثر من ثمانية ملايين دينار لحارسه المشتكي.  ليست هذه مشكلة سليم شوشكيي لوحده فقط، عموماً لدى النواب في العراق وفي كوردستان مشاكل حراسهم وفرق العمل الخاص بهم. امتيازات نواب البرلمان في العراق وفقاً لقرار الحكومة العراقية المرقم (282) ان راتب النائب في البرلمان يعادل راتب الوزير، في ضوء هذا القرار وحتى الوقت الحالي فإن رواتب وإمتيازات النواب في البرلمان العراقي هي كالآتي :  •  يقبض كل نائب راتباً شهرياً خاصاً به وقدره (7 ملايين و400 الف) دينار. •  تبلغ مجموع رواتب النواب البالغ عددهم (329) نائباً مبلغ (ملياران و500 مليون و400 الف) دينار شهرياً. •  يستلم كل نائب فضلاً عن راتبه الشهري الخاص به، رواتب فريق متألف من (16) شخصاً، وهذا الفريق مكون من قسمين، الاول الحراس الشخصيين للنائب والثاني الموظفين والسكرتير البرلماني للنائب، ويضاف رواتب الفريق الخاص بالنائب البالغ (17 مليون) دينار شهرياً الى الحساب البنكي الخاص بالنائب.   •  يبلغ عدد الفرق الخاصة بالنواب البالغ عددهم (329) نائباً عموماً (5 آلاف و264) شخصاً من الحراس والموظفين والسكرتارية، ويبلغ رواتب هؤلاء ما مجموعه (5 مليارات و593 مليون) دينار شهرياً.  •   يذهب شهرياً مبلغ (8 مليارات و93 مليون و400 الف) دينار من الميزانية العامة لرواتب نواب البرلمان العراقي وحراسهم. •  ويبلغ رواتب نواب البرلمان العراقي وحراسهم سنوياً (97 مليار و120 مليون و800 الف) دينار، وترتفع هذه المبالغ في اربع سنوات المحددة كعمر الدورة البرلمانية الواحدة الى (388 مليار و438 مليون و200 الف) دينار، والتي تعادل اكثر من (315 مليون) دولار، اي يصرف للنواب وفرق عملهم اكثر من (31 الف و500) شَدَّة من الدولارات الامريكية.  • علاوةً على هذا، يُؤَجِر البرلمان العراقي شقق او بيوت لنوابه مع مباشرتهم بالعمل البرلماني شرط الا تزيد مبلغ الايجار الشهري عن (3 ملايين) دينار، وهذه المبالغ المدفوعة كبدل الايجار يدفعه البرلمان ولا تقع على عاتق النائب ولا يصرفه من راتبه.  بسبب الازمة المالية التي تواحه العراق حالياً، من المقرر ان يتم تخفيض الرواتب والامتيازات للنواب بنسبة 25% في مشروع موازنة عام 2021.  فضلاً عن هذا كله يشكو نواب البرلمان العراقي من ان الرواتب والامتيازات لاتكفيهم، لان احزابهم تأخذ منهم نسبة 50% من رواتبهم وامتيازاتهم شهرياً، وانهم يساعدون الفقراء والمساكين مما يتبقى لهم من رواتبهم، وللنائب صلاحية تنظيم فريق العمل والحراسة الخاص به والبالغ عددهم (16) شخصاً، ولهذا فإن اغلب النواب قد سجلوا ذويهم كحراس ويعطونهم مبلغاً محدداً شهرياً دون ان ياتوا للدوام الرسمي، وأسس بعض النواب على هذا المبلغ فريقاً اعلامياً على صفحات شبكات التواصل الاجتماعي، وقام بعض آخر من النواب بتوزيع مبلغ رواتب الفريق المؤلف من (16) شخصاً على اكثر من (30) شخصاً وذلك لكي يستطيعوا اعانة البعض من الاشخاص الآخرين، ويقوم البعض الآخر من النواب بالاحتفاظ بالجزء الاكبر من رواتب الفريق لانفسهم وقد اتفقوا مع الاشخاص الذين استخدمت هوياتهم لصرف المبالغ على اعطائهم مبلغاً محدداً شهرياً. رواتب وإمتيازات النواب في كوردستان منتصف هذا العام قامت حكومة اقليم كوردستان بإستقطاع نسبة 50% من رواتب اصحاب الدرجات العليا بسبب الازمة المالية. يبلغ مجمل راتب النائب في كوردستان براتبه الاصلي ومخصصاته (8 ملايين و84 الف) دينار، اي يعادل راتبه راتب الوزير وزيادة الى حدً ما. بعد قرار الحكومة بإستقطاع رواتب ذوي الدرجات العليا بسبب الازمة المالية بنسبة 50%، اضحى النواب يتسلمون مبلغ (4 ملايين) دينار شهرياً بدلاً من (8 ملايين) دينار. وفقاً للقانون للنائب في كوردستان ان يكون معه ثلاثة اشخاص، سائق وحارسان شخصيان، رواتب هؤلاء لا تتضاف الى راتب النائب، بل يصرف من قبل وزارة الداخلية. على غرار العراق، ففي اقليم كوردستان ايضاً عَيَّنَ اغلب النواب ذويهم كحراس شخصيين لهم، وقام بعض النواب بتعيين اشخاص من اصحاب الخبرة العالية في مجال شبكات التواصل الاجتماعية كحراس لهم، ويعطونهم رواتب الحراس مقابل الاعتناء بصفحاتهم وتنظيم حساباتهم على تلك الشبكات الاكترونية، وفي بعض الاحيان يقوم النائب بالاستفادة من هؤلاء الاشخاص المعيينين لديه لتنظيم اعماله المنزلية، لهذا تقع مشاكل بين الحين والآخر بين النواب وحراسه على شاكلة الوضع الواقع مع سليم شوشكيي النائب في البرلمان العراقي من كتلة الجماعة الاسلامية، وتذهب المشكلة الى المحكمة. وفقاً للمعلومات المتوفرة لدى (الحصاد)، عند قيام حكومة الاقليم في شهر تموز من العام الحالي بتوزيع رواتب شهر شباط، استلم معظم نواب برلمان كوردستان وبلغ عددهم (71) نائباً كانوا قد استلموا مبلغ (مليون و500 الف) دينار، وذلك بسبب : •     خفض رواتبهم بنسبة 50%، اي استلموا (4 ملايين و42 الف) دينار من اصل (8 ملايين و84 الف) •     يستقطع منهم شهرياً مبلغ (360 الف) دينار بدل ايجار الشقق السكنية و وتقديم خدماتها. •     كما تذهب مبلغ (مليونان و160 الف) دينار لأقساط السيارات للنواب الذين اقتنوا سيارات بأقساط البرلمان وتسدد هذه الاقساط شهرياً. (بحسب معلومات (الحصاد) ان السيارات التي اقتناها النواب بالاقساط تبلغ قيمة الواحدة منها نحو 85 الف دولار، وقد قام معظم النواب ببيع تلك السيارات بعد اقتنائها). •    النواب الذين سحبوا سيارات بالاقساط بلغ مجمل ما استلموه كراتب مبلغ (مليون و570 الف) دينار، لكن النواب الذين لم يسحبوا سيارات بالاقساط فقد استلموا راتبهم البالغ قدره (3 ملايين و700 الف) دينار. •   تم استقطاع مبلغ 50% من رواتب النواب المتقاعدين ايضاً، اي اصبح راتبهم (3 ملايين و250 الف)دينار بدلاً من (6 ملايين و560 الف) دينار.  


الحصاد DRAW: حسين جمو - كاتب وصحافي كردي سوري     قام دميرتاش بتأليف 16 أغنية داخل السجن، ويود لو كان بمقدوره تسجيلها في الزنزانة. الرجل ما زال يغني لزوجته. ملف السجناء السياسيين في تركيا يعود بقوة مع تصاعد المطالبات للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالإفراج عن الزعيم السابق لـ”حزب الشعوب الديموقراطي الكردي” صلاح الدين ديمرتاش وسجناء آخرين؟ هنا سيرة واحد من أبرز السياسيين الأكراد المعارضين في تركيا. في 10 تموز/ يوليو 1991، غصّ شارع غازي في قلب مدينة ديار بكر، بآلاف الغاضبين خلال تشييع المحامي ودات آيدن. فقد خطف رجال أمن الحقوقي الكردي من منزله، وبعد يومين عثر على جثته تحت جسر، بركبتين مكسورتين، وجمجمة مهشّمة، و15 رصاصة اخترقت جسده. قبل بضعة شهور، تحدّث ودات في اجتماع لجمعية حقوق الإنسان التركية في ديار بكر، التي كان رئيسها، باللغة الكردية. في ذلك الوقت كان التحدث بالكردية محظوراً في قانون يعود إلى منتصف ثلاثينات القرن العشرين، حين اعتقد مصطفى كمال وعصمت إينونو ورفاقهما أن “الجمهورية” هي نهاية التاريخ، وأن “التركي” هو الإنسان الأخير”. ما فعله وادت آيدن، كان ضمن سلسلة من عمليات المقاومة عبر اللغة. مجرد التحدث باللغة الكردية كان فعلاً مقاوِماً، ولأن العصابات التابعة للدولة، والتي لا تعلن عن نفسها رسمياً، لأغراض التصفية من دون حساب، تدرك ما يعنيه ذلك، أن يتحدث محامٍ بالكردية في ديار بكر، فإن أسلوب التعامل بالطريقة التي حدثت مع آيدن كان شائعاً، وسيتسع أكثر في السنوات اللاحقة لأن الدولة وفّرت حماية للقتلة، عبر تنسيب هذه الجرائم التي تستهدف شخصيات كردية إلى قاتل يعرفه الكرد جيداً، في كل مدنهم، وهو “القاتل المجهول”. في ذلك التشييع الكبير، كان الغضب انفجر بين قطاع واسع من السكان، خصوصاً فئة الشباب، في تلك الشهور إذ إن الصور والمشاهد الواردة من “كردستان الجنوبية” (كردستان العراق) مهّدت لمثل هذا الغضب خلال التشييع. فبعد قمع النظام البعثي العراقي انتفاضتين، شيعية وكردية، تحول سكان كردستان إلى لاجئين في تركيا وإيران، ولم تكن الصور الصحافية حول واقع هؤلاء اللاجئين سوى حفر في جرح لم يندمل لدى أكراد المنطقة جميعاً، وظهرت أغانٍ أكثر تعبيراً عن الحزن جراء وقائع هذا اللجوء الكارثي على الوجدان القومي الكردي الذي لا يجد ما يبرر به ما يحدث له سوى تحميل المسؤولية لتفرق الكرد وعدم وحدتهم. والمأساة تلعب دورها على صيغتين، إما أن تعمّق الاستسلام أو أن تحرر من الخوف. فتكاملت مجموعة حوادث أجّجت غضب هذا الحشد الشعبي الكبير في قلب مدينة ديار بكر، وزادها أيضاً أن عناصر الأمن فتحوا النار على المشيّعين، وقتل وأصيب عدد من الأشخاص، لكن الشارع بقي ممتلئاً، وبقي يهتف بالكردية في شارع غازي أمام الجامع الكبير. صلاح الدين دميرتاش من هذا الحشد القومي، ومن هذا الصدام الاجتماعي السياسي، بين الدولة والشعب، تشكّل الوعي السياسي لمجموعة جديدة من الشبان الذين يقودون حالياً المشهد السياسي الكردي في تركيا، على رأس هؤلاء كان الشاب الغاضب، صلاح الدين دميرتاش. كان في الـ18 من عمره، ومشاركاً للمرة الأولى في حياته في احتجاج من هذا النوع بعد فترة قصيرة فقط من انتقال عائلته إلى ديار بكر، آتية من مدينة أصغر وأكثر هدوءاً، هي ألازيغ، التي تعرف تاريخياً بـ”خربوط”. خارج ديار بكر كان القتل أسهل بكثير بالنسبة إلى تنظيم “الفاعل المجهول”، لذلك درجة الإذعان لأيديولوجيا الدولة، أكبر بما لا يقاس في مناطق شمال ديار بكر، ومن بينها ألازيغ، وهي منطقة يعيش فيها أكراد من فرعين كبيرين، هما الكرمانج والظاظا. تنتمي عائلة دميرتاش إلى الفرع الثاني، وقد تحولت العائلة، الأب والأم، إلى ناقل بشري لأيديولوجية الدولة، وهو الإنجاز الأعمق الذي تعمل لأجله النخبة القومية التركية منذ تأسيس الجمهورية، وهو تحول العائلة إلى جهاز ينقل تربية الدولة للأطفال. كان هذا التحدي في السنوات الأولى يواجه فشلاً كلياً، بسبب انتشار الأمية بين الكرد، فلا يعرفون غير الكردية، لكن في السنوات اللاحقة، مع توسع التعليم ودورات محو الأمية، إلى جانب الغرامات الباهظة على التحدث بالكردية بين الفلاحين والعمال الفقراء، وعمليات القتل في الشوارع للشخصيات التي تتحدى الدولة في الضواحي والأرياف، هذه العوامل أنتجت شريحة من العائلات المستسلمة، التي باتت تنقل لأطفالها رسائل الدولة، من بينها عائلة دميرتاش التي كانت رسالتها: “نحن أتراك”. في ذلك الحشد في ديار بكر، تحرر صلاح الدين من أيديولوجيا الدولة، ومن عائلته، وانضم إلى “الأقلية المقاوِمة” ضمن أغلبية كردية تم ترويعها على مدى عقود بأعنف جهاز قتل منظم في الشرق الأوسط، جهاز قتل يركّز في اختيار على النوع غالباً، لا على الكم. فقتل ودادت آيدن، وبعده بعامين المثقف الكردي البارز، موسى عنتر، كان بمثابة قتل 100 شخص في الشارع. لكن حين يحتاج الأمر إلى القتل الجماعي، فإن القرى الخالية في ريف كردستان، حتى اليوم، شاهد عيان على آلية العمل. هو مغنٍ، ومحامٍ، وشاعر، وكاتب، ورسام، ومندفع، وقوي الإرادة كان دميرتاش في السابعة عشرة من عمره، حين انتقلت عائلته إلى ديار بكر. هنا في المدينة الكردية الأكبر، فرص نمو الأعمال أفضل من الرتابة المعهودة في المدن الصغيرة. وكانت ديار بكر مدينة تتسع باطراد بوافدين جدد هم القرويون الذين يأمرهم الجيش وتنظيم “القاتل المجهول” بإخلاء قراهم خلال حقبة “الحرب الريفية” بين الدولة و”حزب العمال الكردستاني”. كانت العائلة تريد تحسين دخلها مع اختيار دميرتاش دراسة التجارة البحرية وإدارة الأعمال في جامعة تقع في إزمير، لكنه لم يكمل دراسته بسبب مضايقات سياسية، إذ لم يكن في تلك السنوات سهلاً الحصول على تصريح بالهوية الكردية للشخص في مدن الأناضول وإيجة. في المناطق الكردية لم يكن الوضع مختلفاً، لكن مع فارق أن الملاحقات والمضايقات تكون من جانب الأمن، أما خارج المناطق الكردية، فهناك مجتمع هو جزء من الجهاز الأمني للدولة، وينفذ عقوبات على من يهدد “وحدة البلاد” بشكل مدني، أي ضربه وركله والتنمر عليه، وربما قتله. حوادث مشابهة ما زالت تتكرر حتى هذه الأيام، ومنها حادثة قتل الشاب باريش جاكان، في أنقرة، في حزيران/ يونيو 2020، على أيدي ثلاثة “مدنيين” احتجوا على استماعه لأغان كردية في حيّهم. عاد دميرتاش من إزمير إلى ديار بكر، وقرر تغيير اختصاصه. فتقدم لامتحان القبول كمحامٍ، وتسجّل في جامعة أنقرة. خلال إجازاته في ديار بكر، كان يعمل في مخبز تملكه عائلته بشكل تشاركي، يديره أفراد من العائلة الكبيرة، وكان صلاح الدين، بما أنه شاب جامعي، يعمل، خلال مساعدته فريق العائلة، على نافذة توزيع الخبز، وهذا أرقى جزء من العمل في المخبز. ذات يوم تتقدم فتاة جميلة، ذات عينين خضرواين، في الـ16 من عمرها، من نافذة المخبز. تلتقي أعينهما، فتطلب رغيفاً من الخبز. كان هذا اللقاء الأول بين صلاح الدين، الوافد الجديد إلى المدينة، وبين زوجته باشاك، الفتاة المنتمية إلى عائلة تقطن الجزء الأعرق من المدينة، وهو حي السور التاريخي، المحافظ على مسمى “آمد” حتى اليوم. على عكس صلاح الدين، أمضت باشاك كل حياتها في المدينة، منذ ولادتها وحتى بعد تخرجها من الجامعة. كفاحها الحقوقي، من حيث مهنتها كمحامية، ونضالها الاجتماعي، من حيث هي زوجة دميرتاش، متصلان نفسياً بحدث في طفولتها حين اقتحم الأمن التركي منزل عائلتها واعتقلوا والدها بطريقة عنيفة ومهينة أمام أطفاله، وهم بناته الأربعة وابنه. تقول باشاك في فيلم وثائقي عن حياتها، كان زوجها صلاح الدين، أول من نشره على حسابه في “تويتر”، إن هذا المشهد الذي ساهم في تكوينها العاطفي، لاحقاً، تكرر مع ابنتيها، خلال اعتقال والدهما، دميرتاش. بعد تخرجه من الجامعة، يعود المحامي صلاح الدين دميرتاش، إلى ديار بكر، وينتمي إلى جمعية حقوق الإنسان، وكان رئيسها في ذلك الحين، شاب يكبره بعامين، هو عثمان بايدمير، الرفيق الأقدم لدميرتاش في المجال السياسي، ورئيس بلدية ديار بكر بين 2004 – 2012. كان بايدمير خلال مسيرته كسياسي كردي عريق، يفتح الطريق أمام دميرتاش ليتقدم في السلك السياسي، ذلك أنّ صفات كثيرة تؤهل صلاح الدين لإحداث التفاف أكبر حول المشروع السياسي الديمقراطي لـ”حزب الشعوب الديموقراطي”، الذي تزعّمه منذ تأسيسه في 2014. فهو يمثل اتحاداً بين فرعين يشكلان القاعدة الاجتماعية للقومية الكردية، ينحدر من الظاظا في وسط من الكرمانج، وعازف على الطنبور، وهو مغنٍ، ومحامٍ، وشاعر، وكاتب، ورسام، ومندفع، وقوي الإرادة، وله شقيق هو القيادي الكبير في “حزب العمال الكردستاتي”، نور الدين دميرتاش. في مقابلة صحافية من داخل السجن، في آذار/ مارس 2019، أرسل سلامه لكل المناضلين، وتوقع أن تتم معاقبة تحالف “حزب العدالة والحركة القومية” في الانتخابات البلدية، شعبياً، بشدة، وهو ما حدث حين خسر حزب أردوغان بلديتي أنقرة واسطنبول.  دميرتاش أكد أن السجن أتاح له الوقت لمزيد من القراءات، لكن شخصيته لم تتغير. القناعات التي سجن وعوقب من أجلها لم تتغير. نشر من السجن مجموعتين قصصيتين، ورواية. وترجمت إحدى مجموعاته إلى اللغة الإنجليزية. قام بتأليف 16 أغنية داخل السجن، ويود لو كان بمقدوره تسجيلها في الزنزانة. الشخص الوحيد الذي يستمع لأغانيه، رفيقه في الزنزانة، عبدالله زيدان، الذي تمنى له العافية والصبر، وأحياناً يطلع زوجته على الأغاني الجديدة، بالكلمات واللحن.  الرجل ما زال يغني لزوجته. 


الحصادdraw :  آراس فتاح - مریوان وریا قانع             ( يكتبانه للحصاد يوم الاثنين من كل اسبوع ) ترجمة : عباس س المندلاوي       العالم يعج  بالاحداث المأساوية مثل الحروب والتهجير والجوع و تدمير البيئة .. والتي تحز في النفوس و توجع الضمائر الحية ، ولكن في كثير من الاحيان احد تلك الاحداث تتخذ بعدا عالميا وتصبح الابرز ، حدث غرق آلان الكوردي الطفل ذي ثلاثة ربيعا في عام 2015 والعثور على جثته الصغيرة على ساحل  البحر ، اصبح رمزا لمأساة نزوح مئات الالاف من المدنيين والعوائل  هربا من ويلات الحرب والجوع و سوء الحكم في مناطقهم ، و معرية سياسة اللامبالاة الدولية حيال ظاهرة اللجوء و غرق اعداد كبيرة من الهاربين الى اوروبا ، كانت لحظات بث صور العثور على جثته الصغيرة التي غادرتها الروح المتعبة رسالة منبهة لغرق الضمير الانساني في البحر الابيض المتوسط . واحد الاحداث المؤثرة والمؤلمة والبارزة في عام 2020 المشرف على نهايته ، هو جريمة اقدام ضابط شرطة اميركي ابيض على خنق مواطنه (الاسود البشرة ) جورج لويد ومنع الهواء عنه حتى الموت ن والتي ربما ستعلق في الذاكرة الانسانية لمدة طويلة ،  وابرز مايميز الحادثتين المروعتين هو منع الهواء ومنع التنفس ؛ فبعد اعتقال جورج لويد من قبل اربعة من رجال الشرطة في مدينة مينا بولس تم طرحه ارضا ويضع احدهما باسم ديريك شوفين ركبته على رقبته لدقائق ويضغط عليها بقوة ليحد من وصول الاوكسجين الى رئتيه وخنقه في النهاية ، وقبل ان يلفظ انفاسه المخنوقة الاخيرة يصرخ بصوت مختنق " لا استطيع التنفس ..  لا استطيع التنفس " ، ولكن الضابط لم يهتم لصراخه وتوسلاته ويستمر بالضغط على رقبته ... حتى يقتله خنقا .     وعقب انتشار صور الحادث المروع ، ينزل ملايين الاشخاص الى الشوارع للتعبير عن غضبهم وسخطهم ، ليس للمطالبة بتقديم الجناة الى العدالة بل لاجراء اصلاحات و تغييرات جذرية في سلك الشرطة الاميركية وتطهيرها من التوجهات اليمينية المتطرفة المناهضة للسود و والاستهتار بحياتهم والتقليل من قيمتها وشأنها . تلك المطالب اتخذت منحا عالميا ، الحادث الذي اشعل الشارع الاميركي اعطى قوة دفع هائلة للحركات المناهضة لليمين بصورة عامة وسيما لحركة " حياة السود مهمة " ، الاجتماعية السياسية المناهضة لليمين المتطرف في اميركا ، وعلى غرار المدن الاميريكة شهدت عدد من المدن والمناطق في العالم تظاهرات مناهضة لليمين ومطالبة بالتطرف اليميني وباحترام حياة السود . وكما انتشرت صور العثور على جثة  الطفل الان الكوردي الغارقة على ساحل البحرالمتوسط واحتلت صدارة وسائل الاعلام العالمية وشبكات التواصل المختلفة ، تناقلت صفحات وسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي اللقطة الفيديوية لواقعة خنق المغدور جورج لويد ، وفي مدة يسيرة شاهد العالم باسره تلك الجريمة العنصرية المروعة ، وهذا ما جعل مصطلح " التنفس " من اهم كلمات عام 2020. "التنفس " اصبح كصرخة للحياة الكريمة واحترام الانسان دون تمييز و لصيانة الكرامة .         يعيش معظم الافراد والجماعات في اقليم كوردستان تحت نير حكم السلطات في الاقليم في حالة من الارباك الخطير في وضعيتي الاختناق والخنق كما أسلفنا ، الانسان الكوردي يواجه احتمالين غير انسانيين ؛ اما ان يترك وطنه و يهاجر كما حدث مع عائلة ( آلان الكوردي المفجوعة ) ، لايجاد بديل اخر لحياته ومعيشته غير الانسانية ، أو ان يبقى ويواجه مصير جورج لويد قبيل قتله وهو الصراخ ولكن دون مجيب او مهتم . افراد المجتمع الكوردستاني يرزحون تحت ضغوط يومية من ممارسات حكام وسلطات الاقليم على شكل ارباك هاديء ومخنوق ولكن مستمر ، وهذا الارباك ؛ ارباكٌ له جوانب اقتصادية وسياسية و اعلامية واجتماعية بل واخلاقي ايضا . وعلى الصعيد الاقتصادي يعيش اناس كثيرون تحت خط الفقر ، وينزل الى هذا المستوى المعيشي المتردي  اعداد كبيرة من الناس باستمرار ، ان الاستمرار في تكًوِنْ اعداد كبيرة من العاطلين عن العمل ومعدومي مصادر الدخل المناسبة موازية لظهور اعداد قليلة من اصحاب الملايين والمليارات ( مليارديرية ) والاثرياء من اصحاب الارقام الفلكية من الاموال والنقد الاجنبي والعراقي ، ان العرف  الذي يدير القطاع الاقتصادي في اقليم كوردستان يصنع ويخلق فقر مدقع و مرعب مقابل إثراء فاحش وخطير على خلفية نهج و مسار اساسه الفساد والسرقة والنهب و احتكار القطاع  الاقتصادي عبر السيطرة والتحكم في المجالات الاقتصادية الرئيسة في الاقليم من قبل عدد محدود من الاسر السياسية ، ففي ظلام هذا النوع من الانظمة السياسية لن تجد اي فرصة للخلاص من هذا الارباك والاختناق الاقتصادي الذي يخيم على اليوم على الاقليم .  وعلى الصعيد السياسي تجد نفس الاختناق والارباك والضغوط الهائلة التي صنعتها نظام سياسي سلطاني ، وهذا المر لم يترك اي مجال لما يسمى الصالح العام والسياسة الوطنية ، وهذا الصعيد موبوء بالعلاقات غير الصحية والاتفاقات السرية ( تحت الطاولة )  وشراء الذمم والتزوير والتلاعب وهو محتكر من قبل عدة عوائل سياسية يرتبط بها شخصيات غير مهنية  و متسيبة وغير ضليعة في السياسة  ، والتي تجمعها نهم الحصول السهل والسريع على المال وتكديسه والاثراء السريع وغير الشرعي .     نعتقد ان الارباك الاقتصادي في اقليم كوردستان مصدره الارباك السياسي في المجتمع ، واللذين نبعا في البداية من عملية الاحتكاروالسيطرة التامة على الصعيد السياسي ، ومن ثم نقل تلك السيطرة والاحتكار الى الصعيد الاقتصادي والتحكم به   ،  ان المجال النفطي و المعابر الحدودية و عمليات التهريب والتبادلات التجارية الضخمة و توزيع العقود و وتشغيل رؤوس الاموال والاستثمارات المختلفة وغيرها من النشاطات الاقتصادية يسيطر عليها عدد محدود من الاشخاص المنتمين للعوائل السياسية الحاكمة والحلقة السياسية الضيقة و المغلقة حول تلك العوائل . ان احتلال واحتكار المجال السياسي من قبل افراد تلك العوائل السياسية الحاكمة والحلقة الضيقة المحيطة بها ادى الى اخلاء المجتمع الكوردستاني من اي قدرة جدية على تعديل اواعادة صياغة العلاقات ومعادلات وموازين القوى فيه .   الارباك  الاعلامي ظاهرة اخرى خاصة بعالمنا ، فالقسم الاكبر من وسائل الاعلام في الاقليم موجه ومدفوعة الثمن و تحت السيطرة التامة ، فلا نجد سوى مساحة ضيقة  للاصوات الحرة والاعلام المستقل الحر ، وهي مساحة صغيرة جدا وتمارس عليها ضغوط كبيرة ؛ فمن السهل لمس الارباك والتضييق الاعلامي في الاعتقالات المستمرة للاعلاميين والصحافيين المستقلين و نشطاء المجتمع المدني غير الخاضعين لسلطات الاجهزة الحزبية . ان مهمة الاعلام المسير والموجه ليست محصورة في الدعاية لسلطات وحكام الاقليم بل تتعداها الى قلب وتزييف الحقائق من اجل خلق اجواء تصعب فيها تمييز الصدق والحقيقة عن الكذب والزييف ، بغية بث روح الاحباط والفشل بين افراد المجتمع ، وكذلك يستخدم هذا الاعلام الموجه والمضلِل كقوة مسلحة غير قانونية في الصراعات السياسية و العسكرية داخل الاقليم ، ومن وظائفه الرئيسية الاخرى انتاج وبث الفرقة وروح التناحر والتباغض و ضرب قيم و مباديء التعايش السلمي وتقبل الاخر. ونجد لهذا الوضع المربك حضورا اجتماعيا قويا  ، فلم نر في اي وقت مثل هذا التشرذم في مجتمعنا ولم يكن التعايش الانساني صعبا مثلما هو الان  ، يواجه مجتمع اقليم كوردستان انقساما عموديا وافقيا مختلفا ، فلا وجود لاي إجماع مجتمعي او ديني او سياسي او حتى ثقافي ، فالقوتان ( الحزبان ) الحاكمتان اللتان تمتلكان القوات المسلحة الخاصة بهما ( البيشمركة و الشرطة والامن ) بامكانهما تقسيم الاقليم في اي وقت تشعران بخطرعلى سلطاتهما ؛ فتغلقان الحدود الفاصلة  بين مناطق نفوذهما وقطع اي اتصال اجتماعي بين مناطق ومدن الاقليم ، مما يكل تهديدا وخطرا على نفسية المواطن ومزاجه الاجتماعي والسياسي فيخلق انغلاقا اجتماعيا ومناطقية و وارباكا اجتماعيا ويضرب التماسك والنسق المجتمعي كم ويضعف المودة والوئام بين سكان المناطق على الطرفين .       في جميع تلك المجالات يشبه وضع الاقليم ظروف صرخة جورج فلويد من اجل التنفس من نير ضغوط التهمي والاهمال المتعمد للسلطات ، ومن الناحية الانسانية يشبه ظروف عائلة الطفل الغريق آلان الكوردي، التي اضطرت الى الهجرة والنزوح من بلدها لكي تحتفظ بكرامتها وتتنفس الحرية ولكن اهوال البحر والغرق هو المصير .. اذا كانت اللغة والحديث السائد في 2020 باميركا كان عن " التنفس " فان اللفظة والحديث السائد في عالمنا نحن  بالسنوات الاخيرة  كان هو " الارباك " . ان الذي تمارسه سلطات اقليم كوردستان بحق مجتمعنا هو الارباك المنظم الذي لا نهاية  له الا بالفناء والموت او العصيان والتمرد ، ولا احتمال لوجود حل اخر بين الخيارين او ربما يكون من الصعوبة بمكان وجود حل اخر ...   الحكم و كورونا واقتصاد الفرهود 


الحصاد draw: صلاح حسن بابان-  DARAJ   يمضي الصحافيون والنشطاء المطاردون في بلدهم، أياماً عصيبة مع مرارة الخيارات المتاحة أمامهم بين التخفي الدائم بعيداً من عيون الميليشيات ورصاصاتهم الكاتمة، أو الهجرة والاغتراب لمن استطاع إلى ذلك سبيلاً. تُخرج نسرين (اسم مستعار، 27 سنة) السيجارة ما قبل الأخيرة من علبتها. تحدّق بحزن بزحام العابرين في الخارج عبر نافذة مقهى شعبي في حي سرجنار في مدينة السليمانية، قبل أن تقول وهي تنفخ الدخان بحرقة “الكثير من هذه الوجوه السمراء المتعبة، جاءت إلى هنا من بغداد ومدن الجنوب، هرباً من أدوات القتل”. تضيف مستعيدةً بعض تفاصيل الواقعة التي أجبرتها على ترك مدينتها: “كانت الساعة تشير الى السادسة مساء، حين رن هاتفي، فعلمت بأن أصدقائي الثلاثة ينتظرونني في السيارة خارج منزلي لكي نذهب إلى مجلس عزاء صديقنا الناشط في احتجاجات البصرة تحسين أسامة، بعد يومٍ واحدٍ من اغتياله بمسدسات مزودة بكواتم صوت أمام بيته”. بمجرد خروجها من الباب وقعت عيناها على سيارة سوداء مقبلة باتجاههم وهي تضم رجالاً يحملون مسدسات امتدت مع أياديهم من نوافذها الجانبية: “لم أفكر لحظتها إلا بالصراخ لأنبّه أصدقائي الذين هرعوا معي الى الداخل مسابقين وابلاً من الرصاص انهمر علينا”. تطفئ سيجارتها. 17 رصاصة أخطأتهم، باستثناء واحدة أصابت ساق نسرين اليمنى، وأنقذهم الجدار الخارجي  لمنزلها الذي احتموا خلفه من موت أكيد. دقائق صعبة وثقيلة عاشوها قبل أن تصل قوة من الشرطة وتنقلتهم إلى مكان آمن. بعدها ونزولاً عند نصيحة الأهل والأصدقاء قررت ترك مدينتها وعملها في منظمات في المجتمع المدني والانتقال إلى مدينة السليمانية في إقليم كردستان خوفاً من استهدافها مرة ثانية. تميط نسرين اللثام عن تجربتها، كناشطة في ساحات التظاهر في البصرة، أكبر مدن الجنوب العراقي والتي خرج شبابها ضد فساد القوى المتنفذة في الدولة مطالبين “بالاصلاح واستعادة الوطن”. تتوقف بحزن عند عام 2018، حين نشرت صورة لها مع قنصل غربي وهو يكرمها مع مجموعة من زملائها النشطاء في البصرة: “تعرضت بسببها إلى شتى انواع الإهانات الأخلاقية والمعنوية من الميليشيات والموالين لها. اتهموني بالتخابر والعمالة لإسرائيل. وتلقيتُ الكثير من الرسائل النصية والاتصالات من أشخاص مجهولين هددوني بالقتل”. نفذوا تهديدهم. لكنها نجت. مع ان تهديدات مماثلة، عادة تنتهي بالموت. “سنصل إليكم حتى ولو صعدتم إلى السماء”. غيرت لون شعرها. تحاول قدر الإمكان إخفاء وجهها والتخفّي حتى وهي في السليمانية. فأذرع الميليشيات طويلة. وكثيرون من أقراننا غادروا السليمانية إلى خارج البلاد، بعد شعورهم بأنهم ملاحقون من جواسيسها. إحدى الرسائل التي وصلتها تقول بالحرف: “سنصل إليكم حتى ولو صعدتم إلى السماء”. لم تعد نسرين تحلم الآن إلا بالحصول على فرصة هجرة إلى أوروبا أو أي دولة أخرى تخلصها من خوفها وقلقها اليوميين. تقول بقناعة تامّة: “لن تتركنا الفصائل التابعة للأحزاب الإسلامية الشيعية في حالنا حتى إن انتهت المظاهرات”. تلك الفصائل التي توالي بغالبيتها ايران، وتعمل لمصلحتها حتى لو تقاطعت مع مصلحة بلدها، متهمة بارتكاب عمليات اغتيال مخطط لها وتنفيذ هجمات قتل عشوائية خلال الاحتجاجات الشعبية التي شهدها العراق في تشرين الأول/ اكتوبر 2019 واستمرت نحو عام، شهد استهداف مئات المتظاهرين والنشطاء المعروفين في بغداد ومحافظات ذي قار والبصرة والنجف والديوانية. 560 شخصاً قتلوا خلال التظاهرات وبحسب إحصاءات وأرقام صادرة من أطراف حكومية ومنظمات حقوق الإنسان، فان أكثر من 560 شخصاً قتلوا خلال التظاهرات إلى جانب جرح الآلاف بينهم عشرات أصيبوا باعاقات تمنعهم من استعادة حياتهم السابقة، فضلاً عن خطف واخفاء عدد من النشطاء والصحافيين الذين لا يزال مصيرهم مجهولاً. السليمانية ملاذ آمن توثق “جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق” تعرض 341 صحافياً عراقياً منذ تظاهرات تشرين الأول 2019 إلى شتى أنواع “الانتهاكات الجسيمة والمضايقات”. طاولت بوجه الخصوص العاملين منهم في المؤسسات الإعلامية المعروفة بتغطيتها للاحتجاجات. وتنوعت بين اغتيال وتهديد بالقتل فضلاً عن الاختطاف والاعتقال والاحتجاز. مدير الجمعية مصطفى ناصر يعبّر عن قلقه البالغ مما يتعرض له الصحافيون، لأنه “مؤشر خطير جداً على تدهور حرية الصحافة، وسيؤدي حتماً الى تراجع العمل الصحافي وتقييد امكانات السلطة الرابعة وقدرة الصحافيين على التعبير والتأثير في الرأي العام”. وبحسب مركز”ميترو” المعني بالدفاع عن حقوق الصحافيين والذي مقره الرئيس في السليمانية، اتخذ 178 صحافياً وناشطاً بعد انطلاق احتجاجات تشرين الأول 2019 من محافظة السليمانية ملاذاً لتجنب المصير الذي لاقاه زملاء لهم “اغتيلوا على أيدي عناصر الأمن والميليشيات أو اعتُقِلوا وبعضهم ما يزال مصيره مجهولاً”. يشير مدير المركز ديار محمد، إلى أن هناك عشرات غيرهم في السليمانية، لكنهم يمتنعون عن تسجيل أسمائهم خوفاً من تسرب أي معلومات عنهم وبالتالي رصد أماكن سكنهم وتحركاتهم في المحافظة. 178 صحافياً وناشطاً اتخذوا من محافظة السليمانية ملاذاً لتجنب المصير الذي لاقاه زملاء لهم ويؤكد محمد أن معظم الصحافيين المسجلين في مركز ميترو “تعرضوا للتهديد بالقتل والاختطاف في محافظاتهم مع عجز الجهات الأمنية عن حمايتهم”، مبيناً أن “العاصمة بغداد تأتي في مقدمة المحافظات التي غادرها الصحافيون والناشطون وتليها الديوانية ومن ثم ذي قار”. ويشير ديار إلى أن كثراً من النشطاء والصحافيين يعانون، إضافة الى حالتهم النفسية السيئة، من تدهور أوضاعهم المالية وحاجتهم للمساعدة العاجلة. ويقول أن مركز “ميترو” سبق أن قدم مذكرة رسمية الى الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان في شهر ايلول/ سبتمبر 2020، لتقديم المساعدات اللازمة للصحافيين والنشطاء الهاربين من محافظاتهم “لكنهم لم يحصلوا سوى على وعود… لم يتلق أيٌ منهم المساعدة، باستثناء ما قدمته بعض المنظمات الدولية”. “هدّدوا باغتصاب ابنتي” تحدّى أبو حليمة (اسم مستعار)، وهو محامٍ وناشط مدني، كل التهديدات التي وصلته بقتله وتصفيته جسدياً أو اختطافه كما حصل مع كثر من أصدقائه، إذا لم يتوقف عن المشاركة في التظاهرات في محافظة ذي قار. لكن الميليشيات رفعت سقف تهديداتها لهُ مطلع العام الحالي، وحذرته من إمكان خطف ابنته وتصويرها وهي تتعرض للإغتصاب ثم قتلها، في حال لم يترك ميادين الاحتجاج: “لديّ ولدين، ابنتي البكر عمرها عشر سنوات فقط، وطفلي الثاني خمس سنوات. أرادوا بتلك الطريقة الدنيئة الانتقام مني بعد أن عجزت رصاصاتهم وأيديهم عن اغتيالي، لأنني كنت أتحصن بساحة الحبوبي التي تحولت الى أيقونة التظاهر في ذي قار ولا أغادرها”. بمجرد تلقيه التهديد عبر اتصال هاتفي، تسلل أبو حليمة، من ساحة التظاهر إلى منزله. وغادر مع زوجته وطفليه بالثياب التي عليهم: “كان الوقت منتصف النهار نهاية شهر شباط/ فبراير 2020 توجهنا مباشرة الى بغداد ولم نبق فيها سوى نصف ساعة فقط، ومن ثم انطلقنا بسيارة خاصة إلى السليمانية”. أبو حليمة يقول إن تلك التهديدات التي وردته مصدره معظمها أرقام هواتف إيرانية، “لكن لهجة المتحدث كانت عراقية على الدوام”. يمضي أبو حليمة أياماً صعبة في ملجئه. فهو لم يتمكن، للشهر الثاني على التوالي، من دفع بدل إيجار البيت الصغير المؤلف من غرفة واحدة وصالة، حيث يسكن مع عائلته بمبلغ 200 ألف دينار (نحو 160 دولاراً). 100 صحافي وناشط من جنوب العراق في السليمانية، يعيشون ظروف قاسية هنالك على حد علم أبو حليمة نحو 100 صحافي وناشط من جنوب العراق في السليمانية، يعيشون الظروف القاسية ذاتها. لكنه وبخلاف كثيرين غيره، رفض فرصة للهجرة الى خارج العراق قدمتها له منظمة دولية. لأنه يعتقد بأن ذلك يعني ان المليشيات حققت أحد أهدافها الرئيسة “هذا ما يريدونه، أن نموت أو نترك البلاد”. وتسجل ذاكرتهُ قيام الميليشيات باغتيال شباب بارزين في ساحات التظاهر في محافظته ومنهم أزهر الشمري، علي العصمي، علي الخفاجي، حسن المهلل وآخرين، في مشهد متكرر: “عناصر يحملون مسدسات مزودة بكواتم صوت، يترجلون من سيارات نوافذها داكنة ولا تحمل أرقام تسجيل. يقتلون أو يخطفون ثم يختفون بكل بساطة، لتعلن الجهات الأمنية بعد ساعات عن فتح تحقيقات تظل مفتوحة إلى الأبد من دون الوصول إلى اية نتائج”. ويتحدث عن وسيلة أخرى اعتمدتها الميليشيات لإسكات المحتجين جنوب العراق من خلال اللجوء إلى شيوخ العشائر. يقول: “قدمت لهم المال والنفوذ في السلطة وكسبت ولاء كثر منهم ضد النشطاء، ومن يرفض يواجه التهديد”، مذكراً بالرسالة التي وجهها زعيم التيار الصدري الى شيوخ العشائر مطالباً إياهم وبنحو علني “بالكف عن دعم ومساندة التظاهرات”. لكنه يستدرك: “البعض رفض التعاون مع الميليشيات وفي مقدمتهم الشيخ حسين الخيون وهو من الشخصيات العشائرية البارزة في ذي قار”. واقع الصحافيين لم يتغير تفتقر السليمانية الى وجود مؤسسات إعلامية ناطقة باللغة العربية وهذا ما يصعّب الحياة المعيشية بالنسبة إلى الصحافيين النازحين اليها، فلم يجد سوى قليلين منهم عملاً بصفة محرر أخبار أو معد تقارير وبرواتب شهرية لا تتجاوز في احسن الأحوال الـ500 دولار. على رغم ذلك يفضلها الصحافيون على بقية مناطق الإقليم، خصوصاً أن المدينة كانت في أوقات سابقة ملاذاً للصحافيين والنشطاء الهاربين من العاصمة بغداد والمحافظات الأخرى خوفاً من عمليات التصفية على يد فصائل مختلفة الولاءات. فقد لجأ صحافيون كثر إليها بعد عام 2003 وفي فترة الاقتتال الطائفي بين عامي 2006 و2008 وبعدها خلال سنوات تعاظم نفوذ تنظيمي “القاعدة” و”داعش” في المناطق السنية. هناء رياض تقول الصحافية البغدادية هناء رياض التي تسكن السليمانية منذ عام 2007 عقب تعرضها مع زملاء لها لهجوم من تنظيم “القاعدة”، استهدف إذاعة دجلة في بغداد، إن واقع الصحافيين لم يتغير فهم منذ 17 عاماً يُستهدفون بالقتل والخطف ومن جهات مختلفة. وحتى بعد مرور 13 عاماً ما زالت رياض تحتفظ في ذاكرتها بشريط أحداث ذلك اليوم، حين شن التنظيم هجوماً بسيارات مدججة بأنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة كأنها تقاتل أحد جيوش العالم بقصد السيطرة على مبنى المؤسسة، لكنهم فشلوا نتيجة المقاومة التي أبداها الحراس وتمكن العاملون، من الهرب عبر أسطح المنازل القريبة، وكان لها الحظ في أن تكون من بينهم. ترى رياض أن إقليم كردستان لا يزال يسمح بمساحة حرية أوسع، على رغم بعض الانتهاكات التي تسجل في الإقليم، من غلق بعض المؤسسات ومحاولة تكميم أفواه المعارضين للسلطة من أفراد ومؤسسات. لكن استقلالية الإقليم الادارية والأمنية عن بقية مناطق البلاد، هو الذي جعله ملاذ الصحافيين الهاربين من التصفية خصوصاً بعد تحول بغداد، التي تضم أكبر عدد من المؤسسات الإعلامية والوكالات ومقرات الصحف، إلى ساحة للاغتيالات، مع اشتداد تظاهرات تشرين وتعرض مؤسسات إعلامية معروفة لهجمات فصائل مسلحة وتحت مرأى الأجهزة الأمنية كما حصل مع قناتي “NRT” و”دجلة” وغيرهما. إقليم كردستان لا يزال يسمح بمساحة حرية أوسع، على رغم بعض الانتهاكات التي تسجل فيه يسرد الصحافي بكر (اسم مستعار، 25 سنة) تفاصيل اعتقاله من قبل عناصر ميليشيات يرفعون رايات الحشد الشعبي، وذلك بعد سلسلة من تهديدات بالقتل التي تلقاها عبر الهاتف وعبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب دعمه الاحتجاجات، “في 28 تشرين الأول 2019 اعتقلتنا قوة مسلحة أنا ومجموعة من الصحافيين ونحن في طريقنا إلى ساحة التحرير. مضى يوم كامل من التحقيق رافقه سيل من التهديدات والمضايقات، ثم  أطلقوا سراحنا بعد إجبارنا على كتابة تعهدات خطية بعدم المشاركة في التظاهرات مجدداً”. ثم بعدها بأيام تلقى بكر مع زملائه جميعاً تهديدات عبر الهاتف، “تتوعد باختطافنا وقتلنا إذا لم نكف عن الكتابة عن التظاهرات وإذا واصلنا نقل مطالب المحتجين وحراكهم”. على إثر ذلك غادر بكر ومعه 9 صحافيين آخرين بغداد باتجاه السليمانية ليواجهوا هناك صعوبات مختلفة بعد فقدان وظائفهم، وفي ظل انعدام فرص العمل في السليمانية وتكاليف المعيشية وعدم حصولهم على أي دعم من الحكومة أو المنظمات. فيما اضطر اثنان منهم للهجرة إلى خارج العراق، فسافر أحدهم إلى تركيا والآخر إلى الأردن، “مدفوعين بتهديدات وصلتهم من كتائب حزب الله، وعصائب أهل الحق، وهما أكثر فصيلين يمارسان التهديد ضد الصحافيين والنشطاء”. “ما لا يمكن احتماله، هو أن تذهب كل تضحيات أصدقائنا هباءً في ظل محدودية الإنجازات المتحققة مع استمرار القوى ذاتها في الحكم”   لا تملك “نقابة صحافيي كردستان” الكثير لتقدمه لهؤلاء. يقول نقيبها أزاد حمه أمين: “تعاملنا بمهنية مع قضية التهديدات التي طاولتهم بعد تظاهرات تشرين، وتواصلنا مع قوات الآسايش (جهاز الأمن) لتسهيل إجراءات سكنهم، إلى جانب تأمين مساعدات مادية لهم تبرعت بها منظمات دولية”. يمضي الصحافيون والنشطاء المطاردون في بلدهم، أياماً عصيبة مع مرارة الخيارات المتاحة أمامهم بين التخفي الدائم بعيداً من عيون الميليشيات ورصاصاتهم الكاتمة، أو الهجرة والاغتراب لمن استطاع إلى ذلك سبيلاً، أو النزوح إلى إقليم كردستان ومواجهة العوز في ظل أزمة اقتصادية خانقة هناك. “كل ذلك يمكن احتماله”، يقول صحافي بارز، تردد اسمه ضمن قوائم الموت التي تنشرها الميليشيات. يضيف متحدثاً عبر الهاتف من خارج العراق، “لكن ما لا يمكن احتماله، هو أن تذهب كل تضحيات أصدقائنا هباءً في ظل محدودية الإنجازات المتحققة مع استمرار القوى ذاتها في الحكم. كل ليلة نعيش الرعب والخيبة ونحن نتذكّر وجوه أولئك الذين تركونا إلى الأبد”. انجز هذا التقرير بدعم من مؤسسة “نيريج” للصحافة الاستقصائية


الحصاد draw: يعيش موظفو الحكومة في الدول التي تعاني من الحروب والاضطرابات الأمنية أوضاعاً صعبة، في ظل انقطاع رواتبهم، أو على أقل تقدير عدم زيادتها، وارتفاع التضخم إلى مستويات قياسية واستخدام حكومات هذه الدول الأجور كورقة في الصراعَين العسكري والسياسي الدائرَين ببلادهم. وكان الموظفون في كل من اليمن وسورية والعراق، من أكثر الموظفين العرب تضررا بالأزمات الاقتصادية والسياسية والأمنية التي لحقت ببلادهم. ومع انقضاء شهر نوفمبر/تشرين الثاني يكون قد مر 40 شهرا على توقف رواتب الموظفين المدنيين في اليمن الذي يعيش على وقع حرب طاحنة للعام السادس على التوالي، إذ أصبحت رواتب الموظفين ورقة رئيسية في الصراع الدائر بين الحكومة المعترف بها دولياً والحوثيين. موظفو اليمن بلا رواتب: الأزمة تدخل عامها الخامس   اليمن: توقف الصرف توقف صرف رواتب الموظفين في اليمن امتدت آثاره لتشمل بقية الفئات المجتمعية، من خلال تعثر مرافق ومؤسسات الدولة الاجتماعية والخدمية بما فيها التعليم والصحة والمياه نتيجة غياب الموظفين. ويأتي ذلك إضافة إلى ظهور سلسلة مديونية في المجتمع، حيث وجد وفق نتائج التقييم الطارئ للأمن الغذائي أن أكثر من 80% من اليمنيين مدينون لمؤجري المساكن وملاك المحال التجارية وغيرهم، ما أثر سلباً كذلك على الطلب الكلي وتعميق الانكماش الاقتصادي واتساع أزمة البطالة وظاهرة الفقر. ورغم إعادة الحكومة اليمنية صرف رواتب الموظفين المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، لا يزال أكثر من 600 ألف موظف في مناطق سيطرة الحوثيين، بدون رواتب في معاناة قاسية مع انقطاع السبل بهم لعدم وجود أي مصادر دخل أخرى تعينهم على قضاء احتياجاتهم المعيشية، إذ يعيلون أسراً يقدر عدد أفرادها بنحو 5 ملايين فرد. في السياق، أكد مسؤول في وزارة المالية، رفض الكشف عن هويته، أن حل أزمة رواتب الموظفين المدنيين بيد جماعة الحوثي التي تصر وفق حديثه على تعقيد الأزمة برفض العملة الجديدة المطبوعة والاستيلاء على الإيرادات العامة، خصوصاً الضريبة الجمركية للمشتقات النفطية التي شملها اتفاق استوكهولم، وألزم توريدها إلى حساب خاص بالموظفين في فرع البنك المركزي بمحافظة الحديدة تحت إشراف الأمم المتحدة. وقال المسؤول لـ"العربي الجديد"، إن رواتب الموظفين في عموم المحافظات اليمنية ستتصدر أولويات الحكومة الجديدة التي يتم التفاوض على تشكيلها في الرياض. الغلاء يقهر السوريين... ونظام الأسد يضخ الأموال في الحرب سورية: أجور في مهبّ الريح يعد موظفو سورية أكبر المتضررين على مستوى المنطقة بسبب الحرب الطاحنة منذ عدة سنوات، ما أدى إلى تراجع الموارد المالية والإيرادات العامة للدولة، بعد الدمار الذي لحق بكل شيء وشلل السياحة وعجز الميزان التجاري. لتأتي تداعيات إغلاقات كورونا والعقوبات الاقتصادية الأوروبية والأميركية، وما سببته من آثار على تراجع الإنتاج والصادرات وتدهور سعر العملة من 50 ليرة مقابل الدولار عام 2011 إلى نحو 2800 ليرة حاليا، ليزيد نظام بشار الأسد من التمويل بالعجز الذي بدأه منذ مطلع الحرب، عبر طبع العملة في روسيا بعد العقوبات الأوروبية وتوقف الشركة السويسرية عن طبع الأوراق النقدية لسورية، بحسب الخبير الاقتصادي والمالي، إبراهيم محمد، من مدينة إدلب لـ"العربي الجديد". وحول انعكاس تأزم حكومة الأسد المالي على الموظفين وخاصة بمحافظة إدلب، يبيّن الخبير السوري أن الموظفين بسورية جميعهم، تحت خط الفقر، لأن متوسط الأجور 50 ألف ليرة، في حين تبلغ نفقات الأسرة وبالحد الأدنى 600 ألف ليرة. وأضاف: "لم يتوقف منح الأجور للعاملين بمناطق النظام ولكن جلّ الموظفين والعاملين لدى الدولة بالمناطق المحررة، تم فصلهم منذ سبع سنوات". نهاية أزمة الرواتب في العراق بتصويت البرلمان على قانون الاقتراض   العراق: الاقتراض هو الحل يبرز تحدي تأمين مرتبات الموظفين والمتقاعدين في العراق، والذي يُعَدّ أبرز ما تواجهه حكومة مصطفى الكاظمي، إذ شهدت الأشهر الثلاثة الماضية تعثرا واضحا في سداد المرتبات والنفقات التشغيلية التي تبلغ شهريا نحو 4 مليارات دولار، وذلك بفعل تراجع إيرادات الموارد النفطية للعراق إلى أقل من 3 مليارات دولار شهريا، بسبب تراجع أسعار النفط وتحديد منظمة أوبك العراق بسقف تصدير ثابت. وفي سياق هذا الموضوع، قال مسؤول بوزارة المالية العراقية في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن الدولة تدرس عدة خيارات لتأمين المرتبات لعام 2021؛ أولها الاقتراض الداخلي وإصدار سندات بنكية، وبيع أملاك عامة وطرح أخرى للاستثمار، مع مساعٍ للاتفاق مع عدة دول آسيوية لتلقي دفعات مقدمة من أموال النفط المتفق على تصديره خلال عام 2021 لتلك الدول". ومن جهتها، قالت الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم، لـ"العربي الجديد" إن "أزمة الإيرادات المالية باتت عالمية تأثرت بها أغلب دول العالم لا سيما البلدان النفطية، نتيجة لتفشي جائحة كورونا".   العربي الجديد 


تقرير: محمد رؤوف- فاضل حەمە ڕفعت     ترجمة : عباس س المندلاوي  من المقرر ان تناقش حكومة اقليم كوردستان هذا الاسبوع مسالة توزيع رواتب موظفي الاقليم لشهر( 10)  تشرين الاول المنصرم ، علما ان حكومة بغداد لم تخطر الاقليم فيما اذا كانت سترسل المبلغ المقرر من قبلها ( 320 مليار دينار )  ، وفي حال عدم ارسال المبلغ الى اربيل فان حكومة الاقليم امام ثلاثة خيارات لحل مسالة الرواتب المستحقة عليها لمنتسبيها ، اقربها هو اللجو الى الاقتراض لدفع الرواتب مع استقطاع نسبة 18 % منها ، للمزيد من التفاصيل اعد ( الحصاد DRAW  ) هذا التقرير :    الحلول المطروحة لصرف رواتب الشهر الماضي   وهذا هو الشهر الاخير من سنة 2020 قد دنت ايامه وحكومة الاقليم لما تناقش كيفية صرف رواتب الشهر العاشر ، فيما تسلم الموظفون رواتب شهر التاسع قبل اكثر من اربعين يوما ، وكانت وزارة مالية الاقليم قد صرفت رواتب الشهر الثالث قبل ذلك بنحو شهرين ، ولكنها اعلنت بعد ذلك انها لن تتحمل اعباء تأخير التشكيلة الحكومية السابقة( حكومة نيجيرفان برزاني )  لصرف الرواتب فقررت القفز الى الشهر التاسع عابرة شهور ( 4 و 5 و6 و 7 و 8 ) بجرة قلم  في تنصل واضح لواجباتها تجاه منتسبيها دون اي كلمة او استدعاء من برلمان الاقليم الذي يسيطر عليه حزب رئيس الوزراء وحلفاؤه . لماذا تأخر صرف الرواتب ؟! يُرجع البعض سبب تاخير حكومة الاقليم لصرف رواتب منتسبيها  للشهر العاشر الى تأخر مجلس النواب العراقي  في المصادقة على قانون سد العجز في الميزانية الاتحادية او ما يسمى قانون الاقتراض الاتحادي    ،والذي تمت المصادقة عليه قبل نحو اسبوعين  ، على عكس من اتفاق شهر اب الماضي بين حكومتي بغداد برئاسة مصطفى الكاظمي واربيل برئاسة مسرور البرزاني ، القاضي بتسليم الاخيرة كمية معينة من النفط المستخرج من الاقليم لشركة سومو الاتحادية الخاصة بتسويق النفط العراقي في الاسواق العالمية .  وحتى اعداد هذا التقرير لم ترسل حكومة الكاظمي مبلغ ( 320 مليار دينار) الشهري و المتفق عليه مع حكومة الاقليم في شهر اب  والساري حتى نهاية العام الحالي ( لحين المصادقة على ميزانية عام 2021 ) من اجل صرف رواتب موظفي الاقليم ،و كان رئيس الوزراء العراقي قد اكد عبر متحدثه الرسمي في وقت سابق بان ارسال المبلغ المذكور سيستمرو لن يواجه مشاكل او عقبات على خلفية السجالات التي كانت دائرة  قبل المصادقة على قانون الاقتراض الاتحادي ، لكن ذلك المبلغ الذي خصم  منه قيمة واردات نفط الاقليم المتفق على تسليمه لشركة سومو  لم يرسل الى الاقليم  لحد الان . وزارة مالية في بغداد قد اتممت صرف رواتب موظفي الحكومة الاتحادية للشهر العاشر وهي مستمرة في صرف رواتب الشهر ( 11) المشرف على النهاية ، وقد ترتيب الاقليم الثالث ضمن جدول صرف الرواتب في المالية الاتحادية للشهر العاشر ولكنها لم ترسل رواتب موظفي الاقليم كما كان مدرجا ، لكن حكومة اربيل لحد الان اي وفد عنها لبغداد لاستبيان ومناقشة سبب امتناع المالية الاتحادية عن ارسال المبلغ المتفق عليه الى الاقليم ، بالرغم من الاتصالات بين مسؤولي الاتحادية والاقليم .  الى ذلك يقول بعض المصادر ان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي قد ذكر في الاونة الاخيرة انه يبحث عن تخريجة سياسية وقانونية مناسبة لمواصلة ارسال رواتب موظفي الاقليم . ماذا ستفعل حكومة الاقليم لتأمين الرواتب ؟ وتقول المعلومات التي حصل عليها ( الحصاد DRAW )  ، ان حكومة اقليم كوردستان برئاسة مسرور البرزاني ستعقد جلساتها لمناقشة سبل ايجاد مخارج من ازمة الرواتب المستمرة ، سيما راتب شهر (10) تشرين الاول المنصرم  والبدء باجراء اتصالاتها مع الحكومة الاتحادية لمعرفة مصير المبلغ المتفق على ارساله الى الاقليم . وبهذا الصدد قال المتحدث الرسمي باسم حكومة اربيل جوتيار عادل ل ( الحصاد DRAW ): " نحن ننتظر ارسال مبلغ ( 320 مليار دينار ) من الحكومة الاتحادية ، وبخلاف ذلك امامنا ثلاث خيارات" ( وعلم ( الحصاد ) ان حكومة الاقليم تمتلك الان حوالي مبلغ ( 370 مليار دولار  )  اي حوالي ( 450 ) مليار دينار من اجمالي المبلغ اللازم لرواتب منتسبيها  للشهر العاشر مع استقطاع نسبة 18% من رواتب الموظفين  اي بعجز مقداره ( 280مليار دينار ) .  كيفية سد العجز ؟ يتم اتخاذ اي قرار حيال رواتب الموظفين بالاجماع  من قبل الوزراء الممثلين للاطراف والاحزاب المشاركة في االحكومة لقطع الطريق امامها للتنصل من مسؤولياتها في اتخاذ القرارات او اللجوء الى المزايدات السياسية . وتقول مصادر ( الحصاد DRAW ) ان مجلس وزراء الاقليم سيبحث عدة خيارات مطروحة لتحديد كيفية صرف رواتب الموظفين للشهر العاشر ومن ثم التصويت عليها ، سيتم خلال جلسة المجلس طرح ثلاثة خيارات في حال امتناع بغداد عن ارسال مبلغ ( 320 مليار دينار ) الى اربيل وهي :  •     الخيار الاول :  رفع نسبة الاستقطاع من رواتب الموظفين من 18 % الى 50%  اعتمادا على المبلغ المتوفر لدى وزارة المالية في حكومة الاقليم وهو ( 450 مليار دينار) من اجمالي المبلغ اللازم تأمينه للرواتب شهريا وهو ( 894 مليار دينار ، وهذا خيار صعب جدا من المستبعد ان تلجأ اليه حكومة الاقليم . •     الخيار الثاني  :  اللجوء الى الاقتراض لسد العجز الحاصل في رواتب موظفي الاقليم  ، اذ ان حكومة الاقليم تقول ان لديها مبلغ (450 مليار دينار ) فاذا قررت صرف الرواتب مع استقطاع نسبة 18% منها فانها بحاجة الى اقتراض مبلغ ( 280 مليار دينار ) لاستكمال المبلغ الكلي للرواتب للشهر العاشر والبالغة ( 730 مليار دينار )  على غرار حكومة بغداد ، ولكن هناك سؤوال يطرح نفسه هل تسعى حكومة اربيل الى اقتراض كامل مبلغ العجز ام انها ستلجأ الى زيادة نسبة الاستقطاع من 18% الى  الى 39%   وهذه خطوة ربما ستكون لها ردود فعل رافضة من قبل الموظفين .  •    الخيار الثالث : هو اللجوء الى صرف الرواتب كل 60 يوما بدل 30 يوما كما فعلت حكومة القليم سابقا اي تخفيض الرواتب الى النصف او اكثر  فعليا  ،وهذا يناقض وعود رئيس مجلس الوزراء مسرور البرزاني بعد توليه منصب رئاسة الوزراء بصرف الرواتب كل 30 يوما ،  بعد  تنصلها من  المبالغ المدخرة من رواتب الموظفين على مدى سنوات في التشكيلة الوزارية السابقة برئاسة ابن عمه نيجيرفان البرزاني والقفز الى الامام والتخلص من رواتب من شهور (4 و 5 و6 و 7 و 8 )  ، بذريعة ان تلك الرواتب المتاخرة والمدخرة كانت من شأن التشكيلة السابقة ( في سابقة نادرة ) ، فبدأت وزارة المالية في صرف رواتب الشهر التاسع في العاشر واعدا بتوزيع الرواتب شهريا في مواعيدها اعتمادا على المبلغ ( 320مليار دينار )  الذي سترسله بغداد  . 


الحصاد DRAW: العربي الجديد   "عطور، حلويات، power bank، مواقد شواء، حقائب ظهر ودفاتر وأقلام،.. وغيرها" من الهدايا التي تنتشر صورها على صفحات "الفيسبوك" الخاصة بصحافيين بعد أن تلقوها في مناسبات مختلفة، من شركات ومؤسسات متنوعة، إضافة إلى هدايا أخرى لا يتم نشر صورها مثل تذاكر السفر وحجوزات الفنادق وتذاكر الحفلات والوجبات في المطاعم و"التي نادرا ما ينظر لها بعين اللامهنية في ظل غياب كامل لوضع معايير واضحة ترفضها أو تقننها"​​​​​​، وفق ما تؤكده دراسة السياسات التحريرية في الصحافة الفلسطينية الصادرة عام 2018 عن مركز تطوير الإعلام التابع لجامعة بيرزيت، ضمن سلسلة أبحاث وسياسات الإعلام، للصحافية والباحثة نائلة خليل. الظاهرة منتشرة عربيا غير أنها مسكوت عنها ولم تطرح إعلاميا بشكل تحقيقي جاد نظرا للعلاقة المتشابكة وحتى تضارب المصالح بين الصحافي والمصادر والتي تسيطر على غرف الأخبار في العديد من العالم العربي دون تقنين لها عبر متابعات قانونية داخلية أو نقابية، وهو ما دفع معد المادة إلى التساؤل حول الأهداف التي تسعى الشركات والمؤسسات إليها عبر تقديم مثل هذه الهدايا للصحافيين، وما هي وجهة نظر المؤيدين والشركات والرافصين؟ وهل يأتي ذلك في إطار الشراكة والامتنان، أم الاحتواء؟ ومدى تأثير تلك الهدايا على المهنية؟ وهل يتنافى تلقيها مع أخلاقيات العمل الصحافي؟ وكيف يتم التعامل مع تلك الظاهرة في وسائل الإعلام العالمية ؟    صحافيو مصر.. أزمات متلاحقة تهدد بموت المهنة وجهة نظر المؤيدين الصحافي سلام الأطرش من رام الله، نشر من خلال حسابه على الفيسبوك، في شهر أغسطس/آب من العام الماضي صورة موقد شواء، قال إنه هدية وصلته من شركة الاتصالات الفلسطينية (Paltel))، سأله معد المادة عن سبب تلقيه لهذه الهدية فقال: "هي نتاج العلاقة الاستراتيجية للمؤسسة الصحافية الإذاعية التي أعمل بها مع الشركة، وهناك هدايا متبادلة ما بين الطرفين لتعميق وتوطيد هذه العلاقة، علما أن ذات الهدية أعرف أنها وصلت إلى صحافيين آخرين. ومن وجهة نظري، فإن معظم الشركات الكبيرة تقدم هدايا للناس المؤثرين في محيطهم، سواء أكانوا رجال أعمال أم مؤسسات وشركات تجارية إعلامية أم إعلانية شريكة، (وليس فقط للصحافيين)، رغبة منها في عكس صورة إيجابية عن تلك الشركات وعملها". ولا تعد الهدايا المقدمة للصحافيين ثمينة بل رمزية، كما يقول الأطرش، "حين نقول هدايا لا نتحدث عن هدايا تبلغ قيمتها آلاف الشواقل مثلا، فقد تكون الهدية عبارة عن كتاب أو دفتر أو طبق معمول أو شوكولاتة، شركات المحمول على سبيل المثال تقدم الهدايا للعاملات المؤثرات في مجتمعاتهن في مناسبات كعيد الأم أو يوم المرأة، تلقت زوجتي "موبايل" بصفتها الصحافية، ومن الأمثلة على ذلك أيضا عندما فعّلت شركات الهاتف المحمول خدمة الـ 3G ، إذ قامت بإعطاء عدد كبير من مشتركيها المؤثرين( بمن فيهم الصحافيون) هذه الخدمة بشكل مجاني لفترة معينة، للتأكد من جودة الخدمة قبل إطلاقها". الصورة لكن، وبغض النظر عن قيمة الهدية، ألا يعتبر ذلك عملية إغواء للصحافي، وقد يكون هدفه التأثير على مهنيته كما يرى البعض؟ يجيب: "أنا ضد وصف الإغواء، فهدية زوجتي كمثال كانت تقديرا لها فقط وليس لشراء صمتها، إذ إنه ومن واقع التجربة لم يمنعها ذلك من تناول قطاع الاتصالات بالنقد كلما تطلب الأمر ذلك من خلال برنامجها، بالتالي لا نقبل ولا يمكن أن يكون هناك أي نوع من التأثير على عملنا ومهنيته". يتفق معه الإعلامي ومقدم البرامج الإذاعية، والقائم على مشاريع ريادية سائد كرزون من رام الله، والذي تلقى هو الآخر الهدايا من إحدى الشركات، وجرى توزيعها على المتدربين ضمن أحد المشاريع التي يعمل عليها، وفق ما نشره عبر حسابه (الفيسبوك) إذ يقول: "الهدايا التي قدمت لرياديي (مشروع الجبل) لم تتعد كونها أقلاماً ودفاتر وشنط ظهر خفيفة، أما في (مشروع باص السوشال ميديا) مثلا فقد كانت الهدايا عبارة عن power bank (شاحن خارجي) وحقائب بسيطة، بالتالي كل الهدايا هي رمزية ومتواضعة". وعن أسباب تقديم تلك الهدايا للصحافيين قال كرزون: "العلاقات العامة وتبادل الهدايا ما بين الشركات وما بين الأفراد أمر طبيعي ويحدث في كل العالم، وهدفه الوحيد تعزيز العلاقة الثنائية، علما أنني ومن واقع تجربتي، لا آخذ هدايا من جهة تختلف معي من ناحية القيم، والأهم من ذلك أن تلقي الهدايا من جهة أو مؤسسة لا يؤثر على مهنيتي كصحافي". وحول وجود سياسة لدى المؤسسات تهدف إلى إغواء أو احتواء الصحافيين قال كرزون: " قبل بضعة أعوام ولأننا كنا في بداية انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، فقد كان هذا التهافت من قبل الشركات والمؤسسات قائما، لكن الأمر اختلف الآن، نظرا لأن بعض الصحافيين أنفسهم أصبحوا يتهافتون على الشركات والمؤسسات، ومثال ذلك أن تجد أحيانا صحافيين مدعوين لحضور أمسية تنظمها شركة ما وصحافي آخر غير مدعو، الأمر الذي يدفع الصحافي غير المدعو لانتقاد الشركة أو المؤسسة وانتقاد حتى الصحافي الذي حضر الأمسية!! غير أنه يتوقف عن ذلك النقد إذا ما تمت دعوته لاحقا، لأن ذلك يشعره بأنه مهم". حرب المعلومات الكاذبة...ترويج إلكتروني سعودي ــ إماراتي لحفتر لماذا تمنح الشركات الهدايا للصحافيين؟ ما هي وجهة نظر الشركات التي تمنح الهدايا للصحافيين؟ بالنسبة إلى شركة النبالي والفارس للعقارات في رام الله، تقول مديرة التسويق، شهد خلّه: "لا تخصيص لهدايا معينة لفئة الصحافيين، وإنما حالهم كحال الموردين والجهات الأخرى التي نتعامل معها"، موضحة أنه لدى الشركة قوائم بأسماء تلك الجهات، سواء كانوا موردين أو شركاء أو صحافيين، حيث تقدم لهم الهدايا الرمزية في المناسبات والأعياد بنفس الطريقة والوقت تعبيرا عن الشكر والامتنان، وهو ما يعني أن الهدايا نفسها تقدم للجميع". لكن من وجهة نظر مديرة التسويق، هل تلك الهدايا هي رسالة تقدير واحترام أم أنها بهدف الاحتواء والتأثير عليهم كما يقول منتقدين؟ تجيب خلة قائلة: "القصة غير مرتبطة بشخص نستهدفه لكي يسوق للشركة، والصحافي المهني عليه أن يقوم بعمله بغض النظر إنْ تلقى هدية أم لم يتلق، فمن واجبه أن لا يتأثر عمله نتيجة تلقيه الهدايا، ولو وصلته هدية من شركة ما وتبين له أن هناك ملاحظات على عملهم، عليه أن يُعلي صوته، وإن كان هناك أي نوع من أنواع التأثر، فهو في حالات فردية لصحافيين، بالتالي فإن الأمر يرجع للشخص نفسه". من جهتها، قالت مجموعة الاتصالات الفلسطينية على لسان مدير دائرة الإعلام والاتصال أحمد أبوعليا: "يجب التفريق ما بين الهدايا التسويقية التي تقدم للمشتركين، في إطار المنافسة التجارية، والمعمول بها في مختلف دول العالم، والتي تأتي ضمن حملات الترويج التي تقوم بها الشركات من أجل الحفاظ على مشتركيها، واستقطاب مشتركين جدد، وما بين المواد المستخدمة في العلاقات العامة ما بين شركات المجموعة والشركات الأخرى أو ما يعرف بقطاع الأعمال بمختلف تصنيفاتهم ومسمياتهم". وفي معرض رده حول إن كان الاستهداف يقتصر على فئة الصحافيين عبر تلك الهدايا، قال: "بالنسبة للزملاء الصحافيين، فإنهم جزء أصيل من أبناء شعبنا، يسري عليهم ما يسري على مختلف المشتركين والمستفيدين من الخدمات التي تقدمها شركاتنا، ولا توجد مخصصات لدى هذه الشركات لغرض تقديم الهدايا للصحافيين، ولكن في بعض المناسبات الوطنية أو الدينية، يكون هناك بعض اللفتات التكريمية من قبل إدارات الشركات، ومن باب العلاقات العامة، وتشمل كافة قطاعات الأعمال، وتكون هذه اللفتات رمزية تحمل قيمة معنوية أكثر من قيمتها المادية".  إعلام النظام السوري... التنكيل بالجميع موالاة ومعارضة وجهة نظر الرافضين مع ذلك، تساءل الصحافي جهاد القواسمي من الخليل جنوب الضفة الغربية، عما إذا كان متلقي الهدية سيحصل عليها لو لم يكن صحافيا؟ "لهذا أعتقد أن بعض الشركات والمؤسسات تلجأ لهذا الشكل من العلاقة مع المؤسسة الإعلامية أو الصحافيين لتتم تغطية أعمالها من جهة، ولخشيتها من انتقاد أعمالها في حال كانت لديها تجاوزات ما من جهة أخرى، بالتالي فإن الهدية من وجهة نظري بمثابة ثمن غض الطرف، ولهذا أنا ضد تلقي الصحافي( أو المؤسسة الصحافية) مثل هذه الهدايا بغض النظر عن قيمتها، لأن ذلك قد يحرفه عن طبيعة عمله ومهنيته في تبني قضايا الناس إذا ما ارتبطت بالمؤسسة التي منحته الهدايا". الصحافي القواسمي قال إن هناك ما هو أخطر من ذلك "في بعض الحالات تكون لدى الصحافي قضية على شركة أو مؤسسة ما، فيلجأ إلى استثمار ما لديه، الأمر الذي يدفعها لأن تعطيه هدية قيّمة وثمينة، وقد يصل الأمر أحيانا حتى لدفع المال، أضف لذلك أن من المآخذ على بعض الصحافيين والمؤسسات الإعلامية، أن شركات تحتكر الأسواق في قطاعات معينة، عليها الكثير من الملاحظات والانتقادات لعملها أو ما تقدمه للمستهلكين، لكن إعلاناتها هي لدى تلك المؤسسات الإعلامية، أو لكون المؤسسة الإعلامية تلقت هدايا من تلك الجهات، ما يؤدي إلى التغاضي أو غض الطرف عن تلك الانتقادات، الأمر الذي يجعل تلك الجهة الإعلامية أو الصحافي مجرد بوق لمثل تلك المؤسسات أو الشركات". الضغط عبر الإعلانات  يحذر مدير دائرة الاقتصاد في صحيفة الحياة الجديدة، ومنسق شبكة الصحافيين الاقتصاديين أيهم أبوغوش من أن الهدايا غالبا ما تكون على شكل إعلانات من قبل الشركات الكبرى لدى المؤسسة الإعلامية لا على شكل هدايا فردية، وتناول كيف رفضت صحيفته المساومة والتأثير على القرار التحريري مقابل استمرار الإعلان فيها من قبل إحدى الشركات المعلنة، قائلا: "قبل بضع سنوات نفذت مع زميل لي تحقيقا صحافيا مرتبطا بإحدى الشركات التي تسيطر على قطاع خدماتي كبير، وقبل أن نقوم بعملية النشر اتصلت الشركة بمسؤولي الجريدة وحاولوا ممارسة الضغط من أجل منع نشر التحقيق مقابل حملة إعلانية تتلقاها الصحيفة، لكن قرار المسؤولين في الصحيفة كان مهنيا بفصل العملية الصحافية عن قسم التسويق فيها، وبالتالي تقرر النشر وهذا ما حصل، وبهذا تغلبت المهنية على المساومة التي عرضت على الصحيفة والفوائد المالية التي من الممكن أن تجنيها مقابل ثنينا عن نشر التحقيق، ورغم أن الشركة حجبت لاحقا إعلاناتها ولفترة طويلة عن الصحيفة، إلا أن هذا المثال يؤكد تعرض المؤسسات الإعلامية لضغط دائم خاصة من كبار المعلنين لتجنب الخوض في مواضيع تمس الشركات، وأحيانا يلقى الأمر تجاوبا عند المؤسسات الإعلامية نتيجة الظروف المالية الصعبة بكل أسف". ويرى مدير دائرة الاقتصاد في صحيفة الحياة الجديدة، أن لا ضير في أن يتلقى الصحافي بعلم مؤسسته هدايا زهيدة غير مشروطة لتوجيه التغطية الصحافية، "مثل تلك الهدايا تجيزها كبريات المؤسسات الإعلامية في العالم ولكن ضمن ضوابط مثل تحديد قيمة هذه الهدية ودون أن تكون هناك شروط، وتلك الهدايا تأتي في سياق تنظيم فعاليات اقتصادية معنية، أو إذا كان هناك افتتاح مؤسسة، أو ذكرى تأسيس شركة، وتكون عبارة عن (معدات مكتبية أو أجندات أو حتى فلاشات كمبيوتر ) تقدم للمدعوين سواء أكانوا صحافيين أم غير صحافيين، بمعنى أنها غير موجهة لفئة دون أخرى، وقد سبق لصحافيين أن تلقوا مثل تلك الهدايا (وبعلم مؤسساتهم غالبا)، غير أن الخطورة تكمن في الهدايا القيّمة المرهونة بطبيعة تغطية معينة تُمليها الشركات على الصحافيين، فهذا النوع بالتأكيد يدخل في نطاق الرشوة ويُخل بالعمل المهني، وعليه فإن موضوع الهدايا برمته يحتاج إلى مدونة سلوك مهني أو ميثاق شرف مهني يضبط عمل الصحافيين الاقتصاديين، وتبيان ما هو مسموح وما هو مُخل بالمهنية، وذلك ما نعمل عليه حاليا بالتعاون مع نقابة الصحافيين الفلسطينيين، الإطار الناظم والحاضن للشبكة".  انقلابات الناصريين.. من معاداة إسرائيل إلى التحريض على المقاومة ماذا تفعل وسائل الإعلام الدولية؟ الصحافي محمد دراغمه والذي يعمل في إحدى وسائل الإعلام الأجنبية شدد على أنه يُحظر على الصحافي تلقي الهدايا من أي جهة كانت، لأنه قد يكون لها تأثير على القرار التحريري والتغطية الصحافية، قائلا: "الصحافي المستقل لا يشرب حتى فنجان قهوة على حساب أي جهة، مع ضرورة الإشارة إلى أن جميع وسائل الإعلام الدولية المهنية، مثل الوكالة الفرنسية أو الأسوشييتد برس وغيرهما لديها لوائح وقواعد سلوك داخلية لأخلاقيات التغطية الصحافية تسمى (Code of Conduct) وهذه القواعد تحظر على الصحافي تلقي أي خدمات نقدية أو عينية أو تذاكر سفر، ولو سافر هؤلاء الصحافيون كمراسلين على متن طائرة الرئيس مثلا، فيجب عليهم دفع ثمن التذكرة، وحتى إن لم يكن معمولا بهذا النظام، يتم التبرع بقيمة التذكرة لمدرسة أو جهة ما". ويوافقه الرأي مدير مشاريع "بي بي سي ميديا أكشن" سابقا والمتخصص في أخلاقيات الإعلام وليد بطراوي، قائلا: "تنص اللوائح الداخلية في الكثير من المؤسسات الإعلامية الدولية ومنها الـ"بي بي سي" على أنه إذا تلقيت هدية ما، فعليك أن تصرح بذلك، كي لا يتهمك أحد بأنك أخذت أي نوع من الرشوة. وفق ذلك وبمجرد أن تصلنا أي هدية، وحتى لو كانت رمزية كالحلويات التي تصل في مناسبات معينة، نقوم بتعبئة نموذج تصريح، نورد فيه كل التفاصيل المتعلقة بالهدية ومناسبتها وقيمتها والجهة التي قدمتها، وفي حال لم نقم بذلك فسنتعرض للمساءلة. وقد سبق لي أن تلقيت هدية كانت عبارة عن جهاز هاتف ذكي، وبطبيعة الحال قمت بالتصريح عن هذه الهدية ومناسبتها، وبمجرد أن تركت منصبي قمت بتسليم الجهاز للمؤسسة، لأنني استلمت الهدية كمدير للمؤسسة وليس لي بشكل شخصي، غير أني وبإذن من المؤسسة احتفظت بالرقم لأنه أصبح رقمي المتداول". وحتى وإن افترضنا أن الهدف من تلك الهدايا الرمزية أو غير الرمزية الدعاية والإعلان، يضيف بطراوي قائلا إن على الصحافيين أن يطوروا في وسائل الإعلام التي يعملون فيها مبادئ حول هذا الموضوع، بحيث تكون هناك مدونات سلوك ولوائح داخلية تحكم هذا العمل، خاصة مع احتمال تأثير تلك الهدايا على القرار التحريري لدى بعض الصحافيين في بعض المؤسسات الإعلامية المحلية". ما يؤكده المصادر السابقة يتفق مع نتائج دراسة السياسات التحريرية في الصحافة الفلسطينية الميدانية والتي شملت 30 مؤسسة من وسائل الإعلام الفلسطينية في الضفة المحتلة وقطاع غزة المحاصر والشتات، واستهدفت العينة 50 مراسلا ومذيعا ومعد أخبار ومحررا، وفي محور تضارب المصالح والقبول بهدايا من مصادر الأخبار تؤكد الباحثة خليل، أن تلقي الهدايا أو الخصومات سواء من السفارات أو القناصل أو الشركات لم يحظ بأي نقاش جدي في غرف الأخبار في وسائل الإعلام الفلسطينية اليومية، أو بين مجموعات الصحافيين، وحتى في حال حظي بنقاش مهني فإنه لم يخرج بأي مخرجات ملموسة. وعلى سبيل المثال، من المألوف أن توزع شركات فلسطينية على الصحافيين أجهزة الحاسوب أو أجهزة الهاتف المحمول، أو أن يحظوا بخصومات وعروض خاصة بسبب كونهم صحافيين، ولا يختلف الأمر مع البنوك وغيرها من المؤسسات التي تغدق على الصحافيين سواء عبر السفر المغطى التكاليف أو عبر حفلات الاستقبال أو الإفطارات في شهر رمضان الكريم. وبينت الدراسة من خلال استطلاعات الرأي للصحافيين والمحررين أن 90% من فئة مراسل /مقدم/مذيع لا وجود لملاحظات في مؤسساتهم حول تلبية دعوات الولائم والأمسيات من المصادر، بينما قال 95% من المحررين إنه لا توجد ملاحظات أيضا. وردا على سؤال هل توجد في وسيلتك الإعلامية أي تعليمات مكتوبة أو شفوية حول تلقي المراسل أو المحرر للهدايا من الشركات أو وسائل الإعلام؟ أجاب 86% من المراسلين ومقدمي البرامج والمذيعين بعدم وجود أي تعليمات، و13.6% منهم أجابوا بأنه توجد تعليمات شفوية، أما المحررون، فإن 57.9% منهم أجابوا بأنه لا توجد أي تعليمات و31.6% قالوا إنه توجد تعليمات شفوية و10.5% أجابوا بأنه توجد تعليمات مكتوبة. أما سؤال: هل توجد أي تعليمات في وسيلتك الإعلامية حول تلقيك دعوة سفر تكون نفقتها على حساب الداعي من شركات أو مؤسسات أو أحزاب أو قنصليات أو سفارات؟ فأجاب 90% من مقدمي البرامج والمراسلين والمذيعين عليه بأنه لا توجد أي تعليمات. وتصل الدراسة إلى نتيجة حول محور الهدايا وتؤكد أنها "تعكس تضارب المصالح وعدم وجود معايير ملزمة تبحث في هذا الأمر، ولعل أحاديث غرفة التحرير والمراسلين عن أهمية العلاقات العامة لخلق أفق لأعمال جزئية للمراسلين والمحررين من جهة، والمحافظة على تدفق الإعلانات من جهة أخرى، تبرر لماذا لم يتخذ الإعلام الفلسطيني أي معايير حازمة حول كل هذه الممارسات التي تعكس حقيقة تضارب المصالح بشكل سافر". أين الدور النقابي؟ أين دور النقابة؟ يرد رئيس لجنة أخلاقيات وقواعد المهنة في نقابة الصحافيين حسام عز الدين، قائلا: "ما نعلمه أن بعض الصحافيين يتلقون هدايا من مؤسسات مختلفة، ولكن غالبية هذه الهدايا ليست ثمينة، وتأتي في سياق حملات ترويجية لهذه المؤسسات (كقميص يحمل شعار المؤسسة، أو دفاتر مذكرات، أو يو بي س) ولا يكون الصحافيون مستهدفين بالدرجة الأولى من قبل المؤسسات، وقد تكون نظرة الشركة للصحافي في هذه الحالة على أنه زبون ليس أكثر، أما الهدايا غير عينية نظير نشر تقارير صحافية عن مؤسسات بعينها فليس لدي تأكيدات حولها، كما لا علم لدينا أيضا إنكانت هناك هدايا قيّمة تقدم لصحافيين بشكل خفي". وشدد عزالدين، على وجوب رفض الصحافي الهدايا بغض النظر عن قيمتها "لأنها حين تقدم لا تُعرف الغاية من ورائها، هل هي ترويج أم أنها بهدف إغواء الصحافي، وفي كلتا الحالتين فإن رفضها يهدف إلى إبعاد الصحافي حتى عن الشبهات، وخوفا من أن يتأثر القرار التحريري بالهدية على اعتبار أن التقرير يبدأ من عند الصحافي، وبالتالي يدفع الثمن في لحظة ما، بحيث يمتنع عن نشر الحقيقة في حال كان يجري تحقيقا أو تقريرا صحافيا عن تلك المؤسسة، وذلك على حساب حق الرأي العام في الحصول على الحقيقة". الصورة وعلى الرغم من أن مدونة السلوك التي اعتمدتها نقابة الصحافيين قبل أكثر من عامين ووزعت عبر مختلف وسائل الإعلام، وحثت الصحافيين في المادة 18 على الابتعاد عن الشركات المعلنة، وترك هذه الأمور لموظفي الإعلانات في المؤسسات الإعلامية، لأن عمل الصحافي في الجانب الإعلاني يتنافى مع أخلاقيات وقواعد مهنة الإعلام، ونصت في المادة 19 بشكل واضح على (رفض أي هدايا من المؤسسات والشخصيات السياسية) وتجنب قبول الهدايا حتى ولو كانت الهدية بسيطة جدا، إلا أن رئيس لجنة أخلاقيات وقواعد المهنة في نقابة الصحافيين قال صراحة إنه لا توجد ضمانات لكي يقوم الصحافي بالإفصاح عن الهدايا التي تلقاها بالتالي، قد يمضي المحتوى كما هو بعيدا عن الحقيقة حتى يأتي صحافي آخر للكشف عنه. وحول دور النقابة في المحاسبة، طالما أن المدونة لا تحمل صفة الإلزام يقول عزالدين: "رفض الهدايا يقع بداية على الصحافي نفسه أولا، وعلى الصحافيين الالتزام بأخلاقيات وقواعد الإعلامي المحترف علما أن هذا الالتزام بأخلاقيات المهنة نسبي لدى الصحافيين، أما في ما يخص المحاسبة، وطالما أننا نتحدث عن التزامات أخلاقية، فإننا لغاية الآن لم نصل إلى مستوى محاسبة الصحافي على خرق هذه الأخلاقيات، غير أن هناك محاولات في هذ الصدد". لكنه أشار إلى مسؤولية المؤسسة الإعلامية، وعلى رئيس التحرير التي يعمل فيها الصحافي أن يعمل على تحذير العاملين لديه من هذه القضية، واتخاذ تدابير عقابية بحق من يقبل الهدية ولا يفصح عنها، وتابع: "حتى أن المؤسسة الصحافية نفسها من المفروض أن تلتزم هي أولا بقواعد أخلاقيات المهنة ورفض الهدايا إذا أرادت أن تحافظ على مصداقيتها، لكن للأسف فإن غالبية المؤسسات الإعلامية لا أعتقد أنها وصلت إلى أدنى المستويات لرفض الهدايا، بل إن غالبيتها ما زالت خاضعة للشركات المعلنة". الصورة علاقة الهدايا بالرواتب يرى بعض الصحافيين أن المؤسسات الإعلامية لا تنصف الصحافي ماليا، فيصبح مهتما بالحصول على هدايا من هنا وهناك، وهنا يقول حسام عزالدين: "قد يكون ذلك صحيحا، ولكن هذا الأمر لا يبرر للصحافي الوقوع في المحظور". في ذات الإطار اعتبر مدير عام المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى) موسى الريماوي أن مسألة الرواتب والأجور للصحافيين تؤثر على الصحافي قائلا: "قلة الرواتب قد تجعله يوافق على قبول هذه الهدايا، بالتالي فإن هذا يقتضي أن ترفع المؤسسات الإعلامية سقف الرواتب للصحافيين لكي يكونوا قادرين على العيش بكرامة، ولكي يكونوا فعلا محصنين ضد أخذ الهدايا أو الرشوة، ليتمكنوا بذلك من ممارسة دورهم الرقابي، وأن يتناولوا المواضيع بالنقد، كما أن أخلاقيات العمل الصحافي تلزم الصحافي برفض تلقي أو تقبل الهدايا،كي يخرج من هذه الظلال أو الشبهة". بات واضحا، يقول مدير عام مدى، أن الشركات الخاصة، (والكبيرة منها) تستهدف الصحافيين عبر تقديم الهدايا لهم، في محاولة منها لتلميع صورتها قدر الإمكان، وتخفيض النقد الموجه لها في القضايا التي تهم المواطن والتي لها علاقة بالمستهلكين بشكل عام، وأضاف: "ما يزيد الطين بلة هنا، أن المؤسسة الإعلامية في هذه الحالة تصبح رقيبة على نفسها وتمارس الرقابة الذاتية على الصحافيين لديها بخصوص القضايا التي تخص هذه الشركة أو المؤسسة الخاصة، قبل أن يكون الصحافي رقيبا على نفسه، خاصة إذا ما علمنا أن درجة الرقابة الذاتية لدى الصحافيين تصل أحيانا إلى حوالي 90%، ولا تأتي فقط خوفا من الأجهزة الأمنية أو السلطات بشكل عام، وإنما في جزء منها للشركات نفسها".    


الحصاد draw: كامران قره داغي - كاتب كردي  بدأت أغرب مقابلة أجريتها مع مسؤول خلال عملي في الصحافة. رئيس دولة يتبادل الأدوار مع الصحافي! كان عام 1990 حافلاً بأحداث وتطورات تاريخية في المنطقة غيّرت سياسات الشرق الأوسط، الذي ما زال يواجه تداعياتها حتى اليوم. وكان طبيعياً أن تؤثر تلك الاحداث والتطورات مباشرة في الوضع الكردي، تحديداً في العراق وتركيا. الحدث الأبرز كان طبعاً الغزو العراقي للكويت في الثاني من آب/ أغسطس 1990. لكن حتى قبل الغزو بأشهر كانت تصريحات صدام حسين النارية تصعّد التوترات في المنطقة، خصوصاً إعلانه في نيسان/ أبريل أنه قادر على إحراق نصف اسرائيل. جاء ذلك بعد اعتقال مراسل صحيفة “ابزورفر” البريطاني من أصول إيرانية فرزاد بازوفت، الذي كان يقوم بمهمة صحافية وإعدامه في 15 آذار/ مارس بتهمة التجسس. لكن القوى الإقليمية والدولية لم تكن تتوقع أن تصل الأمور بصدام إلى حد غزو دولة عربية جارة. وحدهما الكردي جلال طالباني والعربي أحمد الجلبي، حذّرا علناً في لندن من أن صدام لن يتورع عن غزو الكويت. في أيار/ مايو من عام الغزو العراقي للكويت دُعي طالباني إلى إلقاء كلمة في المعهد الملكي لشؤون السياسة الدولية “تشاتهام هاوس” تحدث فيها عن العراق والوضع الكردي واعتبر أن صدام يفكر بغزو الكويت، الأمر الذي قوبل بإنكار من الحاضرين حتى أن ديفيد غوربوث (توفي في 2004) وكان وقتها مسؤولاً عن دائرة الشرق الاوسط في الخارجية البريطانية وكان بين الحاضرين ويعرف طالباني شخصياً، رد عليه بأن ما قاله مبالغة لا أساس لها.  غوربوث لم يكن المسؤول الغربي الوحيد الذي اعتبر كلام طالباني مبالغاً فيه. إذ لم يختلف موقفه عن مواقف مسؤولين أميركيين كانوا يعتبرون أن الولايات المتحدة مستعدة للتعامل مع العراق، على أساس أنه بقيادته يمكن أن يلعب دور شرطي المنطقة لضمان تدفق النفط، من دون عراقيل، شرط أن يدرك حجمه وحدود قدراته. كنت أعرف الباحث الخبير في الشؤون التركية والشرق الأوسط آلان ماكوفسكي الذي كان وقتها ديبلوماسياً في قسم التخطيط السياسي في وزارة الخارجية. لاحقاً أصبح ماكوفسكي أحد المسؤولين عن تنفيذ عملية “بروفايد كومفورت” لإنشاء ملاذات آمنة لكرد العراق في 1991 والتقيته في تركيا أيضاً. فوجئت بأن قسم الشرق الأوسط ومكتب العراق الذي كان عملياً يديره ماكوفسكي، لم يكن فيهما أحد يعرف اللغة العربية. وعندما طلبت من ماكوفسكي أن يرتب لي لقاء مع مسؤول متخصص في الشأن العراقي، قال بإحباط واضح إن قسم الشرق الأوسط في الوزارة لا يوجد فيه أي خبير في هذا الشأن، وأن الوحيد الذي يمكن أن يفيدني هو آرون ديفيد ميلر ،الذي كان نائباً لرئيس قسم التخطيط السياسي. معروف أن ميلر ورئيس قسمه آنذاك دينس روس كانا متخصصين في النزاع الإسرائيلي– الفلسطيني. وكما توقعت اقتصر حديث ميلر معي على العموميات في ما يتعلق بالوضع العراقي. في نهاية المطاف، كل الذين تحدثت معهم في واشنطن من مسؤولين وخبراء، أجمعوا على أن الولايات المتحدة ماضية في التعامل مع صدام حسين، واعتبروا أنه يمكن أن يكون شريكاً قوياً لأميركا، قادراً على توفير الأمن في المنطقة وضمان تدفق النفط، خصوصاً أنه خرج منتصراً من الحرب مع إيران. ولم يمر سوى شهر ونيف حتى انهارت تلك التوقعات والآمال الأميركية بين عشية وضحاها.  غير غزو الكويت جذرياً تعامل وسائل الإعلام العالمية والعربية مع النظام العراقي، فقد زالت جميع المحرمات التي كانت تمنع (أو تقيّد) الحديث عن الجرائم الفظيعة التي كان يرتكبها النظام البعثي في العراق. غير غزو الكويت جذرياً تعامل وسائل الإعلام العالمية والعربية مع النظام العراقي، فقد زالت جميع المحرمات التي كانت تمنع (أو تقيّد) الحديث عن الجرائم الفظيعة التي كان يرتكبها النظام البعثي في العراق. بين ليلة وضحاها صارت أنظمة ووسائل إعلام عربية توجه الاتهام مباشرة إلى صدام حسين وابن عمه علي حسن المجيد “الكيماوي”، بأن الأول أمر والثاني نفذ عمليات الأنفال سيئة الصيت واستخدما الأسلحة الكيماوية ضد الكرد. ومنذ ذلك الحين وإلى سنوات لاحقة كان العراق بأحواله وأهواله يتصدر أخبار وسائل الإعلام العربية.  هذه التطورات جعلتني وبتشجيع من رئاسة التحرير أركز اهتمامي على الشؤون العراقية والكردية، ما فتح المجال للتواصل مع المعارضين العراقيين ونقل آرائهم ومعلوماتهم.  هل ينسحب صدام؟ طوال أشهر بعد غزو الكويت كان اللغز الرئيسي الذي حيّر الرأي العام والسياسيين والخبراء يتركز على السؤال، هل سينسحب صدام من الكويت وهل ستشن أميركا حرباً على العراق في حال رفض الانسحاب؟ في الإطار ذاته، كانت محطات التلفزيون والإذاعات العربية والغربية غالباً ما تستضيف محررين في “الحياة” للحديث عن التطورات. وإذ كان الاتحاد السوفياتي آنذاك ما زال يعتبر القوة العظمى الثانية في العالم، فإن موقفه في حال وقعت الحرب  كان جزءاً من اللغز، الأمر الذي استدعى عقد قمة أميركية– سوفياتية في 7 أيلول/ سبتمبر من ذلك العام في العاصمة الفنلندية هلسكني، بين الرئيسين جورج بوش وميخائيل غورباتشوف، فأوفدتني “الحياة” لتغطية وقائعها.  القمة انتهت إلى الإعلان عملياً عن نهاية الحرب الباردة واعتراف الاتحاد السوفياتي ضمناً بأن الولايات المتحدة أصبحت القوة العظمى الوحيدة في العالم. هكذا استنتج المراقبون أن موسكو لن تكون في وضع يجعلها قادرة على رفض استخدام القوة العسكرية ضد العراق أو منعها، على رغم إعلانها أنها ستستمر في جهودها لإقناع العراق بالانسحاب سلمياً من الكويت. معروف أن غورباتشوف كلف وقتها مبعوثه يفغيني بريماكوف بالسفر إلى بغداد أكثر من مرة لإقناع صدام حسين بالانسحاب، لكنه فشل في مهمته. في 17 كانون الثاني/ يناير 1991 لم يعد الأمر لغزاً، إذ بدأت عمليات القصف التي شنتها قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد العراق، استعداداً لحرب تحرير الكويت في ما عرف بـ”حرب الخليج الثانية”. حشد القوات والاستعدادات لتحرير الكويت بدأ في 7 آب/ أغسطس 1990 تحت مسمى “درع الصحراء”. وأطلقت تسمية “عاصفة الصحراء” على المرحلة الثانية، بعد استكمال تحرير الكويت، وتمثلت في مطاردة القوات العراقية المنهزمة إلى داخل العراق واحتلال أجزاء من جنوبه. هذه المرحلة الأخيرة استمرت من 17 كانون الثاني حتى 28 شباط/ فبراير 1991. في صباح اليوم الذي بدأ فيه القصف، ما أن وصلت إلى مكتب “الحياة”، حتى جاءني المدير العام روبيرت جريديني وأبلغني بأن رئاسة التحرير قررت أن أسافر فوراً إلى تركيا. في اليوم التالي كنت في طريقي جواً إلى أنقرة، ومنها إلى دياربكر والحدود التركية – العراقية حيث أمضيت أكثر من شهر قبل أن أسافر إلى اسطنبول لاجراء مقابلة “تارخية” مع الرئيس أوزال والعودة إلى لندن. كان على المراسلين الأجانب التوجه إلى دياربكر حيث أقيم مكتب إعلامي لحلف الأطلسي رأسه ضابط تركي اسمه الكولونيل خليل. لماذا ديار بكر؟ لأن قاعدة جوية تركية كانت موجودة فيها وتستخدمها طائرات تابعة للأطلسي، إضافة إلى قربها من الحدود العراقية. الكولونيل رتّب للمراسلين الأجانب زيارة إلى القاعدة الجوية، حيث أمضينا بضع ساعات تناولنا خلالها طعام الغداء على مائدة مضيفنا، شاركنا فيها ضباط أتراك توزعوا معنا على الموائد. قبل الغداء سمحوا لنا بمشاهدة عملية انطلاق مقاتلات تركيا من القاعدة، قيل لنا إنها في إطار عمليات تدريبية. خلال الغداء حاولنا أن نعرف من الضباط الذين كانوا يشاركوننا الغداء إن كانت الطائرات انطلقت فعلاً للتدريب أم للمشاركة في قصف القوات العراقية، لكن الضباط كانوا يردون على أسئلتنا بالابتسامات ويسألوننا في المقابل إن أعجبنا الطعام التركي. إلى ذلك شاهدنا منصات لصواريخ “باتريوت” منتشرة في أطراف القاعدة، فيما كانت طائرات نقل أميركية وغربية عملاقة تهبط على أرض القاعدة فيقوم الجنود باخراج معدات حربية منها وينقلونها إلى العنابر. عدا ذلك ومع مرور الوقت أدركنا أننا لن نشهد أي حدث مثير في القاعدة. لكن فجأة ونحن نتمشى قرب مدارج الطائرات في انتظار سيارات عسكرية تقلنا إلى فنادقنا حدث ما لم نتوقعه: طائرة شحن عملاقة تختلف في شكلها عن طائرات الشحن الأميركية بدأت الهبوط على أحد المدارج، وعندما هبطت وبدأت تتحرك ببطء قبل توقفها، شاهدنا على جانبها شعار شركة الخطوط الجوية السوفياتية المشهورة “آيروفلوت”. وما أن توقفت حتى هرع إليها الجنود وبدأوا إخراج معدات حربية منها. أذكر أنني أرسلت في ذلك اليوم تقريري إلى “الحياة”، مشيراً فيه إلى أن انتظارنا في القاعدة الجوية لم يكن عبثاً، بعدما انتهى بمفاجأة “آيروفلوت”. التقرير نشر في الصفحة الأولى. الكولونيل خليل كان المراسلون الأجانب والأتراك يلتقون يومياً في مقر حلف الأطلسي، بحثاً عن أخبار ومعلومات محددة في شأن التطورات العسكرية، لكن الكولونيل خليل كان يكتفي بابتسامة، رداً على أي سؤال حول مشاركة محتملة للقوات التركية في الحرب على العراق، أو ما اذا كانت الطائرات الحربية التركية التي تنطلق يومياً من قاعدة ديار بكر كانت تشارك في عمليات القصف على أهداف عراقية. في الأثناء، كانت لي قصة مع الكولونيل خليل.  كان على المراسلين الأجانب أن يحصلوا على بطاقة صحافية من مقر الأطلسي تسمح له بالتنقل في المنطقة. الإجراءات كانت تستدعي ترك جوازات سفرنا لدى مكتب الاستقبال في المقر الذي كان يعيده لحامليه مع البطاقة الصحافية وعادة لم يكن يستغرق الأمر يوماً أو يومان. لكن مضت ثلاثة أيام بعد تقديمي جواز سفري العراقي وقتها من دون إنجاز معاملتي، وكان موظف الاستقبال يجيب عن استفساري بأن القضية عند الكولونيل خليل. في اليوم الثالث أو الرابع التقيت الكولونيل خليل وجهاً إلى وجه في حمام المقر. سلمت عليه وسألته، هل هناك مشكلة تمنعك من إصدار البطاقة الصحافية لي؟ لم يبتسم كعادته، لكنه سألني عابساً، أي منطقة تنتمي إليها في العراق؟ أدركت من سؤاله أن التأخير لم يكن إجراءً إدارياً بحتاً بل كان لمعرفته بأنني كردي ما يجعلني مشتبهاً به. لم أجبه عن سؤاله لكنني فاجأته بقولي، بلغة تركية بسيطة، أنني من كركوك التي درست فيها في طفولتي عندما كان والدي والياً (محافظا) عليها في العهد الملكي. لم ينتظر الكولونيل أن أكمل كلامي، علت وجهه ابتسامة عريضة وقال: “لماذا لم تقل منذ البداية إنك تركماني؟”. ثم طلب أن ارافقه فوراً إلى مكتبه لإصدار بطاقة الاعتماد! منذ ذلك الوقت أصبحت العلاقة بيننا ودية للغاية، وكان يحرص على تلبية طلباتي ويبحث عن مكان جلوسي خلال مؤتمراته الصحافية اليومية.   بعد الزيارة التي قام بها المراسون إلى قاعدة ديار بكر ولشح المعلومات في مقر الأطلسي كنا نسعى إلى زيارة بلدات وقرى قريبة من الحدود العراقية. بعضه كان ينظمه لنا مرافقونا من مديرية الاعلام التابعة لرئاسة الوزراء لكننا كنا نسعى أيضاً إلى التنقل من دون رقابتهم. إحدى الزيارات التي نظمها لنا المرافقون كانت إلى مدينة حكاري عاصمة المحافظة التي تحمل الاسم ذاته، وهي منطقة جبلية تقع في أقصى الجنوب الشرقي، وتتاخم محافظة دهوك في إقليم كردستان العراق. كانت تركيا تراقب حدودها مع العراق مترقبة تدفق لاجئين عراقيين، هرباً من الحرب، إلى حد أن الهلال الأحمر التركي أقام مخيمات في بعض المناطق. وكان بلغنا أن لاجئين عبروا الحدود بالفعل إلى حكاري. توجهت مجموعة من المراسلين، كنت من بينهم في باص، إلى هناك، وكان البرد يشتد كلما ازداد اقترابنا من وجهتنا، حتى أن الثلوج بدأت تتساقط بعد منتصف الطريق، فتوقفنا أمام مقر لحراس القرى على جانب الطريق (الصورة)، طلباً للراحة، وبعد احتساء الشاي واصلنا السفر. قبل أن ننطلق مجدداً، سألنا شرطياً كان أمام المقر إن كان يعتقد أن تركيا ستدخل الحرب، فأجاب بالتركية: “ستدخلها يواش يواش”! من حكاري أرسلت إلى “الحياة” تقريراً نشرته تحت عنوان “تركيا ستدخل الحرب يواش يواش”. حكاري بلدة خضراء جميلة تحيطها الجبال، وكانت تغطيها الثلوج عندما وصلنا إليها. التقينا في مبنى مؤلف من طبقات عدة، بضع عائلات مسيحية لجأت إلى حكاري من قرى حدودية في كردستان العراق. ردوا على أسئلتنا بأنهم فروا خوفاً من قصف محتمل لمناطقهم، وأنهم خاطروا بحياتهم بالسير مسافات طويلة وسط الثلوج، قبل أن يعبروا الحدود إلى تركيا وطلبوا اللجوء فنقلتهم السلطات المحلية إلى هذه البناية، ووفرت لهم بعض وسائل الراحة والدفء والطعام، لكنهم لا يعرفون ماذا سيحدث لهم مستقبلاً. بعد تجوال في المدينة ذهبنا إلى دائرة البريد الرئيسة، وسط المدينة ومنها أرسلنا تقاريرنا بالفاكس ومن هناك تحركنا مجدداً عائدين إلى ديار بكر. عندما جلست إلى جانب أوزال كان يمسك بيده الريموت كونترول ويشاهد مباراة لكرة القدم بين فريقين تركيين. وكان يُعرف عنه حبه لكرة القدم ومتابعته مبارياتها. واصلت عملي في تركيا لأكثر من شهر، متنقلاً بين ديار بكر وجزري ووان وماردين وأطرافها، من قرى كان بعضها مدمراً وبعضها الآخر هجره سكانه إلى المدن قسراً أو طوعاً، بسبب المعارك بين الجندرمة الركية والـ”غوريلا” الكردية. وطوال ذلك الوقت كنت أواصل ارسال التقارير إلى “الحياة”. أخيراً وافق رئيس التحرير على أن مهمتي انتهت وأستطيع العودة إلى لندن. لكنني قبل  مغادرة ديار بكر أرسلت بالفاكس طلباً إلى كايا توبيري المستشار الإعلامية للرئيس تورغوت أوزال، لإجراء مقابلة صحافية مع الرئيس فأجابني بفاكس خلال ساعات، بأنه تم تحديد موعد للمقابلة في الثاني من شباط في مقر إقامة أوزال في النادي العسكري في اسطنبول مع ذكر الوقت. سررت  بالخبر مع أنني استغربت سرعة الرد بالموافقة. في اليوم التالي، سافرت إلى اسطنبول وبعد يوم آخر اتصلت بتوبيري فاقترح أن التقيه صباحاً في نادي الجيش قبل موعدي مع أوزال مساء. كان النادي يقع قبالة فندق هيلتون التابع له، والمسافة بينهما لا تستغرق سوى بضع دقائق مشياً. استقبلني توبيري بحرارة وسألني عن زيارتي ديار بكر والمناطق الأخرى ومشاهداتي وانطباعاتي، وكان في أثناء ذلك يدون كلامي في دفتر ملاحظاته، ما أثار المزيد من استغرابي. أخيراً ودعني على أمل اللقاء مجدداً مساء لإجراء المقابلة مع رئيسه.    تورغوت اوزال كان أوزال اتخذ موقفاً قوياً ضد النظام العراقي، وما أن صدر قرار مجلس الأمن بإدانه غزو الكويت، حتى أمر أوزال فوراً بإغلاق أنبوب النفط العراقي المار بالأراضي التركية. فوق ذلك، كان يحث المؤسسة العسكرية على الانضمام إلى التحالف الدولي والمشاركة في الحرب، في حال شنها التحالف، حتى إنه صرح مرة بأن الجيش التركي نسي كيف يقاتل لأنه لم يشارك في حرب منذ الحرب الكورية في منتصف الخمسينات. وعندما أعلن رئيس هيئة الاركان وقتها الجنرال الفريق أول نجيب طورومطاي في تحد واضح لأوزال، أن المؤسسة العسكرية ترفض المشاركة في أي قتال إلى جانب قوات التحالف الدولي، رد عليه أوزال في تصريح علني أن السياسة الخارجية وفقاً للدستور يقررها رئيس الجمهورية وأن أي مسؤول عسكري أو مدني لا يتفق معه يمكنه أن يتخلى عن وظيفته. ولم تمر أيام حتى أعلن طورومطاي استقالته واختارت رئاسة الأركان الفريق أول دوغان غيوريس خلفاً له. كانت تلك المرة الأولى التي يخضع فيها رئيس الأركان لرئيس دولة مدني. عزز ذلك سلطة أوزال وجعل المراسلين الأجانب يلحون على توبيري لترتيب لقاءات مع رئيسه. توبيري، الذي كان يلازم أوزال في حله وترحاله كان ودوداً مع المراسلين فزادت شعبيته بينهم، وكان يبذل جهده لتلبية طلباتهم. كان أوزال يقيم عادة في جناح واسع خاص في الطبقة 21 في نادي الجيش، خلال وجوده في اسطنبول، حيث كان يواصل مهماته الرسمية. وكان لتوبيري مكتب صغير في الجناح أيضاً. رحب بي أوزال بالتركية فرددت على تحيته بالتركية أيضا ودعاني إلى أن  أجلس على مقعد جنبه، فيما جلس توبيري على مقعد يقابله. أسرعت بتهيئة جهاز التسجيل كي لا أضيع الوقت، إذ كان هناك طابور من المراسلين الأجانب ينتظرون أدوارهم خارج الجناح، خصوصاً أن توبيري حدد 20 دقيقة فقط لكل مراسل. لكنني فوجئت بأوزال يطلب أن أقفل جهاز التسجيل لأنه يريدني أن أجيب على أسئلته قبل أن يجيب عن أسئلتي الصحافية.  هكذا بدأت أغرب مقابلة أجريتها مع مسؤول خلال عملي في الصحافة. رئيس دولة يتبادل الأدوار مع الصحافي! عندما جلست إلى جانب أوزال كان يمسك بيده الريموت كونترول ويشاهد مباراة لكرة القدم بين فريقين تركيين. وكان يُعرف عنه حبه لكرة القدم ومتابعته مبارياتها. بدأ أوزال حديثه بأن لفت انتباهي إلى أن أرض الملعب يكسوها عشب طبيعي. أضاف أن جميع ملاعب كرة القدم في تركيا مكسوة بعشب طبيعي، موضحاً أنه أمر بذلك عندما كان رئيساً للوزراء وتم ذلك بالفعل. بعد ذلك فقط أقفل جهاز التلفزيون وانتقل مباشرة إلى الحديث عن الوضع الكردي في العراق، فأدركت أن اسئلة توبيري لي في الصباح لم تكن مصادفة. تابع أوزال بأنه يعلم بأنني كردي وأن لي علاقات مباشرة مع الزعماء الكرد ويهمه أن أجيبه عن أسئلته بصراحة، مشدداً على أن هذا الجزء من حديثنا يجب أن يبقى بيننا وهو ليس للنشر. استجوبني أوزال لساعة كاملة ولم يقتصر الحديث بيننا على أسئلة وأجوبة، بل كان أحيانا يتحول إلى حوار عن الوضع الكردي في العراق وتركيا. استغرق هذا الجزء من الحديث ساعة كاملة، ما أثار قلق توبيري الذي ظل بين فترة وأخرى يشير إلى ساعة يده تنبيهاً إلى أن الحديث طال، وأن هناك مراسلين آخرين ينتظرون دورهم. أخيراً أعلن أوزال أنه جاهز للرد على أسئلتي للنشر. سجلت الحديث الذي استغرق عشرين دقيقة.  ودعني أوزال مبتسماً بمودة فخرجت من جناحه وتوجهت إلى حيث المصعد وسط نظرات استغراب واستفسار من المراسلين الذين كانوا ينتظرون في القاعة. وأنا في انتظار المصعد لحقني توبيري وصافحني قائلاً إن الرئيس “عاملك كأخ وهو مسرور جداً بالحديث معك”. لم يكن يدور في خلدي أن لقائي الصحافي مع أوزال سيؤدي إلى أن ألعب دوراً في إقامة علاقات مباشرة بين القيادة الكردية في العراق والدولة التركية على مستوى رئيسهاـ وتداعيات ذلك لسنوات لاحقة بالنسبة إلى الوضع الكردي في تركيا و”العمال الكردستاني”، بما في ذلك لقاءات مع أوجلان في سوريا ولبنان. كانت تلك بداية لإقامة علاقات مباشرة استمرت عملياً حتى 2010، بيني وبين كبار المسؤولين الأتراك بمن فيهم وزيران للخارجية ورئيس للجمهورية ورئيسان لجهاز المخابرات المشهور MIT وجنرال في مجلس الأمن القومي وسفراء ومسؤولون في الخارجية عن العلاقات التركية– العراقية والتركية– الكردية، ناهيك بعلاقات عمل وصداقات مع شخصيات سياسية وإعلامية تركية وكردية.  لكن ماذا دار بيني وبين أوزال خلال الحديث الخاص؟ هذا ما سأرويه بالتفصيل في الحلقة المقبلة.   DARAJ


الحصاد draw: الشرق الاوسط يسابق المسؤولون عن الاقتصاد التركي الزمن للتخلص من السياسات التدخلية التي قادها بيرات ألبيراق صهر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ووزير ماليته السابق، لكن العودة إلى سياسات اقتصادية تحترم قواعد السوق الحرة قد تعني المزيد من تذبذب سعر العملة التركية الليرة، بحسب وكالة «بلومبرغ» للأنباء. فمنذ الإطاحة بمحافظ البنك المركزي التركي واستقالة ألبيراق من وزارة المالية في وقت سابق من الشهر الحالي، بدأت تركيا رفع القيود التي تمنع المضاربين من خفض قيمة الليرة، كما ألغت قاعدة تمنع المقترضين من تمديد قروضهم ودفع أعلى معدل للفائدة خلال عامين، وفقا لما نقلته «وكالة الأنباء الألمانية» عن «بلومبرغ». ورحب المستثمرون بالعودة إلى مبادئ السوق، مع رفضهم لتأكيدات إردوغان أن الفائدة المرتفعة تغذي معدل التضخم. ويقول المحللون إن الخطوة التالية المنطقية، ستكون تخفيفاً أكثر للقيود على مبادلات العملة وتعاملات المشتقات المالية، التي يمكن للبنوك المحلية القيام بها مع البنوك الأجنبية، والتي كانت قد جعلت الحصول على الليرة التركية في الخارج أمراً مكلفاً للغاية. ويرى المحللون أن هذه الخطوة لن تساعد كثيراً في إعادة بناء احتياطي النقد الأجنبي لتركيا، في حين يمكن أن تزيد الضغوط على العملة المحلية، على الأقل في البداية. ونقلت «بلومبرغ» عن هاكان كارا كبير خبراء الاقتصاد في البنك المركزي التركي منذ 2003 حتى الإطاحة به من منصبه في العام الماضي القول إن «رفع القيود على مبادلات العملة، قد يؤدي إلى تذبذب في احتياطات النقد الأجنبي لدى (البنك المركزي)، وتذبذب أسعار العملة، وهو ما يمكن أن يؤثر سلباً على ثقة الأسواق». وتابع: «على السلطات وضع خطة عمل بالتنسيق مع البنوك لتخفيف القيود على المعاملات الدولية تدريجياً، وفي الوقت نفسه تنظيم مشتريات البنك المركزي من العملات الأجنبي لكي تحل محل المبادلات». وفي إطار جهود إعادة بناء احتياطي النقد الأجنبي المستنزف، تدرس السلطات التركية إعادة تنظيم مزايدات لشراء الدولار بالليرة لأول مرة منذ 2011. بحسب ما نقلته «بلومبرغ» عن مصدر مطلع. وفي حين يمكن أن تؤدي هذه الآلية إلى خلق ضغوط جديدة على الليرة المتراجعة بالفعل، يقول خبراء الاقتصاد إن المسؤولين قد يختارون في البداية طرح سندات دولية في محاولة لزيادة احتياطي النقد الأجنبي، وتأجيل تنظيم مزايدات شراء الدولار حتى تعود أسعار الصرف في السوق إلى المستويات الطبيعية. وجاء الإعلان عن أول طرح للسندات الدولية التركية، في أعقاب إعلان هيئة الرقابة المصرفية التركية يوم الثلاثاء الماضي اعتزامها إلغاء ما تسمى «قاعدة معدل الأصول».


الحصاد draw: صلاح حسن بابان- الجزيرة نت ما زالت الكثير من الشكوك تدور حول العادات والتقاليد الاجتماعية والشعائر الدينية المثيرة لدى الإيزيديين، وهي أقلية عرقية اتخذت من المناطق الشمالية في العراق، خصوصا محافظتي نينوى ودهوك، موطنا لها منذ مئات السنين، مع تشابك الروايات التاريخية حول عبادتهم للشيطان أو الشمس بوجود ملك مقدّس لديهم يدعى "الملك طاووس"، وافتقارهم لزيّ خاص بهم مثل الأقوام الأخرى بجمعهم الزيّ الكردي والعربي في زيّهم الرسمي. معبد لالش في نينوى يعد مقر المجلس الروحاني للديانة الإيزيدية في العالم (الجزيرة نت) تعدد الروايات تعدّدت الروايات التاريخية حول تاريخ وجود دينهم، حيث يعتقد البعض أن الإيزيديين ودينهم وجدا منذ آلاف السنيين، في حين تذهب روايات أخرى إلى أنهم انبثقوا عن الديانة البابلية القديمة في بلاد ما بين النهرين، في تناقض للرواية الإسلامية وغيرها بأن الإيزيدية هي ديانة منشقة ومنحرفة عن الإسلام، في ظل وجود رأي آخر يفيد بأنها خليط من ديانات قديمة عدة مثل الزاردشتية والمانوية، أو امتداد للديانة الميثرائية، حسب الباحث والمؤرخ الإيزيدي خليل جندي. وتعود مفردة الإيزيدية إلى كلمة يزدان التي تعني عبدة الله الذين يمشون على الطريق القويم، حسب تعريف جندي، الذي يقول إن الإيزيدية من الديانات الهندوإيرانية القديمة قبل الديانة الزاردشتية، التي تعرف تاريخيا بديانات الخصب التي ترتبط فلسفتها وطقوسها بالطبيعة ومع اكتشاف الزراعة وبدء التحضر، مع وجود بصمات واضحة من ديانات وادي الرافدين القديمة كالسومرية والبابلية والآشورية والميتانية. جندي أوضح أن الإيزيدية من الديانات الهندوإيرانية القديمة التي ترتبط فلسفتها وطقوسها بالطبيعة (الجزيرة نت) تقديس الظواهر الطبيعية ومن السمات التي تجعل الإيزيدية على خلاف الديانات الإبراهيمية هي النظرة الفلسفية للتكوين والخليقة، والموقف من قوة الخير والشرّ، وكلاهما متلازمان في وحدة جدلية لا انفصال بينهما، كما يقول جندي، و"بهذا لا يوجد مفهوم العصيان (الشيطان) لدى الإيزيدية بل القول بأن الخير والشر يأتيان من عند باب الله"! ويُقدّس الإيزيديون الظواهر الطبيعية من شمس وقمر ونار وتراب وماء وغيرها باعتبارها تجليات الخالق -حسب جندي- مع وحدة الوجود لوحدانيتها في عبادة الله، إضافة إلى الله الكلي القدرة فإن "هناك عددا غير قليل من الأرباب (خودان) موكل إليهم شأن من شؤون الدنيا، بمعنى ربط سلطة وحكم السماء بالأرض". وتختلف الإيزيدية عن الأديان الأخرى بأنها غير تبشيرية ولا تقبل بانضمام جدد إليها إلا من يولد من أب وأم إيزيديين. مع وجود نظام الزواج الطبقي الداخلي المغلق بين الإيزيدية، كما يؤكد جندي، حيث هناك 6 طبقات زواج مختلفة، كل واحدة تتزاوج فيما بينها ولا يجوز لها الزواج من خارج طبقتها، وتلك الطبقات هي: الآدانية، والشمسانية، والقاتانية، وأبيار حسن ممان، وبقية 39 سلالة من الأبيار، والمريدون. وليس للإيزيدية نبي أو رسول مثل الديانات الأخرى، ويرتبط الإنسان بربه مباشرةً في علاقته به، وليس في طقوسها صلاة جماعية، وإنما يصلي الإيزيدي لوحده في مكان منزوٍ متوجها لحركة الشمس في شروقها وغروبها، حسب جندي، الذي أكد أن "الإيزيدية من ذرية آدم فقط من دون حواء". خدم معبد لالش أثناء وقت راحتهم   هل يعبدون الشيطان والشمس؟ وفيما إذا كان الإيزيديون يعبدون الشيطان أو الشمس، يقول جندي إن هذه إشكالية كبيرة وغير صحيحة مطلقا، واصفا إياها بـ"اتهام مجحف وقاس"، متسائلا: كيف يكون هناك إله للشرّ اسمه الشيطان إذ لم تكن هناك أصلا فكرة العصيان للخالق عند الإيزيدية؟ ويعتبر "طاووس ملك"، حسب الديانة الإيزيدية، اسما من بين الـ3003 أسماء لله، وهو إحدى سيماء الألوهية، ويأخذ "طاووس ملك" مرة دور إله السماء "بابا دياوس" عند الإيرانيين القدامى، و"آنو" عند السومريين، و"فارونا" عند الهندوس، وقرص الشمس هو عيونه، ولهذا يقدس الإيزيديون الشمس لحد الآن. وإذا كان "طاووس ملك" قبلة للعبادة عند الإيزيدية -حسب جندي- فإن الشمس هي قبلة للتقديس لديهم. أما نفورهم من كلمة الشيطان فقد أتت نتيجة مقاطعة اللعن ليس إلاّ. ويوضح جندي أسباب عدم امتلاك الإيزيديين كتابا مقدسا بالقول: كان للإيزيديين كتابان مقدسان، الأول باسم "مصحف رش" (الكتاب الأسود)، والثاني باسم "الجلوة"، لكنهما ضاعا في لجة الإبادات التي تعرض له الإيزيديون خلال عهد الدولة العثمانية. خلافات بابا شيخ وبالانتقال من الجانب الديني إلى السياسي، فقد أثارت آلية اختيار "بابا شيخ" -وهو أعلى مرتبة دينية ويعتبر الزعيم الروحي للإيزيديين وفقا لعدد من الشروط والإجراءات الخاصة التي تتم بالتشاور بين المجلس الروحاني مع أمير الإيزيديين وعدد من الشخصيات الدينية- ضجة واسعة بين الإيزيديين، وتسببت في انشطار بينهم بعد اتهامات بتدخل أحد الأطراف السياسية الكردية في عملية الانتخاب، مما أدى إلى نشوب خلافات واعتراضات حادة بينهم، وإعلان البعض منهم عدم اعترافهم بـ"البابا شيخ" الجديد. واتهم الناشط المدني الإيزيدي الدكتور ميرزا دنايي بعض المسؤولين المحليين في الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني بالهيمنة السياسية على القرار في المرجعية الدينية الإيزيدية، معتبرا هذا التطور "سابقة خطيرة جدا" بحق الإيزيدية والأقليات، ولم تُمارس مثل هذه "العنجهية" والأسلوب حتى في نظام صدام حسين رغم قسوته حسب وصفه، متسائلا: كيف تقوم بذلك أحزاب تدعي أنها ديمقراطية؟ ولم يصل ما حدث إلى مستوى الانشقاق الديني بين الإيزيديين كما يتصوّر البعض، لكن يمكن اعتباره استغلالا للسلطة من قبل البعض من أجل إهمال صوت الشرائح والفئات الأخرى في المجتمع، حسب رد دنايي على سؤال للجزيرة نت بشأن ما إذا كان التطور الأخير بمثابة انشقاق ديني، مستذكرا رفض الإيزيديين للخطوة نفسها عندما قام بها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين عام 1995 عندما سعى لتنصيب بابا شيخ للإيزيديين مقرّب من السلطة بعيدا عن الرغبات الجماهيرية، إلا أنه جوبه بالرفض من قبل شيوخ وعشائر الإيزيديين، فخضع نظام صدام لرغبة الجماهير. واستغرب الناشط الإيزيدي النظر إليهم كأنهم مواطنون من الدرجة الثالثة، متهما الأطراف القابضة على السلطة، سواء السياسية منها أو الحزبية، بمحاولة فرض الوصاية عليهم، ومستفسرا عن أسباب غياب دعم الدولة لهم، وهو ما تسبب في ضعف الإيزيديين في العراق. اعلان وباتت القضية الإيزيدية مسيسة بتنازع أطراف عدة عليها لتحصد ثمار الكارثة التي حلت بهم أثناء اجتياح مناطقهم من قبل تنظيم الدولة الإسلامية عام 2014، حسب دنايي، عازيا السبب إلى غياب الدولة كمؤسسة فشلت في فرض هيبتها القانونية والسيادية، مما انعكس سلبا على العيش المشترك بين الطوائف والأقليات. الحديثي: الإسلام كفل حياة طيبة للإيزيديين وغيرهم من أصحاب الديانات الأخرى (الجزيرة نت) نظرة الإسلام للإيزيدية وحول نظرة الإسلام للإيزيدية، يقول أستاذ الشريعة في جامعة الأنبار الشيخ الدكتور مازن مزهر الحديثي إن الإسلام كفل حياةً طيبة لهذه الفئات عملاً بنصوص القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة وحق التعايش لأهل الذمة، مستندا للآية التي خاطب فيها الله تعالى الرسول محمد صل الله عليه وسم {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107]، وشملت هذه الرحمة العالمين جميعا وليس المسلمين فقط. وينفي الحديثي بآية (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) [البقرة: 256] ما يُشاع حول فرض الإسلام عقيدته على من يخالفه في الدين تحت التهديد وباستخدام القوة، مضيفا أن الإيزيديين يعتبرون من أهل الذمة لدى الإسلام مثل غيرهم، لهم من الحقوق مثل ما عليهم من الواجبات، وكفل لهم الإسلام حرية ممارسة شعارئهم الدينية وأن تكون دماؤهم معصومة وأموالهم محفوظة وأعراضهم مصانة. واستغرب الحديثي عادات وتقاليد موجودة لدى بعض الأديان منها الإيزيدية، التي ترفض قبول الطفل من أب أو أم غير إيزيدي، كما الحال عند بعض الطوائف اليهودية التي لا تقبل من يتهوّد معهم، مستغربا العمل بهذه العادات والتقاليد التي يقول إنها قائمة على أهواء الأشخاص، واصفا إياها بـ"العنصرية والشوفينية" والتعالي على الآخر. وختم الحديثي حديثه للجزيرة نت قائلا: إنه واجب على الإيزيديين وغيرهم من الديانات الأخرى وأهل الذمّة الامتثال والالتزام بما شرّع المشرّع في الدولة التي يعيشون فيها وعدم مخالفتها. المصدر : الجزيرة


الحصاد draw: آنا بورشفسكايا  - معهد واشنطن استمرت المعارك الدامية بين القوات الأرمنية والأذربيجانية بلا هوادة منذ أكثر من شهر بسبب النزاع على منطقة ناغورنو كاراباخ. فما يسمّى بـ "الصراع المجمّد" عند الحدود الروسية لم يكن يوماً مجمّداً بالفعل، بل ظلّت الشكاوى من كلا الجانبين بلا معالَجة وبقيت تتقرّح لقرابة ثلاثة عقودٍ تخلّلتها مناوشاتٌ أصغر بصورة دورية. لكن القتال هذه المرة تطوّر ليصبح أكبر اشتباكات دموية بين الطرفين، إلى درجة أنه امتد إلى إيران المجاورة. وقد كان للدعم الذي قدّمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لأذربيجان دورٌ حاسم في رفع السقف وقلب الموازين لصالح أذربيجان. ويثير التدخل التركي تساؤلات حول دور موسكو وتوقعاتها، والعلاقة الأوسع بين روسيا وتركيا. أولاً، من المفيد أن نفهم سبب أهمية النزاع على كاراباخ بالنسبة لموسكو. فبالإضافة إلى الحفاظ على ما تعتبره موسكو نفوذها "المتميز" على الساحة ما بعد الاتحاد السوفياتي، والذي يبقي هذه الساحة غير مستقرة ويمنع الدول من الانضمام إلى الغرب، تشكل كاراباخ ورقة مساومة مع الغرب في إطار مسعى موسكو الأوسع نطاقاً لمعادلة الربح بالخسارة في النفوذ على تلك المنطقة. وقد لمّح وزير الخارجية الروسية سيرجي لافروف إلى هذه النقطة، على سبيل المثال، في أيلول/سبتمبر 2017، حيث قال إذا وافق الغرب على إطار العمل الأمني الذي اقترحته موسكو في أوروبا، "لكانت العديد من النزاعات المستبقاة في أوروبا قد تمت تسويتها منذ فترة طويلة... ولما كانت الأزمة الأوكرانية لتحدث على الإطلاق". وكان يشير إلى اقتراح موسكو في حزيران/يونيو 2008 بشأن اتفاقية أمنية أوروبية جديدة من شأنها، وفقاً للخبراء في ذلك الوقت، أن تضعف "حلف شمال الأطلسي" ("الناتو") و"منظمة الأمن والتعاون في أوروبا". ولإعطاء مثال آخر، قال مستشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، سيرجي جلازييف، في أواخر عام 2017، "إذا كنا نريد السلام في القوقاز، فنحن بحاجة إلى دمج القوقاز بأكمله في الاتحاد الأوراسي". ومن المؤكد، كما أشار محللون آخرون، من بين جميع النزاعات المجمّدة في الساحة ما بعد الاتحاد السوفياتي، غالباً ما ينحصر النفوذ الروسي بجنوب القوقاز حيث تتمتع الجهات المحلية بقدرة أكبر على التحرك، إلا أن هذا الأمر يعتبر إلى حدٍّ ما بعيداً عن الموضوع المطروح. فموسكو، بخلاف تركيا، بإمكانها التحدث إلى جميع الأطراف الموجودة هنا. ومن المؤكد أن علاقة روسيا بأرمينيا كانت دائماً أعمق من علاقتها بأذربيجان. كما أن أرمينيا بقيت منعزلة ومعتمدة بدرجة كبيرة على روسيا لضمان أمنها (وبدرجة أقل على علاقة جيدة بشكل عام مع إيران). ومع ذلك، عمدت موسكو على مر السنين إلى تزويد كل من أرمينيا وأذربيجان بالأسلحة. وتُعد روسيا أيضاً الشريك التجاري الأكبر لأذربيجان في "رابطة الدول المستقلة" وبحر قزوين وثالث أكبر شريك تجاري عالمي بعد إيطاليا وتركيا. ومع أن المسؤولين الروس لن يقرّوا بذلك، إلا أن أذربيجان، بمواردها الهائلة من الطاقة وسياستها الخارجية الأكثر تنوعاً، تشكّل جائزةً أكبر بالنسبة لموسكو. بالإضافة إلى ذلك أن الثورة المخملية السلمية لمكافحة الفساد التي نشبت عام 2018 في أرمينيا شكلت مفاجأة غير سارة لروسيا، فتقرّبت في أعقابها مباشرةً من أذربيجان، حتى مع احتفاظها بعلاقات وطيدة مع أرمينيا. وحالياً، قد يكون التأخير في رد الفعل الروسي ناتجاً جزئياً عن الرغبة في معاقبة رئيس الوزراء الأرميني الحالي نيكول باشينيان الذي قاد الثورة المخملية. من المعبّر إذاً أن يكون بوتين قد حرص خلال الأزمة الراهنة على التشديد على علاقات روسيا الجيدة مع كلا الجانبين. ففي مقابلة بثّتها قناة تلفزيونية ممولة من روسيا في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وصف بوتين الوضع بأنه مأساة وأشار إلى أن مليونَي أذربيجاني وأكثر من مليونَي أرميني يعيشون في روسيا، وتربط بينهم في غالب الأحيان علاقات صداقة وروابط عائلية. وخلال منتدى فالداي السنوي في 22 تشرين الأول/أكتوبر، رداً على سلسلة من الأسئلة من الصحفي البارز المؤيد للكرملين فيودور لوكيانوف، قال بوتين، "دعونا نبدأ من البداية، مع ناغورنو كاراباخ ومن ندعم. قلتم إن لروسيا علاقات خاصة مع أرمينيا. لكن كانت لدينا دائما علاقات خاصة مع أذربيجان". والمشكلة الأكبر هي أن التصعيد الدموي الحالي يشكّل على الأرجح مفاجأةً أخرى غير مرحَّب بها لموسكو، التي تريد احتدام الصراع على نار هادئة وعدم غليانه. كما أن تدخّل تركيا يعقّد موقف موسكو أكثر من أي شيء آخر. وخلال التصعيد الكبير الأخير بين أرمينيا وأذربيجان في نيسان/أبريل 2016، لعبت موسكو دوراً أكثر حسماً. وعلى خلفية عدم الاهتمام الأمريكي، اتخذت موسكو زمام المبادرة في محادثات السلام وتوسطت في وقف إطلاق النار، بينما تمكنت إيران، لأول مرة، من إدراج نفسها في المثلث الدبلوماسي مع روسيا وأذربيجان. وهذه المرة، توسّطت موسكو لاتفاقَين لوقف إطلاق النار، وفشل كلاهما. والأمر المعبّر في هذا السياق هو أن موسكو أشارت إلى عدم اهتمامها بتدخّل الجيش الروسي - على الأقل بشكل علني - لمساعدة أرمينيا. وتجدر الإشارة إلى أن أرمينيا عضو في "منظمة معاهدة الأمن الجماعي"، وهي تحالف عسكري مع روسيا وجمهوريات آسيا الوسطى. ووفقاً للسكرتير الصحفي لبوتين، دميتري بيسكوف، فإن قواعد "منظمة معاهدة الأمن الجماعي" تُلزم روسيا بالتدخل عسكرياً إذا وصل القتال إلى الأراضي الأرمينية، ولكن ليس إلى ناغورنو كاراباخ. وبالتالي تتشبث موسكو رسمياً بتفصيل تقني - علماً بأنه لم يكن لدى موسكو أي هواجس بشأن التورط في صراعات أخرى عندما تناسب مصالحها. وعلى الأرجح، لا يرغب بوتين ببساطة في صدام مع تركيا. لكن هذا لا يعني أن موسكو غير نشطة. والمسار الأسهل والأرخص أمامها هو الضغط على تركيا في مسارح أخرى. وفي ظل هذه الخلفية، لا ينبغي الاستغراب من انتهاك موسكو لاتفاق آخر لوقف إطلاق النار في سوريا، حيث تسببت الغارات الجوية الروسية بمقتل عشرات المقاتلين المدعومين من تركيا في إدلب التي تسيطر عليها المعارضة، على الحدود التركية. وعلى الصعيد المحلي، تتعرض تركيا بشكل خاص لتدفقات اللاجئين من سوريا، وهذه نقطة تصبّ لصالح بوتين الذي يحمل عمومًا بين يديه أوراقًا أكثر من أردوغان. وفي المقابل، فإن أردوغان غير مهتم أيضاً بصراع مباشر مع روسيا. وفي الواقع، في ظل القتال الدائر في جنوب القوقاز، لم يكن أمامه خيار سوى المضي قدمًا في اختبار منظومة "أس-400" الروسية الصنع، وهي عملية شراء سابقة وضعت تركيا في خلاف كبير مع الأعضاء الآخرين في حلف "الناتو". وبالتالي، فإن إحدى تبعات الصراع الدائر على ناغورنو كاراباخ هي أن المنافسة الروسية التركية مهيّأة للتصعيد على مسارح أخرى، بما في ذلك ليس فقط في سوريا ولكن أيضاً في ليبيا، من خلال الحرب بالوكالة. ومن المرجح أن دعم تركيا الحالي لأذربيجان يساعد أردوغان على تسجيل بعض النقاط محلياً وتحقيق درجة من المصداقية الإقليمية من خلال نشر القوة الصلبة على الأرض لمساعدة حليفٍ له ووضع روسيا في موقف أكثر تعقيداً مما كانت عليه في السابق. كما أنه يُظهر روسيا إلى حدٍّ ما في المنطقة بصورة الدولة التي تساعد أصدقاءها في الأيام الجيدة فحسب، على الرغم من أن موسكو لم تغب قط عن هذا المسرح. وفي الآونة الأخيرة، تشير تقارير غير مؤكدة إلى أن موسكو أقامت موقعاً عسكرياً صغيراً على الحدود الأرمينية لمساعدة البلاد. والمشكلة هي أن جميع القوى الكبرى، وليس روسيا وحدها، مشتتة الانتباه في الوقت الحاضر. وليس اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه روسيا هو الوحيد الذي فشل. وثمة مشكلة أكبر هي أن الآلية الدبلوماسية الحالية الوحيدة لحل نزاع كاراباخ، وهي "مجموعة مينسك" التابعة لـ "منظمة الأمن والتعاون في أوروبا"، التي تشارك في رئاستها الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا، قد عفا عليها الزمن. وقد تولّت روسيا لسنواتٍ قيادة هذه العملية، لكن موسكو لا تريد حلاً حقيقياً للنزاع. ففي النهج القائم على حصيلة الصفر والذي تتبعه موسكو في المجال الدبلوماسي، وبحكم تعريفه، تُعتبر أي زيادة في النفوذ الروسي خسارةً للتأثير الأمريكي. وإذا استولت أذربيجان في الأيام المقبلة على أراضٍ استراتيجية، مثل ممرات النقل، فسيؤدي ذلك إلى تغيير جذري في ميزان القوى فيما يتعلق بالمفاوضات المستقبلية بين الجانبين. لكن لا موسكو ولا أنقرة مهتمتان بسلام حقيقي. بل إنهما تستخدمان المنطقة لتحقيق مآربهما الخاصة، وفي نهاية المطاف ستبقى موسكو اللاعب الوحيد الذي يمكنه التحدث إلى جميع الأطراف. وفي الآونة الأخيرة، قال أردوغان إنّ بوسعه مع بوتين معالجة المشكلة الحالية. لكن في الواقع، مهما كانت نتيجة الأعمال العدائية الحالية، سيستمر هذان الزعيمان في دفع أرمينيا وأذربيجان بعيداً عن الغرب - وهذه وصفة لعدم الاستقرار على المدى الطويل - بينما ستستمر المنافسة بين تركيا وروسيا في الظهور خارج جنوب القوقاز.    


مریوان وریا قانع - آراس فتاح   ترجمة عباس س المندلاوي العراق كدولة او كمجتمع صنيعة سياسية وتاريخية خاصة ، لا يتجاوز عمرها بالسنوات قرنا وهي تحمل جملة من المشاكل البنيوية العويصة التي تعتبر تحديات كبيرة  ومتشعبة ، وهنالك تحرك رافض واسع في القسم الشيعي من البلاد تتلخص مطالبه الرئيسة " نريد وطنا " وتغيير السكان الى شعب او امة متكونة من مواطنين متساوين ؛ وهذه الحركة الاجتماعية النشطة والجديدة افرزت افكارا جديدة لبدايات جديدة لاعادة تشكيل هذا البلد من مساحة جغرافية حبلى بالمشاكل والصراعات الاثنية و الدينية – الطائفية الى وطن مشترك وشعب باسم شعب العراق . بالرغم من الامال المعلقة على هذه البدايات الجديدة المهمة والمبشرة بالخير لكنها ليست محل ارتياح او  توقعات كبيرة ، لسببين مهمين على الاقل ؛ الاول لعدم مشاركة مكونين رئيسين فيها هما السنة العرب والكورد في ذلك التحرك او على اقل تقدير انعدام العمل المشترك و البرامج المشتركة بين المكونات الرئيسة للبلاد ،  والثاني تصادم الجركة الجديدة مع مجموعة من الاطراف والقوى الداخلية والخارجية ( الاقليمية ) التي ان تتخلى بسهولة عن عقليةِ و اسلوبِ حكمٍ او ادارةٍ نحًتْ فكرة ان يكون العراق لمواطنيه وسكانه شعبا او امة متآلفة ومتشاركة  وباعتقادنا اذا كان يراد ان يكون لهذه ”البداية الجديدة “ معنىًبتلك  وقيمة عليها ان تضع تلك المشاكل والتحديات البنيوية نصب عينيها والبحث عن الحلول الواقعية والمناسبة لها    . اولا : العراقُ (كدولة) في النصف الثاني من قرن العشرين كغيره من دول المحتلة من الاستعمار سابقا ( والمبنية من قبله )  ، له تاريخ حافل بالمشاكل والازمات في صياغة علاقة صحية بين الدولة والمجتمع ، والسمات البارزة لتلك العلاقة المتأزمة تتلخص في تداخل فقدان الثقة على ثلاثة صعد اوله خشية الفئات من الدولة والثاني خشية الدولة من الفئات المكونة للمجتمع   والثالث ازمة الثقة بين الفئات ( المكونات ) انفسهم . ثانيا:  ان الذي ربط فيما بين اطراف الكيان العراقي وفرض سيطرته، رغم تلك الازمات وفقدان الثقة المتبادلة هو عنف الدولة وسياسة شراء الولاءات وصناعة وانتاج الخوف او الرعب ، خارج ذلك الواقع لم تكن هناك شيء باسم دولة المواطنة المتساوية او سياسية ضمان حقوق الانسان او توزيع عادل وعقلاني للسلطة و حفظ  كرامة المواطن او الفئات. ثالثا:  هدف الانظمة العراقية المتعاقبة على حكم العراق يتلخص في احكام القبضة الامنية والسياسية على المناطق المتعددة الاثنيات والطوائف لخلق سيادة القومية ، عبر اللجوء الى استخدام العنف والقمع  . كانت الدولة العراقية ترى حاجتها الى القوة المفرطة لحفظ الامن الداخلي و حماية حدودها واراضيها ، لذلك جعلت العلاقة بين الدولة والمجتمع والمناطق المختلفة تسير في محور ودائرة العنف والقمع  . رابعا :  ان ذلك التاريخ المحمل بسجل مليء بالعنف والقمع خلق ثقافة سياسية تمنح دورا          مهما للقوات المسلحة في المشهد السياسي ؛ اذ ان تسيس الجيش والقوات الامنية واستخدامهما في الصراعات السياسية وقمع المعارضين اصبح جزءا ملازما من التاريخ والتغييرات السياسة لهذه البلاد  ، مما جعلها تفشل في توشح بالمدنية خلال مرحلة مابعد الاستعمار ، بحيث ان الذين تولوا السلطة اما كانوا ضباطا في الجيش او شخصيات تحكموا بقوة عسكرية مسيسة او متحزبة . ففي     مرحلة حكم البعث كان  تحزيب وتسيس الجيش وقوات الامن والمخابرات ممارسة ممنهجة ، فيما شهدت البلاد بعد سقوط نظام صدام ولادة وتشكيل مجموعات مسلحة خارج سلطة الدولة ( مليشيات ) واستخدامها في الصراعات السياسية .كل ذلك يفضي الى افراغ السياسية من محتواها المدني والانتقال والتداول السلمي السلس للسلطة في ابسط صوره واشكالها  ،فمصير الشارع السياسي المعارض في البلاد مقيد بكيفية وشكل رد فعل تلك المجموعات المسلحة في الداخل واوامر مراجعها في الخارج .  خامسا:  دولة مابعد الاستعمار في العراق كيان متضخم ومترهلة من الناحية الروتينية (البيروقراطية )  .في عملية التضخم والترهل البيروقراطي تتخذ هذه الدولة طابعا شموليا و تتدخل في معظم المجالات والصعد في الحياة الاجتماعية بالعراق.ويتم اشغال هذا الهيكل المتضخم بمهام ووظائف ليست ضمن  واجبات و مهام الدولة لذلك تواجه الفشلفي تنفيذها او انجازها .  منذ سنوات طوال تمارس الدولة العراقية دورا سياسيا ابويا  متسلطا  آخذة على عاتقها وظيفة التربية والتنمية للمجتمع والتحكم بالاقتصاد، وادلجة المجتمع وتوجيه الاعلام و السيطرة على القضاء ونشاطات وتفكيرالافراد والتدخل في عمل المجتمع المدني ( المنظمات ) ، هذا ما جعل العراق يخضع لسلطة شمولية مستبدة في عهد حزب البعث. وكان الثمن اهضا اذ فقدت الدولة التعددية والمشاركة في صنع القرار سيما التعددية السياسية والثقافية في المجتمع وفرض الانتماء السياسي للبعث على الافراد  سادسا:  ينبغي مراعاة النقاط الخمس الانفة الذكر عند التفكير في  بناء عراق اخر ومختلف عن العراق السابق والحالي ، وعراق اليوم والمستقبل بحاجة الى فهم جديد ومختلف لمفاهيم المواطنة والتعايش الاجتماعي والهوية المشتركة والاطار الوطني وتوزيع السلطات والامة و الدولة والاقتصاد وموقع الدين ...الخ .ينبغي بناء اسس و قواعد دولة المواطنة الحقيقية  في العراق حيث لاوجود لها على ارض الواقع .  سابعا:  اننا نعتقد ان هذا الفهم الجديد كفيل بزرع وتكوين انتماء جديد لمكونات وفئات المجتمع لعراق مختلف كليا عن العراق الذي بني بموجب مشروع استعماري ؛ يحافظ عليه باستخدام العنف من قبل الاجهزة الامنية والمخابراتية عبر الاعتماد على اموال النفط.عندما كان الانتماء للمعتقد( الفكر ) والحزب  والولاء المطلق للرئيس كما كان الوضع ابان حكم حزب البعث بقيادة صدام ،  لذا نحن الان  بحاجة ماسة  لمفاهيم سياسية واجتماعية تجعل الانتماء الاكبر لوطن وشعب باسم العراق الى جانب الانتماءات الثانوية الاخرى  ،  ثامنا: مما لا شك فيه ان العلاقة بين الدولة والمجتمع طرأ عليها تغييرات عما كان عليه قبل 17 عاما ، لكن تلك التغييرات لم تنحو باتجاه وضع حلول جذرية بنيوية للمشاكل والنقاط الانفة الذكر ، المجتمع العراقي هو نموذج لمجتمعات مابعد الحرب وتتوفر فيه شروط الانحدار والفشل والتراجع ويصنف العراق ك(الدولة الفاشلة)  الاقصائية .المجتمع العراقي يعاني الان من الصراعات والافكار الاقصائية المنغلقة القمعية ، وهو غارق في فساد ممنهج نادر يعيق  خلق المفاهيم الاساسية وفق عقلية جديدة مثل الشعب والوطن والولاء للوطن  . الدولة العرقية  تجد نفسها في مواجهة مع قوة المجموعات المسلحة والقوات المتأهبة للدول المجاورة والاقليمية والحلفاء المحليين ، فليس باستطاعتها حماية سيادتها وحدودها وغير قادرة على فرض سيادتها على اراضيها ومواطنيها على الاقل ،وهي لا تستطيع استخدام القوة الشرعية او حتى استصدار قرارات عامة تنفذ في عموم البلاد فضلا عن تقاعسها عن تأمين الخدمات الاساسية بشكل ملحوظ ، فعراق الان يعد ارضية مناسبة لعشرات الامارات والمشيخات المحلية وللاطماع السلطوية الحزبية الضيقة و معسكرات محلية واقليمية ، وابعد عن دولة ومجتمع طبيعي .  تاسعا:    لم يتمكن العراق الجديد حتى اليوم من ابعاد القوات المسلحة والمجموعات المسلحة عن عملية اعادة بناء الدولة والامة العراقية ، وهذا الخطأ الاستراتيجي لايمكن تداركه او اصلاحه عبر خلق او صنع دكتاتور جديد ، ولايمكن تكوين و ضمان ولاءات غير دينية او غير قومية و غير مؤدلجة ضرورية للعراق ، عبر اضفاء الصفة الرسمية على المجموعات المسلحة خارج سلطة الدولة  عاشرا:  لقد كان سقوط نظام البعث اهم فرصة سياسة في العراق ، لاعادة بناء علاقة صحية بين المجتمع والدولة على انقاض العلاقة المريضة السابقة ؛ الدولة والاقتصاد ، الدولة والدين ،الدولة والجيش .وكان يمكن استغلال هذا الحدث التاريخي لبدء حوار بنَاء يهدف لاعادة بناء الدولة والمجتمع ( الشعب ) على اساس المواطنة ، لكن حنى الان لا نرى في العراق سوى حركة احتجاجية محدودة ومحاصرة ، فليس هناك اية قوة سياسية جديدة ذات ثقل وعابرة للحدود الجغرافية والمذهبية والقومية ، لتصبح قوة سياسية تضم عراقيين من جميع الخلفيات الاثنية والدينية المذهبية والمناطقية . و لا يُتوقع في المستقبل القريب رؤية ولادة مثل هذا الحزب او الحركة ، فليس هناك اي مشروع لخلق هوية عراقية ، خارج الهويات المناطقية والدينية والعرقية ... حتى لا وجود لمشروع عراق اخر ؛ عراق " دولة المواطنة ...   الحكم و كورونا واقتصاد الفرهود https://drawmedia.net/ar/page_detail?smart-id=7122


الحصاد draw:   وصف موقع ميدل إيست آي (Middle East Eye) الإخباري البريطاني أنتوني بلينكن مرشح إدارة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن لشغل منصب وزير الخارجية بأنه "مؤيد للدبلوماسية مع إيران" و"داعم قوي لإسرائيل"، وستكون على عاتقه مسؤولية التعاطي مع مشهد جيوسياسي معقد بشكل متزايد في الشرق الأوسط. وأكد الموقع أن اختيار بلينكن مساعد بايدن للسياسة الخارجية ومستشار الأمن القومي السابق لهذا المنصب "تعيين تقليدي" يشير إلى رغبة الرئيس المنتخب الجديد في العودة مجددا لمعايير واشنطن التي خرقها الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب. ويرى أن بلينكن -الذي عمل مع جو بايدن لسنوات وكان بمثابة "المتحدث الرسمي" باسم حملته الرئاسية في الشؤون الخارجية خلال الأشهر القليلة الماضية- يمتلك هو وبايدن رؤية متطابقة بشأن ملفات السياسة الخارجية. وترتكز هذه الرؤية -يضيف الموقع- على مبادئ، منها إعطاء الأولوية للتحالفات الدولية، والعودة للاتفاق النووي مع إيران، والانخراط مجددا في المعاهدات والمنظمات المتعددة الأطراف والدعم القوي لإسرائيل. الموقع وصف رؤية بلينكن وبايدن لملفات السياسة الخارجية بأنها "متطابقة" (رويترز)  الخبرة السياسية أنتوني بلينكن سياسي مخضرم في مؤسستي الأمن القومي والسياسة الخارجية، تعود بداية خبرته الحكومية إلى العام 1994، حيث عمل حينها في مجلس الأمن القومي التابع لإدارة الرئيس بيل كلينتون في البيت الأبيض. كما عمل في الكونغرس كبيرا للموظفين الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ بين عامي 2002 و2008. وخلال سنوات حكم الرئيس باراك أوباما عمل في العديد من المناصب الرئيسية، بما في ذلك مستشار الأمن القومي لنائب الرئيس آنذاك بايدن، ونائب مستشار الأمن القومي ونائب وزير الخارجية. وباعتباره "وسطيا" من داخل المؤسسة وبعيدا عن المواقف المتشددة لبعض المرشحين الآخرين الذين أعلن عن أسمائهم لشغل المنصب، فإنه من غير المرجح -بحسب الموقع- أن يواجه تعيين بلينكن وزيرا للخارجية معارضة كبيرة من قبل الديمقراطيين التقدميين. ويرى "ميدل إيست آي" أن بلينكن بوصفه أرفع دبلوماسي في الإدارة المقبلة سيواجه تحديات كبيرة في منطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد 4 سنوات من عقيدة ترامب التي قامت على سياسة "الضغوط القصوى" ضد إيران ودعم سياسي غير مسبوق لحلفاء واشنطن بالمنطقة، إسرائيل ودول الخليج. اعلان ويؤكد الموقع أن بلينكن يشارك نفس وجهة نظر الرئيس المنتخب بأن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل غير قابل للنقاش، ويجب عدم استخدامه وسيلة للتأثير على سياسات الحكومة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. ففي العام 2016 غرد على تويتر قائلا "إذا نظرنا للسنوات الثماني الماضية أشعر بالفخر لخدمة رئيس (باراك أوباما) قدمت إدارته لأمن إسرائيل أكثر من أي وقت مضى". كما أعلن في مايو/أيار الماضي أمام مجموعة مرتبطة بلجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية "إيه آي بي إيه سي" (AIPAC) -وهي أقوى مجموعات الضغط الموالية لإسرائيل في أميركا- أن بايدن ملتزم بتقديم مساعدة عسكرية "غير مشروطة" إلى تل أبيب. كما تعهد بلينكن -في تصريحات سابقة- بعدم إظهار الخلافات بين إدارة الرئيس المنتخب الجديد بايدن وإسرائيل إلى العلن، مما يؤشر -بحسب الموقع- على عكس نهج الرئيس أوباما الذي كان يندد صراحة بالتوسع الاستيطاني الإسرائيلي. بلينكن (الثاني يمين) خلال توليه منصب نائب مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس باراك أوباما (رويترز) الملف الإيراني يرى الموقع البريطاني أن الإبقاء على الخلافات مع إسرائيل سرا سيكون بمثابة تحد لوزير الخارجية الأميركي المقبل، خاصة أنه مؤيد صريح للاتفاق النووي مع إيران الذي تصوره حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أنه "تهديد خطير" للمنطقة. فقد كان بلينكن جزءا من الإدارة التي توسطت وفاوضت من أجل التوصل إلى اتفاق مع إيران، وتعهدت بموجبه طهران بتقليص برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها. من ناحية أخرى، يرى الموقع أن إحدى ركائز نهج بلينكن في وزارة الخارجية ستكون تغيير علاقات واشنطن مع "الحكام المستبدين" في المنطقة، حيث إنه انتقد مرارا خلال حملة بايدن الرئاسية علاقات ترامب الوثيقة مع منتهكي حقوق الإنسان، وتحديدا في مصر والخليج. وفي يوليو/تموز الماضي قال لمناصرين عرب للحزب الديمقراطي إن بايدن سيدعم "مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية" في التعامل مع الحكومات بالمنطقة، كما أكد أنه "عندما يصف ترامب الرئيس المصري (عبد الفتاح) السيسي بأنه دكتاتوره المفضل فإن لذلك تأثيرا كبيرا يقوض موقفنا الأخلاقي عالميا وقدرتنا على القيادة". كما نقل عنه قوله إن إدارة بايدن المقبلة "ستراجع علاقات واشنطن مع الحكومة السعودية التي منحها الرئيس ترامب شيكا على بياض لمتابعة سياساتها الكارثية، بما في ذلك حرب اليمن وقمع المعارضة في الداخل وقتل الصحفي جمال خاشقجي". المصدر : ميدل إيست آي


الحصاد: جرت مراسم تنصيب زعيم روحي جديد لأتباع الديانة الإيزيدية حول العالم في معبد لالش، وبات رجل الدين علي الياس يحمل لقب "بابا الشيخ" بشكل رسمي. وتم تنصيب الياس رسمياً في حفل ديني جرى في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني بحضور حوالي 5000 إيزيدي، من مختلف أنحاء إقليم كردستان والعراق. وأدى الزعيم الجديد اليمين رغم بعض الإعتراضات على تعيينه من قبل بعض الإيزيديين بينهم عدد من القادة العسكريين والشخصيات الدينية. وجرت تزكية الشيخ علي إلياس لشغل هذا المنصب من قبل أمير الإيزيديين مير حازم تحسين بك، في 14 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، بعد أكثر من شهر على وفاة سلفه خرتو حاجي إسماعيل، الذي توفي عن عمر ناهز 87 عاماً. من هو بابا الشيخ علي الياس؟ ولد الشيخ إلياس في مدينة شيخان في محافظة دهوك بإقليم كردستان عام 1979. شغل والده منصب الزعيم الروحي للديانة الإيزيدية للفترة الواقعة بين 1978 - 1995. ، عارضت بعض الشخصيات المؤثرة في المجتمع الإيزيدي بينهم قادة عسكريون وشخصيات دينية تعيين الزعيم الروحي الجديد ، بسبب عدم استشارتهم في هذه المسألة. وقال الشيخ شمّو، رئيس اللجنة العليا لمعبد لالش  في تصريح لـ بي بي سي إنه "لا ينبغي تسييس الموضوع"، داعياً المجتمع الإيزيدي بأسره إلى احترام القرار "لأن قرارات المير حازم لا يجب إبطالها". وصرح بابا شيخ لوسائل الإعلام المحلية بعد تنصيبه إن أولوياته هي استرجاع آلاف الإيزيديات المخطوفات لدى تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية منذ عام 2014. وقال: "إن المخطوفات بمثابة القديسات وسأحمل رسالتهن أينما ذهبت". وتشمل بعض مسؤوليات القائد الروحي حضور جميع المناسبات الدينية، والصوم في أول 40 يوماً من الشتاء والصيف، وزيارة كل قرية إيزيدية مرة واحدة على الأقل في كل عام. وكان سلفه خرتو اسماعيل، قد رحّب بعودة النساء والفتيات الإيزيديات اللواتي تم خطفهن من قبل تنظيم الدولة وعوملن معاملة الجواري، حيث تم بيعهن وشراءهن من أجل الجنس وخدمات أخرى. وتحظر الديانة الإيزيدية الزواج من غير الإيزيديين ويتم نبذ من يخرج على هذه التقاليد. وكان قرار بابا الشيخ السابق باستقبال الأسيرات اللواتي تزوجهن عناصر التنظيم، خطوة غير مسبوقة في المجتمع الإيزيدي. من هم الأيزيديون؟ بسبب المعتقدات غير المألوفة للإيزيديين ، غالبا ما ينعتون خطأ بأنهم "عبدة الشيطان"مما اضطرهم إلى عزل أنفسهم في مجتمعات صغيرة انتشرت في مناطق متفرقة في شمال غربي العراق، وشمال غربي سوريا، والمناطق الواقعة جنوب غربي تركيا. ومن الصعب تقدير أعدادهم حالياً، فهي تتراوح ما بين 70 ألفا و 500 ألف. ومع ما يواجهونه من مخاوف واضطهاد وتشويه لصورتهم، فإنه ما من شك أن أعدادهم تناقصت بصورة كبيرة على مدار القرن الماضي. وكما هو الحال مع ديانات الأقليات الأخرى في المنطقة، كالدروز والعلويين، لا يعتنق الديانة الإيزيدية إلا من ولد عليها، ولا يمكن اعتناقها دون ذلك. أما ما يواجهونه من اضطهاد مستمر في المنطقة التي يعيشون فيها في جبال سنجار غرب الموصل، فيرجع في الأساس إلى الفهم المغلوط لحقيقة تسميتهم، حيث يعتقد المتشددون من السنة، أمثال تنظيم الدولة الإسلامية، أن هذا الاسم يرجع إلى يزيد بن معاوية، ثاني حكام الدولة الأموية (647-683 ميلادية). إلا أن دراسة حديثة أظهرت أن هذه التسمية لا علاقة لها بهذا الخليفة الأموي، أو حتى بمدينة يزد في فارس، بل هي مشتقة من الكلمة الفارسية "إيزيد" والتي تعني الملاك أو الإله. لذا فإن اسم الأيزيديين ببساطة يعني "عبدة الرب"، وهو ما يعمد الإيزيدييون من خلاله إلى وصف أنفسهم.


حقوق النشر محفوظة للموقع (DRAWMEDIA)
Developed by Smarthand