الحصاد DRAW: حامد عبد الحسين الجبوري - مركز الفرات بدايةً لا بُد أن نضع في أذهاننا إن قوة العملة وضعفها لا تُعبر دائماً عن قوة الاقتصاد وضعفه بشكل حقيقي كما تُعبر قوة الاقتصاد وضعفه عن قوة الدينار وضعفه بشكل حقيقي. إذ قد تكون العملة قوية لكنها لا تُعبر عن قوة الاقتصاد، أي قد يكون الاقتصاد ضعيفاً؛ كما في حالة الكويت، وفي المقابل قد يكون الاقتصاد قوياً لكن العملة ضعيفة كما في حالة الصين وهنا يكون ضعف العملة نابع من قوة الاقتصاد وليس من ضعفه، وكما سيتضح أدناه. قوة الدينار الكويتي وضعف الاقتصاد يُعد الدينار الكويتي أقوى عملة بين عملات العالم كونه يساوي أكثر من 3 دولارات ولكن هل قوة الدينار تعبر عن قوة الاقتصاد الكويتي؟! تشير أغلب المؤشرات الاقتصادية لضعف الاقتصاد الكويتي وذلك لاعتماده المُفرط على النفط بحيث أصبح المحرك الرئيس للاقتصاد الكويتي. حيث شكل النفط أكثر من 48% من الناتج المحلي الإجمالي وأكثر من 89% من الإيرادات العامة والمنح 2018، وأكثر من 89% من الصادرات السلعية في عام 2017 . هذه النسب تُدلل اعتماد الاقتصاد الكويتي بشكل رئيس على النفط مما جعله اقتصاداً ضعيفاً لان الاعتماد على النفط بشكل رئيس يجعل الاقتصاد غير مستقر ومتذبذب ولا يستطيع تلبية الطلب المحلي فيكون تابعاً ومرهوناً للعالم الخارجي وفاقداً للاستدامة الاقتصادية، وتكون العملة قويةً بفعل الدولارات النفطية لا بفعل قوة الاقتصاد الحقيقي، ولذلك فإن قوة العملة لا تُعبر دائماً عن قوة الاقتصاد. ضعف اليوان الصيني وقوة الاقتصاد وفي المقابل نجد العملة الصينية ضعيفة كونها تعادل 0.14 دولار أمريكي، أي 14 سنت من الدولار. هل ضعف العملة الصينية هذا يُعبر عن ضعف الاقتصاد الصيني؟! بالطبع كلا، حيث يُعد الاقتصاد الصيني في الوقت الحاضر أحد الاقتصادات الصاعدة وينافس اكبر اقتصاد في العالم وهو الاقتصاد الأمريكي وبجدارة. ففي الوقت الذي يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد الأمريكي 21 تريليون يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد الصيني 14 تريليون دولار في عام 2019 وتشير أغلب التوقعات الى احتلال الاقتصاد الصيني مرتبة الصدارة خلال العقود القليلة المقبلة وإزاحة الولايات المتحدة الأمريكية إلى المرتبة الثالثة وربما أبعد، بحكم النمو الصيني المتسارع الذي سيترتب عليه أن يتجاوز الناتج الصيني عتبة الـ 55 تريليون دولار أمريكي عام 2050 في حين لن يتجاوز الناتج الأمريكي 35 تريليون دولار لذات العام، فهل اقتصاد بهذه الضخامة تُعبر عنه عمله ضعيفة بشكل حقيقي؟!! إن ضعف العملة الصينية لم يُعبر عن ضعف الاقتصاد بقدر ما يُعبر عن قوته، إذ إن الاقتصاد الصيني يمتلك قوة عاملة كبيرة انعكست على انخفاض الأجور وانخفاض أسعار منتجاتها، إضافة إلى تحكم الدولة بقيمة العملة لتجعلها أكثر مناسبة أمام الأجانب فازدادت الصادرات الصينية وأهمية الاقتصاد الصيني برمته وأصبح يشكل أهمية كبيرة في الاقتصاد العالمي. فقوة العملة وضعفها لا يُعبر دائماً وبشكل حقيقي عن قوة الاقتصاد وضعفه بقدر ما تُعبر قوة الاقتصاد وضعفه دائماً وبشكل حقيقي عن قوة العملة وضعفها. الدينار العراقي بين البنك المركزي والاقتصاد العراقي هل قوة الدينار العراقي نابعة من واقع الاقتصاد العراقي أم من البنك المركزي العراقي؟ إذا ما نظرنا للواقع الاقتصادي بشكل الحقيقي، سنجد إن قيمة الدينار العراقي أدنى من هذه القيمة بكثير لولا تدخل البنك المركزي العراقي عبر نافذة العملة بصرف النظر عن الشكوك التي أُثيرت حولها. إذ إن الاقتصاد العراقي اقتصاد ضعيف بحكم اعتماده على النفط بشكل رئيس وافتقاده للتنويع الاقتصادي، حيث يشكل النفط أكثر من 45% من الناتج، وأكثر من 90% من الإيرادات العامة، وأكثر من 99% من الصادرات السلعية، هذا الاعتماد أدى إلى إهمال القطاعات الاقتصادية الأخرى مما يعني غياب التنويع الاقتصادي أخيراً. التذبذب والتبعية ففي الوقت الذي أدى الأول، الاعتماد على النفط؛ إلى تذبذب الاقتصاد العراقي بحكم ارتباط أغلب المتغيرات الاقتصادية بالنفط المتذبذب في أسعاره، أدى الثاني، غياب التنويع الاقتصادي؛ إلى التبعية الاقتصادية وذلك لتغطية أغلب الطلب المحلي من الاقتصاد العالمي، مما يعني أن قوة الدينار العراقي لم تكُن نابعة من الاقتصاد العراقي لان الاقتصاد ضعيف بالأساس، فيبرز السؤال، ما الذي جعل الدينار العراقي قوياً في الوقت الذي يعاني من ضعف الاقتصاد؟ البنك المركزي داعم للدينار العراقي أن قوة الدينار العراقي كانت نابعة من تدخل البنك المركزي عبر نافذة العملة، حيث يدخل البنك المركزي كبائع للدولار الأمريكي ومشترٍ للدينار العراقي، هذا ما يعني تخفيض حِدة الطلب على الدولار مقابل زيادة الطلب على الدينار، هذه العملية أدت لرفع قوة الدينار العراقي أو على أقل تقدير الحفاظ على قيمة الدينار من الانخفاض، حسب ما جاء في الورقة البيضاء ص20. حيث يتبع البنك المركزي هذه الآلية بحكم أنه الجهة الوحيدة التي لها رؤيتها وإدارتها واستقلاليتها والمسؤولة عن الحفاظ على قيمة العملة ويتخذ ما يراه مناسباً لتحقيق هذه الهدف، لذلك لجأ إلى الاحتياطي الأجنبي الذي يشكل الدولار الجزء الأكبر منه، من أجل دعم الدينار العراقي وهذا ما حصل على أرض الواقع بالفعل. قوة الدينار ليست حقيقية ونتيجة لما تعرض له العراق من أزمة مالية خانقة بسبب انخفاض الإيرادات النفطية التي تمثل العمود الفقري للمالية العامة والاقتصاد العراقي، واعتماد الأخير على الاقتصاد العالمي في تغذية الطلب المحلي التي تتطلب المزيد من الدولارات، ومجرد طرح البعض تخفيض الدينار العراقي كخيار لمعالجة الأزمة وتحقيق جزءاً من الاستقرار، انخفضت قيمة الدينار بشكل مباشر مقابل ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي، مما يعني إن قوة الدينار ليست حقيقية بل هي مصطنعة بفعل تدخل البنك المركزي. هذا يعني أن قيمة الدينار العراقي لم تكُن نابعة من قوة الاقتصاد الحقيقي بل كانت نابعة من دعم البنك المركزي وهي قوة ضعيفة لا تصمد أمام التصريحات الاقتصادية التي ترى بتخفيض العملة جزءاً من الحل! قوة الدينار بتنويع الاقتصاد ومن أجل أن تكون قوة الدينار العراقي قوة حقيقية تعبر بشكل حقيقي عن قوة الاقتصاد وتصمد أمام التصريحات الاقتصادية والأزمات الدولية، لابُد من العمل على توظيف الثروة النفطية بما يسهم في تنويع الاقتصاد العراقي لان التنويع الاقتصادي يعني تلبية الطلب المحلي وتصدير الفائض نحو الخارج، وكلا الأمرين يؤديان لزيادة الاحتياطي الأجنبي من الدولار الذي يدعم الدينار العراقي، وبهذا تكون قوة الدينار العراقي تعبير حقيقي عن قوة الاقتصاد العراقي. مصادر تم الاعتماد عليها: -صندوق النقد العربي، التقرير الاقتصادي العربي الموحد، 2019، ص286 ، 340. -الإدارة المركزية للإحصاء، المجموعة الإحصائية السنوية 2017-2018، ص254. - بيانات صندوق النقد الدولي نقلاً عن الويكيبيديا.
لحصاد draw: قراءات مستقبلية/ مركرز الدراسات المستقبلية – عودة ظهور الأزمة: للأزمة الاقتصادية في اقليم كوردستان جذور أقدم مما هي عليه الآن، الا ان جائحة كورونا قد أظهرت سوء أوضاع إدارة الاقليم وكشفت المشاكل المستترة لمصادر الايرادات وملابسات المصاريف. ولم تقتصر الأزمة الحالية على اقليم كوردستان فقط، بل شملت العديد من الدول وكذلك الشركات الكبرى العملاقة، ومن ضمنها العراق الذي تأثر بالازمة بشكل كبير ومن جراءها تأثر الاقليم بشكل أخطر، إذ تؤمن الحكومة العراقية 52% من رواتب موظفي الاقليم وفقا لاتفاقية، الا انه في خضم انتشار الكورونا وإنهيار أسعار النفط وأثناء الاستلام والتسليم بين الحكومتين المستقلة والجديدة تم إيقاف صرف الحصة المقررة لرواتب موظفي اقليم كوردستان. وهكذا أصبح وقع الازمة على اقليم كوردستان مضاعفا بسبب إنكشاف المشاكل الحكم المستترة فيه وإنخفاض مصار إيراده ووقف صرف الحصة المققرة لموظفه، مما تركت أثراً في حكومة أربيل وكذلك المواطنين عموما والعلاقات السياسية البينية للقوى السياسية الكوردية خصوصا، ودفعت باندلااع احتجاجات شعبية، أهمها في كانت في مدينة دهوك التي لقيت ردود فعل سياسية وأمنية عنيفة. ومن أجل تسليط الضوء على حجم الأزمة وتحديد مصادر عجز الاقليم عن مواجهتها، ينبغي أن نغطي بالمسح مصادر الايرادات لإقليم كوردستان وكيفية توزيعها على مختلف القطاعات الاقتصادية. – تغطية إحصائية مصادر ايرادات الإقليم و مصروفاته: بحسب البيانات المتوفرة، كان دخل وزارة المالية لحكومة الإقليم قبل انتشار كورونا بالدينار العراقي في شهر واحد كالتالي: الواردات الداخلية : 240 ملیاراً، عوائد بيع النفط: 360 ملیاراً، الحصة المستحصلة من بغداد: 452 ملیاراً، مصادر أخرى: حوالي 20 ملياراً، موضوحة في (الشكل رقم – 1). خصصت من مجل هذه الواردات ٨٨٦ ملیاراً لصرف رواتب الموظفين في الاقليم، ٢٠٠ ملیار لنفقات الوزارات و٣٥ ملياراً للمشاريع. إلا أنه وفي أثناء الأوضاع التي سادت بسبب تفشي جائحة كورونا وتوقف النشاط الاقتصادي في شهري آذار ونيسان من 2020 تراجعت واردات الاقليم بنسبة 45% من بيع النفط و90% من الواردات الداخلية واذا استمر التراجع على هذه الوتيرة لكانت نسبة العجز 200 مليار دينار. وقد أوقفت بغداد تحويل الأموال المققرة لصرف رواتب الموظفين خلال الشهرين المذكورين، والتي كانت لوحدها تشكل نسبة 42% من مجمل ايرادات الاقليم. ويبدو من هذا، أن الأزمة الاقتصادية في الاقليم كانت حقيقية وتظهر مؤشرات خطيرة عن نوعية مصادر الإيرادات وكيفية صرفها وعدم استقرار الأوضاع الاقتصادية لإقليم كوردستان. – تقصي جذور الأزمة وخصائصها المسببة لمشاكل الإيرادات: لا ترتبط جذور الأزمة الاقتصادية في الإقليم بالظروف الآنية لتفشي مرض كورونا وإنهيار الأسواق العالمية وإضطراب العلاقات بين أربيل وبغداد فحسب، بل تضرب بجذورها في أعماق البنيته التحتية للاقليم، فالهيكيلية الأقتصادية للإقليم نفسها محملة بالمشاكل ومنتجة لها، ولا سيما فيما يتعلق بمصادر الإيراد وأخرى بكيفية الإنفاق، مع غياب الخطط الطويلة الأجل وحتى غياب الخطط أصلا. وعليه ففي ظل هكذا نوع من إدارة الإيرادات والمصاريف لا يصعب على الاقليم تجاوز الازمة فحسب وإنما مرشحة لتفاقم مشاكلها في المستقبل القريب. السؤال المطروح هو لماذا أصبحت جذور الأزمة عميقة ووثيقة الصيلة بالمشاكل الداخلية أكثر من المشاكل الخارجية، وللإجابة على هذا التسائل يجب التوقف على خصائص المشاكل الملازمة لمصادر الإيرادات في اقليم كوردستان والتي هي مسببة للأزمة أيضا، وتلك الخصائص هي: انتهاج السياسة الزبائنية: المشاكل التي خلقت اختلالا في التوازن بين الإيرادات والنفقات في اقليم كوردستان ترتبط بمعادلة (ثبات النفقات وكثرتها وإنتقاص الايرادات وعدم استقرارها) كنتاج لانتهاج السياسة الزبائنية المبنية على ثلاثة أسس: وجود عقد اقتصادي له تداعيات سياسية وفق اتفاق غير عادل بين القوى السياسية والفئات الصغيرة، الأساس الثاني هو استمرار هذا الاتفاق لمدة طويلة تتعلق بعمر المجموعات ما يعني أن أفراد هذه الفئات سيستلمون مكافئات ورواتب بالمجان على شكل فضائيين وسيتم استخدامهم في الصراعات السياسية وكسب الدعم في الانتخابات، والأساس الثالث عبارة عن وجود الوساطة والسمسرة السياسية. تكمن مشكلة هذه السياسة تكمن في تداعياتها السلبية على مستويين: المستوى الأول يظهر في فتح باب كبير على الفساد السياسي والاقتصادي ما يشكل عبئاً ثقيلاً على الخزينة العامة، وفي اقليم كوردستان فتحت هذه السياسة نافذة على معادلة أخرى وهي عدم وجود معيار من أجل تشغيل الرأس المال ومصادر الاستثمار الحقيقي لأن الوساطة تعيش على الاستثمار الوهمي إذ تم تخصيص ميزانيات لمشاريع وهمية، ولأن السياسة أصبحت مصدراً للدخل والتجارة فإن المشاريع يتم احتكارها وإكمالها على حساب الخزينة العامة، ولا يدخل هذا ضمن إطار تشجيع الاستثمار لأن المحتكرين ليسوا مستثمرين في الأساس من ناحية امتلاك رأس المال الحقيقي وعلنية مصادر الأموال والدعم. في اقليم كوردستان ترتبط مشاريع الاستثمار والتجارة بعامل آخر وهو اختيار مكان الاستثمار، وبسبب ارتباط الموضوع بالتداعيات بالسياسة وجلب انتباه الناخبين والتوظيف السياسي للناخب لجأ المستثمرون إلى تكثيف أعمالهم في مناطق دون العناية بمبادئ الاستثمار والأرض ورأس المال والعمل والتنظيم لأن المشروع يهدف في الأساس الى تحقيق أغراض سياسية وليست اغراضا تنموية. 2- مصادر الإيرادات المعتمدة على النفط: يشكل عائدات النفط 34% من ايرادات إقليم كوردستان، وتأتي نسبة 42% منها من بغداد، في حين تشكل عائدات النفط نحو 90% من مصادر الايرادات في العراق ايضا، ولذلك يمكن القول أن 76% من مصادر ايرادات الإقليم تعتمد على النفط بشكل مباشر أو غير مباشر. 3- إعتماد جزء من الايرادات على العلاقات السياسية غير الثابتة وقصيرة المدى: إحدى خصائص استحصال الإيردات في إقليم كوردستان هي اعتماده جزء كبير من مصادر ايراده على العلاقات السياسية العرضية بين العراق والاقليم وليست على التزامات متبادلة ستراتيجية وثابتة وقصيرة المدى بينهما. وعلى سبيل المثال الحصة المقررة من بغداد للإقليم، التي تشكل حوالي 42% من ايرادات الاقليم، قد نظمت من خلال تشريعات الموازنة العامة، وهذا التنظيم خاضع للتغيير والتقلب المستمر من سنة الى أخرى وتحتاج تثبيتها إلى تقديم تنازلات وتوافقات، وعليه تتأثر حجم هذه الحصة ومدى استمرارها بعلاقة الإقليم السياسية مع الأطراف التي تشكل الحكومة لا العلاقة المؤسسية بين المركز والإقليم، والأخطر من هذا يحتاج الإقليم إلى موافقة الأغلبية في مجلس النواب لتمرير المواد والفقرات المتعلقة بحصته في بغداد في قانون الموازنة، وهذا ملف مثير للجدل والمشاكل إذ ترك اثاراً على باقي مطالب الإقليم المتعلقة بالهوية والحدود والأجندات الكوردية الأخرى. إضافة الى ذلك، تعتمد عمليات بيع نفط الإقليم في الأسواق العالمية على علاقات غير ثابتة بين الاقليم والدول المجاورة للاقليم أمثال تركيا وإيران وعلاقة الشركات وأصحاب رؤوس الأموال من دول العالم، دون تنظم هذه العملية ضمن قانون خاص بالنفط والغاز، مما دفع الإقليم إلى بيع نفطه في الأسواق العالمية بأسعار منخفضة، لأن جانب كبير من هذه العلاقات مبنية على ترضية الأطراف الفاعلة فيها والتنازل لها من الطرف الاضعف فيها وهو عادة اقليم كوردستان. كما ترتبط جانب آخر من علاقات الاقليم بأوضاع مواجهة الإرهاب غير العادية وعلاقة الكورد مع الأطراف المناهضة للإرهاب ولا سيما ضد تنظيم داعش، إذ نظمت هذه العلاقة وفق أغراض ومبتغيات مرحلية ولا تستند إلى أسس ومرتكزات استراتيجية بعيدة المدى. 4- عدم سيطرة حكومة الإقليم على مصادر ايراداته 100% : وفقا لتقارير اللجان المختصة في برلمان الاقليم والكتابات والبيانات الصادرة من وزارة المالية في الاقليم وكذلك التصريحات الرسمية من قبل الكابينة الوزارية الحالية للاقليم. وثمة اعترافات ايضاً بوجود فساد بمستويات واسعة لصالح فئات ومجموعات صغيرة داخل الأحزاب النافذة وعدد من القوى التي تقف خارج العملية السياسية في الإقليم عبر وضع نقاط سيطرة لجباية رسومات غير شرعية وأخذ الأموال وفرض شركات على الحكومة، وإعفاء شركات من دفع الضريبة، والامتناع عن إرجاع الديون للحكومة، أضافة الى الفساد المستشري في المعابر الحدودية. وقد أقرت حكومة الاقليم في اجتماعها الأخير في (5/ 5/ 2020) بهذه الأنماط الواسعة من الفساد وتلك المشاكل الكبيرة في استنزاف الموارد والايرادات. 5- مشاكل نمط المصروفات وإعادة توزيع الإيرادات على مختلف القطاعات: وبحسب التحديثات الأخيرة لنظام بيومتريا يبلغ عدد الموظفين المسجلين حوالي 1.255.273 شخصاً على النحو الآتي: مجموع الموظفين الذين يستلمون الرواتب بشكل فعلي: 752.959 ويشكل هؤلاء 60% من مجموع المنتفعين من (الرواتب) وفق الآتي: المدنيون: 430,231، الشرطة والآسايش: 104.699، العسكريون (البيشمركة): 217,979. الا أن نسبة 40% الباقية من المنتفعين من الرواتب خارج الموظفين هم ذوي الشهداء والمشمولين بالرعاية الاجتماعية والمتقاعدين وفق الآتي: الشهداء: 96,937، المتقاعدون: 246.269، المشمولون بالرعاية الاجتماعية: 159.158. وعند التمعن في هذه الارقام للموظفين نلاحظ النسبة المئوية لبعض القطاعات كالآتي: القطاع التربوي 22.2%، الصحة: 6.5%، الداخلية: 19.1%، البيشمركة: 18.7% (انظر الشكل رقم – 2). وتظهر هذه النسب تبايناً كبيرا بين القوى العسكرية والأمنية في اقليم كوردستان من جانب و قلة نسب القطاعين الصحي والتربوي من جانب آخر، إذ تكلف نفقات رواتب القوى الأمنية 37.8% من الخزينة العامة بينما لا تتجاوز تكلفة رواتب قطاع الصحة والتربية والتعليم 28.7%. وبجانب هذا يعاني الإقليم من ظاهرة البطالة المقنعة وسوء توزيع الموظفين ووجود ظاهرة الفضائيين الحكوميين والمنتفعين من راتبين او أكثر وتقاعد الدرجات العليا، ليست للمبالغ الخارجة من الخزينة أية مردودات أو مساهمات في إعادة أنتاج الدخل والواردات العامة مرة أخرى. والأخطر من هذا أعترف رئيس الحكومة مسرور بارزانی في آخر خطاب له في عيد الفطر بوجود سوء إدارة وسوء توزيع للايرادات والمصروفات بشكل أن 80% من ايرادات الاقليم تصرف على 20% من السكان. وهذا يعبر عن الرؤية القاتلة في التوزيعات غير الاقتصادية التي سيطرت على تنظيم المصروفات على مدار الكابينات الوزارية المتلاحقة للاقليم. وهكذا تظهر أن ممارسة السیاسة الزبائنية، والاعتماد على اقتصاد النفط الهش (إذ برأي عدد كبير من الباحثين تشكل اقتصادات النفط من أكثر الاقتصادات العرضة للاظطراب بسبب التبالدل السريع في اسعار النفط)، وكذلك الإعتماد علاقات سياسية متأرجحة وغير ثابتة، إضافة الى سوء التوزيع في المصروفات وتنظيم الايرادات، ترك كل هذا آثاراً سلبية في اقتصاد الإقليم وهيلكليته. – سيناريوهات المستقبل وخارطة طريق للإصلاح: حيال الوضع الراهن، الذي يمر به اقتصاد اقليم كوردستان والمشاكل التي تعتري هيكليته، يمكن توقع سيناريوهين اثنين: السيناريو الأول: مرور اقتصاد الاقليم بوضع سيء ومنعطف خطير، ترك اثاراً مباشرة على المكانة السياسية للإقليم على الصعيدين الخارجي والداخلي، ومن الصعوبة أن يعود هذا الوضع إلى ما قبل 2013، بل يمكن أن يتجه قريبا الى المزيد من الإنهيار في حال استمر المشاكل التي تعتري هيكلية اقتصاد الاقليم وعدم إجراء إصلاحات جذرية فيها، وقد تمهد هذا الى إنهيار طويل الأمد. السيناريو الثاني: على الرغم من السيناريو القاتم المذكور اعلاه، يمكن بوجود إرادة سياسية موحدة نحو الاصلاح الجذري بين صناع القرار في الاقليم، تبديد مستوى التوقعات غير المحبذة، وايجاد منفذ للخروج من التداعيات السلبية للأزمة الاقتصادية والتشرزم السياسي، ولتحقيق هذا السيناريو، قد تساعد الخطوات الآتية أدناه على رسم خارطة طريق لإنقاذ الإقليم من الأزمة الحالية: 1- تطبيق “قانون الإصلاح” بصورة دقيقة وعادلة، وتوسيعه الى قطاعات الخدمة العامة الاخرى، مثل القضاء والهيئة التشريعية. 2- من المهم في تنظيم دور القطاع العام، مراعاة التوازن في إعادة توزيع الايرادات العامة بصورة عادلة، بشكل يكون دور الحكومة فيه توسيع فرص العمل للمواطنين بدل اللجوء إلى التعيينات، عن طريق زيادة الميزانية الخاصة بالاستثمار وتشجيع المشاريع الصغيرة للمواطنين ووضع نظام قوي للضمان الاجتماعي للعاملين في القطاع غير الحكومي. 3- تنويع الاقتصاد وتخليصه من هيمنة النفط فيه، عبر دعم مجالات الصناعة المتنوعة مثل الأغذية، المستلزمات والحاجات اليومية، البتروكيمياوية، قطاعات الخدمة والسياحة ومجالات الزراعة. ومن الواضح أن كل مجال من هذه المجالات يتطلب اصدار قوانين وتعليمات خاصة به. 4- ترشيق جهاز حكومة الإقليم وهيئاته عبر دمج بعض الوزارات والهيئات والمديريات العامة، وإلغاء ماهو غير ضروري منها، وتطبيق اللامركزية الإدارية والمالية الواسعة، من أجل تفعيل الحكومة وحسن إدارتها وتنمية الهيئات المحلية. 5- تقليص الميزانية غير المدنية (37%) من الميزانية العامة لعدم توافقها مع المعايير العالمية من جانب ومع القدرة الذاتية لحكومة الإقليم من جانب آخر، ونقل تلك المبالغ إلى ميزانية الاستثمار وخلق فرص العمل ودعم المشاريع الصغيرة والبنى التحتية. 6- تأسيس نظام مصرفي مستقل يحظى بالثقة، من أجل توفير المزيد من الدعم للتنمية الاقتصادية وإعادة تدوير الإيرادات واستعمال رأس المال (المكنز) والمصادر الكامنة للاقليم. 7- تقوية القطاع الخاص ودعم استقلاله ومحاربة الاحتكار وإبعاد السلطة الحزبية والحكومية من العمل التجاري عبر اتخاذ إجراءات قانونية وإدارية ملائمة . 8- وضع نظام فعال وعادل للضريبة (الضريبة التصاعدية)، يشمل أصحاب رؤوس الأموال كافة كل حسب حجم رأس ماله. 9- في سبيل استباب الاستقرار وإنهاء القلاقل المالية والاقتصادية، من المهم العمل على حسم المشاكل المالية بين بغداد وأربيل وفقا للدستور. ومن شأن إعادة الثقة بين الطرفين ان يساهم في توسيع التجارة وتنمية الاقتصاد بينهما وفتح أسواق أكبر أمام كلاهما. 10- إعادة هيكلة كل من وزارة التربية، والعمل والشؤون الاجتماعية، والتعليم العالي، على نحو يتم الإهتمام بالدراسة المهنية وربط تلك الوزارات بتنمية سوق العمل وخلق جيل نشط يمتلك المهارة اللازمة والإستعداد لملء القطاعات الاقتصادية المختلفة وخلق فرص عمل جديدة لهم. – الباحثون:د.يوسف گوران،د.ئوميد رفيق فتاح، د.عابد خالد رسول،د.هردي مهدي ميكة – السليمانية – اقليم كوردستان
الحصاد draw: اعتبر تقرير لصحيفة فورين بوليسي أن ردة الفعل ضد "الحروب الأبدية" ليست مبررا لتخلي الولايات المتحدة عن العراق. فلا ينبغي أن تقاس مشاركتها بعدد القوات. وانتقد غياب بغداد عن نقاش الانتخابات الأميركية. وذكر التقرير أن ” مكانة الولايات المتحدة قد تشكلت خلال 17 سنة الماضية الى حد كبير من خلال تواجدها العسكري في العراق فقد أشرف الرئيس الأمريكي الاسبق جورج دبليو بوش على بدء الحربين في أفغانستان والعراق بمجموعة من القرارات التي جعلتها حروبا ابدية ، بينما حاول خليفته باراك اوباما سحب القوات من العراق عام 2011 ، لكنهم لم يتمكنوا من تجاهل العراق لفترة طويلة فبحلول عام 2014 ، عادت القوات الأمريكية إلى العراق بحجة محاربة داعش مرة اخرى”. واضاف أن ” الولايات المتحدة في طريقها لسحب قواتها مرة أخرى وخفضها من 5200 عسكري إلى 3000 عسكري بحلول نهاية هذا العام، وبغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات الأسبوع المقبل ، فمن غير المرجح أن يرتفع هذا الرقم ، ما لم يحدث تطور كبير مثل ظهور منظمة إرهابية دولية أخرى تهدد بزعزعة استقرار المنطقة على سبيل المثال”. وتابع أن ” من اسباب بقاء القوات الامريكية في العراق يعود الى كونه يمثل الركيزة الاساسية لاي استراتيجية امريكية في الشرق الاوسط ليس أقلها الحدود التي تشترك فيها مع إيران والأردن و الكويت والسعودية وسوريا وتركيا. علاوة على ذلك ، يمتلك العراق أحد أكبر احتياطيات العالم من النفط ، وسيكون تدفقه الحر ضروريًا للنمو الاقتصادي العالمي لسنوات قادمة”. واوضح التقرير ان ” العراق مهم ليس فقط بسبب إمكاناته الاقتصادية والاستراتيجية ، ولكن أيضًا بسبب إيران ، واذا كانت الولايات المتحدة تامل في الحد من قوة فصائل المقاومة فعليها ان تفعل ذلك في العراق “. وتساءل التقرير انه ” اذا كان العراق على هذه الدرجة من الاهمية بالنسبة لمصالح امريكا فلماذا لم يتم التحدث عن مصير القوات وفضل كلا المرشحين السكوت عن خطواتهما القادمة تجاه البلاد في حال فوز ايا منهما؟ “. مبينا ان ” رد الفعل في الداخل الامريكي تجاه الحروب الامريكية المستمرة في المنطقة لايعني تخلي الولايات المتحدة العراق بل ربما سيكون هناك استراتيجية لم يتم الافصاح عنها تشمل التاثير على بغداد نحو التعددية السياسية وسياسات السوق الليبرالية المطلوبة في الشرق الأوسط وهي بالتاكيد لاتتعلق باعداد القوات هناك “. نص التقرير https://foreignpolicy.com/2020/10/28/election-2020-iraq-iran-middle-east/
الحصاد DRAW: تناولت مجلة أميركية محاولات إقليم كردستان العراق منذ عام 2006 التسويق لنفسه على أنه "عراق آخر" أكثر استقرارا وأمنا من بغداد التي يعصف بها العنف والاضطرابات، وأثنت حكومته على الولايات المتحدة لتخليص البلاد من نظام صدام حسين، وأشارت إلى أن هذا المسعى يتجه للفشل مع تزايد هيمنة ما وصفته بالدكتاتورية في الإقليم. وقال الكاتب مايكل روبين في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنترست (National Interest) الأميركية، إن هذه الحملة كانت خطوة علاقات عامة ذكية لكنها حجبت حقيقة أكثر قتامة، ألا وهي أن المسؤولين الأكراد أمثال قباد الطالباني -الذي يشغل حاليا منصب نائب رئيس وزراء حكومة الإقليم- قد انتقدوا في رسائل البريد الإلكتروني الولايات المتحدة بسبب "أكاذيبها التي تسببت في اندلاع الحرب على العراق". ربما يعد إقليم كردستان أكثر أمانا مقارنة ببقية مناطق العراق، لكن الترويج لفكرة أنه أكثر ديمقراطية كانت ولا تزال مجرد هراء. فلطالما سيطرت عائلتان وحزبان على المنطقة منذ انسحاب قوات الرئيس العراقي الراحل صدام حسين من الإقليم عام 1991. أحد هذين الحزبين هو الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البارزاني، وهو حزب قبلي ومحافظ. يُذكر أنه حين كتب أحد الصحفيين قصيدة هجاء انتقد فيها محسوبية البارزاني لأقاربه، أمر هو أو أبناؤه باختطاف وقتل الصحفي الشاب. وكرد فعل على هذا النوع من الانعزالية القبلية، انشق الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني -الذي كان آنذاك نائبا للزعيم الكردي الراحل الملا مصطفى البارزاني والد مسعود- عن الحزب، وشكّل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني. وفي البداية، أعلن الطالباني أن الحزب تقدمي واشتراكي، ولكن في أواخر حياته عاد إلى التركيز على عائلته (زوجته وابنيهما بافيل وقباد) ليضمن سيطرتهم على جناحه السياسي وثروته. ويشير الكاتب إلى أنه في وقت عززت فيه عائلتا البارزاني والطالباني سيطرتهما على إقليم كردستان العراق، تمكنت بغداد من التغلب على التمرد والعنف وانتهاج الديمقراطية ولكن بشكل فوضوي. وتفتخر بغداد حاليا بتقاعد 5 رؤساء وزراء بفضل الناخبين العراقيين منذ عودة السيادة في عام 2004، ومن المرجح أن يواجه رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي المصير نفسه، ذلك أن العراقيين معروفون بقساوتهم مع رؤساء الحكومة. ومن غير المرجح أيضا أن يحظى الرئيس برهم صالح بولاية ثانية. وعلى عكس بغداد، لا يوجد عُرف في إقليم كردستان العراق يقضي بالتزام القادة بسيادة القانون أو الإرادة الانتخابية. وقد عقدت انتخابات حرة نسبيًا في عام 1992، حصل فيها كل من مسعود البارزاني وجلال الطالباني على أغلبية الأصوات بنتائج متقاربة. ولكن بدلا من تطوير نظام القيادة والمعارضة، قام الحزبان بتقاسم الغنائم. وعندما نشب خلاف مالي حول تقاسم عائدات معبر إبراهيم خليل الجمركي على الحدود التركية، اندلعت الحرب الأهلية في الإقليم. وأشار الكاتب إلى أن البارزاني كان غالبا يُحدّث الأجانب عن تضحيات قبيلته في القتال ضد ما كان يصفه بالدكتاتور صدام حسين، إلا أن ذلك لا ينفي حقيقة تحالفه مع صدام بعد 8 أعوام فقط من تعرض الكرد للمذابح على يديه لإخراج الطالباني من أربيل منتصف تسعينيات القرن الماضي والحفاظ على احتكاره تجارة التهريب المربحة. وفي أعقاب صدور الدستور العراقي عام 2005، تولّى البارزاني رئاسة الإقليم لكنه رفض لاحقا التقيّد بالمدة المحددة لفترة ولايته، وطالب بولايات تمديد متكررة. كان بإمكانه أن يكون النظير الكردي لنيلسون مانديلا أو ياسر عرفات، وكان بوسعه أن يبرهن من خلال أفعاله على التزامه بالديمقراطية، بيد أنه اختار بدلا من ذلك تحويل كردستان إلى بلوتوقراطية (حكم الأثرياء) فاسدة. ويقول الكاتب إن التاريخ سيذكر مسعود البارزاني على أنه رجل دخل إقليم كردستان العراق مفلسا وتقاعد مليارديرًا، ومنح الأولوية لعشيرته على حساب مصلحة الشعب، وعاش منعزلاً عن بقية أفراد شعبه في منتجع على قمة جبل كان في السابق ملكا لصدام حسين، حتى إنه كان يتباهى بمعاييره الترامبية (تيمنا بالرئيس الأميركي دونالد ترامب). ومهما كانت عيوب البارزاني والراحل جلال الطالباني، فإنه حتى خصومهما يعترفون بأنهما كانا محنكين ويتمتعان بالكثير من الدهاء والحكمة في التعامل مع المشاكل الإقليمية. لكن لا يبدو أن الجيل الجديد قد ورث هذه الخصال. فبعد تنحي البارزاني نظريا خلفه ابن أخيه نيجيرفان في رئاسة الإقليم، في حين أصبح ابنه مسرور رئيسا للوزراء. في المقابل، تولى كل من بافال الابن الأكبر لجلال الطالباني، ولاهور ابن أخيه مناصب قيادية في الاتحاد الوطني الكردستاني، في وقت يشغل فيه قباد منصب نائب رئيس حكومة الإقليم. قضى نيجيرفان سنوات في رئاسة الحكومة، مدركا أنه يجب عليه تلبية احتياجات الشعب مع الاهتمام في الوقت نفسه بتنمية ثروته الخاصة. ويتمتع لاهور بسمعة مماثلة، حيث يشتكي الأكراد من إدارة الاتحاد الوطني الكردستاني، لكنهم يعترفون بكفاءته. ليست هذه هي الحال مع بافال الذي يعتبره معظم الأكراد غير مستقر. أما قباد فهو معروف بفعاليته مع الدبلوماسيين، لكن الأكراد يقولون إنه لا يحظى بأي وزن. لكن الاستياء يدور حول مسرور، الذي كانت موهبته دائما متناسبة عكسيا مع السلطة التي يتمتع بها. باعتباره رئيسا للوزراء، كانت خطوات مسرور البارزاني متعثرة. فهو يلقي باللوم على نيجيرفان بشأن ضعف ميزانيات الإقليم، ويتهرب من مسؤوليته عن المشاكل الإقليمية. وفي عام 2017، أشرف مسرور على الاستفتاء الذي أدى في نهاية المطاف إلى فقدان المنطقة السيطرة على المساحات الشاسعة من الأراضي وآبار النفط القيمة لصالح بغداد. ورغم خطابه القومي الذي وصفه الكاتب بالمتشدد، يستخدم مسرور القانون العراقي وليس الكردي لتبرير اعتقال المعارضين والمتظاهرين بتهمة الإخلال بالنظام العام. المصدر : ناشونال إنترست
الحصاد DRAW: مجموعة الأزمات الدولية / International Crisis Group يبقى مئات آلاف العراقيين مهجّرين من بيوتهم وغير قادرين على العودة إليها بعد الحرب التي شُنت لإلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة الإسلامية. والمجموعة التي تعاني أسوأ تبعات هذا الوضع، والتي تتكون بشكل رئيسي من النساء والأطفال، هي تلك التي يُنظر إليها على أن لها ارتباطات جهادية. ينبغي على العراق وشركائه إيجاد السبل الكفيلة بإنهاء نزوح هذه المجموعة. لمحة عامة بعد ثلاث سنوات من انتصار العراق على تنظيم الدولة الإسلامية، فإن أكثر من مليون عراقي ما يزالون في حالة نزوح. يقيم مئات الآلاف منهم في مخيمات ولا يستطيعون، أو يحجمون عن، العودة إلى بيوتهم التي دمرتها الحرب. ضمن هؤلاء النازحين، فئة معينة تواجه معضلة يصعب حلها: المدنيون الذين تربطهم علاقات عائلية بمتهمين بالانتماء لتنظيم الدولة الإسلامية، والذين يوصمون على أنهم ضالعون بشكل ما في أفعال أقاربهم. لقد منح رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وهو محق في ذلك، الأولوية لمساعدة مهجّري البلاد. ينبغي على حكومة الكاظمي، مع شركائها، العمل على إنهاء حالة النفي الداخلي للعراقيين، والتوسط إما في عودتهم الآمنة والطوعية إلى مناطقهم أو في إيجاد بديل دائم. ولفعل ذلك، سيترتب عليها التغلب ليس فقط على العوائق الرسمية أمام العودة أو إعادة الإسكان بل أيضاً المقاومة الشرسة من أهالي مناطقهم الأصلية لعودة هذه الأسر المهجرة إلى بيوتها. وينبغي أن تقارب أزمة النزوح على أنها مسألة تتعلق بالاستقرار الوطني طويل الأمد وأيضاً على أنها مشكلة ذات أهمية خاصة للنساء وللأسر التي تعيلها النساء، بالنظر إلى مدى هشاشة وضع النساء النازحات وكيف أن وضعهن القانوني والاجتماعي يرتكز على وضع أزواجهن وأقاربهن الآخرين. نص التقرير https://d2071andvip0wj.cloudfront.net/b079-post-isis-iraq-arabic.pdf
لحصاد draw: قراءات مستقبلية/ مركرز الدراسات المستقبلية توطئة طبيعة الخلافات بين أربيل وبغداد: يعد حدوث الاختلافات والنزاعات بين الحكومة المركزية والأقاليم في الدول الاتحادية (الفيدرالية) أمرا طبيعيا ومتوقعا إلى حد ما، ولا سيما في الدولة العراقية التي لا تتجاوز فترة انتقالها من تجربة دولة موحدة مركزية إلى دولة فدرالية لامركزية 15 عاماً، إلا ان بقاء القضايا العالقة دون حل لأمد بعيد ومدد طويلة أمر غير مألوف وغير طبيعي، وهذه هى سمة الاختلافات بين الحكومة المركزية في العراق واقليم كوردستان منذ إقرار الدستور الاتحادي عام 2005 ولحد الآن وحول قضايا ومواضيع شتى، وفي مقدمتها قضايا النفط والغاز، وقضية المناطق المتنازع عليها، و البيشمركة ومنظومة الدفاع بين الجانبين، اضافة الى المستحقات المالية وحصة الاقليم من الموازنة الاتحادية للعراق. وتتوفر في الدول الاتحادية آليات عديدة لفض النزاعات والاختلافات بين المركز والأقاليم، مثل التنسيق عبر المجلس الاتحادي (الغرفة الثانية للبرلمان)، تعديل الدستور الاتحادي، التحكيم واللجوء الى المحكمة الاتحادية، إجراء المحادثات وإبرام الاتفاقات السياسية، اعتماد نتائج الاستفتاءات والانتخابات، اللجوء إلى إعلان حالة الطوارئ، وأخيرا طلب الاستقلال والانفصال. ولكن من المؤسف أن هذه الآليات غائبة تماماً في خلافات بغداد وأربيل، ولم تصل جولات الحوار والتفاوض بينهما الى معالجات حاسمة بشأن أي من القضايا العالقة حتى الآن، آخرها ما يجري حاليا بين حكومة الكاظمي واقليم بشأن الرواتب وحصة اقليم كوردستان. – محاور المحادثات الحالية بين أربيل وبغداد: رغم قدم الملف المطروح للمحادثات الجارية حاليا بين الإقليم والمركز والمتعلق بتمويل جزء من رواتب اقليم كوردستان ضمن مجموعة أخرى من القضايا العالقة، إلا أن تطور الخلافات يرجع إلى مطلع 2020، حينما أظهرت حكومة الإقليم عدم القدرة على الالتزام بالاتفاق المبرم مع الحكومة الاتحادية والذي كان يتضمن تسليم 250 ألف برميل نفط يوميا لشركة النفط الوطنية (سومو)، مقابل صرف جزء من مستحقات موظفي اقليم كوردستان في الموازنة الاتحادية العامة، في الأثناء بررت حكومة الإقليم موقفها بالاضطرار للاستدانة جراء قطع بغداد حصتها من الموازنة بين عامي 2014 – 2018،كما عرضت سلطات الإقليم أيضاً بشكل غير رسمي ورقة تشير إلى أن بغداد مدينة للاقليم بـ نحو 400 مليار دولار، جراء النكبات التي تعرضت لها كوردستان بسبب سياسات الأنظمة العراقية السابقة التي حكمت البلد منذ 1963 لحين 2003 ومن ضمنها الضحايا البشرية والخسائر البيئية وتدمير البنية التحتية، إضافة الى تكاليف إيواء النازحين خلال أعوام 2014 ـ 2019، مع تكاليف تأمين الكهرباء لمدينة كركوك خلال 2011 ـ 2020، بجانب المبالغ المستقطعة من حصة الاقليم من الموازنة الاتحادية في الأعوام السابقة. مقابل ذلك تقول الأطراف العراقية أن الاقليم تحصل على 12_13% من ميزانية العراق دون أي التزام مالي تجاه المركز وتصدر حكومة الاقليم أكثر من 400 ألف برميل نفط عبر تركيا، فيما تطالب أطراف عراقية أخرى بإلزام الإقليم بدفع تكاليف الضرر الذي لحقه بالعراق جراء ذلك والمقدر بـ 128 مليار دولار وفق تحقيقات هيئة النزاهة. المبررات التي سبقت ذكرها كانت المحرك لخلافات الأشهر الماضية ونجم عنها حرمان موظفي اقليم كوردستان اللذين لم يستلموا خلال النصف الاول من هذا العام سوى راتب شهر واحد. ولم تتخلى بغداد والاقليم عن الحوار خلال اشتداد الخلافات حتى، وأبدى رئيس الوزراء الجديد الاستعداد لحل الخلافات عبر الاتفاق وفي المقابل عبرت أربيل عن استعدادها لتسليم 250 ألف برميل من النفط نزولا عند رغبة بغداد. الهدف من المحادثات الجديدة من المنظور الكوردي هو تثبيت حصة الإقليم في الموازنة 2020 العامة، على غرار موازنة 2019، وإلزام بغداد بدفع مستحقات جزء من موظفي الاقليم وفق اتفاق يرضي الجانبين، ولكن من منظور بغداد فإن الهدف يكمن في ارغام أربيل على تسليم النفط الذي بذمته منذ العام الفائت ولم يسلمها للمركز حتى الآن قبل التوقيع على أي اتفاق جديد، كما تشدد بغداد على إلزام الاقليم بتسليم جميع الواردات المستحصلة من بيع النفط بجانب تقسيم واردات الجمارك والمنافذ الحدودية مع الاتحاد مقابل حصص الموازنة المخصصة للاقليم مستقبلاً ضمن الميزانية العامة. رغم أن الاتفاق الجاري بين أربيل وبغداد يمتلك فرصاً للجانبين إلا أن الأزمات الاقتصادية وتداعيات كورونا من انهيار سعر النفط في الأسواق العالمية تصعب سبل الوصول إليه على نحو يرضي الطرفين. – فرص الاتفاق بين أربيل وبغداد: لن تكون الأوضاع الاقتصادية مساعدة في معالجة الجروح السياسية بين الجانبين، إلا أن فرصاً تشجع الجانبين على الحوار: تتمثل فرص حكومة الإقليم في: الأزمة الاقتصادية وبطء خطوات الإصلاح، أرغما أربيل على اللجوء لمعونات مالية سريعة من أجل تجاوز الأزمة التي تركت اثاراً سياسية واجتماعية وأضعفت ثقة المواطنين بالحكومة. تعثر حكومة الاقليم بسبب عدم تعاون مكونات التحالف الحكومي في تطبيق الإصلاح ودعم الحكومة مع غياب خطة إصلاح وطنية شاملة لإصلاح متفق عليها، ما يجعل موقف الحكومة في وضع يحتاج إلى دعم الحكومة الاتحادية. الوضع الإقليمي؛ التهديدات التي تواجه الاقليم تدفع الحكومة في أربيل إلى الحاجة للدستور العراقي والإلتزام به ويمكن استخدام ورقة التقارب مع بغداد للوقوف بوجه التهديدات المشتركة التركية ـ الإيرانية للإقليم. وضع أسس نحو الاتفاق على القضايا الاخرى العالقة بين بغداد وأربيل ولا سيما المناطق المتنازع عليها بين الجانبين. أما فرص الحكومە العراقیە فتمثل في: الصراعات السیاسیة في العراق وهيمنة الفصائل والميليشيات، وهذا تدفع الحكومة الجديدة للكاظمي للحاجة إلى دعم سياسي وأمني من حكومة الإقليم، الحكومتان بحاجة الى التضامن لمواجهة الفساد والإهتمام بالأولويات. الأوضاع الاقليمية والدولية والتهديدات التي تواجه الحكومة العراقية ولا سيما من قبل إيران وتركيا تدفع الجانبان للعمل معاً بأجندة واحدة لمواجهة المخاطر المشتركة. ملف الإرهاب وظهور المخاطر الأمنية في المناطق المتنازع عليها، إذ تعرف بغداد بشكل جيد أن السيطرة على تلك المناطق غير سهلة وتتطلب تنسيقاً مشتركاً. مواكبة الكاظمي للموجة المضادة للإقليم داخل وخارج العراق من أجل إضعاف اقليم كوردستان وتحجيم موقعه الاستراتيجي في المنطقة والعراق. – معوقات اتفاق أربيل – بغداد: تتمثل المعوقات على مستوى العراق في: وباء كورونا، الوضع الأمني في العراق، التدخلات الاقليمية والدولية وعلى رأسها تدخلات إيران وأميركا، الصراعات الداخلية العنيفة، الفساد، فشل الإدارة وقلة الخدمات. هذه الحزم من المشاكل التي تواجه بغداد حالياً ولا تتطلب حل كل منها الوقت فقط بل التوافق والإصلاح الجذري الخارج عن قدرة الكابينة الحالية وأجندة الأحزاب الممثلة فيها. أولوية حكومة بغداد في الوقت الحالي تتمثل، قبل المشاكل الأمنية والسيادية، مواجهة تداعيات الأزمات الاقتصادية العميقة، العجز الاقتصادي الذي يظهر عجز الحكومة وتقلص أفق المناورة أمام بغداد قياساً بالسابق. وكانت الأجندات السياسية وصراعات السلطة تقف خلف المشاكل السابقة للوصول إلى حلول مستدامة في السابق، واذا استخدمت بغداد قطع مستحقات الاقليم المالية في سبيل فرض سيطرتها وتقليل نفوذ أربيل وكذلك مساحات تحركه عبر تكبيل يدها اقتصادياً، إلا أن هذه المرة يقف العجز الاقتصادي وراء عدم تجاوبه مع الاقليم والتلكؤ في مساعدته. وبالنظر للعجز في العراق خلال السنوات الأخيرة تظهر الصور التالية: مشاكل العراق تعود للأزمة المالية لعامي 2014 _ 2017 بسبب انخفاض سعر النفط، واضطرت بغداد لاستدانة 35 ترليون دينار محلي و 12 ترليون. كما يشكل اللجوء إلى الاحتياط النقدي مشكلة أخرى للعراق إذ سحبت الحكومة أكثر من 30 مليار دولار للحفاظ على التوازن. وتجلت بدایات الأزمة الاقتصادية بقوة في العراق عام 2017، حيث انتهت الحرب ضد داعش وكلفت الخسائر بـ 88 مليار دولار، وتفجأت الحكومة العراقية بدمار هائل للمدن المحررة وطالب المجتمع الدولي من جانبه بإنعاش اقتصاد العراق من ثلاثة أوجه؛ المنح المالية، الدعم المادي، وجلب الاستثمارات، وفشل مؤتمر الكويت في استحصال ثلث المنح والمبالغ المقررة المقدرة بـ 100 مليار دولار. كما تشكل الأعداد الهائلة للموظفين مشكلة جدية للحكومة إذ تشير الاحصاءات حتى 2016 أن 9 ملايين و 400 ألف شخص يتقاضون رواتب ومنح من الخزينة العامة إضافة الى التعيينات الجديدة، وتخالف هذه الأرقام المعايير وتعد عالية قياسا بعدد سكان العراق وتشكل منح الرواتب أعباء على الخزينة العامة. وبشان العجز في 2020 فإن البنك الدولي توقع انكماش الاقتصاد بنسبة عالية (29%)، وتشير التقارير الاقتصادية إلى أن العجز في 2020 يبلغ 48 مليار دولار مقارنة بـ 23 مليار دولار في 2019. اضافة الى ذلك فإن الفساد، مصاريف العسكرة، والهدر في النفط، عدم السيطرة على نقاط الجمارك، وسيطرة الميليشيات، كبلت ايدي الحكومة العراقية وفي ظل غياب إصلاح شامل وحكومي فإن الأمر لايعدو أن يكون مسكناً وتغطية على الأزمة. ويظهر من هذا أن العائق أمام الوصول إلى الحل يكمن في المتاعب الاقتصادية خلافا للسنوات السابقة ولاتساعد هذه الأوضاع في العراق تخفيف الاحتقان والخلافات بين أربيل وبغداد. أما المعوقات على مستوى إقليم كوردستان فتتمثل في؛ الصراع بين الأحزاب الكوردية، وغياب التوافق بشأن حل القضايا، وكذلك الخلاف بن الأجنحة في داخل الاحزاب نفسها، اضافة إلى الديون والالتزامات المالية للاقليم تجاه الشركات الأجنبية وغياب الشفافية حول ايرادات الاقليم، بجانب غياب الثقة بين بغداد وأربيل والتعنت في حل القضايا الدستورية. – سيناريوهات مستقبل اتفاق اربيل – بغداد: يمكن توقع ثلاثة سيناريوهات بشأن مستقبل الإتفاق وهي: بقاء الخلافات بينهما على حالها، رغم استمرار المحادثات بين الفينة والأخرى، مع عدم التوصل إلى حلول شاملة وحاسمة. وفي هذا الحال يتخلى كل من الطرفان عن الآخر كلما سنحت الفرصة له، ولا سيما في ظل وجود قناعة كوردية تنظر لبغداد كفرصة براغماتية ومرحلية وليس هدفا استراتيجياً. نجاح المحادثات الحالية والوصول إلى اتفاق حاسم، ولا سيما في ظل الفرص المتاحة المذكورة سابقاً، شريطة توافر إرادة حقيقية من قبل الجانبين، والنظر إلى بعضهما كشركاء دائمين ضمن عراق فيدرالي يشكل السبيل الوحيد للتعايش بينهما مستقبلاً. فشل الاتفاقات وتعميق الخلافات بينهما أكثر من السابق، في ظل المعوقات الذاتية لدى الجانبين والمذكورة سابقاً، ولا سيما إذا دفعت الأزمة الاقتصادية الاقليم الى العجز عن الالتزام بشروط الاتفاق، مع استمرار الأزمة في العراق وعدم الاندفاع الى دعم الاقليم مالياً من أجل توفير تلك الدعم للنفقات الاتحادية. – الباحثون:د.يوسف گوران،د.ئوميد رفيق فتاح، د.عابد خالد رسول،د.هردي مهدي ميكة – السليمانية – اقليم كوردستان
الصباح DRAW: دريد زهير - الصباح سبعة أيام مصيرية لإيران قبل الانتخابات الأميركية 3 تشرين الثاني، تتوجس فيها من فوز مرشح جمهوري اتخذ العقوبات كمنهج لإجبار طهران على الجلوس الى طاولة للتفاوض يرى القادة الايرانيون أنها حلبة للتنازل ليس إلا، أو مرشح ديمقراطي قد ينهج سبيل سلفه الحزبي في التعامل المخملي مع الجمهورية الاسلامية. وبات الخيار للجمهورية الإسلامية أن تنتهج نفس السياسة تجاه جو بايدن كما فعلت تجاه باراك أوباما؛ أو البقاء صلدة أمام الفائز المحتمل، فكان نهج طهران تجاه أوباما هو تسجيل أكبر عدد ممكن من النقاط ولكن دون الدخول في حل أزمة التطبيع، في المقابل حاولت إدارة أوباما تقديم التنازلات مستهدفة إضعاف برنامج إيران النووي وفتح كوة في جدار العلاقات ليصبح مدخلاً للتفاهم في ملفات التدخل الاقليمي والصواريخ الباليستية، تاركةً لغز التطبيع بين البلدين من دون حل، ليتمكن الرئيس ترامب من تضييق الخناق بسببه. فقدان فرصة التعامل المباشر بين البلدين استخدمه الرئيس الجمهوري لتضييق الخناق وتعقيد الأمر لدرجة أبعد فيها إيران الغنية بالنفط عن دائرة مصدري النفط العالميين، وأنهى حلم ايران بصرف عشرات المليارات من الدولارات المودعة في البنوك العالمية بعد تجميد أرصدتها، ومنع الشركات الصغرى قبل الكبرى من التعاون مع إيران، وقطع شرايين المصارف الإيرانية مؤخراً، لينخفض الناتج المحلي الى ما دون الصفر وتتضاعف نسب التضخم. على الرغم من أن السياسة الرسمية للجمهورية الإسلامية هي التصريح بـ"عدم الاكتراث" بمن سيفوز في الانتخابات الأميركية كما أشار مندوب المرشد الأعلى الايراني في الحرس الثوري الشيخ "علي شيرازي"، لكنهم لا يستطيعون إخفاء رغبتهم بالتخلص من شخص يقطن البيت الأبيض يدعى "ترامب" لخرقه قواعد الدبلوماسية والعمل بالاتقاقيات، وقد لا تكون تلك الرغبة محصورة بإيران بل تطلعات الأوروبيين تكشف أحيانًا عن رغبتهم بذلك أيضاً لتخليصهم من مأزق تنفيذ التعهدات الأممية التي هددهم الرئيس الحالي بأقسى العقوبات إن نفذوها. القلق الرئيس الذي يبدو واضحاً بين مسؤولي الجمهورية الإسلامية بشأن فوز ترامب المحتمل هو أن يؤدي ذلك إلى حصار الجمهورية الإسلامية وتكثيف متصاعد للضغوط بشكل أكبر، ومن جهة متباينة، عدم وجود هذا الأرق بشأن جو بايدن لتأكيده خلال حملته الانتخابية العودة الى الاتفاق النووي، وبالتالي المشاركة في مفاوضات تفتح باب التكهنات على مصراعيه، قد تنتج تقارباً مع الحكومة الأميركية كما حدث في فترة إدارة أوباما التي كان بايدن يشغل موقع نائب الرئيس فيها. إحياء الاتفاق النووي هو السبب الذي سيمكن جميع الأطراف مستقبلا من العمل جنباً الى جنب كشركاء، فمع رفع العقوبات سيكون شرط إيران قد تحقق بالسماح للولايات المتحدة بالتفاوض واستخدام جميع ما نصت عليه الاتفاقيات من سبل لعرقلة مشروعها النووي، وستحصل واشنطن على كامل الحقوق بإعادة العقوبات الدولية التي لم ينجح ترامب بتنفيذها. ويشير المحلل السياسي الايراني "إدوارد هرميداس" الى أن "العقبة الأكثر أهمية أمام التقارب بين مواقف إيران والولايات المتحدة؛ هي فرض تلك العقوبات الشديدة على إيران، ولهذا السبب، لن يتحقق التقارب بين إيران والولايات المتحدة حتى يتم تعديل هذه العقوبات أو رفعها". يجب الإذعان أن انتصار جو بايدن بمقعد الرئاسة الاميركية لن يكون له تأثير سحري على أوضاع ايران الاقتصادية؛ بل مجرد انفراج محدود في مجال التجارة مع العالم، لوجود أكثر من ملف شائك قد يعيق التفاهم الشامل مع الادارة الأميركية، ولذا يرى المراقبون أن الجمهورية الاسلامية بحاجة الى تغيير جذري في سياساتها لتحصيل أكبر قدر من التفاهم مع الادارة الأميركية الجديدة. ليس من الأهمية بالنسبة للشعب الإيراني حدوث جميع ذلك في الأشهر المتبقية من عمر حكومة الشيخ حسن روحاني الاصلاحية أو بوجود حكومة يقودها المحافظون مستقبلاً، فهم مدركون أن وصول حكومة يقودها بايدن يعد فرصة مؤاتية لإعادة الثقة الضائعة مع الولايات المتحدة وتحقيق المصالح الوطنية ضمن الإطار الثلاثي الذي وضعه المرشد الأعلى الايراني السيد علي خامنئي للسياسة الخارجية وهي: (الكرامة والحكمة والمصالح).
تقرير : محمد رؤوف – فاضل حمه رفعت بنما ، BVI ،جزر الكاريبي ( كاريبين آيلند ) تلك الاماكن هي جنان بالنسبة الي المسؤولين الذين يخفون ثرواتهم فيها ، المسؤولين الكورد لديهم شركات ومصالح تجارية واقتصادية باسماء اشخاص اخرين ، كانت ثروة الاتحاد الوطني الكوردستاني تقدر بعشرة مليارات دولار قبل 14 عاما من الان فيما ارتفعت الي حوالي 100 مليار دولار في تعاني حكومة الاقليم برئاسة مسرور البرزاني من ازمات مالية وليست قادرة علي تأمين رواتب موظفيها ، فأين ثروات واموال المسؤولين ؟ الاموال المنهوبة من يزود الحكومة بمعلومات حول الاموال العراقية المسروقة ( المنهوبة ) يحصل علي مكافئة مالية تقدر بعشرة ملايين دولار ، هذا بند من قانون عراقي باسم ( استعادة الاموال المسروقة ) تسعي الكتل النيابية العراقية الي تعديله لانه لا يتناسب مع الظروف الحالية ، لان مصطلح الاموال المسروقة في هذا القانون يشمل الاموال المسروقة قبل سقوط نظام صدام في 2003 ، في وقت لا يقل حجم الاموال التي نهبت بعد السقوط عما قبله . بهذا الصدد اكد يوسف محمد رئيس كتلة التغيير الكوردية في مجلس النواب العراقي ل ( الحصاد ) انهم كتلته مع عدد من الكتل الشيعية والسنية الاخري تسعي لتعديل هذا القانون بشكل يشمل الموال العراقية المسروقة بعد عام 2003 ايضا ، والتي لا يُعرف حجمها الحقيقي بالتحديد ، لوجود ارقام متضاربة حوله . وذكرت صحيفة نيويورك تايمز الاميركية في شهر تموز المنصرم ان السياسيين العراقيين يمتلكون ارصدة في البنوك والمصارف الخارجية تقدر بحوالي 150 مليار دولار ،لكن مصادر اخري ترفع هذا التقدير الي 300 مليار دولار ، الصحيفة الاميركية لم تشر في تقريرها الي كيفية ارسال مسؤولي الاقليم للاموال الي الخارج ، لكنها نوهت باستيلاء افاد عائلتي برزاني وطالباني علي جميع العقود ، السؤال الذي يطح نفسه الان هو كيف يخرج مسؤولو الاقليم تلك الاموال الي الخارج أو كيف يتم تبييض اموالهم ؟ مراقبة 118مسؤولا كورديا بعد متابعات لملف تصاعد ظاهرة تبييض الاموال في البنوك الاوربية استمرت لسنوات قرر الاتحاد الاوربي وبالتعاون السلطات المصرفية للاتحاد ، في شهر اذار من العام الماضي استحداث جهاز او مؤسسة اطلقت عليه اسم ( وكالة مراقبة و مكافحة تبيض الاموال )لمواجهة عمليات تبييض الاموال وتداول الاموال الطائلة للشخصيات السياسية داخل حدود دول الاتحاد الاوربي . في مساعيه للتحقيق في المعلومات التي تحدثت عن ضلوع عدد من المسؤولين الحكوميين والحزبيين في اقليم كوردستان في عمليات تبييض الاموال ، حصل الحصاد العام الماضي علي معلومات من مصدر مقرب من وكالة مراقبة ومواجهة تبييض الاموال الاوربية ، تؤكد ان الوكالة وضعت 118 شخصية حزبية وحكومية من الاقليم تحت المراقبة الدقيقة ( الحصاد يحتفظ باسماء عدد منهم ). وحسب متابعات وتحقيقات الحصاد ، السلطات المصرفية في الاتحاد الاوربي لديها معلومات عن تلك الشخصيات التي حولت اموال حصلت عليها بطرق غيرمشروعة الي البنوك الاوربية مابين عامي 2011 و 2019 والتي تم توظيفها و استثمارها في مشاريع ضخمة وشراء عقارات و ممتلكات اخري ( الحصاد يحتفظ باسماء شخصيات واستثماراتهم في بعض البلدان مثل المانيا وبريطانيا وسويسرا وفرنسا وهولندا ، وسيتم نشرها حال استكمال التحقيقات الخاصة بالموضوع ). وتفيد المصادر ان عملية المراقبة شهدت تراخيا في الاونة الاخير علي خلفية عدم تعاون الحكومة العراقية مع الوكالة الاوربية لمواجهة ( مكافحة ) غسيل الاموال بشكل مرضي بسبب احتواء قوائم الوكالة الخاصة باسماء المشتبه بضلوعهم في غسيل الاموال علي اسماء شخصيات سياسية عراقية نافذة علي الساحة العراقية وستكون لقرارات الوكالة تبعات كبيرة علي الاوضاع في العراق ، وقد انعكس ذلك لصالح المسؤولين الكورد المتورطين في تحويل اموال الي البنوك والاسواق الاوربية . كيفية غسل الاموال لدي الحصاد العديد من قصص عمليات غسيل الاموال من قبل المسؤولين الكورد والتي تتخذ اشكالا مختلفة ؛ احد الشخصيات الكوردية الذي يشغل منصبا مهما في بغداد يخفي امواله عن طريق غسيل الاموال ، الشخصية المعنية سجل شركة خاصة في بنما وقيد اصولها في حساب بنكي لشخص في جزر فرجينيا البريطانية ( BVI) وربطه بالجزر الكاريبية ، لاخفاء اي اثر يربطه بامواله المخفية في تلك المناطق التي لا تدفع الشركات فيها ضرائب ( تاكس) لذلك لا تخضع للرقابة مما يسهل اخفاء الهويات الحقيقية لاصحابها وتسجيلها باسماء اخري . وكانت السلطات الاردنية قد فتحت تحقيقا حول ملف مبلغ (900مليون ) عائدة الشخصية الكوردية ذاتها في العاصمة الاردنية عمان قبل سنوات ، حصل عليه من بغداد بطرق مختلفة ولم يكن محولا من شركته في السليمانية ، الا ان التحقيقات اغلقت حول الملف الان ! وهنالك ملف اخر لشخصية كوردية اخري في بغداد ( الحصاد يحتفظ باسمه) حول تسلمه مبلغ (200) مليون دولار كرشي من شركة ( نور تيل الكندية ) عن عقد لمشروع مد خط خدمة الانترنيت . معظم الاموال التي يحصل عليها المسؤولون الكورد بطرق ووسائل مختلفة تحول( تهرب ) الي جزيرتي كيمن وبنما عن طريق شركة هولدين اي مجموعة شركات كبيرة تتجمع تحت مظلة واحدة ، الشركات لن تسجل باسم المسؤول نفسه بل تقيد باسم مجمعة من المحامين . موقعنا ( الحصاد ) يحتفظ باسماء عدد من هؤلاء المسؤولين الكورد الذين يستثمرون اموالهم المهربة في الجزيرتين ، وهناك عدد من هؤلاء المسؤولين يهربون اموالهم الي البنوك ( سويسرا والقبرص ومالطا واستونيا ولتوانيا ) غير الخاضعة للرقابة والتحقيقات الخاصة بدول الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة ، لانها تمتلك قوانين مصرفية خاصة بها تحمي اموال و استثمارات و اسماء رجال الاعمال والتجار، فهي لا تشملها القوانين والاجراءات المعمول بها في دول الاتحاد الاوربي لعدم وجود اتفاقيات خاصة مع الاتحاد الاوربي بهذا الصدد . اموال الاحزاب في البنوك الاجنبية لقد بدأ الاتحاد الوطني الكوردستاني بعد اختيار رئيسيه المشتركين ( بافل جلال طالباني و ابن عمه لاهور الشيخ جنكي ) في مؤتمره الاخير، بدأ البحث عن امواله المختفية ، بعض مسؤوليه اكدوا في احاديث لل(الحصاد ) ان حجم ثروة واموال حزبهم بلغ حوالي 10 مليارات دولار عند جرده عام 2006 ولكنه لم يبلغ 100 مليون عند اجراء الجرد الاخير قبل شهور ، مشيرين الي ان هناك شركات في مناطق نفوذ الاتحاد تبلغ رأسمالها اكثر من 12 مليار دولار . يعتقد المسؤولين الجدد في الاتحاد الوطني الذين ارتقوا الي القيادة بعد المؤتمر الرابع ، ان مبالغ طائلة من اموال حزبهم تم نقلها الي الخارج ، من قبل الاعضاء الذين كانوا مسؤولين عن مالية الحزب . ويعاني الحزب الديمقراطي الكوردستاني من مشاكل منافسه ، اذ يعجز مسرور البرزاني رئيس حكومة الاقليم الذي يعتبر الشخصية النافذة الثانية بعد والده مسعود البرزاني في الحزب ، يعجز عن استعادة الاموال التي هربها مسؤولو حزبه الي البنوك الاجنبية ومسجلة باسماء اشخاص اخري . ويشير معهد بازل العامل في مجال مكافحة غسيل الاموال في تقريره الاخير الصادرفي كانون الاول عام 2018 ، الي ان هناك 20 دولة تسهل عمليات غسيل الاموال ..منها : • Andorra • the Bahamas • Belize • Bermuda • the British Virgin Islands • the Cayman Islands • the Channel Islands, • the Cook Islands • The Island of Jersey • Hong Kong • The Isle of Man • Mauritius • Lichtenstein • Monaco • Panama • St. Kitts • and Nevis • Luxembourg • Switzerland • Malta الكورد في فوضي العراق كان للمسؤولين الكورد حصة في عمليات النهب التي اعقبت اسقاط نظام صدام عام 2003، اذ تورط بعض المسؤولين الكورد ممن يشغلون مناصب في الاقليم او في بغداد في تلك العمليات بشكل مباشر او غير مباشر. في عام 2014 رفع الستار عن اكبر ملف للفساد وغسيل وتهريب الاموال من قبل المسؤولين العراقيين ، عندما كشف النائب احمد الجلبي السياسي العراقي المحنك الذي كان يرأس اللجنة المالية البرلمانية وثائق عن تورط بنوك وسياسيون عراقيون في عمليات سرقة ونهب الاموال العراقية وتهريبها الي خارج البلاد كشف الجلبي الذي كان له علاقات جيدة مع الاوساط السياسية والاستخبارية الدولية عن تهريب مبلغ 212 مليار دولار خارج البلاد كان ضمن مبالغ تقدر ب ( 312 مليار دولار ) ادخلت في البنوك العراقية بين عامي الاعوام ( 2007 – 2013 ) ، واشار ملف الجلبي الذي ضم 72 صفحة الي ان مصير( 78 مليار دولار ) من الاموال المهربة مازال مجهولا . وذكر في الملف ان تلك الاموال قد شهدت 60 الف تنقلا مصرفيا خلال تلك الفترة ، لا يعرف وجهة او مصدر نصف تلك التنقلات والتحويلات ، وبشكل عام تم التعامل مع 50 مليون دولار يوميا وتحويل معظمها الي البنوك الاجنبية . ويؤكد احمد الجلبي في ملفه ان مبالغ تقدر ب( 12) مليار دولار ضمن المبلغ (78مليار دولار ) المجهولة المصير كانت محولة من بنوك اقليم كوردستان الي الخارج ، وتشير المصادر الي ورود اسماء 32 شخصية و25 شركة من اقليم كوردستان علي صفحات ملف الجلبي الذي يطرح موته الفجائي عام 2015 تساؤلات عن ارتباطه بكشف لهذا الملف الحساس . وبالرغم من ان السلطات العراقية وضعت قيودا التحويلات المالية مؤخرا و اكدت علي الحصول علي موافقة البنك المركزي علي التحويلات المالية الكبيرة ، الا ذلك يتم التحايل عليه بحجة استيراد البضائع عبر المعابر الخارجية . ويذكر معهد بازل الدولي المعنية بتبييض( غسيل ) الاموال في تقرير له ان العراق ( بضمنه الاقليم )تصدر قائمة الدول العربية والعالم في عمليات غسيل الاموال عام 2012 .
الحصاد draw: قراءات مستقبلية/ مركرز الدراسات المستقبلية توطئة لقد واجه إقليم كوردستان الآن تحديات جذرية، وانقسمت تلك التحديات علي مستويات سياسية واقتصادية من جهة، ومصير وباء كورونا وتعامل وزارة التربية لكيفية البدء بالعملية الدراسية وأنماط التعامل مع عراقيل وأضرار ومنافع كل من الاختيارات الماثلة أمامها، من جهة أخري. وقد خُصِّصتْ قراءتنا في العدد السابع لبحث ودراسة تلك المعضلات والتحديات التي هي علي كلا المستويين الرئيسين، أحدهما شامل ومرتبط بجميع تلك التحديات التي أخذت بتلابيب الإقليم ولها دور وفاعلية وتأثير في مستقبل التحركات السياسية للاقليم وكذلك أساليب إدارته، وتمثل في مشكلات الصراعات الداخلية، والأزمة الاقتصادية، وضعف عملية الدمقرطة وآثارها، وعلاقة الاقليم مع بغداد والدول الاقليمية وأمريكا أيضا، كل ذلك أمام مستقبل غامض ومضطرب، وتكون لوجهة الاحداث المقبلة التي تطرأ في الاشهر القادمة في العراق والمنطقة، آثار مباشرة علي الاقليم. وعلي المستوي الثاني فقد ناقشت قراءتنا في هذا العدد، موضوع البدء بعملية الدراسة والتعليم في كلتا الوزارتين: وزارة التعليم العالي ووزارة التربية، وقد قامت بتحليل الاختيارات الماثلة أمامهما وأيضا بحثت الاثار والعراقيل والافاق التي تقف أمام ممارسة التعليم الالكتروني أو فتح أبواب المدارس والاختيارات الاخري. المحور الأول: التحديات التي تقف أمام كيان إقليم كوردستان إن كيان إقليم كوردستان وبحدوده وسلطاته الانية، له جذور تاريخية، ولم يكن وليد الزمن الذي يلي سقوط نظام صدام، وان فيدرالية الاقليم هي نتيجة تطور وانماء الارادة والاهداف ونضال الحركات الكوردية منذ عشرات سنين، من أجل تحقيق الحرية وترسيخ الهوية القومية وصد محو الهوية بجميع حقولها. وكحل للقضية الكوردية، في ستينيات القرن الماضي، فقد تم ذكر تشكيل نمط لامركزي في كوردستان العراق لأول مرة، ومن ثَم في بداية السبعينيات تطور الامر الي الحكم الذاتي (الاوتونومي)، وبعد التسعينيات، أصبح تشكيل كيان اقليم فدرالي، شعارا رئيسا للحركات الكوردية وقد صادق عليه البرلمان الكوردستاني والمعارضة العراقية. وقد صودق علي هذا التوجه في الدستور العراقي لعام 2005 وأصبح شعب كوردستان ذوي كيان دستوري معترف به داخليا وخارجيا. هذا عدا تبلور أمل لدي جزء من الناس والمثقفين والقوي الوطنية الكوردستانية منذ بدايات القرن الواحد والعشرين بجعل هذا الاقليم رُوبة للاستقلالية واعلان دولة كوردستان. أما الآن، وبعد مرور 15 عاما من الاعتراف الدستوري بكيان اقليم كوردستان، فقد واجه هذا الاقليم تحديات داخلية واقليمية خطيرة، جزء منها مرتبط بأداء السلطات الكوردية ذاتها، وجزء منها مرتبط بمحاولات القوي الاقليمية ومكايدها، وجزء آخر برؤية وموقف القوي العراقية. –التحديات الداخلية: 1- صراعات القوي السياسية: الصراعات كما كانت دوما بين الحزبين الكبيرين في الاقليم (الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني)، حيث في العقود الثلاثة الماضية، كانا مصدر غالبية المشكلات ومحرك اهم التبادلات الداخلية في الاقليم، بسبب الحرب الداخلية بينهما أو النزاعات والاتفاق الاستراتيجي بينهما، شروعا بتقسيم القرار السياسي، والسلطة المالية حتي وصل الامر الي تشطير جغرافية الاقليم واعادة اتحادهما بشكل مهزوز في ظل نوع من الادارة الثنائية الخفية. وكان كابوس الصراعات لم يزل حتي الان غاشيا جناحيه عليهما، وازدادت مخاطر افراطه يوما تلو اخر، وخصوصا في مجال عدم توحيد قوات البيشمركة، والمؤسسات الامنية، وعدم توفر رؤية استراتيجية مشتركة الي السياسة والامن الخارجي للاقليم، ومن الواضح ان هذه الصراعات لم تهدد الامن الداخلي للكيان فحسب، بل هي أسباب عدم توحيد وجهة النظر للمعضلات الوطنية خارج الاقليم، فضلا عن عدم توحيد الصفوف امام التبادلات الخارجية، إذ كان دوما مصدر التهديد وله تاثير اقليمي و دولي مدقع علي القرار السياسي للاقليم. 2- الأزمة المالية: بسبب انهيار سعر النفط في الاسواق العالمية، ونتيجة انتشار وباء كورونا، فقد أدت هذه الاسباب الي تفليج الامكانات المالية للاقليم، حيث حسب بعض المصادر ففي الشهرين الثالث والرابع للسنة الراهنة التي هي بداية الازمة، انخفض دخل حكومة الاقليم بنسبة ما يقارب 45% من بيع النفط ونسبة 90% من وارداته الداخلية، بل حسب آخر اعلان رسمي لوزارة مالية الاقليم في 17/8/2020 فان الواردات الداخلية للاقليم وواردات بيع نفطه لا تتجاوز 390 مليار دينار، رغم انه لم يكن واضحا هل هذه الواردات هي دخل شهر واحد أو أكثر؟ واذا قارنناها بواردات شهر واحد من أشهر سنة 2019 التي هي أكثر من 600 مليار، فنجد أنها انتقصت بنسبة 35%، هذا فضلا عن أنه في الخمسة أشهر ماضية تم إرسال 320 مليارا فقط من قبل حكومة بغداد الي حكومة الاقليم كنصيبه في الميزانية. وفي ظل هذه الظروف فان حكومة الاقليم خلال فترة الاشهر الثمانية السابقة للسنة الراهنة، استطاعت أن تصرف وجبتين من رواتب الموظفين، ولم يكن من المؤمل ان تسيطر علي هذه الازمة الاقتصادية في الفترة القريبة المقبلة، وخصوصا إذا لم يرتفع سعر النفط بشكل ملحوظ حتي نهاية السنة، ولم تتحسن الظروف الاقتصادية للعالم في ظل انتشار وباء كورونا، ولم تكن هناك محاولة وخارطة طريق ملحوظ للخروج من الاقتصاد الريعي (النفطي) والمجتمع المستهلك، ولم يتطور وضع عملية الاتفاق بين الاقليم وبغداد كما كانت متوانية في الفترة الماضية، رغم انه في الاونة الاخيرة توصل الطرفان الي شبه حل لمشكلاتهما (وذلك كبصيص نور الامل). 3-أزمة انتشار وباء كورونا: علي الرغم من أن حكومة إقليم كوردستان استطاعت، في بداية انتشار الوباء، في الشهرين الثالث والرابع للسنة الراهنة، أن تعرض مستوي قيما لمواجهة الوباء، الا عدد المصابين والوفاة بسبب الوباء نفسه ازداد من تاريخ منتصف الشهر السادس في اقليم كوردستان، حيث إن نسبة المصابين به في هذا الشهر فقط في محافظات الاقليم، وصلت الي 13%-14% من جميع نسبة المصابين في العراق، وهذا ما أدي الي ثقل كاهل المستشفيات ومؤسسات القطاع الصحي في الاقليم، حيث كان هذا القطاع في الاساس يعاني من اشكاليات عدة، من حيث قلة المستشفيات وقلة سرائر المرضي، ونقص الكوادر الصحية حتي الوصول الي النقص في الادوية والاحتياجات الاخري لمواجهة أي مرض وبائي ومدقع. وفي ظل هذه الظروف الصحية العصيبة والضعيفة واستمرارية الازمة الاقتصادية، لم يكن هناك أفق واضح ليقدر الاقليم علي الصد من انتشار الوباء بالمستوي المطلوب، ويردع من ازدياد ضحاياه. 4-معضلات الحكم الرشيد: رغم الأزمات السابقة كافة، فقد كانت عملية الحكم في الاقليم، دوما، مفعمة بالمعضلات والمد والجزر بين الاستخدام الساذَج لعديد من الوسائل الديمقراطية مثل: الانتخابات، وحريات الصحافة والتعبير عن الرأي والتجمع العام، لكن انتهاكها بشكل علني، الاعتراف بالمعارضة ومنافستها للسلطة، لكنه في الوقت نفسه عدم ضمان دورها. تقنين مبادئ اللامركزية الادارية والمالية في الوحدات الادارية والجغرافية لكن عدم الالتزام بتوزيع المهام والسلطات عليهم. هذا الي جانب معضلة اسقلالية البرلمان والسلطة القضائية ومؤسسات المجتمع المدني، حيث وحسب ايقاع العلاقة الماثلة بين القوي والاحزاب السلطوية فقد اصيبت هذه المؤسسات بالخمول و الايقاف والتهميش. هذا عدا معضلات توزيع الخدمات البدائية، والصحية، و التربوية، والتعليمية والضمان الاجتماعي، وتضخم أعداد الموظفين وازدياد عدد المؤسسات الادارية في الاقليم مقارنة بضعف أدائها وانتاجها، إضافة الي ذلك ثمة معضلة الانتشار الملحوظ للفساد التي أدت الي تنفيد ثقة المواطنين بالمؤسسات الحكومية بشكل كبير. –التحديات الخارخية: 1- ضعف مكانة الكورد في بغداد: علي خلاف الدور الكبير الذي أدته قوات بيشمركة كوردستان عند الحرب ضد داعش، فبعد الانتهاء منها واليأس من محاولة الاستفتاء وسحب قوات البيشمركة من المناطق المتنازع عليها وإرجاع سلطات الاقليم الادارية الي الحدود الجغرافية لما قبل 9/4/2003، فقد تراجعت سيطرة القوي الكوردية وضَعُف رسم وملمح اقليم كوردستان في السياسة العراقية، وقد ازدادت انتقادات أعداء الكورد والاقليم في بغداد يوما تلو آخر، كما يعلو صوت وانتقاد تلك القوي التي تري أن سياسة واقتصاد كوردستان هي عبء أثقل كاهل العراق، بل الان أصبح الطعن في الكورد وسياستهم ورموزهم أداة سياسية متينة تستخدمها بعض القوي والأشخاص، عند انفجار الازمات واقتراب موعد الانتخابات، لتهدئة الشارع وجمع أصوات أكثر وتشغيل ماكنة ضد الكورد، بل وصل هذا الوضع الي مستوي مطالبة بعض القوي العراقية بتعديل الدستور ومحو مبادئ ووسائل الفيدرالية، بذريعة ان هذه المبادئ والوسائل مهدت الطريق لتجاوزات الكورد علي الدستور والاقتصاد العراقي، لذا ينبغي أن تُعاد كوردستان وأقليمها الي كيانهما المستحق بهم ولا يستحقون أكثر من اللامركزية الادارية في أحسن الاحوال. لذا فان أحد أسباب خمول خطوات الاتفاق في هذه الدورة بين أربيل وبغداد يعود الي ضعف مكانة الاقليم في بغداد، الي جانب صعوبة نتائج الازمة الاقتصادية علي عاتق العراق، هذا فضلا عن أن الاقليم بعد 2012 واتِّباعه سياسة (الاقتصاد المستقل) عام 2014 أبدي نوعا من عدم الاكتراث السياسي والاقتصادي إزاء الحكومة الفدرالية، مما أدي، الان، الي رد الحالة الي أصحابها من قبل بغداد. 2 – تراجع أمريكا عن دعمها للكورد: بعد 2003 وصولا الي 2017، كان الكورد في نظر الامريكيين مؤازرا فعالا لنصرة صراعاتها مع ايران والجماعات الارهابية في العراق والمنطقة الي جانب السنة والقوي العراقية الليبرالية، لكن بعد خيبتها من دمقرطة الدولة العراقية والانسحاب من الاتفاق الذري مع ايران وازدياد المحاولات لاجبار امريكا للانسحاب من العراق سريعا، وذلك في ظل ازدياد سيطرة القوي والاطراف السياسية والمسلحة التابعة لايران في المؤسسات التشريعية والعسكرية العراقية وأخذ موطئ قدم في المكونات الحكومية، هذه الامور أجبرت أمريكا، من أجل تحقيق أهدافها وتعديل كفة ميزانها في المواجهة مع ايران، أن لا تراهن علي دعمها للكورد او السنة او اية قوي أخري، بل تتحاور مباشرة مع المؤسسات الرئيسة والعليا العراقية بشكل استراتيجي، وهذا ما أدي الي إضعاف أكثر لمكانة الكورد في العراق ولدي القوي العظمي، حيث تبلورت قناعة لدي البعض بان الكورد مايزالون في محاولة الخروج من ذلك التهميش والانساك اللذين أصابهما بعد عملية الاستفتاء عام 2017 علي الخارطة السياسية لامريكا والقوي العظمي الدولية والاقليمية. 3-ازدياد سيطرة القوي الاقليمية: علي الرغم من أنه بعد عام 1991، كان للاقتتال الماثل بين توركيا والاحزاب والكوردية (حزب العمال الكوردستاني ب.ك.ك)، وكذلك بين ايران والقوي الكوردية (العصبة والديمقراطي)، تأثير في خلق المشكلات الامنية والسياسية لاقليم كوردستان، الا ان الهدف الاخير من تحركاتهما وتدخلاتهما في اقليم كوردستان لم يكن محصورا في قمع الاحزاب المعارضة لهما فحسب بل تطرق الي بلبلة الأمن في كيان الاقليم، فمثلا بعد استفتاء عام 2017 كانت تركيا خوفا من اعلان إلحاق كركوك بالاقليم، إذ كانت كركوك وأهاليها في المخيلة الجيوبولتيكية التركية امتدادا لأهل وأرض دولتها، لذا أبدت موقفا عسيفا ضد الاستفتاء وأيدت رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بشدة، ليلج في أرض كركوك بالجيش والحشد الشعبـي، أما بالنسبة لموقف ايران، فليس بالخفي علي أحد ان قاسم سليماني نفسه يشرف مباشرة علي تقدم الجيش العراقي والميليشيات العراقية التابعة لايران للاستيلاء علي جزء من المناطق المتنازع عليها. والان، فان تأهب الجيش والتحركات العسكرية الاخيرة لكلتا الدولتين ضد الاحزاب والقوي المضادة لهما داخل أرض إقليم كوردستان، يحتمل خلق مخاطر كبيرة علي كيان الاقليم، وخصوصا الهجمات التركية الجوية والبرية الاخيرة علي أرض اقليم كوردستان، حيث يتوقع منها أن الهدف هو صنع ذلك الحزام الامني الذي تريد تركيا صنعه منذ سنين طوال في حدود الاقليم، وان مخاطر وقوع هذا التنبؤ يبرز حجمه الاكبر عندما كان هناك احتمال أن تلك الهجمات التركية شنت بمباركة السلطات العراقية. لذا ففي ظل عدم وسع حكومة اقليم كوردستان لمواجهة الهجمات التركية ومنع (ب ك ك) من شن الهجمات علي تركيا، حينذاك يحتمل ان تكون احدي النتائج هي انتشار القوات العراقية والدولية لحماية حدود الاقليم من حرب (ب ك ك) مع تركيا، اضافة الي ذلك يحتمل ان تقبل الدول الجوار، لتضئيل دور اقليم كوردستان اقليميا، أن يُولي اهتمام أكبر بجيش العراق الفدرالي في اي تغييرات مستقبلية من اجل حماية الحدود الدولية لاقليم كوردستان، وبهذا فان حكومة اقليم كوردستان تفقد السيطرة علي حدودها من حيث الجانب السياسي والامن القومي، كما يضر أكبر ضرر بواردات المعابر الحدودية. –سيناريوهات مستقبل كيان اقليم كوردستان في ظل تلك التحديات الداخلية والخارجية اعلاه، يمكن أن نتوقع عدة سيناريوهات لاقليم كوردستان، وهي: أولا: بقاء كيان الاقليم كما هو الان، أكثر السيناريوهات زُلفي ومنطقيا، لكن مدي استمرارها قصير بسبب تحديات سلطة الاقليم السيئة، ما لم يقم حكام الاقليم بإصلاح شامل في جميع الحقول السياسية والاقتصادية والادارية، وليس ببعيد أن تزداد أصوات المعارضين من ذوي الطبقات المتشتية، التي تكاد تبرز في المدن، تؤدي الي مظاهرات شاسعة، ومن المعلوم حينذاك يكون أحد مطالبهم الرئيسة هو اقالة الحكومة الحالية وحل البرلمان، والانتخابات السابقة لأوانها. حينذاك لا يبعد أن تتكر بعض السيناريوهات التي حصلت في العراق /شهر تشرين من العام الماضي في الاقليم، والتي أدت أخيرا الي استخدام العنف ضد المتظاهرين ومن ثم إقالة الحكومة وتعميق أزمة إعادة تشكل الحكومة الجديدة. ثانيا: حل أو تحجيم الكيان الحالي لاقليم كوردستان وإعادته الي وضع اداري ضعيف بحيث لا يتجاوز مداه عن اغلال اللامركزية الموجودة قبل انتفاضة 1991، خصوصا وحسب رؤية بعض القوي العراقية، ينبغي أن يكون الهدف، في الاخير، من اتفاق هذه المرة بين بغداد واربيل هو التشديد الاكثر علي تلك الاغلال ومن ثم تعديل الدستور وحل المبادئ الفدرالية حتي ينهي ذلك الانحراف الثلاثيني المسمي بـ(ظاهرة اقليم كوردستان). فضلا عن انه توجد الان بعض القوي العراقية والشخصيات الكوردية يحاولون صنع توجيه لتحقيق ذلك الهدف، في الانتخابات المقبلة، رغم ان مدي فوز هذا الاتجاه مرتبط بمدي تأييد الناخب الكوردي له ومدي تثبيت الخطاب الاستوطاني العراقي وايضا مدي استعداد الحكومة الفدرالية لدعم الاقليم اقتصاديا وتخفيف كاهل الازمة الاقتصادية علي معيشة اكثرية سكان الاقليم، لكن في ظل الرِّداءِ الطائفي الذي كسته الحكومة العراقية مدة 15 عاما مضي، فقد أدي الي ضعف تأهيل الارضية لبناء هذه الابعاد. ثالثا: تقسيم أو اعادة تنظيم الوضع الداخلي للاقليم الي كيانين أو منطقتين متشابهتين من حيث النفوذ القانوني والعسكري، سواء بسبب تعميق الصراعات الداخلية بين الحزبين الكبيرين الحاكمين، أم بسبب التفاهم فيما بينهما للضرورة ومنافع اعادة تنظيم هكذا بشكل قانوني وسليم وحسب مبادئ اللامركزية السياسية والمالية الصحيحة، بحيث يقدر علي تخفيف أعباء الكاهل الاداري والمالي لكليهما علي الحكومة المركزية في ذاك الحين، لاشك ان الاتفاق السلمي علي هكذا سيناريو يسود لازدياد تطوير القدرات الاقتصادية والانسانية للاقليم وايضا لتفعيل وتامين احتياجات الناس وتحقيق الاهداف الاستراتيجية للكورد في الداخل والعراق والخارج، وهو جدير بالدعم. رابعا: تفعيل ورقة الاستفتاء واعلان استقلالية اقليم كوردستان والانفصال عن الدولة العراقية، هذا الامر يكون صعبا من حيث الواقع، لكنه من الممكن اللجوء اليه كتمني الحكام لمواجهة بعض التحديات الداخلية، او للضغط علي العراق لقبول اتفاق مفعم بالمكاسب السياسية والمالية اكثر للاقليم، ومن الواضح ان تمنطُق هذا السيناريو مرتبط بالتغييرات الكبيرة في موقف الدول العظمي الدولية والاقليمية منها ازاء هذا الاختيار باتجاه مواءمتها مع الموقف، ويتحمل ان يكون الاختيار الاكثر منطقيا هو الاتفاق مع بغداد او اجبارها علي اعادة تنظيم الاقليم علي مبادئ الكونفدرالية كمرحلة انتقالية، ولاشك ان قبول مثل هذا الاختيار الذي هو نافع لأهداف الكورد البعيدة المدي، ينبغي ان يضمن الفرص الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية للعراق. إذن، علي الرغم من ان بعضا من هذه السيناريوهات تحمل فرصا لكوردستان واقليمها، لكن معظمها مصدر التهديد لهما. ومن أجل الاستفادة الاكثر من أية فرصة، فلابد لذوي القرار في الاقليم أن يراعوا: أن معضلات الاقليم هي شاملة ومتعددة، لذا فان معالجتها يجب ان تكون متشعبة، اذ لا تنحصر معضلات الاقليم علي الرواتب والمالية فحسب، رغم كونهما الان، من أبرز المعضلات، لذا فليس اصلاح هذا المجال حلا لجميع المعضلات، بل جنبا الي جنب الخطوات المالية ينبغي ان يخطوا خطوات اخري في المجالات المتشتية، مثل: انهاء عملية المصادقة علي الدستور، وتسييد مبادئه في جميع الخطوات الاصلاحية، اعادة تنظيم قوات البيشمركة ومَأْسَسَتِهَا، تفعيل اللامركزية، مواجهة ومكافحة الفساد بطريقة جادة، اعادة احترام وسيادة مركزية القرار الي المؤسسات السياسية العليا المنتخبة، العمل علي تعدد الابعاد الاقتصادية والتقليل من الاعتماد علي بعد اقتصادي واحد (وهو استهلاك النفط)، وكثير من الخطوات الاخري. – الباحثون:د.يوسف گوران،د.ئوميد رفيق فتاح، د.عابد خالد رسول،د.هردي مهدي ميكة – السليمانية – اقليم كوردستان
الحصاد draw: تيم شاوينبيرغ - DW المخدرات ليست مضرة بالصحة وآثارها السلبية تنعكس علي المجتمع فقط، بل إن زراعتها تشكل خطرا كبيرا علي البيئة أيضا. كما يترك إنتاج وزراعة المخدرات آثارا مدمرة علي النظام البيئي والتنوع الحيوي. تفيد تقديرات الأمم المتحدة بأن 269 مليون شخص حول العالم تعاطوا مخدرات في عام 2018 . وإنتاج الكوكايين بلغ مستوي قياسيا وانتاج الأفيون في تزايد مطرد منذ عشر سنوات، وفي هولندا تزدهر سوق المخدرات الاصطناعية، وإن إضفاء الشرعية علي استهلاك القنب في بعض البلدان يحفز تجارتها. والتهريب وحروب المخدرات تتسبب في حصول وفيات ووقوع ضحايا. لكن حتي الآن لا يتم الحديث عن الانعكاسات السلبية للمخدرات وتاثيرها علي البيئة. سيجارة مخدرات أم ثلاثة كيلوغرامات بطاطس؟ بـ 192 مليون مستهلك في عام 2018 يبقي القنب المخدر الأكثر انتشارا عالمياـ إذا ما تركنا التبغ والكحول جانبا. وفي الولايات المتحدة الأمريكية تتقدم شرعنة الماريجوانا وهي تمثل اليوم سوقا بمليارات الدولار، ولاسيما الزراعة الداخلية في المستنبتات الزجاجية التي تستهلك الكثير من الموارد لتأمين الضوء والتهوية والحرارة المناسبة لزراعتها. وحسب تقديرات يمثل الانتاج في الولايات المتحدة الأمريكية نحو واحد في المائة من مجمل استهلاك الكهرباء في البلاد. وورد في تقرير لجامعة ديفيس في كاليفورنيا أنه"في غضون سنة واحدة يتم إطلاق نحو 15 مليون طن من غاز ثاني أوكسيد الكاربون في الهواء من خلال الانتاج الداخلي للقنب في الولايات المتحدة, أي ما يعادل انبعاثات ثلاثة ملايين سيارة خلال سنة". وبالتالي فإن سيجارة ممزوجة بمخدرات تأثيرها علي البيئة يصل إلي نفس مستوي تأثير ثلاثة كيلوغرامات من البطاطس. والقنب يحتاج إلي كميات هائلة من الماء. فنبتة واحدة تحتاج من الماء ضعف ما تحتاجه الطماطم أو العنب. وولاية كاليفورنيا نتنج 70 في المائة من كمية القنب المستهلك في الولايات المتحدة. وباستهلاك مائي يصل إلي 22 ليتر للنبتة القنب الواحدة في اليوم الواحد، تسبب زراعتها في أوقات الجفاف أزمة مياه في المنطقة. وعلماء من وزارة الصيد والحيوانات البرية يقدرون بأن الزراعة الخارجية غير القانونية تخفض مستوي الماء في الأنهار حتي الربع. كوكايين ـ آثار بيضاء في الأدغال وآثار البصمة البيئية لمستهلكي الكوكايين الـ 19 مليون في العالم يمكن ملاحظتها بشكل خاص في أمريكا اللاتينية. فبحسب الأمم المتحدة أمكن في كولومبيا في عام 2018 إنتاج حتي 1120 طن من الكوكايين الخالص، وهي كمية غير مسجلة سابقا. ومنذ 2001 تم هناك حتي اليوم جرف وقطع أشجار أكثر من 300 ألف هكتار من الغابات من أجل زراعة نبتة الكوكا. وبيانات الأقمار الاصطناعية الحديثة تكشف أنه في منطقة الأمازون وحدها في كولومبيا يتم حاليا زراعة 50 ألف هكتار من الكوكا ـ ونصف المساحة في مناطق طبيعية ذات تنوع بيئي كبير. وبعد تراجع مؤقت "نري اليوم الزراعة في كولومبيا علي مستوي مرتفع جديد مثلما كان قبل عشرين عاما"، يقول باولو ساندوفال، استاذ الجغرافيا بجامعة أوريغون. لكن المنطقة التي تطالها بحوثه تمثل فقط 20 في المائة من مجمل المساحة الزراعية. والحكومة الكولومبية تراهن إلي حد الآن في مكافحة زراعة الكوكا علي الإتلاف. فالطائرات تقوم برش الحقول بمبيد الحشرات غليفوسات. وهذه الطريقة دمرت الكثير من مزارع الكوكا، ولكن أيضا الغابات والأراض زراعية المحاذية لها أيضا. واليزابيت تيلمان من جانعة كولومبيا في نيويورك تعتبر أن هذا الأسلوب يضر بالبيئة أكثر مما يحميها. لأنه إذا دُمرت الحقول، فإن الشركات تقطع غابات جديدة وتزرع في أماكن أخري. ويتم تحويل اوراق الكوكا في مختبرات سرية إلي مسحوق الكوكائين. ومن أجل ذلك يتم استخدام مواد كيميائية سامة جدا مثل الأمونياك والأسيتون والأحماض الملحية. ويقدر خبراء بأنه يتم صب ملايين الليترات منها في الأرض والأنهار سنويا. وفي تلك المياه والأنهار اي حياة نباتية أو حيوانية حسب تقرير للاتحاد الأوروبي من عام 2015. المخدرات الاصطناعية تمثل هولندا وبلجيكا مراكز للمخدرات الاصطناعية. وتُستخدم سوائل كيميائية جد سامة في إنتاج مخدر اكستازي. والمعهد الهولندي لبحوث الماء يقدر بأنه في عام 2017 تم صب سبعة آلاف طن من تلك السوائل في براميل أو في الأرض والأنهار. "وهذا شيء لا يمكن تصوره"، كما يقول اريك إيمكه الباحث في المعهد الهولندي لبحوث الماء لدويتشه فيله. وفي تقرير لقناة تلفزة هولندية (NOS) يوضح باحث خبير مدي خطورة تلك السوائل من خلال صبها علي فخذ دجاجة في وعاء، حيث أنه بعد يومين تلاشي اللحم بكامله ولم يتبقي سوي العظم. كما أصبحت تايلاند ولاووس وميانمار في السنوات الماضية مركز إنتاج عالمية للمخدرات الاصطناعية، كما يقول جريمي دوغلاس من مكتب آسيا للأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة لدويتشه فيله. "والأضرار علي المياه الجوفية والمحيط البيئي هائلة وفي الحقيقة يتعلق الأمر بكارثة بيئية ومهددة للصحة". الأفيون في أفغانستان ـ نقص في المياه والهجرة من الريف بمساحة 337 ألف ملعب كرة قدم أو 23 مرة مساحة باريس، يقدر حجم المساحة التي يُزرع فيها الأفيون في العالم حسب تقرير أصدرته الأمم المتحدة عام 2019. والمنتجون الرئيسيون هم ميانمار والمكسيك وبالدرجة الأولي أفغانستان ـ بـ 84 في المائة من الإنتاج العالمي للأفيون. والخشخاش ينمو لاسيما في جنوب غربي أفغانستان حيث كانت المساحة حتي التسعينات عبارة عن صحراء قاحلة. واليوم يعيش هناك نحو 1,4 مليون شخص من زراعة الأفيون والزراعة. وهذا ممكن بفضل آلاف المضخات المائية التي تجعل من الصحراء مساحات خضراء. وهذا يبدو إيجابيا بخلاف ما هو عليه. وحسب تقرير من الخبير الاقتصادي الاجتماعي، ديفيد مانسفيلد فإن مستوي المياه الجوفية ينخفض في المنطقة بثلاثة أمتار في السنة الواحدة بحيث أنه يتم حفر آبار بعمق 130 مترا. والمزارعون يستخدمون أسمدة كيميائية ومبيدات قوية لمكافحة الطفيليات. وإذا ما نضبت المياه في هذا المكان، ستكون هناك هجرة كبيرة من هذا الريف.
تقرير : فاضل حمةرفعت – محمد رؤوف في إقليم كوردستان اغلب الاحزاب السياسية والمسؤولون الحزبيون متواطئون في التجارة واعمال الشركات، بعض الاحزاب وُلِدُوا من ارحام الشركات والبعض الآخر اسسوا شركات لجمع رؤوس الاموال، تَواطُأْ الاحزاب في الاعمال التجارية قصَّرَت باع الحكومة علي الشركات والتجار، يعرض (الحصاد) في هذاالتقرير تَواطُأْ الاحزاب في الاعمال التجارية وتشغيل رؤوس الاموال. اليكيتي(الاتحاد الوطني الكوردستاني) وشركاته ترجع بدايات تحول الاحزاب الي شركات في اقليم كوردستان الي العام 1992، وقتها كان جلال الطالباني السكرتير الراحل لليكيتي(الاتحاد الوطني الكوردستاني) اول من فكر ان الحزب ينبغي ان يكون صاحب شركات كي يستطيع تقوية اقتصادة من خلالها، مثلما يقال ان الطالباني الاب كان مُعجباً في هذا المجال بمنظمة التحرير الفلسطينية فقد كانت المنظمة حينها صاحبة اقصاد قوي. اسس اليكيتي شركة (نوكان) بداية التسعينات من القرن الماضي، لم تكن (نوكان) مجرد شركة، فقد اصبحت فيما بعد مجموعة شركات، فمثلاً في قطاع البناء والانشاءات تأسست عدد من الشركات منها (راز، دَرْكَزين، تُوزَلَة، رَزكَة، قوباد، شكوفة، ريكو، جيا، ايرون) والعديد من شركات اخري تجمع سنوياً اموالاً كثيرة لمكتب المالية التابع لليكيتي. بعد العثور علي النفط، اسست شركة (نوكان) عدداً من الشركات في قطاع الطاقة، منها (مهد، وزة، زوي، باوان) وعدد آخر من الشركات التي تعمل في المجال النفطي وتجمع اموالاً كثيرة لمكتب المالية التابع لليكيتي. عندما ازدادت الاقاويل حول الشركات الحزبية، بالتزامن مع الصراعات الداخلية علي مالية الحزب، فكرت شركة نوكان بتأسيس شركة امنية سَمَّتها (داهول) لتتولي مهمة المحافظة علي سلسلة الشركات التابعة لها. دخلت شركة نوكان في مجال السيارات ايضاً، وأسست شركة في هذا المجال تحت مسمي (كارزون)، كانت هذه الشركة تقوم بإستيراد السيارات لحدود المنطقة الخضراء(المنطقة الخضراء مصطلح تُطْلَق علي المناطق الواقعة فعلياً تحت سيطرة اليكيتي) واصبحت الشركة تجمع اموالاً كثيرة لمكتب المالية التابع لليكيتي. حتي العام 2016 اسست شركة نوكان مجموعة اخري من الشركات في مجالات مختلفة اخري منها (هوما، كَرِنْت، كوردستان، سايكس، نزار، هِزِنك، ديوتي فري، غازكو). بحسب المعلومات الرسمية حتي العام 2016 كانت لدي نوكان (16) معملاً في المجال الصناعي منها صناعة الـ(PVC) والطابوق الاحمر وتصنيع وتصفية الملح وحياكة الملابس والعمل في العديد من المجالات الاخري. انخرطت نوكان في العديد من المشاريع الاخري داخل محافظة السليمانية في قطاع الفنادق والمطاعم، منها (آشتي، سليماني بالاس، ازمر بالاس، مير، قرية دابان السياحية). في قطاع الطيران ايضاً، وضعت شركة نوكان بصمتها وأسست شركتين سَمَّتْهُما (ازمر اير وهوما ترافل). وهذا فضلاً عن شركاتها في مجال النفط والامن وخطوط الانترنت والتبغ والمجالات الاخري. شركة نوكان كانت تُدار مباشرةً مِن قِبَلْ مكتب الادارة العامة لليكيتي، وكانت تحصل علي عقود المشاريع وتَدُرُّ ارباحا كبيرة علي الحزب وبَنَتْ اقتصاداً قوياً للحزب. بعد مرض جلال الطالباني السكرتير العام لليكيتي وابتعاده عن المسرح السياسي, في عام 2016 تَوَزَّعَ اليكيتي علي قطبين، الاول قطب هيرو ابراهيم احمد عقيلة الطالباني، والثاني قطب كوسرت رسول علي النائب الاول وبرهم صالح النائب الثاني للسكرتير العام، وأعلن النائبان عن تيار داخل اليكيتي بإسم "مركز القرار"، وكانت احدي المشاكل الرئيسية بين القطبين هي مالية الحزب. اتَّهَمَتْ وقتئذ جناح مركز القرار في بيانٍ لها جناح هيرو ابراهيم احمد وعائلة الطالبانيين بأنهم جعلوا من اليكيتي قوةً لـ"نهب النفط وبلع ثروات الناس" والسيطرة علي مالية الحزب لأنفسهم وكانوا يقصدون من هذا تحديداً دلير سيد مجيد مسؤول الادارة العامة لليكيتي والمُقَرَّب من جناح هيرو ابراهيم احمد حينئذ. عقد اليكيتي مؤتمره الرابع نهاية العام الماضي، فيه لم يُجرَ اي تغيير علي مكتب مالية الحزب وبقي كما كان في عهدة دلير سيد مجيد، منذ سنوات و مالية اليكيتي في ذمة دلير ولذلك اُطْلِقَ عليه في الحزب لقب "رجل المال"، وفقاً للنظام الداخلي الجديد لليكيتي ينبغي ان يكون مسؤولوا المكاتب من اعضاء المكتب السياسي، لكن دلير ليس عضواً في المكتب السياسي، بل هو عضو المجلس السياسي الاعلي للحزب، لذلك من المنتظر اعفائه من منصب مسؤول مكتب المالية، ولكن هذا القرار لم يتم اتخاذه حتي اللحظة. البارتي(الحزب الديمقراطي الكوردستاني) وشركاته نشرت مؤخراً صحيفة (نيويورك تايمز) الامريكية تقريراً بعنوان "داخل قرصنة العراق"، ذكر التقرير في محتواه كيفية تدخل الاحزاب السياسية والميليشيات في شؤون التجارة وأَثْرَوا انفسهم واشتري مسؤولوهم مطاعم ونوادي ليلية. كما تحدث التقرير عن اقليم كوردستان وجاء فيه : تستخدم عائلتي البارزاني والطالباني نفوذهما وسلطتهما للسيطرة علي عقود منطقة كوردستان من اجل إثراء انفسهم. مثلما اليكيتي لديه مكتب الادارة العامة، فالبارتي لديه ايضاً لجنة الاستثمار، في السابق كان مسؤولها عزالدين برواري، لكن في اواخر العام الماضي اعفي من هذه المسؤولية وجِيءَ بـ(آراس حسو ميرخان) العضو القيادي في البارتي ليَحُلَّ محله. تحتكر شركات البارتي اغلب مجالات التجارة في معظم القطاعات. تسيطر ثلاث شركات محسوبة علي البارتي وغير مسجلة رسمياً بإسمه شؤون التجارة والاوضاع الاقتصادية في حدود منطقة البارتي والمعروفة بالمنطقة الصفراء (المنطقة الصفراء مصطلح تُطْلَق علي المناطق الواقعة فعلياً تحت سيطرة البارتي). اولاً : شركة ستير هذه الشركة مقربة من مسرور البارزاني رئيس حكومة الاقليم، قال سوران عمر النائب السابق في برلمان كوردستان عن الجماعة الاسلامية : "هذه شركة مسرور البارزاني"، علي هذا رفع عليه مسرور البارزاني دعوي قضائية في المحكمة مُسْتَنكِراً ان يكون لديه شركة، وهذا عين الحق، لأن في اقليم كوردستان لا يُسَجِل المسؤولون شركاتهم بأسمائهم، بل الاشخاص المقربون منهم يقومون بإدارة امورهم الاقتصادية. تشير الوثائق الامريكية المُسَرَّبَة علي موقع ويكلكس ان حصة الاسد من اسهم شركة ستير تعود لمسرور البارزاني. تأسست شركة ستير عام 2002 ورئيسها ومديرها المنفذ يدعي (سيروان عزيز)، ستير هي مالكةٌ لـ(12) شركة وتتشارك مع (10) شركات اخري. وفقاً لما تقول مجموعة شركات ستير انها تعمل في هذه المجالات : "البناء والعمران، هندسة البيئة، تقديم الاستشارات، التأمين، لوجستيك، حماية المؤسسات، رفع الالغام، القوي العاملة، الكهرباء، النفط، التجارة، السياحة، تقنية المعلومات، العقارات، ومشاريع الاسكان". تتكون مجموعة شركات ستير من هذه الشركات : • ستير كونستركشن • ستير بترليوم • ستير تاور • ستير سكيوريتي • مياه كاني • مياه آفيان • ستير افييشن • ستير تيك شركاء شركة ستير يتكونون من : • الخطوط الجوية التركية • سن اويل • هاريكار • دنيا كروب • MSC • كار كروب كما يقال ايضاً ان بنك (RT) في اربيل تابع لشركة ستير، فبعد تولي مسرور البارزاني منصب رئيس وزراء الاقليم، تُدْخَل العائدات النفطية لاقليم كوردستان بعد استلامها الي هذا البنك وفيه يتم صرف العائدات من الدولار الي الدينار العراقي. ثانياً : مجموعة (صلاح الدين كروب) يقال ان هذه الشركة تابعة لـ(نيجيرفان البارزاني) رئيس اقليم كوردستان، لكن لا يوجد اسم نيجيرفان البارزاني في اي دليل قانوني يخص الشركة المذكورة، علي غرار سابقتها شركة ستير. بحسب ما تقوله الشركة انها معترفة بها من قِبَل البنك الدولي منذ عام 2017. فضلاً عن ان بنك كوردستان هو الآخر مقربٌ من نيجيرفان البارزاني، لأن العائدات النفطية كانت تُدْخَل الي هذا البنك لصرفها من الدولار الي الدينار العراقي حينما كان نيجيرفان البارزاني في منصب رئيس وزراء الاقليم. ثالثاً : شركة كار يظهر اسم (شيخ باز) في واجهة هذه الشركة، لكن المعلومات تتحدث عن ان حصة الاسد في هذه الشركة عائد الي البارتي وتحديداً عائلة البارزاني. تعمل شركة كار في حقل خورملة اكبر الحقول النفطية في اقليم كوردستان وتنتج يومياً قرابة (100 الف) برميل من النفط وتشكل نسبة 38% من الانتاج الكلي للنفط في اقليم كوردستان. وإن الانبوب الرئيسي الناقل لنفط الاقليم تحت ايدي هذه الشركة، وتعمل الشركة في العديد من المجالات الاخري. فضلاً عن هذه الشركات الثلاث الرئيسية، يملك البارتي العديد من الشركات للعمل في مجالات خطوط الانترنت والاتصالات والقطاعات الاخري، والبارتي انجع من اليكيتي في السيطرة علي الشركات وتحصيل الضرائب والأتاوي منها. حركة التغيير وشركاته علي العكس من البارتي واليكيتي اللذان تحولا من الحزب الي الشركة، ولِدَت حركة التغيير من رَحِم شركة كانت تسمي (شركة وشة) التي كانت شركة اعلامية. بعد مضي عقد من الزمن علي تأسيسها، هناك محاولة داخل حركة التغيير لتكون لديها دورها علي شاكلة البارتي واليكيتي في مجال الاستثمار والتجارة، وعَرّابِي هذه المحاولة هم ابناء نوشيروان مصطفي المؤسس والمنسق العام الراحل للحركة، وهم من الدارسين في الجامعات المشهورة عالمياً ويعتقدون ان "المال قوة" بمعني ان الاقتصاد قوةٌ يستطيعون من خلالها بناء حزب قوي. المشاريع التجارية لحركة التغيير غير مسجلة رسمياً بإسم الحركة علي غرار مشاريع البارتي واليكيتي لكن الحركة تستفيد من عائداتها وأرباحها. تأسست شركة بإسم "لوكس اجينسي" بعد رحيل نوشيروان مصطفي في عام 2017 مِنْ قِبَل صديق مقرب لأبنائه ودائماً ما يظهر بجانبهم. تعمل شركة "لوكس اجينسي" في مجال السيطرة النوعية في المنافذ الحدودية الثلاث (برويزخان، بشتة، و كيلي)، تَهَجَّمَ عدد من سواق الشاحنات علي مكتب هذه الشركة في منفذ بشتة الحدودي في الشهر الجاري، هَبَّ الاعلام الرسمي لحركة التغيير بالدفاع عن الشركة بسرعة واعلنت ان شركة "لوكس اجينسي" منعت هؤلاء التجار والسواق من ادخال السلع ذات الجودة السيئة، ولهذا تعرضت لهذا الاعتداء. اعلن المتحدث بإسم حركة التغيير عدنان عثمان ان الحركة لا تملك اية شركة تجارية ولا تقوم بأي نشاط تجاري لا في المنافذ الحدودية ولا خارجها. حراك الجيل الجديد وشركاته ولد حراك الجيل الجديد هو الآخر مِنْ رَحِم شركة هي شركة (ناليا) العائد ملكيتها الي شاسوار عبدالواحد، تأسست الشركة في 14/8/2007 من قبل مالكها شاسوار عبدالواحد، بدأت ناليا اعمالها بمشاريع استثمارية حيث أُرْسِيَ اليها عقود سبعة مشاريع استثمارية في السليمانية، والمشاريع هي : • القرية الالمانية الاولي • جافي لاند • القرية الالمانية الثانية • كورد سيتي الاول • كوردسيتي الثاني • نالي سيتي • القرية الالمانية الثالثة باشرت الشركة بالعمل الاعلامي في 17 من شهر شباط 2011 بعد مضي اربع سنوات من العمل الاستثماري وفتحت قناة (NRT)، بعد تأسيس القناة قاد شاسوار جبهة (كلا) إبان عملية الاستفتاء في 25 ايلول 2017، وبعد ذلك اعلن تأسيس حراك الجيل الجديد في 19/1/2018 وشارك في الانتخابات البرلمانية العراقية والكوردستانية. علاوة علي انخراطه بالعمل السياسي يستمر شاسوار عبدالواحد في الاشراف علي اعلامه وشركته، وعلي الرغم من انه اعلن في خطاب له يوم 21/11/2017 قائلاً انه "باع بالكامل مجموعة شركات ناليا و المشاريع التجارية واسهمه في مدينة العاب جافي لاند لشركتين اجنبيتين وكَفَّ يده عنها، بالاضافة الي استغنائه عن اسهمه في شركة ناليا للعمل الاعلامي صاحبة مجموعة قنواتNRT". افاد شاسوار عبدالواحد حول بيع شركاته ان "مجموعة شركات ناليا وقبل صفقة بيعها لها مبلغ (47 مليون و684 الف و800) دولار علي شكل ديون لدي اصحاب الوحدات السكنية والمواطنين والاشخاص والشركات"، هذا فضلاً عن امتلاكها لوحدات سكنية غير مباعة تبلغ قيمتها (79 مليون و240 الف) دولار، وبهذا تصل قيمة المبلغين الديون والوحدات الغير مباعة (126 مليون و924 الف و800) دولار، في المقابل علي مجموعة الشركات ديون تصل الي (مليونين و911 الف و400) دولار. تصل ثروة "شركات ناليا" بشكل عام وبجميع مشاريعه في داخل الاقليم وخارجه حسبما خمنه شاسوار في خطابه الي مبلغ (681 مليون) دولار. تواجه المشاريع الاستثمارية لشاسوار عبدالواحد المشاكل بعد مشروعه السياسي، فهو استلم من الحكومة في زمن الكابينة الحكومية السادسة مبلغاً وقدره (43 مليار و750 مليون) دينار لإستكمال مشاريعه و لم يسدده مع فوائده التي تبلغ (16 مليار دينار) حتي الآن، اي انه مدين للحكومة بمبلغ تصل في مجموعه الي (59 مليار و750 مليون) دينار، علي الرغم من ضغوط اصحاب اسهم جافي لاند، يواجه شاسوار في جافي لاند وحدها مشاكل مع (9 آلاف و700) شخص، حيث اقدم (300) شخصاً منهم علي رفع دعاوي قضائية عليه في المحكمة. شاسوار عبدالواحد منشغلٌ الآن بحزبه السياسي وهو اقل مجالاً للبت في المشاريع الاستثمارية ويمضي ببطء في اكمال مشاريعه الغير مكملة. الشركات في اقليم كوردستان بلغت مجمل اعداد الشركات المسجلة في اقليم كوردستان بحسب احصائيات المديرية العامة لتسجيل الشركات حتي شهر ايلول من العام الماضي (30 الف و99) شركة كما يلي : • (26 الف و777) شركة محلية. • (3 آلاف و322) شركة اجنبية. الغالبية العظمي من الشركات المحلية تلقي دعماً من الاحزاب السياسية في الخفاء، او بالاحري يساهم المسؤولون الحزبيون فيهم، وعلي شاكلة العراق، فإن في اقليم كوردستان ايضاً يشكل تَسَلُّم المناصب الوزارية في الحكومة مصدراً مالياً قوياً للاحزاب السياسية، فَعَن طريق وزرائهم يحصلون علي العقود الحكومية للشركات المقربة منهم. تشتكي معظم الشركات من ان المسؤولين يطالبونهم بحصص لهم، ومن دون إشراك المسؤولين في العقود لايُسْمَح بِرِسوِّ اي عقدٍ للشركات. لا تقتصر السيطرة علي الشركات علي القوي المسيطرة والحاكمة، قسم من الاحزاب الاخري وبحسب احجامهم يمارسون الاعمال الاستثمارية والتجارية الصغيرة، او تنشغل شخصياتهم البارزة بالاعمال التجارية. ترجمة : ك. ق.
الحصاد draw: حامد عبد الحسين الجبوري - مركز الفرات يترك النفط آثاره السلبية علي الاقتصادات التي تعتمد عليه بشكل كبير خصوصاً إذا ما كانت هذه الاقتصادات تعاني من غياب الاستقرار السياسي كما هو حال العراق. حيث يتصف الاقتصاد العراقي بالاعتماد الشديد علي النفط ماليةً وإنتاجاً وتجارةً، بحكم امتلاكه كميات كبيرة منه انعكست علي الإنتاج والتصدير النفطيين وعلي الاقتصاد برمته. يمتلك أكثر من 145 مليار برميل كاحتياطي نفطي وينتج أكثر من 4 ملايين في اليوم خصوصاً في السنوات الأخيرة ويُصدر أربعة ملايين وسينتج ويصدر أكثر خلال السنوات القادمة بحكم زيادة استثماره في مجال النفط. هذا الاحتياطي والإنتاج والتصدير النفطي بالتزامن مع ضعف الاستقرار السياسي والاقتصادي جعل من النفط أن يكون الممول الرئيس في الاقتصاد دون أن يسهم بل كان عائقاً أمام تحقيق التنويع الاقتصادي مما يعني إن دوره كان سلبياً في الاقتصاد العراقي. كما يشكل النفط في المتوسط أكثر من 92% من الإيرادات العامة وأكثر من 62% من الناتج المحلي الإجمالي وأكثر من 99% من الصادرات السلعية للمدة 2005-2019، هذه النسب توضح مدي أحادية الاقتصاد العراقي وغياب تنويعه واعتماده علي النفط بشكل كبير جداً. ان الاعتماد علي النفط بشكل كبير يعد أمراً سلبياً وذلك لاتصافه بعدة صفات يمكن إيجازها بالآتي: 1- النضوب، يعد النفط مادة ناضبة غير متجددة لها عمر زمني محدد يرتبط بالإنتاج فإذا ما كان الإنتاج كبيراً سيجعل عمره قصير جداً والعكس صحيح كلما يكون الإنتاج أقل يكون عمره أطول. 2- انخفاض الأهمية الاقتصادية، قد لا ينضب النفط ولكن قد تنخفض أهميته الاقتصادية بسبب اكتشاف البدائل التي تحل محله كالنفط الصخري مثلاً فيفقد أهميته الاقتصادية ويقل دوره الذي كان يلعبه قبل اكتشاف البدائل. 3- التلوث، اعتماد البلد علي النفط بشكل كبير يؤدي إلي زيادة التلوث وذلك لانطواء عمليات الإنتاج والاستهلاك علي إنتاج ملوثات البيئة وهذا ما يؤثر علي المجتمع والاقتصاد معاً. إن نضوب مادة النفط وانخفاض أهميته الاقتصادية بالتزامن مع زيادة التلوث إذا تم الاعتماد عليه بشكل كبير دون استثماره وتوظيفه بالشكل الأمثل سيجعل الاقتصاد يعاني من آثار سلبية آنية ومستقبلية كثيرة وكبيرة يصعب التخلص منه بسهولة، ويمكن إيجاز البعض منها بالآتي: 1- هيمنة الدولة نتيجة لسيطرة الدولة علي النفط حيث نجد إن أكثر من 90% من إيرادات الدولة هي إيرادات نفطية ونظراً لاعتماد الاقتصاد العراقي علي الإنفاق العام بشكل كبير، أصبحت الدولة تهيمن علي الاقتصاد وتعمل علي توجيهه بما يلبي طموحها وتطلعاتها وليس لما يخدم طموح الشعب وتطلعاته. 2- تذبذب الاقتصاد بحكم اعتماد الاقتصاد العراقي علي النفط، ماليةً وإنتاجاً وتجارةً، الذي يتصف بتذبذب أسعاره لأسباب قد تكون اقتصادية أو سياسية أو مناخية، إضافة لعدم قدرة الدولة علي التحكم بأسعاره لأنها تتحدد في أسواق النفط الدولية، أصبح الاقتصاد هو الآخر يعاني التذبذب وغياب الاستقرار. 3- هشاشة الاقتصاد نتيجة لغياب الاستقرار العام وضعف النظام السياسي لم يعمل العراق علي إدارة الثروة النفطية بما يسهم في تحقيق التنويع الاقتصادي واقتصر علي النفط في تمويل الاقتصاد، وهذا ما جعل الاقتصاد يتعرض لأي أزمة تصيب الاقتصاد العالمي بحكم ارتباط الاقتصاد العراقي بالاقتصاد العالمي عن طريق النفط. 4- التبعية الاقتصادية إن اعتماد الاقتصاد علي النفط بالتزامن مع غياب التنويع الاقتصادي يعني عدم إشباع الاقتصاد لحاجاته المتزايدة والمتنوعة وبالتالي الذهاب للعالم الخارجي لتلبية الطلب المحلي وهذا ما يعني التبعية الاقتصادية التي تعمل علي نقل الآثار السلبية من الاقتصاد العالمي إلي الاقتصاد الوطني، وإذا ما نظرنا للاقتصاد العراقي سنجد أغلب السلع والخدمات هي سلع مستوردة. 5- انتشار البطالة يُعرف النفط بأنه صناعة كثيفة رأس المال وليس كثيفة العمل وذلك لارتفاع رأس المال الثابت فيه نسبة إلي رأس المال المتغير، مما يعني إنه يسهم في زيادة البطالة وإذا ما تم الاعتماد عليه من جانب واسهم في تصفية القطاعات الإنتاجية التي تسهم في خلق فرص العمل، سيؤدي لخلق مزيد من البطالة والتي أخذت تقترب من 40% في العراق. 6- خمول المجتمع اعتماد الاقتصاد علي النفط بشكل كبير جداً والنفط بيد الدولة خصوصاً مع غياب الاستقرار السياسي مما دفع بالدولة إلي اتخاذ دور رصد التخصصات بدلاً من خلقها، حيث تقوم الدولة بإنتاج وتصدير النفط ورصد العائدات النفطية وتوزيعها علي المجتمع عبر قناة الإنفاق العام والذي أخذ يشكل ما يُقارب 70% من الإنفاق العام، وهذا ما جعل المجتمع يكون خاملاً بدلاً من أن يكون مُنتجاً. إن اعتماد الاقتصاد العراقي علي النفط بشكل كبير من جانب وتذبذب أسعار النفط في الأسواق الدولية من جانب ثانٍ، جعلا العلاقة بين الصدمات النفطية والاقتصاد العراقي علاقة ترابط وثيقة جداً لا تنافر بينهما تلقي بظلالها السلبية التي تم ذكرها آنفاً علي الاقتصاد والمجتمع برمته. التخلص من تلك الآثار وإذا ما أُريد التخلص من تلك الآثار لا بُد من العمل علي استثمار النفط وتوظيفه بالشكل الذي يخلق ترابطات أمامية وخلفية مع فروع الاقتصاد الأخري من أجل تفعيلها وخلق قاعدة إنتاجية متينة ومتنوعة تستطيع تلبية الطلب المحلي ومغادرة التبعية الاقتصادية وخلق المزيد من فرص العمل لتقليص البطالة وتجعل المجتمع أكثر حيويةً. كذلك العمل علي إعطاء القطاع الخاص مساحة واسعة من أجل أن يقوم بدور كبير في الاقتصاد خصوصاً إذا ما علمنا إنه يمتلك كفاءة اقتصادية عالية مع ضعف مشاركته في الاقتصاد العراقي. وإن الطريقة المُثلي لفسح المجال أمام القطاع الخاص هي العمل علي تهيئة بيئة استثمارية مناسبة تتوفر فيها المزايا والضمانات الكفاية التي تشجع القطاع الخاص علي ممارسة نشاطه الاقتصادي في العراق.
الحصاد DRAW: مهدي خلجي - معهد واشنطن في عام 2021، سيبلغ المرشد الأعلي للجمهورية الإسلامية علي خامنئي الثانية والثمانين من عمره، لذا من المنطقي القول إن الرئيس الأمريكي المقبل سيكون الأخير في حياته. ويُفسّر هذا الاحتمال سبب نظره إلي الانتخابات الوشيكة في الولايات المتحدة بمثل هذا المنظور الشخصي. بإمكان الإدارة الأمريكية القادمة أن تمثل فرصته الأخيرة لحل النزاعات الثنائية الأساسية بما يراه لصالح بلاده. ومع ذلك، فعلي عكس الماضي، امتنع عن التعليق علي المنافسة الحالية بين المرشحَيْن الأمريكييْن، ويشمل ذلك ما وعد به كل مرشح فيما يتعلق بإيران والشرق الأوسط الكبير. المخاوف الرئيسية لخامنئي تتمثل أولويات المرشد الأعلي فيما يلي: استمرارية الجمهورية الإسلامية كنظام سياسي في إيران وقدرتها علي الصمود في مواجهة القوي المناهضة للنظام في الداخل والخارج. مقاومة النظام لأي إصلاح إيديولوجي أو سياسي تحويلي من الداخل، وأي انحراف عن المسار "الثوري" الذي يتميز بـ (1) معاداة أمريكا، (2) معاداة إسرائيل، و (3) عدم المساواة بين الجنسين المتمثل بشكل أساسي بالارتداء الإلزامي للحجاب. ويمكن اعتبار المَبدأيْن الأيديولوجييْن الأخيريْن تجسيداً للمبدأ الأول: أن الولايات المتحدة هي "الشيطان الأعظم" ليس بسبب ما تفعله، بل بسبب ماهيتها، أي نتاج الحضارة والثقافة والسياسة الحديثة، ومناصرة رائدة لها. أما بالنسبة لإسرائيل، فإن مشاعرها البارزة المعادية للإسلاميين وتوافقها مع القيم الأمريكية الحديثة يجعل منها "ورماً سرطانياً" من وجهة نظر طهران - وهي النتيجة الأكثر مأساوية للحضارة الغربية بالنسبة للعالم الإسلامي. وتشكّل المساواة بين الجنسين سمة مميّزة للثقافة الليبرالية العلمانية الغربية، وإحدي أعمدة المواطنة وحقوق الإنسان، وبالتالي فهي جوهر الجهود المفترض أن تقودها الولايات المتحدة ضد العالم الإسلامي والمجتمع الإيراني. ومع ذلك، فمن المفارقات، أن المسار الثوري لخامنئي يؤدي في الواقع إلي أمريكا - أي من خلال السعي إلي بناء علاقة مستقرة وآمنة ومدروسة بدقة مع الولايات المتحدة، فإنه يعتقد أن بإمكانه أن يضمن بقاء النظام ومحتواه الثوري وتوجهه علي حد سواء. وبالتالي، فإن هدف طهران متناقض بشكل فاضح: التعامل مع أمريكا للحفاظ علي الموقف المعادي لأمريكا. ولمعالجة هذه المعضلة، صاغ خامنئي استراتيجيته القائمة علي "لا حرب ولا سلام". ومن وجهة نظره، فإن المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة ستنتهي بتغيير النظام، بينما سيؤدي تطبيع العلاقات إلي التحول الأيديولوجي والسياسي للنظام. ولا يمكن تحمّل الخيار الأول في حين أن الخيار الثاني غير مقبول، لذلك سعي إلي اتخاذ مسار ثالث بين الاثنين. استمرار الشكوك حول تغيير النظام نفي الرؤساء الأمريكيون عموماً أن سياستهم تقوم علي تغيير النظام، لكن طهران لم تُصدّق أبداً هذه التصريحات. وتنبع شكوك قادة الجمهورية الإسلامية أولاً وقبل كل شيء من فترة دامت أربعة عقود عملت خلالها الولايات المتحدة علي الترويج المستمر للديمقراطية وحقوق الإنسان في إيران بينما تواصل بجدية دعم بعض الجماعات المعارضة، ومشاريع حقوق الإنسان، والمنظمات غير الحكومية داخل البلاد وخارجها. كما تفرض الولايات المتحدة حالياً مجموعة من العقوبات المؤلمة علي المسؤولين والمؤسسات والشركات في إيران بسبب دورهم في انتهاك حقوق الإنسان. وأخيراً وليس آخراً، شنت واشنطن حرباً ناعمة ضد النظام من خلال جهود تشمل إدارة وسائل إعلام فارسية خاصة بها وتمويل مشاريع إعلامية فارسية في الولايات المتحدة وأوروبا. وبالنسبة لخامنئي، تتناقض هذه المساعي مع التصريحات الرسمية للمسؤولين الأمريكيين حول الهدف النهائي لأمريكا. وتترسخ لديه قناعة بأن جهود ممارسة الضغوط علي النظام بسبب سجله المناهض للديمقراطية وحقوق الإنسان لا تنبع من نية أخري سوي تغيير الهيكل الإسلامي للنظام وتوجهه الثوري الأساسي. كما يخشي أن يكون للثقافة الأمريكية تأثير مدمّر علي العقلية الثورية، وهو مقتنع بأن الحكومة الأمريكية تروّج لهذا الاتجاه. ومن وجهة نظره، تعمل هوليوود مع واشنطن، كما تَجسّد ذلك عندما أعلنت ميشيل أوباما أن فيلم "أرغو" [الذي تناول أزمة خطف الرهائن الأمريكيين في إيران] هو الفائز بـ "جائزة الأوسكار لأفضل فيلم" في عام 2013. حتي أنه يعتقد أن واشنطن تدير أنشطة الممثلين المشهورين من خلال تطبيقات مثل "تيليجرام" و "إنستغرام" أو عبر وسائل أخري. وبالمثل، ينظر خامنئي إلي التبادلات بين الناس علي أنها جهود للتجسس علي إيران، لذلك قام النظام باعتقال أكاديميين. باختصار، يخشي المرشد الأعلي "الإطاحة الناعمة" التي ترعاها الولايات المتحدة أكثر بكثير مما يخشي قيامها بعمل عسكري ضد إيران - وغالباً ما تُستخدم عبارة "الثورة المخملية" في مصادر النظام. ويأمل خامنئي أن تؤدّي المفاوضات المحتملة علي مدي السنوات الأربع المقبلة إلي إقناع صناع السياسة في الولايات المتحدة بحصر المعركة الدبلوماسية ببرنامج إيران النووي وبرنامج الصواريخ والأنشطة الإقليمية، مما يترك قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية خارج سياستهم تجاه إيران، كما يفعلون مع غالبية الدول العربية والإسلامية. ومع ذلك، إذا استمرت الإدارة الأمريكية في التأكيد علي القضايا الأخيرة، فسيستنتج خامنئي أنها مصمِّمة علي اغتنام أي فرصة لتغيير النظام بأي وسيلة ممكنة. ومن وجهة نظر المرشد الأعلي، لم تكن الولايات المتحدة صادقة تماماً في دعمها لحقوق الإنسان والديمقراطية لأنها غالباً ما تستغل هذه القضايا لأغراض سياسية، وغايات اقتصادية، ومصالح "إمبريالية". علي سبيل المثال، اتهمت شخصيات إيرانية واشنطن باستخدام معايير مزدوجة مؤسفة في تعاملها مع السعودية، حيث محنة النساء في ظل الحكم الملكي أسوأ مما كانت عليه خلال النظام الشمولي الإيراني. ووفقاً لهذا المنطق، إذا لم يكن ترويج الولايات المتحدة للديمقراطية وحقوق الإنسان أمراً حقيقياً، فيمكن لواشنطن أن تقلل من شأنهما في سياستها تجاه إيران من أجل بناء الثقة مع خامنئي والقادة الآخرين، وبالتالي تمهيد الطريق نحو مشاركة ثنائية لتحقيق أهداف أكبر. السعي لتخفيف العقوبات عندما يذكر خامنئي تجنب "الحرب"، فإنه لا يشير فقط إلي الحملات العسكرية الأمريكية المحتملة، بل أيضاً إلي سياسة "الضغط الأقصي" التي نفذتها إدارة ترامب والتي أدت إلي مثل هذا التأثير المؤلم في جميع أنحاء إيران. ويشمل هذا الضغط عقوبات اقتصادية خانقة، وعمليات قتل مستهدفة لقادة عسكريين بارزين مثل قاسم سليماني، وتخريب إلكتروني في منشآت نووية. وعلي الرغم من أن خامنئي هو قائد ثوري، إلا أنه يمكن وصف وجهات نظره إزاء العديد من القضايا الرئيسية بالواقعية. ومن بين هذه التفاهمات العملية استحالة إقناع واشنطن بإلغاء جميع العقوبات علي المدي القصير من دون تعريض سياسة إيران الخارجية لانتكاسات أيديولوجية وسياسية كبيرة. وبالتالي، فقد ركّز علي إيجاد طرق لرفع العقوبات في قطاعين رئيسيين: صناعة النفط والنظام المصرفي. وبالطبع، لا يزال يرغب في رؤية تحركات في مجالات أخري، مثل رفع الحظر المفروض علي عمليات نقل الأسلحة بعد انتهاء صلاحية أحكام مجلس الأمن ذات الصلة. لكن ما يدفعه حقاً هو عائدات النفط. فصل واشنطن عن القدس والرياض يتمثّل الهدف المركزي الآخر لخامنئي بإقناع الأمريكيين بأن إيران ستكف عن تهديد الجنود والمواطنين الأمريكيين إذا اتخذت واشنطن خطوتين: (1) سحب قواتها العسكرية من الشرق الأوسط، و (2) تجنبها التورط في أي عمل عسكري أو عمليات سرية ضد إيران. وإذا دخلت اتفاقية الأمر الواقع علي هذا النحو حيز التنفيذ، فقد تكون خطوته التالية إقناع الولايات المتحدة بإعادة تحديد حلفائها في المنطقة. والأهم من ذلك، أن هذا قد يعني توقّع قيام واشنطن بفصل مصالحها الوطنية عن مصالح إسرائيل والسعودية - أي التوقف عن اعتبار التهديدات الموجهة إلي هاتين الدولتين علي أنها تهديدات ضد الولايات المتحدة. وقد أدّت السياسات الإقليمية للرئيسين أوباما وترامب، إلي تشجيع خامنئي علي الاستثمار في ما يعتبره شرق أوسط مثالي لا يخضع للنفوذ الأمريكي. مستقبل غامض أدّت الثورة الإسلامية الإيرانية من عام 1979 علي الفور إلي تغيير علاقة البلاد بالقوي العظمي في العالم آنذاك، أي الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. بيد، حدثت تلك التغييرات بطرق مختلفة للغاية. ففي حين كان الزعيم المؤسس للجمهورية الإسلامية، آية الله روح الله الخميني، قادراً علي التوصل إلي تسوية مؤقتة مع موسكو، إلّا أن النظام السياسي الإيراني ظل مسموماً بشكل دائم بسبب العداء البنيوي لأمريكا. واستخدم خامنئي معاداة أمريكا كأداة حيوية لتعزيز سلطته، وهو ما يفسّر عدم جدوي محاولات "المعتدلين" لإذابة العداء مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، فاليوم لا يمكن إنكار وجود حاجة ملحة جديدة في أوساط النخبة السياسية الإيرانية في وقت تواجه فيه البلاد أزمة كبيرة. كما يزداد المرشد الأعلي تقدماً في السن، دون أي احتمالات واضحة للخلافة. ويري الكثيرون أنه إذا عجز خامنئي عن رسم معالم موقف جديد مقبول للطرفين تجاه الولايات المتحدة، فلن ينجح خلفه أو خلفاؤه في القيام بذلك، علي الأقل في المدي القريب. وقد عززت عوامل متعددة هذا الاعتقاد، من بينها الغموض الذي يلف قيادة خامنئي؛ واستياء شعبي من النظام؛ وعدم وجود أحزاب سياسية؛ وضعف المجتمع المدني؛ وتراكم الكراهية العرقية والجنسية والدينية والطائفية بين السكان؛ والحرب الاقتصادية غير المسبوقة ضد البلاد، التي تؤدي إلي تفاقم الفقر والبطالة المحلية؛ وازدياد اليأس والغضب بين عامة الشعب، حتي بين الطبقات الموالية سابقاً من المجتمع الإيراني. وقد يؤدي رحيل المرشد الأعلي إلي حدوث فوضي كبيرة لدرجة قد تهدد الاستقرار السياسي للنظام. ولن يكون ذلك بمثابة تتويج للإنجاز الذي يسعي خامنئي إلي تحقيقه مع الرئيس الأمريكي القادم، بل سيكون بمثابة فشل كل ما عمل من أجله طوال حياته. مهدي خلجي، هو زميل "ليبيتزكي فاميلي" في معهد واشنطن.
تقرير : محمد رؤوف – فاضل حمةرفعت إضافة الي (شيخ باز)، هناك اسمان آخران علي طاولة المفاوضات لتَسَلُّم منصب وزير الموارد الطبيعية، مسرور البارزاني واقع بين ضغوط العراق وتركيا، وامريكا ايضا تطالب الاقليم ان يرشح شخص له الخبرة في مجال (الغاز) لمنصب وزير الموارد الطبيعية، كما وقع اليكيتي(الاتحاد الوطني الكوردستاني) في منافسة جديدة علي منصب نائب وزير(وكيل وزارة) نفط العراق، قصد عزة صابر بغداد من اجل تَسَلُّم المنصب، في هذا التقرير نعرض معلومات وتفاصيل اكثر حول مصير منصب وزير الموارد الطبيعية للاقليم ومنصب نائب وزير(وكيل وزارة) نفط العراق. المنصب الشاغر للحكومة اكثر من عام وثلاثة اشهر مرت علي مباشرة الكابينة التاسعة لحكومة اقليم كوردستان اعمالها، لم يملأ مسرور البارزاني رئيس الكابينة حتي الآن منصباً مهماً في كابينته الا وهو منصب وزير الموارد الطبيعية. في الخامس من شهر اكتوبر(تشرين الاول) الحالي تحدث مسرور البارزاني امام برلمان كوردستان حول عدم شغل منصب وزير الموارد الطبيعية، قائلاً : "كنت ارغب ان اطلع علي تفاصيل وزارة الموارد الطبيعية، لذلك لم املأ ذلك المنصب الي الآن". افاد مسرور البارزاني، انه يبحث عن شخص يكون محل الثقة ليدير ملف النفط، وقد اقترح شخصين لتَسَلُّم منصب وزارة الموارد الطبيعية. لم يفصح رئيس الوزراء امام البرلمان عن اسم الشخصين الذي اقترح اسمهما لشغل منصب وزير الموارد الطبيعية، لكن وفقاً لمتابعات (الحصاد) ظهرت مجادلات جديدة حول كيفية ملأ منصب وزارة الموارد الطبيعية. حول مصير الوزارة بحسب المعلومات التي حصل عليها (الحصاد) من عدد من المصادر المطلعة داخل البارتي(الحزب الديمقراطي الكوردستاني) وحكومة الاقليم، حالياً ان مُرَشَحَي البارتي ومسرور البارزاني لتَسَلُّم منصب وزير الموارد الطبيعية هما : • المرشح الاول : شيخ باز هذا الرجل هو المدير التنفيذي لشركة (كار)، وشركته تمتلك نسبة ٤٠٪ من انابيب نقل وتصدير نفط اقليم كوردستان، فضلاً عن هذا فإن حقل "خورمَلَة" اكبر حقل نفطي في الاقليم يديره شركته، يساند مجموعة من مسؤولي البارتي شيخ باز لكي يتسلم منصب وزير الموارد الطبيعية، بعد تشكيل الكابينة الحكومية الجديدة اشرك مسرور البارزاني عدة مرات الشيخ باز في اجتماعات الحكومة وبعثه عدة مرات ايضا مع وفد الاقليم الي بغداد، وهذا ما تم تفسيره ان مسرور البارزاني يريد ان يجعل من شيخ باز وزيرا للموارد الطبيعية، لكن لم يتَّخَذْ القرار النهائي بهذا الصدد حتي الآن. • المرشح الثاني : كمال الاتروشي يذْكر الآن داخل البارتي اسم شخص آخر لتولي منصب الموارد الطبيعية، وذلك الشخص هو (كمال الاتروشي)، ليس لدي (الحصاد) معلومات كافية عن كمال الاتروشي، غير ما يقال (انه كان في السابق مستشاراً لشركة نفطية كويتية). آشتي هورامي في خطر! إسْتُحْدِثَ منصب وزير الموارد المالية في اقليم كوردستان منذ عام ٢٠٠٥، منذ ذلك الحين الي شهر تموز الماضي اي مدة (١٤ عام) كانت هذه الوزارة تدار من قبل شخص واحد يدْعي (آشتي هورامي). ابعد مسرور البارزاني بعد مباشرته في منصب رئيس الحكومة، آشتي هورامي من منصب وزير الموارد الطبيعية، لكنه لم يبعد يده نهائيا عن ملف نفط الاقليم، حيث استحدث البارزاني مسرور في سابقة من نوعها في تأريخ حكومة الاقليم منصباً جديداً تحت مسمي مساعد رئيس الحكومة وخارجاً عن القوانين النافذة، وهكذا جعل من الهورامي مساعداً له لشؤون الطاقة والموارد الطبيعية. آشتي هورامي الذي لم يكن لديه بناية لوزارته، كان يحمل ملف الموارد الطبيعية في حقيبته، وبعد استبعاده من منصبه، نقل وزارته الي بناية في العاصمة البريطانية لندن، بحسب متابعات (الحصاد) تقع البناية بجوار سفارة اسرائيل في منطقة خلف قصر (بكينكهام)، كما يتواجد مع الهورامي في تلك البناية عدد من منتسبي وزارة الموارد الطبيعية ومستشارين اجانب، وهو حتي الآن يتعامل مع ملف النفط، وتسلم سلطته في هذا الامر من رئيس الوزراء مسرور البارزاني، وذلك وفقاً لأمر اصدره مسرور البارزاني يوم ٢٤ تموز ٢٠١٩ بشكل سري وباللغة الانكليزية. (انقر هنا للمزيد من المعلومات حول ذلك الامر). رغماً من ان مسرور البارزاني منح سلطات وصلاحيات وزير الموارد الطبيعية لآشتي هورامي، لكن وفقا لمعلومات (الحصاد)، ان مسرور البارزاني قد تراجع تماماً عن آشتي هورامي مؤخراً، وتحديداً بعد الدعوي القضائية المرفوعة ضده من قِبَل شركة (دايناستي بتروليوم) لدي محكمة لندن ومن الممكن ان تكون نتيجة قرارات المحكمة في شهر شباط القادم قاسية علي ملف نفط الاقليم. مؤخراً واجه آشتي هورامي قضية قانونية اخري، عَلِمَ (الحصاد) الاسبوع الماضي بأن محكمة الاحتيالات الخطيرة في لندن والمعروف بـ " Serious fraud office"، قد استدعي آشتي هورامي، واتهمه بالتورط في عملية احتيال كبيرة. يقول المطلعون علي شؤون هذه المحكمة ان : "اي شخص يقع امره داخل هذه المحكمة، من الصعب ان ينجو، لان هذه المحكمة قوية جدا وتستطيع حتي دون امر من الحاكم تفتيش بيت اي شخص مشتبه به". فرضت هذه المحكمة العام الماضي عقوبات شديدة علي شخصين، وبحسب ما اعلنه المصادر المطلعة للـ(حصاد)، اذا ثبتت التهم علي آشتي هورامي، فإن المحكمة ستفرض عليه عقوبة السجن لمدة (٢٥ عاماً)، والاخطر من هذا هو ان يتورط اشخاص اخرون في ملفات آشتي هورامي. تهديد اردوغان! وفقاً للمعلومات التي حصل عليها (الحصاد) من عدة مصادر مطلعة داخل الحكومة، ان مسرور البارزاني قد التقي مؤخراً بالاتراك واخبرهم ان : "العراق يضغط علينا كي نُسَلِّمه النفط"، رداً علي هذا الحديث، غَضِبَ الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وهدد ان يهجم علي كوردستان اذا قام بتسليم نفطه الي العراق. بعد تهديدات اردوغان، إلتجأ مسرور البارزاني الي الامريكيين وتحدث هاتفياً مع وزير الطاقة الامريكي واطلعه علي اوضاع الاقليم بين مطرقة الضغط العراقي وسندان تهديدات تركيا. اعطي وزير الطاقة الامريكي عدة مقترحات لمسرور البارزاني، اهمها ما يلي : • شغل منصب وزير الموارد الطبيعية بأسرع وقت، ترشيح شخص للمنصب يكون ذو خبرة في مجال (الغاز)، الامريكيون يريدون تغيير استراتيجيتهم بعد جائحة كورونا من النفط الي الغاز. • طلب الامريكيون من مسرور البارزاني إشراك اليكيتي(الاتحاد الوطني الكوردستاني) في القرارات المتعلقة بنفط وغاز الاقليم، من المحتمل ان يكون هذا الامر علي علاقة بوجود ثلاثة مناطق للـ(غاز)، واحدي هذه المناطق تقع ضمن حدود اليكيتي، والمنطقتان الاخريان تقع احداهما في المناطق السنية والآخر فتقع في المناطق الواقعة تحت سيطرة الشيعة، وعيون الامريكيين واقعة علي الغاز الموجود في حدود اليكيتي. آمانج رحيم، كمرشح علي غرار الكابينات السابقة للحكومة، ان منصب وزارة الموارد الطبيعية في الكابينة الحالية لحكومة اقليم كوردستان هي في عهدة البارتي(الحزب الديمقراطي الكوردستاني). إذا استمر الوضع هكذا ولم يحصل البارتي علي شخص صاحب خبرة في مجال الغاز لشغل المنصب، او إذا امتثل للطلب الامريكي، فمن الممكن ان يتم ترشيح شخص من اليكيتي بموافقة البارتي لتسلم المنصب. افاد مصدر داخل اليكيتي للـ(الحصاد)، ان اسم آمانج رحيم سكرتير مجلس الوزراء وهو من اليكيتي يأتي ذكره علي الالسن كمرشح لتسلم منصب وزير الموارد الطبيعية. يشغل آمانج رحيم منصب سكرتير مجلس الوزراء منذ قرابة عقد من الزمن، وهو احد الاشخاص الذين بقوا في مناصبهم لمدة زمنية طويلة في مجلس الوزراء، آمانج من الذين لا يدخلون في الجدال والشجار السياسي، وانه راعي مشاعر اليكيتي وكذلك البارتي، لذا لا يسْتَبْعَد ان يكون من المحظوظين ويهبط الصقر علي كتفه، وخصوصاً انه من ادق الاشخاص داخل مجلس الوزراء كما انه مطلع علي تفاصيل ملفات النفط والغاز. اليكيتي(الاتحاد الوطني الكوردستاني) و منصب بغداد هناك منصب آخر في مجال الطاقة محفوف بالمشاكل مثل منصب وزارة الموارد الطبيعية لاقليم كوردستان، وهذا المنصب من نصيب اليكيتي في الحكومة العراقية. منذ ايام والمناقشات محتدمة داخل اليكيتي لملأ منصب نائب وزير(وكيل وزارة) نفط العراق، وهذا المنصب من المناصب الموجودة في عهدة اليكيتي منذ اسقاط نظام صدام. بحسب معلومات (الحصاد) التي حصل عليها من عدة مصادر رفيعة داخل اليكيتي، ان عدة اشخاص رشحوا انفسهم لتسلم المنصب، وأحد هؤلاء هو (عزة صابر) النائب السابق لليكيتي في برلمان كوردستان، والمنتخب في المؤتمر الرابع عضواً قيادياً لليكيتي. عزة صابر هو مرشح قوباد الطالباني وشاناز ابراهيم احمد لتسلم المنصب، عَلِمَ (الحصاد) ان عزة صابر قصد بغداد واجري المقابلة الخاصة بتسلم المنصب، عزة صابر حامل لشهادة الدكتوراه في مجال الاقتصاد. توازياً مع هذا ان (بروين بابكر) العضوة القيادية لليكيتي هي الاخري من المرشحين لتولي منصب نائب وزير(وكيل وزارة) نفط العراق، وعملت بروين في السابق في مجال النفط الخاص بشركة (نوكان) التابعة لليكيتي، وشغلت لفترة منصب الوزير في حكومة السليمانية. كان منصب نائب وزير(وكيل وزارة) نفط العراق يتم املائه من قبل كوسرت رسول النائب السابق للسكرتير العام لليكيتي، وجه كوسرت رسول الذي يشغل الآن منصب رئيس المجلس السياسي الاعلي لليكيتي في يوم ١٧ من شهر تشرين الاول الحالي رسالة الي بافل الطالباني ولاهور شيخ جنكي الرئيسان المشتركان لليكيتي، وطلب منهما وضع حد لعمليات التهريب في المنافذ الحدودية، وإلا سيمارس سلطاته لذلك. يعتبر قسم من اليكيتيين رسالة كوسرت رسول للرئيسين المشتركين كورقة ضغط حول ملأ منصب نائب وزير(وكيل وزارة) نفط العراق، ويعتقدون ان كوسرت رسول يريد ان ينبههما من ان منصب نائب وزير(وكيل وزارة) نفط العراق هو من نصيبه وينبغي ان يحدد مرشحه بنفسه. ترجمة : ك. ق.
الحصاد draw: تقرير : روبرت ف. وورث - نيورك تايمز "في أوائل أكتوبر الماضي، أثناء العمل في مكتبه في بغداد، تلقي رجل أعمال يدعي حسين لقيس مكالمة هاتفية من رقم لم يسبق له رؤيته من قبل. قال المتصل "نحن بحاجة إلي التحدث". كان صوت الرجل واثقًا من نفسه، ومهددًا قليلاً. طلب أن يأتي "لقيس" للقائه لكنه رفض ذكر اسمه. تردد لقيس، وانتهت المكالمة. ربما يكون قد نسي المكالمة بأكملها، لولا مكالمة لاحقة من أحد الزملاء بعد بضع دقائق حملت أخباراً مقلقة. المتصل الغامض كان من كتائب حزب الله، وهي ميليشيا عراقية قوية لها علاقات قوية مع الحرس الثوري الإيراني، كان لديهم اقتراح عمل للمناقشة. عندما اتصل عناصر الميليشيا مرة أخري، وافق لقيس علي مضض علي عقد اجتماع. جمع بضع زملاء، وتوجهوا جميعًا إلي منزل بالقرب من شارع السعدون وسط مدينة بغداد، في الداخل، اقتيد إلي مكتب خافت الإضاءة، وقُدِّم إلي شخص أصلع، قال الرجل الأصلع: "أنت بحاجة إلي العمل معنا، وليس هناك خيار آخر، يمكنك الاحتفاظ بموظفيك، ولكن يجب أن تفعل ما نقول". وأوضح أن كتائب حزب الله ستأخذ 20 بالمائة من إجمالي عائدات شركة "لقيس"، حوالي 50 بالمائة من أرباحه. رفض "لقيس"، كان لشركته، "بالم جيت" عقد حكومي مدته خمس سنوات لإدارة صالة "في آي بي" في مطار بغداد الدولي، إلي جانب فندق قريب؛ كما أنها تعمل بشكل روتيني مع شركات الطيران الغربية مثل .Lockheed Martin لم يكن لديه أي تعاملات مع جماعة مثل كتائب حزب الله، التي أدرجتها الحكومة الأمريكية كمنظمة إرهابية أجنبية (كما هو الحال مع الجماعة اللبنانية غير ذات الصلة التي تسمي أيضًا حزب الله). رد الرجل الأصلع بأنه إذا رفض "لقيس"، فسيستولي علي كل ما يملكه في بغداد. حدّق لقيس بالرجل الأصل، وقال له "أنا مستثمر، هناك قانون" رد الرجل الأصلع: "نحن القانون". وطلب من لقيس أن يجيبه ظهرًا في اليوم التالي. بعد ظهر اليوم التالي، توجهت خمس سيارات شيفروليه وخرج منها اثنا عشر رجلاً يرتدون ملابس شبه عسكرية سوداء ويحملون أسلحة. وجدوا "لقيس" في مقهي فندق المطار، كان يجري اتصالات مع الحكومة منذ الليلة السابقة، إلي جانب رؤساء أقسام المطار. لا أحد منهم أعاد الإتصال به، كان الأمر كما لو أنهم قد تم تحذيرهم، أو ربما استلموا حصصهم. أخذت الميليشيا هاتف "لقيس" وأمروه بالتوقيع علي وثيقة تتخلي عن عقده. لقد توقف لبعض الوقت. تسلل أحد موظفيه إلي الخارج لالتقاط صورة عبر الهاتف المحمول لمركبات عناصر الميليشيات، لكنهم أمسكوا به وحطموا هاتفه وضربوه. كان "لقيس"، وهو لبناني، يعمل في العراق منذ عام 2011. كان يعلم أن البلد يعاني من الجريمة والفساد، لكنه يعتقد أن المطار، مع مئات من مسؤولي الهجرة والأمن النظاميين، كان مختلفًا. قال لي "لقيس" في وقت لاحق: "انتظرت 20 دقيقة، ربما سيأتي شخص ما، الشرطة .. شيء". وأخيرًا، سار إلي صالة المغادرة وذهب في رحلة إلي دبي. بعد أيام، قامت كتائب حزب الله بتثبيت مقاولها المفضل في مكانه. ولم يعد "لقيس" إلي العراق منذ ذلك الحين. وقعت حادثة المطار هذه بعد أربعة أيام فقط من بدء الاحتجاجات المناهضة للحكومة العراقية (1 تشرين الأول 2019)، حيث كان آلاف المتظاهرين الشباب يغمرون شوارع بغداد ومدن أخري، وهم يرددون شعارهم المؤثر: "نريد وطن" أو "نريد دولة". ملأ المتظاهرون بسرعة ميدان التحرير في قلب بغداد، وأقاموا الخيام وخاضوا مواجهات ضارية مع الشرطة. علي الرغم من أن الفوضي تسببت بإغلاق الطرق في المدينة، إلا أنها اكتسبت تعاطف العرب في جميع أنحاء المنطقة، مما أشعل حركة احتجاج قوية في لبنان. بالنسبة لأولئك الذين شاركوا في المسيرات، فإن مجموعات مثل كتائب حزب الله ليست مجرد وكلاء إيرانيين. إنها أحدث وجوه كليبتوقراطية أثرت نفسها علي حساب شباب العراق الذين تركوا عاطلين عن العمل ومعوزين بأعداد متزايدة باستمرار. في غضون ذلك، انضم بعض قادة الميليشيات إلي صفوف أغني رجال العراق، وأصبحوا مشهورين بشراء مطاعم راقية، ونواد ليلية ومزارع غنية علي نهر دجلة. لقد كونت الميليشيات طبقة سياسية عراقية جديدة، أخلاقياتها الوحيدة هي إثراء الذات. علي مر السنين ، أتقنت هذه العصابة عبر الطوائف الحيل علي جميع المستويات: عمليات التضليل الروتينية لنقاط التفتيش، والاحتيال المصرفي، والاختلاس من الرواتب الحكومية. كان عادل عبد المهدي، الذي تم الترحيب به باعتباره مصلحًا محتملاً عندما أصبح رئيسًا للوزراء عام 2018، يأمل في إخضاع الميليشيات للدولة، لكن بدلا من ذلك، تمكنت الميليشيات من التغلب عليه، وضمت حكومته أشخاصاً لهم صلات ببعض أسوأ مشاريع الكسب غير المشروع التي ابتليت بها البلاد. الولايات المتحدة متورطة إن الولايات المتحدة متورطة بشدة في كل هذا، وليس فقط لأن غزواتها دمرت البلاد وساعدت علي تدمير الاقتصاد. بل تقدم أمريكا الأموال. ما يزال الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك يمد العراق بما لا يقل عن 10 مليارات دولار سنويًا بالعملة الصعبة من مبيعات النفط في البلاد. وقد تم تمرير الكثير من ذلك إلي البنوك التجارية، ظاهريا للواردات، في عملية اختطفتها منذ فترة طويلة عصابات غسل الأموال في العراق. في الوقت نفسه، تفرض الولايات المتحدة عقوبات علي دولتين - إيران وسوريا - تشترك معهما العراق حدودياً، إنها أرض خصبة للفساد. ربما تكون إدارة ترامب قد صدمت الميليشيات العراقية بالاغتيال غير المتوقع في كانون الثاني / يناير لقاسم سليماني في مطار بغداد. لكن الوكلاء الإيرانيين مثل كتائب حزب الله لا يبدون قلقًا مفرطًا. إنهم يعرفون أن الرئيس ترامب ليس لديه شغف كبير للحرب، خاصة في ظل كوفيد 19. إن أولويتهم القصوي هي الحفاظ علي نظام عراقي يتم فيه بيع كل شيء حرفيا. لقد دفعت جائحة الفيروس التاجي العراق الآن إلي حافة أزمة وجودية. أدي الانهيار العالمي للطلب علي النفط إلي انخفاض الأسعار بشكل تاريخي، مما أدي إلي صدمة رهيبة لبلد يعتمد اقتصاده بالكامل تقريبًا علي عائدات النفط. لكنها قد توفر أيضا فرصة استثنائية لرئيس الوزراء العراقي الجديد مصطفي الكاظمي لمواجهة أكثر مشاكل بلاده صعوبة. يمكن الآن اعتبار الفساد قضية حياة أو موت، يجب علي العراق أن يختار بين إطعام شعبه أو إثراء اللصوص الحاكمين. لقد وعد الكاظمي بمواجهة هذا التحدي. من غير المرجح أن ينجح ما لم تغتنم الولايات المتحدة هذه الفرصة لإلغاء بعض الأضرار التي ألحقتها بالعراق، ولخلق قضية مشتركة مع المتظاهرين الذين يأملون بإعادة بناء بلدهم علي أساس جديد. في سجلات الدبلوماسية الأمريكية، كان للفساد وضع ملتبس منذ فترة طويلة: إستنكار في العلن، ولكن في الممارسة العملية يُنظر إليه غالبًا علي أنه مقبول ومفيد. أخبرتني سارة تشايس في مايو / أيار أن "الفساد ليس مجرد مشكلة سياسية أساسية، ولكنه المحرك الأهم لمعظم المشاكل الأمنية التي من المفترض أن نحاول معالجتها". يوثق كتاب تشايس، عام 2015 ، "Thieves of State" ، الآثار المدمرة للفساد عبر مجموعة من البلدان في إفريقيا وآسيا. اعتمد الكتاب علي تجاربها في أفغانستان، حيث عاشت لسنوات قبل أن تصبح مستشارًا في البنتاغون ورأت كيف ساعد الابتزاز المتفشي وزرع حكومة مدعومة من الولايات المتحدة في دفع السكان المحليين إلي أحضان طالبان، وقد يكون العراق درسًا أكثر تجسيداً. نمو الفساد: من صدام إلي المالكي في الثمانينيات من القرن الماضي، كان الفساد نادرًا، وكانت الوزارات في حكومة صدام حسين الاستبدادية نظيفة ومعظمها جيدة. جاء التغيير خلال التسعينات، عندما فرضت الأمم المتحدة عقوبات معوقة بعد غزو صدام للكويت. وخلال سبع سنوات فقط، انخفض دخل الفرد في العراق من حوالي 3500 دولار إلي 450 دولارًا. مع انهيار قيمة رواتبهم، لم يستطع المسؤولون الحكوميون البقاء دون تلقي رشاوي، والتي أصبحت عملة الحياة اليومية. ازداد التعفن سوءًا بعد غزو عام 2003، عندما بدأ الضباط الأمريكيون بتوزيع الأموال في محاولة لتكوين صداقات ودفع الاقتصاد. ربما كانن نواياهم حسنة، لكن تسرعهم الأخرق كان كارثيًا، اصطفت مجموعة جديدة من الانتهازيين، بما في ذلك المنفيون العراقيون العائدون، للحصول علي عقود حكومية كبيرة. فُقدت المليارات واتسعت السرقة علي نطاق واسع بعد الطفرة النفطية عام 2008، بفضل شبكة من الأوليغارشيين بتمكين من رئيس الوزراء نوري كمال المالكي. عندما سيطر داعش علي شمال غرب العراق منتصف عام 2014، كانت القوات العراقية المكلفة بمواجهة التنظيم قوامها 350.000 جندياً، وهي أكبر بكثير من الألوية "الجهادية" المهاجمة. في الواقع، تم تدمير الجيش من خلال "الفضائيين" ، حيث كان القادة يحصلون علي مئات، بل آلاف، من الرواتب. دمرت هذه الممارسات الروح المعنوية داخل الجيش وغذت الغضب الشعبي بين المدنيين في الموصل، الذين أصبحوا أكثر تقبلاً لداعش مما كانوا عليه في السابق. وجدت دراسة حديثة لأشخاص في منطقة الموصل، بقيادة مبادرة هارفارد الإنسانية، أنهم رأوا الفساد سبباً رئيسياً لظهور داعش. مابين 125 إلي 300 مليار دولار! ليس من السهل تقدير التكلفة الكاملة لما سرق من العراق. تتم الصفقات نقدًا، ويصعب الحصول علي الوثائق وغالبًا ما تكون إحصاءات الحكومة غير موثوقة. ومع ذلك، تشير المعلومات المتاحة إلي أن العراق ربما يكون قد استنفد ثروته الوطنية بشكل غير مشروع في الخارج أكثر من أي دولة أخري. قام رجل دولة عراقي أقدم لديه خبرة طويلة في مجال التمويل بتجميع تقييم سري لمجلس الأطلنطي، وهو مركز أبحاث أمريكي، بناءً علي محادثات مع المصرفيين والمحققين والاتصالات في مجموعة متنوعة من الدول الأجنبية، وخلص إلي أن ما بين 125 مليار دولار و 150 مليار دولار يمتلكها عراقيون في الخارج، معظمها "تم الاستحواذ عليها بشكل غير قانوني". مشيراً إلي أن التقديرات الأخري تصل إلي 300 مليار دولار، وقدر أنه يتم استثمار نحو 10 مليارات دولار من الأموال المسروقة في عقارات لندن وحدها. إن الحساب الكامل يمتد إلي ما هو أبعد من الفاتورة المالية إلي الضرر الذي لحق بثقافة ومجتمع العراق، وهي النقطة التي سمعت في كثير من الأحيان أن العراقيين الأكبر سنا يثيرونها بحزن شديد خلال السنوات التي عشت فيها هناك. نماذج من حصص الأحزاب.. والوزير المستقيل قد تبدو الحياة السياسية وكأنها حرب عصابات، لكن سطحها المضطرب يخفي في معظم الأيام عملاً هادئًا ومبهجًا للنهب، في كل وزارة حكومية، يتم تخصيص أكبر الغنائم بالاتفاق غير المكتوب علي فصيل أو آخر. لدي الصدريين وزارة الصحة، ولدي منظمة بدر منذ فترة طويلة وزارة الداخلية، ووزارة النفط تابعة للحكمة. أحيانًا يواجه القادمون الجدد صعوبة في التكيف مع هذا الوضع، اكتشف أحد الوزراء السابقين -وهو تقني قضي عقودًا في الخارج- لدي وصوله إلي منصبه، أن وزارته كانت تشتري لقاحات بعقد 92 مليون دولار، وجد طريقة أخري لشراء نفس اللقاحات بأقل من 15 مليون دولار. قال لي "بمجرد أن فعلت ذلك، واجهت قدرا كبيرا من المقاومة، حملة شرسة ضدي". كانت أولويته معالجة الفجوة بين ثروة النفط العراقية ونظامها الصحي المدمر، الذي يفتقد الوصول إلي العديد من الأدوية الأساسية، أما بالنسبة لخصومه، فقد كانت الضرورة الوحيدة هي مصالحهم ومصالح أحزابهم. قرر الوزير في النهاية أن هاتين الفلسفتين لا يمكن التوفيق بينهما، واستقال. (مثل معظم الأشخاص الذين تحدثت إليهم في هذا المقال، تحدث بشرط ألا أستخدم اسمه. الفساد هو الطريق الثالث للسياسة العراقية: لمسه يمكن أن يقتلك أنت أو أقاربك بسهولة). الزعماء السياسيون الذين يرأسون هذا الكسب غير المشروع معروفون جيدًا. بعضهم حلفاء مخلصون للولايات المتحدة، استخدمت عائلات بارزاني وطالباني في كردستان سيطرتهم علي عقود تلك المنطقة وبنكها المركزي ليصبحوا أغنياء للغاية. المالكي وحلقة المقربين له ما زالوا يسجلون حضوراً علي الساحة السياسية العراقية. مقتدي الصدر، رجل الدين الشيعي الزئبقي، هو عراب آخر يشتهر أتباعه بمطالبتهم بعمولات ضخمة. 2014 وإثراء الفصائل كان من المفترض أن يتلقي هذا النظام هزة عام 2014، عندما استولي داعش علي المدن، لكن عوضاً عن ذلك، كانت النتيجة الرئيسية هي ظهور سلالة جديدة من الطفيليات: الميليشيات التي ساعدت في هزيمة داعش، والمعروفة مجتمعة باسم الحشد الشعبي، أو قوات الحشد الشعبي. الحشد هو اتحاد فضفاض للجماعات المسلحة، وبعضها موجود منذ عقود. في عام 2016، اعترف رئيس الوزراء حيدر العبادي بها كجزء من قوات الأمن في البلاد، ويتقاضون الآن رواتب منتظمة مثلما يحصل عليه الجنود وضباط الشرطة. من بين أقوي تلك الفصائل، كتائب حزب الله، التي تُتهم بشن هجوم علي قاعدة جوية عراقية في ديسمبر أسفرت عن مقتل مقاول أمريكي وأدت إلي اغتيال سليماني بعد أسبوع. علي الرغم من مكانتها البارزة، إلا أنها محاطة بالغموض، يقول مايكل نايتس، المحلل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني الذي تابع الفصيل منذ تأسيسه: "لا نعرف شيئًا تقريبًا عن القيادة"، إنهم مثل تنظيم الماسونيين، يمكنك أن تكون فيه وتكون في حركة أخري في نفس الوقت، لقد بنت إمبراطورية اقتصادية، من خلال شق طريقها إلي الشركات الشرعية والعقود الحكومية". مطار بغداد: هدف مشترك لكتائب حزب الله والعصائب من بين مشاريع الميليشيات الأقل شهرة والأكثر إثارة للقلق، تقدمها التدريجي للسيطرة علي مطار بغداد. بدأ الأمر قبل عدة سنوات، عندما بدأت كتائب حزب الله وميليشيا أخري مدعومة من إيران تسمي عصائب أهل الحق في وضع العمال الموالين لهما في جميع أنحاء المطار بشكل خفي، وفقا لمسؤول كبير في المطار تحدثت معه. وتمكنوا أيضًا من النفوذ إلي G4S، وهي شركة بريطانية لديها فترة طويلة. المسؤول قال أيضاً إن عقد الأمن في المطار ذهب لتوظيف عناصر الفصيلين. (لم توافق G4S علي الإدلاء بتعليق). ونتيجة لذلك، أصبح بإمكان الميليشيات الآن الوصول إلي جميع كاميرات CCTV بالمطار وإلي طريق محدود الوصول يسمي Kilometer One الذي يربط المدارج بمحيط المطار، متجاوزًا الحواجز الأمنية، قال لي المسؤول: عندما ضربت طائرة بدون طيار أمريكية قاسم سليماني وحاشيته في يناير/ كانون الثاني، كنت قد خرجت للتو من هذا الطريق). وأخبرني المسؤول، عندها كانت عناصر الميليشيات تحتجز مدير مطار بغداد تحت تهديد السلاح وأجبرته علي توظيف عنصر مخلص لها كنائب. في أواخر أكتوبر، حصلت شركة هي واجهة لكتائب حزب الله، علي عقد مدته 12 عامًا في مطاري بغداد والبصرة، تبلغ قيمته عشرات الملايين من الدولارات سنويًا، علي الرغم من أن الشركة كان عمرها شهرين فقط ولم تحصل علي الاعتماد أو الترخيص اللازم. تم إنهاء العقد في ذلك الحين، لكن الشركة التي استحوذت علي شركة صالة V.I.P. والفندق من "حسين لقيس" ما تزال في مكانها. إن مطار بغداد ليس سوي واحدة من البوابات الاقتصادية التي تسيطر عليها الميليشيات الآن. لقد استخدموا تهديد داعش لتثبيت أنفسهم في معظم الحدود البرية للبلاد. وقد سيطرت الميليشيات علي معظم التجارة عبر الموانئ الجنوبية للعراق لأكثر من عقد من الزمان. في الواقع، تعمل الميليشيات في الظل، وتفرض علي المستوردين رسومًا أعلي مقابل تسهيل الإدخال والتوصيل. لديها لجان اقتصادية وتفتتح مكاتب في بغداد، حيث يمكن للشركات الخاصة إبرام صفقات للتحايل علي القنوات القانونية في البلاد. قال لي مسؤول المطار: "علي سبيل المثال، إذا أحضرت 100 سيارة من دبي وقمت بالإجراءات القانونية، فقد يستغرق الأمر شهرين لإخلائها، أما إذا دفعت لكتائب حزب الله، علي سبيل المثال، 10000 دولار إلي 15000 دولار، فقد يستغرق الأمر يومين فقط". الوضع "مناسب" للولايات المتحدة الأموال التي غذت انحدار العراق إلي كليبتوقراطية، تنبع، في الغالب، من مجمع الاحتياطي الفيدرالي شديد الحراسة في شرق روثرفورد، نيوجيرسي. هناك، كل شهر أو نحو ذلك، شاحنة محملة بأكثر من 10 أطنان من العملة الأمريكية المغلفة بالبلاستيك، أموال بقيمة 1 مليار دولار إلي 2 مليار دولار يتم نقلها إلي قاعدة جوية وتتوجه جواً إلي بغداد. وهي تابعة للحكومة العراقية، التي توجه عائدات مبيعات النفط من خلال حساب في مجلس الاحتياطي الاتحادي في نيويورك. هذا الترتيب غير العادي هو إرث من الاحتلال الأمريكي، عندما سيطرت أمريكا مباشرة علي الحكومة العراقية وأموالها. وقد بقي الحال علي ماهو عليه لأنه يناسب كلا الجانبين: يحصل العراقيون علي وصول سريع وتفضيلي إلي الدولارات، وتحتفظ الولايات المتحدة بنفوذ هائل علي الاقتصاد العراقي. ظاهريا، الشحنات الدورية للدولار (جزء صغير من عائدات النفط الإجمالية للبلاد) هي لتلبية احتياجات شركات الصرافة والمستوردين العراقيين، الذين يحتاجون إلي أموال نقدية. أما من الناحية العملية، وجدت الكثير من الدولارات طريقها إلي أيدي من يقومون بغسل الأموال والجماعات الإرهابية والحرس الثوري الإيراني، وذلك بفضل طقوس غير معروفة يديرها البنك المركزي العراقي تحت مسمي "مزاد بيع الدولار". مزاد بيع الدولار كان مزاد بيع العملة يسمي "نظام الصرف الصحي للفساد العراقي"، ولكن نادرا ما يتم الكتابة عن أعماله الداخلية. إن مخططات الاحتيال التي تدور حوله قد غذت كل الأطراف في الحرب الأهلية السورية، بما في ذلك داعش. بذلت وزارة الخزانة الأمريكية جهودًا جادة لإبعاد دولارات المزاد عن أيدي داعش وإيران، لكنها غالبًا ما تغض الطرف عن أنواع أخري من غسيل الأموال. وقد وجد الإرهابيون مرارًا وتكرارًا شركات وأساليب جديدة لإخفاء مشاركتهم في المزاد، غالبًا بتواطؤ من مسؤولي البنك المركزي. تسمية مزاد مضللة؛ إنها عملية يومية يقدم فيها البنك المركزي العراقي دولارات لعدد محدود من البنوك التجارية في البلاد مقابل الدينار العراقي. قامت سلطات الاحتلال الأمريكية بتأسيسها في عام 2003 لخدمة غرضين: جمع ما يكفي من الدينارات لدفع المرتبات نقدا إلي أسطول الموظفين الحكوميين في العراق ومساعدة البلاد علي دفع ثمن الواردات التي تشتد الحاجة إليها بالدولار. من حيث المبدأ، يشبه المزاد العملية التي تستخدمها بعض الدول الأخري لتسهيل التجارة الخارجية. كان من المفترض أن تعمل علي النحو التالي: شركة تعتزم استيراد الأحذية من الهند، علي سبيل المثال، ستذهب إلي بنكها المحلي العراقي بفاتورة من شركة الأحذية الهندية. يقوم البنك المحلي بالتصديق علي المعاملة وإيداع المبلغ المطلوب بالدينار العراقي لدي البنك المركزي، والذي يقوم بتحويل الدولارات إلي حساب جهة التصدير. بدأت المشكلة بمد هائل من الأموال القذرة: العراقيون الذين سرقوا مبالغ كبيرة من خلال عقود احتيالية أو خطط رشاوي كانوا متعطشين لتداول دنانيرهم بالدولار، حتي يتمكنوا من استخدامها في الخارج. من أجل هذا، بدأت فئة جديدة من الانتهازيين بتسجيل الشركات المزيفة واختلاق الفواتير المطلوبة لمحاكاة صفقة الاستيراد، والتي سيتم تمويلها بعد ذلك عن طريق المزاد بالدولار. في غضون أيام، يمكن لشخص ما قام بالاحتيال علي بلده بالملايين، أن يصبح مالك منزل ريفي في لندن. تركت الواردات الزائفة أدلة شحيحة، لأنه تم توثيقها ببطاقات هوية وصور لأشخاص حقيقيين، يوافقون علي لعب دور مسؤولي الشركة مقابل رشوة. في كل مرة يشك فيها البنك المركزي العراقي أو بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، فإن المحتالين سيعدلون لعبتهم في المقابل. قال لي مصرفي عراقي سابق، وهو واحد من العديد من الممولين والمسؤولين الحكوميين السابقين، "كانت هناك مكاتب صغيرة يديرها شباب لإنتاج أعمال تزوير محترفة، ثم يتكفلون بإنهاء الملف بأكمله". لتجنب دفع الضرائب علي الواردات المزيفة، سيسجل القائمون بغسيل الأموال عشرات الشركات، ويتركونها ويخلقون شركات جديدة كلما كانت ضرائبهم مستحقة. قاموا بإشراك سلطات المنافذ الحدودية، ودفعوا للمسؤولين لتزويدهم بالكشوف المزيفة بأختام تبدو حقيقية. سيطر غاسلو الأموال في نهاية المطاف علي معظم مبيعات الدولار اليومية للبنك المركزي، والتي بلغ مجموعها وفقًا لأرقام البنك المركزي أكثر من 500 مليار دولار منذ عام 2003. (هذا الرقم أعلي بكثير من كمية الدولارات الفعلية التي تم نقلها إلي العراق من الاحتياطي الفيدرالي، لأن معظم الدولارات التي يبيعها البنك المركزي هي تحويلات إلكترونية من عائدات النفط العراقي). بطيخ وطماطم إيرانية بمليارات الدولارات! كان الاحتيال واضحا في بعض الأحيان. في عام 2017، استورد العراق رسمياً ما قيمته 1.66 مليار دولار من الطماطم من إيران - أكثر من ألف مرة الكمية التي استوردها في عام 2016. كما أدرج واردات بقيمة 2.86 مليار دولار من البطيخ من إيران، بقيمة تفوق 16 مليون دولار عن العام السابق. هذه الكميات ستكون غير منطقية حتي لو لم يزرع العراق كميات كبيرة من الطماطم والبطيخ. أخبرني الاقتصاديون أن أرقام الاستيراد الرسمية هذه - التي لا تزال مرئية علي موقع وزارة التخطيط العراقية - يبدو أنها كانت محاولة تغطية سيئة لغسيل الأموال عبر المزاد بالدولار. وقد مكّن المزاد أيضًا مخططًا للاختلاس علي نطاق واسع، قام بتمرير مليارات الدولارات إلي وسطاء نافذين في العراق. استند هذا الاحتيال علي الفرق بين سعر الصرف الثابت الذي يقدمه البنك المركزي - المرتبط بالدولار - وسعر السوق المتذبذب، والذي غالبًا ما يكون أعلي بكثير. بعد فترة وجيزة من بدء المزاد في عام 2003، أدرك القائمون علي غسيل الأموال أنهم إذا تمكنوا من تزوير صفقة استيراد، يمكنهم بعد ذلك إعادة بيع الدولارات التي حصلوا عليها من البنك المركزي، وتحقيق ربح فوري من فارق السعر. بمجرد أن أدرك الزعماء السياسيون العراقيون حجم الأموال التي سيتم جنيها، سيطروا علي حق الوصول إلي المزاد. الشركات العادية والبنوك التي ترغب في القيام بالواردات أو الإقتراض المشروع تم طردها من قبل أولئك الذين يدعمون الأحزاب السياسية والميليشيات الرئيسية. ولإخفاء هذا الاستحواذ، اشتري الأثرياء البلوتوقراطيون (طبقة المتسلطين الأثرياء) الجدد، جميع البنوك التجارية المتبقية تقريبًا، وحولوها إلي مجرد معابر لأموال المزاد. من المستحيل تحديد عدد المليارات التي تمت سرقتها من خلال فارلق سعر الصرف، لكن العديد من المصرفيين السابقين والمسؤولين العراقيين أخبروني أن هذا النوع من الاحتيال يمثل معظم الواردات المزعومة التي يمولها مزاد الدولار منذ حوالي عام 2008. وتشير التقديرات بناء علي ارقام موقع البنك المركزي ومعلومات من مصرفيين عراقيين ومسؤولين ماليين، إلي نحو 20 مليار دولار، كلها سرقت من الشعب العراقي. بعض البنوك التي تحقق أرباحًا هائلة من المزاد ليست أكثر من واجهات، مع مكاتب فرعية متداعية ونادراً ما يوجد أي موظفين في تلك الشركات. اشتري أحد البنوك 4 مليارات دولار في المزاد، بإجمالي ربح 200 مليون دولار، قال لي أحد أعضاء البرلمان الذي حقق في قضايا الفساد: "لقد فحصنا هذا البنك، كان يحتوي علي غرفة واحدة وجهاز كمبيوتر وبعض الحراس". لم يكن الضرر الناتج عن الغش في المزاد يتعلق فقط بالأرباح غير المشروعة. مع تحول المصارف التجارية العراقية إلي أدوات للمراجحة (بفارق السعر)، تُركت الشركات العادية دون الحصول علي القروض التي تحتاجها للنمو. واضطر بعض المستوردين الشرعيين، غير القادرين علي الحصول علي دولارات من المزاد، إلي استخدام البنوك الأجنبية بدلاً من ذلك. من الصعب معرفة مقدار الضرر الذي ألحقه ذلك بالاقتصاد، لكن جميع المحللين الذين تحدثت إليهم قالوا إن ذلك كان مدمراً، ويجوع القطاع الخاص في البلاد ويجعل العراق أكثر اعتماداً علي عائداته النفطية، التي تم خفضها إلي النصف خلال الأشهر الأخيرة. "بطل غير مرغوب به" زعيم عراقي واحد فقط بذل جهودا جادة لكشف الجرائم المحيطة بمزاد الدولار، وكان بطلا غير مرغوب به. قاد أحمد الجلبي، المصرفي والسياسي الذي ساعد إدارة بوش في تبرير غزوها للعراق، تحقيقًا برلمانيًا في مزاد الدولار الذي بدأ عام 2014. وكشف عن وثائق تورط بعض أكبر البنوك في البلاد وأصحابها في عمليات احتيال واسعة النطاق. وبينما كان متوقعًا أن يكشف المزيد من الفضائح، توفي الجلبي بنوبة قلبية في نوفمبر 2015. (علي الرغم من التوقيت المشبوه، لم يجد تشريح الجثة أي دليل علي ارتكاب خطأ). لم يتعرض المصرفيون الذين حددهم الجلبي في تحقيقاته لأي عواقب وما يزالون يواصلون أعمالهم. يستمر المزاد حتي يومنا هذا، وكذلك غسيل الأموال والسرقة التي تحيط به. في بعض الأيام منتصف آذار الماضي، سجل الموقع الإلكتروني للبنك المركزي مبيعات بالدولار تجاوزت 200 مليون دولار - أكثر من مليار دولار في أسبوع عمل واحد- من المفترض أن تدفع جميعًا مقابل الواردات. في ذلك الوقت، كانت جائحة الفيروس التاجي تغلق الاقتصاد العراقي. قد تكون بعض هذه الواردات مشروعة، لكن المصرفيين الذين تحدثت إليهم قالوا إن الأرقام تشير إلي استمرار غسيل الأموال علي نطاق واسع. ومن العلامات الصارخة الأخري للاحتيال، إجمالي المبلغ اليومي للدولارات التي يبيعها البنك المركزي لمكاتب الصرافة العراقية، والتي من المفترض أن يستخدمها فقط العراقيون المسافرون إلي الخارج. في منتصف تموز، كانوا متوسط البيع مستمراً ما بين 10 إلي 11 مليون دولار يوميًا، علي الرغم من إغلاق مطار بغداد منذ آذار حتي 23 تموز، وما تزال قيود السفر قائمة. هناك أيضًا أدلة علي أن المزاد يواصل تقديم الأموال للجماعات الإرهابية. في تشرين الأول / أكتوبر، أصدر مجلس الاحتياطي الاتحادي في نيويورك رسالة إلي البنك المركزي العراقي يطالبه بمنع بنكين ومكتب صرافة من استخدام مزاد الدولار، مشيراً إلي أن لديه سبب للاعتقاد بأن الكيانات الثلاثة "تابعة أو متورطة في التعاملات المادية مع داعش أو جماعة لها علاقات معها. والكيانات الثلاثة مملوكة لممول يدعي حسن ناصر جعفر اللامي، المعروف أيضا في الدوائر المالية العراقية باسم "ملك الفواتير المزيفة". في كانون الثاني / يناير، أجري موظف في البنك المركزي العراقي مقابلة مع محطة تلفزيون لبنانية زعم فيها أن اللامي كان ما يزال يستخدم المزاد، من خلال بنوك أخري غير تلك التي ذكرها الاحتياطي الفيدرالي. في بعض الحالات، يبدو أن البنك المركزي تحايل عن عمد علي جهود مجلس الاحتياطي الفيدرالي أو وزارة الخزانة الأمريكية. في عام 2018، فرضت وزارة الخزانة عقوبات علي آراس حبيب كريم، وهو شخصية سياسية مكلفة بتوجيه الأموال إلي الحرس الثوري وحركة حزب الله اللبنانية. كما فرض عقوبات علي البنك الذي يديره، والمعروف باسم بنك البلاد الإسلامي. لكن بدلاً من تجميد أصول كريم، أمر البنك المركزي العراقي في أكتوبر بإعادة 40 مليون سهم في بنك البلاد يملكها كريم وعائلته، وفقًا لوثيقة للبنك المركزي حصلت عليها. عندما سألت مسؤولي الخزانة عن عمل البنك المركزي العراقي، قدموا بيانًا معلبًا: "تواصل الخزانة العمل بشكل وثيق مع حكومة العراق بشأن الامتثال للعقوبات الأمريكية." ضربة واحدة لن تكفي إن العراق قصة تحذير واعتبار لبقية دول العالم، توضح مدي السرعة التي يمكن أن تحققها عمليات الفساد ومدي صعوبة عكس هذه العملية. لا يستغرق غبار التواطؤ وقتًا طويلاً حتي يغطي الجميع تقريبًا، كما هو الحال في أفغانستان أو الصومال أو فنزويلا. يقول ريتشارد ميسيك، الذي أمضي عقودًا في دراسة الموضوع وهو المساهم الأول في مدونة مؤثرة تراقب الجهود العالمية لمكافحة الفساد: "يصبح نظامًا مستدامًا ذاتيًا، لا يمكنك اتخاذ إجراء في منطقة واحدة، لأنها كلها مرتبطة ببعضها البعض، لذلك عليك تغيير مؤسسات متعددة في نفس الوقت". من الصعب القيام بذلك بدون قوة خارجية، كان تدخل حكومة الولايات المتحدة ضرورياً في القضاء علي الكسب غير المشروع المنتشر في شيكاغو، الذي بلغ ذروته خلال عشرينيات القرن الماضي، عندما كان رجل العصابات آل كابوني يضع عمدة المدينة علي جدول رواتبه. هناك عدد قليل من السوابق التي نجحت فيها عملية تنظيف بلد بأكمله من الفساد في العصر الحديث، باستثناء بعض الدول الاستبدادية مثل سنغافورة، حيث قام رئيس الوزراء السابق لي كوان يو بالقمع بشدة في الستينيات. كي كارد أكبر عقبة منفردة للإصلاح في العراق هي اعتماد البلاد الساحق علي النقد، الذي يصعب تتبعه وبالتالي يسهل غسيل الأموال. إن نقل المزيد من العراقيين إلي النظام المصرفي - حيث تترك المدفوعات أثراً يمكن اقتفاؤه- كان هدفاً لدعاة مكافحة الفساد في البلاد لسنوات. لكن الانتقال من السيولة محفوف بالمخاطر بحد ذاته، فالتقنيات الجديدة عرضة للاستحواذ أيضاً من قبل الأوليغارشية، الذين يمكنهم تحويل تلك التقنيات إلي أدوات أكثر فاعلية لغسيل الأموال. تقدم واحدة من أكثر خطط الاختلاس وقاحة في العراق صورة شبه كاملة لهذا الخطر، حيث كان يهدف استخدام جهاز يسمي Qi Card، إلي دفع الدولة نحو المدفوعات الإلكترونية. تم تطويره من قبل شركة تسمي البطاقة الذكية الدولية، وهو يسمح للموظفين الحكوميين والمتقاعدين باسترداد مرتباتهم الشهرية نقدًا في أي من آلاف المحطات في جميع أنحاء البلاد. إنه ابتكار مرغوب به شعبياً، فقبل ظهور بطاقة Qi Card عام 2007، كان علي العمال في كثير من الأحيان الانتظار في الطابور لساعات خارج أحد البنوك الحكومية للحصول علي أموالهم. تتنافس الشركة الآن مع شركات بطاقات صغيرة أخري، وتعلن عن نفسها عبر لوحات إعلانية ضخمة تحت شعار "انضم إلي أكبر عائلة". إنها تقدم نفسها كشركة تقنية محلية تساعد في إدخال العراق إلي عصر المعلومات، مع صور علي موقعها علي الإنترنت لعمليات التسجيل البيومترية والعملاء السعداء الذين يسددون المدفوعات النقدية، لكن ارتباطها بتوزيع رواتب موظفي الدولة منحها قوة هائلة. عام 2019، وفقًا لتقرير صادر عن البنك المركزي، دفعت الحكومة ما يقارب 47.5 مليار دولار لموظفيها والمتقاعدين - وهو مبلغ ضخم لبلد بحجم العراق - وقد مر معظم ذلك من خلال Qi Card. هذا يجعل الأمر أكثر جاذبية، حيث يبدو أن الشركة تعمل دون إشراف تقريبًا، وفقًا للمسؤولين الذين تحدثت معهم والوثائق التي حصلت عليها من وزارة المالية العراقية والبنك المركزي. لقد تجاوزت متطلبًا قانونيًا لدمج نظام الدفع الخاص بها مع شبكة الدفع الوطنية للبطاقات. وهو ماكان سيسمح للبنك المركزي بمراقبة التعاملات. تصف الوثائق الجهود المحبطة لجعل Qi Card مسؤولة عن معاملاتها، إلي جانب شكاوي المتقاعدين العراقيين الذين يقولون إن Qi Card قد استُخدمت للاقتطاع من رواتبهم. (قال الرئيس التنفيذي لشركة Qi Card، الذي تم الوصول إليه عبر البريد الإلكتروني، إن الشركة تلتزم بجميع اللوائح ذات الصلة وأن معاملاتها تخضع للمراقبة المباشرة من قبل البنك المركزي، بالإضافة إلي مراجعتها بشكل دوري من قبل المؤسسات المستقلة). "الفضائيون في الحشد الشعبي" تحت هذا التعتيم علي البيانات، يتم استخدام بطاقة Qi Card من قبل شخصيات الميليشيات المدعومة من إيران الذين يديرون مخطط "موظفين أشباح" (فضائيين) علي نطاق واسع لسرقة مئات الملايين من الدولارات من الرواتب الحكومية، أخبرني العديد من المسؤولين الحكوميين، بما في ذلك شخص قريب من المكتب المالي للحشد. أخبرني هذا المسؤول أن الحشد سجل حوالي 70.000 جندي (فضائي) للمدفوعات الإلكترونية عبر بطاقة Qi Card. (لم يكن من الواضح ما إذا كان هذا قد تم بمعرفة مدراء Qi Card أو دون علمهم). كان (الجنود الأشباح) نموذجاً من نماذج التمويل الذاتي لضباط كبار في الجيش والشرطة العراقية لسنوات، ولكن يبدو أن Qi Card قد سمحت بنقل هذه الخدعة إلي مستوي أعلي. يبلغ متوسط راتب أحد أعضاء الحشد حوالي 1000 دولار شهريًا، مما سيجعل إيرادات البرنامج أكثر من 800 مليون دولار سنويًا. أخبرني المسؤول أن هذه العملية تمت بسرية تامة من قبل شخصيات قوية ذات علاقات عميقة مع إيران، بما في ذلك أبو مهدي المهندس زعيم الميليشيا الذي اغتيل في يناير مع قاسم سليماني. تحقق Qi Card أيضًا أرباحًا هائلة من الرسوم التي تفرضها علي المعاملات الإلكترونية. أخبرني مسؤول عراقي كبير آخر أن بعض هذه الأرباح يتم تقاسمها مع شخصيات بارزة أخري تدعمها إيران. قال لي المسؤول إن مؤسس Qi Card، وهو رجل أعمال يدعي بهاء عبد الهادي، بقي بعيداً عن النقد لسنوات من خلال إقامة علاقات تجارية مع أقوي أفراد العراق، بما في ذلك قادة الميليشيات الذين تربطهم علاقات وثيقة بإيران. واحد منهم هو عمار الحكيم، وهو رجل دين شيعي بارز وثري سياسي. آخر هو شبل الزيدي، الأمين العام لميليشيا تدعي كتائب الإمام علي، الذي أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات عليه في 2018 بسبب تعاملاته المالية مع الحرس الثوري وحزب الله. صلة ثالثة مع نصر الشمري، زعيم جماعة أخري مدعومة من إيران تسمي حزب الله النجباء. (لكن متحدثة باسم Qi Card أخبرتني أن عبد الهادي لا علاقة له بالحكيم أو الزيدي أو الشمري). في الوقت نفسه، بذلت Qi Card جهودًا للتعبير عن نفسها للمسؤولين الأمريكيين، والتي يبدو أن بعضها قد نجح. في أوائل عام 2018، اقترح أحد المساعدين الجدد لترامب، ماكس بريموراك، علي وكالة تابعة للأمم المتحدة أن تستخدم بطاقة Qi للمعاملات، وفقًا لتقرير نشر في مايو من قبل ProPublica. كان "بريموراك" يقوم بأعمال استشارية في ذلك الوقت لشركة Markez، وهي شركة أمريكية عراقية استأجرتها شركة Qi Card. أفادت ProPublica أن الأمم المتحدة لم تتعاقد مع شركة Qi Card، لكن عرض "بريموراك" أثارت شكوي أخلاقية من قبل مسؤول في وزارة الخارجية. (عندما سُئل عن الشكوي، رد "بريموراك" بإرسال مذكرة تشير إلي أنه لم يتم فتح تحقيق). ومضي ليصبح مساعدًا لنائب الرئيس مايك بنس. إن محاولات Qi Card في النفوذ إلي الأوساط الأميركية الأمريكية تذكر بأن الفساد يمكن أن يشمل أكثر بكثير من المكافآت والملاذات الضريبية. ساعدت الأزمة المالية العالمية لعام 2008، التي كشفت عن روابط مشبوهة بين السياسيين والمضاربين، في تغذية الحركات الشعبوية التي لا تزال تزعج أوروبا والتي تسببت بانتخاب دونالد ترامب، الذي جعل الفساد وصفًا مناسبًا بشكل متزايد لحياتنا السياسية الخاصة حتي عندما كان يلفظ الكلمة بشكل عشوائي علي خصومه. مشروع صدر القناة بعد ظهر يوم دافئ في شباط / فبراير، سافرت إلي موقع بناء في شرق بغداد يسمي صدر القناة. إنه شريط ضيق من الأراضي الشاغرة - متوسط تقريبًا - يمتد لمسافة 15 ميلًا بين جانبي طريق سريع رئيسي علي الحافة الغربية من حي مدينة الصدر الفقير، مع قناة في المنتصف. وقد تحدثت سلطات مدينة بغداد لسنوات عن مشروع طموح لتحويل الممر إلي منطقة ترفيهية واسعة في الهواء الطلق، تشمل الملاعب الرياضية والحدائق والمطاعم والملاعب. سيتم بناء الجسور المزخرفة فوق القناة، حيث يركب الزوار ذهابًا وإيابًا علي متن القوارب. في عام 2011، وقعت حكومة المحافظة عقدًا مع ثلاث شركات إنشاءات مقابل 148 مليون دولار تقريبًا. اليوم، الموقع عبارة عن مكب نفايات كئيب مع القليل من الدلائل علي أنه تم إنفاق أي شيء عليه. عند النزول من الطريق السريع علي العشب، غاصت أقدامي بالقمامة البلاستيكية. مشيت ذهاباً وعودة لمدة 20 دقيقة أو نحو ذلك ووجدت بعض علامات البناء فقط: ملعب أطفال جاهز رخيص يجمع الغبار، واثنين من المخابئ الخرسانية غير المكتملة، في القناة المبطنة بالخرسانة، بدت المياه نتنة. حوار مع أحد الحيتان! يبدو أن لا أحد يعرف بالضبط ما حدث للأموال التي ألقيت في صدر القناة، لكن تقرير هيئة النزاهة العراقية يشير إلي ملاحظات مألوفة للأسف: تأخيرات وخلافات ومحافظ سابق هرب مع أحد نوابه من البلاد بعد" مما تسبب في ضرر متعمد لأكثر من 12 مليون دولار، "معظمها، من المفترض، انتهي به الأمر في جيبه. هناك مشاريع مثل هذه في جميع أنحاء العراق. رافعات مهجورة تصدأ، مساجد نصفية ومشاريع إسكان. العديد منها مقيد في النزاعات القانونية والسياسية. أنفقت مليارات الدولارات علي الكهرباء، ومع ذلك لا يزال العراق يعاني من انقطاع التيار الكهربائي حتي 20 ساعة في اليوم. يستخدم العراقيون مفردة في وصف رجال الأعمال المشهورين وسماسرة النفوذ الذين ينموون ويثرون علي حساب بلادهم: "الحيتان". يقال علي نطاق واسع أنهم فوق القانون. لقد تم تحذيري مرارًا، أثناء كتابة هذا المقال، بأن حياتي ستكون في خطر كبير إذا واجهت أيًا منهم بشأن أنشطته غير المشروعة. لكنني تمكنت في النهاية من التحدث إلي حوت. لقد كان عملاق بناء عراقي وأخبرني أنه قضي سنوات في الدفع للسياسيين من أجل الحصول علي عقود بقيمة ملايين الدولارات. ووصف عالمًا من صفقات الغرف الخلفية التي تشترك فيها المنافسات القاتلة، وتتحول التحالفات السياسية بسهولة وتكون العملة النهائية هي "النقد، دائمًا بالدولار، مقدمًا دائمًا". كان من الواضح أنه وافق علي الكسب غير المشروع باعتباره أمراً واقعاً، لم يشعر بأي قلق أو ذنب حيال ذلك، كان لديه مكاتب ومنازل في بلدان متعددة، لكنه تحدث باللهجة العراقية الحزينة كرجل متواضع المستوي التعليمي. تعرفت عليه عبر مسؤول حكومي قابله من خلال صديق. كان من المستحيل بالنسبة لي التحقق من تفاصيل القصص التي رواها. لكنها متسقة مع كل شيء سمعته من المطلعين علي الحكومة والمصرفيين حول طريقة عمل الفساد علي مستوي عال. تحدثنا عبر الهاتف لمدة ساعتين تقريبًا، أخبرني عن صفقة واحدة تمكن من إدارتها، وهو مشروع بناء كبير خصصت فيه الحكومة حوالي 40 مليار دينار (حوالي 33.6 مليون دولار). "في الواقع، أنفقت حوالي 10 مليارات دينار فقط علي البناء. أما بقية المبلغ، فقد ذهب معظمه إلي الدفع للمسؤولين الحكوميين والحزبيين، إلي جانب نفقات أخري. والباقي، حوالي خمسة مليارات دينار (4.2 مليون دولار) ، كان ربحاً صافياً". أعضاء مجالس المحافظات يعرضون "خدماتهم" أخبرني أنه علي مدي السنوات الست أو السبع الماضية، تم انتخاب محافظي المحافظات العراقية - الذين يتمتعون بسلطة كبيرة علي العقود - بشكل حصري تقريبًا من خلال صفقات مع رجال الأعمال الذين يدفعون لأعضاء مجلس المحافظة (الذي ينتخب المحافظ) مقابل حصة من عقود المحافظة. وقال: "أي شخص لديه المال يمكنه التلاعب بهذه الأشياء". وقد صيغت الصفقات بشكل متقن، حيث قام نواب المحافظين الموالون للأحزاب السياسية المختلفة بتقسيم العائدات المتوقعة من العقود اتضخمة. وقال إن عقدا كبيرا يمكن أن يوفر عمولات كافية لتغطية تكاليف رشوة انتخاب المحافظ. إن المسؤولين الحكوميين ليسوا مجرد متلقين سلبيين للرشاوي. قال لي إن أعضاء مجلس المحافظة، "يطرقون أبواب رجال الأعمال ويقولون، كيف يمكننا المساعدة؟ هل لديك شخص تريد تسقيطه؟ هل هناك مؤامرة تريد الترويج لها؟ شخص تريد إحالته إلي هيئة النزاهة؟ "هذه الفنون المظلمة تتجاوز الولاء الحزبي. المال هو كل ما يهم. وقال: "إذا كنت تريد التآمر ضد حزب الدعوة، فإن أعضاء مجلس المحافظة من هذا الحزب سيتعاونون معك" إذا دفعت لهم. وأخبرني أنه خلف كل هذه الصفقات، تتواري الميليشيات وتقتحم تلك الصفقات، وتأخذ حصصها من المال. وقال: "إن أي رجل أعمال أو أي مالك بنك لا تدعمه ميليشيا لن يتمكن من العمل". لا شيء من هذا يمثل مفاجأة للعراقيين. لقد أصبحوا متشائمين لدرجة أنهم يرون الآن حتي مختلف هيئات مكافحة الفساد في البلاد كأدوات للابتزاز والرشوة. للأسف، هذه ليست تهمة لا أساس لها من الصحة تماما. عندما كنت في بغداد، ذهبت لرؤية مشعان الجبوري، وهو رجل أعمال وسياسي مشهور بتصريحاته ضد الفساد. الجبوري هو رجل كبير عمره 63 عاما وله رأس أصلع وعيون بارزة وأصبح أيقونة لصراع بلاده مع الفساد. كان رجل أعمال في الثمانينيات وهرب من البلاد في نهاية العقد للانضمام إلي المعارضة. في عام 2006، اضطر الجبوري إلي الفرار من العراق مرة أخري بعد اتهامه بمخطط ابتزاز متقن يتضمن هجمات علي أنابيب النفط. لكنه استعاد وضعه، وانتخب في البرلمان وانضم إلي لجنة مكافحة الفساد البرلمانية. قال لي الجبوري بينما كنا نجلس في منزل يمتلكه في حي الحارثية: "الكل متورط، متدين، علماني، في القري، في المدن، من كبار القادة إلي الحمالين، أصبحت ثقافة، إنه شيء يفخر به الناس". في عام 2016، تصدّر الجبوري عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم بإخبار أحد مراسلي الجارديان بأنه فاسد أيضًا. أخذ رشوة بقيمة 5 ملايين دولار من رجل أراد منه أن يتخلي عن تحقيق في الاحتيال. وقال للصحيفة "علي الأقل أنا صريح بشأن ذلك". عندما رأيته في فبراير، تخلي الجبوري عن اعترافه، مدعيا أنه اخترع قصة الرشوة البالغة 5 ملايين دولار. حدقت به بعدم ثقة. رد علي: "كنت بحاجة إلي هز المجتمع". وأضاف أن مثل هذه الأكاذيب لم تعد ضرورية الآن، "إن الاحتجاجات الحالية تفعل ذلك". تظاهرات تشرين بالنسبة لأولئك الذين يراقبون من قارة أخري، كانت التظاهرات التي انتشرت في مدن العراق أكتوبر الماضي، تبدو وكأنها انفجار مفاجئ للغضب. في الواقع، كان هذا الغضب يغلي لسنوات في المدن والبلدات في جميع أنحاء البلاد. أحد قادة الاحتجاجات الذين التقيت بهم كان موسي البالغ من العمر 28 عامًا، ترعرع في أسرة زراعية فقيرة في مدينة السماوة جنوب العراق. (طالبني ألا أستخدم اسمه الأخير لأنه لا يزال مختبئًا ويخشي التداعيات) مثل العديد من الآخرين الذين تحدثت إليهم. اصطدم موسي مرارًا بوحشية اقتصاد العصابات في العراق، حيث تكون المؤهلات الحقيقية غالبًا غير مهمة، وتأتي معظم عروض العمل بسعر رشوة كبير، يعادل راتب عدة أشهر. بعد أن أمضي خمس سنوات في الحصول علي درجة متقدمة في العلوم البيطرية، لم يتمكن من العثور علي وظيفة بيطرية، باستثناءعقد لمدة عام واحد يستلم لقاءه 200 دولار شهريًا، تم فصله منه بعد أن رفض عرض رئيسه بالانضمام إلي ميليشيا. لم يكن لديه خيار سوي الحصول علي وظيفة في مديرية الكهرباء، التي كانت تدفع 375 دولارًا في الشهر. بدأ تمرد موسي قبل أكثر من عامين، عندما أخبرني أنه وجد وثائق تشير إلي أن مديره في وزارة الكهرباء أصبح ثريًا من خلال الحصول علي رشاوي علي العقود الحكومية. ساعد موسي في تنظيم احتجاجات تطالب بإقالة رئيسه. علي مدار العام التالي، بدأ في إجراء اتصالات مع شبان آخرين في جميع أنحاء العراق لديهم تجارب مماثلة ويبادلونه الهموم. يعتقد الكثير منهم أن بلادهم أصبحت تابعة لإيران والبلطجية المسلحين المحليين. بحلول صيف عام 2019، كانت مجموعات من شبكات الاحتجاج المحلية تتحول إلي شيء أكبر. كان موسي من بين المنظمين الذين دعوا إلي ثورة وطنية تبدأ في الأول من أكتوبر. بعد أسبوع، وجد نفسه جالسًا علي أريكة أمام رئيس الوزراء عادل عبد المهدي. خارج أبواب الوزارة الخشبية العالية، كانت البلاد مشتعلة. وقتل أكثر من 100 شخص في اشتباكات مع الشرطة، وكان الاقتصاد في حالة جمود. كان عبد المهدي يائساً من استعادة النظام، ودعا موسي وثمانية قادة احتجاج آخرين للاستماع إليهم. أعطاه موسي قصاصة ورقية تحدد مطالب المحتجين، قرأها بسرعة وصمت. كانت مكافحة الفساد إحدي المطالب، بعد حوار قصير، قال أحد مستشاري عبد المهدي: "أعطنا قائمة بأكثر الشخصيات فساداً". قال لي موسي إنه كان محتاراً وغاضبًا بسبب الطلب، كان يعلم بالفعل أنه مطلوب للقبض عليه من قبل الأجهزة الأمنية. بعد ذلك بوقت قصير، سيُرغم علي الاختباء، مثل العديد من قادة الاحتجاج الآخرين. كان يعلم أيضًا أن بعض الشخصيات الأكثر فسادًا في البلاد قد تم الترحيب بهم علي الأريكة نفسها. أجاب: "هذه ليست وظيفتنا، هذه وظيفتك". توترت الأجواء، وانتهي الاجتماع بعد 10 دقائق فقط. أعلن رئيس الوزراء بعد فترة وجيزة أن الحركة الاحتجاجية كانت بلا قيادة. الشيء نفسه ربما قيل عن حكومة عبد المهدي المتعثرة. بعد أقل من شهرين، من مواجهة احتجاجات أوسع نطاقا وارتفاع حصيلة القتلي، أعلن عبدالمهدي استقالته. الميليشيات في وضع الدفاع للمرة الأولي لقد فاجأ عمق حركة الاحتجاج وغضبه الجميع. كانت الميليشيات في وضعية الدفاع للمرة الأولي مرة منذ سنوات، حيث سخر منها بعض المتظاهرين ووصفوها بالعمالة لإيران. حتي أن بعض أعضاء الحشد الشعبي شاركوا في الحراك. وصف لي أحدهم مكالمة هاتفية متوترة أخبر فيها رئيسه السابق: "إنها ثورة ضدك". في كانون الأول / ديسمبر، أقر البرلمان العراقي قانونًا تاريخيًا يسمح لهيئة النزاهة في البلاد بالتحقق من دخل الموظف العام مقابل أصوله وفرض غرامات كبيرة أو حتي السجن إذا لم يتمكن من إظهار مصدر شرعي للحصول علي المال. كان هناك طلب جديد علي المساءلة يتسرب إلي جميع أنواع الأماكن غير المتوقعة. في بغداد ، قابلت محامية شابة تدعي مروة عبد الرضا، أخرجت هاتفها الخلوي وعرضت لي وثائق عن فضيحة صغيرة غريبة في نقابة المحامين العراقيين، والتي قدمت نفقات عالية للغاية لبناء حمام سباحة. تم الكشف عن الاحتيال قبل يوم واحد فقط، قبل أن يتاح لأي من المحامين فرصة ارتداء ثوب السباحة. وقالت: "في الماضي، كان هناك الكثير من الإنفاق ولا شكاوي". "الآن، المحامون يتحدثون بصراحة." ساعدت روح الحركة الاحتجاجية التي لا هوادة فيها في إبقائها علي قيد الحياة - علي الأقل حتي تفشي الوباء – لكن تأثيرها أصبح محدوداً مع مرور أشهر، رفض المتظاهرون بشدة ترشيح أي شخص للمنصب. وبدا أنهم عالقون في حلقة مفرغة. أرادوا تغيير النظام، لكن أي شخص يقترب من هذا النظام، حتي نيابة عنهم، يصبح مشبوهًا علي الفور. أبطالهم الوحيدون هم رفاقهم الشهداء، الذين تظهر وجوههم في الكتابة علي الجدران والملصقات في جميع أنحاء ساحات الاحتجاج. في قلب حركة الاحتجاج في العراق، هناك صراع من أجل التحرر من تاريخ البلاد المعذّب. يفهم الكثير من الجيل الأصغر سنًا أن العراق - مثل العديد من المستعمرات السابقة الأخري عبر إفريقيا وآسيا - رفع في كثير من الأحيان رجاله العسكريين ورجال الدين إلي آلهة، ليتحولوا إلي وحوش. وهذا أحد أسباب رفض المتظاهرين تفويض أي زعيم لتمثيلهم. إنهم يعرفون أن ما يهم الآن هو العمل الدؤوب لبناء المؤسسات، وليس فكرة وجود منقذين. لكنهم أيضًا توّاقون لشخصيات عامة رائعة. مثل أي شخص آخر، يريدون أن يكون لهم مصدر إلهام وقيادة. عبدالوهاب الساعدي ظهر أحد القادة في وقت مبكر من الاحتجاجات، عبد الوهاب الساعدي هو أحد كبار مسؤولي مكافحة الإرهاب في العراق. إنه محبوب في جميع أنحاء البلاد ليس فقط بسبب سجله العسكري - فقد قاد سلسلة من المعارك الحاسمة ضد داعش - ولكن أيضًا لأنه، وحده تقريبًا بين الضباط العراقيين، ليس متحزباً، ويقال إنه غير متورط بالفساد والرشاوي. في سبتمبر الماضي، قام رئيس الوزراء العراقي بتهميشه فجأة. سرعان ما اعتبره المحتجون ضحية تم التخلص منه لأنه لم ينخرط في يلعب اللعبة. (كان هذا صحيحًا جزئيًا، علي الرغم من أن التنافسات بين الفصائل لعبت دورًا أيضًا). بدأ المحتجون بحمل صور الساعدي وهم يرددون اسمه. وطالب البعض بترشيح الساعدي خلفا لعبد المهدي رئيسا للوزراء. كان رد فعل الساعدي مثيراً، قال إنه رجل عسكري غير مؤهل لشغل منصب سياسي. أصيب بعض المتظاهرين بخيبة أمل، لكن البعض آخرين كانوا مسرورين، حيث اعتبروا تخليه إشارة إلي رفعته. الساعدي يبلغ من العمر 57 عامًا ، وله ملامح نحيفة، وله جو من الرصانة المنعزلة وشعر رمادي. علي الرغم من كونه شيعياً، إلا أن أهالي الموصل - وهم أغلبية سنية – يعتبرونه المحرر من داعش، وفي العام الماضي أقيم تمثال له هناك. (قامت الحكومة، -التي شعرت أنها مهددة- بإزالة التمثال قبل أن تتم إزاحة الستار عنه). عندما التقيت به في فبراير، بدا الساعدي مستمتعاً بشكل اعتيادي بالاهتمام الذي كان يحظي به. أخبرني عن سلسلة من المكالمات الهاتفية التي تلقاها من أصحاب النفوذ السياسي، وجميعهم يأملون في تجنيده أو الحصول علي تأييده. قال باستخفاف وهو يسحب سيجارة: "يريد رئيس الوزراء أن يوظفني لكسب الرأي العام". بدا الساعدي غير مرتاح في الحديث عن نفسه. لديه نوع من التواضع الصارم، وكثيرا ما تكون يداه محشورتان في جيوبه، ونظرته ثابتة كما لو كان يقيم بهدوء مناورة ميدانية. بالنسبة لأي شخص معتاد علي أخلاق الشخصيات السياسية العراقية، يشكل الساعدي نقطة فارقة. وحيث أنهم غالبًا ما يكونون ممتلئين بالحيوية بالثراء، فهو هزيل ومتذمر. غالبًا ما يمتلكون الساسة العراقيون منازل في لندن وعمان؛ لكن الساعدي يعيش في شقة في بغداد. ليس لدي دليل علي أن الساعدي لم يتورط بالفساد من قبل. ولكن هناك الكثير من الناس في العراق الذين يرغبون في إحراجه، ولم تظهر أي أدلة مساومة. إنه غير فاسد لدرجة أنه عندما انضم ابنه إلي الجيش، رفض استخدام منصبه الخاص لمساعدة الصبي بأي شكل من الأشكال - وهو مستوي من النزاهة الشخصية التي اعتبرها بعض زملائه غير طبيعية. عندما سألته عن ذلك، أخبرني أن والده توفي وهو صغير، وأعدم صدام حسين شقيقه الأكبر، واضطر إلي شق طريقه الخاص، أراد أن يمر ابنه بالتجربة ذاتها، قال لي الساعدي: "قلت له، عليك الاعتماد علي نفسك، ولا علاقة لي بذلك". "لم أساعده أبداً في الرتبة والعطلات والامتيازات". ذات مساء يوم الجمعة، التقيت الساعدي في مقهي يدعي رضا علوان، في حي من الطبقة المتوسطة. جلسنا علي مائدة في الهواء الطلق، محاطة بمسودات دافئة من القهوة والهيل والتبغ المنكه. لديه سلوك قاسٍ وصامت، لكنه استرخي قليلاً عندما تحدثنا عن السياسة والتاريخ، مع انقطاع متكرر من الزبائن الذين أرادوا مصافحة أو صورة شخصية مع بطل الموصل. منحهم الساعدي ابتسامة خجولة، وعندما سألوه عما إذا كان سيلعب دورًا في الحكومة الجديدة، كان يلوح لهم بعبارة "إن شاء الله" غير الملزمة. (بعد لقائنا، أعاد رئيس الوزراء العراقي الجديد مصطفي الكاظمي ترقية الساعدي). ثم حاولنا مغادرة المقهي. وبمجرد وقوفه، تعرف عليه الناس في الشارع، وكان محاطًا بحشد كبير من المعجبين. صبر علي الصور الشخصية وصافح. تباطأت السيارات للحصول علي نظرة. "مرحبًا، انظر، إنه الساعدي!" سمعت شخصاً يصرخ، بدأت امرأة بالهتاف،. كان حراسه الشخصيون يبدون متوترين، لكن لم يكن بإمكانهم فعل شيء. الكل أراد لحظة مع الساعدي. بعد 15 دقيقة، كان ما يزال علي بعد أمتار قليلة من المقهي، وكان الشارع غير سالك. بدأ رجل في منتصف العمر بارتجال أهزوجة عن الساعدي ودوره في إنقاذ العراق من داعش، صفق المتفرجون علي وسعدوا بها. ركض سائق تاكسي شاب يرتدي جلابية سوداء، وشق طريقه وسط الحشد وبدأ يخبر الساعدي أن شقيقه قتل في ساحة الاحتجاج في بغداد. وشكر الساعدي علي كل ما فعله. صعد جندي يرتدي خوذة وسترة واقية من الرصاص وبدأ يتوسل الساعدي ليصبح وزير الدفاع المقبل. ثم دخل ضابط شرطة قائلاً: "نريده وزيراً للداخلية". وقفت في الظلام، تأثرت بمشاهدة تلك الوجوه الطموحة المليئة بالأمل. كل ما يطالبون به هو أمور مسلّم بها، علي الأقل في الوقت الحالي: موظفون صادقون نسبيًا، شوارع نظيفة، وضباط شرطة لا يطلبون الرشاوي، إنهم يريدون دولة. -------- روبرت ف. وورث، كاتب وصحفي أميركي، غطي النزاعات حول العالم، بما في ذلك في كوسوفو والعراق وأفغانستان. نص التقرير: https://www.nytimes.com/2020/07/29/magazine/iraq-corruption.html