الحصاد draw: ياسر الغرباوي - العربي الجديد في كتابه "نحن و أبعادنا الأربعة" شرح الدكتور جمال حمدان، فلسفة توجه مصر نحو القبلة الآسيوية قائلا: "رغم أن مصر في أفريقيا موقعا، فقد كانت أبدا في آسيا وقعا، وهي في أفريقيا بالجغرافيا لكنها في آسيا بالتاريخ، وهي في أفريقيا طبيعيا لكنها بشريا في آسيا أكثر". وأشار إلى أن العلاقات الخارجية المصرية القديمة كانت آسيوية أكثر منها أفريقية، معتبرا أن مصر أكثر أفريقيا آسيوية، "فالنيل في مصر لا يجري في منتصف صحرائها ولكنه يجنح بتحيز واضح نحو الشرق، والمسافة بين بورسعيد وغزة تبلغ 250 كم في مقابل 800 كم بين الإسكندرية ومنتصف الجبل الأخضر في ليبيا، ويعني هذا أن أقرب جار لمصر إنما يقع في آسيا، فجغرافيا البر المصري جعلت لمصر علاقة حميمة مع غرب آسيا". الذاكرة التاريخية على مدار التاريخ المصري القديم والمعاصر كانت حركة التجارة والعلاقات والهجرات تدور بلا انقطاع بين غرب آسيا ووادي النيل، خاصة بين مصر والجزيرة العربية في الشمال وبين اليمن والحبشة في الجنوب، على سبيل المثال هجرة الحاميين القدماء من جنوب الجزيرة إلى القرن الأفريقي وحوض النيل حتى مصر شمالاً، بينما جاءت هجرة الساميين العرب مع الإسلام إلى مصر والسودان، ويشير حمدان إلى انتقال جالية مصرية من الصعيد في مصر إلى الحجاز قبل الإسلام واستقرارها وتوطنها، وعلى مر التاريخ المصري يرى حمدان أن "جميع الموجات التي اكتسحت البلاد جاءت من آسيا عبر سيناء في ما عدا قليلا منها جاء من الغرب مثل الفاطميين، وفي المقابل كل الحركات الخارجة من مصر وكل معاركها التاريخية كانت تتم على أرض آسيوية، وآخرها حرب العاشر من رمضان بينها وبين دولة الاحتلال، والتي وقع مجمل أحداثها من أجل سيناء وفيها". الجغرافيا السياسية المصرية استكمل حمدان رؤية البعد الآسيوي في السياسة المصرية في كتابه إستراتيجية الاستعمار والتحرير، ووضع إحدى أهم الاستراتيجيات تعبيراً عن فلسفة التوجه المصري نحو آسيا، وطرح فكرة قيام تحالف بين تركيا وإيران الآسيويتين ومصر الأفريقية أطلق عليه اسم مثلث القوة الإقليمي (مصر، تركيا، إيران)، مقدما قراءة بأن "هذا المثلث سيكون من أهم مراكز القوة الطبيعية في العالم العربي والشرق الأوسط". وتتقاطع هذه الرؤية الاستشرافية لمثلث القوة عند حمدان مع رؤية أحمد داود أوغلو، وزير الخارجية التركي سابقاً في كتابة "العمق الاستراتيجي، موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية"، إذ أكد على أهمية هذا المثلث الإقليمي للسياسة التركية الخارجية المعاصرة، وأنه يقع ضمن الأبعاد الجيواستراتيجية والجيوثقافية لتركيا الحديثة التي يطمع هو من خلال تفعيلها إلى أن تتحول تركيا من دولة طرفية إلى دولة مركز عالمية، ليطلق أوغلو على هذا الأمر مصطلح المثلث الحساس لأمرين هما: الأول : عند دول المثلث الثلاث (مصر، تركيا، إيران)، تتقاطع الطرق المائية للقارة الأفروأورآسياوية الأم مع الطرق البحرية الرئيسة، ووفق تصنيف أوغلو لأهمية المضايق عالميا تُطل دول المثلث على ثلاثة مضايق حيوية من مجموع ثمانية مضايق تتحكم في توازنات الإستراتيجيات العالمية عالمية وهي: 1- قناة السويس في مصر التي تصل قارة آسيا بأفريقيا وتربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر. 2- مضيق هرمز (تطل عليه إيران) والذي يصل بين الحزام الهندي الجنوبي للقارة الآسيوية وبين شبة الجزيرة العربية، ويصل الخليج العربي الغني بالمواد الخام مع المحيط الهندي. 3- مضيقا البوسفور والدردنيل في تركيا اللذان يربطان البحر الأسود مع البحر الأبيض المتوسط ويفصلان القارة الأوروبية عن الآسيوية. الثاني: بروز العلاقات الدولية والإقليمية القائمة على النفط في العصر الحديث، ما زاد من أهمية هذا المثلث. ويحدد أوغلو 4 ملاحظات حول الطبيعة السياسية للمثلث الحساس هي: 1- قوى الهيمنة العالمية تنتهج إستراتيجية الضلع الناقص، للحيلولة دون بناء المثلث، فالقوى الخارجية قبلت التعاون المصري- التركي على حدة، لكنها منزعجة من رفع مستوى التعاون الثلاثي بين الدول الثلاث في آن واحد. 2-أن تحقيق سلام طويل المدى في المنطقة لا يمكن إلا من خلال "تعامل القوى العالمية مع الدول الثلاث وفق أرضية منطقية"، ويعتبر قيام المثلث ضرورة إستراتيجية يمكن أن تتقاطع حولها مصالح القوى الخارجية مع مصالح دول المثلث من زاوية إقرار سلام في النزاع العربي مع دولة الاحتلال. 3- تكمن أهمية تركيا في تحقيق التوازن داخل المثلث كما يرى أوغلو، والذي يقول إنه يتوجب على تركيا اتباع أسلوب من شأنه تخفيف التوتر بين هذه الأقطاب في إطار استراتيجية إقليمية متزنة، ويعتبر أن نجاح تركيا في هذا الدور سيمكنها من الضغط بقوة على التوازنات الإقليمية في أية لحظة. 4-بناء هذا المثلث سيكون له انعكاسات بارزة على مثلثات أصغر للقوى في الساحة مثل المثلث (الأردني، الفلسطيني، اللبناني) والذي يرتبط بعلاقة مجابهة مباشرة مع دولة الاحتلال، والمثلث (العراقي، السوري، السعودي). الخلاصة من خلال ما تقدم تقترب رؤية حمدان وأوغلو في أهمية ومنافع قيام التعاون الإستراتيجي بين الدول الثلاث (مصر، تركيا، إيران) وحاجة منطقة الشرق الأوسط له، لخيارات استراتيجية ستحقق لدول المنطقة وزناً كبيراً يمكنها من نيل الحقوق، وتحقيق الحماية لمقدراتها ومصالحها الاقتصادية والسياسية، ولكن المشكلة تتمثل في عوامل وخلافات عديدة تمنع تقارب البلدان الثلاثة وتحقيق مصالح الشعوب.
الحصاد draw: ديفيد بولوك - معهد واشنطن شنت إدارة الرئيس بايدن ضربة انتقامية واحدة ضد ميليشيا مدعومة من إيران في سوريا، بعد هجومها الدموي على أهداف أمريكية عبر الحدود في أربيل؛ كما عززت منظومة الدفاع الأمريكية المضادة للصواريخ في السعودية للتصدي للهجمات المستمرة التي يشنها الحوثيون المدعومون من إيران عبر تلك الحدود. على الإدارة الأمريكية أن تتبنى موقفاً واضحاً تجاه طهران يتمثل بالموافقة على تخفيف العقوبات فقط إذا أوقفت الميليشيات هجماتها على السعودية. هناك خبر سار وخبر سيئ فيما يتعلق بسياسة إدارة بايدن تجاه إيران حتى الآن. الخبر السار هو أنه، كما تم الوعد به، يبدو أن فريق الرئيس الحالي - على عكس فريق أوباما الذي كان معظم أعضاء الفريق الحالي جزءاً منه سابقاً - يصب تركيزه على ما يبدو على أنشطة إيران غير النووية بقدر تركيزه على أنشطتها النووية. أما الخبر السيئ، فيتعلق بسياسة بايدن الفعلية تجاه تلك التحديات غير النووية، وهي: تركيزها عموماً على الثواب أكثر منه على العقاب. والنتيجة، غير المقصودة حتماً هي تشجيع الولايات المتحدة لإيران وتمكينها على المستوى الإقليمي في الشرق الأوسط بدلاً من احتوائها. ولكي نكون منصفين، لنفكر أولاً بالعقوبات التي فرضها فريق بايدن حتى الآن على تهديدات إيران في المنطقة. لقد شن الأمريكيون ضربة انتقامية واحدة ضد ميليشيا مدعومة من إيران في سوريا، بعد هجومها الدموي على أهداف أمريكية عبر الحدود في أربيل، العراق؛ كما عززوا منظومة الدفاع الأمريكية المضادة للصواريخ في السعودية للتصدي للهجمات المستمرة التي يشنها الحوثيون (وربما آخرون) المدعومون من إيران عبر تلك الحدود. وكانت الإجراءات الأخرى المتخذة ضد إيران وحلفائها المحليين خطابية أو رمزية بحتة، وهي: معاقبة عدد قليل من الأفراد؛ أو تحليق عدد قليل من طائرات "بي-52" [فوق بعض المناطق]؛ أو مجرد التهديد باتخاذ إجراء حقيقي في تاريخ مستقبلي غير محدد. أما بالنسبة للمكافآت، فقد شطبت إدارة بايدن الحوثيين اليمنيين من القائمة الرسمية للمنظمات الإرهابية الأجنبية، دون أي شروط أو تنازلات من قبلهم. وقد دعمت الزيارة الرسمية الأولى إلى طهران التي قام بها مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، لمناقشة مصير البلاد من دون علم حكومتها المعترف بها دولياً. وبالمثل، اقترحت الإدارة الأمريكية رسمياً ضم إيران إلى مؤتمر دولي حول مستقبل أفغانستان من دون علم الحكومة الأفغانية، المفترض أنها حليفة للولايات المتحدة. ولا يسع المرء إلا أن يتساءل عن الخطوة التالية على هذه القائمة. فما رأيكم بدعوة إيران لمناقشة مستقبل العراق وسوريا ولبنان، وإضفاء الشرعية على ميليشياتها في هذه الدول الثلاث؟ لماذا لا يتم السماح لحركة «حماس» الإرهابية، والوكيلة الفلسطينية المحتملة لإيران ضد إسرائيل، بخوض الانتخابات في الضفة الغربية/قطاع غزة المقرر إجراؤها في 22 أيار/مايو؟ تحمل هذه المقاربة جميع السمات المميزة للمفاوضات الإقليمية "الجامعة" أو "الشاملة" أو تكتيكات إدارة الصراع التي أيّدها سابقاً ومنذ فترة طويلة بعض صناع السياسة البارزين من المستوى المتوسط في فريق بايدن، سواء كانوا داخل الحكومة أو خارجها. ولكي نكون منصفين مرة أخرى، قد تكون هذه المقاربة مفيدة في بعض الأحيان. وفي حالة إيران على وجه التحديد، لاحت فرصة محدودة منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، بين 2001 و2003، عندما أثبت التواصل الدبلوماسي الأمريكي مع طهران جدواه، في أفغانستان وإلى درجة أقل في العراق. ومع ذلك، لا يوجد اليوم ما يشير إلى أن إيران مستعدة للمساهمة بشكل بناء، أو حتى للحدّ من تدخلها المدمّر في أي من ساحات الصراع الإقليمية موضع البحث. ومع ذلك، يُنظر إلى إدارة بايدن، بعيداً عن الخطابات، على أنها تخفف العقوبات المفروضة على إيران بصورة غير نشطة. ويدّعي أحد المسؤولين من المستوى المتوسط المعنيين بهذه المسألة أن "الرئيس" الأمريكي لن يتخذ أي خطوات "كبيرة" أو "أحادية الجانب" لتخفيف العقوبات ضد إيران. لكن من السهل تمرير مليارات الدولارات عبر ثغرات هذه الكلمات المصاغة بعناية. أخيراً، لكي نكون منصفين مجدداً، من المسلّم به أنه من الأسهل انتقاد سياسة ضعيفة من ابتكار سياسة أقوى. إذاً إليكم اقتراح متواضع: بدلاً من عرض مكافآت مجانية على النظام في طهران، يجدر بالولايات المتحدة تبني موقفاً واضحاً في المعاملات، يجمع بفعالية بين الملفين النووي وغير النووي. فعلى سبيل المثال، إذا تمكنت إيران من إقناع الحوثيين وميليشيات أخرى بوقف هجماتهم بالصواريخ والطائرات بدون طيار ضد السعودية، فعندئذ فقط ستعرض واشنطن على طهران أي تخفيف من العقوبات مهما كان نوعه، بغض النظر عن أي تنازلات قد تكون إيران مستعدة لتقديمها بشأن انتهاكاتها المستمرة لـ «خطة العمل الشاملة المشتركة»، أي الاتفاق النووي لعام 2015. ويقيناً، أن هذه الاستراتيجية القصيرة الأمد قد تتطلب في النهاية بعض التحسينات. لكنها خطوة إولى ضرورية. وسيكون لهذا التعديل في السياسة الأمريكية الراهنة العديد من المزايا. فسيقدم لإيران مساراً واقعياً للتوصل إلى حل وسط وليس منافع مجانية. ومن شأنه طمأنة حلفاء الولايات المتحدة - العرب والإسرائيليين وحتى بعض الأوروبيين - بأن الولايات المتحدة عادت لتكون مجدداً شريكاً موثوقاً به. كما سيساهم في الوفاء بالوعود التي قدمها فريق بايدن: أي أخذ هؤلاء الحلفاء على محمل الجد؛ والتعامل مع تهديدات إيران غير النووية أو النووية؛ ومواجهة الوقائع الإقليمية السائدة اليوم بدلاً من تطلعات حقبة سياسية سابقة، بما أن هذا الفريق لا يمل من تكرار ذلك أبداً.
الحصاد draw: قالت صحيفة تايمز أوف إسرائيل إن إجراءات "بيروقراطية" تعيق وصول تسعة أطفال وأكاديمي من كردستان العراق للعلاج في إسرائيل، رغم أنهم في أمس حاجة للعلاج هناك. وتشير الصحيفة إلى أن هؤلاء الأطفال يعانون من مشاكل في القلب، تتطلب التدخل الطبي السريع، من بينهم حالة رضيعة أيزيدية من سنجار، تنتظر في مستشفى دهوك في كردستان الحصول على إذن لدخول إسرائيل لإجراء جراحة عاجلة ستنقذ حياتها. وتقول الصحيفة إن الأطباء في مركز شيبا الطبي، في تل أبيب، أعربوا عن استعدادهم لعلاج الرضيعة، التي ولدت في 21 يناير الماضي في كردستان، وتعاني من مشكلة "رتق الرئة"، وهي حالة طبية تعيق وصول الدم إلى الرئتين. لكن الرضيعة والأطفال التسعة والأكاديمي الذي يعاني من السرطان تم رفض طلباتهم لدخول إسرائيل لإجراء جراحات طارئة خلال الأسبوعين الماضيين بسبب "البيروقراطية" على حسب تعبير الصحيفة. ويقول التقرير إن البيروقراطية الإسرائيلية، إلى جانب القيود الخاصة بفيروس كورونا، أدت إلى رفض الحالات المشار إليها، رغم أن الإجراءات التي كان معمول بها من قبل كانت أسهل بكثير. وفرضت إسرائيل قيودا شديدة على دخول البلاد، منذ 25 يناير الماضي، بما في ذلك للمواطنين، في محاولة لكبح جماح أزمة كورونا، وتم تشكيل "لجنة استثناءات" لتقرير من يسمح بدخولهم على أساس كل حالة على حدة. وقبل فرض القيود الجديدة، كانت هناك إجراءات روتينية معمول بها تسمح بدخول البلاد، وتمت بموجبها الموافقة على دخول ثمانية أطفال أكراد يعانون من مشكلات صحية، وهم يعالجون حاليا في المستشفيات الإسرائيلية. ومع إدخال لجنة الاستثناءات، تم رفض طلب الأطفال المذكورين، بسب تعقيدات بيروقراطية انخرطت فيها اللجنة وعدة جهات حكومية، وفق جوناثان مايلز، مؤسس منظمة Shevet Achim، وهي منظمة مسيحية تنقل الأطفال من الدول العربية المجاورة إلى إسرائيل لتلقي العلاج الطبي. وقال الناشط للصحيفة: "ليست لديهم خيارات أخرى غير إسرائيل"، موضحا أنه خلال سنوات عديدة "أظهر الشعب الإسرائيلي أنه يهتم بإنقاذ حياة الأطفال عندما لا يبدو أن أي شخص آخر في العالم يهتم". والد الطفلة الذي يعيش في مخيم للاجئين قرب دهوك، والذي رفض الكشف عن هويته بسبب حساسية الموقف، قال للصحيفة: "هذه أيام صعبة حقا بالنسبة لي. عندما أنظر إلى ابنتي المريضة ولا يمكنني فعل أي شيء لها". وأوضح أنه علق آماله على إسرائيل بعد أن تم إخطاره بأن الأطباء العراقيين لا يمكنهم فعل أي شيء من أجلها وأنه يجب أن تحصل على الجراحة "بشكل عاجل". ولا يرى أن إرسال ابنته إلى مستشفى إسرائيلي يمثل مشكلة بالنسبة له. ويقول تقرير الصحيفة إن العراق لا يعترف بإسرائيل، لكن العديد من الأكراد يؤيدون العلاقات الودية مع إسرائيل. الأب قال: "أرى إسرائيل مثل كل دولة. أحاول أن أرى الطبيعة البشرية وراء البلدان، دون النظر إلى الدين أو الأيديولوجية... إسرائيل دولة ترى المحتاجين وتسعى جاهدة لمساعدتهم". وقال الأكاديمي الكردي الذي يعاني من سرطان الكبد في المرحلة الرابعة، والذي طلب أيضا عدم ذكر اسمه، إن أطباءه أبلغوه أن إسرائيل هي الخيار الأفضل له، وأوضح أنه اختارها لأنها "تقدم أفضل علاج متاح لحالتي". وأكد "تفهمه والتزامه بالقواعد المعمول بها للأجانب الذين يرغبون في السفر إلى إسرائيل"، مشيرا إلى أنه ذكر أنه سيتحمل جميع النفقات "ما يساعد إسرائيل والشعب الإسرائيلي من ناحية السياحة العلاجية". وتابع: "نحن كأكراد نؤمن بأن إسرائيل والشعب الإسرائيلي هما أقرب الناس إلينا... لدينا احترام عميق لإسرائيل ونشترك في العديد من النقاط المشتركة التي يمكننا الاستثمار فيها لتعزيز العلاقات في بيئة معادية لكلا الجانبين".
الحصاد DRAW: كامران قره داغي - كاتب كردي عراقي "قدمت لبارزاني إيجازاً بنتائج محادثاتنا في بغداد وقلت له إن العراقيين كانوا إيجابيين وعبروا بأكثر من طريقة عن استعدادهم لمنح الكرد حقوقهم وأعتقد أن من المفيد أن يذهب بارزاني بنفسه إلى بغداد." بعد قرار قيادة الجبهة الكردستانية التفاوض مع الحكومة العراقية وتشكيل الوفد الرسمي برئاسة جلال طالباني، توجه أعضاؤه الأربعة إلى بغداد. يقول عضو الوفد نيتشيرفان بارزاني إن طالباني “ظلّ طوال الطريق يكرر أن لا آفاق للكرد ولن يساعدنا أحد، لذا ليس أمامنا سوى التفاوض مع بغداد. وفي بغداد تحدث بجدية صارمة مع المسؤولين العراقيين. قال لهم إننا كنا نريد دائماً حلاً سلمياً، لكنكم تعاملتم معنا بطريقة بشعة وارتكبتم أعمالاً غير إنسانية ضدنا. لكن فاته ذكر أمور عدة في مداخلته الأولى. وجاء دور سامي عبد الرحمن فعرض أفكاره بتسلسل منظم”. يضيف بارزاني أن اللقاء الأول كان مع عزّة الدوري رئيس الوفد العراقي. وكان أول سؤال وجهه إلينا: لماذا لم يأت مسعود بارزاني معكم؟ طالباني رد بصوت خافت أقرب إلى الهمس قائلاً إن السبب يكمن في ما حدث لأسرته التي قُتل 17 من أفرادها القريبين له مباشرة، فيما غُيب حوالى 8 آلاف من البارزانيين من دون معرفة مصيرهم. أجابه الدوري أنه لا يلومه. هنا تدخلت وقلت للدوري إن هذه ليست المسألة ولا تتعلق بموقفه الشخصي. إنه يعمل من أجل الكرد وسيأتي إلى بغداد حالما يعتقد بأنكم مستعدون لحل المسألة الكردية، لكننا حالياً لسنا مقتنعين بذلك لذا إنني هنا كي أفهم موقفكم”. على صعيد ذي صلة بالتفاوض، أعرب بارزاني عن رأيه في موقف الوفد الكردي قائلاً: “في بغداد أظهرنا أن موقفنا كان ضعيفا فاستفاد الطرف العراقي من ذلك. فهم أدركوا أننا كنا يائسين ولا أمل لدينا وعندما كنا نختلي وحدنا خلال فترات الاستراحة كنا نقول لبعضنا أن لا خيار آخر أمامنا. وعندما اكتشف العراقيون ضعفنا فانهم لم يقدموا لنا سوى القليل قائلين انه يتعين اجراء جولة ثانية من التفاوض مع مسعود بارزاني ولا بد من جولات عدة بعد ذلك” (نيتشيرفان بارزاني – أربيل في 22/5/1993). بارزاني لم يكن راغبا في ان يذهب إلى بغداد. لكن بقية الزعماء الكرد بمن فيهم طالباني حثوه على الذهاب. لكن وفد طالباني لم يكن الأول الذي ذهب إلى بغداد. في السياق كان نوشيروان مصطفى قد أوضح في لقاء معه أنه في البداية آثر العرض الذي جاء به مكرم طالباني وبالاتفاق بينه وبين مسعود بارزاني: “أرسلنا إلى بغداد مندوباً هو الضابط من أهل السليمانية دارا توفيق آغا، اقتصرت مهمته على نقل رسالة فقط إلى الطرف العراقي. وبعد عودته إلى كردستان أرسلنا وفداً تألف من فريدون عبد القادر وعمر فتاح عن الاتحاد الوطني الكردستاني وفاضل ميراني وآزاد برواري عن الحزب الديموقراطي الكردستاني فالتقوا عزة الدوري وحسين كامل وطه الجزراوي وطارق عزيز، وأبلغوا وفدنا بأنه إذا قدم بارزاني وطالباني معاً إلى بغداد ليلتقيا صدام حسين فإن كل شيء سيُحل في جلسة واحدة. باختصار قالوا لوفدنا إن كل شيء باستثناء الانفصال يمكن بحثه. هكذا هو سلوك البعثيين. بداية يقولون كل شيء سينتهي بسرعة وبعد ذلك يماطلون ويتخلون عن وعودهم”. (نوشيروان مصطفى – لندن في أيلول/ سبتمبر 1993). يبدو أن وعود الطرف العراقي خلقت لدى الكرد انطباعاً بأن المفاوضات في بغداد يمكن أن تنتهي باتفاق سريع. أعود إلى حديث نيتشيرفان بارزاني الذي ذكر مزيداً من التفاصيل عن اللقاءات بين وفد طالباني والطرف العراقي ولقائهم المفاجئ مع صدام حسين. يقول: “طالباني أخبرهم أن لديه تفويضاً كاملاً لتوقيع أي اتفاق مع بغداد لكن العراقيين أجابو بأنهم يدركون ذلك لكن من الضروري أن يأتي مسعود بارزاني أيضاً. خلال المحادثات مع الوفد العراقي المؤلف من عزة الدوري وعلي حسن المجيد وحسين كامل وصابر الدوري (رئيس الاستخبارات العسكرية) ووفيق السامرائي (نائب الدوري) كان الجميع يتحدثون باحترام معنا لكن عزيز كان خشناً في الحديث وذلك أسلوبه. أما رجلا الاستخبارات فكانا يستمعان فقط من دون الاشتراك في النقاش. وفي كل مرة كان يُثار جدل في موضوع ما كان عزيز فقط يتحدث نيابة عن وفده”. وعن لقاء الوفد الكردي مع صدام أوضح نيشتيرفان بارزاني أن “العراقيين أخبرونا في البداية أننا سنذهب إلى لقاء الدوري. أقلّتنا سيارات إلى موقع شاهدنا فيه عناصر حماية صدام الذين لم يسمحوا لسياراتنا بالاستمرار فنقلونا وحدنا بسيارات أخرى إلى مقر الاستخبارات العسكرية، حيث قالوا لنا إننا سنلتقي الدوري وعندما اسقبلنا أبلغنا أننا سنذهب إلى لقاء صدام في المجلس الوطني. كانت هنالك ثلاث بوابات قبل الوصول إلى بناية المجلس، وأمام كل بوابة كان سائق السيارة يرفع يده بطريقة خاصة فتنفتح. هكذا التقينا صدام. وبعد عودتنا إلى كردستان أبلغت مسعود بارزاني بانهم لن يقرروا اي شيء اذا لم تذهب شخصيا إلى بغداد. صراحة بعد لقاءاتنا مع العراقيين لم نفهم ابدا ماذا كانوا يريدون منا. لذا فان بارزاني لم يكن راغبا في ان يذهب إلى بغداد. لكن بقية الزعماء الكرد بمن فيهم طالباني حثوه على الذهاب. بارزاني أوضح انه يصعب عليه ان يتعامل مع الحكومة العراقية بعد كل ما فعلوه معنا، لكنه إذا لم يذهب فإن الشعب الكردي سيعتبر أن العراق كان مستعداً للاتفاق لكنه، أي بارزاني، لم يجد الشجاعة الكافية ليذهب إلى بغداد لتوقيع الاتفاق”. (نيتشيرفان بارزاني – أربيل في 22/5/1993). مواقف المفاوضين الكرد تكشف روايات المفاوضين الكرد ملاحظات وتصورات متنوعة ومختلفة عن سير المفاوضات وسلوك المفاوضين العراقيين والكرد ومواقفهم التي لم تكن متطابقة دائماً. ففيما اعتبر أعضاء في الوفد الكردي أن الطرفين اتفقا على بعض النقاط ولم يتفقوا على غيرها فان نوشيروان مصطفى الذي رافق مسعود بارزاني في الجولة الثانية من المفاوضات أكد في روايته “أننا فشلنا في الاتفاق على كل النقاط الرئيسية، تحديداً كركوك وتعريف منطقة الحكم الذاتي والأمن والاستخبارات والتعددية الحزبية”. أضاف: “قلنا لهم يجب أن تُجرى انتخابات عامة أولاً، ثم يقوم البرلمان بوضع مسودة للدستور العراقي واستفتاء الشعب عليه. لكنهم أصروا على أنهم وضعوا مسودة للدستور بالفعل، ويمكن أن نقترح إضافة فقرة أو فقرتين تتعلق بحقوق الكرد قبل الاستفتاء. قلنا إن هذا غير وارد بالنسبة إلينا لأن دستوركم لا يمكن إصلاحه، إذ أنه يمنح صدام سلطات تعادل سلطات إله. فردوا بأنهم لن يقبلوا بأي شيء يُضعف قبضتهم على السلطة، لأن الثورة بعثية ويجب أن تبقى كذلك. قالوا إن التعددية الحزبية ليست للعراق بل هي للكرد فقط. وكنا عندما نطالب بحقوق للعراقيين كانوا يردون بأننا يجب أن نتحدث عن أنفسنا فقط. وعندما كنا نوافق ونتحدث عن مطالبنا ككرد فقط كانوا يردّون بأننا نتحدث وكأننا لسنا عراقيين”. أليس من الأفضل أن تتنازلوا لشعبكم بدلاً من أن تتنازلوا للأميركيين والإيرانيين؟ يتابع مصطفى: “من جهتنا أصررنا على أن الأمن يجب أن يكون تحت سيطرة سلطة إدارة الحكم الذاتي لأن الكرد لن يقبلوا أبداً بعودة الأمن العراقي إلى الشمال. لكنهم قالوا إن الأجهزة الأمنية تتبع رئيس الجمهورية ولا يمكن أحداً أن ينتقص من سلطته في هذا المجال. وفي ما يخص كركوك طرحنا عدداً من الخيارات لكنهم رفضوها كلها. وطبعاً في رأيي فإن أي زعيم كردي لن يستطيع البقاء إذا تنازل عن كركوك. من جهتنا ارتكبنا خطأً كبيراً، لأن وفدنا لم يتألف من خبراء. والواقع أن أياً من الخبراء الذين أعدّوا لنا بعض ملفاتنا لم يكن عضواً في وفدنا علماً أن الفرصة لم تسنح لنا لقراءة التقارير أصلاً. وأصر البعثيون على ضرورة ذهاب مسعود إلى بغداد لإظهار النية الحسنة على حد تعبيرهم. كما طلبوا من مام جلال أن يسحبني من وفدنا لأنني كنت في نظرهم متطرفاً وقاتلاً للعرب كما قالوا. أما غلطتنا الثانية فتمثلت في بقائنا في بغداد 42 يوماً متتالية الأمر الذي أتاح للعراقيين كسب الوقت. كانوا يماطلون في المفاوضات في انتظار انسحاب القوات المتحالفة وأحياناً كانوا يكتفون بعقد جلسة واحد لمدة ساعة كل بضعة أيام. أعتقد أننا كنا ضعفاء ومعنوياتنا هابطة ونزوح السكان العالقين في الجبال أثر فينا سلباً. في النهاية عندما قرر بارزاني أننا سنعود إلى كردستان قال له طارق عزيز إن صدام يريدكم أن تعلموا أن اعتمادكم على الأجانب عبث ويذكركم بما فعله الإيرانيون معكم. وتابع أن الأميركيين موجودون هناك (في كردستان) من أجل مصالحهم وأننا سنقبل كل مطالبهم وعندها سيتخلون عنكم. وأيضاً سنعطي الإيرانيين ما يريدون وسيخنقونكم لأنهم يكرهونكم. هنا تدخل عضو الوفد روز نوري شاويس وقال لعزيز: أليس من الأفضل أن تتنازلوا لشعبكم بدلاً من أن تتنازلوا للأميركيين والإيرانيين؟ فرد عزيز: سنعطيهم ما يريديون لكننا لن نعطيكم ابدا ما تريدون وهذه رسالتنا اليكم ويمكنكم أن تبلغوا شعبكم بها”. (نوشيروان مصطفى في لندن – أيلول 1993). سامي عبد الرحمن الذي كان عضواً في قيادة الجبهة الكردستاني ورئيس “حزب الشعب الكردستاني” وقتها، رافق طالباني في الوفد الأول الذي وصل في 18/4/1991 إلى بغداد، وهو يسلط أضواء على جوانب أخرى من المفاوضات وانطباعاته عن صدام حسين. يقول: “أنا وطالباني وحدنا كنا نتحدث نيابة عن وفدنا. أعتقد أن طالباني أخذته الحماسة فارتكب خطأين خلال حديثه في مؤتمر صحافي عقد بعد لقائنا صدام حسين عندما قال إن الأميركيين يجب أن ينسحبوا عسكرياً وثانياً إننا توصلنا إلى اتفاق مبدئي مع بغداد وهو ما لم يحصل. بداية العراقيون قالوا لنا إن المفاوضات يجب أن تنتهي في 3-4 أيام. لكننا بقينا في بغداد 10 أيام. في النهاية أتذكر أن عزة الدوري قال لنا إنكم ستذهبون وتأتون ثم تذهبون وتأتون. كرر هذه الجملة ثلاث مرات. طالباني انتبه إلى كلام الدوري وقال لنا إن شيئا ما تغير في موقفهم. بدأت أجراس إنذار تدق في آذاننا. أدركنا بأنهم بدأوا يشعرون بالأمان. من جهتنا لم نكن نريد التوصل إلى اتفاق في 3-4 أيام. وعندما التقينا صدام بدا لي أنه كان يائساً وكان نادراً ما يرفع نظره إلينا. كان وجهه مصفراً بشكل غير طبيعي. عموماً في تلك المرحلة كان المفاوضون العراقيون متواضعين جداً ولطيفين معنا”. وتابع: “حين عدنا إلى كردستان كانت القوات الأميركية ما زالت في المنطقة لكن قادتها لم يتعاملوا مع قياداتنا بل كانوا يتحدثون مع رؤساء العشائر والسكان المحليين فقط وينسّقون معهم. قدمت لبارزاني إيجازاً بنتائج محادثاتنا في بغداد وقلت له إن العراقيين كانوا إيجابيين وعبروا بأكثر من طريقة عن استعدادهم لمنح الكرد حقوقهم وأعتقد أن من المفيد أن يذهب بارزاني بنفسه إلى بغداد. إلى ذلك قدمنا تقريرنا إلى قيادة الجبهة الكردستانية وكان موقف الجميع إيجابياً لجهة الاستمرار في المفاوضات”. (سامي عبد الرحمن – أربيل في 12/7/1993) مساعي بغداد لشق الصف الكردي هكذا قرر بارزاني أن يذهب إلى بغداد على رأس وفد ضم عبد الرحمن وروز نوري شاويس وجوهر نامق. يتابع عبد الرحمن حديثه عن هذه الجولة من المحادثات: “بعد نحو 10 أيام بدأنا نتلقى رسائل من طالباني بطلبات من العراقيين إطلاق سراح معتقلين كرد عندهم في مقابل إطلاق سراح ضباط عراقيين محتجزين عنده. تكوّن لدي انطباع بأن طالباني كان يريد أن يدعوه العراقيون إلى بغداد لينضم إلى بارزاني وهذا كان من حقه طبعاً لكنهم قابلوا رغبته ببرود. كانوا بدأوا فعلاً مساعيهم وفقاً لمبدأ فرّق تسد، خصوصاً أنهم كانوا يعرفون أن التعامل مع طالباني ليس سهلاً (…) شخصياً كنت آمل أن تتحسن العلاقة بين طالباني وبغداد لاعتقادي بأننا ككرد لن نحقق أي شيء من دون بقائنا متحدين”. ولاحظ عبد الرحمن أن العراقيين كانوا في البداية أقل تشدداً، لكنهم مع مرور الوقت كان موقفهم يزداد تشدداً، خصوصاً بعدما زار رئيس هيئة الأركان الاميركية المشتركة الجنرال كولن باول قواته في سرسنك (محافظة دهوك) في حزيران/ يونيو، وأعلن أن واشنطن قررت سحبها من المنطقة في تموز/ يوليو. وأضاف أن “أكبر عقبة في المفاوضات تمثلت في الموقف من كركوك في الدرجة الأولى ثم سنجار وخانقين مع أنهم في البداية لم يظهروا النية بعدم سماحهم بضم هذه المدن إلى منطقة الحكم الذاتي. غير أنهم بعد حزيران قالوا إنهم لن يجادلوا في هوية كركوك الكردية، لكن ضمها إلى منطقة الحكم الذاتي يعني الانفصال. كان ردي على ذلك أن هناك نفطاً في مناطق كردية أخرى كزاخو مثلاً، لكن طارق عزيز رد بأن ذلك أمر مختلف لأن كركوك تنتج النفط بالفعل وهذا يعني أن جهة ما ستأتيكم فوراً لمساعدتكم. لذلك اقترحنا أن يُشار في وثيقة الاتفاق إلى أن المناطق التي ترفض بغداد حالياً والتي تكون جزءاً من الحكم الذاتي، هي مناطق متنازع عليها ويقرر مصيرها مستقبلاً. بداية كان موقفهم إيجابياً من هذا الحل لكنني أعتقد أن انسحاب قوات التحالف من كردستان جعلهم يغيرون رأيهم (…) ومرة عندما قلت لعزيز إن كركوك في ضمير كل كردي رد علي بأن الأندلس أيضاً في ضمير كل عربي، ويمكنكم أن تبكوا على كركوك كما يبكي العرب على الأندلس (…) في النهاية كان يُفترض أن يُشار في الوثيقة السرية (البروتوكول) الملحقة بالاتفاق إلى أن كركوك وسنجار وخانقين تعتبر مناطق متنازع عليها. وأحب أن أشير هنا إلى أنني عندما تحدثت وقتها في دهوك عن موقف بغداد من سنجار قال لي أحد زعماء الإيزيديين هو الشيخ خلف: قل لهم إننا مستعدون أن نكون ايزيديين كرداً لكننا لسنا مستعدين أن نكون إيزيديين عرباً. في نهاية المطاف، عندما عدنا إلى بغداد في آب/ أغسطس مفترضين أننا سنوقع اتفاقاً، وقع الانقلاب العسكري في موسكو ضد الرئيس السوفياتي ميخائيل غورباتشوف فتشدّد العراقيون مجدداً، وقال عزة الدوري لمسعود بارزاني: انتهى الامر. أميركا لم تعد القوة العظمى الوحيدة. هكذا عدنا إلى كردستان من دون توقيع الاتفاق”. (سامي عبد الرحمن – اربيل في 21/7/1993). كل ما توقعه صدام حسين وقاله ثبتت صحته، وهي جملة اعتبرناها إدانة لأنفسنا. أما فؤاد معصوم الذي شارك وقتها في أحد الوفود ممثلاً عن الاتحاد الوطني الكردستاني، فأضاف معلومات أخرى عن الموقف من كركوك: “خلال إحدى جلسات التفاوض قال لنا عزة الدوري: إننا نعرف أن الغرب لن يسمح لكم بضم كركوك. قبل أن تسيطروا على كركوك لم يكن الغرب ضدكم وبعدما استوليتم عليها أعطانا الغرب الضوء الأخضر لضربكم. والآن لم تعد كركوك تحت سيطرتكم وهذا ما يريده الغرب. طارق عزيز زاد على الدوري قائلاً: أنتم لا تعرفون الأميركيين. حتى إذا تعاونتم معهم 20 عاماً أخرى فلن يكون لكم نفوذ مثل نفوذنا لديهم لذا لا تخدعوا أنفسكم”. وعن البروتوكول أو الميثاق الملحق بالاتفاق المفترض (الالتزامات كما سماها معصوم)، فإن العراقيين أصروا على أن تكون التزاماتنا تجاههم علنية لكن التزاماتهم لنا تبقى سرية. أما النص المقترح لبيان إعلان الاتفاق الذي أعده الطرف العراقي فكان يبدأ بالجملة التالية: كل ما توقعه صدام حسين وقاله ثبتت صحته، وهي جملة اعتبرناها إدانة لأنفسنا. وبعدما عدنا إلى كردستان بدأت بغداد مساع لشق الصف الكردي. وحتى بعدما اعلنوا الحصار على كردستان طلبوا التفاوض مجددا. مام جلال أبلغ بارزاني انه إذا أراد فيمكنه أن يرسل إلى بغداد وفداً عن حزبه وحده. بارزاني ذهب إلى بغداد وحده لطلب رفع الحصار فرفض طلبه. وعندما عاد إلى كردستان قال لطالباني إن العراقيين خدعوه فهم أبلغوه انهم سيرفعون العقوبات إذا قام بزيارة بغداد” (فؤاد معصوم – أربيل في 14/7/1993). “الميثاق” يثير خلافات كردية البروتوكول السري الذي اقترحته بغداد، ومن مسمياته الأخرى الميثاق والملحق والوثيقة، كان هدفه الرئيس حمل الكرد على قبول الزعامة المطلقة لصدام حسين والولاء لنظامه. عندما وصل إلى مسامع القيادات الكردية موضوع البروتوكول السري كنت في أنقرة في مهمة صحافية مندوباً عن “الحياة”. وكان جلال طالباني يزور العاصمة التركية للقاء الرئيس تورغوت أوزال. وكان يرافقه في الزيارة برهم صالح الذي كان وقتها ممثلاً لحزبه في لندن ومن أقرب المساعدين إلى طالباني. أقام طالباني في فندق “إيتشقلا” الذي كان مالكه من كرد تركيا. في ذلك الوقت كان وفد الجبهة الكردستانية برئاسة بارزاني قد عاد لتوه من بغداد إلى كردستان، لمناقشة نتائج مفاوضاته في تلك الجولة في إطار موضوع “الميثاق” وكانت قيادة الجبهة تنتظر وصول طالباني لمعرفة موقفه. شخصياً لم أكن على اطلاع بالموضوع، لكن طالباني كشف لي وجود ملحق سري للاتفاق المفترض وما يتضمنه من التزامات تعسفية الأمر الذي كان يقلقه خشية أن يوافق بارزاني على توقيعه. سألته عن ذلك فذكر لي شيئاً من مضمون الميثاق كي أشير إليه في تقريري الصحافي، لكنه في النهاية وافق على تسريبه لي وطلب من صالح الذي كان يحتفظ بنسخة من الوثيقة أن يطلعني عليها من دون استنساخه، كي أستطيع أقلّه الاستشهاد بنص جملة أو جملتين. في الحال أعددت تقريري وعنونته “أكراد العراق بين مستقبل مجهول واتفاق يلزمهم الولاء لصدام” وأرسلته إلى “الحياة” التي نشرته في الصفحة الأولى في اليوم التالي تحت العنوان ذاته. بعد عودتي إلى لندن التقيت الصديق اللبناني القانوني البارز شبلي ملاط الذي كان وقتها أستاذاً في جامعة لندن وداعماً للمعارضة العراقية فأخبرني أنه صعق عندما قرأ تقريري. أضاف أنه ترجم فقراته الرئيسية واتصل رأساً بالنائبة العمالية البريطانية آن كلويد التي كانت تتبنى قضايا المعارضة العراقية عموماً والكردية خصوصاً، فأثارت ضجة حوله مع وزارة الخارجية البريطانية، وطالبتها باتخاذ موقف منه. في الأثناء، كانت الوثيقة سربت إلى عواصم غربية، ما أثار قلقها وانزعاجها. عموماً منذ تلك اللحظة بدأت الأوضاع تتغير تدريجاً نحو ما اعتبره الكرد تحولاً في صالحهم بعد التدخل الأميركي والغربي واقامة الملاذات الآمنة في كردستان وفرض حظر الطيران على العراق دعما للكرد الذين شعروا بأمان كاف ليرفضوا في النهاية توقيع اي اتفاق مع بغداد. “أكراد العراق بين مستقبل مجهول واتفاق يلزمهم الولاء لصدام” وأرسلته إلى “الحياة” في الخلفيات، استمعت إلى تفاصيل عن قصة الميثاق من عدنان المفتي في لقاء معه أجريته في 1993. كان المفتي وقتها عضواً في قيادة الحزب الاشتراكي الكردستاني وشارك في وفد الجبهة الذي رأسه بارزاني إلى بغداد عندما طلب العراقيون منه قبول الميثاق. قال المفتي: “بالنسبة إلى الميثاق الذي أصروا عليه فإننا على رغم قناعتنا بأننا لن نوافق عليه لكننا قبلنا مناقشته وسعينا إلى تقديم إضافات اعتبرنا أنها قد تكون تعجيزية بالنسبة إليهم. مثلاً جاء في نص مسودة الميثاق أن صدام هو مهندس اتفاق الحكم الذاتي لعام 1970 فقلنا لهم إنه من غير المعقول عدم ذكر اسم ملا مصطفى بارزاني أيضاً، وهو الذي وقع الاتفاق مع صدام. شخصياً كنت واثقاً بأنهم لن يقبلوا لكنهم في اليوم التالي أخبرونا أن صدام قال إن الوفد الكردي سجل هدفاً ضد الوفد الحكومي وإنه يوافق على الاقتراح الكردي. الحق أن ذلك ترك تأثيراً نفسياً إيجابياً في نفوس بعض أعضاء وفدنا. وعلى رغم أن تعديلات بسيطة أخرى أجريت على الميثاق، لكنها في الواقع كانت كلها تجميلية. فشلنا في محاولات أخرى من جهتنا. مثلاً قلنا إننا نوافق على ما جاء في الميثاق بأننا ضد من يعادي العراق لكن من دون الفقرة التالية التي تلزمنا الدفاع عن أهداف الثورة. كان النقاش في هذه الأمور بين أعضاء الوفد يثير الحساسيات والخلافات أيضاً. كاك مسعود كان يقول لنا من الأفضل أن ننسى هذا الموضوع الآن، ولنبت القضايا الأساسية وبعد ذلك يمكن كل طرف (من أطراف الجبهة الكردستانية) أن يقرر صيغة العلاقة بينه وبين حزب البعث أو يمكن لكل حزب كردي أن يوقع الميثاق على حدة، وليس كجبهة كردستانية. هكذا لم نتفق على موقف موحد. وأخيراً عندما استقبل صدام كاك مسعود على انفراد، شدد على أنه لن يقبل أبداً بضم كركوك إلى منطقة الحكم الذاتي. وبعد اللقاء فهمنا من كاك مسعود أن آماله انهارت بإقناع صدام بالموافقة على أمور أخرى وقال لنا إن هذا هو الواقع والحكومة ليست مستعدة لتقديم المزيد. وبدورنا قلنا إن ما يقدمونه أقل بكثير من الحد الأدنى الذي اتفقنا عليه في اجتماع الجبهة الكردستاني في شقلاوة، وعلينا أن نعود ونطرح على القيادة هذه النتيجة. عدنا إلى كردستان وظهرت بيننا خلافات وأعتقد أن كل التطورات اللاحقة كانت نتيجة لتلك الخلافات وكان ذلك ما دفعنا إلى تبني فكرة الانتخابات التي كان جوهرها حسم الخلاف على الاتفاق مع بغداد. وأستطيع القول إن المحصلة النهائية لفشل المفاوضات ينطبق عليها: “وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم”. (عدنان المفتي – لندن في 3/6/1993).
الحصاد draw: مركز الفرات لا يستغن الافراد عن التواصل فيما بينهم بوسائل ومفردات لفظية وغير لفظية، ارادية وغير ارادية ، للتعبير عن الافكار والمشاعر والمواقف وتبادل الرسائل ، تشكل عند تراكبها وتكاملها الوظيفي والتوافق عليها بين الافراد ، لغةً قائمة بذاتها مستقلة بسماتها ووظائفها وغاياتها . وإذا كانت اللغة المنطوقة ( اللفظية) من أدق العلامات التي يتواصل بها الافراد ليعبروا بها عن مواقفهم واحتياجاتهم، فانها ليست اللغة الوحيدة ؛ بل وحتى ليست اللغة الاهم لبني البشر عامة ؛ اذ تشير الدراسات الى ان الكلام لا يشكل سوى %7 من التواصل اليومي بيننا ، وإن باقي الرسائل نرسلها لا شعوريا عبر نبرة الصوت والايماءات والاشارات التي يبعثها جسد الانسان ، عند تواصله غير اللفظي مع الاخرين ضمن اطار ما يسمى بـ(لغة الجسد) والتي تتفاعل – بدورها ، وعلى نحو تلقائي - مع ادوات التواصل اللفظي للغة المنطوقة لتحقق الغاية التواصلية للأفراد ؛ ولعل هذا ما يؤكد ويبرر كذلك دقة وصواب الرأي الذي تبناه الخبير الدولي (ساندرو رادو Sandro Rado ) بأن لغة الجسد تمثل قاعدة كل اللغات طالما تجذرت اصولها في الإحساس الخاص بالجسد . وفي هذا السياق يرى الأخصائي النفسي الدكتور موسى مطارنة أن لغة الجسد سميت لغة، لأن لها تعابير ومعان واشارات توفر انطباعات واضحة وصادقة عن مستخدمها من جانب وتساعد المتلقي من فهم تلك الرسائل غير اللفظية من جانب اخر؛ أي بعبارة اخرى، ان لغة الجسد شأنها شأن اي لغة أخرى، تتألف من مجموعة من العناصر والتراكيب ، كالإيماءات، ووضعية الجسد، وتعابير الوجه التي تتفاعل فيما بينها بانسجام وتناغم لتعبر عن مكنون الانسان ومشاعره ومواقفه ومقاصده بكل بساطة وتلقائية . ولغة الجسد من حيث التعريف إحدى صور التواصل غير اللفظي، والتي تصدر عن الجسد على شكل إيماءات وإشارات، والتي تعبر عن المشاعر والأحاسيس الداخلية لا شعورياً، حيث يتم عن طريق هذه الإشارات والإيماءات إيصال العديد من الرسائل والأفكار للأشخاص الآخرين. وهي لدى ( ألن بيز) : الاتصال غير اللفظي الذي يعتمد على التواصل بين المرسل والمستقبل، باستخدام التلميحات والإشارات والحركات الصادرة من الجسم على أساس ما تقدم ، يتضح أن لغة الجسد تعد قناةً مهمة تستخدم في نقل المعلومات والمواقف وتبادل الرسائل بشكل غير لفظي، ونافذةً تطل على ما يدور في الذهن من خواطر ومشاعر وتعبر عنها بإيماءات وحركات حسية تلقائية بالتناغم مع اللغة المنطوقة ؛ فما لا يقال شفهيا بشكل مدروس، يقال بشكل تلقائي غير ملفوظ . وفي كثير من الأحيان تكون هذه اللغة غير المنطوقة ، أكثر بلاغةً وصدقاً من أبلغ العبارات والالفاظ، لكونها في الأغلب تعبيراً عفوياً أقل تصنعٍ من الكلمات المنمقة التي يلجأ إليها البعض لأهداف معينة لا تعبر بالضرورة عما يقصد ويريد، كما ان حركات الجسد والوجه تلقائية ولاتخضع لسيطرة الانسان مهما تدرب عليها ، أي انها لغة لا يشعر بها صاحبها، إنما يستشعرها ويفسرها من هم حوله مهما حاول كبت مشاعره والتصنع في ردود افعاله ، الامر الذي ميز هذه اللغة الحسية عما سواها من لغات منطوقة وصيرها الوسيلة الاكثر اهمية في كشف الكثير من الاسرار والخواطر والمشاعر الدفينة للآخرين . وفي هذا الشأن يقول الخبراء إذا ما تعارضت الكلمات مع النبرة أو مع تعابير، فصدِق النبرة وتعبيرات الوجه لأنها لا تعرف الكذب، كما أن التلاعب بالكلمات أسهل وأهون من التلاعب بالحركات والإيماءات ونبرات الصوت . ولأن معظم الإشارات الجسدية تعبر عن نفس المعنى في كل بقاع العالم تحولت لغة الجسد الى اللغة العالمية، الأكثر رواجاً وإستخداماً من كل نظيراتها المنطوقة ؛ إذ تنتقل بوساطتها نحو 55% من رسائلنا ومواقفنا اليومية بصيغٍ ارادية ولا ارادية ؛ فبإمكان أي شخص أن يخمن المعنى المقصود من الحركات والإيماءات لغيره من الناطقين بلغات اخرى في جميع أنحاء العالم، دون الحاجة الى مترجم ، فمن ذا الذي يحتاج إلى مترجم لتعبيرات الوجه والعيون. إن لغة الجسد التي يستخدمها الناس جميعا، بكثافة وعفوية عند تواصلهم اليومي مع الاخرين ، يندر من يفهمها ويقرأها بدقة او يوظفها في تحقيق مصالحه وغاياته بصورة فاعلة ، رغم اهميتها وبساطتها ( بالتعبير دون التفسير) وبلاغتها ، لأن إيماءات الجسد وحركاته التعبيرية ، ينبغي أن تحلل في السياق العام للحدث، وليس في النطاق الضيق للحركة بحد ذاتها ، الامر الذي يرفع منسوب الخطأ في التفسير ، مهما بلغت خبرة وكفاءة الخبير المتابع ، من جانب . ومن جانب اخر، ثمة صعوبات اخرى تحيط عملية التعبير غير اللفظي عن المواقف والمشاعر والتحليل الحصيف لها ، تتعلق باختلاف ظروف وطرق التعبير والخواص النفسية والسلوكية للشخص المعني فضلا عن اختلاف الثقافات؛ فعلى سبيل المثال ، إنَّ تشابك الذراعين قد يكون دليلاً على المقاومة أو العصبية، لكنه قد يكون دليلاً على الثقة والسلطة في حالات أخرى. إن ما تتميز به هذه اللغة من خصائص وعناصر نوعية فذة ، وما توفره من مزايا لمن يجيد قراءة مفرداتها وعناصرها وتوظيفها ، قد جعلها ميداناً معرفياً مغريأ، ومهنةً تختص بقواعدها واعرافها المستقلة، ومقصداً وسلاحاً فاعلاً ، إجتذب إهتمام العديد من الخبراء والمختصين وطلاب السطوة والتأثير واصحاب السلطة والمصلحة ، لتوظيف مفرداتها في جولاتهم التفاوضية مع الغير، لإنجاز جملة من المهام والاهداف يمكن إيجازها بالاتي :- اولا - التحليل : 1- تحليل الشخصية وتكوين الانطباع : إن لغة الجسد تمنح المفاوض فرصةً مهمة لتحليل الخصائص النفسية والسلوكية للطرف الاخر، وإستيعاب غير مغلوطٍ لمشاعره، وأفكاره، سبيلاً لتكوين الانطباع الاولي والنهائي عنه ، والتعرف على مفاتيح القوة والضعف في شخصيته بغية الافادة منها اثناء العملية التفاوضية، وذلك بناء على الطريقة التي يتبعها في توصيل فكرته أو رغبته ومدى اتسامه بالحماس والإيجابية ؛ اذ يصعُب على اي انسان مهما بلغ من الذكاء والمهارة او حاول التصنع أو التمثيل ، ان يخفي مكنون شخصيته ويسيطر على اندفاعاته وانفعالاته ،لان ما يفكر او يُحسّ به الفرد سينعكس بالضرورة على تصرفاته وسلوكياته ويؤثر فيها بصورة تلقائية ولا ارادية . فمثلا تبرز مشاعر الفرح والسرور باتساع بؤبؤ العين وتسارع نبرة الصوت ، وعلى النقيض من هذه العلامات الجسدية تبدو مشاعر الحزن، واما مشاعر الغضب فتتشكل بعيونٍ واسعة وحواجب مقطبة وفمٍ مفتوحٍ وذراعين مضمومتين بشكل مُحكم. وعند الشعور بالخجل تتحرك العيون في اتجاهات عشوائية؛ لاخفاء حالة الاضطراب والارتباك . 2- تحليل لغة الخطاب واستكشاف مساحة الصدق والكذب فيه، واستظهار حقيقة نوايا الطرف الاخر ومقاصده ، وجدية التزامه، بالاعتماد على تحليل انماط سلوكه غير اللفظي ؛ فعند التحدث بصدق - على سبيل المثال- يتجه البصر إلى اليمين، عند الكذب يتجه البصر إلى اليسار مع فرك الكفين بتوتر بصورة لا إرادية وتحاشي النظر الى الطرف الاول لأن ذلك سيزيده إرتباكاً. ثانيا - التدعيم والتوضيح: يعزز الاتصال غير اللفظي بلغة الجسد، المعاني التي يرسلها الطرف الاول عبر الاتصال اللفظي الى الطرف الاخر؛ فتستخدم حركات الجسد في تبيان وتوضيح، وتكملة المغزى والمقصود من الكلام، او حتى تُعدّيل الرسالة التي يريد الشخص إيصالها او حتى تأكيدها واستبدالها . وكلما زاد اتقان لغة الجسد تنامت قدرتنا على التأثير في الآخرين، واقناعهم بوجهات نظرنا ؛ فتكون لغة الجسد ضمن هذا المسار بمثابة العنصر المساعد والعامل المحفز بين الكلمات من أجل تعزيز المعنى والفروق الدقيقة والتضمينات، لإعطاء مزيٍد من الثقة، والحضور الأقوى، والإقناع، والتأثير، وخلق شعور من الثقة، عبر استخدام نوع النظام التعبيري المُناسب لإيصال فكرة معينة للآخرين. الامر الذي سوف يعطي أفضلية كبيرة وزخما اكبر للطرف الاول حساب الطرف الاخر اثناء الجولة التفاوضية. فمثلاً اذا اراد الطرف الاول إظهار الحزم والعزم والثقة والسيطرة فما عليه - بتعابير لغة الجسد- سوى الجلوس مستقيما مع الحرص على التواصل البصري الثابت برأسٍ ثابتة والتحدّث بصوت منخفض. وعند الرغبة في انهاء الحوار واظهار الملل من الاستمرار فيه فما على الطرف الاول - بتعبيرات الجسد- الا وضع اليد على جانب الوجه أثناء الحديث، والجلوس منحنيا إلى الأمام. ثالثا - توفير البدائل: من الممكن أن يستخدم المفاوض لغة الجسد كبديل للاتصال اللفظي، كأن يستخدم حركات وتعابير الوجه التي تُغني عن الكلام، مثل الإشارة بالموافقة أو الرفض ؛ فابتسامة بسيطة بمقدورها أن توحي للطرف المقابل بالموافقة على طلبه، وكأنها تجسيد لعبارة لك ما تريد. وعند التأكيد يتم استخدم نبرة صوتٍ مختلفة لكلمات مُعيّنةٍ وتكرارها في سياق الحديث للتأكيد على أهميتها، مع الحرص على ثبات الراس والنظر وإظهار مساحة أكبر من الجسد . رابعا- التنظيم والتقييم : تؤدي لغة الجسد وظيفًة مهمة في تحديد مسارات العملية التفاوضية وتعيين محطاتها ومفاصلها الرئيسة والتحكم في تدفق الرسائل بين أطرافها وضبط إيقاع المحادثات بينهم، وتثبيت نقطة انطلاق المحادثات وانهاءها ، وبالمثل قياس مدى نجاح المفاوضات او فشلها في ضوء ما يبديه الطرف الاخر من ايماءات واشارات حسية للإعلان عن موقف ما ، لا يتم التصريح به بلغة منطوقة. أي بعبارة اخرى ان لغة الجسد تتقمص في هذا المحور دور ضابط إيقاع الجولة التفاوضية ومنظم توقيتاتها والفيصل في تقييم مدى نجاح المهمة التفاوضية ؛ فقراءة حركات الراس والعيون – على سبيل المثال كفيلة بإعطاء إشارة الانطلاق الحقيقية والجدية في الجولة التفاوضية وتشخيص الحاجة الى الاستمرار بالكلام، أو المقاطعة، والمطالبة بممارسة حق الرد، وهي ذاتها من تعطي اشارة النهاية للجولة التفاوضية بالنجاح او الفشل . فإن رأيت الشخص مركزاً نظره عليك وقد اتّسع بؤبؤ العين مع تكرار تحريك حواجبه وأبعد رجليه فهذا يعني انه مهتم ومتشوق لما يعرضه الطرف الاول من افكار حريص على استمرار التواصل معه . وسيحصل العكس تماما اذا مل الحوار وفقد الرغبة في استمراره . ومثلما يعني تشبيك اليدين خلف الظهر والنظر للأسفل باتجاه اليسار – بمفردات لغة الجسد – التأمل والتفكير في مقترح ما اثناء الحوار، فإن انحناءة أصابع الشخص الخفيفة، تدُل على أنه يشعر بالارتياح على الأرجح. بالمقابل تشير العيون الخافتة او المغلقة الى عدم الارتياح والإحباط، والتهيّج، ونفاد الصبر، وتدل الأطراف المضمومة على الرفض المقاومة. صفوة القول إن لغة الجسد تستطيع أن تمنح المفاوضين المزيد عما يريدون معرفته او قوله للطرف الاخر، أكثر مما تفعله الكلمات مهما اكتسبت من فنون البلاغة . من هنا تظهر الحاجة الى ابداء المزيد من الاهتمام بدراسة لغة الجسد في المؤسسات التعليمية والسيادية، وتهيئة الخبراء بفنونها ولاسيما في مجال العمل السياسي والدبلوماسي او أي مجال يحتاج التفاوض والتواصل مع الاخرين . مراجع مختارة : - الاء نجار ، انواع لغة الجسد ، مقال منشور على موقع موضوع بتاريخ 14 مارس 2019 على الرابط : https://mawdoo3.com - الكسندر لوون ، لغة الجسد ، مقال منشور على موقع معابر ، بتاريخ 24 شباط 2020 ، على الرابط : http://maaber.50megs.com/issue_september12/alternative_medicine1.htm - جوسلين إيليا ، لغة الجسد ، صحيفة الحياة اللندنية ، العدد 13848 ، 27 اكتوبر 2016 - سهيلة افيدة ، لغة الجسد في السيميائيات المعاصرة :تحليل سيميولوجي للإيماءة في المسرح الجزائري ، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية العلوم السياسية والاعلام - جامعة الجزائر ، سنة 2013 . - عقبة الصباغ ، لغة الجسد وأثرها على إنجاز أهداف التفاوض التجاري( دراسة ميدانية )، رسالة ماجستير ، كلية الاقتصاد – جامعة حلب ، سنة 2015 . - محمد مروان ، اهمية لغة الجسد، مقال منشور على موقع موضوع بتاريخ ١٤ سبتمبر ٢٠١٨ ، على الرابط : https://mawdoo3.com - مصطفى العادل ، اهمية لغة الجسد ، مقال منشور على موقع رقيم بتاريخ 4 ديسمبر 2017 على الرابط : https://www.rqiim.com
تقرير : محمد رؤوف - فاضل حمة فعت ترجمة : ك.ق كان من المقرر ان يجتمع مسعود البارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مع لاهور شيخ جنكي الرئيس المشترك للاتحاد الوطني الكوردستاني ويجعلا من اجتماعهما هذا بشارة التصالح بين الحزب الديمقراطي والإتحاد الوطني لنوروز هذا العام، لكن فجأة تدهور الوضع بشكل اسوء من ذي قبل، وبدَّل نوروز من عيد للتصالح الى مناسبة لنشر فضائح جنسية. الرجوع الى نقطة الصفر مبادرة محمود حفيدزادة حفيد الشيخ محمود ملك كوردستان، لإجتماع البارزاني مع لاهور شيخ جنكي، على الرغم من قطعها شوطاً جيداً، إلا انها رجعت في لحظة الى نقطة الصفر وأُلغيَ اللقاء. لايعرف حتى الآن تفاصيل كيفية الغاء اللقاء المنتظر بين البارزاني ولاهور شيخ جنكي، لكن بعض المطلعون عن قرب وحاورهم (الحصاد) يقولون لقد كان لبعض الاشخاص من كلا الطرفين دورٌ لكي لا يتم ذلك اللقاء. بدأت المبادرة اولا من عند البارزاني وأُلغيِ من قبله ايضاً، السبب هو ما يعتقده البعض انه يوجد داخل الحزب الديمقراطي عدد من الأشخاص عملوا على عرقلة اجراء اللقاء دون عِلم البارزاني، وقد ادى البيان المفاجئ لـ(أمينة زكري) مسؤولة ملف الحكومة والبرلمان في مقر البارزاني الى الغاء اللقاء، وكذلك رد سكرتارية المجلس القيادي للاتحاد بنفس اللهجة والعبارات أنهت مبادرة حفيدزادة، لكن الافصاح عن المبادرة والتحدث عنها من قبل محمود حفيدزادة أساء الى المحاولة ونَبَّهَ معارضي ذلك اللقاء من كلا الحزبين. من التصالح إلى فضائح جنسية بعد ساعات من الغاء محاولة اللقاء بين البارزاني ولاهور شيخ جنكي، نشرت هيئة مخابرات الحزب الديمقراطي الكوردستاني عن طريق موقع على شبكة التواصل الاجتماعي الفيسبوك مقطعاً فيديو لفضيحة جنسية لمسؤول في الإتحاد الوطني، واليوم رد هيئة مخابرات الإتحاد الوطني بالمثل ونشرت فضيحة جنسية لمسؤول في الحزب الديمقراطي على شبكات التواصل الاجتماعية ، وهكذا بدلاً من ان يسود التصالح في نوروز هذا العام، غطى عليه الفضائح الجنسية. الفضيحة الجنسية .. آخر سلاح في السياسة "لدي أكثر من (٤٠) مقطع فيديو لفضائح رؤساء العرب والمسؤولين المصريين ومسؤولي الدول العربية، وإن لم يمنعوا محاكمة زوجي، سأنشرها كلها"، هكذا وبهذا التهديد حاولت سوزان مبارك عقيلة حسني مبارك الرئيس الاسبق لمصر، في عام ٢٠١١ حماية زوجها، ولم تكن هذه آخر مرة يستخدم فيها الجنس كسلاح للتهديد في المجال السياسي، حيث توجد الآن على رفوف المكتبات العالمية العديد من الكتب التي تحكي حكايات اختلط فيها الجنس بالسياسة، وتمت مؤخراً ترجمة البعض من هذه القصص والحكايات الى اللغة الكوردية. ظاهرة استخدام المقاطع الجنسية كسلاح للتهديد والاسقاط السياسي من قبل البعض للبعض في إقليم كوردستان، ليس امراً جديداً وبلا سوابق. مع التطور السريع لوسائل الاتصالات وتركيب الكاميرا على الهواتف النقالة(موبايل) وكذلك تثبيت الكاميرات في الشوارع والمنازل بهدف الحماية والامن، تطورت ظاهرة نشر المقاطع الجنسية للنساء والرجال، وانخرطت المؤسسات الامنية وتسللت الى داخل هذا المجال وتم تشكيل فرق خاصة لهذا الغرض. توجد حالياً العديد من القضايا امام محاكم إقليم كوردستان، خاصة بهذا النوع من الجرائم، وشرطة أربيل والسليمانية يعلنون بين الحين والآخر القبض على اشخاص هددوا الفتيات والسيدات بمقاطع فيديو مسجلة، قلة من النساء تسجلن الدعاوي لدى المحاكم والشرطة بسبب تهديدات من هذا النوع، لأن القضية الجنس في المجتمع الكوردستاني لازالت ضمن القضايا التي ينظر اليها اجتماعياً مثل "الفضيحة" ويمكن ان يخسر البعض حياتهم بسببها. تتفهم المؤسسات المخابراتية جيداً الوضع الاجتماعي كوردستان فيما يخص الجنس، لذا يقومون باستخدام هذا المجال كسلاح سياسي لضرب بعضهم البعض، واصبحت شبكات التواصل الاجتماعي مجالاً جيداً لنشر هذه الرسائل ودون التعرض الى اية عقوباتٍ قانونية. حرب الفيديو بين المؤسسات المخابراتية للحزب الديمقراطي والإتحاد الوطني بلغ مستوىً، من يبدي موقفاً مغايراً ومعاكساً للموقف العام لحزبه، يقولون ان لديه "مقطع فيديو" او انه تعرض "للقرصنة الالكترونية"، هذا ليس بالامر الخفي، فنواب الحزبين في البرلمان يستخدمون هذه العبارات ضد بعضهم في الأوقات الحساسة ومرات يستخدمونها فيما بينهم الواحد ضد الآخر، الحضور وعدم الحضور داخل الجلسات البرلمانية الحساسة تم حسمها في الغالب من خلال هذه التهديدات، ما يعني ان الفضيحة الجنسية قد تسللت تماماً الى داخل المجال السياسي في اقليم كوردستان. يتوضح الآن ان لا احد يمكنه ان يسلم في الوقت الحالي، والكل واقعون تحت تهديد الفضيحة الاجتماعية، نشر مقطعين مصوَرَين لمسؤولَين احدهما من الإتحاد الوطني والآخر من الحزب الديمقراطي اظهر مجدداً هذا التشاؤم، فالمؤسسات المخابراتية تستخدم التكنولوجيا المتطورة لضرب البعض، وفي احيان عدة يتم تشويه المقاطع المصورة المسجلة بالفيديو، ويستخدمونها بالشكل الذي يخدم رسالاتهم، بواسطة الخبراء والمحترفين والبرامج الخاصة بالقرصنة الإلكترونية، تقنية التنصت على المكالمات الهاتفية، استخدام بائعات الهوى، زرع الكاميرات والمسجِلات الصوتية، هذه هي المجالات التي يستخدمها مؤسسات الحزب المخابراتية لمراقبة المناوئين والمعارضين الداخليين والخارجيين، هناك اقاويل حول الاستفادة من الخَدَم الاجانب العاملين في المنازل، في هذا المجال. سابقة سيئة المسؤولان الاثنان اللذان نُشرت فضيحتاهما الجنسيتان على شبكات التواصل الاجتماعي في الساعات الماضية لن يكونا آخر شخصين يقعان ضحية هذا الابتزاز او هذه الحرب التقنية-الاجتماعية، ففي العام الماضي تم نشر عدة صور لأحد المسؤولين الكبار والموجود في احد المناصب الرفيعة في في اقليم كوردستان، وفي نهاية نيسان ٢٠١٤ ازاحت النائبة (شادي نوزاد) وبشكل مباشر السِتار على هذا الموضوع الخفي، هذه السيدة التي هي نائبة في الدورة الحالية لبرلمان كوردستان عقدت مؤتمراً صحفياً في حينه وقالت : "اتعرض لتهديد عن طريق رسالة إلكترونية بنشر مقطع فيديو مصطنع(مفبرك)". كانت شادي نوزاد نائبة في كتلة الجيل الجديد، وكانت حراك الجيل الجديد يعاني من مشاكل داخلية وقتئذ، وشادي كانت في الجبهة المعارِضة لرئيس الحراك (شاسوار عبدالواحد)، لذلك اتهمت شادي رئيس الحراك بالوقوف وراء تهديدها بالفضيحة الجنسية، وشادي الآن تُعَرِف نفسها كنائب مستقل وانها استقالت من حراك الجيل الجديد. ليسوا قلائل الذين نُشِر لهم مقاطع فيديو جنسية لو هُددوا بنشر تلك المقاطع بدوافع سياسية لإرضاخهم للامتثال لتنفيذ عمل معين او خطوة سياسية معينة، لم يكونوا بفاعليه سابقاً في الوضع الاعتيادي، امثلة على ذلك : * في إنتخابات برلمان كوردستان لعام ٢٠١٣ تم تهديد احدى مرشحات حركة التغيير بنشر مقطع فيديو مسجل لها. * في خضم الشد والجذب لتعديل قانون رئاسة إقليم كوردستان في عام ٢٠١٥، تم نشر مقطع فيديو لنائب عن حركة التغيير. * في اواخر عام ٢٠١٦ نشرت عدة صور جنسية لنائبة كانت رئيسة كتلة التغيير في البرلمان العراقي حينئذ. * اثناء الحملة الدعائية للانتخابات البرلمانية العراقية في ٢٠١٨، تم نشر عدة مقاطع فيديو مسجلة لمرشحة للحزب الديمقراطي الكوردستاني، لاجبارها على الانسحاب من عملية الترشح. وعلى المستوى العراقي ايضاً فقد توسعت هذه الظاهرة مؤخراً، وخصوصاً اثناء اطلاق الحملة الدعائية للانتخابات، من الامثلة على ذلك : * في الحملة الدعائية لإنتخابات ٢٠١٨ للبرلمان العراقي نُشر مقطع فيديو مسجل لمرشحة لائتلاف (النصر) برئاسة حيدر العبادي، واستبعدت تلك المرأة بسبب ذلك المقطع من الانتخابات ومن العملية السياسية ايضاً. * اثناء تشكيل الحكومة العراقية نُشر مقطع فيديو مسجل لسيدة كانت مرشحة لنيل احدى الحقائب الوزارية، وعليه خسرت تلك المرأة فرصة الحصول على ذلك المنصب. الجريمة والعقاب وفقاً لقانون العقوبات العراقي ان القيام بنشر هذا النوع من مقاطع الفيديو (المقاطع واللقطات الجنسية) او التهديد بنشرها، فإن عقوبتها تكون كالآتي : * التهديد بنشر اي موضوع متعلق بالشرف، بحسب المادة (٤٣٠) و(٤٣١) من قانون العقوبات العراقي فإن العقوبة للشخص القائم بمثل هذه الافعال تصل لحد السجن لمدة (٧) سنوات، وفقاً لنوع وكيفية القضية. * تم تحديد نشر اي موضوع متعلق بالشرف في مادة (٤٣٨)، وفي هذه الحالة يتم فرض العقوبة على الشخص القائم بهذه الافعال بالسجن لمدة لا تزيد عن سنة واحدة. ما يعني انه وفقاً للقانون فإن التهديد بنشر أي موضوع متعلق بالشرف عقوبته اشد من نشر الموضوع. يُفلِت اغلب الذين ينشرون مقاطع الفيديو الجنسية لأشخاص آخرين او يستخدمون تلك المقاطع كتهديد على أولئك الاشخاص، من العقاب القانوني، وخصوصاً اذا كانت المؤسسات المخابراتية وراء ذلك الاعمال، لكن النقطة المضيئة داخل هذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة، هي ان كلما تعرض شخص لتهديد للنيل من سمعته الاجتماعية، ودون النظر الى التوجه السياسي يهرع الناس مسرعين لتشكيل حملات واسعة لمساندة الشخص المستهدف، ويمكن ان يكمن سر هذه المساندة بتفهم الجميعان ان ظاهرة نشر مقاطع الفيديو المسجلة هي خطر محدق بالمجتمع كافة وليس الأشخاص المستهدفين فقط، لأن في هذه المجتمعات تشكل القضايا الجنسية خطاً احمر ومن المواضيع الموصدة التي لا يمكن التعبير عنها بشكلٍ مباشر. مؤسسة المخابرات في كوردستان بعد مضي ثلاثة عقود على سحب مؤسسات البعث في إقليم كوردستان، لايزال الاقليم في عَوَزٍ لمؤسسة مخابراتية وطنية، وبدلاً من هذا توجد في الإقليم مؤسستين مخابراتيَتَين حزبيَين احداهما تابعة للحزب الديمقراطي الكوردستاني وتسمى (باراستن) والاخرى تابعة للإتحاد الوطني الكوردستاني وتسمى (زانياري). لكن في العام ٢٠١١ تم المصادقة في برلمان كوردستان على قانون بهدف توحيد هاتين المؤسستين في اطار مؤسسة واحدة، وذلك القانون يُدعى قانون رقم (٤) لمجلس امن إقليم كوردستان. باشر هذا المجلس اعماله بصورة رسمية في عام ٢٠١٢، في غضون الاعوام الثمانية من تأسيسه ولحد الآن لم يجتمع هالمجلس بسبب الخلافات الموجودة بين اعضائه ولا يوجد تنسيق كامل بينهم، وفي اغلب الاحيان حين تقع مشكلة امنية في احدى المنطقتين(المنطقة الصفراء والمنطقة الخضراء) فإن المسؤولين الامنيين داخل هذا المجلس يخاطبون بعضهم من خلال بيانات يصدرونها ويردون على بعضهم البعض بنفس الطريقة. لم يكن لدى إقليم كوردستان قانون الموازنة منذ عام ٢٠١٣، لكن وفقاً لآخر مشروع لقانون الموازنة يبلغ عدد منتسبي مجلس امن الاقليم (٦ آلاف و٤٧٦) منتسباً وميزانيته تبلغ (٣٤٤ مليار و٦٣٠ مليون) دينار، وقد خصصت نسبة (٢.٩٪) من ميزانية الاقليم لهذا المجلس في ذلك العام. هذا رغماً عن تحديد عدد منتسبي مؤسسة الآسايش بـ(٣١ الف و٤٢١) فرداً بحسب آخر مشروع لقانون الموازنة، كما تم تخصيص مبلغ (٤٨٧ مليار و٤٤٣ مليون) دينار لهذه المؤسسة ما تبلغ نسبة (٤.٢٪) من مجموع ميزانية الاقليم في ذلك العام. بعد عام ٢٠١٣ والى الآن لا يُعرَف حجم ميزانية هذه المؤسسات ولا تُعرف كيفية صرفها بسبب عدم وجود قانون للموازنة، فضلاً عن هذا يُنظَر الى ميزانية مجلس امن كوردستان وتفاصيل مصاريفها كموضوع للامن القومي و لا يقع تحت مراقبة البرلمان.
الحصاد draw: صلاح حسن بابان- الجزيرة نت دقائق قلائل كانت كافية لتكتب حياةً جديدة لزانا أحمد على عكس ما حصل مع أبيه وشقيقه الأكبر اللذين دُفنا في حفرةٍ كبيرة تحوّلت لمقبرة جماعية لم يعرف مكانها بعد، وتضم أشلاءً لـ1500 شخص من الشيوخ والنساء والأطفال أسكتتهم صواريخ الأسلحة الكيمائية عند الساعة 11:20 دقيقة من صباح يوم 16 مارس/آذار عام 1988 بمدينة حلبجة في إقليم كردستان العراق. زانا أحمد فقد والده وشقيقه في قصف حلبجة (الجزيرة) ابتسامة الوداع غادر زانا مدينته قبل قصفها برفقة خالته متوجها إلى السليمانية، لكنه لم يعرف بأنّ ابتسامته بوجه أبيه ستكون الأخيرة، ولن تبقى له من أخيه إلا ذكريات اللعب فوق السطح، "سمعنا أنه تم دفن أبي أحمد علي الذي كان عمره 46 عاما وشقيقي الأكبر جواد أحمد الذي كان عمره 16 عاما داخل حفرة كبيرة حفرها أحد الصواريخ الذي سقط بإحدى المناطق مع جثث 1500 شخص من الشيوخ والنساء والأطفال من قبل المسلحين الأكراد، إلا أننا لم نعثر على المقبرة حتى الآن". قتل القصف الكيميائي في الأشهر الأخيرة من الحرب الإيرانية العراقية (1980-1988) أكثر من 5 آلاف شخص من أهالي المدينة، أغلبهم من الشيوخ والنساء والأطفال، وأصيب 7 آلاف – 10 آلاف آخرين، ومات آلاف من المدنيين في السنة التي تلت القصف نتيجة المضاعفات الصحية وبسبب الأمراض والعيوب الخلقية، وما يزال الكثير من عوائل الضحايا تحاول العثور على جثث أطفالها وشيوخها ورجالها الذين فقدوا أثناء القصف. واعتبر الهجوم الكيميائي بأنّه الأكبر الذي وُجّه ضد سكان مدنيين من عرقٍ واحد حتى اليوم، وهو أمر يتفق مع وصف الإبادة الجماعية في القانون الدولي والتي يجب أن تكون موجهة ضد جماعة أو عرق بعينه بقصد الانتقام أو العقوبة. آلاف الأكراد قتلوا في قصف حلبجة (رويترز) إبادة جماعية حكمت محكمة هولندية في 23 ديسمبر/كانون الأول عام 2005 على فرانس فان رجل الأعمال الذي اشترى المواد الكيميائية من السوق العالمية وقام ببيعها لنظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بالسجن 15 عاما. وقضت المحكمة الهولندية أن صدام ارتكب جريمة الإبادة الجماعية ضد سكان حلبجة، وكانت هذه المرة الأولى التي تصف محكمة هجوم حلبجة كفعل من أفعال الإبادة الجماعية. أما المحكمة العراقية الخاصة فوجهت اتهامات لصدام حسين وابن عمه علي حسن المجيد الذي قاد قوات الجيش العراقي في كردستان في تلك الفترة بتهمة جرائم ضد الإنسانية المتصلة بالأحداث التي وقعت في حلبجة. وقدّم المدعي العام العراقي أكثر من 500 وثيقة من الجرائم خلال نظام صدام حسين أثناء المحاكمة وكان منها مذكرة عام 1987 من المخابرات العسكرية للحصول على إذن من مكتب الرئيس باستخدام غاز الخردل وغاز السارين ضد الأكراد، ووثيقة ثانية ردا على ذلك أن صدام أمر المخابرات العسكرية دراسة إمكانية ضربة مفاجئة باستخدام هذه الأسلحة ضد القوات الإيرانية والكردية، ومذكرة داخلية كتبتها المخابرات العسكرية أنها قد حصلت على موافقة من مكتب رئاسة الجمهورية لضربة باستخدام الذخيرة الخاصة، وشددت على أن لا يتم إطلاقها دون إبلاغ صدام. بعد إدانته بتدبير مجزرة حلبجة، حُكم على علي حسن المجيد بالإعدام شنقا بمحكمة عراقية في يناير/كانون الثاني 2010. وحكم أولاً على المجيد بالإعدام شنقا في عام 2007 لدوره في حملة عسكرية عام 1988 ضد الأكراد، والتي يطلق عليها اسم "عملية الأنفال". وفي عام 2008 أيضا حكم مرتين بالإعدام على جرائمه ضد العراقيين في جنوب العراق، منها انتفاضة عام 1991، ومشاركته في أعمال القتل عام 1999 في منطقة مدينة الثورة (الصدر حاليا) ببغداد. وتم إعدامه يوم 25 يناير/كانون الثاني 2010. اعلان وكان صدام حسين أعدم أواخر عام 2006 بعد إدانته في ما يعرف بمجزرة الدجيل التي قتل فيها 148 شخصا. وانتهت بذلك الملاحقات ضده في ما يعرف بقضية الأنفال حيث كان يحاكم بتهمة الإبادة بحق الأكراد. معاناة عوائل ضحايا قصف حلبجة ما زالت مستمرة (غيتي) غور الجرح وفي كلمة له لإحياء الذكرى الـ33 لقصف حلبجة، دعا رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني الحكومة العراقية إلى تنفيذ واجباتها القانونية والأخلاقية تجاه حلبجة، وضرورة أن يعمل المجتمع الدولي على منع استخدام أسلحة الدمار الشامل. وشبّه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ما حصل مع حلبجة في حديثٍ له بمناسبة ذكرى الهجوم، بـ"غور الجرح وفداحة البغي والظلم". وفي الأشهر الأخيرة للحرب، تمكنت القوات الإيرانية من اقتحام الحدود العراقية والوصول إلى حلبجة، ليوجه نظام صدام حسين اتهامات لسكان المدينة بتسهيل دخول الايرانيين. ولا تزال هذه الاتهامات تشكل جزءًا من جدل مستمر، بشأن حقيقتها فعلاً، وما إذا كان ثبوتها يبرّر للنظام العراقي استخدام السلاح الكيميائي. بسبب هذا الجدل، تعدّدت الروايات حول الجهة المسوؤلة عن القصف، ومن تلك الروايات أن القوات العراقية هي التي نفذت القصف الكيميائي في محاولة منها لاستعادة المدينة بعد دخول القوات الإيرانية إليها، بينما حمّلت رواية أخرى الطرف الإيراني مسؤولية الهجوم بعد اضطراره للانسحاب تحت ضغط القوات العراقية، مستندة في رأيها هذا على بعض الإصابات تعرّض لها جنود عراقيون بالسلاح الكيميائي. ريشاوي: نظام صدام لجأ للسلاح الكيميائي لعدم قدرة الجيش العراقي على إخراج القوات الإيرانية بالطرق التقليدية (الجزيرة) قرارات خاطئة ويؤكد زانا أحمد أن القوات الإيرانية كانت موجودة فعلا أثناء وقوع القصف الكيميائي داخل حلبجة لكنها كانت ترتدي الأقنعة، مؤيدا الرواية التي تحمّل القوات العراقية مسؤولية القصف، لكون أمه كانت شاهدة على الحادثة أثناء وقوعها، وهي من الناجيات التي كتبت لها الحياة عكس زوجها وابنها البكر. ويرى المحلل السياسي عبدالله ريشاوي أن صدام حسين تسرع كثيرا بإصداره قرار القصف بالأسلحة الكيميائية كما عُرف بقراراته العسكرية الخاطئة، لوقوعه تحت الأمر الواقع وقناعته التامّة بعدم قدرة الجيش العراقي آنذاك على إخراج القوات الإيرانية بالطرق التقليدية المتبعة في الحروب في وقتٍ كان الجيش الإيراني أكثر بأضعاف من حيث العدد. وفي رده على سؤالٍ للجزيرة نت في ما إذا كان التوغل الإيراني داخل حلبجة سببا رئيسا في إصدار قرار قصفها بالسلاح الكيميائي من قبل صدام أم لا؟ يؤكد ريشاوي أن وجود القوات الإيرانية داخل المدينة أرعب الجيش العراقي كثيرا بعد انسحابه من المعركة على الحدود، وهذا ما دفع لاستخدام السلاح الكيميائي لإيقاف التمدّد الإيراني وقطع الطريق عنه. ويستغرب ريشاوي من لجوء صدام لهذا الخيار بدلاً من الخيارات العسكرية المفتوحة، مثل طلب المدد العسكري واللوجستي من الدول العربية كما فعلها سابقا. الكناني يؤيد الرواية التي تحمّل صدام حسين مسؤولية القصف الكيميائي على حلبجة (الجزيرة) جدل المسؤولية ويؤيد الخبير العسكري عدنان الكناني الرواية التي تحمّل صدام حسين مسؤولية القصف الكيميائي على حلبجة الذي نفذه ابن عمه علي حسن المجيد، مؤكدا أن الأسلحة الكيميائية كانت تخضع حصرا لأمر صدام نفسه ضمن دائرة تسمى عسكريا بـ"صنف الكيماوي"، معزّزا رأيه باستفسار عن سبب عدم قيام النظام العراقي السابق برفع دعوى قضائية في المحاكم الدولية ضد إيران بتهمة قصف إحدى المدن العراقية بالسلاح الكيميائي لو كانت فعلاً هي التي نفذت الهجوم؟ ويتفق الكناني -الذي كان يحمل رتبة عميد في الحرس الجمهوري بنظام صدام حسين- مع ريشاوي بوصف قرارات صدام بأنها انفعالية وآنية ويشوبها الكثير من علامات الاستفهام والتعجب بل تكون في أحيان كثيرة متسرعة، أبرزها القرار المتعلق بقصف حلبجة بالسلاح الكيميائي. بدوره، يرى المحلل السياسي إدريس مال الله -وهو من الكوادر الإعلامية التي عملت مع حزب البعث المنحل- أن التركيز على نظام صدام واتهامه بضرب مدينة حلبجة تبرره الأهداف الأميركية في مارس/آذار 1988 وترويج المعلومة عبر تقارير للجهات الدولية لتشويه صورة النظام العراقي بسبب نزاعها معه حول حقوق الشعب الكردي وتقرير المصير. ويشير حديث مال الله للجزيرة نت إلى أن المتابع للمعلومات حول قضية حلبجة يُصاب بالدوار بعد كشف الوثائق السرية في أميركا والتي تتناقض والمواقف أو التقارير في حينه حول حلبجة والمجزرة الرهيبة للمدنيين المسالمين، مؤكدا أن الغازات السامة التي استخدمت في الضربة لم تكن لدى العراق القدرة على تصنيعها أو امتلاكها.
جيمس ستافريديس ربما تكون الحيرة التي تعتريك بشأن ما يجري مع العناصر الأرضية النادرة من الأمور المفهومة بصورة ما. لكن من جهة أخرى، تشير التقارير الإخبارية الواردة إلى أنَّ الصين قد تزيد من حصص إنتاج هذه المعادن خلال الربع الفصلي الجاري كبادرة من حسن النوايا إزاء الإدارة الأميركية الجديدة. غير أن هناك مصادر أخرى تفيد بأنَّ الحكومة الصينية قد تعتزم في نهاية الأمر فرض حظر التصدير على العناصر الأرضية النادرة بصفة كلية لاعتبارات ومخاوف «أمنية»، فما الذي يجري هنا في الحقيقة؟ تحتوي الطبيعة على 17 عنصراً نادراً، هي: لانثانوم، سيريوم، براسيوديميوم، نيوديميوم، بروميثيوم، سماريوم، يوروبيوم، جادولينيوم، تيربيوم، ديسبروسيوم، هولميوم، إربيوم، ثوليوم، إيتربيوم، لوتيتيوم، سكانديوم، وإيتريوم. وفي حين أن الكثير من هذه المعادن ليس نادراً في واقع الأمر من زاوية الرواسب العالمية، إلا أنَّ استخراجها عملية صعبة وباهظة التكاليف. وتستخدم تلك المعادن في الصناعات عالية التقنية، بما في ذلك الهواتف الذكية، والطائرات المقاتلة، والمكونات الداخلة في كافة الأجهزة الإلكترونية المتقدمة تقريباً. ومن الجدير بالذكر بصفة خاصة، أن تلك المعادن ضرورية للغاية في العديد من تقانات الطاقة النظيفة المتوقع ظهورها في المجال العام خلال العقد الحالي. بدأتُ الاهتمام بالعناصر الأرضية النادرة عندما كنت قائداً لقوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان، والمعروفة إعلامياً باسم قوات المساعدة الأمنية الدولية (إيساف). وفي حين أنَّ الشعب الأفغاني يعيش في بلاد وظروف معيشية فقيرة للغاية، إلا أنَّ الدراسات قدرت أنَّ أفغانستان تستقر على مجموعة متنوعة من المعادن تتراوح قيمتها بين تريليون إلى 3 تريليونات دولار أميركي، بما في العناصر الأرضية النادرة. وتشير بعض التقديرات إلى أن مستويات العناصر الأرضية النادرة وحدها تقدر بنحو 1.4 مليون طن متري. ولكن، في كل مرة أحاول زيارة منشأة من منشآت التعدين في أفغانستان يأتيني الرد من فريق الأمن الخاص بي بأنه من الخطير للغاية الإقدام على هذه الزيارة. ومما يؤسف له، ورغم الجهود الهائلة التي تبذلها الولايات المتحدة رفقة حلف شمال الأطلسي في أفغانستان، فإنَّ التحديات الأمنية لا تزال قائمة، الأمر الذي يعيق تدفق استثمارات رأس المال الأجنبي الكبيرة اللازمة لتحقيق الأرباح وجني الثروات. وهذا يرجع بنا مرة أخرى إلى الصين. تسيطر الصين على ما يقرب من 80 في المائة من سوق العناصر الأرضية النادرة، ما بين ما تعمل على استخراجه بنفسها، أو العمليات الجارية على المواد الخام من أماكن أخرى حول العالم. وإذا ما قررت الحكومة الصينية الاستعانة بسلاح تقييد الإمدادات من هذه العناصر – الأمر الذي هدَّدت به بكين مراراً وتكراراً من قبل – فمن شأن ذلك أن يخلق تحديات هائلة أمام المصنعين، فضلاً عن المأزق الجيوسياسي أمام العالم الصناعي. وقد يحدث ذلك بالفعل. ففي عام 2010 هدَّدت الحكومة الصينية بقطع الصادرات إلى اليابان بشأن جزر «سينكاكو» المتنازع عليها بينهما. وقبل عامين، أفادت التقارير الواردة باعتزام الحكومة الصينية النظر في فرض قيود على الصادرات إلى الولايات المتحدة بصورة عامة، وأيضاً ضد عدد من الشركات الأميركية المعينة - مثل شركة الصناعات الدفاعية الأميركية العملاقة لوكهيد مارتن - والتي تعتبرها الصين تمثل انتهاكاً لسياساتها ضد مبيعات الأسلحة المتقدمة إلى تايوان. وكانت إدارة الرئيس السابق ترمب قد أصدرت أمراً تنفيذياً بشأن تحفيز إنتاج العناصر الأرضية النادرة في البلاد، كما أنشأت «مبادرة حوكمة موارد الطاقة» بهدف تعزيز عمليات التعدين الدولية. ويبذل الاتحاد الأوروبي رفقة اليابان، من بين بلدان أخرى، الجهود الحثيثة سعياً وراء العثور على مصادر جديدة للعناصر الأرضية النادرة. ومع اعتبار التوترات الراهنة، كان من المفاجئ بالنسبة لنا أن تعلن الصين عن زيادة حصص التعدين خلال الربع الفصلي الأول من العام الجاري بنسبة تبلغ 30 في المائة، الأمر الذي يعكس استمرار الطلب القوي والمرتفع على تلك العناصر. غير أن تلك الزيادة التعدينية المعلن عنها تقع في خضم حالة من عدم اليقين الظاهرة، إذ يعمل الحزب الشيوعي الصيني الحاكم على «مراجعة» سياساته ذات الصلة بالمبيعات المستقبلية للعناصر الأرضية النادرة. ومن كافة الزوايا، فإنَّ تكتيكات الزيادة التعدينية تعتبر مؤقتة، حيث تتناسب مع مجريات استراتيجية أوسع نطاقاً. من شأن الحكومة الصينية أن تبذل الجهود الكبيرة بغية إحكام السيطرة الكاملة على إمدادات موارد العناصر الأرضية النادرة على الصعيد العالمي. الأمر الذي يتفق تماماً مع المنهج الجغرافي الاقتصادي في مبادرة «حزام واحد وطريق واحد» الصينية، والتي تحاول الاستعانة بمجموعة متنوعة من الجزر والعصي - الاقتصادية، والتجارية، والدبلوماسية، والأمنية - في إنشاء مناطق النفوذ الجديدة على مستوى العالم. ومن زاوية العناصر الأرضية النادرة ذاتها، يبدو أنَّ الاستراتيجية الصينية تسمح بالوصول المحكم والمدروس بعناية إلى تلك العناصر، بدرجة تجعلها أقل جاذبية من الناحية الاقتصادية لدى المنافسين الساعين إلى الشروع في عمليات الاستكشاف والتعدين باهظة التكاليف. ويتماثل هذا الأمر مع استراتيجية أسواق النفط التي استخدمتها روسيا ومنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) خلال العقود الماضية. يعتقد بعض دعاة وأنصار السوق الحرة أنَّ الحكومة الصينية لن تتخذ الإجراءات الصارمة الخانقة للعرض، نظراً لأنَّ ذلك يعجل بالانتقام من جهات معنية أخرى أو يؤدي إلى الإسراع في البحث عن مصادر بديلة في الأسواق العالمية. غير أن الأمر المرجح عندي هو إجراء سلسلة من عمليات الإغلاق الموجهة ضد جهات وكيانات معينة، على غرار شركات الصناعات الدفاعية الأميركية، أو شركات صناعة الإلكترونيات الاستهلاكية في اليابان، أو استهداف الشواغل الصناعية الأوروبية التي أغضبت الصين. الطريق إلى استقلال العناصر الأرضية النادرة بالنسبة للولايات المتحدة ينبغي أن يشتمل على ما يلي: ضمان سلاسل التوريد للعناصر الأرضية النادرة واللازمة لأغراض الأمن القومي، وتعزيز جهود استغلال تلك العناصر محلياً (مع إزالة العوائق الحائلة من دون تنفيذ ذلك بصورة مسؤولة)، تفويض مقاولي الدفاع وغيرهم من الجهات الأخرى المعنية بمشاريع البنية التحتية الحيوية للاعتماد على الذات والاستغناء عن العناصر الأرضية الصينية النادرة، ورعاية جهود البحث والتطوير للعثور على مواد بديلة، لا سيما لصالح تقنيات الطاقة النظيفة، وإنشاء مخزون كبير من هذه العناصر في حالة وقوع المقاطعة الصينية المحتملة. هذا من أجندات الأعمال المهمة لدى الحزبين الكبيرين. كما أنَّ التقييم الاستراتيجي الذي أجرته إدارة الرئيس السابق ترمب لما ينبغي اتخاذه من إجراءات (والذي يتجاوز العناصر الـ17 سالفة الذكر، ويشتمل على إجمالي 35 عنصراً من المعادن المهمة والحيوية) هو تقييم مهم ومدروس بعناية، وينبغي أن يشكل الأساس الذي تبني عليه إدارة الرئيس بايدن رفقة الكونغرس الأميركي. ومن شأن استراتيجية العناصر الأرضية الأميركية النادرة أن تشكل جزءاً واحداً فقط من الحسابات المعقدة لدى الإدارة الأميركية الحالية حال صياغتها لاستراتيجية شاملة معنية بالتعامل مع الصين. وربما يكون تأمين السلام الشامل والدائم في أفغانستان جزءاً من الحل، رغم أن آفاق المستقبل المنظور لا تعد بالكثير. * أميرال بحري متقاعد بالبحرية الأميركية وقائد عسكري سابق لحلف الناتو وعميد كلية فليتشر للحقوق والدبلوماسية بجامعة تافتس < بالاتفاق مع «بلومبيرغ»
الحصاد draw: الحرة - واشنطن يعود سبب الخلاف بين إيران وتركيا في العراق لاعتبارات "توازن القوى" وسعي البلدين إلى "نفوذ أكبر" في المنطقة، بالتوازي مع "سباق اقتصادي محتدم"، وفق تحليل نشرته مجلة "ناشيونال إنترست". ويقول التحليل إن طهران تشعر بالقلق بشكل خاص من أن أنقرة التي قد تستخدم حملتها المناهضة للأكراد لتأسيس وجود عسكري طويل الأمد في سنجار، كما فعلت سابقا في شمال سوريا ومحافظة دهوك العراقية. وبالنظر إلى أن العراق وسوريا، المكونان الرئيسيان "لعمقها الاستراتيجي" فإن إيران لديها "مقاربة صفرية لهذه الدول"، وهذا يعني أن طهران غير راغبة في الأساس في مشاركة مجال نفوذها الاستراتيجي المتصور مع الخصوم. سباق اقتصادي إلى ذلك، تعتبر تركيا أيضا، المنافس الاقتصادي الرئيسي لإيران في السوق العراقية، وفق التحليل. ففي عام 2019، صدّرت تركيا ما قيمته 10.2 مليار دولار من البضائع إلى العراق، متجاوزة بشكل طفيف صادرات إيران البالغة 9.6 مليار دولار خلال نفس الفترة، وفق المجلة نفسها. كما استثمرت الشركات التركية حوالي 25 مليار دولار في 900 مشروع إنشائي وبنية تحتية - بما في ذلك الطاقة والمياه والصناعات البتروكيماوية - في مدن عراقية مختلفة. نقطة عسكرية على الحدود بين تركيا والعراق وهناك أيضا منافسة متزايدة بين طهران وأنقرة في إنتاج الكهرباء في العراق، والتي كانت تهيمن عليها الشركات الإيرانية في السابق. إلى جانب ذلك، تعتبر تركيا موقعها الجغرافي عند مفترق طرق أوروبا الشرقية وغرب آسيا ميزة جغرافية اقتصادية فريدة، وتسعى بشكل متزايد إلى احتكار طرق العبور في المناطق المجاورة. وعلى الرغم من أن القوتين الإقليميتين غير العربيتين حاولتا تاريخيا تحديد مصالحهما ومناطق نفوذهما في العالم العربي بطريقة تتجنب الاحتكاك والتنافس المباشر، لكن في أعقاب تصاعد المشاعر المعادية لإيران في العراق واغتيال جنرال الحرس الثوري، قاسم سليماني، ربما يكون القادة الأتراك قد خلصوا إلى أن الوقت قد حان لدحر النفوذ الإيراني في العراق واستعادة ما يعتبرونه دورا تاريخيا لتركيا في هذا البلد، وفق التحليل. مواجهة عسكرية؟ مع أن تركيا لا تسعى إلى مواجهة مع إيران في العراق، إلا أنها تتطلع إلى تعزيز نفوذها الاستراتيجي على جيرانها الجنوبيين على المدى الطويل، وفق التحليل. لكن مسار التنافس الحالي، ينطوي على مخاطر حدوث صدام غير مرغوب فيه، لأن المقاربات الإيرانية والتركية الصارمة تجاه مناطق نفوذهما الفعلية أو المتصورة، يمكن أن تؤدي بسهولة إلى التصعيد، إذا قرر أحد الطرفين تحدي مصالح الطرف الآخر. هددت حركتا عصائب أهل الحق والنجباء القوات التركية في شمال العراق في حالة "غزو سنجار" توتر سابق وفي فبراير 2020، كانت إيران وتركيا على وشك مواجهة مباشرة في إدلب، بعد انتشار الميليشيات المدعومة من إيران لأول مرة في محافظة شمال غرب سوريا للمشاركة في القتال ضد المتمردين المدعومين من تركيا. "وإذا أدت حملة تركية محتملة في سنجار إلى مواجهة بين تركيا وجماعات الحشد الشعبي العراقية المدعومة من إيران، فمن الصعب الافتراض أن إيران ستجلس مكتوفة الأيدي، وتدع الأتراك يمضون قدما كما يريدون" يقول التحليل. وعلى الرغم من أن طهران تشارك أنقرة مخاوفها بشأن التمرد الكردي في شمال العراق، إلا أن مخاوفها بشأن التداعيات طويلة المدى لحملة عسكرية تركية ممتدة قد وضعت الجانبين في خلاف بشأن الوضع في سنجار. وفي أعقاب تهديد أردوغان بغزو سنجار، نشرت قوات الحشد الشعبي العراقية القريبة من النظام الإيراني آلاف الجنود في ثلاثة ألوية في سنجار لمواجهة ما يرون أنه نية أنقرة لاحتلال أجزاء من بلادهم. واعتبرت وسائل إعلام تركية هذه الخطوة تدخلا من قوات الحشد الشعبي لإنقاذ حزب العمال الكردستاني، ومؤشرا على دعم إيران للمسلحين الأكراد. وفي 10 فبراير، نفذت أنقرة عملية عسكرية في جبال غارا بمحافظة دهوك العراقية لإطلاق سراح عدد من الرهائن الأتراك المحتجزين لدى حزب العمال الكردستاني. لقاءات دبلوماسية بين إيران وتركيا بالكاد تخفي صراعهما في العراق وبعد فشل العملية، ومقتل ثلاثة عشر رهينة، هدد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بأن تركيا ستوسع حملتها ضد حزب العمال الكردستاني إلى سنجار ، وهي منطقة استراتيجية تقع على حدود العراق مع سوريا. يأتي ذلك التوتر رغم أن طهران وأنقرة شنتا، في يونيو 2020، ضربات جوية ومدفعية متزامنة ضد المتمردين الأكراد في شمال العراق، مما أثار تكهنات بأنها عمليات منسقة بين الطرفين. فما الذي تغير في أقل من عام؟ في الآونة الأخير بات لدى القادة الإيرانيين انطباع بأن نفوذهم في العراق آخذ في الانحسار، وأن الجو المعادي لإيران يسيطر على الدولة. وكانت الاحتجاجات الشعبية الواسعة النطاق في العراق في أواخر عام 2019 ضد الدور الإيراني أول علامة رئيسية على هذا التدهور، بينما وجه اغتيال سليماني أشد ضربة لنفوذ طهران في العراق. في مايو 2020، تم استبدال رئيس الوزراء المدعوم من إيران، عادل عبد المهدي، بمصطفى الكاظمي، وهو أكثر استقلالية يحاول الحفاظ على علاقة متوازنة مع إيران وجيران العراق الآخرين، بما في ذلك السعودية، ودول شبه الجزيرة العربية وتركيا. تراشق كلامي وقبل أسابيع ، انتقد السفير الإيراني لدى العراق، إيراج مسجدي، في 27 فبراير، التدخل العسكري التركي في العراق، داعيا أنقرة إلى سحب قواتها من هناك. وقال مسجدي في مقابلة مع قناة "روداو الكردية" إن إيران "لا تقبل التدخل في العراق عسكريا، سواء كانت تركيا أو أي دولة أخرى". ورد المبعوث التركي إلى العراق، فاتح يلدز، على تويتر، قائلا إن نظيره الإيراني "سيكون آخر شخص يلقي محاضرة على تركيا بشأن احترام حدود العراق". وفي أعقاب هذا الخلاف، استدعت طهران وأنقرة السفراء للتعبير رسميا عن غضبهما. في المقابل، طالب رئيس مجلس النواب العراقي، محمد الحلبوسي، باحترام سيادة بلاده، وعدم التدخل في شؤونه، في إشارة واضحة إلى التراشق الإعلامي بين السفيرين الإيراني والتركي لدى بغداد. وكتب الحلبوسي على تويتر: "ممثلو البعثات الدبلوماسية في العراق واجبهم تمثيل بلدانهم وتعزيز التعاون بين البلدين، فعلى بعض ممثلي تلك البعثات أن يعي جيدا واجباته، ولا يتدخل فيما لا يعنيه، ويحترم سيادة العراق لكي يُعامل بالمثل.
الحصاد draw: همبرفان كوسه- صحافي كردي سوري لا يمكن أن توجد دولتان اسماهما كردستان وتركيا، فإمّا أن تكون هناك كردستان، وبالتالي تصبح تركيا كياناً بلا مقومات، أو أن تكون هناك تركيا، وبالتالي تعيش وتتأسّس من مقوّمات كردستان. أعلنت وزارة الخارجيّة التركيّة، اعتراض تركيا على نيّة حكومة إقليم كردستان العراق، إصدار طوابع تذكاريّة لزيارة البابا الإقليم، تحمل خارطة كردستان الكبرى، التي تجد تركيا أنّها تشمل محافظات تركيّة. وطالبت الخارجيّة التركيّة، حكومة إقليم كردستان العراق، بتصحيح ما وصفته بـ”الخطأ الجسيم” بأسرع وقت ممكن. والحال أنّ الاعتراض التركيّ على خارطة كردستان الكبرى ليس حدثاً طارئاً، فسبق أن اعترضت تركيا على وجود خارطة كردستان ضمن خرائط “غوغل”، واعترضت على تدريس اليابان اللغة الكرديّة في جامعاتها، وندّدت بوجود درس عن الكرد في المنهاج التعليمي الفرنسيّ، ولاحقت كلّ ما يتعلّق بالكرد حول العالم. تبنّى الكيان التركيّ الحديث، منهج الاستيلاء على كلّ ما يملكه الشعب الكرديّ، وتحويله إلى الشعب التركيّ. وفي مطلق الأحوال، الخوف التركي ليس من صورة لخارطة كردستان وضعت على طوابع في إقليم كردستان العراق، فالخرائط موجودة، والوثائق المتعلّقة بالكرد موجودة، والجزء الأكبر منها محفوظ في سجلّات الوثائق العثمانيّة في اسطنبول، وإنّما الخوف هو من وجود الكرد ومن بقاء القوميّة الكرديّة ومن الحفاظ على اللغة الكرديّة ومن إحياء الفولكلور والتراث الشعبي الكرديّ، ومن المرويات والحكايات الكرديّة القديمة، لأن بقاء هذه الثقافة، يعني أن القوميّة التركيّة الّتي بنيت من خلال سلب القوميّة الكرديّة ونهبها، تعيش خطر الزّوال، وإن كان هذا الخطر غير ممكن، لا في الوقت الحالي، ولا في المستقبل. حتّى الآن، على رغم مرور قرون من الزمن، لم يتخلّص مؤسّسو “الأمّة التركيّة” من فكرة أنّها دخيلة على ثقافة المنطقة وتاريخها، وجاءت إليها على شكل قبائل متناثرة من شرق آسيا، وسكنت الخيم في كردستان والأناضول، ومنحها القدر فرصة أن تتحوّل إلى أمّة حاكمة بعدما استولت على أراضٍ وثقافة وهوية وتاريخ الكرد والعرب والسريان الآشوريين وغيرهم. هذا الخوف، خوف عدم امتلاك اللغة والأرض والتاريخ، يقود تركيا، بشكل مستمر، إلى طمس كلّ ما يتعلّق بالكرد، ومنعه، واعتبار ثقافة الشّعوب وتاريخها، ملكاً لها. تبنّى الكيان التركيّ الحديث، منهج الاستيلاء على كلّ ما يملكه الشعب الكرديّ، وتحويله إلى الشعب التركيّ؛ فبعد سقوط الدولة العثمانيّة، لم تعد تركيا تسيطر سوى على كردستان، ولم يملك الشعب التّركي مقوّمات الأمة التي سعى إلى ترسيخها مصطفى كمال أتاتورك، وبالتالي، كانت الإجراءات الكماليّة القمعيّة والدكتاتوريّة تجاه الكرد، جزءاً من سياسة بناء الأمّة التركيّة. حتّى اليوم، تعيش تركيا على موت كردستان. تعيش الثقافة التركيّة على موت الثقافة الكرديّة، لا يمكن فصل هذين الأمرين عن بعضهما، لأن جزءاً من الكيان التركي الحديث مبني على كردستان. خلال ذلك، استولت تركيا على الأراضي الكرديّة، وحاربت اللغة الكرديّة ومنعتها، واعتبرت غالبيّة مفرداتها مفردات تركيّة، واعتبرت القضيّة الكرديّة مجرد نزاعات عشائرية، وسرقت الموسيقى الكرديّة والأغاني والثقافة واعتبرتها جزءاً من الهوية التركيّة، وعمِلت على صهر الكرد في “الأمة التركيّة”. وحتّى اليوم، تعيش تركيا على موت كردستان. تعيش الثقافة التركيّة على موت الثقافة الكرديّة، لا يمكن فصل هذين الأمرين عن بعضهما، لأن جزءاً من الكيان التركي الحديث مبني على كردستان، ولأن غالبيّة الثقافة التركيّة الحاليّة هي ثقافة كرديّة؛ من اللغة إلى الموسيقى والأغاني والفولكلور إلى الحِكَم والأمثال الشّعبيّة، وحتّى القصص والأساطير. من المنهجيات الّتي اتبعتها السلطات التركيّة في محاولاتها المستمرة لصهر الكرد، كان ترجمة الروايات والكتب الّتي تتحدّث عن الكرد وكردستان، وتحويلها أثناء الترجمة إلى الترك وتركيا، فالكرد ضمن مفهوم الأمّة التركية، أتراك نسوا هويتهم القومية في الجبال. خلاصة القول؛ لا يمكن أن توجد دولتان اسماهما كردستان وتركيا، فإمّا أن تكون هناك كردستان، وبالتالي تصبح تركيا كياناً بلا مقومات، أو أن تكون هناك تركيا، وبالتالي تعيش وتتأسّس من مقوّمات كردستان. لأنّ اللغة والثّقافة والفولكلور وكلّ ما يتعلّق بهويّة الأمّة هي ذات مصدر واحد، وتعلم تركيا هذا جيداً، لذلك محاربة صوت يغنّي بالكردية في جنوب أفريقيا، سيكون جزءاً من الأمن القوميّ التركيّ.
الحصاد draw: وليد فارس الأمين العام للمجموعة الأطلسية النيابية: independentarabia أعادت زيارة البابا فرنسيس للعراق عموماً، وإقليم كردستان خصوصاً، النقاش حول وضع الأكراد في إقليمهم وعلاقتهم مع سائر مكونات البلاد وتموضعهم الخارجي، خصوصاً مع الولايات المتحدة والتحالف العربي وإيران. والأهم من ذلك، إلى أين يتجه إقليم كردستان في السنوات الأربع المقبلة خلال عهد إدارة جو بايدن؟ السيرة التاريخية الحديثة للأكراد في المنطقة عموماً وفي العراق خصوصاً، هي صعبة ومعقدة ودراماتيكية، وتحتاج لكتب لتبيان حقائقها. ولكن أية خلاصة لها تبين أن هذا المجتمع قد تعرض لمآسٍ خلال العقود الماضية بما فيها القمع والتعرض لهجمات كيماوية في حلبجة عام 1988 على يد نظام صدام حسين وقتها. ولكن لنترك هذه المسيرة الصعبة للمؤرخين، ونركز على المرحلة الحديثة التي بدأت مع الدخول العسكري الأميركي إلى العراق حتى سيطرة الميليشيات المرتبطة بإيران على معظم تلك البلاد، لنفهم ما هو مستقبل العلاقات الكردية - الأميركية، المنتقلة من عهد دونالد ترمب إلى رئاسة بايدن. عهد بوش منذ عام 2003، تغيرت الأوضاع القومية لأكراد العراق بشكل جذري بعد انسحاب القوات البعثية من مناطق كردستان في شمال البلاد، إثر التدخل الأميركي، الذي كان بمثابة الفرصة الذهبية للأهالي الأكراد من دهوك إلى أربيل فالسليمانية، لإقامة منطقة لهم في إطار الدولة العراقية. إلا أن أمرين سابقين سمحا بذلك. الأول هو استمرار شكل من أشكال المقاومة الإثنية في الجبال الوعرة منذ ضم مناطقهم إلى دولتي سوريا والعراق الحديثتين مع سايكس بيكو، وبرزت هذه الحركة خصوصاً مع قيادة الملا مصطفى البرزاني في السبعينيات. والأمر الآخر هو إقامة منطقة حظر جوي أميركي - بريطاني عام 1991 لحوالى 12 سنة، ما ساعد "البيشمركة" على الاستمرار حتى زلزال 2003. عهد جورج بوش كان له وقع إيجابي على "المنطقة الكردية" في العراق، إذ دخلت عبر التفاوض، إلى قلب المعادلات الدستورية والسياسية العراقية، إلى جانب المكونات الشيعية والسنية والأقليات المسيحية والإيزيدية. فحصلت "المنطقة" على حقوق دستورية في إطار اتحادي، قريب من الفيدراليات العالمية، وإقامة "حكومة إقليمية"، والمشاركة في الحكومة الوطنية العراقية، والوصول إلى مركز رئاسة البلاد، ولو كان رمزياً. إبان تلك المرحلة "الذهبية" بين 2003 و2011، توصف العلاقات الكردية - الأميركية بأنها "الأكثر غزارة"، إذ حصلت حكومة كردستان العراق على أفضل ما يمكن الحصول عليه عملياً، وانتشرت صورة إيجابية لدى الرأي العام الأميركي عن "الحلفاء الأكراد". أوباما خلال سنوات رئاسة باراك أوباما، حافظت حكومة كردستان الإقليمية على حقوقها المنصوص عليها وعلى مساحتها، على الرغم من انسحاب القوات الأميركية من العراق نهاية 2011، وحافظت على مشاركتها في السلطة المركزية على الرغم من تعاظم النفوذ الإيراني منذ 2012، إلا أن تطوّرين خلطا الأوراق ووضعا أربيل في وضع حرج. الأول كان بانتشار الميليشيات المؤيدة لإيران في المناطق الشيعية، ودخولها إلى المناطق السنية، ووصولها إلى تخوم كردستان. ولو لم تكن البيشمركة موجودة، لاخترقت الميليشيات الإقليم. مع إن القوى الحليفة لإيران لم تدخل مناطق الأكراد مباشرة، إلا أنها افتعلت أحداثاً داخل كردستان، وصولاً إلى محاولات شق الصفوف داخل مختلف أنحاء الإقليم، ما هدد الوحدة الداخلية لسنوات. الأزمة الأخطر أتت مع "داعش" الذي اجتاح معظم مناطق السنة، ووصل إلى تخوم المناطق الشيعية، وابتلع البلدات والقرى المسيحية والإيزيدية، وصولاً إلى جبل سنجار. حُوصرت كردستان وباتت أربيل على مرمى مدفعية "داعش"، وهرع مئات آلاف النازحين من الموصل وسهل نينوى وسنجار. ووقفت البيشمركة على الجبهات، وارفعت الخسائر. وبعد تأخر ملحوظ، تدخلت إدارة أوباما وأمرت الطيران بالتدخل لوقف زحف "الدواعش". وما بين صيف 2014 وبداية 2017، شاركت القوات الكردية مع القوات العراقية، المدعومة من التحالف الأميركي في حرب استرجاع الأرض من الإرهابيين. حصلت حكومة الإقليم على دعم واشنطن وعلى امتنان بغداد. لكن إدارة أوباما غضت النظر عن "عودة" ميليشيات إيران تحت اسم "الحشد الشعبي"، إرضاءً للوبي الذي هندس الاتفاق النووي. كذلك صعّدت حكومة المالكي الحليفة لإيران ضد كردستان مالياً، فقطعت بعض الإمدادات وخففت السيولة عن أربيل. ما دفع بقيادة الإقليم للبدء في آلية "تقرير المصير" والاستفتاء. ترمب المرشح ترمب كان الأكثر حماسة "لتسليح الأكراد" بوجه الإرهابيين، واعتبارهم شركاء في المنطقة خلال الحملة. وبالفعل تم دعم الإقليم من قبل البنتاغون وتعزيز وجود العسكر الأميركي في جوار أربيل. وفي مرحلة إنهاء القاعدة الجغرافية لـ"داعش" بين 2017 إلى 2019، توسّع نطاق عمليات البيشمركة في شمال العراق تحت قيادة التحالف الدولي، في سباق مع تقدم "الحشد" في مناطق أخرى. ونظمت حكومة الإقليم بقيادة مسعود البرزاني استفتاءً شعبياً في سبتمبر (أيلول) 2017، نتيجته كانت لصالح الانفصال، وكان التوقع أن إدارة ترمب التي حالفت الأكراد ضد "داعش"، ستدعم هذا الاتجاه. إلا أن عاملين رئيسين عطّلا دعم البيت الأبيض للاستقلال التام لكردستان العراق. الأول كان الأزمة الداخلية في واشنطن جرّاء "تحقيق مولر" الذي شلّ السياسة الخارجية لترمب إلى حد ما. والثاني كان ضغط اللوبيين الإيراني والإخواني لمنع إقامة كيان كهذا يقف بوجه مشاريعهما في المنطقة. أزمة كركوك على أثر استفتاء سبتمبر، حاصرت حكومة حيدر العبادي القريبة من طهران كل حدود إقليم كردستان، وأرسلت قواتها لانتزاع مدينة كركوك من أيدي البيشمركة. وسيطرت ميليشيات "الحشد" على المدينة بعد انسحاب القوات الكردية منها، بعد أن تخلت إدارة ترمب عن مساندة أربيل في مشروعها الاستقلالي. هل كان ذلك خطأً في حسابات فريق البرزاني أم إرباكاً داخل فريق ترمب؟ المؤرخون سيحكمون. ولكن أزمة كركوك كشفت نوايا كل الأطراف، بما فيها واشنطن. النظام الإيراني يهدف إلى السيطرة على كردستان العراق وانتزاعها من المحور الأميركي. إدارة أوباما كان همها الاتفاق النووي وكان دعمها للإقليم في حده الأدنى، بينما إدارة ترمب وصل دعمها إلى الحد الأقصى، ما دون الوصول إلى الوقوف إلى جانب الانفصال. وحكومة رجب طيب أردوغان لا ترى خيراً في أي كيان كردي في المنطقة، بينما إسرائيل يهمها ابتعاد المحور الإيراني عن حدودها. بايدن المعروف عن الرئيس بايدن عندما كان عضواً في مجلس الشيوخ خلال الاحتلال الأميركي أنه أيّد فكرة إقامة ثلاث دول في العراق: شيعية وسنية وكردية. طبعاً الفكرة لم تلقَ تأييداً في واشنطن، بسبب تمسك المؤسسات السياسية بالحدود الدولية القائمة في المنطقة. إلا أن فكر بايدن "القديم"، أي إبان خدمته كسيناتور، كان مؤيداً لمشروع كيان كردي، ولكن من ضمن دولة العراق. وعطفُ بايدن القديم على الأكراد عامة كان تجاه ما اعتبره أزمة تاريخية مع تركيا، وليس إيران. وهذا صحيح أيضاً بالنسبة لأكراد سوريا. إلا أن فكر بايدن "القديم" يصطدم بأجندة إدارته الجديدة، المستوحاة من مشاركته في إدارة أوباما. فهذه الأخيرة وضعت الاتفاق النووي فوق كل اعتبار، إلى حد أنها تخلت عملياً عن الدول العربية ومعارضات المنطقة وحتى إسرائيل. وفي 2021، عادت سياسة أوباما إلى البيت الأبيض وسيّده الجديد. لذا فأي استشراف لما ينتظر حلفاء أميركا الكبار، السعودية ومصر وإسرائيل، قد يخلص إلى أن علاقات إدارة بايدن مع هذه القوى الإقليمية ستستمر طبيعياً على الصعيد الثنائي، ولكن الأولويات ستتغير على الصعيد الإقليمي. وإذا كان هذا هو الوضع على صعيد "كبار" المنطقة، فكيف بالحري على صعيد القوى الأصغر؟ من المنتظر أن تستمر إدارة بايدن بالدعم التقليدي لإقليم كردستان، ولكن عبر حكومة بغداد. بالتالي ليس متوقعاً أن تزداد العلاقة العسكرية بمواجهة "داعش" لترتقي إلى مستوى علاقات استراتيجية مباشرة. والأهم أنه طالما هنالك تقدم باتجاه الاتفاق النووي، فلن تدعم واشنطن مشروعاً كردياً باتجاه الاستقلال التام، بل تدعم النظام الاتحادي المنصوص عنه في الدستور العراقي. الحاضر والمستقبل مما هو واضح أن كردستان العراق قد قطع مسافة طويلة بين مرحلة الملا مصطفى وقواته المتمترسة في أعالي الجبال، وابنه الذي كان يرأس كياناً ذا حكومة محلية معترف بها داخل العراق وتتمتع بعلاقات واسعة عالمياً. هذا تقدم كبير. إقليم ممثل في رئاسة الدولة وفي حقيبة وزارة خارجيتها لسنوات. كردستان بات واقعاً لا خلاف على وجوده في العراق. المسألة لم تعد وجوداً، بل حدوداً. بمعنى آخر إلى أي حد ستتطور العلاقات الدولية لهذا الإقليم؟ رياح متضاربة تعصف بالمنطقة، ولكن هنالك أملاً كبيراً بأن تطور كردستان العراق بعلاقاتها في كل الاتجاهات لمصلحة نموها وتفاعلها مع الجوار. وهذه أهم المحاور. علاقات أربيل ببغداد أساسية، وهي لا بأس بها على صعيد الحكومة الحالية. على الصعيد الشعبي، العلاقات المجتمعية بين مجتمع كردستان والمجتمع المدني العراقي في المناطق الشيعية، قد تطور إيجاباً، لا سيما منذ احتجاجات خريف 2019. فالطرفان، الأكراد والشيعة المعتدلان يواجهان الميليشيات "الإيرانية" معاً. من ناحية أخرى ينبغي على القيادة الكردية أن تهتم بالعلاقات مع الأقليات المسيحية والإيزيدية التي تعيش في المناطق نفسها وإلى جانبها. والمعلوم أن كردستان العراق استقبلت مئات الآلاف من اللاجئين وأوتهم على أراضيها. وكثير منهم يثمنون هذه المساعدة. إلا أن هنالك أطرافاً داخل هذه الطوائف تنتقد حكومة الإقليم بسبب أحداث سابقة بين الطرفين. بالتالي فإن حواراً عميقاً بين كل تلك الأقليات في شمال العراق يستحق التركيز. أما التواصل مع المكوّن العربي السني، فهو أكثر من أساسي بالنسبة لأكراد العراق، وهو حاصل أساساً منذ سنوات، وله مساحة جغرافية وسياسية واسعة تمتد من الموصل إلى الأنبار إلى العمق السني في الوسط، حيث الشراكة متينة مع السنة المقاومين لـ"داعش"، والمعارضين لإيران. أما إقليمياً، وبمواجهة التهديد الإيراني شرقاً، والضغط الآتي من حكومة أردوغان شمالاً، فالمتنفس الطبيعي الأهم هو جنوباً عبر الانفتاح على التحالف العربي بقيادة السعودية، عبر حوارعربي - كردي يعزز التعايش داخل العراق ويمتّن التحالف ضد الإرهاب. وأخيراً وليس آخراً، فاهتمام الإقليم ولو شعبياً "بمعاهدة إبراهام" يأتي طبيعياً، إذ إن الأكراد من مشجعي السلام في المنطقة، وسيكونون في الصف الأمامي عندما ينضم العراق إلى منظومة السلام. في الخلاصة، وبغض النظر عن الفوارق في السياسات الأميركية، فإن علاقات إقليم كردستان العراق مع الأقليات المحيطة بها والمكونين السني والشيعي داخل العراق، والحكومة المركزية، والتحالف العربي، وكتلة إبراهام، هي المفاتيح الأساسية للترابط مع العمق القومي الأميركي، بالتالي حماية حرية هذا الشعب من المخاطر المحيطة، وجعل الإقليم عضواً في حلف الأمن والاستقرار والسلام في الشرق الأوسط.
تقرير : الحصاد ترجمة : ك.ق اعلنت وزارة التعليم العالي قبل سبعة اشهر ستة مناصب داخل جامعة السليمانية يتم شغلها عن طريق تقديم السيرة الذاتية، لكن تلك المناصب لم تملأ بسبب تدخلات اليكيتي(الإتحاد الوطني الكوردستاني)، والآن اعلنت الوزارة من جديد ستة مناصب اخرى في الجامعات الواقعة ضمن حدود سلطة البارتي(الحزب الديمقراطي الكوردستاني)، ماذا يدور في جامعات إقليم كوردستان؟ كيف يتم التحايل على القانون؟ اللجان العلمية هي التي تحسم ملأ المناصب أم اللجان الحزبية هي التي تمنح المناصب؟ تفاصيل أكثر وأدق في هذا التقرير. ملأ المناصب أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي منصب رئيس الجامعة لـ(6) جامعات مع منصب رئيس المجلس الأعلى للاختصاصات الطبية، وزعمت الوزارة أنها تريد ملأ هذه المناصب وفقاً للشروط القانونية وعن طريق إرسال السِيَر الذاتية(CV)، والمناصب هي : 1- رئيس جامعة صلاح الدين - اربيل 2- رئيس جامعة سوران 3- رئيس جامعة اربيل الطبية 4- رئيس جامعة دهوك 5- رئيس جامعة دهوك التقنية 6- رئيس جامعة زاخو 7- رئيس المجلس الأعلى للاختصاصات الطبية في كوردستان الشروط المحددة لمنصب رئيس الجامعة : 1- حاملاً لشهادة الدكتوراه. 2- لا يقل لقبه العلمي عن بروفيسور مساعد. 3- لا يقل خدمته الجامعية عن (10) سنوات. هذه المناصب التي اعلنتها الوزارة ليتم شغلها، بعضها شاغرة وبعضها الآخر يحالون على التقاعد وكلها تقع في حدود "المنطقة الصفراء" و ليس فيها منصب رئيس أية جامعة في "المنطقة الخضراء"، كما ان البعض من رؤساء الجامعات الواقعة ضمن منطقة سلطة الاتحاد الوطني قد اكملوا مدتهم القانونية التي هي (4) سنوات. المناصب الغير محسومة بعد! وفقاً لاستفتاءات (الحصاد)، ان وزارة التعليم العالي تعلن هذه المناصب شكلياً وتملأ السِيَر الذاتية، وبخلافه فإن هذه المناصب يتم ملئها من قِبَل الأحزاب و لهم الكلمة الاخيرة في ذلك، مثال على ذلك ان جميع رؤساء الجامعات ضمن "المنطقة الصفراء" ينتمون للحزب الديمقراطي، ونظرائهم ضمن "المنطقة الخضراء" هم منتمون للاتحاد الوطني. أعلنت وزارة التعليم العالي بتأريخ 10 آب من العام الماضي ملأ (6) مناصب في جامعة السليمانية، لكن لحد الآن لم يتم شغل هذه المناصب، وهي : 1- عميد كلية الطب 2- عميد كلية الطب البيطري 3- عميد كلية اللغات 4- عميد كلية العلوم الهندسية الزراعية 5- عميد كلية التجارة 6- عميد كلية الفنون الجميلة بحسب متابعات (الحصاد)، بسبب تداخلات الكتل المختلفة داخل الحزب، لم تستطع وزارة التعليم العالي وجامعة السليمانية من شغل تلك المناصب، لأن الذين هم اصحاب الحظوظ لتسلم هذه المناصب يجب ان يزكوا من قبل الحزب و يمنحوا الضوء الاخضر للمباشرة بالعمل في تلك المناصب من قبل المسؤولين الحزبيين. اللجنة العلمية واللجنة الحزبية توجد لجنة حزبية وراء اللجنة العلمية وهي التي تُقَيم المرشحين وتملك الإرادة الحقيقية لاختيار اي مرشح تراها مناسباً للمنصب، ومن جهة اخرى للمؤسسات الحزبية التابعة للحزبين تداخلات وتأثيرات مباشرة داخل الجامعات والمعاهد فيما يخص إختيار المرشحين وحسم المناصب وهم اشبه بالطيف الموجود وراء السلطات الموجودة داخل الجامعات. بعض مناصب رؤساء الجامعات وعمداء الكليات تشكل مشكلة داخل الحزب والبعض الآخر يتم ابعاد سيرته الذاتية من المركز الاول ويُؤتى بالسيرة التي تعقبه، هذه اللعبة تُمارَس من قِبَل الكتل المتنفذة داخل الحزب. البعض من رؤساء الجامعات وعمداء الكليات ورؤساء الأقسام مضى على بقائهم في مناصبهم اكثر من (6) سنوات، لأنهم في البداية يبقون في هذه المناصب لمدة سنوات بالوكالة وبعدها يشغلون هذه المناصب بصورة رسمية، من الامثلة على هذه الحالات رئيس جامعة السليمانية، رئيس جامعة السليمانية التقنية، ورئيس جامعة سوران. التحايل على القانون يتم التحايل على القانون في الجامعات حالياً بحيلة كبيرة على قانون وزارة التعليم العالي والبحث العلمي رقم (10) لسنة 2008، وقد حدد هذا القانون مدة رئيس الجامعة وعمداء الكليات بـ(4) سنوات ويجب ان يكون لقبهم العلمي بروفيسور مساعد. قسم من رؤساء الجامعات وعمداء الكليات القابهم العلمية مستثناة من القانون ولا تصل ألقابهم الى بروفيسور مساعد والبعض منهم يشغلون المناصب لمدة زمنية بصفة الوكالة حتى يصلون الى القابهم العلمية اللائقة بالمنصب قانوناً، وبعد ذلك تصبح مناصبهم رسمية، حينها يبقون مدة اطول في مناصبهم تلك. قسم من أولئك الرؤساء للجامعات وعمداء الكليات لا يملكون اللقب العلمي اللائق بالمنصب اي لم يصلوا ال لقب (بروفيسور مساعد)، وقد وضعوا في تلك المناصب بحجة عدم توفر الاختصاصات، في حين كوردستان مليئة بأشخاص من حملة نفس الالقاب العلمية من المتعينين وغير المتعينين، لكنهم وضعوا في تلك المناصب بسبب المحسوبية ودعم الحزب. تدخل الحزب في شؤون الجامعات وصلت إلى مستوى، يضعون مشرفين على بعض من تلك الأقسام والعمادات، لان الحزب لا يرغب ان تقع تلك المناصب في ايدي أشخاص غير حزبيين او غير تابعين لكتلة معينة داخل الحزب، لحين ايجاد شخص حزبي او شخص من كتلتهم وحينها يقومون بوضعهم في تلك المناصب. التكتلات والنزعات المناطقية تلعبان دوراً مهماً في تحديد رؤساء الجامعات وعمداء الكليات ورؤساء الاقسام، ام تواجدت المناطقية في المجالات الاخرى فإن تواجدها في الجامعات والمعاهد منبوذ ومحرم، لأن هذه المناصب مرتبطة بالعلم والقدرة العلمية، ليس في القوانين النافذة فقرة تشير الى المناطقية في ملأ المناصب. المنتهية مدتهم وفقاً للفقرة الأولى من المادة (18) من قانون رقم (10) لسنة 2008 يجب الا تقل اللقب العلمي لرئيس القسم او عميد الكلية من لقب بروفيسور مساعد، لكن معظم رؤساء الأقسام وعمداء الكليات هم مستثنون من هذا الشرط العلمي وأغلب رؤساء الجامعات إنتهت مدتهم القانونية للبقاء في مناصبهم والتي حددها القانون بـ(4) سنوات. وفقاً للفقرة الثانية من المادة (18) من قانون رقم (10) لسنة 2008 يشترط لتكملة قسم علمي عدد من اعضاء الهيئة التدريسية لا تزيد على (14) ولا تقل عن (8) استاذاً ومن حملة شهادة الدكتوراه او من الذين وصلوا الى لقب بروفيسور مساعد ولديهم مدة (5) سنوات من الخدمة الجامعية، لكن أفتتحت العديد من الاقسام ليست لديهم لا بروفيسور مساعد ولا حملة شهادات الدكتوراه وليست لديهم ايضاً هيئة أكاديمية محددة. بحسب تقرير من (معهد بَي للتربية والتنمية) والتي اعتمدت على (المرشد الدراسي لسنة 2018) : * من مجموع (624) قسماً في جامعات إقليم كوردستان، تم وضع (407) من رؤساء هذه الاقسام بشكل غير قانوني وخارج القانون ما يبلغ نسبة (65%) من مجموع رؤساء الأقسام في كافة جامعات إقليم كوردستان. * من مجموع (107) قسم وفرع علمي في جامعة السليمانية، فإن (43) رئيس قسم او فرع تم تنصيبه خارج القانون وبشكل غير قانوني ما يبلغ نسبة (40%) منهم يحملون لقب استاذ او استاذ مساعد، في حين وفقاً للقانون ينبغي ان يكونوا من حملة لقب بروفيسور مساعد فما فوق. * من مجموع (33) قسماً في جامعة كرميان تم تنصيب (26) رئيس قسم بشكل غير قانوني ما يبلغ نسبة (79%). * من مجموع (28) قسماً في جامعة رابَرين تم تنصب (23) رئيس قسم بشكلٍ غير قانوني ما يبلغ نسبة (82%). * من مجموع (13) قسماً في جامعة حلبجة جميعهم نصبوا بشكلٍ غير قانوني أي بنسبة (100). * من مجموع (77) قسماً في جامعة السليمانية التقنية، تم تنصيب (51) من رؤساء الأقسام بشكل غير قانوني وخارج عن القانون المختص مايبلغ نسبة (66%). * من مجموع (48) قسماً في جامعة دهوك التقنية تم تنصيب (46) من رؤساء الأقسام بشكلٍ غير قانوني ما يبلغ نسبة (96%). * من مجموع (72) قسماً في جامعة اربيل التقنية تم تنصيب (62) من رؤساء الأقسام بشكلٍ غير قانوني ما يبلغ نسبة (86%). * من مجموع (78) قسماً في جامعة صلاح الدين تم تنصيب (41) من رؤساء الأقسام بشكلٍ غير قانوني ما يبلغ نسبة (52.7%). * من مجموع (27) قسماً في جامعة كوية تم تنصيب (11) من رؤساء الأقسام بشكلٍ غير قانوني ما يبلغ نسبة (40%). * من مجموع (12) قسماً في جَرمو تم تنصيب (11) من رؤساء الأقسام بشكلٍ غير قانوني ما يبلغ نسبة (91.6%). * من مجموع (80) قسماً في جامعة دهوك تم تنصيب (50) من رؤساء الأقسام بشكلٍ غير قانوني ما يبلغ نسبة (62.5%). * من مجموع (26) قسماً في جامعة زاخو تم تنصيب (10) من رؤساء الأقسام بشكلٍ غير قانوني ما يبلغ نسبة (38.4%). * من مجموع (23) قسماً في جامعة سوران تم تنصيب (20) من رؤساء الأقسام بشكلٍ غير قانوني ما يبلغ نسبة (87%). هذه الإحصائيات تعود لعام (2018) و من المحتمل حصول تغييرات فيها. الجامعات والمعاهد توجد في اقليم كوردستان (16) جامعة حكومية و(19) جامعة أهلية و(14) معهداً، كالآتي : أولاً / الجامعات الحكومية توجد في اقليم كوردستان حتى الآن (16) جامعة حكومية متوزعة على مدن الإقليم، كما توجد هيئتان ومجلس حكومي، تمارس اعمالها وفقاً لاختصاصاتها : قائمة بأسماء الجامعات والمؤسسات الحكومية لإقليم كوردستان ثانياً / الجامعات الأهلية على ضوء قانون الجامعات الأهلية المصادق عليه من قبل برلمان كوردستان، توجد حتى الآن (19) جامعة أهلية وفروع جامعية في مدن كوردستان، وهي : قائمة بأسماء الجامعات الأهلية في اقليم كوردستان: ثالثاً / المعاهد الأهلية بالاستفادة من قانون الجامعات الاهلية وفي ضوء تعليمات فتح المعاهد الأهلية، فتحت حتى اللحظة (14) معهداً اهلياً ابوابها في المدن والقصبات المختلفة في اقليم كوردستان وبإختصاصات مختلفة وفقاً لاقتضاء أسواق العمل، وهي : قائمة بأسماء المعاهد الاهلية في اقليم كوردستان:
الحصاد draw: حامد عبد الحسين الجبوري - مركز الفرات يلعب الاستبداد السياسي دوراً كبيراً في تحطيم الاقتصاد وتراجعه كونه يحرم الاقتصاد من اكتشاف الموارد وعدم استثمارها وتقويمها وفق المنطق الاقتصادي السليم. حيث يؤدي الاستبداد إلى حصر جميع الموارد بيده ولا يسمح لأحد باستثمارها وتقويمها فضلاً عن اكتشافها، فيحرم الاقتصاد منها بل ويتم هدرها بفعل تقويمها بعيداً عن التقويم الاقتصادي الدقيق لها. يلجأ الاستبداد السياسي دائماً لتبني النظام الاقتصادي القائم على الدولة بعيداً عن النظام القائم على القطاع الخاص، لان الاستبداد السياسي والاقتصاد القائم على الدولة يسيران بشكل طردي في حين يسير الاستبداد السياسي والاقتصاد القائم على القطاع الخاص بشكل عكسي. لان الأول يجعل الاقتصاد بيد الدولة وهذا ما يخلق مجالاً واسعاً أمام الاستبداد للتدخل والسيطرة على الموارد وتوجيه الاقتصاد وفقاً لما يراه هو لا وفقاً لما يراه أصحاب الخبرة والاختصاص، في حين لم يكن الأمر كذلك بالنسبة للثاني أي إن القطاع الخاص يرفض التحكم به وتوجيهه وفقاً لتوجهات الاستبداد السياسي. ما يخلق مجالاً واسعاً أمام الاستبداد للتدخل والسيطرة وتوجيه الاقتصاد هو الملكية العامة للموارد والتخطيط المركزي، بمعنى إن الدولة تمتلك الموارد ووسائل الإنتاج ويقوم التخطيط المركزي برسم السياسة الاقتصادية للبلد في إطار ما يتطلع إليه القابع على سدة الحكم، فتصبح حياة الاقتصاد وموته بيد السيد الرئيس! والعكس صحيح، أي إن ما يضيّق المجال أمام الاستبداد ويحجّم من تدخله ويحرمه من السيطرة وتوجيه الاقتصاد هو الملكية الخاصة والحرية الاقتصادية والربح، حيث يسعى القطاع الخاص لزيادة ملكيته الخاصة وزيادة أرباحه وكلهما لا يتحققان في ظل غياب الحرية الاقتصادية التي يخطفها الاستبداد من الوجود فيعمل القطاع الخاص للحد من الاستبداد وإيجاد الحرية الاقتصادية وزيادة ملكيته وأرباحه. وإذا ما أجرينا مسحاً عاماً للدول التي تتبنى الاستبداد السياسي وتدخل الدولة وتوجيهها للاقتصاد سنجد إن أغلب اقتصادات هذه الدول هي اقتصادات إمّا مُحطمة كاقتصادات الاتحاد السوفيتي وغيرها أو في طريقها للتحطُّم كالاقتصاد التركي والإيراني والسوري ورها. والعكس صحيح أي سنجد إن أغلب الدول التي تبتعد عن الاستبداد السياسي وتتبنى الديمقراطية السياسية وحياد الدولة وقيام القطاع الخاص بدور كبير في الاقتصاد سنجد إن اغلب اقتصادات هذه الدول هي اقتصادات متقدمة كالاقتصاد الأمريكي والألماني أو في طريقها للتقدم كاقتصادات جنوب شرق آسيا. العراق والاستبداد والاقتصاد أدى الاستبداد السياسي في العراق إلى توجيه الاقتصاد وفقاً لرغباته بعيداً عن مصلحة الاقتصاد والمجتمع فكانت النتيجة هي التراجع والتدهور وحتى التحطّم. إذ إن تعنت الاستبداد ورفضه للرأي والمناقشة والمشورة سياسياً واقتصادياً أدى لحرمان السياسة والاقتصاد في العراق من الأفكار السياسية والاقتصادية التي تسهم بلا شك في تحقيق مصلحة العراق. الأكثر ضرراً في الاستبداد آثاره، لأن استمرار الاستبداد لمدة طويلة يعني ولادة شعب جاهل التفكير وفوضوي السلوك لا يستطيع أن يحدد خارطة طريق لحياته بشكل سليم، بحيث لا يستطيع أن يُجمع رأيه على القرارات التي تصب في مصلحة شؤونه لاسيما السياسية والاقتصادية منها. فيظل يعاني التخبط والفوضوية وغياب الاستقرار ولا يستطيع النهوض بمستوى حياته بمستوى حياة الدول المتقدمة وهذا ما ينطبق على العراق تماماً، حيث دخل العراق بعد السقوط في صراع طائفي وإرهاب وأزمات متلاحقة وفوضى سياسية واقتصادية مستدامة انعكست سلباً على الواقع العراقي. يمكن القول، إن لجوء العراق في خمسينيات القرن الماضي لتبني نظام التخطيط هي الخطوة الأولى نحو الاستبداد اللاحق سياسياً واقتصادياً، لانه كما ذكرنا قبل قليل، إن الذي يفسح المجال واسعاً أمام الاستبداد للتدخل والسيطرة وتوجيه الاقتصاد هو الملكية العامة للموارد والتخطيط المركزي. إن امتلاك الدولة للموارد وقيامها برسم الخطة الاقتصادية اللازمة لتوظيف تلك الموارد وكذلك قيامها بتنفيذ تلك الخطة عبر وزاراتها المركزية وقطاعها العام أدى ذلك لاتساع دور الدولة في الاقتصاد شيئاً فشيئاً حتى استحكمت عليه بشكل كامل وما عزز قبضة الدولة على الاقتصاد هو دخول النفط على الخط في سبعينيات القرن الماضي. ونظراً لهيمنة الدولة على الاقتصاد بشكل كامل عن طريق الملكية العامة والتخطيط المركزي من جانب وهيمنة القائد على الحزب والأخير على الدولة ومؤسساتها بشكل كامل من جانب ثانٍ فإن الاقتصاد أصبح يخضع لقائد الحزب بشكل كامل ويتجه حيث ما يشاء وهذا ما حصل على أرض الواقع بالفعل. الاقتصاد العراقي ونفق الحروب بعد سنة من تولي صدام حسين إدارة البلاد أدخلها في نفق الحروب حيث ابتدأ بحرب الخليج الأولى التي دامت لثمان سنوات أنهك فيها العراق مادياً ومعنوياً مالياً وبشرياً، وبمجرد انتهاء الحرب أقحمه في غزو الكويت وجاءت التبعات الوخيمة المتمثلة في حرب الخليج الثانية وما تلاها من حصار اقتصادي حتى إسقاط النظام والدولة عام 2003 بشكل قسري من قبل الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تزال تبعاتها سارية المفعول حتى الوقت الحاضر وستستمر حتى المستقبل. وتجب الإشارة إلى إن الولايات المتحدة الأمريكية تتحمل جزء من المسؤولية كونها لم تسقط النظام وحسب بل أسقطت الدولة برمتها بكل مؤسساتها، وإلا لو كانت تريد أن تسقط النظام دون الدولة فإنها لم تستهدف مؤسسات الأمن الداخلي والجيش الوطني والمصانع والبنى التحتية التي تخدم الشعب. لكن يبقى الجزء الأكبر من المسؤولية هو مسؤولية الإدارة الداخلية-الاستبداد-الذي دفع لتدخل الولايات المتحدة لإسقاط النظام والدولة بشكل كامل. إن إدخال العراق في نفق الحروب-لا لشيء إلا استجابةً لرغباته الذاتية بحجة القومية-يعني توجيه الاقتصاد نحو ما عُرف باقتصاد الحرب، لان الحرب تتطلب المزيد من التمويل لغرض إدامة الحرب، وإن إدامة الحرب وتسخير الموارد لإدامتها يعني استمرار هدر الموارد واستنزافها دون توظيفها بما يخدم الاقتصاد والشعب أخيراً. وإن التوجه نحو اقتصاد الحرب يعني تحطم الاقتصاد العراق من حيث ما هو قائم من موجودات ثابتة واستنزاف ما هو موجود في باطن الأرض من موارد معدنية ونفاد ما موجود من أموال سائلة في البنوك فضلاً عن زيادة المديونية. تخيّل لو كانت الإدارة في العراق لم تتسم بالاستبداد وتتحلى بالمشورة والمناقشة وتقبل النقد البنّاء وتبتعد عن تلبية الطموحات والرغبات الذاتية وتعمل وفقاً لمصلحة الاقتصاد السلمي والشعب. هل سيكون واقع الاقتصاد العراقي كما هو عليه الآن، من اقتصاد منهك يعاني الأحادية والتبعية والتذبذب والبطالة والفقر؟! بالتأكيد، سيكون الاقتصاد العراقي خالٍ من تلك المشاكل وسيكون من بين طلائع الاقتصاد المتقدمة لان العراق لديه القابلية على الطفرة وذلك لما يملكه من موارد طبيعية وبشرية هائلة تؤهله ليكون في ذلك الموقع إذا ما توفرت الإدارة السليمة بعيداً عن الاستبداد.
الحصاد draw: قراءات مستقبلية – مركز الدراسات المستقبلية أولا: حول المسائل العامة للعراق: الملف الايراني الاميركي واحد من المتغيرات المؤثرة في السياسة الاميركية في عهد بايدن، فطبيعة التعامل الامريكي مع ايران ايجابا او سلبا سوف تؤثرفي سياسة امريكا ازاء العراق والمنطقة بشكل مباشر، فبالرجوع إلى تجربة بايدن (باستثناء المرحلة التي كان فيها سيناتورا ) اذ تم اللجوء الى سياسة التوازن ( نەشیش بسوتێ و نە کەباب )مع ايران منذ عام 2009، حين كان بايدن نائبا لاوباما ومسئولا عن الملف العراقي، وقد ادرك وقتها ان امريكا والحلفاء ليسوا المشاركين الوحيدين في ادارة العراق والمعادلات المعقدة فيها، إذ ثم شريك مفروض وهو ايران، وغريم منافس له وهو قاسم سليماني الذي تم توكيل ادارة ملف العراق اليه من قبل حكومته. ومنذ ذلك الوقت اخذ الجانبين بنوع من طرق الدبلوماسية السرية والواقعية، في ادارة الملفات العراقية عموديا وافقيا بدءا من تقسيم السلطات وحتى صعود الطائفية إلى الحكم، واستمرت هذه المنهجية المشتركة بين بايدن والسليماني الى حين مجئ ترامب الى البيت الابيض. ثمة تغيرات طرأت على العالم والعراق كما ان مرحلة ما بعد كورونا ستكون مختلفة عن سابقتها و تغيرت معها سياسة امريكا ايضا، اذ لن تتكرر سياسة السنوات الاربع السابقة. ان واشنطن وطهران لم ترغيا باللجوء الى المواجهة العسكرية المباشرة حتى في عهد ترامب وقاسم سليماني، ما يدل على ان العراق لا تزال تشكل الباحة الخلفية لكل من طهران و واشنطن، وان اي تقارب او تباعد بينهما سوف يؤثر في امن وسبادة وتطور العراق بجميع مكوناتها، كما ان الطرفين يلوحان بالاستمرار على استخدام ورقة العراق الناعمة والصلبة ضد بعضهما البعض. بايدن وعناصر ادارته المختصة بملفات العراق على دراية بقضايا العراق، الا ان سياسة بايدن الراهنة ازاء العراق غير واضحة، كما لم يشر خلال حملته الانتخابية بشكل صريح وعام الى سياسته تجاه العراق، ويبدو انه يدرك جيدا ان صياغة اية سياسة تجاه العراق قبل صياغة سياسته تجاه ايران ستبدو غير واقعية وغير عملية أيضا. ستؤثر ثلاثة عوامل جديدة-قديمة في تعامل ادارة بايدن مع العراق: 1- قضية الميليشيات القديمة-الجديدة التابعة لايران في العراق، فمنذ عهد اوباما بعد عام 2014 شكلت اعادة تنظيم الميليشيات “الايرانية” العراقية بذريعة التصدي لداعش عقبة لأدارة اوباما وفريقه. فان ايران وميليشياتها استطاعت عبر سياسة المد والجزر امام امريكا في منح ايران فرص اقتصادية وسياسية، عبر اعادة اميركا الى مسار التفاوض لإبرام اتفاقية 5+1. ثم ظهرت حديثا ميليشيات الحشد الولائي واتباعها كما ولدت ميليشيات جديدة من رحم هؤلاء (اصحاب الكهف، سرايا عشرين، اولياء الدم، ربع الله…الخ)، وتؤدي الأخيرة مهام الحشد الولائي في ضرب مصالح امريكا في المنطقة، وهي ايضا اداة تكتيكية لخليفة قاسم سليماني (قانافي) الذي يعرض عضلات ايران امام اميركا. لذلك لاتقتصر مهام بايدن على تقويض قدرة الحشد الولائي وارضاء مكونات العراق فحسب وانما التعامل مع الجيل الثاني من الحشد الولائي الجديد. 2- قضية اتفاقية (5+1): واحدة من القضايا التي ستؤثر بشكل مباشر على سياسة البيت الابيض الاقليمية وفي العراق ايضا، في مسألة العودة او عدم العودة الى اتفاقية عام 2015 (5+1) المتعلقة بالبرنامج النووي الايراني. ففي حالة التقارب والتفاوض بشأن العودة للإلتزام بالاتفاقية سترفع العقوبات عن ايران مما ينعكس ايجابا على العراق، كما تقلل من ضغوطات ايران على بغداد واربيل في مسائل تبيض الاموال والمشاكل المصرفية والعملة والنفط وشراء الاحتياجات العسكرية والصناعية. أما في حالة عدم العودة الى الاتفاقية 5+1، وهي احتمالية واردة جدا (أو في الاقل عند تعديل الاتفاقية بالضرورة)، ستبدء ايران ضغوطاتها على امريكا من اراضي العراق والتي تعد ارضية مناسبة للتقليل من اثار العقوبات على ايران، كما ستعرض عضلاتها في العراق باللجوء الى اظهار قوتها الناعمة والصلبة في العراق وخلق المشاكل لإدارة بيت الابيض الجديدة. يبدو ان المشاكل الفنية والسياسية لاتفاقية (5+1) قد ظهرت منذ المرحلة الاخيرة لولاية اوباما، إذ انتقد الاصوليون داخل ايران الاتفاقية من جهه، فيما رأى الامريكيون من جهتهم ان الاتفاقية تفتقر الى العديد من النفاط المهمة، اذ كان من المفترض الحد من الصواريخ الايرانية البعيدة المدى والعابرة للقارات في الاتفاقية، لأن أيران استطاعت بتلك الصواريخ ان تعرض مصالح اميركا وحلفائها الى الخطر في لبنان واليمن وسوريا العراق قبل ان تمتلك الأسلحة النووية. ولم تمتنع ايران عن ارسال صواريخها الى الجماعات الموالية لها في تلك الدول فحسب، انما قامت بتفعيل وتنشيط صناعتها النووية وافرانها بنسة 20% مما يعد مخالفا لبنود الإتفاقية المبرمة. يتتبادل كل من البيت الابيض والباستور الاتهامات بخصوص انتهاك الاتفاقية ولا يرغب اي طرف منهما ابداء نوع من المرونة والمبادرة الى الانفتاح على الآخر، وفي آخر رد فعل صرح بايدن بشكل قاطع انه اذا لم ترجع ايران الى الدول (5+1) فانه ليس لديه أية رغبة بالعودة الى ايام مرحلة (5+1)، رغم انه فتح بابا امام ايران في مؤتمر ميونخ للامن مع الابقاء على تحفظات مسبقة. فيما ستكون لانتخابات ايران الرئاسية دور في اتساع او ردم الهوة بين طهران وواشنطن. 2- قضية الكورد في ايران والعراق: ستكون هذه القضية مرة اخرى متغيرا مؤثرا ومتاثرا في و بسياسة بايدن في المنطقة. رغم ان لبايدن تاريخ اطول في التعامل مع الكورد في العراق اكثر بكثير من تعامله مع القضية الكوردية في ايران، ففي حالة استمر البتعاد بين طهران و واشنطن فان اميركا ستستخدم قضية كورد ايران كورقة ضغط على طهران وكذلك ستكون مناطفق الكورد بالعراق المنطقة الامنة الاخيرة لجنود امريكا وسياستها ضد أيران واتباعها. ان العروض الاخيرة لايران واتباعها في كوردستان والعراق تبعث بانباء غير سعيدة للعراقيين، والتي تجسدت في قصف القواعد والمصالح الاميركية وحلفائها في كوردستان ووسط وجنوب العراق واستهداف السفارة الاميركية وضرب الاطراف السياسية القريبة من اميركا واغتيال الناشطين، وتشير كل هذا الى ان هناك طريق وعرة تنتظر العراقيين في ظل سياسة البلدين المعقدة. ثانيا: حول مسألة الجماعات المسلحة العراقية: يمكن قراءة السياسة الاميركية تجاه هذه الجماعات في ثلاث مستويات: المستوى الاول: مرهون بسياسة امريكا تجاه طهران وتحكمها بسلوك هذه الجماعات، إذ تنظر أمريكا إلى هذه الجماعات وتتعامل معها بوصفها ممثلة لايران. كانت هذه الجماعات المسلحة قبل انتهاء حرب داعش تشبه في قوتها وحجمها الرعيل الاول من النموذج اللبناني، التي ظلت اكثر تحفظا وخجلا واقل انصياعا لايران بخصوص وجود القوات الاميركية بالعراق، فيما دعت قسم منها قوات التحالف الدولي الى مساعدة العراق في الحرب على الارهاب. اما القسم الثاني فهو الرعيل الثاني من هذه المجموعات، التي تبدو اكثر وضوحا وتشددا في انتمائها، ولها اجندات صريحة تعد امريكا دولة محتلة. وقد وظهرت معظم هذه الجماعات وتشكلت بعد مقتل قاسم سليماني ومهدي المهندس وباتت تمتلك الثقل العسكري وقرار الحسم. المستوى الثاني: يرتبط بالتعامل الاميركي مع المفاوضات الاستراتيجية العراقية-الاميركية المعروفة بالمفاوضات الاستراتيجية، التي بدأت لبحث الملفات المهمة ومن ثم التوقيع عليها لاحقا كاتفاقيات استراتيجية، واحدى الملفات الحيوية في هذه المفاواضات هي الملف الامني وموضوع تخفيض عدد القوات الاميركية في العراق وخطر الارهاب وكيفية تقوية الجيش العراقي وتفكيك الجماعات والميليشيات المسلحة. المستوى الثالث: هو التعامل الاميركي مع اقليم كوردستان بشكل عام ومع ملف الامن في الاقليم بشكل خاص، الذي يتمحور حول اهمية اقليم كوردستان الاستراتيجية لدى الجانب الامريكي وموقع كوردستان في الاتفاقية الاستراتيجية. حول المستوى الاول: ان السياسة الخارجية الاميركية لا تقبل باستخدام القوة ضد ايران وتبحث عن متغيرات جديدة وبدائل سياسية حديثة، كما ترفض النموذج السعودي للتحالف مع العراق،لذلك فان الخطاب الرسمي الايراني واتباعها من الجماعات التي تمثلها يؤكد بصراحة الحفاظ على التوازن بين الضغط والعداء المباشر لامريكا، ويمثل هذا النموذج الرعيلين الاول والثاني الذين تم ذكرهما في المستوى الاول سابقا. حول المستوى الثاني: وهو التزام امريكا والعراق في الاستمرار بخطوات الحوار والتوصل الى اتفاقية استراتيجية عراقية – اميركية، فعندما نحلل الاساليب السياسية والمواقف في الصورة العامة لهذا المستوى، مثل اختيار ماككورك للشرق الاوسط، نستنتج بانه ثم توجه نحو سياسة غير ثابتة، وربما يكون الخيار فيها تخفيض القوات الاميركية مع تزايد دور الميليشيات. اما حول المستوى الثالث: اقليم كوردستان وامن كوردستان، فان رد الفعل الامريكي على الهجوم الصاروخي ليلة (14 شباط) على اربيل وتوجيه اصابع الاتهام الى المجموعات المسلحة الشيعية، التي وصفت نفسها بقوات المقاومة، كان فرصة وبداية جديدة لظهور دعم اميركي غير معلن للاقليم بعد اربع سنوات من سياسة المتفرج المنحاز للعراق على حساب اقليم كوردستان. يمكن الاشارة الى هدفيين اساسيين في هذا المنعطف، الهدف الاول جسد الضغوط التي يمكن ان تمارس ضد اربيل التي باتت غير محمية بالنسبة لامريكا. اما الهدف الثاني فجسد الفرصة التي مكنت امريكا من ان تعلن عن نفسها بوضوح وليس مستبعدا ان تستهدف الجماعات المسلحة قريبا. – قراءات مستقبلية (9) – الباحثون: د.يوسف گوران، د.ئوميد رفيق فتاح، د.عابد خالد رسول، د.هردي مهدي ميكة – مركز الدراسات المستقبلية- السليمانية – اقليم كوردستان – شباط 2021
الحصاد DRAW: يمثل صدور تقرير المخابرات الأمريكية الذي رفعت عنه السرية بشأن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي ضربة للسلطة والهيبة والمكانة الدولية لواحد من أقوى الرجال في الشرق الأوسط ألا وهو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وقد يكون لتلك الخطوة تداعيات على تعامل الغرب مع المملكة العربية السعودية لعقود قادمة. وبعد الآن فإن تأكيد دور ولي العهد، المعروف بالأحرف الأولى من اسمه إم بي إس، في تلك الجريمة البشعة التي جرت وقائعها في عام 2018، سيجعل من الصعب أكثر من أي وقت مضى إقامة القادة الغربيين صلات علنية به كفرد. العلاقة السعودية-الأمريكية تدخل مرحلة إعادة الضبط ومع ذلك، ففي ظل الوضع الحالي يبدو أن ولي العهد محمد بن سلمان سيكون القوة المهيمنة على العرش السعودي لفترة طويلة جداً. يبلغ محمد بن سلمان من العمر 35 عاما فقط ويتمتع بشعبية واسعة داخل المملكة وخاصة في أوساط الشباب، ويعود ذلك في جانب منه للوطنية وفي جانب آخر للتضييق الشديد على الحريات المدنية حيث أن انتقاد ولي العهد حتى الآن علناً أمر نادر. من هو جمال خاشقجي الذي شغل اختفاؤه العالم؟ توبيخ جو بايدن العلني لمحمد بن سلمان "مقامرة" - التايمز وقد أشار الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى أنه يريد التعامل مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، وليس نجله ولي العهد محمد بن سلمان، لكن الملك وابنه يعملان بشكل متناغم وثيق للغاية، لذلك فإن هذا التمييز لا معنى له عملياً إلى حد بعيد. ويبلغ الملك سلمان بن عبد العزيز من العمر 85 عاما، وهو في حالة صحية سيئة، وقد سلم بالفعل معظم سلطاته إلى نجله. شريط تقشعر له الأبدان لطالما كانت صلة ولي العهد بمقتل خاشقجي معروفة لمعظم وكالات المخابرات الغربية، ولكن لم يتم فقط الإعلان عن تلك الصلة. وكانت جينا هاسبل، التي رأست وكالة المخابرات المركزية الأمريكية منذ عام 2018 حتى وقت سابق من هذا العام، قد سافرت إلى العاصمة التركية أنقرة حيث استمعت هناك إلى الشريط الصوتي المرعب الذي كان بحوزة المخابرات التركية، والذي يظهر لحظات الرعب التي مر بها خاشقجي داخل القنصلية السعودية حيث تمت السيطرة عليه جسدياً وخنقه من قبل عملاء أرسلوا من الرياض. كما قدمت تركيا التسجيلات الصوتية السرية التي بجوزتها عما جرى داخل القنصلية السعودية إلى أجهزة الاستخبارات الغربية، رغم أن التجسس على الهيئات الدبلوماسية أمر مخالف للأعراف المتبعة لكن تم تجاهل ذلك إلى حد كبير. التعليق على الفيديو، جمال خاشقجي: تسجيلات سرية تكشف تفاصيل عن مقتل الصحفي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول وقال مسؤولون أمريكيون إن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية خلصت "بدرجة متوسطة إلى عالية من اليقين"إلى أن ولي العهد محمد بن سلمان كان متواطئاً. ماهي ملفات بن سلمان الشائكة التي ينتظر موقف بايدن منها؟ لكن خلال وجود الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في البيت الأبيض ظل تقرير المخابرات الأمريكية طي الكتمان حتى لا يحرج حليفه المقرب في الرياض، لكن اختفى الآن ذلك الغطاء الذي وفره ترامب. لم يكن المفضل لدى واشنطن لم يكن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الخيار المفضل لواشنطن ليصبح الملك القادم. كان الرجل المفضل لدى واشنطن هو الأمير محمد بن نايف الذي كان الشخص التالي في ترتيب ولاية العرش حتى أطاح به محمد بن سلمان في عام 2017. صدر الصورة،AFP التعليق على الصورة، كان الأمير محمد بن نايف هو المفضل لدى واشنطن وكما هو معروف فإن محمد بن نايف قيد الاعتقال حاليا بتهم الفساد والتآمر ضد ولي العهد، وهو ما تنفيه أسرته. من هو محمد بن نايف ولي العهد السعودي المعزول؟ نيويورك تايمز: الليلة التي لم ينم فيها محمد بن نايف وكان محمد بن نايف، لسنوات عديدة، أهم حليف لأمريكا داخل العائلة المالكة السعودية. وكان محمد بن نايف يتولى منصب وزير الداخلية لسنوات عديدة وقضى بنجاح على نشاط القاعدة في السعودية وأقام علاقات وثيقة مع وكالة المخابرات المركزية من خلال رئيس استخباراته سعد الجبري الذي يعيش الآن في منفاه في كندا. ورفع جبري مؤخراً أمام القضاء دعوى ضد محمد بن سلمان تتهمه بإرسال فرقة اغتيال لقتله. سعد الجبري: لماذا تسعى السعودية إلى إعادته؟ من هو محمد بن نايف ولي العهد السعودي المعزول؟ محمد بن سلمان ينفي إرسال فريق اغتيال إلى كندا لتصفية مسؤول سعودي سابق إذن فإن لولي العهد الحالي سجل حافل لدى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية. لا تزال الولايات المتحدة بحاجة إلى علاقة عمل جيدة مع الديوان الملكي السعودي نظراً للتهديد المستمر الذي يمثله تنظيم الدولة الإسلامية والإرهاب الذي يعد تنظيم القاعدة مصدر إلهام له، لكنها تفضل كثيرا التعامل مع شخصية موثوقة ومستقرة مثل محمد بن نايف بدلاً من شخصية لا يمكن التنبؤ بها مثل محمد بن سلمان. هدية لإيران ويعد أي أمر يقوض الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والسعودية بمثابة هدية لإيران، منافس السعودية الإقليمي. صدر الصورة،REUTERS التعليق على الصورة، وجد محمد بن سلمان في دونالد ترامب حليفاً بينما جو بايدن لا يحبذ التعامل معه فعلى الرغم من سنوات من العقوبات خلص الخبراء مؤخرا إلى أن إيران باتت صاحبة اليد العليا في الشرق الأوسط حيث وسعت نفوذها الاستراتيجي من خلال الميليشيات التي تعمل بالوكالة عنها في لبنان وسوريا والعراق واليمن، تاركة السعوديين محاصرين. وعندما أعلن الرئيس بايدن عن تعليق مبيعات الأسلحة الأمريكية للسعودية التي تقود حربا في اليمن، سارع المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران إلى الاستفادة من ذلك، فقد تقدموا على عدة جبهات منذ ذلك الحين مدركين أن حظر الأسلحة يحد من قدرة عدوهم. كل ما تريد معرفته عن مقتل جمال خاشقجي الولايات المتحدة: ولي العهد السعودي وافق على قتل خاشقجي كيف أثر مقتل خاشقجي في صورة محمد بن سلمان؟ إدارة بايدن تستعد لنشر تقرير سري حول مقتل جمال خاشقجي ومن المرجح أن يدفع كل ذلك القيادة السعودية، على المدى الطويل، نحو تنويع شراكاتها في مجال الدفاع والأمن وربما فتح أبواب جديدة أمام لروسيا والصين. وقد تدفع أيضا بالرياض إلى بناء علاقات أوثق مع إسرائيل التي تشاركها المخاوف من التوسع الإيراني والانتشار النووي.