الحصاد draw: iraqhouseinstitute في تظاهرات حاشدة، خرج عشرات الآلاف من سكان محافظة السليمانية في إقليم كردستان العراق للاحتجاج على تدهور الأوضاع الاقتصادية، لكن الأمور تطورت إلى حدوث صدام مع قوات الأمن، ما أسفر عن مقتل أربعة متظاهرين. وتعود أسباب الاحتجاج إلى عدم تقاضي الموظفين المدنيين في إقليم كردستان رواتبهم لمعظم أشهر هذا العام، وسط خلافات حادة بشأن الميزانية بين حكومة الإقليم في أربيل والحكومة الفدرالية في بغداد. وفي إشارة الى حجم الغضب، أحرق المتظاهرون مقرات الأحزاب السياسية، في السابع من كانون الأول/ ديسمبر الحالي، ما جعل عدداً من أعضاء الأحزاب يتحدثون عن “أيادٍ خفية” مهتمة بإثارة العنف في الإقليم. أسباب التظاهرات اندلعت احتجاجات حاشدة في مدينة السليمانية احتجاجاً على تأخر صرف رواتب الموظفين وسوء الأحوال المعيشية، وتدخلت شرطة الإقليم مستخدمةً الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين، لكن الاحتجاجات تصاعدت وامتدت إلى أجزاء أخرى من المحافظة. وهاجم المحتجون مقرات حزبية وحكومية في السليمانية، وأضرموا النيران فيها، وهو ما أدى إلى مواجهات عنيفة مع الشرطة، ما أسفر عن مقتل متظاهر وسقوط عدد من الجرحى، فيما أكدت عدة تقارير وقوع صدامات بين المحتجين وقوات الأمن في بلدة كفري ما تسبب في مقتل ثلاثة متظاهرين. وأضرم المتظاهرون النار في مكاتب الأحزاب السياسية الكردية الخمسة الكبرى، إذ أظهرت مقاطع فيديو اشتعال النيران في مكاتب “الحزب الديمقراطي الكردستاني”، و”الاتحاد الوطني الكردستاني”، و”الاتحاد الإسلامي الكردستاني”، و”الجماعة الإسلامية الكردستانية”، و”حركة التغيير” ومكتب رئيس البلدية. ووفقاً لـ”NetBlocks”، وهي مجموعة دولية غير حزبية تراقب الوصول إلى الإنترنت في جميع أنحاء العالم، فإن سرعة الإنترنت انخفضت إلى 48 في المئة عن مستوياتها المعتادة في السليمانية، ما يشير إلى حدوث تقييد أو تعطيل أو حجب جزئي للشبكة العنكبوتية. نقاط خلافية أخفقت حكومة إقليم كردستان في دفع رواتب موظفيها المدنيين لعدة أشهر. وقال المسؤولون الأكراد صراحة إنهم لا يستطيعون دفع الرواتب دون دعم الحكومة الفدرالية في بغداد. ورفضت بغداد إرسال نصيب إقليم كوردستان من ميزانيتها بعد إقرار قانون العجز المالي المعروف باسم “الاقتراض”، بعد نزاع مطول بين الطرفين حول عائدات النفط التي تصدرها عبر تركيا وينص القانون على أن تدفع حكومة بغداد 320 مليار دينار شهرياً للإقليم لدفع رواتب الموظفين حتى نهاية هذا العام، شريطة أن تحصل الحكومة على عائدات النفط. وتشير وسائل الإعلام الكردية عن وجود توافق في الآراء بين بغداد وأربيل بشأن ميزانية عام 2021، لكن لم يتم نشر أية معلومات بشأن الأموال المحجوبة من ميزانية 2020، وهو ما زاد الاحتقان بين المتظاهرين الذين اعتقدوا أن هناك رغبة في تجاهل دفع الرواتب المتأخرة. خرج عشرات الآلاف من سكان إقليم كردستان العراق للاحتجاج على تدهور الوضع الاقتصادي، ما أدى إلى صدام مع الأمن ومقتل متظاهرين… من أسباب الاحتجاج عدم تقاضي الموظفين في الإقليم رواتبهم، وسط خلافات حادة بشأن الميزانية بين حكومتي أربيل وبغداد وتشهد العلاقات بين بغداد وأربيل خلافات حول ثلاث نقاط رئيسية هي مرتبات موظفي إقليم كردستان، والتنسيق الأمني في المناطق المتنازع عليها مثل مدينة كركوك، والاتفاق على آلية تصدير النفط من حقول الإقليم. وكان الخلاف قد وصل إلى ذروته عام 2005 خلال كتابة الدستور وإقراره ثم التصويت عليه، إذ احتدم الصراع حول المادة 140 الخاصة بكركوك وباقي المناطق المناطق المتنازع عليها. واندلع صدام قوي عام 2017 حين قرر مسؤولو الإقليم تنظيم استفتاء للانفصال عن العراق، وهو ما أدى إلى إرسال قوات الجيش العراقي للسيطرة على كركوك. ردود الأفعال في أول رد فعل رسمي على أحداث العنف، قال الرئيس العراقي برهم صالح إن التظاهر السلمي حق مكفول ويجب تلبية مطالب المتظاهرين، معلقاً بأن العنف ليس حلاً. وأضاف صالح في بيان صادر عن رئاسة الجمهوري: “على السلطات ذات العلاقة تلبية هذه المطالب، والعمل على حلول جذرية لمشكلة الرواتب وتحسين الأحوال المعيشية، وذلك عبر خطوات سريعة وجدية ترتكز على المصارحة وتوجيه موارد الشعب لخدمة المواطنين، وانتهاج الطرق الحقيقية في الإصلاح، إذ أن التجاوز على المال العام والفساد الإداري والمالي والسلب والنهب والتهريب يجب أن يتوقف”. من جانبها، قالت ميادة النجار، وهي نائبة عن الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس إقليم كردستان السابق مسعود بارزاني، إن التظاهرات التي تشهدها محافظة السليمانية تقف وراءها “أيادٍ خفية”، داعيةً أهالي المحافظة إلى الخروج بتظاهرات ضد الحكومة الاتحادية وليس ضد حكومة الإقليم. وغرّد رئيس كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان الكردي أوميد خوشناو، واصافاً المتظاهرين بـ”العبيد الذين لم يربوا جيداً”. واجتمعت الأحزاب الحاكمة في إقليم كوردستان لبحث سبل تأمين رواتب موظفي الدولة، وناقشت مسألة الحصول على قروض لتسوية الرواتب المتأخرة. صراع كردي كردي في الوقت ذاته، تتزايد المناوشات بين حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا وقوات حكومة إقليم كردستان في هذه المنطقة التي تتمتع بحكم ذاتي في شمال العراق، وسط مخاوف من تزايد الخلاف بين الأكراد. تشهد العلاقات بين بغداد وأربيل خلافات حول ثلاث نقاط رئيسية هي رواتب موظفي إقليم كردستان، والتنسيق الأمني في المناطق المتنازع عليها والاتفاق على آلية تصدير النفط من حقول الإقليم… كان الخلاف بين الطرفين قد وصل إلى ذروته عام 2005 خلال كتابة الدستور بدأت التوترات عندما اتهم الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة حكومة إقليم كردستان حزب العمال الكردستاني باغتيال غازي صالح، وهو مسؤول أمني يعمل عند معبر سارزر الحدودي في محافظة دهوك، في 8 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. واشتد الوضع عندما أعلن حزب العمال الكردستاني، في 29 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، مسؤوليته عن “عمل تخريبي ناجح” على خط أنابيب تابع لحكومة إقليم كردستان إلى تركيا، ما أوقف صادرات النفط. وقالت حكومة إقليم كوردستان وقتها إنها “تدين بشدة الهجوم الإرهابي الذي استهدف خط الأنابيب”، محذرة من أنها “لن تسمح أبداً بتهديد مصالحها ومعيشة شعوب إقليم كردستان”. واتهم رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود برزاني عناصر من حزب العمال بالتسلل إلى القرى الكردية، حيث زرعوا قنبلة في دهوك قتلت مقاتلاً من البشمركة وجرحت اثنين آخرين. ودانت الولايات المتحدة وفرنسا والحكومة العراقية الاتحادية حينها الهجوم. وزعم برزاني، خلال تصريحات في الشهر الماضي، أنه خلال ذروة القتال ضد تنظيم داعش، قام مقاتلو حزب العمال الكردستاني بـ”غزو المناطق الحدودية وبعض الأماكن الأخرى وفرضوا ضرائب على السكان”، بينما كانت قوات البشمركة التابعة لحكومة الإقليم تقاتل على الخطوط الأمامية ضد مسلحي داعش.
الحصاد draw: قتل متظاهر عراقي كردي، وأصيب آخرون، اليوم الإثنين، في موجة احتجاجات جديدة تشهدها مدينة السليمانية شمالي العراق، ضمن إقليم كردستان العراق، منذ ثلاثة أيام، احتجاجاً على تأخر توزيع رواتب الموظفين، وتراجع المستوى المعيشي واستشراء الفساد. وتفجرت الاحتجاجات في المدينة وضواحيها منذ السبت الماضي، بدعوات من ناشطين عبر وسائل التواصل للتظاهر احتجاجاً على تأخر مرتبات الموظفين، واستشراء الفساد واتساع ما يسميه المتظاهرون الثراء في الطبقة الحزبية بالمدينة، بإشارة إلى "الاتحاد الوطني الديمقراطي" الذي يفرض سيطرته على جميع المناصب الحكومية بالمحافظة. وبحسب مصادر طبية في السليمانية فقد قتل متظاهر في السابعة عشرة من العمر، وأصيب نحو 10 آخرين، بنيران قوات الأمن الكردية وعناصر مسلحة يعتقد أنها تتبع "الاتحاد الوطني الكردستاني". تقارير عربية إقليم كردستان العراق: قوات كردية تفرق تظاهرة مطلبية في السليمانية وأقدم المحتجون على حرق مبنى قائم مقامية بلدة سيد صادق في السليمانية وأضرموا النار فيه"، كما أقدموا أيضاً على إحراق مقر للحزب "الديمقراطي الكردستاني"، الذي يتزعمه مسعود البارزاني، ومقر آخر لـ"الاتحاد الوطني الكردستاني". ووفقاً لمصادر محلية في مدينة السليمانية، فإن قوات الأمن بدأت باستخدام قنابل مسيلة للدموع والرصاص الحي لتفريق المتظاهرين، وهو ما نتج عن مقتل متظاهر وجرح آخرين. إصابة متظاهر برصاص حماية مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني في مدينة سيد صادق في محافظة السليمانية خلال تظاهرات اليوم. pic.twitter.com/tKMMCtmxyn ⭕️ بالفيديو || متظاهرون في السليمانية يقتحمون مقر حزب البارزاني في منطقة سيد صادق ويضرمون النيران بداخله pic.twitter.com/z1UrGqRF0F السليمانية: المتظاهرون احرقوا مقرات الحزب الديمقراطي الكردستاني وحركة التغيير والاتحاد الوطني في بلدتي سیدصادق وپيرة مگرون.. pic.twitter.com/FE4j2M3qFS في المقابل، أكد مسؤول أمني كردي، لـ"العربي الجديد"، أن "قوات من مكافحة إرهاب السليمانية وصلت إلى موقع التظاهرات بمركز مدينة السليمانية، للسيطرة على الوضع"، مبيناً أن "العشرات من عناصر الجهاز انتشروا في المنطقة وقطعوا الطرق المؤدية إليها، كما قاموا بملاحقة المتظاهرين". من جهته، النائب عن حركة التغيير الكردية المعارضة، هوشيار عبد الله، دعا في تغريدة، السلطات في السليمانية إلى أن "تفهم سبب غضب الناس، وأن تتعامل مع غضبهم بکل مرونة"، محذرا من "أي انتهاك لحقوق الإنسان وأي عنف أو اعتداء على المتظاهرین". وهدد السلطات، قائلاً: "سنفضحكم أمام الرأي العام العالمي. عليكم الإقرار بفشلکم وأن تفهموا معاناة الناس بدلاً من قمعهم وإسكاتهم بالقوة ". علی السلطات في #السلیمانیة أن تعي وتفهم سبب غضب الناس وأن یتعاملوا مع غضبهم بکل مرونة، وأُحذِّر: أي انتهاك لحقوق الانسان وأي عنف أو اعتداء على المتظاهرین سنفضحكم امام الرأي العام العالمي . عليكم الإقرار بفشلکم وأن تفهموا معاناة الناس بدلاً من قمعهم وإسكاتهم بالقوة . أما النائبة السابقة في برلمان إقليم كردستان العراق، سروة عبد الواحد، فقد دعت في تغريدة، الأمم المتحدة وجميع السفارات، إلى "التدخل من أجل إيقاف العنف في السليمانية"، مؤكدة أن "تكميم الأفواه من قبل الاتحاد الوطني الذي هو جزء من الاشتراكية الدولية يضع كل مؤمن بحقوق الإنسان أمام مسؤولية". الامم المتحدة وجميع السفارات عليهم التدخل من اجل ايقاف العنف في السليمانية ،تكميم الافواه من قبل الاتحاد الوطني الذي هو جزء من الاشتراكية الدولية يضع كل مؤمن بحقوق الانسان امام مسؤولية ..#الرئيس بعده ساكت — Srwa Abdulwahid. سروه عبدالواحد (@srwa_qadir) December 7, 2020 العربي الجديد
الحصاد draw: صلاح حسن بابان- صحافي كردي عراقي "لم يخل أي شبرٍ من عناصر الأمن، فكل زاوية فيهما كانت مغطاة بجزمات عسكرية غاضبة حاقدة لم يكن في قلبها إلا الانتقام"... تظاهرات السليمانية تندلع جغرافياً في إقليم كردستان، لكنها سياسياً تندلع في عمق العاصمة بغداد. يقفُ كاروان علي (19 سنة) خلف بسطةٍ صغيرة لرجل مسنّ تركها هارباً من تأثير الغازات المسيلة للدموع، في أحد أزقة سوق مولوي الشهير، وسط مدينة السليمانية الذي تحوّل لاحقاً إلى مركز انطلاق الاحتجاجات، يقول فيما عيناه تُراقبان تحرّكات عناصر الأمن بحذر خوفاً من اعتقاله مثل غيره: “ماذا تريد منا هذه الحكومة، بعدما جعلتنا عبيداً لها وأوصلتنا إلى التفكير بالهجرة؟”. علي ليس الوحيد المكتوي بنار انعدام فرص العمل والوظائف، حتى بأجور متدنية، فهي ظاهرة يعيشها شباب الإقليم منذ عام 2014، بعدما قطعت الحكومة الاتحادية الميزانية السنوية عن إقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي أمنياً وإدارياً بعد الانتفاضة الشعبية عام 1991، وفيه مطاران دوليان ومعابر ومنافذ حدودية. كما يصدّر النفط باستقلال عن بغداد بعد توقيع عقد لـ50 سنةً مع الحكومة التركية عام 2013، محققاً بذلك إيرادات شهرية تصل إلى مليارات الدولارات. هذه المرة يقف مع علي في مطالبه آلاف الموظفين و37 نائباً في برلمان الإقليم يشاطرونه صرخته. “ردّت سلطات الأمن على من يطالب بحقه المسلوب من الرواتب ورغيف الخبز بالرصاص المطاط والغازات مسيلة الدموع”، يقول النائب المعارض في برلمان كردستان سيروان بابان الذي يشارك في احتجاجات السليمانية: “تلقيت ضربات موجعة، أقدام نحو 30 عنصراً من عناصر الأمن تركت على جسدي كدمات كثيرة”. لم يشفع له أنه نائب في البرلمان يمثّل الشعب. مثله 37 نائباً غيره يشكّلون في البرلمان كتلة معارضة من مختلف الكتل الكردية باستثناء “كتلة الحزب الديموقراطي الكردستاني”، رفعوا سقف ضغوطهم لإفشال عقد جلسة تشريعية اعتيادية قبل مناقشة أزمة تأخر الرواتب والأزمة السياسية بين بغداد وأربيل. وهدّد “مجلس الضغط” الخاص بالاحتجاجات الغاضبة في إقليم كردستان، بإضراب عام وشامل في عموم مناطق الإقليم رداً على تأخير الرواتب، ملوّحاً بنقل الإضراب من السليمانية إلى عمق أربيل الأكثر تحصناً من قوات “الديموقراطي الكردستاني” القابض على مدينتي أربيل ودهوك من الناحية الأمنية والإدارية. بابان يقول إن “المسؤولين وعائلاتهم يتمعتون بالرفاه وبحياة رغيدة، أسعار سيارتهم تصل إلى آلاف الدولارات، يقابلها فئات معدومة لا تملك ثمن الخبز قوت يومها”. يأتي هذا الحديث فيما تعجزُ حكومة كردستان عن دفع رواتب موظفيها، على رغم اعتمادها نظام ادخار الرواتب الذي يقضي باستقطاع ما نسبته 21 في المئة من الموظفين. قدّم 32 عضواً في برلمان إقليم كردستان يوم 18 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، مذكرة إلى رئاسة المجلس لمناقشة اتفاقية بيع نفط الإقليم إلى تركيا لمدة 50 عاماً، وتقييمها على ضوء التطورات الأخيرة في العلاقة المالية بين بغداد وأربيل. سبق ذلك حديث رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني في مؤتمر صحافي في 15 تشرين الثاني الماضي عن أن “العقد المبرم بين حكومة كردستان وتركيا لبيع النفط لمدة 50 عاماً لم يكن السبب في المشكلة الحالية بين حكومتي بغداد وإربيل”. وادخرت حكومة الإقليم حتى الآن رواتب أشهر، نيسان/ أبريل لغاية آب/ أغسطس، من عام 2020، ولم توزع سوى ثلاثة رواتب للعام الحالي مع ثلاثة رواتب للعام الماضي، وبدأت مع بداية هذا الشهر توزيع رواتب شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي مع اقتطاع نسبة 21 في المئة منها. هل هناك شبه بين ما يحدث في السليمانية وما حدث ويحدث في بغداد وفي مدن الجنوب العراقي خصوصاً الناصرية؟ “لم يخل أي شبرٍ من شارع مولوي وساحة السراي من عناصر الأمن، فكل زاوية فيهما كانت مغطاة بجزمات عسكرية غاضبة حاقدة لم يكن في قلبها إلا الانتقام”، بحسب النائبة عن “كتلة التغيير الكردية” في برلمان الإقليم شيرين أمين، التي شاركت في التظاهرات وأغمي عليها جراء الغاز مسيل الدموع: “لماذا يدافعون عن سلطة فاسدة لن يرحمهم التاريخ أبداً…” قاصدةً بذلك عناصر الأمن. صورة أمين التي يحملها متظاهرون، بعد غيابها عن الوعي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي. وهي زوجة الصحافي الكردي كاوة كرمياني الذي اغتيل عام 2013 في منطقة كرميان: “بعد اليوم سيكون عملنا في الشارع وليس في البرلمان دعماً للمتظاهرين ومطالبهم”. وتزامناً مع اعتقال حوالى 20 متظاهراً، تستعد مناطق كردية عدة للانخراط في صفوف احتجاجات السليمانية، فمجلس المعلمين فيها حذر القوات الأمنية من بركان غضب، في عدم إطلاق سراح المعتقلين. ويقول عضو المجلس عثمان كولبي: “لن تهدأ الاحتجاجات الجماهيرية ما لم تُحقق حكومة كردستان مطالبنا، أبرزها القضاء على الفساد المستشري في جميع المفاصل، وتوزيع الرواتب في وقتها المحدد من دون تأخير”. لا تمتلك اللجنة الأمنية في السليمانية التي يرأسها محافظ المدينة هفال أبو بكر حيلة سوى إصدار بيانات إدانة ودعوات لتهدئة الأوضاع: “لا نسمح بأي تجمعٍ أو تظاهرة ما لم تحصل على موافقات من الجهات الرسمية”، وهو ما دفع النائب عن كتلة التغيير في البرلمان العراقي هوشيار عبدالله إلى توجيه رسالة للمحافظ، والاثنان ينتميان إلى الحزب نفسه، يسأله فيها: “هل كنت تمتلك رخصة التظاهر عندما كنتَ أحد قادة الاحتجاجات في ساحة السراي في السليمانية عام 2011؟”. هل هناك شبه بين ما يحدث في السليمانية وما حدث ويحدث في بغداد وفي مدن الجنوب العراقي خصوصاً الناصرية؟ يجيب النائب الكردي في البرلمان رابون معروف: “هناك فعلاً نقاط مشتركة، إلا أن تظاهرات كردستان جاءت للمطالبة بحقوق الموظفين والفئات الأخرى، فيما تمتنع بغداد عن إرسال حصة الإقليم من الميزانية الشهرية، وعجز الحكومة الكردية عن دفع الرواتب”. لم تكن الأزمة الاقتصادية التي ضربت بغداد خلال الأشهر الأخيرة من عام 2020 عاملاً بارزاً وسبباً رئيساً لامتناعها عن دفع مستحقات الإقليم المالية والتي تعود جذورها كما يرى معروف إلى عام 2014، خلال وجود نوري المالكي في رئاسة الوزراء(2006-2014)، بل إلى طبيعة الصراعات السياسية بين العاصمة العراقية وأربيل حول السيادة وما يتعلق بالمعابر الحدودية والمنافذ التي تحقق واردات ضخمة تصل إلى مليارات الدولارات شهرياً لحكومة كردستان. بهذا المعنى فإن تظاهرات السليمانية تندلع جغرافياً في إقليم كردستان، لكنها سياسياً تندلع في عمق العاصمة بغداد. daraj
الحصاد draw: اجتمع يوم السبت برهم صالح رئيس جمهورية العراق في بغداد مع مجموعة (١٥). مجموعة (١٥) هم النواب الكورد الغير منتمين الى الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني في البرلمان العراقي الذين ينتقدون حكومة الاقليم بإستمرار ويتهمونها بعدم الالتزام بإتفاقاتها مع الحكومة الاتحادية العراقية. الحزب الديمقراطي الكوردستاني يمقت هذه المجموعةو دائماً ما يشن عليهم هجمات عنيفة من قنواته الاعلامية، الى حد نعتهم في اغلب المرات بـ"الخونة".
تقرير : محمد رؤوف – فاضل حمةرفعت ترجمة : ك. ق. خسر نائب في البرلمان العراقي من كتلة الجماعة الاسلامية في كوردستان امام احد حراسه دعوى قضائية في محكمة اربيل، في العراق خصص لكل نائب 16 شخصاً كفريق عمل وحراسة خاصة، اما في كوردستان فخصص لكل نائب ثلاثة اشخاص، في العراق وكوردستان يستغل بعض النواب حراسهم للعمل في شبكات التواصل الاجتماعي وكذلك في العمل المنزلي، كم يبلغ راتب النواب في العراق والاقليم؟ نتابع في هذا التقرير : خلاف النائب وحارسه خسر سليم شوشْكَيي النائب في البرلمان العراقي من كتلة الجماعة الاسلامية في كوردستان دعوى قضائية امام احد حراسه في محكمة اربيل قبل اسبوع وتحديداً يوم 24 من الشهر الماضي. شوشكيي النائب في البرلمان العراقي لدورتين متتاليتين، كان قد سجل اسماء (14) شخصاً عند مباشرته في الدورة البرلمانية السابقة كحراس له وكفريق عمل خاص به. احد اولئك الذين سجلهم شوشكيي كحارس له بعد فوزه بأحد المقاعد البرلمانية، شخص يدعى (همداد عزيز قادر)، هذا الشاب كان في السابق و اثناء الحملة الانتخابية المصور الخاص لـ(شوشكيي)، والذي قال عنه بنفسه : وفاءً لما بذله من جهود في سبيله اثناء الحملة الانتخابية، فقد اخذ النائب هوية همداد الى بغداد بغية تسجيله عند البرلمان العراقي كحارس له. راتب اي حارس من حراس نواب البرلمان العراقي وفقاً للقانون يباغ مجموعه (915 الف) دينار، ومبلغ (750 الف) هو كراتب رسمي و الباقي وقدره (165 الف) دينار عبارة عن مخصصات الطعام للحارس. وبحسب كتاب المحكمة الذي حصل (الحصاد) على نسخة منه، ان سليم شوشكيي قد قام بتوظيف همداد رسمياً عند البرلمان العراقي كحارس خاص له بتأريخ 6/9/2014، لكنه لم يعطه اي مبلغ من راتبه حتى مطلع اول شهر من عام 2018، وفضلاً عن هذا فقد اعطى شوشكيي مبلغ (600 الف) دينار له شهرياً بدل (915 الف) مبلغ الراتب الرسمي للحارس حتى الشهر السابع من عام 2018، اي ان سليم شوشكيي قطع مبلغ (315 الف) دينار شهرياً من راتب همداد. ابلغ همداد (الحصاد) بخصوص الدعوى قائلاً : "بعد ان استلمت مبلغ 600 الف دينار من النائب سليم شوشكيي كحارس له ولمدة سبعة اشهر، ابلغني ذات يوم انه لا راتب لي بعد الاآن وان عقدي قد تم فسخه، لكنني علمت بعد ذلك ان اسمي مازال موجوداً في قائمة الرواتب وهو يستلم راتبي البالغ 915 الف دينار شهرياً بدلاً مني، لذلك قصدت هيئة النزاهة التابعة للجماعة الاسلامية وقدمت شكواي". تتحدث هيئة النزاهة التابعة للجماعة الاسلامية مع سليم شوشكيي حول الشكوى المقدمة ضده من قبل همداد، ينكر شوشكيي الشكوي ويقول ان هذا بهتان، وبعد هذا يقوم همداد بإخراج المشكلة من داخل الحزب ويقوم برفع دعوى قضائية بشكل رسمي على سليم شوشكيي. قبل اسبوع حكمت محكمة بدائة اربيل حكمها بخصوص الدعوى لصالح همداد وضد سليم شوشكيي، والحكم يلزم شوشكيي بِرَد ما قدره (مليونان و205 الف) دينار لحارسه. وقال الشوشكيي عن طريق وكيله المحامي في المحكمة : ان المبلغ الذي قام بقطعه من راتب حارسه همداد، قد ارجعه لحزبه (الجماعة الاسلامية)، وفقاً للنظام الداخلي لحزبه. هناك مشكلة اخرى في الدعوى الا وهي تأريخ فسخ عقد همداد كحارس لسليم شوشكيي، فهناك كتاب موجه من البرلمان العراقي الى محكمة اربيل ويؤشر الكتاب الى ان عقد همداد كحارس لسليم شوشكيي قد تم فسخه بتأريخ 1/2/2016، لكن سليم شوشكيي بعث بكتاب آخر عن طريق البرلمان العراقي وفيه قَدَّمَ تأريخ فسخ عقد حارسه الى تأريخ 1/8/2015، وقد اخذت المحكمة الكتاب الاخير وحكمت وفقاً له واعتبرت عقد همداد مفسخاً بتأريخ 1/8/2015، وإن لم تأخذ المحكمة ههذا الكتاب الاخير بنظر الاعتبار، لكان على سليم شوشكيي دفع اكثر من ثمانية ملايين دينار لحارسه المشتكي. ليست هذه مشكلة سليم شوشكيي لوحده فقط، عموماً لدى النواب في العراق وفي كوردستان مشاكل حراسهم وفرق العمل الخاص بهم. امتيازات نواب البرلمان في العراق وفقاً لقرار الحكومة العراقية المرقم (282) ان راتب النائب في البرلمان يعادل راتب الوزير، في ضوء هذا القرار وحتى الوقت الحالي فإن رواتب وإمتيازات النواب في البرلمان العراقي هي كالآتي : • يقبض كل نائب راتباً شهرياً خاصاً به وقدره (7 ملايين و400 الف) دينار. • تبلغ مجموع رواتب النواب البالغ عددهم (329) نائباً مبلغ (ملياران و500 مليون و400 الف) دينار شهرياً. • يستلم كل نائب فضلاً عن راتبه الشهري الخاص به، رواتب فريق متألف من (16) شخصاً، وهذا الفريق مكون من قسمين، الاول الحراس الشخصيين للنائب والثاني الموظفين والسكرتير البرلماني للنائب، ويضاف رواتب الفريق الخاص بالنائب البالغ (17 مليون) دينار شهرياً الى الحساب البنكي الخاص بالنائب. • يبلغ عدد الفرق الخاصة بالنواب البالغ عددهم (329) نائباً عموماً (5 آلاف و264) شخصاً من الحراس والموظفين والسكرتارية، ويبلغ رواتب هؤلاء ما مجموعه (5 مليارات و593 مليون) دينار شهرياً. • يذهب شهرياً مبلغ (8 مليارات و93 مليون و400 الف) دينار من الميزانية العامة لرواتب نواب البرلمان العراقي وحراسهم. • ويبلغ رواتب نواب البرلمان العراقي وحراسهم سنوياً (97 مليار و120 مليون و800 الف) دينار، وترتفع هذه المبالغ في اربع سنوات المحددة كعمر الدورة البرلمانية الواحدة الى (388 مليار و438 مليون و200 الف) دينار، والتي تعادل اكثر من (315 مليون) دولار، اي يصرف للنواب وفرق عملهم اكثر من (31 الف و500) شَدَّة من الدولارات الامريكية. • علاوةً على هذا، يُؤَجِر البرلمان العراقي شقق او بيوت لنوابه مع مباشرتهم بالعمل البرلماني شرط الا تزيد مبلغ الايجار الشهري عن (3 ملايين) دينار، وهذه المبالغ المدفوعة كبدل الايجار يدفعه البرلمان ولا تقع على عاتق النائب ولا يصرفه من راتبه. بسبب الازمة المالية التي تواحه العراق حالياً، من المقرر ان يتم تخفيض الرواتب والامتيازات للنواب بنسبة 25% في مشروع موازنة عام 2021. فضلاً عن هذا كله يشكو نواب البرلمان العراقي من ان الرواتب والامتيازات لاتكفيهم، لان احزابهم تأخذ منهم نسبة 50% من رواتبهم وامتيازاتهم شهرياً، وانهم يساعدون الفقراء والمساكين مما يتبقى لهم من رواتبهم، وللنائب صلاحية تنظيم فريق العمل والحراسة الخاص به والبالغ عددهم (16) شخصاً، ولهذا فإن اغلب النواب قد سجلوا ذويهم كحراس ويعطونهم مبلغاً محدداً شهرياً دون ان ياتوا للدوام الرسمي، وأسس بعض النواب على هذا المبلغ فريقاً اعلامياً على صفحات شبكات التواصل الاجتماعي، وقام بعض آخر من النواب بتوزيع مبلغ رواتب الفريق المؤلف من (16) شخصاً على اكثر من (30) شخصاً وذلك لكي يستطيعوا اعانة البعض من الاشخاص الآخرين، ويقوم البعض الآخر من النواب بالاحتفاظ بالجزء الاكبر من رواتب الفريق لانفسهم وقد اتفقوا مع الاشخاص الذين استخدمت هوياتهم لصرف المبالغ على اعطائهم مبلغاً محدداً شهرياً. رواتب وإمتيازات النواب في كوردستان منتصف هذا العام قامت حكومة اقليم كوردستان بإستقطاع نسبة 50% من رواتب اصحاب الدرجات العليا بسبب الازمة المالية. يبلغ مجمل راتب النائب في كوردستان براتبه الاصلي ومخصصاته (8 ملايين و84 الف) دينار، اي يعادل راتبه راتب الوزير وزيادة الى حدً ما. بعد قرار الحكومة بإستقطاع رواتب ذوي الدرجات العليا بسبب الازمة المالية بنسبة 50%، اضحى النواب يتسلمون مبلغ (4 ملايين) دينار شهرياً بدلاً من (8 ملايين) دينار. وفقاً للقانون للنائب في كوردستان ان يكون معه ثلاثة اشخاص، سائق وحارسان شخصيان، رواتب هؤلاء لا تتضاف الى راتب النائب، بل يصرف من قبل وزارة الداخلية. على غرار العراق، ففي اقليم كوردستان ايضاً عَيَّنَ اغلب النواب ذويهم كحراس شخصيين لهم، وقام بعض النواب بتعيين اشخاص من اصحاب الخبرة العالية في مجال شبكات التواصل الاجتماعية كحراس لهم، ويعطونهم رواتب الحراس مقابل الاعتناء بصفحاتهم وتنظيم حساباتهم على تلك الشبكات الاكترونية، وفي بعض الاحيان يقوم النائب بالاستفادة من هؤلاء الاشخاص المعيينين لديه لتنظيم اعماله المنزلية، لهذا تقع مشاكل بين الحين والآخر بين النواب وحراسه على شاكلة الوضع الواقع مع سليم شوشكيي النائب في البرلمان العراقي من كتلة الجماعة الاسلامية، وتذهب المشكلة الى المحكمة. وفقاً للمعلومات المتوفرة لدى (الحصاد)، عند قيام حكومة الاقليم في شهر تموز من العام الحالي بتوزيع رواتب شهر شباط، استلم معظم نواب برلمان كوردستان وبلغ عددهم (71) نائباً كانوا قد استلموا مبلغ (مليون و500 الف) دينار، وذلك بسبب : • خفض رواتبهم بنسبة 50%، اي استلموا (4 ملايين و42 الف) دينار من اصل (8 ملايين و84 الف) • يستقطع منهم شهرياً مبلغ (360 الف) دينار بدل ايجار الشقق السكنية و وتقديم خدماتها. • كما تذهب مبلغ (مليونان و160 الف) دينار لأقساط السيارات للنواب الذين اقتنوا سيارات بأقساط البرلمان وتسدد هذه الاقساط شهرياً. (بحسب معلومات (الحصاد) ان السيارات التي اقتناها النواب بالاقساط تبلغ قيمة الواحدة منها نحو 85 الف دولار، وقد قام معظم النواب ببيع تلك السيارات بعد اقتنائها). • النواب الذين سحبوا سيارات بالاقساط بلغ مجمل ما استلموه كراتب مبلغ (مليون و570 الف) دينار، لكن النواب الذين لم يسحبوا سيارات بالاقساط فقد استلموا راتبهم البالغ قدره (3 ملايين و700 الف) دينار. • تم استقطاع مبلغ 50% من رواتب النواب المتقاعدين ايضاً، اي اصبح راتبهم (3 ملايين و250 الف)دينار بدلاً من (6 ملايين و560 الف) دينار.
الحصاد DRAW: حسين جمو - كاتب وصحافي كردي سوري قام دميرتاش بتأليف 16 أغنية داخل السجن، ويود لو كان بمقدوره تسجيلها في الزنزانة. الرجل ما زال يغني لزوجته. ملف السجناء السياسيين في تركيا يعود بقوة مع تصاعد المطالبات للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالإفراج عن الزعيم السابق لـ”حزب الشعوب الديموقراطي الكردي” صلاح الدين ديمرتاش وسجناء آخرين؟ هنا سيرة واحد من أبرز السياسيين الأكراد المعارضين في تركيا. في 10 تموز/ يوليو 1991، غصّ شارع غازي في قلب مدينة ديار بكر، بآلاف الغاضبين خلال تشييع المحامي ودات آيدن. فقد خطف رجال أمن الحقوقي الكردي من منزله، وبعد يومين عثر على جثته تحت جسر، بركبتين مكسورتين، وجمجمة مهشّمة، و15 رصاصة اخترقت جسده. قبل بضعة شهور، تحدّث ودات في اجتماع لجمعية حقوق الإنسان التركية في ديار بكر، التي كان رئيسها، باللغة الكردية. في ذلك الوقت كان التحدث بالكردية محظوراً في قانون يعود إلى منتصف ثلاثينات القرن العشرين، حين اعتقد مصطفى كمال وعصمت إينونو ورفاقهما أن “الجمهورية” هي نهاية التاريخ، وأن “التركي” هو الإنسان الأخير”. ما فعله وادت آيدن، كان ضمن سلسلة من عمليات المقاومة عبر اللغة. مجرد التحدث باللغة الكردية كان فعلاً مقاوِماً، ولأن العصابات التابعة للدولة، والتي لا تعلن عن نفسها رسمياً، لأغراض التصفية من دون حساب، تدرك ما يعنيه ذلك، أن يتحدث محامٍ بالكردية في ديار بكر، فإن أسلوب التعامل بالطريقة التي حدثت مع آيدن كان شائعاً، وسيتسع أكثر في السنوات اللاحقة لأن الدولة وفّرت حماية للقتلة، عبر تنسيب هذه الجرائم التي تستهدف شخصيات كردية إلى قاتل يعرفه الكرد جيداً، في كل مدنهم، وهو “القاتل المجهول”. في ذلك التشييع الكبير، كان الغضب انفجر بين قطاع واسع من السكان، خصوصاً فئة الشباب، في تلك الشهور إذ إن الصور والمشاهد الواردة من “كردستان الجنوبية” (كردستان العراق) مهّدت لمثل هذا الغضب خلال التشييع. فبعد قمع النظام البعثي العراقي انتفاضتين، شيعية وكردية، تحول سكان كردستان إلى لاجئين في تركيا وإيران، ولم تكن الصور الصحافية حول واقع هؤلاء اللاجئين سوى حفر في جرح لم يندمل لدى أكراد المنطقة جميعاً، وظهرت أغانٍ أكثر تعبيراً عن الحزن جراء وقائع هذا اللجوء الكارثي على الوجدان القومي الكردي الذي لا يجد ما يبرر به ما يحدث له سوى تحميل المسؤولية لتفرق الكرد وعدم وحدتهم. والمأساة تلعب دورها على صيغتين، إما أن تعمّق الاستسلام أو أن تحرر من الخوف. فتكاملت مجموعة حوادث أجّجت غضب هذا الحشد الشعبي الكبير في قلب مدينة ديار بكر، وزادها أيضاً أن عناصر الأمن فتحوا النار على المشيّعين، وقتل وأصيب عدد من الأشخاص، لكن الشارع بقي ممتلئاً، وبقي يهتف بالكردية في شارع غازي أمام الجامع الكبير. صلاح الدين دميرتاش من هذا الحشد القومي، ومن هذا الصدام الاجتماعي السياسي، بين الدولة والشعب، تشكّل الوعي السياسي لمجموعة جديدة من الشبان الذين يقودون حالياً المشهد السياسي الكردي في تركيا، على رأس هؤلاء كان الشاب الغاضب، صلاح الدين دميرتاش. كان في الـ18 من عمره، ومشاركاً للمرة الأولى في حياته في احتجاج من هذا النوع بعد فترة قصيرة فقط من انتقال عائلته إلى ديار بكر، آتية من مدينة أصغر وأكثر هدوءاً، هي ألازيغ، التي تعرف تاريخياً بـ”خربوط”. خارج ديار بكر كان القتل أسهل بكثير بالنسبة إلى تنظيم “الفاعل المجهول”، لذلك درجة الإذعان لأيديولوجيا الدولة، أكبر بما لا يقاس في مناطق شمال ديار بكر، ومن بينها ألازيغ، وهي منطقة يعيش فيها أكراد من فرعين كبيرين، هما الكرمانج والظاظا. تنتمي عائلة دميرتاش إلى الفرع الثاني، وقد تحولت العائلة، الأب والأم، إلى ناقل بشري لأيديولوجية الدولة، وهو الإنجاز الأعمق الذي تعمل لأجله النخبة القومية التركية منذ تأسيس الجمهورية، وهو تحول العائلة إلى جهاز ينقل تربية الدولة للأطفال. كان هذا التحدي في السنوات الأولى يواجه فشلاً كلياً، بسبب انتشار الأمية بين الكرد، فلا يعرفون غير الكردية، لكن في السنوات اللاحقة، مع توسع التعليم ودورات محو الأمية، إلى جانب الغرامات الباهظة على التحدث بالكردية بين الفلاحين والعمال الفقراء، وعمليات القتل في الشوارع للشخصيات التي تتحدى الدولة في الضواحي والأرياف، هذه العوامل أنتجت شريحة من العائلات المستسلمة، التي باتت تنقل لأطفالها رسائل الدولة، من بينها عائلة دميرتاش التي كانت رسالتها: “نحن أتراك”. في ذلك الحشد في ديار بكر، تحرر صلاح الدين من أيديولوجيا الدولة، ومن عائلته، وانضم إلى “الأقلية المقاوِمة” ضمن أغلبية كردية تم ترويعها على مدى عقود بأعنف جهاز قتل منظم في الشرق الأوسط، جهاز قتل يركّز في اختيار على النوع غالباً، لا على الكم. فقتل ودادت آيدن، وبعده بعامين المثقف الكردي البارز، موسى عنتر، كان بمثابة قتل 100 شخص في الشارع. لكن حين يحتاج الأمر إلى القتل الجماعي، فإن القرى الخالية في ريف كردستان، حتى اليوم، شاهد عيان على آلية العمل. هو مغنٍ، ومحامٍ، وشاعر، وكاتب، ورسام، ومندفع، وقوي الإرادة كان دميرتاش في السابعة عشرة من عمره، حين انتقلت عائلته إلى ديار بكر. هنا في المدينة الكردية الأكبر، فرص نمو الأعمال أفضل من الرتابة المعهودة في المدن الصغيرة. وكانت ديار بكر مدينة تتسع باطراد بوافدين جدد هم القرويون الذين يأمرهم الجيش وتنظيم “القاتل المجهول” بإخلاء قراهم خلال حقبة “الحرب الريفية” بين الدولة و”حزب العمال الكردستاني”. كانت العائلة تريد تحسين دخلها مع اختيار دميرتاش دراسة التجارة البحرية وإدارة الأعمال في جامعة تقع في إزمير، لكنه لم يكمل دراسته بسبب مضايقات سياسية، إذ لم يكن في تلك السنوات سهلاً الحصول على تصريح بالهوية الكردية للشخص في مدن الأناضول وإيجة. في المناطق الكردية لم يكن الوضع مختلفاً، لكن مع فارق أن الملاحقات والمضايقات تكون من جانب الأمن، أما خارج المناطق الكردية، فهناك مجتمع هو جزء من الجهاز الأمني للدولة، وينفذ عقوبات على من يهدد “وحدة البلاد” بشكل مدني، أي ضربه وركله والتنمر عليه، وربما قتله. حوادث مشابهة ما زالت تتكرر حتى هذه الأيام، ومنها حادثة قتل الشاب باريش جاكان، في أنقرة، في حزيران/ يونيو 2020، على أيدي ثلاثة “مدنيين” احتجوا على استماعه لأغان كردية في حيّهم. عاد دميرتاش من إزمير إلى ديار بكر، وقرر تغيير اختصاصه. فتقدم لامتحان القبول كمحامٍ، وتسجّل في جامعة أنقرة. خلال إجازاته في ديار بكر، كان يعمل في مخبز تملكه عائلته بشكل تشاركي، يديره أفراد من العائلة الكبيرة، وكان صلاح الدين، بما أنه شاب جامعي، يعمل، خلال مساعدته فريق العائلة، على نافذة توزيع الخبز، وهذا أرقى جزء من العمل في المخبز. ذات يوم تتقدم فتاة جميلة، ذات عينين خضرواين، في الـ16 من عمرها، من نافذة المخبز. تلتقي أعينهما، فتطلب رغيفاً من الخبز. كان هذا اللقاء الأول بين صلاح الدين، الوافد الجديد إلى المدينة، وبين زوجته باشاك، الفتاة المنتمية إلى عائلة تقطن الجزء الأعرق من المدينة، وهو حي السور التاريخي، المحافظ على مسمى “آمد” حتى اليوم. على عكس صلاح الدين، أمضت باشاك كل حياتها في المدينة، منذ ولادتها وحتى بعد تخرجها من الجامعة. كفاحها الحقوقي، من حيث مهنتها كمحامية، ونضالها الاجتماعي، من حيث هي زوجة دميرتاش، متصلان نفسياً بحدث في طفولتها حين اقتحم الأمن التركي منزل عائلتها واعتقلوا والدها بطريقة عنيفة ومهينة أمام أطفاله، وهم بناته الأربعة وابنه. تقول باشاك في فيلم وثائقي عن حياتها، كان زوجها صلاح الدين، أول من نشره على حسابه في “تويتر”، إن هذا المشهد الذي ساهم في تكوينها العاطفي، لاحقاً، تكرر مع ابنتيها، خلال اعتقال والدهما، دميرتاش. بعد تخرجه من الجامعة، يعود المحامي صلاح الدين دميرتاش، إلى ديار بكر، وينتمي إلى جمعية حقوق الإنسان، وكان رئيسها في ذلك الحين، شاب يكبره بعامين، هو عثمان بايدمير، الرفيق الأقدم لدميرتاش في المجال السياسي، ورئيس بلدية ديار بكر بين 2004 – 2012. كان بايدمير خلال مسيرته كسياسي كردي عريق، يفتح الطريق أمام دميرتاش ليتقدم في السلك السياسي، ذلك أنّ صفات كثيرة تؤهل صلاح الدين لإحداث التفاف أكبر حول المشروع السياسي الديمقراطي لـ”حزب الشعوب الديموقراطي”، الذي تزعّمه منذ تأسيسه في 2014. فهو يمثل اتحاداً بين فرعين يشكلان القاعدة الاجتماعية للقومية الكردية، ينحدر من الظاظا في وسط من الكرمانج، وعازف على الطنبور، وهو مغنٍ، ومحامٍ، وشاعر، وكاتب، ورسام، ومندفع، وقوي الإرادة، وله شقيق هو القيادي الكبير في “حزب العمال الكردستاتي”، نور الدين دميرتاش. في مقابلة صحافية من داخل السجن، في آذار/ مارس 2019، أرسل سلامه لكل المناضلين، وتوقع أن تتم معاقبة تحالف “حزب العدالة والحركة القومية” في الانتخابات البلدية، شعبياً، بشدة، وهو ما حدث حين خسر حزب أردوغان بلديتي أنقرة واسطنبول. دميرتاش أكد أن السجن أتاح له الوقت لمزيد من القراءات، لكن شخصيته لم تتغير. القناعات التي سجن وعوقب من أجلها لم تتغير. نشر من السجن مجموعتين قصصيتين، ورواية. وترجمت إحدى مجموعاته إلى اللغة الإنجليزية. قام بتأليف 16 أغنية داخل السجن، ويود لو كان بمقدوره تسجيلها في الزنزانة. الشخص الوحيد الذي يستمع لأغانيه، رفيقه في الزنزانة، عبدالله زيدان، الذي تمنى له العافية والصبر، وأحياناً يطلع زوجته على الأغاني الجديدة، بالكلمات واللحن. الرجل ما زال يغني لزوجته.
الحصادdraw : آراس فتاح - مریوان وریا قانع ( يكتبانه للحصاد يوم الاثنين من كل اسبوع ) ترجمة : عباس س المندلاوي العالم يعج بالاحداث المأساوية مثل الحروب والتهجير والجوع و تدمير البيئة .. والتي تحز في النفوس و توجع الضمائر الحية ، ولكن في كثير من الاحيان احد تلك الاحداث تتخذ بعدا عالميا وتصبح الابرز ، حدث غرق آلان الكوردي الطفل ذي ثلاثة ربيعا في عام 2015 والعثور على جثته الصغيرة على ساحل البحر ، اصبح رمزا لمأساة نزوح مئات الالاف من المدنيين والعوائل هربا من ويلات الحرب والجوع و سوء الحكم في مناطقهم ، و معرية سياسة اللامبالاة الدولية حيال ظاهرة اللجوء و غرق اعداد كبيرة من الهاربين الى اوروبا ، كانت لحظات بث صور العثور على جثته الصغيرة التي غادرتها الروح المتعبة رسالة منبهة لغرق الضمير الانساني في البحر الابيض المتوسط . واحد الاحداث المؤثرة والمؤلمة والبارزة في عام 2020 المشرف على نهايته ، هو جريمة اقدام ضابط شرطة اميركي ابيض على خنق مواطنه (الاسود البشرة ) جورج لويد ومنع الهواء عنه حتى الموت ن والتي ربما ستعلق في الذاكرة الانسانية لمدة طويلة ، وابرز مايميز الحادثتين المروعتين هو منع الهواء ومنع التنفس ؛ فبعد اعتقال جورج لويد من قبل اربعة من رجال الشرطة في مدينة مينا بولس تم طرحه ارضا ويضع احدهما باسم ديريك شوفين ركبته على رقبته لدقائق ويضغط عليها بقوة ليحد من وصول الاوكسجين الى رئتيه وخنقه في النهاية ، وقبل ان يلفظ انفاسه المخنوقة الاخيرة يصرخ بصوت مختنق " لا استطيع التنفس .. لا استطيع التنفس " ، ولكن الضابط لم يهتم لصراخه وتوسلاته ويستمر بالضغط على رقبته ... حتى يقتله خنقا . وعقب انتشار صور الحادث المروع ، ينزل ملايين الاشخاص الى الشوارع للتعبير عن غضبهم وسخطهم ، ليس للمطالبة بتقديم الجناة الى العدالة بل لاجراء اصلاحات و تغييرات جذرية في سلك الشرطة الاميركية وتطهيرها من التوجهات اليمينية المتطرفة المناهضة للسود و والاستهتار بحياتهم والتقليل من قيمتها وشأنها . تلك المطالب اتخذت منحا عالميا ، الحادث الذي اشعل الشارع الاميركي اعطى قوة دفع هائلة للحركات المناهضة لليمين بصورة عامة وسيما لحركة " حياة السود مهمة " ، الاجتماعية السياسية المناهضة لليمين المتطرف في اميركا ، وعلى غرار المدن الاميريكة شهدت عدد من المدن والمناطق في العالم تظاهرات مناهضة لليمين ومطالبة بالتطرف اليميني وباحترام حياة السود . وكما انتشرت صور العثور على جثة الطفل الان الكوردي الغارقة على ساحل البحرالمتوسط واحتلت صدارة وسائل الاعلام العالمية وشبكات التواصل المختلفة ، تناقلت صفحات وسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي اللقطة الفيديوية لواقعة خنق المغدور جورج لويد ، وفي مدة يسيرة شاهد العالم باسره تلك الجريمة العنصرية المروعة ، وهذا ما جعل مصطلح " التنفس " من اهم كلمات عام 2020. "التنفس " اصبح كصرخة للحياة الكريمة واحترام الانسان دون تمييز و لصيانة الكرامة . يعيش معظم الافراد والجماعات في اقليم كوردستان تحت نير حكم السلطات في الاقليم في حالة من الارباك الخطير في وضعيتي الاختناق والخنق كما أسلفنا ، الانسان الكوردي يواجه احتمالين غير انسانيين ؛ اما ان يترك وطنه و يهاجر كما حدث مع عائلة ( آلان الكوردي المفجوعة ) ، لايجاد بديل اخر لحياته ومعيشته غير الانسانية ، أو ان يبقى ويواجه مصير جورج لويد قبيل قتله وهو الصراخ ولكن دون مجيب او مهتم . افراد المجتمع الكوردستاني يرزحون تحت ضغوط يومية من ممارسات حكام وسلطات الاقليم على شكل ارباك هاديء ومخنوق ولكن مستمر ، وهذا الارباك ؛ ارباكٌ له جوانب اقتصادية وسياسية و اعلامية واجتماعية بل واخلاقي ايضا . وعلى الصعيد الاقتصادي يعيش اناس كثيرون تحت خط الفقر ، وينزل الى هذا المستوى المعيشي المتردي اعداد كبيرة من الناس باستمرار ، ان الاستمرار في تكًوِنْ اعداد كبيرة من العاطلين عن العمل ومعدومي مصادر الدخل المناسبة موازية لظهور اعداد قليلة من اصحاب الملايين والمليارات ( مليارديرية ) والاثرياء من اصحاب الارقام الفلكية من الاموال والنقد الاجنبي والعراقي ، ان العرف الذي يدير القطاع الاقتصادي في اقليم كوردستان يصنع ويخلق فقر مدقع و مرعب مقابل إثراء فاحش وخطير على خلفية نهج و مسار اساسه الفساد والسرقة والنهب و احتكار القطاع الاقتصادي عبر السيطرة والتحكم في المجالات الاقتصادية الرئيسة في الاقليم من قبل عدد محدود من الاسر السياسية ، ففي ظلام هذا النوع من الانظمة السياسية لن تجد اي فرصة للخلاص من هذا الارباك والاختناق الاقتصادي الذي يخيم على اليوم على الاقليم . وعلى الصعيد السياسي تجد نفس الاختناق والارباك والضغوط الهائلة التي صنعتها نظام سياسي سلطاني ، وهذا المر لم يترك اي مجال لما يسمى الصالح العام والسياسة الوطنية ، وهذا الصعيد موبوء بالعلاقات غير الصحية والاتفاقات السرية ( تحت الطاولة ) وشراء الذمم والتزوير والتلاعب وهو محتكر من قبل عدة عوائل سياسية يرتبط بها شخصيات غير مهنية و متسيبة وغير ضليعة في السياسة ، والتي تجمعها نهم الحصول السهل والسريع على المال وتكديسه والاثراء السريع وغير الشرعي . نعتقد ان الارباك الاقتصادي في اقليم كوردستان مصدره الارباك السياسي في المجتمع ، واللذين نبعا في البداية من عملية الاحتكاروالسيطرة التامة على الصعيد السياسي ، ومن ثم نقل تلك السيطرة والاحتكار الى الصعيد الاقتصادي والتحكم به ، ان المجال النفطي و المعابر الحدودية و عمليات التهريب والتبادلات التجارية الضخمة و توزيع العقود و وتشغيل رؤوس الاموال والاستثمارات المختلفة وغيرها من النشاطات الاقتصادية يسيطر عليها عدد محدود من الاشخاص المنتمين للعوائل السياسية الحاكمة والحلقة السياسية الضيقة و المغلقة حول تلك العوائل . ان احتلال واحتكار المجال السياسي من قبل افراد تلك العوائل السياسية الحاكمة والحلقة الضيقة المحيطة بها ادى الى اخلاء المجتمع الكوردستاني من اي قدرة جدية على تعديل اواعادة صياغة العلاقات ومعادلات وموازين القوى فيه . الارباك الاعلامي ظاهرة اخرى خاصة بعالمنا ، فالقسم الاكبر من وسائل الاعلام في الاقليم موجه ومدفوعة الثمن و تحت السيطرة التامة ، فلا نجد سوى مساحة ضيقة للاصوات الحرة والاعلام المستقل الحر ، وهي مساحة صغيرة جدا وتمارس عليها ضغوط كبيرة ؛ فمن السهل لمس الارباك والتضييق الاعلامي في الاعتقالات المستمرة للاعلاميين والصحافيين المستقلين و نشطاء المجتمع المدني غير الخاضعين لسلطات الاجهزة الحزبية . ان مهمة الاعلام المسير والموجه ليست محصورة في الدعاية لسلطات وحكام الاقليم بل تتعداها الى قلب وتزييف الحقائق من اجل خلق اجواء تصعب فيها تمييز الصدق والحقيقة عن الكذب والزييف ، بغية بث روح الاحباط والفشل بين افراد المجتمع ، وكذلك يستخدم هذا الاعلام الموجه والمضلِل كقوة مسلحة غير قانونية في الصراعات السياسية و العسكرية داخل الاقليم ، ومن وظائفه الرئيسية الاخرى انتاج وبث الفرقة وروح التناحر والتباغض و ضرب قيم و مباديء التعايش السلمي وتقبل الاخر. ونجد لهذا الوضع المربك حضورا اجتماعيا قويا ، فلم نر في اي وقت مثل هذا التشرذم في مجتمعنا ولم يكن التعايش الانساني صعبا مثلما هو الان ، يواجه مجتمع اقليم كوردستان انقساما عموديا وافقيا مختلفا ، فلا وجود لاي إجماع مجتمعي او ديني او سياسي او حتى ثقافي ، فالقوتان ( الحزبان ) الحاكمتان اللتان تمتلكان القوات المسلحة الخاصة بهما ( البيشمركة و الشرطة والامن ) بامكانهما تقسيم الاقليم في اي وقت تشعران بخطرعلى سلطاتهما ؛ فتغلقان الحدود الفاصلة بين مناطق نفوذهما وقطع اي اتصال اجتماعي بين مناطق ومدن الاقليم ، مما يكل تهديدا وخطرا على نفسية المواطن ومزاجه الاجتماعي والسياسي فيخلق انغلاقا اجتماعيا ومناطقية و وارباكا اجتماعيا ويضرب التماسك والنسق المجتمعي كم ويضعف المودة والوئام بين سكان المناطق على الطرفين . في جميع تلك المجالات يشبه وضع الاقليم ظروف صرخة جورج فلويد من اجل التنفس من نير ضغوط التهمي والاهمال المتعمد للسلطات ، ومن الناحية الانسانية يشبه ظروف عائلة الطفل الغريق آلان الكوردي، التي اضطرت الى الهجرة والنزوح من بلدها لكي تحتفظ بكرامتها وتتنفس الحرية ولكن اهوال البحر والغرق هو المصير .. اذا كانت اللغة والحديث السائد في 2020 باميركا كان عن " التنفس " فان اللفظة والحديث السائد في عالمنا نحن بالسنوات الاخيرة كان هو " الارباك " . ان الذي تمارسه سلطات اقليم كوردستان بحق مجتمعنا هو الارباك المنظم الذي لا نهاية له الا بالفناء والموت او العصيان والتمرد ، ولا احتمال لوجود حل اخر بين الخيارين او ربما يكون من الصعوبة بمكان وجود حل اخر ... الحكم و كورونا واقتصاد الفرهود
الحصاد draw: صلاح حسن بابان- DARAJ يمضي الصحافيون والنشطاء المطاردون في بلدهم، أياماً عصيبة مع مرارة الخيارات المتاحة أمامهم بين التخفي الدائم بعيداً من عيون الميليشيات ورصاصاتهم الكاتمة، أو الهجرة والاغتراب لمن استطاع إلى ذلك سبيلاً. تُخرج نسرين (اسم مستعار، 27 سنة) السيجارة ما قبل الأخيرة من علبتها. تحدّق بحزن بزحام العابرين في الخارج عبر نافذة مقهى شعبي في حي سرجنار في مدينة السليمانية، قبل أن تقول وهي تنفخ الدخان بحرقة “الكثير من هذه الوجوه السمراء المتعبة، جاءت إلى هنا من بغداد ومدن الجنوب، هرباً من أدوات القتل”. تضيف مستعيدةً بعض تفاصيل الواقعة التي أجبرتها على ترك مدينتها: “كانت الساعة تشير الى السادسة مساء، حين رن هاتفي، فعلمت بأن أصدقائي الثلاثة ينتظرونني في السيارة خارج منزلي لكي نذهب إلى مجلس عزاء صديقنا الناشط في احتجاجات البصرة تحسين أسامة، بعد يومٍ واحدٍ من اغتياله بمسدسات مزودة بكواتم صوت أمام بيته”. بمجرد خروجها من الباب وقعت عيناها على سيارة سوداء مقبلة باتجاههم وهي تضم رجالاً يحملون مسدسات امتدت مع أياديهم من نوافذها الجانبية: “لم أفكر لحظتها إلا بالصراخ لأنبّه أصدقائي الذين هرعوا معي الى الداخل مسابقين وابلاً من الرصاص انهمر علينا”. تطفئ سيجارتها. 17 رصاصة أخطأتهم، باستثناء واحدة أصابت ساق نسرين اليمنى، وأنقذهم الجدار الخارجي لمنزلها الذي احتموا خلفه من موت أكيد. دقائق صعبة وثقيلة عاشوها قبل أن تصل قوة من الشرطة وتنقلتهم إلى مكان آمن. بعدها ونزولاً عند نصيحة الأهل والأصدقاء قررت ترك مدينتها وعملها في منظمات في المجتمع المدني والانتقال إلى مدينة السليمانية في إقليم كردستان خوفاً من استهدافها مرة ثانية. تميط نسرين اللثام عن تجربتها، كناشطة في ساحات التظاهر في البصرة، أكبر مدن الجنوب العراقي والتي خرج شبابها ضد فساد القوى المتنفذة في الدولة مطالبين “بالاصلاح واستعادة الوطن”. تتوقف بحزن عند عام 2018، حين نشرت صورة لها مع قنصل غربي وهو يكرمها مع مجموعة من زملائها النشطاء في البصرة: “تعرضت بسببها إلى شتى انواع الإهانات الأخلاقية والمعنوية من الميليشيات والموالين لها. اتهموني بالتخابر والعمالة لإسرائيل. وتلقيتُ الكثير من الرسائل النصية والاتصالات من أشخاص مجهولين هددوني بالقتل”. نفذوا تهديدهم. لكنها نجت. مع ان تهديدات مماثلة، عادة تنتهي بالموت. “سنصل إليكم حتى ولو صعدتم إلى السماء”. غيرت لون شعرها. تحاول قدر الإمكان إخفاء وجهها والتخفّي حتى وهي في السليمانية. فأذرع الميليشيات طويلة. وكثيرون من أقراننا غادروا السليمانية إلى خارج البلاد، بعد شعورهم بأنهم ملاحقون من جواسيسها. إحدى الرسائل التي وصلتها تقول بالحرف: “سنصل إليكم حتى ولو صعدتم إلى السماء”. لم تعد نسرين تحلم الآن إلا بالحصول على فرصة هجرة إلى أوروبا أو أي دولة أخرى تخلصها من خوفها وقلقها اليوميين. تقول بقناعة تامّة: “لن تتركنا الفصائل التابعة للأحزاب الإسلامية الشيعية في حالنا حتى إن انتهت المظاهرات”. تلك الفصائل التي توالي بغالبيتها ايران، وتعمل لمصلحتها حتى لو تقاطعت مع مصلحة بلدها، متهمة بارتكاب عمليات اغتيال مخطط لها وتنفيذ هجمات قتل عشوائية خلال الاحتجاجات الشعبية التي شهدها العراق في تشرين الأول/ اكتوبر 2019 واستمرت نحو عام، شهد استهداف مئات المتظاهرين والنشطاء المعروفين في بغداد ومحافظات ذي قار والبصرة والنجف والديوانية. 560 شخصاً قتلوا خلال التظاهرات وبحسب إحصاءات وأرقام صادرة من أطراف حكومية ومنظمات حقوق الإنسان، فان أكثر من 560 شخصاً قتلوا خلال التظاهرات إلى جانب جرح الآلاف بينهم عشرات أصيبوا باعاقات تمنعهم من استعادة حياتهم السابقة، فضلاً عن خطف واخفاء عدد من النشطاء والصحافيين الذين لا يزال مصيرهم مجهولاً. السليمانية ملاذ آمن توثق “جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق” تعرض 341 صحافياً عراقياً منذ تظاهرات تشرين الأول 2019 إلى شتى أنواع “الانتهاكات الجسيمة والمضايقات”. طاولت بوجه الخصوص العاملين منهم في المؤسسات الإعلامية المعروفة بتغطيتها للاحتجاجات. وتنوعت بين اغتيال وتهديد بالقتل فضلاً عن الاختطاف والاعتقال والاحتجاز. مدير الجمعية مصطفى ناصر يعبّر عن قلقه البالغ مما يتعرض له الصحافيون، لأنه “مؤشر خطير جداً على تدهور حرية الصحافة، وسيؤدي حتماً الى تراجع العمل الصحافي وتقييد امكانات السلطة الرابعة وقدرة الصحافيين على التعبير والتأثير في الرأي العام”. وبحسب مركز”ميترو” المعني بالدفاع عن حقوق الصحافيين والذي مقره الرئيس في السليمانية، اتخذ 178 صحافياً وناشطاً بعد انطلاق احتجاجات تشرين الأول 2019 من محافظة السليمانية ملاذاً لتجنب المصير الذي لاقاه زملاء لهم “اغتيلوا على أيدي عناصر الأمن والميليشيات أو اعتُقِلوا وبعضهم ما يزال مصيره مجهولاً”. يشير مدير المركز ديار محمد، إلى أن هناك عشرات غيرهم في السليمانية، لكنهم يمتنعون عن تسجيل أسمائهم خوفاً من تسرب أي معلومات عنهم وبالتالي رصد أماكن سكنهم وتحركاتهم في المحافظة. 178 صحافياً وناشطاً اتخذوا من محافظة السليمانية ملاذاً لتجنب المصير الذي لاقاه زملاء لهم ويؤكد محمد أن معظم الصحافيين المسجلين في مركز ميترو “تعرضوا للتهديد بالقتل والاختطاف في محافظاتهم مع عجز الجهات الأمنية عن حمايتهم”، مبيناً أن “العاصمة بغداد تأتي في مقدمة المحافظات التي غادرها الصحافيون والناشطون وتليها الديوانية ومن ثم ذي قار”. ويشير ديار إلى أن كثراً من النشطاء والصحافيين يعانون، إضافة الى حالتهم النفسية السيئة، من تدهور أوضاعهم المالية وحاجتهم للمساعدة العاجلة. ويقول أن مركز “ميترو” سبق أن قدم مذكرة رسمية الى الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان في شهر ايلول/ سبتمبر 2020، لتقديم المساعدات اللازمة للصحافيين والنشطاء الهاربين من محافظاتهم “لكنهم لم يحصلوا سوى على وعود… لم يتلق أيٌ منهم المساعدة، باستثناء ما قدمته بعض المنظمات الدولية”. “هدّدوا باغتصاب ابنتي” تحدّى أبو حليمة (اسم مستعار)، وهو محامٍ وناشط مدني، كل التهديدات التي وصلته بقتله وتصفيته جسدياً أو اختطافه كما حصل مع كثر من أصدقائه، إذا لم يتوقف عن المشاركة في التظاهرات في محافظة ذي قار. لكن الميليشيات رفعت سقف تهديداتها لهُ مطلع العام الحالي، وحذرته من إمكان خطف ابنته وتصويرها وهي تتعرض للإغتصاب ثم قتلها، في حال لم يترك ميادين الاحتجاج: “لديّ ولدين، ابنتي البكر عمرها عشر سنوات فقط، وطفلي الثاني خمس سنوات. أرادوا بتلك الطريقة الدنيئة الانتقام مني بعد أن عجزت رصاصاتهم وأيديهم عن اغتيالي، لأنني كنت أتحصن بساحة الحبوبي التي تحولت الى أيقونة التظاهر في ذي قار ولا أغادرها”. بمجرد تلقيه التهديد عبر اتصال هاتفي، تسلل أبو حليمة، من ساحة التظاهر إلى منزله. وغادر مع زوجته وطفليه بالثياب التي عليهم: “كان الوقت منتصف النهار نهاية شهر شباط/ فبراير 2020 توجهنا مباشرة الى بغداد ولم نبق فيها سوى نصف ساعة فقط، ومن ثم انطلقنا بسيارة خاصة إلى السليمانية”. أبو حليمة يقول إن تلك التهديدات التي وردته مصدره معظمها أرقام هواتف إيرانية، “لكن لهجة المتحدث كانت عراقية على الدوام”. يمضي أبو حليمة أياماً صعبة في ملجئه. فهو لم يتمكن، للشهر الثاني على التوالي، من دفع بدل إيجار البيت الصغير المؤلف من غرفة واحدة وصالة، حيث يسكن مع عائلته بمبلغ 200 ألف دينار (نحو 160 دولاراً). 100 صحافي وناشط من جنوب العراق في السليمانية، يعيشون ظروف قاسية هنالك على حد علم أبو حليمة نحو 100 صحافي وناشط من جنوب العراق في السليمانية، يعيشون الظروف القاسية ذاتها. لكنه وبخلاف كثيرين غيره، رفض فرصة للهجرة الى خارج العراق قدمتها له منظمة دولية. لأنه يعتقد بأن ذلك يعني ان المليشيات حققت أحد أهدافها الرئيسة “هذا ما يريدونه، أن نموت أو نترك البلاد”. وتسجل ذاكرتهُ قيام الميليشيات باغتيال شباب بارزين في ساحات التظاهر في محافظته ومنهم أزهر الشمري، علي العصمي، علي الخفاجي، حسن المهلل وآخرين، في مشهد متكرر: “عناصر يحملون مسدسات مزودة بكواتم صوت، يترجلون من سيارات نوافذها داكنة ولا تحمل أرقام تسجيل. يقتلون أو يخطفون ثم يختفون بكل بساطة، لتعلن الجهات الأمنية بعد ساعات عن فتح تحقيقات تظل مفتوحة إلى الأبد من دون الوصول إلى اية نتائج”. ويتحدث عن وسيلة أخرى اعتمدتها الميليشيات لإسكات المحتجين جنوب العراق من خلال اللجوء إلى شيوخ العشائر. يقول: “قدمت لهم المال والنفوذ في السلطة وكسبت ولاء كثر منهم ضد النشطاء، ومن يرفض يواجه التهديد”، مذكراً بالرسالة التي وجهها زعيم التيار الصدري الى شيوخ العشائر مطالباً إياهم وبنحو علني “بالكف عن دعم ومساندة التظاهرات”. لكنه يستدرك: “البعض رفض التعاون مع الميليشيات وفي مقدمتهم الشيخ حسين الخيون وهو من الشخصيات العشائرية البارزة في ذي قار”. واقع الصحافيين لم يتغير تفتقر السليمانية الى وجود مؤسسات إعلامية ناطقة باللغة العربية وهذا ما يصعّب الحياة المعيشية بالنسبة إلى الصحافيين النازحين اليها، فلم يجد سوى قليلين منهم عملاً بصفة محرر أخبار أو معد تقارير وبرواتب شهرية لا تتجاوز في احسن الأحوال الـ500 دولار. على رغم ذلك يفضلها الصحافيون على بقية مناطق الإقليم، خصوصاً أن المدينة كانت في أوقات سابقة ملاذاً للصحافيين والنشطاء الهاربين من العاصمة بغداد والمحافظات الأخرى خوفاً من عمليات التصفية على يد فصائل مختلفة الولاءات. فقد لجأ صحافيون كثر إليها بعد عام 2003 وفي فترة الاقتتال الطائفي بين عامي 2006 و2008 وبعدها خلال سنوات تعاظم نفوذ تنظيمي “القاعدة” و”داعش” في المناطق السنية. هناء رياض تقول الصحافية البغدادية هناء رياض التي تسكن السليمانية منذ عام 2007 عقب تعرضها مع زملاء لها لهجوم من تنظيم “القاعدة”، استهدف إذاعة دجلة في بغداد، إن واقع الصحافيين لم يتغير فهم منذ 17 عاماً يُستهدفون بالقتل والخطف ومن جهات مختلفة. وحتى بعد مرور 13 عاماً ما زالت رياض تحتفظ في ذاكرتها بشريط أحداث ذلك اليوم، حين شن التنظيم هجوماً بسيارات مدججة بأنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة كأنها تقاتل أحد جيوش العالم بقصد السيطرة على مبنى المؤسسة، لكنهم فشلوا نتيجة المقاومة التي أبداها الحراس وتمكن العاملون، من الهرب عبر أسطح المنازل القريبة، وكان لها الحظ في أن تكون من بينهم. ترى رياض أن إقليم كردستان لا يزال يسمح بمساحة حرية أوسع، على رغم بعض الانتهاكات التي تسجل في الإقليم، من غلق بعض المؤسسات ومحاولة تكميم أفواه المعارضين للسلطة من أفراد ومؤسسات. لكن استقلالية الإقليم الادارية والأمنية عن بقية مناطق البلاد، هو الذي جعله ملاذ الصحافيين الهاربين من التصفية خصوصاً بعد تحول بغداد، التي تضم أكبر عدد من المؤسسات الإعلامية والوكالات ومقرات الصحف، إلى ساحة للاغتيالات، مع اشتداد تظاهرات تشرين وتعرض مؤسسات إعلامية معروفة لهجمات فصائل مسلحة وتحت مرأى الأجهزة الأمنية كما حصل مع قناتي “NRT” و”دجلة” وغيرهما. إقليم كردستان لا يزال يسمح بمساحة حرية أوسع، على رغم بعض الانتهاكات التي تسجل فيه يسرد الصحافي بكر (اسم مستعار، 25 سنة) تفاصيل اعتقاله من قبل عناصر ميليشيات يرفعون رايات الحشد الشعبي، وذلك بعد سلسلة من تهديدات بالقتل التي تلقاها عبر الهاتف وعبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب دعمه الاحتجاجات، “في 28 تشرين الأول 2019 اعتقلتنا قوة مسلحة أنا ومجموعة من الصحافيين ونحن في طريقنا إلى ساحة التحرير. مضى يوم كامل من التحقيق رافقه سيل من التهديدات والمضايقات، ثم أطلقوا سراحنا بعد إجبارنا على كتابة تعهدات خطية بعدم المشاركة في التظاهرات مجدداً”. ثم بعدها بأيام تلقى بكر مع زملائه جميعاً تهديدات عبر الهاتف، “تتوعد باختطافنا وقتلنا إذا لم نكف عن الكتابة عن التظاهرات وإذا واصلنا نقل مطالب المحتجين وحراكهم”. على إثر ذلك غادر بكر ومعه 9 صحافيين آخرين بغداد باتجاه السليمانية ليواجهوا هناك صعوبات مختلفة بعد فقدان وظائفهم، وفي ظل انعدام فرص العمل في السليمانية وتكاليف المعيشية وعدم حصولهم على أي دعم من الحكومة أو المنظمات. فيما اضطر اثنان منهم للهجرة إلى خارج العراق، فسافر أحدهم إلى تركيا والآخر إلى الأردن، “مدفوعين بتهديدات وصلتهم من كتائب حزب الله، وعصائب أهل الحق، وهما أكثر فصيلين يمارسان التهديد ضد الصحافيين والنشطاء”. “ما لا يمكن احتماله، هو أن تذهب كل تضحيات أصدقائنا هباءً في ظل محدودية الإنجازات المتحققة مع استمرار القوى ذاتها في الحكم” لا تملك “نقابة صحافيي كردستان” الكثير لتقدمه لهؤلاء. يقول نقيبها أزاد حمه أمين: “تعاملنا بمهنية مع قضية التهديدات التي طاولتهم بعد تظاهرات تشرين، وتواصلنا مع قوات الآسايش (جهاز الأمن) لتسهيل إجراءات سكنهم، إلى جانب تأمين مساعدات مادية لهم تبرعت بها منظمات دولية”. يمضي الصحافيون والنشطاء المطاردون في بلدهم، أياماً عصيبة مع مرارة الخيارات المتاحة أمامهم بين التخفي الدائم بعيداً من عيون الميليشيات ورصاصاتهم الكاتمة، أو الهجرة والاغتراب لمن استطاع إلى ذلك سبيلاً، أو النزوح إلى إقليم كردستان ومواجهة العوز في ظل أزمة اقتصادية خانقة هناك. “كل ذلك يمكن احتماله”، يقول صحافي بارز، تردد اسمه ضمن قوائم الموت التي تنشرها الميليشيات. يضيف متحدثاً عبر الهاتف من خارج العراق، “لكن ما لا يمكن احتماله، هو أن تذهب كل تضحيات أصدقائنا هباءً في ظل محدودية الإنجازات المتحققة مع استمرار القوى ذاتها في الحكم. كل ليلة نعيش الرعب والخيبة ونحن نتذكّر وجوه أولئك الذين تركونا إلى الأبد”. انجز هذا التقرير بدعم من مؤسسة “نيريج” للصحافة الاستقصائية
الحصاد draw : قرر مصطفى الكاظمي رئاسة الوزراء العراقي ارسال مبلغ (٣٢٠ مليار) دينار الى اقليم كوردستان للمرة الاخيرة قبل المصادقة على موازنة ٢٠٢١لتأمين رواتب الموظفين،وتلقى الكاظمي اشارات ايجابية لارسال المبلغ من كل من العامري والمالكي والحكيم. بحسب المعلومات التي حصل عليها (الحصاد) من عدد من المصادر المطلعة من بغداد، ان الكاظمي قرر إضافة مبلغ (٣٢٠ مليار) دينار الخاصة برواتب موظفي الاقليم في الايام القليلة القادمة الى الحساب الخاص بحكومة اقليم كوردستان. يأتي قرار الكاظمي بإرسال المبلغ لتأمين رواتب الموظفين بعد اتصالات من عدد من الاشخاص المتنفذين في الاقليم مع القيادات الشيعية العراقية وتحديداً (هادي العامري) رئيس ائتلاف الفتح. يبغى الكاظمي اخذ موافقة الاطراف الشيعية لارسال المبلغ وذلك تحاشياً لغضب تلك الاطراف داخل البرلمان العراقي، الذين صوتوا بالاجماع على قانون الاقتراض وربطوا في ذلك القانون ان ارسال اية مبالغ مالية الى اقليم كوردستان من قبل حكومة الكاظمي تكون مقابل تسليم الاقليم جزءاً من نفطه الى العراق. وفقاً للمعلومات التي حصل عليها (الحصاد) من بغداد، ان الكاظمي سيوقع لآخر مرة قبل المصادقة على ميزانية ٢٠٢١ على ارسال مبلغ الـ(٣٢٠ مليار) دينار الى اقليم كوردستان، وعليه يجب ان يصادق على هذا المبلغ في موازنة ٢٠٢١، بمعنى انه للشهور القبلة سوف ترسل المبلغ الذي يتم المصادقة عليه في موازنة ٢٠٢١. وكان الكاظمي قدتلقى اشارات ايجابية لارسال المبلغ الى الاقليم من كل من هادي العامري رئيس ائتلاف الفتح ونوري المالكي رئيس ائتلاف دولة القانون وعمار الحكيم رئيس تيار الحكمة، ولكن بحسب استقصاءات (الحصاد) لا يزال مقتدى الصدر وائتلافه (السائرون) وكذلك حيدر العبادي رئيس ائتلاف (النصر) غير راضين على إرسال المبلغ. وكان الكاظمي قد اعلن سابقاً انه يُدَوِّر على مخرج "قانوني وسياسي) بغية ارسال المبلغ لرواتب موظفي الاقليم، ويُحتَمَل ان يكون المخرج السياسي قد تبين له قليلاً.
تقرير: محمد رؤوف- فاضل حەمە ڕفعت ترجمة : عباس س المندلاوي من المقرر ان تناقش حكومة اقليم كوردستان هذا الاسبوع مسالة توزيع رواتب موظفي الاقليم لشهر( 10) تشرين الاول المنصرم ، علما ان حكومة بغداد لم تخطر الاقليم فيما اذا كانت سترسل المبلغ المقرر من قبلها ( 320 مليار دينار ) ، وفي حال عدم ارسال المبلغ الى اربيل فان حكومة الاقليم امام ثلاثة خيارات لحل مسالة الرواتب المستحقة عليها لمنتسبيها ، اقربها هو اللجو الى الاقتراض لدفع الرواتب مع استقطاع نسبة 18 % منها ، للمزيد من التفاصيل اعد ( الحصاد DRAW ) هذا التقرير : الحلول المطروحة لصرف رواتب الشهر الماضي وهذا هو الشهر الاخير من سنة 2020 قد دنت ايامه وحكومة الاقليم لما تناقش كيفية صرف رواتب الشهر العاشر ، فيما تسلم الموظفون رواتب شهر التاسع قبل اكثر من اربعين يوما ، وكانت وزارة مالية الاقليم قد صرفت رواتب الشهر الثالث قبل ذلك بنحو شهرين ، ولكنها اعلنت بعد ذلك انها لن تتحمل اعباء تأخير التشكيلة الحكومية السابقة( حكومة نيجيرفان برزاني ) لصرف الرواتب فقررت القفز الى الشهر التاسع عابرة شهور ( 4 و 5 و6 و 7 و 8 ) بجرة قلم في تنصل واضح لواجباتها تجاه منتسبيها دون اي كلمة او استدعاء من برلمان الاقليم الذي يسيطر عليه حزب رئيس الوزراء وحلفاؤه . لماذا تأخر صرف الرواتب ؟! يُرجع البعض سبب تاخير حكومة الاقليم لصرف رواتب منتسبيها للشهر العاشر الى تأخر مجلس النواب العراقي في المصادقة على قانون سد العجز في الميزانية الاتحادية او ما يسمى قانون الاقتراض الاتحادي ،والذي تمت المصادقة عليه قبل نحو اسبوعين ، على عكس من اتفاق شهر اب الماضي بين حكومتي بغداد برئاسة مصطفى الكاظمي واربيل برئاسة مسرور البرزاني ، القاضي بتسليم الاخيرة كمية معينة من النفط المستخرج من الاقليم لشركة سومو الاتحادية الخاصة بتسويق النفط العراقي في الاسواق العالمية . وحتى اعداد هذا التقرير لم ترسل حكومة الكاظمي مبلغ ( 320 مليار دينار) الشهري و المتفق عليه مع حكومة الاقليم في شهر اب والساري حتى نهاية العام الحالي ( لحين المصادقة على ميزانية عام 2021 ) من اجل صرف رواتب موظفي الاقليم ،و كان رئيس الوزراء العراقي قد اكد عبر متحدثه الرسمي في وقت سابق بان ارسال المبلغ المذكور سيستمرو لن يواجه مشاكل او عقبات على خلفية السجالات التي كانت دائرة قبل المصادقة على قانون الاقتراض الاتحادي ، لكن ذلك المبلغ الذي خصم منه قيمة واردات نفط الاقليم المتفق على تسليمه لشركة سومو لم يرسل الى الاقليم لحد الان . وزارة مالية في بغداد قد اتممت صرف رواتب موظفي الحكومة الاتحادية للشهر العاشر وهي مستمرة في صرف رواتب الشهر ( 11) المشرف على النهاية ، وقد ترتيب الاقليم الثالث ضمن جدول صرف الرواتب في المالية الاتحادية للشهر العاشر ولكنها لم ترسل رواتب موظفي الاقليم كما كان مدرجا ، لكن حكومة اربيل لحد الان اي وفد عنها لبغداد لاستبيان ومناقشة سبب امتناع المالية الاتحادية عن ارسال المبلغ المتفق عليه الى الاقليم ، بالرغم من الاتصالات بين مسؤولي الاتحادية والاقليم . الى ذلك يقول بعض المصادر ان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي قد ذكر في الاونة الاخيرة انه يبحث عن تخريجة سياسية وقانونية مناسبة لمواصلة ارسال رواتب موظفي الاقليم . ماذا ستفعل حكومة الاقليم لتأمين الرواتب ؟ وتقول المعلومات التي حصل عليها ( الحصاد DRAW ) ، ان حكومة اقليم كوردستان برئاسة مسرور البرزاني ستعقد جلساتها لمناقشة سبل ايجاد مخارج من ازمة الرواتب المستمرة ، سيما راتب شهر (10) تشرين الاول المنصرم والبدء باجراء اتصالاتها مع الحكومة الاتحادية لمعرفة مصير المبلغ المتفق على ارساله الى الاقليم . وبهذا الصدد قال المتحدث الرسمي باسم حكومة اربيل جوتيار عادل ل ( الحصاد DRAW ): " نحن ننتظر ارسال مبلغ ( 320 مليار دينار ) من الحكومة الاتحادية ، وبخلاف ذلك امامنا ثلاث خيارات" ( وعلم ( الحصاد ) ان حكومة الاقليم تمتلك الان حوالي مبلغ ( 370 مليار دولار ) اي حوالي ( 450 ) مليار دينار من اجمالي المبلغ اللازم لرواتب منتسبيها للشهر العاشر مع استقطاع نسبة 18% من رواتب الموظفين اي بعجز مقداره ( 280مليار دينار ) . كيفية سد العجز ؟ يتم اتخاذ اي قرار حيال رواتب الموظفين بالاجماع من قبل الوزراء الممثلين للاطراف والاحزاب المشاركة في االحكومة لقطع الطريق امامها للتنصل من مسؤولياتها في اتخاذ القرارات او اللجوء الى المزايدات السياسية . وتقول مصادر ( الحصاد DRAW ) ان مجلس وزراء الاقليم سيبحث عدة خيارات مطروحة لتحديد كيفية صرف رواتب الموظفين للشهر العاشر ومن ثم التصويت عليها ، سيتم خلال جلسة المجلس طرح ثلاثة خيارات في حال امتناع بغداد عن ارسال مبلغ ( 320 مليار دينار ) الى اربيل وهي : • الخيار الاول : رفع نسبة الاستقطاع من رواتب الموظفين من 18 % الى 50% اعتمادا على المبلغ المتوفر لدى وزارة المالية في حكومة الاقليم وهو ( 450 مليار دينار) من اجمالي المبلغ اللازم تأمينه للرواتب شهريا وهو ( 894 مليار دينار ، وهذا خيار صعب جدا من المستبعد ان تلجأ اليه حكومة الاقليم . • الخيار الثاني : اللجوء الى الاقتراض لسد العجز الحاصل في رواتب موظفي الاقليم ، اذ ان حكومة الاقليم تقول ان لديها مبلغ (450 مليار دينار ) فاذا قررت صرف الرواتب مع استقطاع نسبة 18% منها فانها بحاجة الى اقتراض مبلغ ( 280 مليار دينار ) لاستكمال المبلغ الكلي للرواتب للشهر العاشر والبالغة ( 730 مليار دينار ) على غرار حكومة بغداد ، ولكن هناك سؤوال يطرح نفسه هل تسعى حكومة اربيل الى اقتراض كامل مبلغ العجز ام انها ستلجأ الى زيادة نسبة الاستقطاع من 18% الى الى 39% وهذه خطوة ربما ستكون لها ردود فعل رافضة من قبل الموظفين . • الخيار الثالث : هو اللجوء الى صرف الرواتب كل 60 يوما بدل 30 يوما كما فعلت حكومة القليم سابقا اي تخفيض الرواتب الى النصف او اكثر فعليا ،وهذا يناقض وعود رئيس مجلس الوزراء مسرور البرزاني بعد توليه منصب رئاسة الوزراء بصرف الرواتب كل 30 يوما ، بعد تنصلها من المبالغ المدخرة من رواتب الموظفين على مدى سنوات في التشكيلة الوزارية السابقة برئاسة ابن عمه نيجيرفان البرزاني والقفز الى الامام والتخلص من رواتب من شهور (4 و 5 و6 و 7 و 8 ) ، بذريعة ان تلك الرواتب المتاخرة والمدخرة كانت من شأن التشكيلة السابقة ( في سابقة نادرة ) ، فبدأت وزارة المالية في صرف رواتب الشهر التاسع في العاشر واعدا بتوزيع الرواتب شهريا في مواعيدها اعتمادا على المبلغ ( 320مليار دينار ) الذي سترسله بغداد .
الحصاد draw: كامران قره داغي - كاتب كردي بدأت أغرب مقابلة أجريتها مع مسؤول خلال عملي في الصحافة. رئيس دولة يتبادل الأدوار مع الصحافي! كان عام 1990 حافلاً بأحداث وتطورات تاريخية في المنطقة غيّرت سياسات الشرق الأوسط، الذي ما زال يواجه تداعياتها حتى اليوم. وكان طبيعياً أن تؤثر تلك الاحداث والتطورات مباشرة في الوضع الكردي، تحديداً في العراق وتركيا. الحدث الأبرز كان طبعاً الغزو العراقي للكويت في الثاني من آب/ أغسطس 1990. لكن حتى قبل الغزو بأشهر كانت تصريحات صدام حسين النارية تصعّد التوترات في المنطقة، خصوصاً إعلانه في نيسان/ أبريل أنه قادر على إحراق نصف اسرائيل. جاء ذلك بعد اعتقال مراسل صحيفة “ابزورفر” البريطاني من أصول إيرانية فرزاد بازوفت، الذي كان يقوم بمهمة صحافية وإعدامه في 15 آذار/ مارس بتهمة التجسس. لكن القوى الإقليمية والدولية لم تكن تتوقع أن تصل الأمور بصدام إلى حد غزو دولة عربية جارة. وحدهما الكردي جلال طالباني والعربي أحمد الجلبي، حذّرا علناً في لندن من أن صدام لن يتورع عن غزو الكويت. في أيار/ مايو من عام الغزو العراقي للكويت دُعي طالباني إلى إلقاء كلمة في المعهد الملكي لشؤون السياسة الدولية “تشاتهام هاوس” تحدث فيها عن العراق والوضع الكردي واعتبر أن صدام يفكر بغزو الكويت، الأمر الذي قوبل بإنكار من الحاضرين حتى أن ديفيد غوربوث (توفي في 2004) وكان وقتها مسؤولاً عن دائرة الشرق الاوسط في الخارجية البريطانية وكان بين الحاضرين ويعرف طالباني شخصياً، رد عليه بأن ما قاله مبالغة لا أساس لها. غوربوث لم يكن المسؤول الغربي الوحيد الذي اعتبر كلام طالباني مبالغاً فيه. إذ لم يختلف موقفه عن مواقف مسؤولين أميركيين كانوا يعتبرون أن الولايات المتحدة مستعدة للتعامل مع العراق، على أساس أنه بقيادته يمكن أن يلعب دور شرطي المنطقة لضمان تدفق النفط، من دون عراقيل، شرط أن يدرك حجمه وحدود قدراته. كنت أعرف الباحث الخبير في الشؤون التركية والشرق الأوسط آلان ماكوفسكي الذي كان وقتها ديبلوماسياً في قسم التخطيط السياسي في وزارة الخارجية. لاحقاً أصبح ماكوفسكي أحد المسؤولين عن تنفيذ عملية “بروفايد كومفورت” لإنشاء ملاذات آمنة لكرد العراق في 1991 والتقيته في تركيا أيضاً. فوجئت بأن قسم الشرق الأوسط ومكتب العراق الذي كان عملياً يديره ماكوفسكي، لم يكن فيهما أحد يعرف اللغة العربية. وعندما طلبت من ماكوفسكي أن يرتب لي لقاء مع مسؤول متخصص في الشأن العراقي، قال بإحباط واضح إن قسم الشرق الأوسط في الوزارة لا يوجد فيه أي خبير في هذا الشأن، وأن الوحيد الذي يمكن أن يفيدني هو آرون ديفيد ميلر ،الذي كان نائباً لرئيس قسم التخطيط السياسي. معروف أن ميلر ورئيس قسمه آنذاك دينس روس كانا متخصصين في النزاع الإسرائيلي– الفلسطيني. وكما توقعت اقتصر حديث ميلر معي على العموميات في ما يتعلق بالوضع العراقي. في نهاية المطاف، كل الذين تحدثت معهم في واشنطن من مسؤولين وخبراء، أجمعوا على أن الولايات المتحدة ماضية في التعامل مع صدام حسين، واعتبروا أنه يمكن أن يكون شريكاً قوياً لأميركا، قادراً على توفير الأمن في المنطقة وضمان تدفق النفط، خصوصاً أنه خرج منتصراً من الحرب مع إيران. ولم يمر سوى شهر ونيف حتى انهارت تلك التوقعات والآمال الأميركية بين عشية وضحاها. غير غزو الكويت جذرياً تعامل وسائل الإعلام العالمية والعربية مع النظام العراقي، فقد زالت جميع المحرمات التي كانت تمنع (أو تقيّد) الحديث عن الجرائم الفظيعة التي كان يرتكبها النظام البعثي في العراق. غير غزو الكويت جذرياً تعامل وسائل الإعلام العالمية والعربية مع النظام العراقي، فقد زالت جميع المحرمات التي كانت تمنع (أو تقيّد) الحديث عن الجرائم الفظيعة التي كان يرتكبها النظام البعثي في العراق. بين ليلة وضحاها صارت أنظمة ووسائل إعلام عربية توجه الاتهام مباشرة إلى صدام حسين وابن عمه علي حسن المجيد “الكيماوي”، بأن الأول أمر والثاني نفذ عمليات الأنفال سيئة الصيت واستخدما الأسلحة الكيماوية ضد الكرد. ومنذ ذلك الحين وإلى سنوات لاحقة كان العراق بأحواله وأهواله يتصدر أخبار وسائل الإعلام العربية. هذه التطورات جعلتني وبتشجيع من رئاسة التحرير أركز اهتمامي على الشؤون العراقية والكردية، ما فتح المجال للتواصل مع المعارضين العراقيين ونقل آرائهم ومعلوماتهم. هل ينسحب صدام؟ طوال أشهر بعد غزو الكويت كان اللغز الرئيسي الذي حيّر الرأي العام والسياسيين والخبراء يتركز على السؤال، هل سينسحب صدام من الكويت وهل ستشن أميركا حرباً على العراق في حال رفض الانسحاب؟ في الإطار ذاته، كانت محطات التلفزيون والإذاعات العربية والغربية غالباً ما تستضيف محررين في “الحياة” للحديث عن التطورات. وإذ كان الاتحاد السوفياتي آنذاك ما زال يعتبر القوة العظمى الثانية في العالم، فإن موقفه في حال وقعت الحرب كان جزءاً من اللغز، الأمر الذي استدعى عقد قمة أميركية– سوفياتية في 7 أيلول/ سبتمبر من ذلك العام في العاصمة الفنلندية هلسكني، بين الرئيسين جورج بوش وميخائيل غورباتشوف، فأوفدتني “الحياة” لتغطية وقائعها. القمة انتهت إلى الإعلان عملياً عن نهاية الحرب الباردة واعتراف الاتحاد السوفياتي ضمناً بأن الولايات المتحدة أصبحت القوة العظمى الوحيدة في العالم. هكذا استنتج المراقبون أن موسكو لن تكون في وضع يجعلها قادرة على رفض استخدام القوة العسكرية ضد العراق أو منعها، على رغم إعلانها أنها ستستمر في جهودها لإقناع العراق بالانسحاب سلمياً من الكويت. معروف أن غورباتشوف كلف وقتها مبعوثه يفغيني بريماكوف بالسفر إلى بغداد أكثر من مرة لإقناع صدام حسين بالانسحاب، لكنه فشل في مهمته. في 17 كانون الثاني/ يناير 1991 لم يعد الأمر لغزاً، إذ بدأت عمليات القصف التي شنتها قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد العراق، استعداداً لحرب تحرير الكويت في ما عرف بـ”حرب الخليج الثانية”. حشد القوات والاستعدادات لتحرير الكويت بدأ في 7 آب/ أغسطس 1990 تحت مسمى “درع الصحراء”. وأطلقت تسمية “عاصفة الصحراء” على المرحلة الثانية، بعد استكمال تحرير الكويت، وتمثلت في مطاردة القوات العراقية المنهزمة إلى داخل العراق واحتلال أجزاء من جنوبه. هذه المرحلة الأخيرة استمرت من 17 كانون الثاني حتى 28 شباط/ فبراير 1991. في صباح اليوم الذي بدأ فيه القصف، ما أن وصلت إلى مكتب “الحياة”، حتى جاءني المدير العام روبيرت جريديني وأبلغني بأن رئاسة التحرير قررت أن أسافر فوراً إلى تركيا. في اليوم التالي كنت في طريقي جواً إلى أنقرة، ومنها إلى دياربكر والحدود التركية – العراقية حيث أمضيت أكثر من شهر قبل أن أسافر إلى اسطنبول لاجراء مقابلة “تارخية” مع الرئيس أوزال والعودة إلى لندن. كان على المراسلين الأجانب التوجه إلى دياربكر حيث أقيم مكتب إعلامي لحلف الأطلسي رأسه ضابط تركي اسمه الكولونيل خليل. لماذا ديار بكر؟ لأن قاعدة جوية تركية كانت موجودة فيها وتستخدمها طائرات تابعة للأطلسي، إضافة إلى قربها من الحدود العراقية. الكولونيل رتّب للمراسلين الأجانب زيارة إلى القاعدة الجوية، حيث أمضينا بضع ساعات تناولنا خلالها طعام الغداء على مائدة مضيفنا، شاركنا فيها ضباط أتراك توزعوا معنا على الموائد. قبل الغداء سمحوا لنا بمشاهدة عملية انطلاق مقاتلات تركيا من القاعدة، قيل لنا إنها في إطار عمليات تدريبية. خلال الغداء حاولنا أن نعرف من الضباط الذين كانوا يشاركوننا الغداء إن كانت الطائرات انطلقت فعلاً للتدريب أم للمشاركة في قصف القوات العراقية، لكن الضباط كانوا يردون على أسئلتنا بالابتسامات ويسألوننا في المقابل إن أعجبنا الطعام التركي. إلى ذلك شاهدنا منصات لصواريخ “باتريوت” منتشرة في أطراف القاعدة، فيما كانت طائرات نقل أميركية وغربية عملاقة تهبط على أرض القاعدة فيقوم الجنود باخراج معدات حربية منها وينقلونها إلى العنابر. عدا ذلك ومع مرور الوقت أدركنا أننا لن نشهد أي حدث مثير في القاعدة. لكن فجأة ونحن نتمشى قرب مدارج الطائرات في انتظار سيارات عسكرية تقلنا إلى فنادقنا حدث ما لم نتوقعه: طائرة شحن عملاقة تختلف في شكلها عن طائرات الشحن الأميركية بدأت الهبوط على أحد المدارج، وعندما هبطت وبدأت تتحرك ببطء قبل توقفها، شاهدنا على جانبها شعار شركة الخطوط الجوية السوفياتية المشهورة “آيروفلوت”. وما أن توقفت حتى هرع إليها الجنود وبدأوا إخراج معدات حربية منها. أذكر أنني أرسلت في ذلك اليوم تقريري إلى “الحياة”، مشيراً فيه إلى أن انتظارنا في القاعدة الجوية لم يكن عبثاً، بعدما انتهى بمفاجأة “آيروفلوت”. التقرير نشر في الصفحة الأولى. الكولونيل خليل كان المراسلون الأجانب والأتراك يلتقون يومياً في مقر حلف الأطلسي، بحثاً عن أخبار ومعلومات محددة في شأن التطورات العسكرية، لكن الكولونيل خليل كان يكتفي بابتسامة، رداً على أي سؤال حول مشاركة محتملة للقوات التركية في الحرب على العراق، أو ما اذا كانت الطائرات الحربية التركية التي تنطلق يومياً من قاعدة ديار بكر كانت تشارك في عمليات القصف على أهداف عراقية. في الأثناء، كانت لي قصة مع الكولونيل خليل. كان على المراسلين الأجانب أن يحصلوا على بطاقة صحافية من مقر الأطلسي تسمح له بالتنقل في المنطقة. الإجراءات كانت تستدعي ترك جوازات سفرنا لدى مكتب الاستقبال في المقر الذي كان يعيده لحامليه مع البطاقة الصحافية وعادة لم يكن يستغرق الأمر يوماً أو يومان. لكن مضت ثلاثة أيام بعد تقديمي جواز سفري العراقي وقتها من دون إنجاز معاملتي، وكان موظف الاستقبال يجيب عن استفساري بأن القضية عند الكولونيل خليل. في اليوم الثالث أو الرابع التقيت الكولونيل خليل وجهاً إلى وجه في حمام المقر. سلمت عليه وسألته، هل هناك مشكلة تمنعك من إصدار البطاقة الصحافية لي؟ لم يبتسم كعادته، لكنه سألني عابساً، أي منطقة تنتمي إليها في العراق؟ أدركت من سؤاله أن التأخير لم يكن إجراءً إدارياً بحتاً بل كان لمعرفته بأنني كردي ما يجعلني مشتبهاً به. لم أجبه عن سؤاله لكنني فاجأته بقولي، بلغة تركية بسيطة، أنني من كركوك التي درست فيها في طفولتي عندما كان والدي والياً (محافظا) عليها في العهد الملكي. لم ينتظر الكولونيل أن أكمل كلامي، علت وجهه ابتسامة عريضة وقال: “لماذا لم تقل منذ البداية إنك تركماني؟”. ثم طلب أن ارافقه فوراً إلى مكتبه لإصدار بطاقة الاعتماد! منذ ذلك الوقت أصبحت العلاقة بيننا ودية للغاية، وكان يحرص على تلبية طلباتي ويبحث عن مكان جلوسي خلال مؤتمراته الصحافية اليومية. بعد الزيارة التي قام بها المراسون إلى قاعدة ديار بكر ولشح المعلومات في مقر الأطلسي كنا نسعى إلى زيارة بلدات وقرى قريبة من الحدود العراقية. بعضه كان ينظمه لنا مرافقونا من مديرية الاعلام التابعة لرئاسة الوزراء لكننا كنا نسعى أيضاً إلى التنقل من دون رقابتهم. إحدى الزيارات التي نظمها لنا المرافقون كانت إلى مدينة حكاري عاصمة المحافظة التي تحمل الاسم ذاته، وهي منطقة جبلية تقع في أقصى الجنوب الشرقي، وتتاخم محافظة دهوك في إقليم كردستان العراق. كانت تركيا تراقب حدودها مع العراق مترقبة تدفق لاجئين عراقيين، هرباً من الحرب، إلى حد أن الهلال الأحمر التركي أقام مخيمات في بعض المناطق. وكان بلغنا أن لاجئين عبروا الحدود بالفعل إلى حكاري. توجهت مجموعة من المراسلين، كنت من بينهم في باص، إلى هناك، وكان البرد يشتد كلما ازداد اقترابنا من وجهتنا، حتى أن الثلوج بدأت تتساقط بعد منتصف الطريق، فتوقفنا أمام مقر لحراس القرى على جانب الطريق (الصورة)، طلباً للراحة، وبعد احتساء الشاي واصلنا السفر. قبل أن ننطلق مجدداً، سألنا شرطياً كان أمام المقر إن كان يعتقد أن تركيا ستدخل الحرب، فأجاب بالتركية: “ستدخلها يواش يواش”! من حكاري أرسلت إلى “الحياة” تقريراً نشرته تحت عنوان “تركيا ستدخل الحرب يواش يواش”. حكاري بلدة خضراء جميلة تحيطها الجبال، وكانت تغطيها الثلوج عندما وصلنا إليها. التقينا في مبنى مؤلف من طبقات عدة، بضع عائلات مسيحية لجأت إلى حكاري من قرى حدودية في كردستان العراق. ردوا على أسئلتنا بأنهم فروا خوفاً من قصف محتمل لمناطقهم، وأنهم خاطروا بحياتهم بالسير مسافات طويلة وسط الثلوج، قبل أن يعبروا الحدود إلى تركيا وطلبوا اللجوء فنقلتهم السلطات المحلية إلى هذه البناية، ووفرت لهم بعض وسائل الراحة والدفء والطعام، لكنهم لا يعرفون ماذا سيحدث لهم مستقبلاً. بعد تجوال في المدينة ذهبنا إلى دائرة البريد الرئيسة، وسط المدينة ومنها أرسلنا تقاريرنا بالفاكس ومن هناك تحركنا مجدداً عائدين إلى ديار بكر. عندما جلست إلى جانب أوزال كان يمسك بيده الريموت كونترول ويشاهد مباراة لكرة القدم بين فريقين تركيين. وكان يُعرف عنه حبه لكرة القدم ومتابعته مبارياتها. واصلت عملي في تركيا لأكثر من شهر، متنقلاً بين ديار بكر وجزري ووان وماردين وأطرافها، من قرى كان بعضها مدمراً وبعضها الآخر هجره سكانه إلى المدن قسراً أو طوعاً، بسبب المعارك بين الجندرمة الركية والـ”غوريلا” الكردية. وطوال ذلك الوقت كنت أواصل ارسال التقارير إلى “الحياة”. أخيراً وافق رئيس التحرير على أن مهمتي انتهت وأستطيع العودة إلى لندن. لكنني قبل مغادرة ديار بكر أرسلت بالفاكس طلباً إلى كايا توبيري المستشار الإعلامية للرئيس تورغوت أوزال، لإجراء مقابلة صحافية مع الرئيس فأجابني بفاكس خلال ساعات، بأنه تم تحديد موعد للمقابلة في الثاني من شباط في مقر إقامة أوزال في النادي العسكري في اسطنبول مع ذكر الوقت. سررت بالخبر مع أنني استغربت سرعة الرد بالموافقة. في اليوم التالي، سافرت إلى اسطنبول وبعد يوم آخر اتصلت بتوبيري فاقترح أن التقيه صباحاً في نادي الجيش قبل موعدي مع أوزال مساء. كان النادي يقع قبالة فندق هيلتون التابع له، والمسافة بينهما لا تستغرق سوى بضع دقائق مشياً. استقبلني توبيري بحرارة وسألني عن زيارتي ديار بكر والمناطق الأخرى ومشاهداتي وانطباعاتي، وكان في أثناء ذلك يدون كلامي في دفتر ملاحظاته، ما أثار المزيد من استغرابي. أخيراً ودعني على أمل اللقاء مجدداً مساء لإجراء المقابلة مع رئيسه. تورغوت اوزال كان أوزال اتخذ موقفاً قوياً ضد النظام العراقي، وما أن صدر قرار مجلس الأمن بإدانه غزو الكويت، حتى أمر أوزال فوراً بإغلاق أنبوب النفط العراقي المار بالأراضي التركية. فوق ذلك، كان يحث المؤسسة العسكرية على الانضمام إلى التحالف الدولي والمشاركة في الحرب، في حال شنها التحالف، حتى إنه صرح مرة بأن الجيش التركي نسي كيف يقاتل لأنه لم يشارك في حرب منذ الحرب الكورية في منتصف الخمسينات. وعندما أعلن رئيس هيئة الاركان وقتها الجنرال الفريق أول نجيب طورومطاي في تحد واضح لأوزال، أن المؤسسة العسكرية ترفض المشاركة في أي قتال إلى جانب قوات التحالف الدولي، رد عليه أوزال في تصريح علني أن السياسة الخارجية وفقاً للدستور يقررها رئيس الجمهورية وأن أي مسؤول عسكري أو مدني لا يتفق معه يمكنه أن يتخلى عن وظيفته. ولم تمر أيام حتى أعلن طورومطاي استقالته واختارت رئاسة الأركان الفريق أول دوغان غيوريس خلفاً له. كانت تلك المرة الأولى التي يخضع فيها رئيس الأركان لرئيس دولة مدني. عزز ذلك سلطة أوزال وجعل المراسلين الأجانب يلحون على توبيري لترتيب لقاءات مع رئيسه. توبيري، الذي كان يلازم أوزال في حله وترحاله كان ودوداً مع المراسلين فزادت شعبيته بينهم، وكان يبذل جهده لتلبية طلباتهم. كان أوزال يقيم عادة في جناح واسع خاص في الطبقة 21 في نادي الجيش، خلال وجوده في اسطنبول، حيث كان يواصل مهماته الرسمية. وكان لتوبيري مكتب صغير في الجناح أيضاً. رحب بي أوزال بالتركية فرددت على تحيته بالتركية أيضا ودعاني إلى أن أجلس على مقعد جنبه، فيما جلس توبيري على مقعد يقابله. أسرعت بتهيئة جهاز التسجيل كي لا أضيع الوقت، إذ كان هناك طابور من المراسلين الأجانب ينتظرون أدوارهم خارج الجناح، خصوصاً أن توبيري حدد 20 دقيقة فقط لكل مراسل. لكنني فوجئت بأوزال يطلب أن أقفل جهاز التسجيل لأنه يريدني أن أجيب على أسئلته قبل أن يجيب عن أسئلتي الصحافية. هكذا بدأت أغرب مقابلة أجريتها مع مسؤول خلال عملي في الصحافة. رئيس دولة يتبادل الأدوار مع الصحافي! عندما جلست إلى جانب أوزال كان يمسك بيده الريموت كونترول ويشاهد مباراة لكرة القدم بين فريقين تركيين. وكان يُعرف عنه حبه لكرة القدم ومتابعته مبارياتها. بدأ أوزال حديثه بأن لفت انتباهي إلى أن أرض الملعب يكسوها عشب طبيعي. أضاف أن جميع ملاعب كرة القدم في تركيا مكسوة بعشب طبيعي، موضحاً أنه أمر بذلك عندما كان رئيساً للوزراء وتم ذلك بالفعل. بعد ذلك فقط أقفل جهاز التلفزيون وانتقل مباشرة إلى الحديث عن الوضع الكردي في العراق، فأدركت أن اسئلة توبيري لي في الصباح لم تكن مصادفة. تابع أوزال بأنه يعلم بأنني كردي وأن لي علاقات مباشرة مع الزعماء الكرد ويهمه أن أجيبه عن أسئلته بصراحة، مشدداً على أن هذا الجزء من حديثنا يجب أن يبقى بيننا وهو ليس للنشر. استجوبني أوزال لساعة كاملة ولم يقتصر الحديث بيننا على أسئلة وأجوبة، بل كان أحيانا يتحول إلى حوار عن الوضع الكردي في العراق وتركيا. استغرق هذا الجزء من الحديث ساعة كاملة، ما أثار قلق توبيري الذي ظل بين فترة وأخرى يشير إلى ساعة يده تنبيهاً إلى أن الحديث طال، وأن هناك مراسلين آخرين ينتظرون دورهم. أخيراً أعلن أوزال أنه جاهز للرد على أسئلتي للنشر. سجلت الحديث الذي استغرق عشرين دقيقة. ودعني أوزال مبتسماً بمودة فخرجت من جناحه وتوجهت إلى حيث المصعد وسط نظرات استغراب واستفسار من المراسلين الذين كانوا ينتظرون في القاعة. وأنا في انتظار المصعد لحقني توبيري وصافحني قائلاً إن الرئيس “عاملك كأخ وهو مسرور جداً بالحديث معك”. لم يكن يدور في خلدي أن لقائي الصحافي مع أوزال سيؤدي إلى أن ألعب دوراً في إقامة علاقات مباشرة بين القيادة الكردية في العراق والدولة التركية على مستوى رئيسهاـ وتداعيات ذلك لسنوات لاحقة بالنسبة إلى الوضع الكردي في تركيا و”العمال الكردستاني”، بما في ذلك لقاءات مع أوجلان في سوريا ولبنان. كانت تلك بداية لإقامة علاقات مباشرة استمرت عملياً حتى 2010، بيني وبين كبار المسؤولين الأتراك بمن فيهم وزيران للخارجية ورئيس للجمهورية ورئيسان لجهاز المخابرات المشهور MIT وجنرال في مجلس الأمن القومي وسفراء ومسؤولون في الخارجية عن العلاقات التركية– العراقية والتركية– الكردية، ناهيك بعلاقات عمل وصداقات مع شخصيات سياسية وإعلامية تركية وكردية. لكن ماذا دار بيني وبين أوزال خلال الحديث الخاص؟ هذا ما سأرويه بالتفصيل في الحلقة المقبلة. DARAJ
الحصاد draw: صلاح حسن بابان- الجزيرة نت ما زالت الكثير من الشكوك تدور حول العادات والتقاليد الاجتماعية والشعائر الدينية المثيرة لدى الإيزيديين، وهي أقلية عرقية اتخذت من المناطق الشمالية في العراق، خصوصا محافظتي نينوى ودهوك، موطنا لها منذ مئات السنين، مع تشابك الروايات التاريخية حول عبادتهم للشيطان أو الشمس بوجود ملك مقدّس لديهم يدعى "الملك طاووس"، وافتقارهم لزيّ خاص بهم مثل الأقوام الأخرى بجمعهم الزيّ الكردي والعربي في زيّهم الرسمي. معبد لالش في نينوى يعد مقر المجلس الروحاني للديانة الإيزيدية في العالم (الجزيرة نت) تعدد الروايات تعدّدت الروايات التاريخية حول تاريخ وجود دينهم، حيث يعتقد البعض أن الإيزيديين ودينهم وجدا منذ آلاف السنيين، في حين تذهب روايات أخرى إلى أنهم انبثقوا عن الديانة البابلية القديمة في بلاد ما بين النهرين، في تناقض للرواية الإسلامية وغيرها بأن الإيزيدية هي ديانة منشقة ومنحرفة عن الإسلام، في ظل وجود رأي آخر يفيد بأنها خليط من ديانات قديمة عدة مثل الزاردشتية والمانوية، أو امتداد للديانة الميثرائية، حسب الباحث والمؤرخ الإيزيدي خليل جندي. وتعود مفردة الإيزيدية إلى كلمة يزدان التي تعني عبدة الله الذين يمشون على الطريق القويم، حسب تعريف جندي، الذي يقول إن الإيزيدية من الديانات الهندوإيرانية القديمة قبل الديانة الزاردشتية، التي تعرف تاريخيا بديانات الخصب التي ترتبط فلسفتها وطقوسها بالطبيعة ومع اكتشاف الزراعة وبدء التحضر، مع وجود بصمات واضحة من ديانات وادي الرافدين القديمة كالسومرية والبابلية والآشورية والميتانية. جندي أوضح أن الإيزيدية من الديانات الهندوإيرانية القديمة التي ترتبط فلسفتها وطقوسها بالطبيعة (الجزيرة نت) تقديس الظواهر الطبيعية ومن السمات التي تجعل الإيزيدية على خلاف الديانات الإبراهيمية هي النظرة الفلسفية للتكوين والخليقة، والموقف من قوة الخير والشرّ، وكلاهما متلازمان في وحدة جدلية لا انفصال بينهما، كما يقول جندي، و"بهذا لا يوجد مفهوم العصيان (الشيطان) لدى الإيزيدية بل القول بأن الخير والشر يأتيان من عند باب الله"! ويُقدّس الإيزيديون الظواهر الطبيعية من شمس وقمر ونار وتراب وماء وغيرها باعتبارها تجليات الخالق -حسب جندي- مع وحدة الوجود لوحدانيتها في عبادة الله، إضافة إلى الله الكلي القدرة فإن "هناك عددا غير قليل من الأرباب (خودان) موكل إليهم شأن من شؤون الدنيا، بمعنى ربط سلطة وحكم السماء بالأرض". وتختلف الإيزيدية عن الأديان الأخرى بأنها غير تبشيرية ولا تقبل بانضمام جدد إليها إلا من يولد من أب وأم إيزيديين. مع وجود نظام الزواج الطبقي الداخلي المغلق بين الإيزيدية، كما يؤكد جندي، حيث هناك 6 طبقات زواج مختلفة، كل واحدة تتزاوج فيما بينها ولا يجوز لها الزواج من خارج طبقتها، وتلك الطبقات هي: الآدانية، والشمسانية، والقاتانية، وأبيار حسن ممان، وبقية 39 سلالة من الأبيار، والمريدون. وليس للإيزيدية نبي أو رسول مثل الديانات الأخرى، ويرتبط الإنسان بربه مباشرةً في علاقته به، وليس في طقوسها صلاة جماعية، وإنما يصلي الإيزيدي لوحده في مكان منزوٍ متوجها لحركة الشمس في شروقها وغروبها، حسب جندي، الذي أكد أن "الإيزيدية من ذرية آدم فقط من دون حواء". خدم معبد لالش أثناء وقت راحتهم هل يعبدون الشيطان والشمس؟ وفيما إذا كان الإيزيديون يعبدون الشيطان أو الشمس، يقول جندي إن هذه إشكالية كبيرة وغير صحيحة مطلقا، واصفا إياها بـ"اتهام مجحف وقاس"، متسائلا: كيف يكون هناك إله للشرّ اسمه الشيطان إذ لم تكن هناك أصلا فكرة العصيان للخالق عند الإيزيدية؟ ويعتبر "طاووس ملك"، حسب الديانة الإيزيدية، اسما من بين الـ3003 أسماء لله، وهو إحدى سيماء الألوهية، ويأخذ "طاووس ملك" مرة دور إله السماء "بابا دياوس" عند الإيرانيين القدامى، و"آنو" عند السومريين، و"فارونا" عند الهندوس، وقرص الشمس هو عيونه، ولهذا يقدس الإيزيديون الشمس لحد الآن. وإذا كان "طاووس ملك" قبلة للعبادة عند الإيزيدية -حسب جندي- فإن الشمس هي قبلة للتقديس لديهم. أما نفورهم من كلمة الشيطان فقد أتت نتيجة مقاطعة اللعن ليس إلاّ. ويوضح جندي أسباب عدم امتلاك الإيزيديين كتابا مقدسا بالقول: كان للإيزيديين كتابان مقدسان، الأول باسم "مصحف رش" (الكتاب الأسود)، والثاني باسم "الجلوة"، لكنهما ضاعا في لجة الإبادات التي تعرض له الإيزيديون خلال عهد الدولة العثمانية. خلافات بابا شيخ وبالانتقال من الجانب الديني إلى السياسي، فقد أثارت آلية اختيار "بابا شيخ" -وهو أعلى مرتبة دينية ويعتبر الزعيم الروحي للإيزيديين وفقا لعدد من الشروط والإجراءات الخاصة التي تتم بالتشاور بين المجلس الروحاني مع أمير الإيزيديين وعدد من الشخصيات الدينية- ضجة واسعة بين الإيزيديين، وتسببت في انشطار بينهم بعد اتهامات بتدخل أحد الأطراف السياسية الكردية في عملية الانتخاب، مما أدى إلى نشوب خلافات واعتراضات حادة بينهم، وإعلان البعض منهم عدم اعترافهم بـ"البابا شيخ" الجديد. واتهم الناشط المدني الإيزيدي الدكتور ميرزا دنايي بعض المسؤولين المحليين في الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني بالهيمنة السياسية على القرار في المرجعية الدينية الإيزيدية، معتبرا هذا التطور "سابقة خطيرة جدا" بحق الإيزيدية والأقليات، ولم تُمارس مثل هذه "العنجهية" والأسلوب حتى في نظام صدام حسين رغم قسوته حسب وصفه، متسائلا: كيف تقوم بذلك أحزاب تدعي أنها ديمقراطية؟ ولم يصل ما حدث إلى مستوى الانشقاق الديني بين الإيزيديين كما يتصوّر البعض، لكن يمكن اعتباره استغلالا للسلطة من قبل البعض من أجل إهمال صوت الشرائح والفئات الأخرى في المجتمع، حسب رد دنايي على سؤال للجزيرة نت بشأن ما إذا كان التطور الأخير بمثابة انشقاق ديني، مستذكرا رفض الإيزيديين للخطوة نفسها عندما قام بها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين عام 1995 عندما سعى لتنصيب بابا شيخ للإيزيديين مقرّب من السلطة بعيدا عن الرغبات الجماهيرية، إلا أنه جوبه بالرفض من قبل شيوخ وعشائر الإيزيديين، فخضع نظام صدام لرغبة الجماهير. واستغرب الناشط الإيزيدي النظر إليهم كأنهم مواطنون من الدرجة الثالثة، متهما الأطراف القابضة على السلطة، سواء السياسية منها أو الحزبية، بمحاولة فرض الوصاية عليهم، ومستفسرا عن أسباب غياب دعم الدولة لهم، وهو ما تسبب في ضعف الإيزيديين في العراق. اعلان وباتت القضية الإيزيدية مسيسة بتنازع أطراف عدة عليها لتحصد ثمار الكارثة التي حلت بهم أثناء اجتياح مناطقهم من قبل تنظيم الدولة الإسلامية عام 2014، حسب دنايي، عازيا السبب إلى غياب الدولة كمؤسسة فشلت في فرض هيبتها القانونية والسيادية، مما انعكس سلبا على العيش المشترك بين الطوائف والأقليات. الحديثي: الإسلام كفل حياة طيبة للإيزيديين وغيرهم من أصحاب الديانات الأخرى (الجزيرة نت) نظرة الإسلام للإيزيدية وحول نظرة الإسلام للإيزيدية، يقول أستاذ الشريعة في جامعة الأنبار الشيخ الدكتور مازن مزهر الحديثي إن الإسلام كفل حياةً طيبة لهذه الفئات عملاً بنصوص القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة وحق التعايش لأهل الذمة، مستندا للآية التي خاطب فيها الله تعالى الرسول محمد صل الله عليه وسم {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107]، وشملت هذه الرحمة العالمين جميعا وليس المسلمين فقط. وينفي الحديثي بآية (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) [البقرة: 256] ما يُشاع حول فرض الإسلام عقيدته على من يخالفه في الدين تحت التهديد وباستخدام القوة، مضيفا أن الإيزيديين يعتبرون من أهل الذمة لدى الإسلام مثل غيرهم، لهم من الحقوق مثل ما عليهم من الواجبات، وكفل لهم الإسلام حرية ممارسة شعارئهم الدينية وأن تكون دماؤهم معصومة وأموالهم محفوظة وأعراضهم مصانة. واستغرب الحديثي عادات وتقاليد موجودة لدى بعض الأديان منها الإيزيدية، التي ترفض قبول الطفل من أب أو أم غير إيزيدي، كما الحال عند بعض الطوائف اليهودية التي لا تقبل من يتهوّد معهم، مستغربا العمل بهذه العادات والتقاليد التي يقول إنها قائمة على أهواء الأشخاص، واصفا إياها بـ"العنصرية والشوفينية" والتعالي على الآخر. وختم الحديثي حديثه للجزيرة نت قائلا: إنه واجب على الإيزيديين وغيرهم من الديانات الأخرى وأهل الذمّة الامتثال والالتزام بما شرّع المشرّع في الدولة التي يعيشون فيها وعدم مخالفتها. المصدر : الجزيرة
مریوان وریا قانع - آراس فتاح ترجمة عباس س المندلاوي العراق كدولة او كمجتمع صنيعة سياسية وتاريخية خاصة ، لا يتجاوز عمرها بالسنوات قرنا وهي تحمل جملة من المشاكل البنيوية العويصة التي تعتبر تحديات كبيرة ومتشعبة ، وهنالك تحرك رافض واسع في القسم الشيعي من البلاد تتلخص مطالبه الرئيسة " نريد وطنا " وتغيير السكان الى شعب او امة متكونة من مواطنين متساوين ؛ وهذه الحركة الاجتماعية النشطة والجديدة افرزت افكارا جديدة لبدايات جديدة لاعادة تشكيل هذا البلد من مساحة جغرافية حبلى بالمشاكل والصراعات الاثنية و الدينية – الطائفية الى وطن مشترك وشعب باسم شعب العراق . بالرغم من الامال المعلقة على هذه البدايات الجديدة المهمة والمبشرة بالخير لكنها ليست محل ارتياح او توقعات كبيرة ، لسببين مهمين على الاقل ؛ الاول لعدم مشاركة مكونين رئيسين فيها هما السنة العرب والكورد في ذلك التحرك او على اقل تقدير انعدام العمل المشترك و البرامج المشتركة بين المكونات الرئيسة للبلاد ، والثاني تصادم الجركة الجديدة مع مجموعة من الاطراف والقوى الداخلية والخارجية ( الاقليمية ) التي ان تتخلى بسهولة عن عقليةِ و اسلوبِ حكمٍ او ادارةٍ نحًتْ فكرة ان يكون العراق لمواطنيه وسكانه شعبا او امة متآلفة ومتشاركة وباعتقادنا اذا كان يراد ان يكون لهذه ”البداية الجديدة “ معنىًبتلك وقيمة عليها ان تضع تلك المشاكل والتحديات البنيوية نصب عينيها والبحث عن الحلول الواقعية والمناسبة لها . اولا : العراقُ (كدولة) في النصف الثاني من قرن العشرين كغيره من دول المحتلة من الاستعمار سابقا ( والمبنية من قبله ) ، له تاريخ حافل بالمشاكل والازمات في صياغة علاقة صحية بين الدولة والمجتمع ، والسمات البارزة لتلك العلاقة المتأزمة تتلخص في تداخل فقدان الثقة على ثلاثة صعد اوله خشية الفئات من الدولة والثاني خشية الدولة من الفئات المكونة للمجتمع والثالث ازمة الثقة بين الفئات ( المكونات ) انفسهم . ثانيا: ان الذي ربط فيما بين اطراف الكيان العراقي وفرض سيطرته، رغم تلك الازمات وفقدان الثقة المتبادلة هو عنف الدولة وسياسة شراء الولاءات وصناعة وانتاج الخوف او الرعب ، خارج ذلك الواقع لم تكن هناك شيء باسم دولة المواطنة المتساوية او سياسية ضمان حقوق الانسان او توزيع عادل وعقلاني للسلطة و حفظ كرامة المواطن او الفئات. ثالثا: هدف الانظمة العراقية المتعاقبة على حكم العراق يتلخص في احكام القبضة الامنية والسياسية على المناطق المتعددة الاثنيات والطوائف لخلق سيادة القومية ، عبر اللجوء الى استخدام العنف والقمع . كانت الدولة العراقية ترى حاجتها الى القوة المفرطة لحفظ الامن الداخلي و حماية حدودها واراضيها ، لذلك جعلت العلاقة بين الدولة والمجتمع والمناطق المختلفة تسير في محور ودائرة العنف والقمع . رابعا : ان ذلك التاريخ المحمل بسجل مليء بالعنف والقمع خلق ثقافة سياسية تمنح دورا مهما للقوات المسلحة في المشهد السياسي ؛ اذ ان تسيس الجيش والقوات الامنية واستخدامهما في الصراعات السياسية وقمع المعارضين اصبح جزءا ملازما من التاريخ والتغييرات السياسة لهذه البلاد ، مما جعلها تفشل في توشح بالمدنية خلال مرحلة مابعد الاستعمار ، بحيث ان الذين تولوا السلطة اما كانوا ضباطا في الجيش او شخصيات تحكموا بقوة عسكرية مسيسة او متحزبة . ففي مرحلة حكم البعث كان تحزيب وتسيس الجيش وقوات الامن والمخابرات ممارسة ممنهجة ، فيما شهدت البلاد بعد سقوط نظام صدام ولادة وتشكيل مجموعات مسلحة خارج سلطة الدولة ( مليشيات ) واستخدامها في الصراعات السياسية .كل ذلك يفضي الى افراغ السياسية من محتواها المدني والانتقال والتداول السلمي السلس للسلطة في ابسط صوره واشكالها ،فمصير الشارع السياسي المعارض في البلاد مقيد بكيفية وشكل رد فعل تلك المجموعات المسلحة في الداخل واوامر مراجعها في الخارج . خامسا: دولة مابعد الاستعمار في العراق كيان متضخم ومترهلة من الناحية الروتينية (البيروقراطية ) .في عملية التضخم والترهل البيروقراطي تتخذ هذه الدولة طابعا شموليا و تتدخل في معظم المجالات والصعد في الحياة الاجتماعية بالعراق.ويتم اشغال هذا الهيكل المتضخم بمهام ووظائف ليست ضمن واجبات و مهام الدولة لذلك تواجه الفشلفي تنفيذها او انجازها . منذ سنوات طوال تمارس الدولة العراقية دورا سياسيا ابويا متسلطا آخذة على عاتقها وظيفة التربية والتنمية للمجتمع والتحكم بالاقتصاد، وادلجة المجتمع وتوجيه الاعلام و السيطرة على القضاء ونشاطات وتفكيرالافراد والتدخل في عمل المجتمع المدني ( المنظمات ) ، هذا ما جعل العراق يخضع لسلطة شمولية مستبدة في عهد حزب البعث. وكان الثمن اهضا اذ فقدت الدولة التعددية والمشاركة في صنع القرار سيما التعددية السياسية والثقافية في المجتمع وفرض الانتماء السياسي للبعث على الافراد سادسا: ينبغي مراعاة النقاط الخمس الانفة الذكر عند التفكير في بناء عراق اخر ومختلف عن العراق السابق والحالي ، وعراق اليوم والمستقبل بحاجة الى فهم جديد ومختلف لمفاهيم المواطنة والتعايش الاجتماعي والهوية المشتركة والاطار الوطني وتوزيع السلطات والامة و الدولة والاقتصاد وموقع الدين ...الخ .ينبغي بناء اسس و قواعد دولة المواطنة الحقيقية في العراق حيث لاوجود لها على ارض الواقع . سابعا: اننا نعتقد ان هذا الفهم الجديد كفيل بزرع وتكوين انتماء جديد لمكونات وفئات المجتمع لعراق مختلف كليا عن العراق الذي بني بموجب مشروع استعماري ؛ يحافظ عليه باستخدام العنف من قبل الاجهزة الامنية والمخابراتية عبر الاعتماد على اموال النفط.عندما كان الانتماء للمعتقد( الفكر ) والحزب والولاء المطلق للرئيس كما كان الوضع ابان حكم حزب البعث بقيادة صدام ، لذا نحن الان بحاجة ماسة لمفاهيم سياسية واجتماعية تجعل الانتماء الاكبر لوطن وشعب باسم العراق الى جانب الانتماءات الثانوية الاخرى ، ثامنا: مما لا شك فيه ان العلاقة بين الدولة والمجتمع طرأ عليها تغييرات عما كان عليه قبل 17 عاما ، لكن تلك التغييرات لم تنحو باتجاه وضع حلول جذرية بنيوية للمشاكل والنقاط الانفة الذكر ، المجتمع العراقي هو نموذج لمجتمعات مابعد الحرب وتتوفر فيه شروط الانحدار والفشل والتراجع ويصنف العراق ك(الدولة الفاشلة) الاقصائية .المجتمع العراقي يعاني الان من الصراعات والافكار الاقصائية المنغلقة القمعية ، وهو غارق في فساد ممنهج نادر يعيق خلق المفاهيم الاساسية وفق عقلية جديدة مثل الشعب والوطن والولاء للوطن . الدولة العرقية تجد نفسها في مواجهة مع قوة المجموعات المسلحة والقوات المتأهبة للدول المجاورة والاقليمية والحلفاء المحليين ، فليس باستطاعتها حماية سيادتها وحدودها وغير قادرة على فرض سيادتها على اراضيها ومواطنيها على الاقل ،وهي لا تستطيع استخدام القوة الشرعية او حتى استصدار قرارات عامة تنفذ في عموم البلاد فضلا عن تقاعسها عن تأمين الخدمات الاساسية بشكل ملحوظ ، فعراق الان يعد ارضية مناسبة لعشرات الامارات والمشيخات المحلية وللاطماع السلطوية الحزبية الضيقة و معسكرات محلية واقليمية ، وابعد عن دولة ومجتمع طبيعي . تاسعا: لم يتمكن العراق الجديد حتى اليوم من ابعاد القوات المسلحة والمجموعات المسلحة عن عملية اعادة بناء الدولة والامة العراقية ، وهذا الخطأ الاستراتيجي لايمكن تداركه او اصلاحه عبر خلق او صنع دكتاتور جديد ، ولايمكن تكوين و ضمان ولاءات غير دينية او غير قومية و غير مؤدلجة ضرورية للعراق ، عبر اضفاء الصفة الرسمية على المجموعات المسلحة خارج سلطة الدولة عاشرا: لقد كان سقوط نظام البعث اهم فرصة سياسة في العراق ، لاعادة بناء علاقة صحية بين المجتمع والدولة على انقاض العلاقة المريضة السابقة ؛ الدولة والاقتصاد ، الدولة والدين ،الدولة والجيش .وكان يمكن استغلال هذا الحدث التاريخي لبدء حوار بنَاء يهدف لاعادة بناء الدولة والمجتمع ( الشعب ) على اساس المواطنة ، لكن حنى الان لا نرى في العراق سوى حركة احتجاجية محدودة ومحاصرة ، فليس هناك اية قوة سياسية جديدة ذات ثقل وعابرة للحدود الجغرافية والمذهبية والقومية ، لتصبح قوة سياسية تضم عراقيين من جميع الخلفيات الاثنية والدينية المذهبية والمناطقية . و لا يُتوقع في المستقبل القريب رؤية ولادة مثل هذا الحزب او الحركة ، فليس هناك اي مشروع لخلق هوية عراقية ، خارج الهويات المناطقية والدينية والعرقية ... حتى لا وجود لمشروع عراق اخر ؛ عراق " دولة المواطنة ... الحكم و كورونا واقتصاد الفرهود https://drawmedia.net/ar/page_detail?smart-id=7122
تقرير : محمد رؤوف – فاضل حمةرفعت بعد مضي (7 سنوات) على ابرامه، مازال برلمان كوردستان والرأي العام في الاقليم يسعون لمعرفة مضمون الاتفاقية النصف قرنية ما بين نيجيرفان البارزاني وأردوغان، هذه الاتفاقية ليست غامضة للكورد فقط، ففي تركيا ايضاً لا يعلمه الا "شخص ونَيِّف" بحسب قول جنكيز جاندار، ما هذا التقرير إلاَ محاولة لتقصي ما في مضمون هذه الاتفاقية التي يطالب نواب الكتل المختلفة في برلمان كوردستان بإستثناء نواب البارتي وحراك الجيل الجديد، بالكشف عنه. الاتفاقية في اجتماع الرئاسات الثلاث صبيحة يوم 12 من شهر تشرين الثاني الجاري و في وقت كان اهل العراق والاقليم غارقون في النوم، صادق البرلمان العراقي على قانون سد العجز المالي الذي يسميه البعض بقانون "الاقتراض". تم تمرير فقرة في هذا القانون بأصوات نواب الشيعة والسنة، والتي تجبر اقليم كوردستان على تسليم جزء من نفطه الى الحكومة الاتحادية مقابل استلام حصته من واردات العراق. اجتمعت الرئاسات الثلاث لإقليم كوردستان(رئاسة البرلمان، رئاسة الاقليم، رئاسة الحكومة) بعد مضي ثلاثة ايام على تمرير القانون في البرلمان العراقي، كان الاجتماع لمعرفة كيفية التعامل مع القانون، وإن لم ترسل الاقليم جزءاً من نفطه وفقاً للقانون، هل ستستمر حكومة الكاظمي على تزويد الاقليم بمبلغ (320 مليار) دينار شهرياً لرواتب موظفي الاقليم. بحسب المعلومات التي حصل عليه (الحصاد) من عدد من المصادر المشاركة في ذلك الاجتماع، نظر المشاركون في الاجتماع الى القانون بإيجابية وإرتأوا ان القانون مازال يحتفظ بفرصة يتفق فيه حكومة بغداد مع حكومة اربيل وتَسْلَمَ رواتب موظفي الاقليم من الضرر. اثارت ريواز فائق رئيسة برلمان كوردستان سؤالاً مهماً في الاجتماع حول مسألة النفط في اقليم كوردستان، حيث توجهت بسؤالها الى نيجيرفان البارزاني قائلة هل "تشكل الاتفاقية المبرمة بين الاقليم وتركيا لمدة نصف قرن في مجال الطاقة اي عائق امام اقليم كوردستان لتسليم جزء من نفطه الى الحكومة الاتحادية؟". "اؤكد لكم ان الاتفاقية المبرمة لمدة خمسين عاماً لا يشكل اي عائق امام الاقليم لتسليم جزء من نفطه الى بغداد"، هذا كان جواب نيجيرفان البارزاني عراب هذه الاتفاقية ومهندس ابرامها بين الاقليم وتركيا وسؤال ريواز فائق هذا يعتبر من الاسئلة الرئيسية لحزبه(الاتحاد الوطني الكوردستاني) في هذه الاحيان، حيث يقول المسؤلين في هذا الحزب انهم ليسوا مطلعين على تفاصيل هذه الاتفاقية، ويريدون اتهام البارتي(الحزب الديموقراطي الكوردستاني) بهذا القول بأنه ليس شفافاً مع اليكيتي(الاتحاد الوطني الكوردستاني) داخل الحكومة ويخفي عنه المعلومات. الاتفاقية النصف قرنية ليست غامضة لدى اليكيتي وحسب، بل ان الاحزاب الاخرى في اقليم كوردستان لايعرفون عنه اي شيء يذكر، وإن نص هذه الاتفاقية لم يَرَ النور بعد. حول الاتفافیة وُقِعَت هذه الاتفاقية في عام 2013 من قبل نيجيرفان البارزاني رئيس الوزراء السابق لاقليم كوردستان ورجب طيب اردوغان رئيس الوزراء السابق ورئيس الجمهورية الحالي لتركيا، وكان أشتي هورامي الوزير السابق للموارد الطبيعية والمساعد الحالي لمسرور البارزاني رئيس الوزراء الحالي لحكومة الاقليم حاضراً حين توقيع الاتفاقية. لايعرف احد بتفاصيل هذه الاتفاقية غير نيجيرفان البارزاني وآشتي هورامي، ولم تعرض هذه الاتفاقية لحد اللحظة امام البرلمان والرأي العام، حتى ان اليكيتي الذي كان الشريك الاساسي للبارتي في الحكومة في عام 2013 ليس مطلعاً على تفاصيل الاتفاقية، وكان عماد احمد نائباً لرئيس الوزراء على حصة اليكيتي، وصرح عدد من المسؤولين الكبار في اليكيتي وقتها لن حزبهم ليس على دراية بأمر هذه الاتفاقية. تجدد الحديث مرة اخرى حول مضمون التفاقية بعد مرور (7سنوات) على توقيعها، حيث وَقَّعَ 32 نائباً من جميع الكتل البرلمانية بإستثناء نواب البارتي وحراك الجيل الجديد على طلب وقاموا بتوجيهها الى رئاسة البرلمان مطالبين فيه الجهة المعنية في حكومة الاقليم بالمثول امام البرلمان وتقديم المعلومات للبرلمان حول الاتفاقية النصف قرنية. بحسب تقصيات (الحصاد)، في الدورة البرلمانية السابقة لبرلمان كوردستان وعد نيجيرفان البارزاني الذي كان رئيساً للوزراء حينها رئاسة البرلمان بالحديث عن مضمون تلك الاتفاقية مابين الاقليم وتركيا في اجتماع مع رؤساء الكتل البرلمانية، لكن واقعة اغلاق البرلمان ضَيَّعَ معها ذلم السر حتى الآن. ماذا يُعْرَف حول الاتفاقية؟ الاتفاق النفطي يبرم لمدة 25 او 50 عاماً، لان ذلك يعتبر من المشاريع الطويلة الامد، والذي ابرمه نيجيرفان البارزاني مع اردوغان هو لمدة نصف قرن(50 عام) وعلاوةً عن بعده الاقتصادي له ابعاد سياسية كبيرة. وفقاً للمعلومات التي حصل عليها (الحصاد) من عدة مصادر مطلعة ان الذي يعرف حول مضمون الاتفاقية حتى الآن هو على الشكل الآتي : • للشركات التركية العاملة في اقليم كورددستان الاولوية في المجال النفطي. • لتركيا مبلغ دولار واحد من كل برميل من نفط الاقليم لمدة 50 سنة قادمة. • يودع اموال نفط اقليم كوردستان في مصرف (هلك بنك) التركي ويتم التعامل به. • تتم حراسة خط انابيب نفط الاقيم من قبل تركيا وتدفع اجرة الحراسة من اموال نفط الاقليم. • تؤجر (7) خزانات كبيرة للنفط في ميناء جيهان التركي لحكومة الاقليم وتدفع مبالغ اليجار من اموال نفط الاقليم. • هناك مصادر اخرى تتحدث عن ان الاتفاقية ترغم الاقليم في المستقبل ان يقوم بإرسال الغاز الطبيعي في حالة انتاجه عن طريق تركيا حصراً، فتركيا تشتري الغاز من روسيا في الوقت الراهن، وسعر ذلك الغاز يكلف تركيا كثيراً والمسؤولين الاتراك في انقرة يبحثون عن مصادر اخرى غير روسيا، لكن بعض المصادر تنفي هذه المعلومة وتقول ان الاتفاقية خاصة بالنفط فقط. • يقال ان الاتفاقية قد رسمت الاطار لعلاقات اقليم كوردستان من الناحية الامنية مع غرب كوردستان وحزب العمال الكوردستاني(PKK). • يقول المنتقدون للاتفاقية ان البعد السياسي لهذه الاتفاقية النصف قرنية هو للحفاظ على سلطة البارتي(الحزب الديموقراطي الكوردستاني) واستمرار حكم قيادلته في اقليم كوردستان بمساندة انقرة. • تتحدث المعلومات الغير رسمية ان عائلة اردوغان هي المستفيدة الاكبر من عائدات هذه الاتفاقية في تركيا. شخص ونصف شخص كما يقول جاندار في خضم متابعتنا لجمع المعلومات حول الاتفاقية النصف قرنية مابين الاقليم وتركيا، اخبرنا مسؤول رفيع في اقليم كوردستان، ان لب ومضمون تلك الاتفاقية باقية قيد الغموض ليس قفط في اقليم كوردستان، وانما داخل تركيا ايضاً لايُعْرَف عنه شيء. وأردف ذلك المسؤول انه تحدث مرة مع الكاتب والصحفي التركي المعروف (جنكيز جاندار) وسأله هل انتم في تركيا تعرفون اي شيء حول الاتفاقية النصف قرنية، رَدَّ جاندار قائلاً : "في تركيا لا يعرف احد اي شيء حول الاتفاقية النصف قرنية إلاّ شخص ونَيِّف، الشخص هو اردوغان والنصف شخص هو تنر يلدز وزير الطاقة التركي السابق". نفس تعبير جنكيز جاندار مع تغيير طفيف ينطبق على اقليم كوردستان كذلك، فالذي يعرف كل شيء هو نيجيرفان البارزاني، وآشتي هورامي مثله كمثل النيف التركي على علم ببعض الاشياء حول الاتفاقية، ولكن لايظهر ان نيجيرفان البارزاني اخفى تفاصيل الاتفاقية على عمه مسعود البارزاني، مثلما اخفاه على البرلمان. حصة تركيا من نفط الاقليم بلغ الايراد النفطي لإقليم كوردستان العام الماضي ما قدره (8 مليارات و438 مليون) دولار، وذهب من هذا المبلغ (مليار و104 مليون) دولار الى تركيا وبقى لوزارة مالية الاقليم (ملياران و647 مليون) دولار فقط لتأمين الرواتب الشهرية لموظفي الاقليم. بمعنى ان نسبة (70%) من الايرادات النفطية لاقليم كوردستان تذهب الى مصاريف وقروض الشركات ولا يتبقى سوى نسبة (30%) لخزينة حكومة الاقليم. وفقاً لتقرير شركة "ديلويت" لتدقيق الاتناج والتصدير والايراد والمصاريف النفطية لاقليم كوردستان لعام 2019 : • من مجموع الايراد النفطي للاقليم البالغة (8مليارات و438 مليون) دولار ذهبت (5 مليارات و791 مليون) دولار لمصاريف وقروض الشركات وبقي ما قدره (ملياران و647 مليون) دولار فقط لتدخل خزينة حكومة الاقليم. • (610 مليون) دولار من ايراد نفط الاقليم ذهبت لتسديد قروض الشركة النفطية الدولية التركية. • (494 مليون) دولار لشركة الطاقة التركية لإيجار الانابيب. لا يقع اقليم كوردستان على الممرات المائية ولذلك ليس بمقدوره ايصال نفطه الى الشارين مباشرةً، وعليهفهو ممضطر ان يقوم بتصدير نفطه عن طريق العراق او تركيا او ايران، وقد اختارت حكومة الاقليم تركيا لهذه العملية، والحدود التركية متاخمة مع المناطق الخاضعة لإدارة البارتي(الحزب الديموقراطي الكوردستاني)، انشأت حكومة الاقليم في هذه المناطق شبكة انابيب تمتد الى الحدود التركية، هذه الشبكة من الانابيب الواقعة داخل اراضي الاقليم تعود ملكيتها ال شركة (كار) بنسبة (40%) ونسبة (60%) من ملكيتها عائدة الى شركة (روز نفط) الروسية، وتدفع حكومة الاقليم لهاتين الشركتين مبلغ (644 مليون) دولار سنوياً مقابل مرور النفط بالانابيب المملوكة للشركتين المذكورتين، وتحصل تركيا من حكومة الاقليم على مبلغ (494 مليون) دولار مقابل مرور نفط الاقليم بالانابيب التركية من الحدود الى ميناء جيهان، وهذا يثبت ان اجرة مرور نفط الاقليم بالانابيب الواقعة داخل الاقليم وعلى اراضيها تكلف حكومة الاقليم اجوراً اكثر من اجور مرور نفطه داخل الانابيب التركية خارج حدود الاقليم. انشأت شبكة انابيب مرور نفط الاقليم الى تركيا عام 2013، وقبل ذلك كان نفط الاقليم تنقل الى ايران وتركيا عن طريق الصهاريج، كانت هناك محاولة لنقل نفط الاقليم الى ايران، لكن العقوبات الامريكية المفروضة على ايران اجهضت هذه المحاولة، لذا فإن نفط الاقليم واقع حالياً في قبضة تركيا. قبضت العام الماضي شركة الطاقة التركية (Turkish Energy Company) مبلغ (3.117) دولاراً مقابل نقل برميل واحد من نفط الاقليم، وبذلك قبضت هذه الشركة التركية اكثر من (494 مليون) دولار من حكومة الاقليم في ذلك العام. فضلاً عن هذا كله، اعادت حكومة الاقليم في العام الماضي فقط ديوناً بلغت (610 مليون) دولار الى الشركتين التركيتين ادناه : • شركة الطاقة التركية • الشركة النفطية الدولية التركية هذه هي الاموال التي اقرضتها الكابينة الثامنة لحكومة الاقليم في زمن الازمة المالية لتأمين رواتب الموظفين من تلكما الشركتين التركيتين وهي في قائمة رسمية في حوزة (الحصاد)، ويبلغ مقدار القروض الخارجية على حكومة الاقليم ومعظمها تركية مبلغ (4 مليارات و288 مليون) دولار، هذا في الوقت الذي صُرِفَت نسبة (16%) من الايراد العام لنفط الاقليم لتسديد هذه القروض. استفادت شركة الطاقة التركية من واردات نفط الاقليم بطريقتين، الاولى اجور مرور نفط الاقليم ونقله من خلال الانابيب والثانية هي القروض التي منحتها لحكومة الاقليم وتحصل على مبالغ منها شهرياً من حكومة الاقليم. نفط الاقليم بين بغداد وانقرة نظراً للواردات الهائلة التي تحصل عليها تركيا من نفط الاقليم ما جعل البعض يظنون ان نفط الاقليم اصبح رهينة تركيا وان تسليمه الى الحكومة العراقية في المستقبل القريب امر صعب جداً. لكن المسؤولون في حكومة الاقليم يتحدثون عن لستعدادهم لتسليم ملف النفط بالكامل الى الحكومة العراقية شريطة ان تحسم الحكومة العراقية امرها من ملف قروض الشركات ولا تبقى مصاريفها على عاتق حكومة الاقليم. بحسب معلومات (الحصاد)، في اجتماع الرئاسات الثلاث لاقليم كوردستان منتصف الشهر الجاري، لبدى مسؤولوا حكومة الاقليم استعدادهم لتسليم الواردات النفطية كلياً الى بغداد مقابل ارسال بغداد حصة الاقليم من الميزانية دون استقطاع والبالغة قرابة (900 مليار) دينار شهرياً، وغرض مسؤولي حكومة الاقليم من تسليم الواردات النفطية هو ذلك المبلغ المتبقي من الواردات لوزارة مالية الاقليم بعد استقطاع اجور الانتاج والنقل وقروض الشركات، اي ان حكومة الاقليم لا تستطيع الامنتناع عن تسديد القروض التركية وتريد من الحكومة العراقية ان تضمن تسديد تلك الاموال. مختصر مفيد، ان حكومة الاقليم ترغب اعطاء مبلغ (270 مليار) دينار الى بغداد كمجموع الواردات المحلية شهرياً وتحصل بالمقابل على مبلغ (900 مليار) دينار شهرياً، هذا اقتراح من الصعب قبوله من قبل حكومة الكاظمي في الوقت الحالي، خصوصاً ان كابينة مصطفى الكاظمي الحكومية هي نفسها تعاني من ازمة مالية وهي إلتجأت الى الاقتراض الداخلي والخارجي لسد العجز المالي، ومن المنتظر ان تستمر حكومة الكاظمي بإرسال مبلغ (320 مليار) دينار شهرياً لتأمين رواتب موظفي اقليم كوردستان لحين تصديق ميزانية 2021، لكن حكومة الاقليم ستواجه نفس المشكلة حين تصل ميزانية 2021 الى البرلمان العراقي. تأمل الحكومة التركية ابرام اتفاقية جديدة مع الحكومة العراقية حول مشكلة نفط الاقليم، وهي مستعدة لإنهاء معاملتها مع اقليم كوردستان في اطار تلك الاتفاقية الجديدة. كانت الحكومة العراقية قد رفعت دعوى قضائية على تركيا بخصوص قضية بيع نفط اقليم كوردستان دون موافقة بغداد، وتطالب بتعويضات من تركيا بمبلغ (26 مليار) دولار، وبات حسم الملف في القضاء قريباً، اوقف عادل عبدالمهدي قرار محكمة باريس عندما تسلم منصب رئاسة الوزراء العراقية و منح بذلك تركيا واقليم كوردستان فرصة جديدة، لكن القضية لم تغلق بعد وتشكل تهديداً على تركيا، وإن المسوؤلين الاتراك يريدون ربط اي قرار حول نفط اقليم كوردستان بحل تلك القضية مع العراق، في مقابل تسليم نفط اقليم كوردستان الى بغداد، تريد تركيا من الحكومة العراقية ان تقوم بسحب دعواها ضد تركيا في المحكمة الدولية في باريس في اطار اتفاقية جديدة، وكذلك ان يتم ابرام اتفاقية واسعة مابين الطرفين تتضمن قضية حزب العمال الكوردستاني(PKK) والعديد من الملفات الاخرى بين البلدين.
الحصاد draw: صلاح حسن بابان- الجزيرة نت تعددت الآراء والتساؤلات حول أهمية وضرورة وجود مراقبة دولية وأممية على الانتخابات العراقية المبكرة، مع اقتراب موعدها المقرر في يونيو/حزيران المقبل، وعن دورها في الحفاظ على نزاهتها وشفافيتها، في ظل التعقيدات الأمنية والاقتصادية والسياسية الدائرة في البلاد؛ ومع انتشار السلاح، واستمرار الاحتجاجات الجماهيرية الغاضبة، وزيادة حدّة التنافس بين الأحزاب القابضة على السلطة منذ 17 عاما. لم يخل أي لقاء للمسؤولين العراقيين مع هينيس بلاسخارت مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة من التأكيد على ضرورة إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية على الانتخابات المقبلة، في خطوة وضعها مراقبون في خانة التخوّف من تغيير واقع النتائج، أو تحريف مسارها تحت تهديد السلاح والتدخلات الخارجية. وكان رئيس الجمهورية برهم صالح صادق -في وقت سابق من الشهر الجاري- على قانون الانتخابات الجديد بعد تصويت البرلمان عليه، حيث قسّم المحافظات إلى دوائر انتخابية على أساس الأقضية والمدن، ولكل 100 ألف نسمة في تلك المدن مقعد برلماني، وفي حال قلّ عدد سكان القضاء عن 100 ألف يندمج مع قضاء مجاور لتلافي تلك المشكلة. وتأتي هذه التطورات في وقتٍ يعيش فيه العراق أزمةً قانونية بعد اختلال نصاب المحكمة الاتحادية العليا، وهي أعلى هيئة قانونية في البلاد مختصة بالفصل بين النزاعات القانونية بين السلطات والتصديق على نتائج الانتخابات. ولاقت المطالبة بالمراقبة الدولية على الانتخابات العراقية ترحيبا واسعا منعا للتزوير، خاصة في المناطق التي تخضع لسيطرة المليشيات والمجاميع المسلحة التابعة لبعض الأطراف السياسية، وتعجز الحكومة عن صدّها أو منع توسعها، مع دعوات إلغاء بطاقة الناخب القديمة، والاعتماد على الجديدة المحدثة "بايومتريا"، وتضم بيانات حيوية تساعد في التعرف على الهوية؛ كبصمات العيون والأصابع، وتوجب على حاملها الحضور شخصيا إلى المركز الانتخابي للإدلاء بصوته، على عكس القديمة التي لا يُطلب حضور حاملها. رمضان اعتبر أن الرقابة الدولية تساعد على تحقق نزاهة الانتخابات من خلال إشرافها على سير العملية (الجزيرة نت) تعريف ومنع الخروق وتُعرف الرقابة الدولية بأنها اطلاع المجتمع الدولي على سير العملية الديمقراطية في الدول التي تطلب ذلك؛ للوقوف على مدى اتفاقها مع المعايير الدولية للديمقراطية، ومدى تعبيرها عن إرادة الشعوب، كما أنها تُعرف بالإجراءات التي تتسم بالموضوعية والحياد من قبل أشخاص تم تكليفهم بشكل رسمي بممارسة أعمال المتابعة والرقابة وتقصي الحقائق حول صحة إجراء وسير العملية الانتخابية، والتحقق من الدعاوى التي تشير إلى حدوث أية انتهاكات، على أن يتم ذلك وفق اللوائح والقوانين المعمول بها، وذلك حسب تعريف القاضي والخبير القانوني عبد الستار رمضان. وتُحقق الرقابة الدولية النزاهة للانتخابات من خلال البعثات المختلفة للإشراف على سير العملية الانتخابية، ومتابعة تفاصيل تلك العمليات في الدول المختلفة، وبطلب منها، كما يقول رمضان في رده على سؤال للجزيرة نت حول تأثير المراقبة الدولية على نزاهة الانتخابات من عدمها. وقال إن تلك العمليات تقوّم الانتخابات وتضفي عليها صفة النزاهة والحرية من خلال التقارير الصادرة عنها، ويتم أيضا بيان النواحي الإيجابية والسلبية للعملية الانتخابية، واصفا إياها بأبرز المهام التي تبناها المجتمع الدولي لضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة. ويمنع وجود مراقبين يمثلون جهات دولية بارزة كمنظمة الأمم المتحدة أو المنظمات الأخرى أو حتى المنظمات غير الحكومية حصولَ الخروق والتجاوزات أو التقليل منها على الأقل، ويمنح الثقة -حسب رمضان- في شرعية الانتخابات، ويعد عاملا مساعدا في دعم جمهور المقترعين، وكذلك الجهات القائمة على الانتخابات والسلطة الرسمية في الدولة. الجنابي اشترط وجود طرف موثوق فيه من القوى الدولية للرقابة على الانتخابات لطمأنة الشعب العراقي (الجزيرة نت) شروط تمثيل الشعب وتسهم الرقابة الدولية في تأسيس نظام حكم ديمقراطي من خلال الاهتمام الذي يبديه المجتمع الدولي من أجل ترسيخ وتعزيز المبادئ الديمقراطية بتحقيق مجموعة من المبادئ؛ لعل أبرزها وأهمها مبدأ احترام حقوق الإنسان، بالإضافة إلى تعزيز مبدأ حكم القانون واحترام الإرادة السياسية، كما يقول الخبير القانوني، مؤكدًا ضرورة أن تؤدي الرقابة الدولية مهمتها في تقييم العملية الانتخابية وفقًا للمبادئ الدولية المرعية في الانتخابات الديمقراطية وفي القوانين الوطنية. وبعد التطورات الأخيرة التي شهدها العراق على المستويين السياسي والاقتصادي، باتت شرعية النظام السياسي الحالي متوقفة على الانتخابات المبكرة، ونسبة العدالة التي ستضمنها الحكومة، وتحقيقها تمثيلا حقيقيا لأبناء الشعب العراقي بعد كل الأزمات والمشاكل التي واجهها، حسب المحلل السياسي والأكاديمي مهند الجنابي، الذي اتهم القوى السياسية العراقية بتفصيل قانون الانتخابات حسب رغباتها، بعد أن فقدت كثير منها شرعيتها لدى الشعب. اعلان واشترط الجنابي وجود طرف موثوق فيه من القوى الدولية أو الأمم المتحدة للإشراف والرقابة على الانتخابات؛ من أجل ضمان مصداقيتها، وإيصال رسالة للشعب العراقي بأن الانتخابات المبكرة ستُحقق ما يريده من العدالة والتمثيل، حتى وإن كانت بنسبة متواضعة للغاية. السلاح المنفلت وتشترك عدة عناصر مرتبطة ببعضها البعض في نزاهة الانتخابات من عدمها، وليس وجود الرقابة والإشراف الدوليين فحسب، بل نزع السلاح المنفلت، ومحاولة تحييده وعدم جعله يؤثر على قرار الناخب العراقي على الأقل، مع ملحقات تشريعية أخرى؛ أبرزها قانون الأحزاب السياسية، حسب رد الجنابي على سؤال للجزيرة نت حول تأثير السلاح المنفلت على العملية الانتخابية. وانتقد الجنابي قانون الانتخابات الجديد، الذي لم يحدد بعدُ آلية الانتخاب: هل ستكون عبر البطاقة القديمة أم البايومترية؟ إضافةً إلى المبالغ الواجب دفعها من المرشحين والكيانات الجديدة بغياب المال السياسي لدى كثير منهم، على عكس ما تمتلكه القوى التقليدية، بالتزامن مع تغيير خارطة الانتخابات بعد أن أصبحت فردية، وليست على أساس القوائم. السعيدي اعتبر أن وجود الرقابة الأممية من شأنه كبح تدخل الدول الإقليمية في الانتخابات العراقية (الجزيرة نت) الاستغلال الخارجي وعن احتمالية أن تستغل دول إقليمية وخارجية مؤثرة في الشأن العراقي الرقابة الدولية على اتجاه الانتخابات، يقول ناجي السعيدي -وهو نائب في البرلمان العراقي عن كتلة "سائرون" بزعامة مقتدى الصدر- إن الوجود الأممي – لا سيما الأمم المتحدة والمنظمات الدولية- يكبح مطامع الدول الإقليمية والتدخلات الخارجية وتأثيراتها من أجل تحريف نتائج الانتخابات في العراق. ويرى السعيدي -في حديثه للجزيرة نت- أن وجود الأمم المتحدة وإشرافها على الانتخابات العراقية يسهم في تثبيت تفاصيلها الإيجابية، ويعزز شفافيتها لنقل الصورة الحقيقية عن الانتخابات العراقية للعالم.