Draw Media

التعداد السكاني في العراق: حظر تجول وإلغاء سؤال الطائفة

التعداد السكاني في العراق: حظر تجول وإلغاء سؤال الطائفة

2024-11-16 06:41:02


عربية:Draw

تتأهب معظم الدوائر الخدمية والأمنية في العراق منذ أيام لإنجاح التعداد السكاني الذي طال انتظار تنفيذه جرّاء التعقيد السياسي والتنظيمي الذي رافق الملف خلال العقدين الماضيين من قبل الأحزاب التي تربطه بالانتخابات والمحاصصة الطائفية وتقاسم المناصب، بالإضافة إلى الحصص المالية من الميزانية السنوية في البلاد. وتقول الحكومة العراقية إنها ستنجح في إجراء التعداد السكاني في العراق "لأجل رسم الخطط التنموية والحصول على بيانات جديدة عن العراقيين".

وكان آخر تعداد سكاني أجراه العراق قد جرى عام 1997، استُثنيت منه محافظات إقليم كردستان - العراق الثلاث، أربيل والسليمانية ودهوك، لأنها كانت خارج المناطق التي يسيطر عليها النظام العراقي في ذلك الوقت. وأظهر التعداد حينها أن عدد السكان يبلغ 22 مليون نسمة. ويجرى التعداد السكاني في العراق مرة واحدة كل عشر سنوات، وكان من المفترض أن يجرى عام 2007، لكنه تأجل إلى العام 2009 بسبب الظروف الأمنية، ثم تأجل عشر سنوات بسبب المشاكل الأمنية وظهور تنظيم داعش. وفي 2019، أُرجئ مُجدداً بسبب خلافات سياسية تخص المناطق المتنازع عليها وعدم وجود تخصيصات مالية، وجائحة كورونا.

سيُنفَّذ التعداد السكاني العام في العراق يومي الـ20 والـ21 من الشهر الحالي، بتمويل ودعم حكومي وكذلك سياسي. وبرغم اعتراض حكومة أربيل في إقليم كردستان، شمالي العراق، بسبب الخشية من التلاعب في عديد المواطنين الأكراد في المناطق الحدودية ما بين تلك التابعة لكل من حكومتي أربيل وبغداد، المعروفة باسم المناطق المتنازع عليها، إلا أنها وافقت في النهاية على إجراء التعداد، معتبرة إياه فرصة لتحديث المعلومات، بالإضافة إلى معرفة الحصة الجديدة لإقليم كردستان من ميزانية الحكومة الاتحادية في بغداد".

دوره، قال المستشار في رئاسة حكومة إقليم كردستان كفاح محمود، في حديث إنه "كانت هناك مخاوف من التعداد، لكن التوجيهات من مجلس الوزراء في بغداد قللت من هذه المخاوف". وأضاف: "اطلعنا على جزء من استمارات التعداد ولم تكن تحمل أي توجه سياسي، إنما أهدافها تنموية"، لافتاً إلى أن إقليم "كردستان لم يشعر بأي خطر من استخدام التعداد لأغراض تسيء إلى المناطق الكردستانية خارج الإقليم".

سيُفرض حظر تجول عام في العراق اعتباراً من ليلة الثلاثاء - الأربعاء، ولمدة يومين، مع إغلاق ومنع التنقل بين المدن، وسط انتشار قوات الجيش والشرطة والأمن المحلي. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية العميد مقداد ميري، خلال مؤتمر جمعه مع مسؤولين من وزارة التخطيط العراقية الاثنين الماضي، إن "اللجنة الأمنية العليا ستوفر الحماية للتعداد السكاني والفرق الجوالة، ويبدأ حظر التجول منتصف ليلة الثلاثاء 19 نوفمبر/ تشرين الثاني في الساعة 12 ليلاً ويستمر حتى ليلة 21 نوفمبر في الساعة 12 في عموم العراق". وسيكون هناك آلاف الموظفين المكلفين بإجراء التعداد السكاني في كل مدينة عراقية، وفي الوقت نفسه، من خلال أجهزة إلكترونية لوحية، فيما سيُحتسب عدد أفراد الأسر مع تفاصيل الأعمال والجنس وصولاً إلى معرفة الدخل الشهري لكل أسرة وعدد المرضى وكبار السن فيها، وحتى إحصاء عدد الأجهزة المنزلية والحمامات داخل البيت الواحد.

المذهب خارج أسئلة التعداد السكاني في العراق

لن تُسأل الأسرة عن مذهبها أو معتقدها الديني، إذ جرى الاتفاق سياسياً في العراق على عدم الخوض في تفاصيل أو أسئلة تتعلق بالطائفة، وهي العقدة الأبرز التي كانت تعرقل إجراء التعداد السكاني في العراق طيلة السنوات التي أعقبت الغزو الأميركي عام 2003. وخلال الأشهر الماضية، أشاد مراقبون بقرار تجنب التعداد معلومات المذهب والقومية، معتبرين إياه خياراً صائباً من شأنه تجنب إدخال البلاد في الكثير من المشكلات السياسية ذات الصبغة الطائفية والقومية.

في السياق، قال المدير العام التنفيذي للتعداد السكاني في العراق علي عريان إن "المرحلة الأولى من التعداد انتهت، وهي تعداد المباني والأراضي الزراعية والعقارات، ونحن أمام المرحلة الأهم وهي تعداد السكان، من أجل التوصل إلى الهدف الأكبر، وهو خلق حالة التنمية وتوفير الخدمات. وبيّن في حديث لـ"العربي الجديد" أن التعداد السكاني في العراق "يمثل استحقاقاً وطنياً، لأن العراق لم يجر تعداداً سكانياً منذ العام 1997"، لافتاً إلى أن "هذا التعداد يتميز عن التعدادات السابقة كونه يشمل كل محافظات العراق". وأشار عريان إلى أن "استمارة التعداد السكاني تتضمن 70 سؤالاً"، موضحاً أنه "في البداية ستؤخذ المعلومات الأولية ثم بقية المعلومات عن أفراد الأسر، والتي ترتبط بالصحة والعمل والإعاقة، تُستكمل في مراحل لاحقة لتجرى مطابقة المعلومات مع دوائر الأحوال الشخصية". وقال إن "التعاون يجرى حالياً مع معظم دوائر الخدمية والكهرباء والوزارات، وبالتالي فإن البلاد كلها مستعدة ومتأهبة لإجراء التعداد وإنجاحه".

معالجة الفقر

بيّن المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية عبد الزهرة الهنداوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "العراق يشهد زيادة سكانية بنسبة 2.6%، كل عام، يعني ذلك بلغة الأرقام أن عدد سكان العراق يزيد نحو مليون نسمة كل عام"، مضيفاً أنه "في آخر التقديرات التي وُضعت عام 2023، تجاوز عدد العراقيين 43 مليون نسمة، ونتوقع أنه وصل إلى 44 مليون نسمة خلال العام الحالي، فيما سنصل إلى رقم أكثر دقة خلال التعداد السكاني". ولفت الهنداوي إلى أن أحد الأهداف من التعداد السكاني في العراق "هو مسألة معالجة الفقر، خصوصاً في ما يتعلق بشبكة الحماية الاجتماعية التي وفرت مصادر مالية للأسر الفقيرة وتوفير الغذاء"، مشيراً إلى أن "التعداد السكاني الذي تتأهب كل دوائر ومؤسسات والقوات الأمنية في البلاد لإجرائه، سيكون النقلة الحقيقية على كل المستويات، وسيوفر معلومات لدى الحكومة من أجل توزيع الموارد، ويسهم في خفض مستويات الفقر".

وكان رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم قد دعا "إلى دعم وزارة التخطيط والمؤسسات الساندة لإنجاح التعداد السكاني"، مشدداً على أهميته في تقديم الخدمة للمواطنين، كونه "يساهم في تغيير عدد مقاعد المحافظات في مجلس النواب". وذكر الحكيم، خلال زيارته وزارة التخطيط، الأسبوع الماضي، للاطلاع على الاستعدادات الجارية للتعداد السكاني العام، أن "العراق لا يعرف عدد مواطنيه منذ نحو 28 سنة"، وأن "نجاح التعداد يعني إعداد خطط استراتيجية مهمة ستعود بالنفع على المواطنين". أجرت وزارة التخطيط العراقية التعداد التجريبي للسكان في عموم محافظات البلاد في شهر يونيو/حزيران الماضي، شمل 86 منطقة على مدى 14 يوماً. وأظهرت نتائج التعداد حينها أن "نسبة الذكور في رئاسة العائلة هي 91% والإناث 9%، ويشكل عدد الذكور 50.1% والإناث 49.9% في العائلات التي شملها التعداد"، كما أظهر أن "متوسط حجم العائلة بلغ ستة أفراد في جميع المحافظات، فيما سجلت المحافظات الجنوبية أعلى حجم للعائلة بمقدار سبعة أفراد، بينما كانت محافظة السليمانية الأقل (حجم العائلة) بين المحافظات بمتوسط بلغ 4 أفراد".

المصدر: العربي الجديد

بابه‌تی په‌یوه‌ندیدار
مافی به‌رهه‌مه‌كان پارێزراوه‌ بۆ دره‌و
Developed by Smarthand