العراق تحت ضغط الوقت لإجلاء المعارضين الإيرانيين من شمال البلاد
2023-09-09 11:56:47
عربية:Draw
أصبحت السلطات العراقية تحت ضغط الوقت للإيفاء بالتزامها لإيران بنزع سلاح المعارضين الأكراد الإيرانيين المتواجدين على أراضي إقليم كردستان العراق وتفكيك تجمعاتهم هناك، وذلك تفاديا لتدخل عسكري إيراني بشمال البلاد لوحت به طهران، ما سيرتب أعباء أمنية وإنسانية على بغداد، فضلا عن الحرج إزاء المجتمع الدولي الملتزم بحماية عائلات هؤلاء المعارضين.
وأعلنت إيران آخر شهر أغسطس الماضي عن توصّلها إلى اتفاق مع العراق يقضي بنزع سلاح من وصفتهم الخارجية الإيرانية بالجماعات الإرهابية المسلحة في إقليم كردستان العراق ونقل عناصرها إلى أماكن أخرى.
وأرفقت السلطات الإيرانية هذا الإعلان بتهديدات صريحة من قبل خارجيتها التي قالت على لسان المتحدث باسمها ناصر كنعاني إنّه “إذا لم ينفذ الاتفاق في موعده فسنقوم بمسؤولياتنا تجاه الجماعات الإرهابية في كردستان العراق".
وقال قاسم الأعرجي مستشار الأمن القومي العراقي إنّ “بغداد تبذل جهودا كبيرة لتنفيذ بنود الاتفاق الأمني مع إيران”، مضيفا في منشور على حسابه بمنصة إكس “نؤكد حرصنا الشديد على تعزيز العلاقات بين البلدين الجارين بما يصب في مصالح بلدينا وشعبينا ويعزز أمن واستقرار المنطقة”. غير أن خبراء أمنيين يؤكّدون أن تنفيذ ذلك الاتّفاق في الأمد الزمني المنصوص عليه أمر مستحيل نظرا لقرب التاريخ المحدّد وفقه، والذي لا يتجاوز التاسع عشر من شهر سبتمبر الجاري، وهي مهلة بالغة القصر قياسا بتعقيد المهمّة المطلوبة من السلطات العراقية التي سيكون أمامها ضبط وإجلاء ما يقارب العشرين ألف فرد من عناصر المعارضة الإيرانية بينهم عدد كبير من المسلّحين المتفرّقين في مناطق جبلية وعرة بعضها لم يسبق للقوات العراقية، سواء الاتّحادية أو التابعة لإقليم كردستان العراق، أن دخلتها.
ويقارن هؤلاء بين المهمّة الجديدة المطلوبة من السلطات العراقية، وعملية إخلاء معسكر أشرف في محافظة ديالي شرقي بغداد من عناصر مجاهدي خلق المعارضين للنظام الإيراني والذين كانوا لاجئين في العراق منذ عهد الرئيس الأسبق صدام حسين.
فرغم أن عدد هؤلاء العناصر لا يجاوز الأربعة آلاف فرد وكانوا متجمعين داخل معسكر وأسلحتهم تحت السيطرة، لم تخل عملية إجلائهم من صعوبات جعلت العملية تستمر من مطلع سنة 2012 حتى سنة 2014، حيث لم يكن إيجاد موطن جديد لهم خارج العراق أمرا سهلا.
ولم تكشف السلطات العراقية إلى حدّ الآن عن الوجهة التي سيرحّل إليها المقاتلون الأكراد الإيرانيون وعائلاتهم في حال بدأ التنفيذ الفعلي للاتّفاق مع إيران.
وتحوم شكوك في أنّ فتح إيران لملف المعارضة المتمركزة في شمال العراق قد لا يكون مقصودا لذاته بقدر ما تريد طهران استخدامه كورقة ضغط على بغداد في مسائل أخرى سياسية واقتصادية وأمنية، من بينها مطالبة عراقيين بضبط الحدود مع الجارة الشرقية ووقف حركة التهريب النشطة بين البلدين والتي تستفيد منها إيران في المقام الأول. وذهب البعض إلى حدّ التشكيك في أن وراء موافقة بغداد على تلك المهلة الزمنية بالغة القصر رغبة قوى شيعية نافذة ضمن حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في فتح باب التدخل العسكري الإيراني في شمال العراق يكون معادلا للتدخل التركي الذي يقول ساسة وقادة ميليشيات عراقيون إنّ قوى سنيّة عراقية تدعمه ضمنا وتغض الطرف عنه، بما في ذلك سلطات الإقليم التي يقودها الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة عائلة بارزاني.
ودأبت القوات الإيرانية على توجيه ضربات بالمدفعية والطيران إلى مواقع تمركز هؤلاء المسلّحين في المناطق الجبلية بشمال العراق، إلاّ أن استعدادات هؤلاء المسلّحين وإتقانهم أساليب التحصّن في المناطق الوعرة جعلا من تلك الضربات قليلة الجدوى قياسا على الأقل بالنتائج التي يحققها الجيش التركي في ملاحقته واسعة النطاق لمسلحي حزب العمال في مناطق كردستان العراق وحتى خارجها في بعض الأحيان.
وفي أحدث نشاط عسكري تركي بشمال العراق أعلنت وزارة الدفاع التركية الجمعة عن تحييد فريد يوكسل، أحد المسؤولين في حزب العمال الكردستاني.
وقالت الوزارة في بيان إن القوات المسلحة التركية تواصل توجيه ضربات إلى تنظيم حزب العمال، وإن “الجنود الأتراك يواصلون كفاحهم دون انقطاع في منطقة عملية المخلب – القفل”، في إشارة إلى العملية العسكرية التي أعلنت تركيا إطلاقها في أبريل 2002 على غرار عمليات أخرى تنفذها القوات التركية تحت مسميات مختلفة في مناطق عراقية تتجاوز حدود إقليم كردستان العراق رغم الاعتراضات الشكلية والتنديد اللفظي المتواصل من قبل المسؤولين وقادة الأحزاب والميليشيات العراقية.
ويحذّر عراقيون من أنّ لجوء إيران إلى توسيع عملياتها بالشمال العراقي، على غرار ما تقوم به تركيا، سيحوّل أراضي كردستان العراق إلى بؤرة توتّر وعدم استقرار وإلى منطلق آخر لموجة نزوح داخلي تضيف أعدادا أخرى إلى سكان المخيمات البائسة في عدد من المناطق العراقية.
صحيفة العرب اللندنية