الحكومة لا تصرف مستحقات إعادة تدوير نفايات السليمانية
2021-03-26 17:12:57
تقرير : محمد رؤوف - فاضل حمةرفعت
ترجمة : ك.ق
وفقاً لأحدث تقنيات اعادة التدوير يمكن انتاج كمية (37 ميغا واط) من الكهرباء من الف طن من القمامة.
تُطمَر النفايات حتى الآن في اقليم كوردستان، قبل قرابة سبعة أشهر بدأت شركة لإعادة تدوير النفايات اعمالها في السليمانية، والتي تُحَوِل النفايات الى الوقود، لكن لعدم قدرة حكومة الاقليم على صرف مستحقاتها ، لا تستطيع الشركة ان تعمل بطاقتها القصوى.
توجد مشروع مماثل في دهوك ايضاً، تُجمَع يومياً في إقليم كوردستان اكثر من (سبعة آلاف) طن من النفايات، وتصرف الحكومة لهذه العملية (10 ملايين) من الدولارات، لكن رغما ً عن هذا تبقى القمامة اكبر تهديدٍ على البيئة، تفاصيل أكثر وأدق تتابعونها في هذا التقرير.
القمامة في إقليم كوردستان
بحسب تقرير هيئة إحصاء إقليم كوردستان التي هي مؤسسة تابعة لوزارة التخطيط، تُجمع في مدن الإقليم كمية (7 آلاف و 200) طن من النفايات وتُرمى، وإن حجم النفايات في المناطق المختلفة هي على النحو الآتي :
* أربيل : (ألفان و600) طن يومياً.
* السليمانية : (ألف و850) طن يومياً.
* ادارة كرميان : (470) طن يومياً.
* ادارة رابَرين : (400) طن يومياً.
* دهوك : (الف و620) طن يومياً.
تبلغ حجم القمامة في العام الواحد (مليونان و628 الف) طن، ويتم رميها وطمرها تحت التربة أو يتم احراقها بالقرب من المدن، ما يشكل ضرراً للبيئة والصحة العامة، وتعمل (31) شركة في مجال تنظيف المدن والقصبات وكلها متعاقدة مع وزارة بلديات الاقليم،
بحسب معلومات (الحصاد)، تصرف حكومة الاقليم مبلغ (10 ملايين) دولار فقط في جمع القمامة، لكن فضلاً عن هذا فإن الشركات الجامعة للقمامة والمنظفة تعلن في بعض الاحيان اضراباً عن العمل بسبب عدم صرف مستحقاتهم من قِبَل الحكومة، وبهذا يُعَرِضون المدن لخطر تهديد القمامة والنفايات.
هذه هي عملية جمع القمامة فقط، لكن عملية معالجتها بشكلٍ اقتصادي وبيئي تسمى (اعادة التدوير)، لكن لم تدخل هذه العملية في إقليم كوردستان حيز التنفيذ بشكل جيد، في حين يمكن انتاج الطاقة الكهربائية من هذه القمامة والنفايات او إعادة صنع المواد الأولية منها.
ماهي اعادة التدوير؟
إعادة التدوير، عبارة عن عملية تغيير النفايات الى انتاج جديد، وهذه العملية ليست جديدة تأريخياً، ففي العصور القديمة عمل الانسان على صهر المواد المعدنية وصنع منها ادوات جديدة.
لعملية اعادة التدوير هذه منافع عديدة منها حماية البيئة، التقليل من الاعتماد على المواد الاولية التي يتم الحصول عليها من الطبيعة لصنع سلع جديدة، التقليل من مصاريف الاستثمار لأن اسعار المواد التي يتم انتاجها من عملية إعادة التدوير اقل من نفس المواد التي يتم انتاجها من الطبيعة.
إعادة التدوير اصبحت من الصناعات الإستراتيجية، وتوجد في حدود الإتحاد الاوروبي وحدها (516) شركة تعمل في هذا المجال، وتوجد في امريكا (123) شركة، وفي اليابان (100) شركة، وفي الصين (56) شركة، اما في استراليا ونيوزلندة فتوجد اكثر من (17) شركة لاعادة تدوير النفايات.
معالجة النفايات
هناك ثلاثة طرق لعملية معالجة النفايات في العالم :
الطريقة الأولى : الطمر المباشر
وهي عبارة عن عملية الطمر الكلي اي بنسبة 100% تحت التربة للنفايات التي تستجمع في المدن، وهذا اسلوب قديم وتقليدي يتم اتباعه في الدول المتخلفة فقط، والاسلوب المتبع في كوردستان هو هذا الأسلوب، وفي هذا الاسلوب يطمر المواد النافعة الموجودة في نفايات المنازل مع المواد العديمة الفائدة، تحت التراب.
الطريقة الثانية : الحرق في الهواء
وتسمى هذه الطريقة المعالجة بالحرارة أو الحرق (Thermal)، ويسميها البعض الدفن بالهواء (Air filling)، ولا يعتمد هذه الطريقة بسبب تلويث بيئة الغلاف الجوي.
الطريقة الثالثة : المعالجة البيولوجية
يعتبر هذا الأسلوب الاحدث والأكثر تطوراً لمعالجة النفايات، لأنه مقارنة بالطريقتين السابقتين، لا يخلف الا القليل من المخلفات وأقل ضرراً للبيئة.
اعادة التدوير في إقليم كوردستان
هناك عدة محاولات في إقليم كوردستان من اجل معالجة النفايات بشكلٍ عصري وبتقنيات متطورة، لكن تلك المحاولات لم تدخل طور التطبيق بالكامل.
محاولة من السليمانية
منتصف العام الماضي انتهى تأسيس وتنصيب شركة لإعادة تدوير القمامة والنفايات تحت مسمى (شركة ايمرسون لمعالجة النفايات الصلبة)، وأسست هذه الشركة من قِبَل شركة تابعة لمجموعة شركات فاروق والمعروفة بـ(فاروق كروب).
تم تأسيس شركة (ايكوسيم) بمساعدة شركتين متخصصتين اوروبيتين بكلفة (60 مليون) دولار وعلى مساحة (204) دونم من الاراضي في منطقة (تانجرو)، اي في نفس المنطقة التي خصصتها بلدية السليمانية لرمي وطمر نفايات المدينة.
أُبرِم عقد هذا المشروع بين (محافظة السليمانية) و(شركة ايكوسيم)، وفقاً لهذا العقد ينبغي لهذه الشركة ان تعالج كل أنواع النفايات في السليمانية بإستثناء النفايات (الطبية) و(الإنشائية)، كما عليها معالجة أكثر من (الف و100) طن من القمامة يومياً.
في شهر آب من عام 2020 اعلنت الشركة استعدادها لإستلام نفايات السليمانية، وبدأت بالعمل بشكل تجريبي وبطاقة استيعابية بلغت (الف و300) طن في اليوم (اي بكمية اكبر مما تم تحديدها لها في العقد).
يقول المسؤولون في هذا المشروع، انهم اخذوا نسبة تزايد السكان في محافظة السليمانية لـ(20 سنة) القادمة نصب اعينهم عند انشاء الشركة، وإن نسبة المخلفات في المشروع تبلغ 10% ويريدون ان يخفضوا من هذا المستوى الى نسبة 6%، وهي نسبة ضئيلة جداً وأن تكون لها أي تأثير يذكر على تلوث البيئة.
وفقاً لأقوال هفال أبوبكر محافظ السليمانية، توفر الشركة فرصاً للعمل لأكثر من (200) شخصاً.
طبقت هذه الشركة احدث أسلوب لمعالجة النفايات وهو اسلوب (المعالجة البيولوجية) وتمر العملية بثلاث مراحل :
* المعالجة الميكانيكية البدائية : تطحن النفايات في هذه المرحلة لتكون احجامها متشابهة ومتساوية.
* المعالجة البيولوجية : يتم تجفيف النفايات المطحونة في هذه المرحلة وتنظف من البكتيريا والفيروسات.
* المعالجة الميكانيكية : يتم عزل المواد الخاملة من النفايات في هذه المرحلة والتي تبلغ نسبتها (10%) فقط، وتمثل هذه النسبة المخلفات(اي تبقي على نسبة 10% من نفايات السليمانية كمخلفات).
الانتاج الذي يتم الحصول عليه في ختام هذه العملية الثلاثية المراحل هو نوع من الوقود تسمى بوقود الـ(RDF)، وهو وقود بديل للشركات وصديق للبيئة.
بعد قرابة سبعة أشهر من تأسيسها، لا تستطيع هذه الشركة ان تعمل بطاقتها القصوى، وذلك لعدم قدرة حكومة الاقليم على صرف مستحقاتها، ورفعت المحافظة والبلدية عدة مرات كتباً رسمية لمجلس الوزراء بهذا الخصوص، لكن الحكومة لا ترد عليها.
صرح هفال أبوبكر، محافظ السليمانية لـ(الحصاد) " كي تستطيع الشركة استلام تلك الكميات من النفايات يومياً كما هو مطالب بها في العقد، ينبغي على الحكومة ان تنفذ التزاماتها المالية تجاه الشركة ايضاً".
وفي الوقت الحالي فإن الشركة المكلفة بإعادة تدوير نفايات السليمانية في انتظار صرف مستحقات عملها من قِبَل الحكومة لكي تستطيع على أقل تقدير تحويل كمية (الف و100) طن من النفايات الى الوقود يومياً.
محاولة ثانية من دهوك
في أواخر عام 2020، اعلنت وزارة البلديات والسياحة عن تأسيس شركة لمعالجة النفايات في حدود محافظة دهوك وتحديداً في منطقة آميدي(العمادية)، لكن هذا المشروع لم ينتهي لحد الآن.
يتم إنشاء وتأسيس هذه الشركة على مساحة (96) دونم من الأراضي وتقع شمال مجمع (قَدش) التابع لناحية (سَرسَنكي) وتعالج نفايات أكثر من (13) بلدية في حدود تلك المناطق.
اعادة التدوير في العراق
تمثل النفايات إحدى المشاكل الرئيسية للحكومات المتعاقبة في العراق، وبحسب آخر الإحصائيات فقد ارتفعت مستوى النفايات في العراق حالياً إلى اكثر من (15 الف) طن يومياً.
تسلمت الحكومة العراقية مؤخراً عدداً من العقود لاستثمار القمامة والنفايات من قِبَل الشركات الأجنبية التي تطالب بتأسيس شركات لإعادة تدوير النفايات بهدف تحويلها إلى الطاقة الكهربائية.
وفقاً لأقوال هاشم الشديدي، مستشار وزارة الكهرباء العراقية، ان الجيل الرابع من تقنية اعادة التدوير بمقدورها انتاج (37 ميغا واط) من الكهرباء من كمية ألف طن من النفايات والقمامة.