عربية:Draw حسب تقرير لصحيفة الجارديان فإن عام 2023 ستتركز فيه الأحداث والصراعات العالمية في تايوان وكوريا الشمالية وفلسطين وهي بؤر توتر محتملة قد تتسبب في تشتيت تركيز العالم على تطورات الحرب الروسية الأوكرانية. التقرير ركز على دور العراق الوسطي في صراعات المنطقة وهو تحول مهم حيث كان العراق لسنوات ساحة لمعارك عسكرية وسياسية وتحوله إلى دور الوسيط هو دليل على الاستقرار. الولايات المتحدة وإيران والسعودية اللاعبين الأبرز في المنطقة يرون في العراق قوة اقتصادية يجب التمسك بعلاقات جيدة معها خصوصاً بعد أزمة الطاقة والخوف من ارتفاع جنوني لأسعار النفط في المستقبل. ملفات مهمة بدء العمل عليها خلال الحكومتين السابقتين مثل الوساطة بين طهران والرياض والملف السوري وتأثير العراق على الداخل اللبناني سياسياً واقتصادياً تزيد من أهمية الدور العراقي في المنطقة والعالم. العلاقات العراقية المصرية قد تشكل نقطة تحول كبيرة في العلاقات العربية حيث تنظر القاهرة للعراق كقوة اقتصادية تحتاج إليها بينما تستطيع بغداد أن تستفيد من خلال تنفيذ مشاريع الطرق والجسور والبنى التحتية عبر الشركات المصرية. الملف الفلسطيني حاضر دائماً في الملفات العراقية والعربية مهما تم الحديث عن شراكة سياسية واقتصادية مع تل أبيب. الصراع الصيني في تايوان سيجبر بكين على تقوية علاقتها في الشرق الأوسط وخصوصاً الدول النفطية لضمان تدفق النفط في حال حصول مواجهة عسكرية. ثروات البلاد (النفط، الغاز، المعادن، الكبريت والسيليكا) التي سلطنا عليها الضوء في حلقات سابقة هي أبواب استثمار مستقبلية ستجعل الدول تبحث عن دور في العراق.
عربية:Draw ثمة أسئلة تُطرح هذه الأيام حول أسباب الخلافات المتجددة بين الإتحاد الوطني الكردستاني، الذي يتزعمه حالياً السيد بافل طالباني والحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة السيد مسعود البارزاني. وهناك مَن يستغرب فعلاً من إستمرار فشل الطرفين في إحتواء خلافاتهما الأخيرة رغم الخبرة المتراكمة لديهما في مجال التفاوض والحوار الوطني ومخزون الإتفاقيات السياسية المبرمة فيما بينهما. والأمر في رأينا ربما بحاجة الى شيء من الدقة والتمييز بين التجارب السابقة والمستجدات الحالية. ويبدو أن هذه المرة تختلف أسباب صراعهم الى حد ما، وقد يكون هذا الإختلاف بعينه هو ما يُفسر تعذر الوفاق والإتفاق الى اليوم، والمقصود منه هنا علاقة الخلاف والصراع - هذه المرة - بملفٍ حساس للغاية هو ملف إدارة إقليم كردستان ومشاكلها وأزماتها المرتبطة مباشرة بحياة المواطنين في كردستان وإنعكاساتها على صورة وصيت الأحزاب المشاركة في الحكومة أمام الرأي العام الكردستاني، لاسيما مع إقتراب موعد إنتخابات الإقليم العامة وإنتخابات مجالس المحافظات القادمة.ومشاكل هذا الملف تتمثل على ما يبدو وقبل أي شيء، في حدوث تراجعٍ تدريجي لمبدأ الشراكة في إدارة الحكومة. فمنذ عام والإتحاد الوطني كحزب أساسي مُشارك في الكابينة الوزارية يتهم الحزب الديمقراطي، الذي يترأس رئاسة الوزراء ورئاسة الإقليم وأغلب الوزارات السيادية والخدمية، يتهمه على بأنه بات يتفرد بمقاليد السلطة والحكم في الإقليم ويستغل موقعه في هذه السلطات، وخصوصاً السلطة التنفيذية، لفرض إجندة حزبية ضمنية خاصة به على الجميع، ويخرق مبدأ أساسي مُلزم لأي حكومة على وجه المعمورة هو مبدأ التوزيع العادل للثروة والسلطة يتمثل الإتهام بصورة أوضح في ٳن رئيس الحكومة، السيد مسرور البارزاني، لا يتعاطى غالباً كرئيس سلطة مسؤولة عن أحوال جميع مناطق الإقليم، وتقتصر عطائاته وإنجازاته الإدارية في مناطق الحزب الذي ينتمي اليه، أي أنه يولي إهتماماً أكبر بمحافظتي أربيل ودهوك من حيث المشاريع الخدمية والإعمار وتوقيت توزيع رواتب موظفي الإقليم وفرص الإستثمار، بينما يمارس بالمقابل سياسة مجحفة بحق منطاق نفوذ شريكه الأساسي في الحكومة، هي سياسة فرض حصار إداري ومالي مُهلك على هذه المناطق وتأخير متعمد لصرف رواتب الموظفين فيها بحجج لاتليق– على حد تعبير الإتحاد- بمبدأ تقديم صورة السلطة التنفيذية في الإقليم كسلطة وطنية مسؤولة عن حقوق المواطنين جميعاً دون تمييز. من جانب آخر، نلاحظ منذ فترة أن ثمة وجه آخر أيضاً لهذا الملف الخلافي قد لايقل تأثيره عما أسلفناه على مشهد الصراع الدائر إن لم يكن سبباً حقيقاً في تعقيده أكثر!، ألا وهو إنعدام التفاهم بين الحزبين في الحكومة وممثليهما على جدوى الحوار الإداري الداخلي لكابينة الحكومة حول سبل إيجاد الحلول الإدارية لمتطلبات أهالي مناطق إقليم كردستان المختلفة والتعامل مع الأزمات الخاصة بإدارة الإقليم وتوزيع السلطات والإجراءآت الإدارية الكفيلة بتحقيق الإصلاح. وأسوأ من ذلك هو تحول خلافات الطرفين في الجهاز الإداري الى سجالات شبه يومية وتراشقات إعلامية وتبادل الإتهامات وإصدار بيانات متشنجة للرأي العام ضد بعضهما البعض!، الأمر الذي أساء دون أدنى شك الى هيبة الحكومة الحالية كحكومة إئتلافية متماسكة وموحدة بعيدة عن الخلافات الحزبية والسياسية ومتفرغة تماما لأداء واجباتها الإدارية الوطنية.وبخصوص هذا الملف، ليس ثمة حتى اليوم أي طرح آخر أو مبادرة جديرة بالذكر بإتجاه معالجة المشاكل الإدارية سوى الدعوة الى الحوار، والملفت في الأمر هو أن الموقف المبدئي للطرفين إزاء الحوار كسبيل للحد من تدهور الأوضاع مشجع الى حد ما، إلا أن الخلاف يدور حصراً حول الشروط المسبقة لهذا الحوار بل هذه الشروط هي الشيطان الكامن في تفاصيل الصراع والتي تحول دون تشجيع الطرفين على الدخول في حوار جاد و مثمر، الأمر الذي ربما أدى في النهاية الى تدخل دبلوماسي للولايات المتحدة الأمريكية قبل أيام وحث الطرفين على التهدئة أولاً وتذليل العقبات أمام إجتماعهما وصولاً الى تفاهمات ممكنة تُنهي هذا التصدع الخطير في البيت الكردي. وفي منظورنا نحن، تتمحور الحلول أساساً في ضرورة إحترام مبدأ الشراكة السياسية التي يطالب بها الإتحاد الوطني الكردستاني، ومفهوم الشراكة- بجملة - هو أن يتحملان الحزبان الرئيسيان كافة المسؤوليات السياسية والإدارية في الإقليم ولا يزايدان كل بعضهما البعض لأنهما في آخر الأمر مسؤولَين عن نجاح وفشل الحكومة والتجربة السياسية في الإقليم في أغلب الأمور والملفات. والنقطة التي نتفهمها في خطاب الإتحاد الوطني حيال هذه الخلافات هي وجود إشكالية التوزيع العادل للثروة في الإقليم فعلاً، إذ لم تكن الكابينة الوزارية- على حد تقدير المراقبين – موفقة كما یجب في تطبيق هذا المبدأ كجزء أساسي من منهاجها، لاسيما أن هذا الأمر حساس للغاية لأن ثمة مناطق نفوذ للحزبين، وبالتالي أي تردد أو قصور إداري من طرف الحكومة في توزيع الثروة وتوزيع السلطات وتنفيذ المشاريع والخدمات والرواتب سرعان ما يسيء الى سمعة الحكومة وصورتها أمام الرأي العام في هذه المنطقة أو تلك، وعليه يستوجب دوماً على هذه الأخيرة أن تكون حكومة حريصة على التمسك بالمبدأ المذكور ومجمل إستحقاقاته الإدارية والمالية والمعنوية وتقديم الحكومة من خلاله في صورة سلطة تنفيذية كردستانية شاملة، بل خالية تماماً من أي مظاهر أو أجندات أو ممارسات تسبب في معاودة تفجر هذا الملف وتجدد الخلافات بين الحزبين الرئيسيين في اقليم كردستان العراق.
عربية:Draw الأخبار الواردة من تركيا دائماً ما تجذب الانتباه، لكنني أعتقد أن الاهتمام بها في عام 2023 سيزداد بشكل أكبر، نظراً للانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة في هذا البلد، التي لا تفصلنا عنها سوى ستة أشهر.هذه الانتخابات ستكون بمثابة اختبار جاد لقوة إردوغان وحزبه. فهل سيستطيع الرجل، الذي يسميه بعض الخبراء بأنه من أنجح القادة في العالم، اجتيازها؟ ولماذا احتاج إلى عملية تقديم موعد الانتخابات، الأمر الذي من المتوقع أن يعلن عنه رسمياً في مارس (آذار)؟ وماذا سيكسب لو بلغت الحملة الانتخابية ذروتها في رمضان؟ وحتى عملية تقديم الانتخابات نفسها ستشكل أيضاً اختباراً للقوة: فوفقاً للقانون، سيحتاج قرار تقديم الانتخابات لموافقة أغلبية ثلاثة أخماس نواب البرلمان التركي (بينما قانون الانتخابات الجديد سيدخل حيز التنفيذ في 6 أبريل «نيسان»). بيد أن الائتلاف الحاكم لـ«حزب العدالة والتنمية» بزعامة إردوغان و«حزب العمل القومي» بزعامة دولت بهجلي، لا يتمتع بهذه الأغلبية. إذن، هناك حاجة إلى دعم برلمانيين آخرين أيضاً.لكن، ماذا عن المعارضة؟ فهي، وفقاً لتقارير إعلامية اليوم، ستكون مستعدة لدعم قرار تأجيل الانتخابات فقط في حال أجريت قبل 6 أبريل. فهل يمكن أن يغير المعارضون موقفهم من هذه القضية؟ حتى الآن، وفقاً لاستطلاعات الرأي، حصل ثلاثة مرشحين معارضين محتملين للرئاسة على أصوات أكثر من الزعيم التركي الحالي، وهم: رئيس «حزب الشعب الجمهوري» كمال كليجدار أوغلو، ورئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، الذي انتخب لهذا المنصب في مارس 2019 عن «تحالف الأمة» الذي يضم «الحزب الجيد» و«حزب الشعب الجمهوري»، وكذلك عمدة أنقرة منصور يافاش، المنتخب عن التحالف نفسه. بالطبع، يمكن أن تتغير الأمور في الأشهر التي ستسبق الانتخابات، كما من المتوقع أيضاً تسمية مرشح المعارضة لمنصب الرئيس في فبراير (شباط). في الوقت نفسه، وكما بات معلوماً، حكمت المحكمة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي على أكرم إمام أوغلو، الذي تنخرط زوجته ديليك هي أيضاً في السياسة، بالسجن وإبعاده عن النشاط السياسي بتهمة إهانة اللجنة العليا للانتخابات في تركيا، علماً بأن الأمر يمكن أن يستغرق داخل أروقة القضاء التركي المعقد وقتاً طويلاً حتى تتم الموافقة على الحكم في المحكمة العليا، لذلك، قد يكون لديه الوقت الكافي للترشح والمشاركة في الانتخابات. زد على ذلك أن الناس في تركيا يحبون أولئك المضطهدين من قبل السلطة، وهذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة شعبيته.تدرك روسيا أن مستقبل العلاقات الروسية - التركية يعتمد إلى حد كبير على نتائج الانتخابات. لكن المسؤولين والمحللين البارزين يمتنعون عن التعليقات العامة على الانتخابات التركية، حتى لا يواجهوا اتهامات بالتدخل في مسارها لصالح إردوغان. ولذا، فإن بعض السياسيين الأتراك يتحدثون بالفعل عن الدور الكبير جداً لـ«العامل الروسي» في الحملة الانتخابية لرئيس «حزب العدالة والتنمية». وربما يكون هذا أحد الأسباب التي جعلت إردوغان يتصرف أحياناً بطريقة ينأى فيها بنفسه علنياً عن موسكو، كي لا يُتهم بـ«التحيز المؤيد لروسيا»، الأمر الذي يسبب الاستياء والحيرة في المجتمع الروسي. ومن بين هذه الإجراءات، على سبيل المثال، الدعم المعلن من قبل الزعيم التركي لما يسمى «خطة السلام» التي أطلقها زيلينسكي، التي ترفضها موسكو رفضاً قاطعاً، حيث في الإحاطة الصحافية الأخيرة، شككت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، في أن هذا الدعم سيساهم في البحث عن السبل المثلى لحل النزاع. وقيل هذا بحذر شديد، بما يتطابق مع ما تتسم به العلاقات الروسية التركية الحالية، عندما يتجنب الطرفان في البيانات الرسمية التعبيرات شديدة اللهجة في تقييمات تصرفات بعضهم البعض، مثمنين بذلك الحجم الاستثنائي للتعاون. وهذا التقليد موجود منذ العهد السوفياتي. وأذكر أن رئيس الحكومة السوفياتية، أليكسي كوسيغين، خلال كلمته في ديسمبر (كانون الأول) 1975، في احتفالات بدء تشغيل مصنع «الإسكندرونة للحديد والصلب»، الذي تم بناؤه بمساعدة الاتحاد السوفياتي، قال: «نعم، تركيا هي عضو في حلف الناتو، والقواعد الأجنبية موجودة على أراضيها. لكن، كما أكد لي (رئيس الوزراء) ديميريل، لكونهم في هذا الحلف، فهم لا يُخضعون المصالح الوطنية لتركيا لمصالح هذه المنظمة، والقواعد الأجنبية تحت السيطرة الكاملة للسلطات التركية». وتؤكد أحداث عصرنا قدرة أنقرة على اتخاذ قرارات تتماشى مع مصالحها الوطنية، من دون الانصياع لمحاولات الإملاء من الخارج.في الوقت نفسه، هناك سبب آخر لبيان الزعيم التركي الداعم لفكرة كييف المحكوم عليها بالفشل، ألا وهو رغبة إردوغان في كسب نقاط ما قبل الانتخابات في مجال الوساطة في النزاعات، ووضع نفسه كصانع سلام دولي. في هذه الطموحات، كما يبدو لي، يكمن جزئياً مفتاح لغز الإجراءات المتناقضة للغاية وتقييمات الزعيم التركي حول عدد من قضايا السياسة الدولية. لكن، ما الذي يمكن أن يفعله الزعيم التركي لزيادة شعبيته في مواجهة الوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد؟ فعلى خلفية ارتفاع معدل التضخم وارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة الليرة، بدأ المستثمرون يخشون من تعثر الحكومة التركية عن السداد، لأن السلطات مستمرة بعناد خطير في خفض سعر الفائدة.لقد بلغ معدل التضخم في عام 2022 نسبة 64.27 في المائة، وكانت قد تجاوزت نسبته في أكتوبر (تشرين الأول) 85 في المائة. وفي 14 يناير (كانون الثاني) من هذا العام، وصل سعر صرف الدولار في تركيا إلى 18.7777 ليرة، ولا يزال هبوط العملة الوطنية مستمراً في تحطيم الأرقام القياسية، بينما في الوقت نفسه، ينمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بوتيرة جيدة.ومن المحتمل أن إردوغان يعول على حل مشكلة اللاجئين السوريين، الذين وصل عددهم في البلاد حسب ما يزعم إلى 3.7 مليون شخص. وهذا بالتأكيد هو السبب الرئيسي لدخول إردوغان في حوار مع دمشق، رغم أنه دعا حتى وقت قريب، بحماس، لإطاحة بشار الأسد. والمحادثات الأخيرة بين وزراء دفاع سوريا وتركيا وروسيا لم تؤد بعد إلى نتائج خارقة. وبحسب الديوان الرئاسي السوري، يجب التحضير لمثل هذه الاجتماعات بالتنسيق والتخطيط المسبق بين روسيا وسوريا حتى تكون فعالة. وشدد الأسد في لقاء مع المبعوث الرئاسي الروسي لسوريا، ألكسندر لافرنتيف، الأسبوع الماضي، على أن النتائج تعني إنهاء الاحتلال (للأراضي السورية) ووقف دعم الإرهاب. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: إلى أي مدى يمكن للموقف تجاه المشكلة الكردية أن يقرب بين الطرفين المتنازعين؟ بحسب المعلومات المتاحة، ستستمر الاجتماعات، على ما يبدو، في شهر فبراير (شباط) على مستوى وزراء الدفاع وعلى مستوى وزراء الخارجية أيضاً. وحتى إذا فشلت الأطراف في تطبيع العلاقات بشكل كامل من خلال التنازلات المتبادلة، فإن الحل الجزئي فقط لمشكلة اللاجئين السوريين في تركيا يمكن أن يزيد بدرجة كبيرة من شعبية الزعيم التركي قبل الانتخابات. وليست وساطة موسكو في إقامة اتصالات بين أنقرة ودمشق إلا أحد المؤشرات على وجود مستوى معين من الثقة بين موسكو وأنقرة، رغم الخلافات والمشكلة الأوكرانية.كيف يمكن ألا نستذكر مرة أخرى التاريخ الذي تضمن مساعدة موسكو لتركيا بالأسلحة والذهب أثناء نضالها من أجل الاستقلال بعد الحرب العالمية الأولى، واستعدادها لمراعاة مصالح تركيا في قضية المضائق بعد الحرب العالمية الثانية، وموقفها لصالح فيدرالية قبرص، وأمور كثيرة أخرى؟ واليوم، هناك تعاون ثنائي قوي في مختلف المجالات، بيد أنه في الوقت الحالي لا تزال خطط حملة إردوغان الانتخابية لغزاً غامضاً.
عربيةDraw: لاينقصني التوتر كي ينضاف إليه تعطل بطارية الكمبيوتر وأنا على سفر. لا أعرف بالضبط هل هي بطارية الكمبيوتر أم الشاحن. الشاحن يبدو بريئا. عند وصله بالكمبيوتر يشتغل لثانية ثم يتوقف. فيه وصلة يو أس بي لشحن الهاتف ويبدو أنها تعمل. إنها البطارية. لدي مهام يومية أحرص على أدائها. في الصحافة لا يوجد جنرالات. هناك جنود مشاة فقط. رئيس التحرير أو مدراء التحرير مثلهم مثل أي محرر، عليهم أن يعملوا كمحررين لساعات يوميا. هذه صنعة يجب أن تمارس على الدوام كي “لا تثقل يداك” عند أدائها. وللعصافير المبكرة من أمثالي ممن يستيقظون فجرا، فإن ساعات الصباح الأولى هي الأفضل للعمل والتفكير. كل هذا صحيح إلى أن ينقلب مزاجك حين يتعطل الكمبيوتر المحمول وأنت على سفر.البديل موجود. لكنه بديل مزعج تماما. لا أستطيع أن أصف انقلابي على الآيباد. رفيق الرحلات والأرق الرقيق والمؤنس، لديه وجه آخر. عندما يئست من تشغيل الكمبيوتر المحمول الذي يستخدم برنامج تشغيل ويندوز وكل ما يرافقه من تطبيقات، تحولت إلى الآيباد. منذ أن اقتنيت آيباد حرصت على شراء لوحة مفاتيح مزدوجة اللغة ومرافقة له، وهي أيضا بمثابة محفظة حماية للآيباد وشاشته. نسيت، أو تناسيت، الفرق بين توزيع المفاتيح بالعربية لدى أبل وتوزيعها لدى مايكروسوفت. لسبب ما اتفق خبراء توزيع المفاتيح بالإنجليزية، وعاند مهندسو أبل ومايكروسوفت بعضهم البعض فأنتجوا لوحتي مفاتيح مختلفتين. إنها معاناة حقيقية. التعامل مع المفاتيح شيء يمكن أن يُحَلّ بصريًّا. تعود إلى تصيّد الحروف بعينيك وتوجه أصابعك. الأرنب صار يتحرك بسرعة السلحفاة، لكنه يتحرك. الآن صار يتوجب عليك أن تواجه معاناة العثور على تطبيقات النصوص ومعالجة الصور البديلة، وقبلها تحويل الآيباد إلى ما يشبه الكمبيوتر المحمول، حتى بنسخة أبل. صدقوني، الأمر صعب حقا حتى لواحد مثلي يدعي أنه يفهم في مجال الأجهزة الإلكترونية والتطبيقات. وعليك أن تتم كل هذا لتعود وتشتغل على ما ينبغي لك أن تشتغل عليه، مثل كتابة هذا المقال. كل ما يقال عن البدائل السحابية التي توفرها شركات مثل غوغل تبخر في الهواء. ما إن تتعود على ثراء ما يوفره تطبيق معين على ويندوز، حتى تصبح العودة إلى الأدوات البدائية، أو لنقل الأساسية، صعبة جدا. لماذا لم أسارع إلى شراء محمول بديل؟ جرّب أن تجد صيدلية مفتوحة يوم الأحد في بلد يقدس الإجازة الأسبوعية قبل أن تفكر في العثور على محل يبيع كمبيوترات محمولة. استخدم الآن تطبيق نوتس على الآيباد. الكتابة عليه تشبه معاناة نجار أضاع كل عدّته ولم يبق لديه غير المطرقة. اضرب بشدة على لوحة المفاتيح لتبدّد توتّرك.
عربية:Draw لم تعد للعراق تلك المكانة التي كان عليها لدى الولايات المتحدة منذ أن سحب الرئيس السابق باراك أوباما قواتها العسكرية في قرار مشوّش وغامض لم يؤيده قادة البنتاغون أنفسهم في حينه، ولم تغطيه عناوين الحفاظ على مكانة الجيش والاهتمام بالولايات المتحدة في الداخل وطي صفحات الحروب الخارجية، فتلك واحدة من التبريرات الإعلامية التي طالما يسوقها رؤساء البيت الأبيض للخارج لتغطية مواقفهم.لعل أوباما، حينها، لم يرغب في الكشف علانية عن مدى الإخفاق والكذب الهزيل الذي اقترفه سابقه جورج بوش الابن، في تبرير احتلال العراق بعد فضيحة أسلحة الدمار الشامل، ثم جعل العراق قاعدة لمشروع محيطه اليميني المحافظ (الشرق الأوسط الكبير)، فلا هذه ولا تلك نجحت، التورط في أفغانستان قبل العراق يؤكد تلك الأكاذيب التي يسهل تمرير حقائقها المرة لأنها تصدر عن رؤساء الولايات المتحدة. التكلفة المالية المباشرة التي صرفتها الخزانة ووزارة الدفاع الأميركية في العراق بلغت 757 مليار دولار، من غير كلف الأرواح البشرية التي بلغت 4487 جنديا أميركيا.قرار أوباما مغادرة القوات الأميركية العراق عام 2011، ليس للحفاظ على الأموال فما صرف لا يعود. ولا يمكن لرئيس أميركي أن يغيّر قواعد الغزوات والاحتلال الأميركي لدول العالم، فإذا ما أزيح هذا العنصر الجوهري المرتبط بقوة الولايات المتحدة التي تتباهى بها أمام العالم فهذا يعني أنها لم تعد الولايات المتحدة، وهذا ما يحرص جميع الرؤساء والمسؤولين على التبجح به حاليا أمام كل من الصين وروسيا. الولايات المتحدة دون القوة خارج حدودها تتحول إلى دولة كبيرة باقتصادياتها فحسب.من هذه الزاوية العملية لا بد من النظر إلى موقع العراق لدى واشنطن، وليس من زوايا التحليلات والآراء داخل الولايات المتحدة أو خارجها. أميركا أوباما سلمت بغداد لطهران في أخزى صفقة من جانب واحد.صحيح ما قيل ويقال عن دور سياسي مشترك مع طهران في صناعة حكومات بغداد، بل انفردت بعض الأحيان مثلما حصل في ترشيح السفير الأميركي السابق خليل زاد لنوري المالكي رئيسا للوزراء من 2006 إلى 2014، وموافقة البيت الأبيض الفورية، لا شك أنه يدين له بالعرفان إن كان وفيا. حالة التخلي الأميركي عن ذلك الدور الاحتلالي المباشر لا تعني لا بالمفهوم الأميركي ولا الدولي التخلي النهائي عن بلد كالعراق، سعت جميع دول المصالح تاريخيا لكسبه، كإيران وتركيا، حتى بعد هزيمة إمبراطوريتها عام 1918، وقبلهما جميعا بريطانيا. المحور الجديد الذي أخذت تتصرف وفقه الولايات المتحدة لعودة قواتها إلى العراق كان الحرب على الإرهاب، متمثلا بعصابات داعش بعد احتلاله الأراضي العراقية عام 2014 بتواطؤ حكومي محلي، وهو غطاء غير مقنع رغم أهميته. عادت واشنطن بقوات محسوبة لتنفيذ مهمة طرد داعش. لكن الولائيين الذين أصبحوا بعد هذا الغطاء القتالي مؤسسة يحسب لها الحساب في منافسة مكانة الجيش العراقي، رغم وقائع دعم القوات الأميركية لهم ماديا ومعنويا أنكروا ذلك، بل أنكروا حرب أبناء العراق من القوات المسلحة والمدنيين، واعتبروا أنفسهم قد حموا الشرف العراقي. أصبحت العلاقات الحقيقية ما بين واشنطن وبغداد سياسية في الكثير من تقارير الإعلام والصحافة الأميركيتين، التي تنشر تصريحات وتعقيبات لمسؤولين أميركان، مع أن الرئيسين دونالد ترامب وجو بايدن هما أقل من صرحا بتفصيلات حول العلاقة مع العراق. ترامب تحدث بما يوجعه، وهو صرفه المال. الرئيس بايدن تجنب ما يحرجه بعد تماديه الكثير في الاندفاع مع طهران الملالي، لدرجة أن المساعد السابق لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر قال عنه أخيرا “لامبالاة بايدن أعطت لإيران اليد الطولى في العراق” عد عام 2011 لم يعد الحديث عن طبيعة علاقة واشنطن بالعراق وملفاته الشائكة التي تعتقد دوائر الخارجية الأميركية أنها قد تخلصت من وطأتها على البيت الأبيض، ممكنا دون الحديث عن إيران، الذي أخذ يتصاعد هذه الأيام ليس لرغبة أو تخطيط إستراتيجي تجاه نظام طهران الذي وصل إلى مستويات لا يمكن الصمت الأميركي أو العالمي تجاهها، من قمع للشباب الإيراني، المرأة على وجه الخصوص. تشهد إيران هذه الأيام ثورة شعبية جدّية متواصلة، ليست عابرة يتمكن نظام القمع من تسطير تبريرات الكذب والتزوير حولها. فدماء الشباب بسبب الإعدامات الوحشية المباشرة علامة تواصل ثوري بوجه الطغاة، رجال خامنئي وحرسه الثوري الأداة الفعالة الأولى في القمع والإرهاب داخل إيران وخارجها، خصوصا في العراق، حيث تتم عمليات مراحل تأسيس الحرس الثوري العراقي. يبدو أن الضغوط الداخلية في منافسة الحزب الجمهوري للحزب الديمقراطي وجو بايدن، حيث سجل تقدما الشهر الماضي في الانتخابات النصفية العامة، كذلك الرأي العام المتمثل بمجموعة غير قليلة من المحللين في مراكز البحوث والدراسات الأميركية ذات السمعة العالمية التي تركت آثارها على بايدن وانبطاحه غير المبرر لنظام خامنئي لتوقيع الاتفاق النووي الذي لم يتحقق، قد أفلحت في دفعه للتردد وعدم الذهاب إلى ذلك المغطس الذي قد ينهي رئاسته للبيت الأبيض وتاريخه ومستقبله السياسي داخل الولايات المتحدة، إن كان يحلم بمستقبل. فتصريحاته الشخصية المتعلقة بإيران “حمّالة أوجه”، يقول من جهة إنه لا يريد تغيير النظام القائم في طهران، لكنه يدعم الثورة الشعبية الإيرانية المسلحة، خصوصا بعد توجيه الثائرين رسالة شديدة اللهجة تطالبه بذلك. تطورات سياسية لوجستية أخرى لا يستطيع بايدن تجاهلها، مثل زيارته المهمة للشرق الأوسط والسعودية أواخر العام الماضي، حيث أوضح المسؤولون في مقدمتهم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أن دول المنطقة وفي مقدمتها السعودية لن تتعطل سياساتها وتبقى أسيرة قرار البيت الأبيض، هذا المصير أصبح جزءا من الماضي، خاصة بعد زيارة الرئيس الصيني للرياض وحضوره القمم الثلاث السعودية والخليجية والعربية. بعد ذلك كله لا نتوقع ألا يفهم الرئيس الأميركي الرسالة.هذه الوقائع الخارجية، مهما كانت وطأتها، لا تصل إلى مستوى صعوبة ظروف الوضع الاقتصادي الأميركي، رغم المكاسب الجزئية للحزب الجمهوري في الحصول على رئاسة البرلمان بعد فوز الجمهوري كيفن مكارثي أخيرا. مثل هذه المواقف العابرة لا يمكن الاعتماد عليها كمصادر موثوقة أو قاعدة سياسية لتحول جدّي، قد يقترب من تلك السيناريوهات المتدرجة الواضحة التي عرفناها ضد العراق، مثل قانون تحرير العراق في الكونغرس الذي منح أحمد الجلبي خمسين مليون دولار لصرفها على أفراد من معارضة عراقية عميلة مصطنعة، ثم التحضير عبر مؤتمر هزيل في لندن لاحتلال العراق وإسقاط نظامه السياسي.من المستحيل حتى على مستوى التحليلات القريبة من الخيال التي تصدر هذه الأيام عن بعض المحللين العراقيين، أو بعض التقارير الصحفية الأميركية الهامشية، إقدام الرئيس الأميركي بايدن على سيناريوهات جادة في مواجهة نظام طهران، البعض شبهها بتلك التي حصلت قبل ثلاثة عقود وأدت إلى الوضع الحالي في العراق والمنطقة. إذا افترضنا توفر الرغبة لدى الرئيس الأميركي الحالي، وهي في الواقع غير واضحة، فالإستراتيجيات تتحول إلى واقع نتيجة ظروف متشابكة عدة لا يمكن تكرارها بعد عقود. حلم جميل يرسمه بعض الكتاب والمراقبين العراقيين الذين نشاركهم تفسيرات الواقع الحالي في كلا البلدين العراق وإيران، في استسهال مهمة القضاء على الحرس الثوري الإيراني في هذه الظروف الإيرانية المعقدة. لا شك أن الدعوات العالمية لتصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية مهمة لكن الطريق طويل. مسؤولو نظام طهران اكتشفوا سر الحرس الثوري الإرهابي في سيطرته على جميع مقدرات النظام وفروعه الاقتصادية بعد الأمنية والعسكرية، لهذا وصلوا إلى مراحل متقدمة خطيرة في استنساخه في العراق.تبقى جدلية هل ترك الأميركان العراق ليلاقي مصيره مع المحتل الإيراني دون أن يحركوا ساكنا، ما هو هذا الساكن الذي يحتفظ بايدن ولا يريد تصريفه حتى نهاية خدمته في البيت البيض عام 2024. يبدو هذا هو الخيار الأكثر واقعية. نعم، نسمع الكثير مما يقوله الرئيس أو البيت الأبيض أو الخارجية عن اهتمامهم بسلامة العراق وسيادته وأمنه. بعضهم أخذ يتحدث عن مخاطر الميليشيات الولائية ويدعو حكومة بغداد المدعومة من قبلهم إلى استبعادها، لكنه كلام إعلامي أجوف لن تكون له أرضية في الواقع السياسي إلا بعد الضغط على الحكومة والتهديد بمقاطعتها والانحياز إلى مطالب ثورة العراق الشبابية وشعبه.
عربيةDraw: لم يكن كأس العالم مجرد حدث رياضي بحت، فإلى جانب المنافسة الشيقة بين الفرق المتبارية، في الدولة الصغيرة مساحة، الكبيرة اسماً: (قطر)، كان للدين والسياسة والسياحة والملاحة والإدارة وغيرها دور وحضور فعال، ولعل الحضور الأبرز كان للإعلام والمؤسسات الإعلامية، حيث بثت الروح في هذه المنافسة العالمية الشيقة، وجعلته حدثاً عالمياَ بمعنى الكلمة. ويمكن أن نجمل الدور الذي لعبه الإعلام في هذا الحدث الرياضي، في النقاط الآتية: - العودة القوية للشاشة الكبيرة: أثبت هذا الحدث الرياضي أن ما يقال عن أفول نجم التلفزيون هو مجرد أوهام، فمعظم المشاهدين في العالم تابعوا المباريات وكواليس المباريات من خلال شاشة التلفزيون؛ فمتعة المشاهدة أتت من خلال القنوات التلفزيونية والشاشات العملاقة الذكية، التي نقلت المباريات وكأن المشاهد في الملعب، إضافة الى متابعة تعليقات خبراء الكرة وتحليلاتهم، والأخبار المتعلقة بهذا الحدث العالمي.. كل ذلك من خلال شاشة التلفاز. الحضور القوي للإعلام الجديد: إضافة إلى العودة القوية للتلفزيون، فإن الإعلام الجديد - بقنواته المتعددة؛ قد أعطى لهذا الحدث الرياضي وقعاً آخر لدى المشاهدين ومتابعي الكرة المستديرة. فمواقع التواصل الاجتماعي شكّلت منصات متواصلة، ومساحات ميسّـرة للنقاش والتعليق والتعبير عن الانتماء إلى هذا الفريق أو ذاك، والصحافة الألكترونية ساهمت في نقل ما يتعلق بالفرق الرياضية، وطبيعة المنافسة بينها.. وقد أظهرت هذه المنافسة قدرات صحفية شبابية نادرة، من خلال السوشياليميديا والمنصات الإعلامية المختلفة. - هيمنة الإعلام الرياضي: شهد العالم خلال ما يقارب الشهر، هيمنة الإعلام الرياضي على معظم المجالات الأخرى، حتى إن القنوات السياسية، وغيرها، كانت تحاول أن تجد نوعاً من العلاقة بين برامجها الخاصة وهذا الحدث الرياضي؛ القنوات الإعلامية في (قطر) بالذات غيّرت جذرياً جداول برامجها إلى كل ما يتعلق بالرياضة وكرة القدم؛ ولا ننسـى الدور المتميز لقنوات (بين سبورت)، التي قدّمت كل ما لديها من إمكانات فنية راقية، وتغطية مستمرة ومتميزة لهذا الحدث العالمي الفريد. التأثير على الصورة النمطية: استطاع الإعلام نقل صورة أخرى عن المسلمين وشعوب هذه المنطقة إلى العالم، حيث أحدث التنظيم الرائع من قبل قطر لكأس العالم مفاجأة عالمية، غيّرت من الصورة النمطية المترسخة لدى الإنسان الغربي حول عدم قدرة هذه الشعوب على التصدي لمثل هكذا أحداث عالمية؛ فمتابعة الملايين لهذا الحدث الرياضي، والأحاديث المتواصلة عبر القنوات الإعلامية، وحضور الملايين في (قطر)، وتعايشهم مع المواطنين هناك، قدّم صورة مغايرة لما هو موجود في المخيلة الغربية. -تحقيق وظيفة (الترفيه) الإعلامية: استطاع هذا الحدث الإعلامي أن يحقق إحدى الوظائف الإعلامية المهمة، ألا وهو (الترفيه)، حيث إن خبراء الإعلام يؤكدون دوماً أن الإعلام عليه أن يحقق وظائف متعددة، مثل التوعية والإخبار والتثقيف وغيرها.. وتندرج الألعاب الرياضية ضمن وظيفة (الترفيه)، حيث اجتماع العائلة والأصدقاء حول الشاشة الكبيرة، وإيجاد نوع من الراحة النفسية لمشاهديها، وذلك في خضم عالم مليء بالحروب والأحقاد وهيمنة السياسة على كل شيء.
عربية:Draw وكأن أميركا تُخبرنا في خُلاصة برنامجها السياسي بأنها تُراقب وتنتظر ريثما يتم اتخاذ القرار الذي غالبا ما يكون رد فعل بحجم أكبر يفوق الفعل في قوته كما اعتاد العراقيون عليه في تعاملهم مع الإدارة الأميركية عندما تركوا نظام صدام حسين بعد احتلاله الكويت ولأكثر من اثني عشر عاما يحكم بلدا فُرض عليه حِصار اقتصادي جائر، لم يدفع النظام فاتورته بل الشعب، في حين كان يُمكن إسقاطه بعد الانسحاب من الكويت مباشرة، إلا أن القرار الأميركي كان حينها يُوجِب بقاء صدام بالرغم من كل أخطائه، ربما هي الإستراتيجية الأميركية في تعاملها مع الأحداث.بعد أكثر من ثمانية عشر عاما على تأسيس نافذة بيع الدولار في العراق، وهي فعلا نافذة لإنعاش اقتصاديات دول مُجاورة أو حتى تلك التي تتشابه أنظمتها المُتهرّئة بما في العراق، كانت أميركا تُراقب كيف كان الدينار العراقي يُدافع عن التومان الإيراني والليرة اللبنانية وحتى السورية من التهاوي والتآكل والسقوط في قَعر الإفلاس.كانت نافذة بيع الدولار الواجهة الشرعية لتلك الدول لاستدراج الدولار من الأسواق العراقية تحت غطاء شرعي وقانوني يُؤمّن لها التهريب المشروع. تكاثرت المصارف والبنوك وبِمُسميّات شتى اشتركت في مزادات بيع العُملة في مشهد يُوحي بأن العراق أصبح الرئة التي تتنفس بها اقتصاديات تلك الدول. ميركا تكتشف بِمُحصّلة ترقّبها وانتظارها أن هذا “الشُبّاك” ما هو إلا “ماكنة” يسحب منها الزبون المبلغ الذي يُريده وفي أي لحظة يشاء. لم يتفاعل الإعلام العراقي أو حتى يعلّق على ما إذا كان سيتم وضع هذه النافذة تحت الوصاية الأميركية من خلال ربط سياسات البنك المركزي العراقي بوزارة الخزانة والبنك الفيدرالي الأميركي لمراقبة كل الحوالات الصادرة إلى الخارج، خصوصا وأن جميع الأموال العراقية الواردة من مبيعاته النفطية تودع في البنك الفيدرالي الأميركي الذي يُطلِق بدوره التحويلات المالية لوزارة المالية العراقية، وهذا يعني فرض الوصاية الأميركية على الأموال العراقية. حضور طيف سامي وزيرة المالية إلى واشنطن لتوقيع تعهد عراقي بعدم خروج أي دولار إلى إيران أو سوريا وحتى لبنان ربما يوحي بأن الاتفاقات الشفوية لم تعد تُقنع الإدارة الأميركية وحتى ذلك التعهّد الخطي الذي سيوقّع العراقيون عليه. وهنا يقود الحديث إلى السؤال، هل سيعود العراق إلى بنود الفصل السابع وهو الفصل الذي شارف العراق على التحرر من قيوده؟ من المُؤكّد أن الجواب سيكون متشائما خصوصا ما تسّرب من بعض المصادر أن فريق وزارة المالية سيكون مرفوقا على متن نفس الطائرة بمُستشارين أميركيين للإشراف على عمل ومُراقبة أداء البنك المركزي. قد يكون من المُبكّر الحديث عمّا ستؤول إليه سياسات البنك المركزي في ظل الرقابة الأميركية على حوالاته وأنشطته، إلا أن القرار الأميركي الذي بدأ يفرض واقعا جديدا على السياسة النقدية في العراق يوحي بعنوان الوصاية خصوصا بعد أن اتّسعت دائرة نطاق المصارف المُعاقبة أميركيا والتي تُتّهم بتهريب العُملة الصعبة إلى بُلدانها التي أنشأتها وتُشرف على نشاطها. البند السابع وفقراته اللذان بدآ يلوحان في الأفق ويعاودان دورة حياة النظام السياسي في العراق، يعنيان بالمُحصّلة أن يكون البلد فاقدا لأهليته والتحكّم في مُقدّراته الاقتصادية لتكون أميركا هي المُتصرّف الشرعي في تلك الإيرادات والتحكّم فيها كيف ومتى تشاء لإطعام وكساء الشعب العراقي. لم يُدرك ساسة العراق حجم الخطأ والخطيئة التي كانوا يتمادون فيها حين كانوا يصمّون آذانهم ويُغمضون عيونهم عندما كانت النصائح تأتيهم من الداخل والخارج بضرورة كبح جماح هذه النافذة للتهريب، فقد اعتقدوا أن السكوت والتغاضي يعنيان الرضا والقبول بأفعالهم، لكن أميركا تنتظر وتُراقب فكانت النتيجة أن انقلب السِحر على الساحر وتلك هي مُشكلة السياسة في العراق.
عربيةDraw: أنتهى عام، وابتدأ آخر، وحان وقت جرد الحساب الذي نقوم به، ونحن نقلّب صفحات السنة المنصرمة لنضيف ما مرّ علينا كخبرات إلى جردة توقعات المقبل من الأحداث. النظر إلى ما أنجز، وإلى ما وعدونا به ولم ينجز، ومن ثم محاولة الوصول إلى استقراء قد يضيء شيئا من خفايا المقبل هو الدافع لكتابة جردات الحساب كل عام. لكن يبدو أن الوضع العراقي باق على توازناته الهشة، القابلة للتفجر في كل لحظة، والعملية السياسية باقية على تدحرجها، والمواطن العراقي كما هو؛ يعيش بالقدرة. ومع ذلك تعالوا لنقلّب بعض الأوراق ونلقي نظرة على ما حدث في عام 2022. ابتدأ العام مع حالة اختناق سياسي بعد النتائج التي أفرزتها انتخابات تشرين الأول/أكتوبر 2021 التي حققت فيها الكتلة الصدرية فوزا بأعلى عدد من مقاعد البرلمان، وتراجعا واضحا للقوى السياسية الشيعية الولائية المقربة من إيران. وابتدأ الصدريون ماراثون تشكيل الائتلافات، في سابقة لم تعهدها الحياة السياسية، عندما أعلن مقتدى الصدر، إنه ينوي الذهاب باتجاه تشكيل ما سماه «حكومة أغلبية وطنية»، وسعى للتحالف مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، الفائز بأعلى المقاعد الكردية، والتحالف مع كتلتي عزم وتقدم السنيتين، بعدما اندمجتا في كتلة واحدة، هذا الأمر كان يعني ضمنا تهميش الولائيين وإبعادهم خارج السلطة التنفيذية لأول مرة منذ 2005، ما أشعل نار الصراع بينهم وبين الصدريين. لعبت أحزاب وحركات الإطار التنسيقي للقوى الشيعية على ما بات يعرف بالثلث المعطل، وهو عدد مقاعدهم في البرلمان، إذ لعبوا على ورقة عرقلة تحقيق النصاب القانوني لجلسات البرلمان، وإفشال عقد الجلسات لتحقيق اختيار رئيس الجمهورية، ومن ثم تكليف الكتلة الصدرية وحلفائها بتشكيل الحكومة، وعقد العديد من جلسات التشاور بين الإطار والتيار بدفع ومباركة إيرانية، لكن كل جولات المفاوضات باءت بالفشل ولم يتوصل فرقاء البيت الشيعي إلى اتفاق. في حزيران/يونيو لعب مقتدى الصدر ورقة الدفع بالأزمة باتجاه حافة الهاوية، عبر الإعلان عن سحب نوابه من البرلمان، في تحد سافر لقوى الإطار وكشف عجزهم عن تشكيل الحكومة بغياب صدري، وكانت هذه الخطوة قد مثلت قفزة نحو المجهول، إذ كانت حدثا غير مسبوق تم فيه استقالة كتلة كاملة من البرلمان، وحتى الدستور العراقي لم يكن فيه توصيف، أو حل دستوري لما حصل، وتم التعامل مع الأمر كما لو كان حالة فردية لنائب استقال أو توفي، وتم تعويض 73 مقعدا التي تركها الصدريون من قبل خصومهم من الإطار ليكونوا بين ليلة وضحاها الكتلة الأكبر في البرلمان.نوري المالكي رئيس الوزراء الأسبق، ومحرك قوى الإطار التنسيقي، كان يسعى بكل طاقته للحصول على ولاية رئاسية ثالثة، لكن تسريبات إعلامية تزامنت مع إعلانه نيته الترشح لرئاسة الحكومة كممثل لكتلة الإطار، إذ كشفت تسريبات صوتية عن مداولات اجتماع حوى الكثير من الفضائح والتهجم على مختلف القوى الشيعية. فضيحة التسريبات وأدت محاولة ترشح المالكي لرئاسة الحكومة، ما حدا بقوى الإطار إلى البحث عن وجه بديل مقبول، وتم طرح ترشيح محمد شياع السوداني، الذي سبق أن طرح اسمه إبان انتفاضة تشرين بعد إطاحة حكومة عادل عبد المهدي، ورفضه التشرينيون والصدريون حينذاك. مع أزمة الخدمات نهاية شهر تموز/يوليو وخبر ترشح السوداني، انطلقت تظاهرات صدرية مليونية في قلب العاصمة بغداد، وسرعان ما تحولت إلى اعتصام تحرك باتجاه المنطقة الخضراء، ودخلها دون جهد كبير، إذ تحاشت القوات الأمنية المسؤولة عن حماية المنطقة الخضراء الاصطدام مع الصدريين، ما سمح لهم باحتلال البرلمان ومباني الحكومة والاعتصام بها، وطالبوا السلطة القضائية بحل البرلمان، المعطل أصلا، وحل حكومة الكاظمي التي كانت حكومة تسيير أعمال قرابة التسعة أشهر، والانتقال لحكومة مصغرة لتسيير الأعمال والتهيئة لانتخابات جديدة. في المقابل خرج أنصار الإطار التنسيقي في تظاهرات مضادة في محيط المنطقة الخضراء مطالبين بعودة عمل البرلمان، وإقرار تشكيل الحكومة، وفي لحظة توتر فارقة في شهر آب/أغسطس، اندلعت شرارة اقتتال شيعي ـ شيعي كادت أن تتحول إلى حرب أهلية، إذ اشتبكت ميليشيا سرايا السلام الصدرية مع الميليشيات الولائية داخل المنطقة الخضراء في قتال مسلح، وسقط في ليلة واحدة ثلاثون قتيلا وأكثر من 500 جريح. الخطوة العقلانية المهمة اتخذها مقتدى الصدر لسحب فتيل الأزمة عبر إصداره أوامر لأنصار التيار بوقف كل العمليات المسلحة الجارية، وفض الاعتصام، والانسحاب من المنطقة الخضراء، وفي غضون ساعات عاد الهدوء إلى بغداد، وتنفس الناس الصعداء بعد أن كانوا على بعد خطوة من اندلاع حرب أهلية. سارع الإطار لعقد جلسة برلمان في ظل توتر واضح، حيث عاشت العاصمة أجواء منع التجوال وقطع الشوارع الرئيسية، وإغلاق الجسور، وتم تمرير اختيار عبد اللطيف رشيد رئيسا للجمهورية، بعد أن تجاوز الكرد نزاعهم على مرشح رئاسة الجمهورية بين الحزبين الكرديين الكبيرين، حيث عاش البرلمان خرقا دستوريا فاضحا، وتجاوزا للمدد الدستورية في اتخاذ خطوات تشكيل السلطة التنفيذية. وسرعان ما كلف رشيد محمد شياع السوداني بتشكيل حكومة ائتلافية على نهج المحاصصة نفسه، الذي سارت عليه الحكومات السابقة، مع استثناء وحيد هو غياب الصدريين عن المشهد السياسي في البرلمان والحكومة هذه المرة، وبعد مرور سنة على انتخابات أكتوبر 2021 ، تم تمرير كابينة السوداني التي حازت ثقة البرلمان في اكتوبر 2022. ما تزال حكومة السوداني بعد مرور أكثر من شهرين تتعثر في ما وعدت به من تقديم الخدمات ومعالجة الوضع الاقتصادي، عبر معالجة سعر صرف الدولار، وحل مشكلة البطالة المتفاقمة. لكن يبدو أن كل ذلك كان حبرا على ورق، إذ شهد عام 2022 غرق العاصمة بغداد وبعض المحافظات مع بداية موسم الأمطار، وارتفاع سعر صرف الدولار، الذي كسر حاجز 1500 دينار عراقي. ومع أن السوداني رفع شعار محاسبة الفساد، إلا أن حكومته واجهت وهي تحبو في خطواتها الأولى فضيحة أكبر سرقة معلنة حتى الآن، السرقة التي عرفت إعلاميا باسم «سرقة القرن»، التي تمت فيها سرقة مليارين ونصف المليار دولار من اموال التأمينات من الهيئة العامة للضرائب. ألقي القبض على بعض المتورطين في هذه السرقة المليارية، لكن سرعان ما تم الإفراج عن أبرز المتورطين فيها، نور زهير، بعد أن أعاد أقل من واحد في المئة من المال المسروق، بينما شركاؤه وحماته من الجهات السياسية ما زالت تلعب في الخفاء على ملفات فساد وسرقات وصفتها بعض التسريبات بأنها ستكون أكبر من سرقة أموال التأمينات، وبالذات ملفات الفساد في مديرية الجمارك، ولم يتم الكشف عن كل ملابسات «سرقة القرن» وما تم فيها قانونيا حتى نهاية العام. وإذا استذكرنا من غادرنا هذا العام من الأسماء الكبيرة في العراق، فيجب أن نذكر في المشهد السياسي العراقي رحيل راعي الحركة الملكية الدستورية الشريف علي بن الحسين في آذار/مارس في في العاصمة الأردنية عمان عن عمر 66 عاما. أما في المشهد الثقافي فقد شهد عام 2022 رحيل الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب الذي وافاه الأجل في أحد مستشفيات الشارقة في دولة الإمارات العربية عن عمر 88 عاما. كما خسر المشهد الثقافي العراقي قامة شعرية سامقة برحيل الشاعر الكبير حسب الشيخ جعفر في بغداد عن عمر 80 عاما. كما خسرت الموسيقى العراقية واحدا من أبرز ملحينها، وأحد المجديين السبعينيين في الأغنية العراقية، الملحن محسن فرحان، الذي توفي في أحد مستشفيات العاصمة بغداد عن عمر 75 عاما بعد معاناة مع مجموعة من الأمراض المزمنة. كما خسر المشهد الإعلامي قامتين كبيرتين هذا العام، الأولى مؤيد البدري أشهر مقدم برامج رياضية في تاريخ الإعلام العراقي، الذي وافاه الأجل في المملكة المتحدة عن عمر 87 عاما، كما رحل عن عالمنا عام 2022 الإعلامي الكبير والمخرج المهم فيصل الياسري في أحد مستشفيات العاصمة الاردنية عمان عن عمر 89 عاما بعد رحلة مليئة بالإنجازات، وغنية بالنجاحات الكبيرة.ولا يسعنا في نهاية كل عام، ومع بداية عام جديد إلا أن نتمنى أن يكون عام خير وسلام وأن يحظى أهلنا في العراق، والعالم العربي وكل شعوب الأرض بالأمن والصحة والسلام وتحقيق الأمنيات.
عربية: Draw لا يوجد مواطن كردي على أديم هذه الأرض لا يرجو الخير لأمته، أو لا يحزن على التشرذم، والفوضى السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحاصلة في أقليم كردستان، وما يؤلمنا أكثر هو السير على ذات النهج الخاطئ، والتوقع بأننا في المستقبل سنحصد نتائج إيجابية. لكن ذلك لن يحدث في الواقع ما لم تغير الأحزاب الكردية طريقة تفكيرها العقيمة و الضيقة، وتنزل من على التل، و تناقش بواقعية وروية المشاكل الداخلية التي تراكمت وأصبحت بعلو جبال زاكروس. في الأشهر القليلة الماضية شهدت كردستان توترات وتجاذبات سياسية حادة بين الأحزاب الكردية، لاسيما بين الحزبين الكبيرين ) الديمقراطي والاتحاد الوطني) و انعكست تلك التوترات سلبا على الشارع الكردستاني، الذي يعاني أصلا من أزمات خانقة. التوترات الأخيرة وصلت صداها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، التي تقدم دعما لا محدودا لحكومة إقليم كردستان وعلى مختلف الأصعدة. لقد دعا التحالف الدولي بقيادة أمريكا مرارا وتكراراحكومة إقليم كردستان والأحزاب الكردية إلى توحيد قوات البيشمركة، و وضعها تحت قيادة وزارة البيشمركة حصرا. لكن ذلك لم يحدث على أرض الواقع، وكان التوحيد مقتصرا على الورق فقط. علما أن واشنطن تقدم سنويا مساعدات مالية لإقليم كردستان تقدر بمئتين وتسعين مليون دولار. هذا وقد قال مقرر لجنة شؤون البيشمركة في البرلمان الكردستاني السيد رزكار محمد لـ"صحيفة العرب"بأن واشنطن هددت بإيقاف جميع مساعداتها العسكرية واللوجستية للبيشمركة في حال لم يتم توحيدها ضمن قوة وطنية موحدة تابعة لوزارة البيشمركة. والتحالف الدولي يؤكد على ضرورة تقليل أعدادها التي باتت مساعداتها المالية ورواتبها عبئا على وزارة البيشمركة. على المستوى الاقتصادي مازال الإقليم يعاني من أزمة اقتصادية خانقة بسبب غياب الرؤية، والاستراتيجية الاقتصادية الشفافة. وما يزيد الطين بلة هي التوترات الأخيرة بين حزبي الاتحاد والديمقراطي. وبحسب وكالة رويترز فإن الخلافات بين الحزبين تسبب في تعقيد مشروع لتوسيع أحد أكبر حقول الغاز في إقليم كردستان، والذي يقع ضمن الحدود الإدارية لمحافظة السليمانية، وهو ما يلحق الضرر بالمال العام في الإقليم، وتعرقل تصدير الغاز الى أوروبا، وجني الإيرادات التي يحتاج الإقليم إليها. أما على الصعيد السياسي، فإن الانتخابات في إقليم كردستان ليست لها توقيتات زمنية محددة، فهي تخضع لمزاج الأحزاب؛ لذلك لا تجرى الانتخابات إلّا بعد محاولات عسيرة، وجولات مكوكية بين الأحزاب السياسية. وعند أي مطب نجد أصوات تطالب بتحويل السليمانية إلى إقليم مستقل، أو تهدد بالانسحاب من الحكومة! إضافة إلى ذلك يعاني الإقليم من التدخلات التركية والإيرانية. الدولتان تخترقان سيادة الإقليم وتعرضان حياة ومصالح المواطنين، و الإقليم للخطر. والخلافات السياسية الكردية تضعف موقف الإقليم في مواجهة الأخطار الخارجية، كما تضعف أيضا النفوذ الكردي في بغداد. بسبب هذه التوترات و المعضلات شعرت الولايات المتحدة بالقلق، حيث قال مسؤول أميركي لرويترز: "إن واشنطن قلقة للغاية بشأن التوترات الأخيرة بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني. وما نحاول أن نشرحه لشركائنا هنا، هو أننا لا نريد الوحدة من أجل الوحدة، وإنما نحن بحاجة إلى أن تكونوا قادرين على التعاون مع بعضكم البعض حول بعض القضايا السرية التي تهمنا، وهي ايضا في مصلحتكم". لقد أخفقت الأحزاب الكردية حتى يومنا هذا في سن دستور للإقليم، وبناء نظام مؤسساتي غير متحزب، و قوات عسكرية موحدة بعقيدة كردستانية لا حزبية.وبرأينا المتواضع أن السبب الرئيسي للمشاكل الموجود في إقليم كردستان ، هو غياب الدستور الذي يحدد شكل، ومدة، وصلاحية المؤسسات الحكومية، وكيفية انتخابها في الإقليم. الحكومات السابقة وحتى الحالية شكلت على أساس اتفاقات هشة بين الأحزاب، و العلاقة بين الأحزاب الكردية أشبه بالعلاقة بين التجار مبنية على مبدأ الربح والخسارة. ولأن الاتفاقات الحزبية مبنية على أساس قلق وهش فهي لا تدوم طويلا ، وتسقط عند أول اختبار حقيقي. وجود الدستور سيعطي حصانة قوية للحكومة الكردستانية على الصعيدين الداخلي و الخارجي ؛ لذلك نأمل أن تعمل الأحزاب في كردستان في القريب العاجل على سن دستور للإقليم لتلافي مثل هذه المشكلات التي أضرت كثيرا بالإقليم. بداية حل المعضلات في كردستان يكمن في سن دستور مدني للإقليم. خصوصا أن الدستور العراقي الاتحادي يسمح بذلك. بلا ريب حتى وجود الدستور لن يحل مشاكل الإقليم كافة، لكنه حتما سيقلل من وجودها، بشرط أن يكون برعاية وحماية دولية.
عربية:Draw استمرار الأزمات والصراعات نسف الأطراف المتصارعة فيما بينها لحصون بعضهم البعض، هو العامل الأكثر قوة الذي يستند عليه التنظيم الذي حكم لعدة سنوات مساحات شاسعة من سوريا و العراق. من مسجد النور في مدينة الموصل العراقية أعلن أبو بكر البغدادي دولة الخلافة في بداية شهر تموز/يوليو عام 2014 ونصّب نفسه خليفة على هذه الدولة التي اختفت في الباغوز بريف مدينة ديرالزور السورية في شهر آذار/مارس من سنة 2019. قتل البغدادي المولود في العراق في قرية سورية على الحدود التركية، و من ثم توالى الخلفاء من بعده و كل إلى مصيره المحتوم و هو الموت قتلا برصاصة أمريكية. اختفت داعش من على وجه الأرض كقوة عسكرية وسلطة إدارية، و لكنها بقيت في الخفاء تستمد قوتها من استمرار الحرب السورية و تأزم الأوضاع في العراق و كثرة و تعدد مناطق النفوذ في البلدين. هذا التنظيم يجيد بمهارة الدخول من خُرم الأزمات و التسرب من الثقوب و التشققات التي تسببت بها الحروب و الصراعات داخل هذه المجتمعات داعش يستهدف الكُرد أولاً.. أين يكمن اللغز؟ من بين ركام الدمار و أنقاض الحرب في مدينة كوباني استطاع المقاتلون الكرد المرور إلى ضفة النصر على داعش، كان ذلك في سنة 2014 داخل سوريا، حينذاك و على الرغم من ضخامة حجم الألم، كانت القوات الكردية هي القوات الوحيدة التي وقفت في وجه أعتى تنظيم إرهابي و ألحقت به الهزيمة. و من ثم تتالت هزائم التنظيم على يد قوات سوريا الديمقراطية في سوريا و كذلك على يد البيشمركة و الحشد و الجيش العراقي في الجانب الآخر من الحدود، إلى أن كانت نهاية الخلافة المزعومة في بلدة الباغوز. ولكن الاستراتيجية التي اتبعها التنظيم اثناء الهزيمة كانت توحي بأن هناك عاصفة قادمة، حيث سلم الآلاف من افراد داعش أنفسهم إلى قوات سوريا الديمقراطية والتي بدورها احتجزتهم في سجون خاصة و أبقت عائلاتهم في مخيمات ضخمة في شمال و شرق سوريا، أبرزها مخيم الهول. بداية محاولة داعش للعودة من جديد كانت في العشرين من شهر كانون الثاني/يناير في بدايات عام 2022 و ذلك في سجن الصناعة في مدينة الحسكة السورية. و لكن تصدت قوات سوريا الديمقراطية بمساعدة التحالف الدولي لهذا المخطط الداعشي حيث استمرت الاشتباكات عدة أيام، إلا أن التنظيم سقط مرة أخرة و تكررت صورة استسلام مسلحي داعش في الحسكة كما تم الأمر في الباغوز. و من بين محاولات داعش للظهور و العودة كانت في محافظة السليمانية بإقليم كوردستان العراق قبل عدة أيام أي في أواسط شهر كانون الأول/ ديسمبرمن عامنا الحالي، حيث كانت التحضيرات هذه المرة أكبر وأكثر اتساعاً من تحضيرات محاولة السيطرة على سجن الصناعة في مدينة الحسكة، ولكن قوات الأمن الكوردية في السليمانية استطاعت أن تكتشف أمرالإمارة التي يعد لها داعش في الجبال المحيطة بالسليمانية وأقضيتها و نواحيها، فتم اعتقال العشرات من أفراد التنظيم و بالتالي تم إفشال مخطط آخر كانت الغاية منه العودة إلى خارطة القوة و النفوذ. أما آخر المحاولات فقد كانت اليوم في الرقة في السادس والعشرين من شهر كانون الأول/ديسمبر من عام 2022 وذلك داخل مدينة الرقة التي كان التنظيم قد أعلنها عاصمة له أثناء خلافته المزعومة، حيث تبنى التنظيم الهجوم الذي تم تنفيذه من قبل مجموعة من الانتحاريين ووصف القادم بالأدهى و الأَمَرّ. منذ بداية سنة 2022 و لحد ما يقرب من نهايتها كانت جل محاولات داعش للعودة تتم ضمن المناطق الكردية في سوريا و العراق، و ذلك يعود لمجموعة من العوامل و الأسباب منها: الانتقام من القوات التي هزمتهم، و بالتالي التأكيد على شعارهم الذي يعتمد على الجملة التالية (باقية و تتمدد) تكفير الكرد لم يقتصر على داعش، فأغلب الحركات و المجموعات الجهادية المتواجدة في سوريا قامت بتكفير الكرد و سلب ممتلكاتهم و قتلهم و تهجيرهم أينما ثقفوا بهم. فباتت محاربة الكرد في عرفهم و تفكيرهم من أكثر المهمات إلحاحاً عليهم و في قائمة سلم الأولويات لديهم العمليات العسكرية التي قامت بتنفيذها الدولة التركية بزعامة حزب العدالة و التنمية و الذي هو حزب إسلامي، كانت أغلبها ضد المناطق الكردية في سوريا، و مازال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مستمراً في تهديداته للقيام بعدوان عسكري جديد ضد قوات سوريا الديمقراطية، و هذه التهديدات أنعشت تنظيم داعش الذي استفاد من انشغال مقاتلي قسد بالتحضيرات لصد العدوان التركي المحتمل على المنطقة الخلاف القائم بين إقليم كوردستان العراق و بغداد و بقاء الكثير من المناطق بين الإقليم و المركز متنازعاً عليها و خاصة قضية كركوك، الأمر الذي استفاد منه داعش في إعادة تنظيم صفوفه خاصة في جبال حمرين المتاخمة لكركوك و قرجوخ في مخمور الواقعة بين أربيل و الموصل. الكيان السياسي و الإداري للإدارة الذاتية لشمال و شرق سوريا و عدم الاعتراف بهذا الكيان من قبل دمشق و أيضاً عدم تقبل أطراف كثيرة من المعارضة السورية لهذه الإدارة التي كانت فكرة تأسيسها تعود لحزب الاتحاد الديمقراطي و هو من أكبر الأحزاب الكردية في سوريا، و لكن ضمت الإدارة أثناء تأسيسها و لحد هذه اللحظة جميع المكونات القومية و الدينية في المنطقة، ولكنها وعلى الرغم من ذلك، بقيت عرضة للاستهداف من قبل الحركات الجهادية التي تدعمها تركيا بشكل مباشر.فكانت الاشكاليات التي يحملها الواقع السياسي إزاء الإدارة الذاتية هو أيضاً عاملا من العوامل التي جعلت داعش يستهدف بالدرجة الأولة مناطق هذه الإدارة. في مرمى نيران داعش لا فرق بين عربي و أعجمي.. داعش لم يعد ذلك التنين الذي ينفث نيرانه في كل الاتجاهات فقد تم تمريغ أنفه في التراب عدة مرات على هذه الأرض الذي أدعى فيها الخلافة، و لكنه يسعى بكل قوة و لا تهمه الحجة أو الوسيلة مهما كانت، فالمهم لدى التنظيم الآن هو العودة من جديد إلى خارطة السلطة و النفوذ، و هو حسب ما يتضح يرى بأن المدخل هي أرض الكرد و بلاد ما بين النهرين، و من ثم إذا تمكن من تحقيق ما يصبوا إلية فلن يسلم من شره لا كردي و لا عربي و لا سرياني و لا أي شعب من شعوب العالم إن تمكن من الوقوف على قدميه مرة أخرى، فالخطر مازال قائماً و الدرع الكردي بات يحمل اثقالا كثيرة. منتديات الحروب و انكماش مسارات الحلول.. مما لا شك فيه إن الاجتماعات و المؤتمرات الدولية المتعلقة بمناقشة الوضع السوري تحولت بفعل أمر الواقع إلى منتديات لإطالة أمد الحرب و إدامة الأزمة التي دخلت في عقدها الثاني. فعلى سبيل المثال، اجتماعات آستانا منذ بدايتها و لحد هذه اللحظة لم تفرز سوى المزيد من الصراعات، حيث تم من خلال آستانا تحديد الخطوط الجديدة لمدى اتساع الحرب و تثبيت مناطق النفوذ و شرعنة الاحتلال التركي لمساحات شاسعة من الأراضي السورية، و في كل لقاء آستانوي كان الحديث عن خطوط الصراع و خرائط النفوذ لا عن إنهاء الحرب. من جهة أخرى، تعدد و كثرة اجتماعات و مؤتمرات جنيف الخاصة بالمعضلة السورية و عدم التوصل إلى أي نتيجة ملموسة، كانت أيضاً عاملاً مساعداً للتصعيد واتساع رقعة نيران المعارك. في التقاطعات التي تشكلها مسارات جنيف و آستانا و سوتشي، تشكّل هناك موطئ قدم للحركات الجهادية التي تعمل تحت الوصاية التركية داخل هذه اللقاءات الدولية التي يتم تداول مصير السوريين فيها. تلك الحركات الجهادية أو البعض منها يبدو أنها تحتفظ بخيوط للتواصل مع تنظيم داعش، و ليس هناك دليل أكثر وضوحا على وجود هذه الخيوط و العلاقة، من تواجد خلفاء داعش في المناطق التي تسيطر عليها تلك الفصائل و الحركات الجهادية، حيث تم قتل أبو بكر البغدادي في قرية تابعة لمحافظة إدلب السورية على الحدود التركية في عملية للتحالف الدولي، و قبل أن تتم عملية قتله كانت أمور الخليفة ميسورة في تلك البقعة من دون أي عوائق. السوريون كلهم تقريباً يعرفون ماهو المطلوب لإيجاد الحل، ولكن المعضلة الحقيقة تكمن في السؤال التالي: ماهو الممكن؟ ماهو الحل الواقعي الذي يمكن تطبيقه عملياً لحلحلة الأمور؟ استقبل قسم من السوريين (داعش) التي جاءت مع خليفتها من العراق، كما استقبل قسم منهم قبلها (جبهة النصرة) التي جاءت بتعليمات من القاعدة في جبال تورا بورا الأفغانية، و استقبل قسم منهم ما هب و دب من ميليشيات طائفية و مذهبية و فصائل من المرتزقة و قوات دولية متعددة. مر عقد من الزمن و أكثر على هذه المذبحة و المقتلة، تغيرت الكثير من المفاهيم و الأمور لدى السوريين جميعاً، فبعد كل حفلات الاستقبال التي تم ذكرها ألن يستطيع السوريون استقبال الحل الذي سيضع حداً لهذه الحرب.
عربية:Draw تدخل احتجاجات إيران شهرها الرابع بحصيلة ثقيلة، حيث سجلت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية ارتفاع عدد قتلى الاحتجاجات إلى 469 بينهم 63 طفلا قتلوا بالرصاص الحي، منذ انطلاق المظاهرات منتصف سبتمبر الماضي.يبدو واضحا أن مشكلة النظام الإيراني تتعمق يوما بعد يوم، حتى مع تشديد الخناق على المظاهرات والقبض على المتعاطفين معها من الشخصيات الفنية المعروفة، وإصدار أحكام بالإعدام ضد ستة أشخاص، في محاولة لإحداث الصدمة والترويع في نفوس كل من يحاولون حشد أنفسهم لاستكمال المسيرة وإسقاط النظام. الواضح أن مسار الاحتجاجات لن يتوقف حتى ينجح بإحداث فارق في حياة الإيرانيين، الذين سئموا نظام الولي الفقيه وسياسته الخارجية التي تتحمل مسؤولية كبيرة في إدخال البلاد في عزلة كان من تبعاتها أزمات اقتصادية أثقلت كاهل الإيرانيين، وزادت من حقدهم على هذا النظام، حيث اتخذوا من مقتل مهسا أميني الشرارة التي أطلقت الاحتجاجات في شوارع إيران الرافضة لاستمرار وضع مقيت جثم على صدور مخطئ من يظن أن الإيرانيين دعّموا الاحتجاجات لمجرد مقتل فتاة على يد شرطة الأخلاق، والدليل أن تحرك السلطة لمعاقبة المتسببين بموت مهسا لم يشف غليل الإيرانيين ولم يضع نهاية للاحتجاجات. مقتل مهسا أعاد الأوضاع إلى المربع الأول من احتجاجات نوفمبر 2019، التي كانت الجائحة طوق نجاة لنظام الملالي للخروج منها، بعد إعلان سلسلة من الإجراءات الاحترازية التي عطلت تحركات الإيرانيين وساهمت في عدم توسع رقعة الاحتجاجات. بدأت الاحتجاجات رفضا لرفع سعر البنزين بنسبة 300 في المئة ولكنها أيضا تخفي وراءها رفضا لسياسات الحكومة التي لم تتوان عن إفراغ جيوب المواطنين لحل أزماتها الاقتصادية، في بلد نفطي خارت قواه بسبب ضغط العقوبات الأميركية – الأوروبية وسياسة حكامه الفاشلة. مشكلة الشعب مع النظام في إيران سياسية واقتصادية في آن واحد، وذلك لأن استعمال الخطاب الديني في جميع مناحي الحياة أصبح لا يكفي لإقناع الإيرانيين بأن سياسة بلادهم المدافعة عن القدس والمتحالفة مع الجهاد الإسلامي والحوثيين والمعادية لدول الجوار قد عادت بالنفع على البلاد. النظام الذي يمارس دجلا سياسيا تحت غطاء الدين لم يعد يجد تعاطفا من الإيرانيين. كيف لا وهو أساس مشاكلهم الاقتصادية، وعدم استفادتهم من ثورة نفطية قادرة على رفع مستوى المعيشة وتغيير حال البلاد. النظام الإيراني مهزوز وبشدة من الداخل، ودليل ذلك حجم العنف والترهيب الذي يمارسه من أجل إسكات صوت الاحتجاجات، بعد أن فشل الخطاب الديني، وفشلت رواية القائمين على إدارة السلطة في نسب الاحتجاجات إلى قوى الشر التي تدار من واشنطن، لأن الإيرانيين أيقنوا أن الشر لا يأتي من وراء البحار، بل من داخل طهران ومن نظام مستعد لفعل أيّ شيء لبقاء إيران ثكنة عسكرية يفرض فيها القانون باستعمال أدوات البروباغندا والدين، وأسطوانة المؤامرات، وحلم القضاء على إسرائيل وتحرير القدس وما شابه ذلك. أسطوانة المؤامرة سقطت بعد أن رأى الشعب الإيراني تصرف واشنطن حيال ما يجري داخل إيران؛ الإدارة الأميركية ومن خلال أسلوب تعاملها أثبتت أنها لا تريد لنظام الولي الفقيه أن يسقط، ولا تريد لإيران أن تصبح دولة مدنية تتمتع بعلاقات طبيعية مع دول الجوار، ذلك لأن بقاء النظام الإيراني الذي يريد الاستيلاء على اليمن بعد أن ثبّت أقدامه في العراق، هو ضمانة لاستمرار الإنفاق العسكري في المنطقة.الشعب لعقود طويل لا يخلو الأمر من مكائد إسرائيل ومن دعمها لبعض أصوات المعارضة في الخارج، ولكن تأثير هذه الأصوات ضعيف داخل طهران وخارجها، ولا يمكن الاعتماد عليه في تسريع الأحداث والترتيب لإسقاط نظام يخلفه نظام مستعد للتعاون معها. حتى الآن لم يتفق الشارع على زعيم يقود الثورة ليكون اللسان المعبر عن أصوات الإيرانيين، وهذه النقطة تحسب للنظام الإيراني. فالأنظمة بشكل عام عندما تواجه غضب الشارع تخشى أن يتم تأطير الاحتجاجات وأن يقودها أشخاص سياسيون خبراء بدواليب السلطة ويعرفون كيف يتم تنظيم الصفوف. ذلك أخطر بكثير من تحركات معزولة، وإن كانت كثيرة، يبقى علاجها الرصاص والاعتقال والتعذيب والترهيب.مع بداية الاحتجاجات كتبت مقالا تحت عنوان “الملالية إلى زوال” توقعت فيه استمرار الاحتجاجات إلى غاية إسقاط النظام، وذلك لأنني أؤمن بأن كل مكونات الثورة ومسببات سقوط الأنظمة تجتمع في الحالة الإيرانية، ولكن ثمة حقيقة لا يمكن إنكارها وهي أن مسألة السقوط باتت صعبة قليلا مع مرور الزمن دون دعم دولي قويّ، ودون انشقاقات عسكرية من أعلى مراتب الجيش، ودون نشاط دبلوماسي في عدة سفارات. بقاء النظام الإيراني أو انهياره مسألة تتداخل فيها هذه العوامل الرئيسية، وهي غير موجودة في الوقت الحالي.قد نشهد في الأسابيع القليلة المقبلة مفاجئات تأتي من قلب النظام، عندما يتأكد بعض الضباط النزهاء ورجال السياسة الوطنيون بأن القارب سيغرق بمن فيه، وأن إيران إذا لم يتم إنقاذها في هذه الفرصة، فإن الفرصة لن تأتي مجددا.ة. ولكن المسألة ليست بتلك السهولة.
عربية :Draw مشهد طواف الحجاج حول الكعبة في موسم الحج، يشكل صورة مماثلة لطواف ودوران الالكترونات حول نواة الذرة المشكلة للتركيبة الاساسية لكل العناصر في الارض وفي الكون، وكأنه رسالة فيزيائية أرضية سماوية كونية مطروحة للانسان على كوكب الارض منذ قديم الزمان قبل دعوات الانبياء ابراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم السلام بعشرات ومئات الالاف من السنين.ايضا نفس مشهد طواف الحجاج المسلمين حول الكعبة، ينطبق على طواف ودوران الكواكب والاقمار والكويكبات حول النجم المركزي في نظام مجموعتنا الشمسية المركزية التي تقدر سنوات بداية نشوئها بثمانية مليارات سنة بعد الانفجار العظيم الذي تسبب بنشوء الكون. كذلك نفس مشهد طواف الحجاج على الكعبة النشرفة، ينطبق على طواف ودوران المجرات حول نفسها، وخاصة الحلزونية منها، مثل مجرتنا درب االتبانة التي تقدر نشوئها بمئة مليون سنة بعد حصول الانفجار العظيم الذي اولد الكون الحالي بـ 13.8 مليار سنة. تماثل هذه المشاهد الذرية والنجمية والمجرية مع مشهد طواف الحلقات الدائرية البشرية حول الكعبة كنقطة مركزية في شعائر وطقوس عبادة تعود بجذورها الى الاف السنين قبل ظهور النبي محمد (ص) وانتشار دين الاسلام الحنيف في الجزبرة، هل هي محض صدفة، ام محض تنظيم وترتيب وتنسيق واعي خارق، نظم ورتب لها على الارض وفي السماء وفي الكون، من قبل خالق اسمه الله ورب العالمين وهللولا، ام اسمه جسيم الرب واوتار الرب وجسيم بويز هيكنز الذي يمنح الشيء لكل لاشيء، ويمنح للجسيمات كتلتها ووجودها وحضو رها !؟. ورغم ان فكرة الحج تعود الى زمن ابو الانبياء ابراهيم (ع) باتفاق الاديان السماوية، الاسلام والمسيحية واليهودية، والتي تشكل اتباعها وانصارها اكثر من نصف سكان العالم، وذلك من خلال تكليف النبي ابو اسماعيل بامر من الله (حسب الاعتقاد الاسلامي) لبناء بيت مشرف لعبادة رب العالمين، الاله الواحد للمؤمنين الموحدين، الا ان فكرة الطواف حول نقطة مركزية كشعيرة من شعائر الحج، لا تحمل فقط معنى وهدف ديني محدد، وانما تحمل فكرة ورسالة عقلية عالية المستوى (فوق عقل الانسان) منذ قدم البشرية، لتوضيح مسألة فكرية جوهرية حياتية وكونية، وهي ان اصل الانسان والحياة والكون هو الذرة ومحتواها الكمومي، اجل المادة الكمية دون الذرية التي نشأ منها كل شي في الكون الذي ظهر الى الوجود بعد الانفجار العظيم. والمثير حقا ان فكرة بناء بيت الكعبة بشكل مجسم مكعب، مربع متساوي الاضلاع، تعتبر من ارقى الافكار الهندسية الفيزيائية الكونية للتعبير والتمثيل عن الشكل الدائري الذي يهيمن على كل الموجودات الذرية والنجمية واالكونية، ولا شك فان التعبير عن النواة المركزية للذرات والمجموعات الشمسية النجمية والمجرات، وطواف ودوران الالكترونات والشموس والنجوم والمجرات حول نواتها، والتعبير عن هذه الخلاصة الكونية ببيت مكعب، ودوران وطواف المجموعات البشرية حولها بحلقات دائرية واهليليجة، تمثل ابلغ رسالة كونية الى البشرية على كوكب الارض، والى الحضارات الفضائية الاخرى في هذا الكون الواسع، ان وجدت، والرسالة مفادها: )يا مخلوقات الكون كلكم، يا ايتها الكائنات البشرية والفضائية، انتم والجسيمات دون الذرية الكمومية، والمكونات الذرية والجزيئية، والكواكب والنجوم والمجرات العملاقة الرهيبة، وعناقيد المجرات الفائقة، واكوانكم المتعددة والموازية، واكوانكم التي تتشكل اغلبيتها من المادة المرئية والمادة المظلمة، كلها يعود الاصل والنبع الى الذرة ونواتها التي تحتضن الجسيمات دون النوية من كواركات ومن جسيمات بويز وغيرها من جسيمات وترية حاملة للقوى الكهرومغناطيسية والنووية القوية والنووية الضعيفة، وللجاذبية، والجسيمات الحاملة لقوى الجاذبية( وبالرغم من ان فكرة وحكاية بناء بيت الكعبة، تعود الى افكار ونصوص دينية مقدسة قديمة، الا انها بالحقيقة فان كنيتها بعيدة عن التحقق من خلال الحقائق التاريخية المادية التي تبرهن دلائلها بطرق علمية مستندة الى التحليل بالعقل والمنطق والبرهان والتجربة. ولهذا فان للكعبة المربعة والطواف والدوران حولها بحلقات دائرية، مقصد رباني وكوني، و قد يكون مقصد موجه من حضارة كونية متقدمة، وهو ايصال مضمون فكرة شاملة برسالة حكيمة موجهة الى البشرية والى حضارات فضائية اخرى، وهذا العمل صمم من خلال زرع فكرة جامعة في عقل وذهن انسان مختار ومحدد ومعين من قبل الرب (حسب اعتقاد واتفاق الاديان السماوية) وهو النبي ابراهيم، لاسباب قد تكون معرفية وليست دينية، وذلك لتنوير البشرية. وقد تكون فكرة البناء والطواف، فضائية اتية من خارج كوكب الارض، وصلت الى البشرية من عوالم كونية اخرى، وتبدو انها متقدمة في الحضارة والعلوم والتكنولوجيا العابرة للمسافات الكونية، وهي قد تكون فكرت بابلغ واقصر طريقة للتعبير عن رسالة كونية مفهومة لكل المخلوقات في جميع انحاء الفضاء والتي تتسم بالعقل والفكر والوعي في كوننا الواسع الرهيب. ولكن بالرغم من طرح هذه الرؤية الخيالية لتفسير التركيب الحلقى الدائري للحج والذرة والمجموعات الشمسية والنجمية والمجرات والعناقيد المجرية، فان الارادة التي وفرت كل هذه المكونات الذرية والارضية والسماوية والفضائية والكونية، لابد ان تكون فوق الكل، ولابد ان تكون معبرة وحاضنة لكل اسباب ومقومات الوجود المادي وغير المادي لكل الجسيمات والاجسام والمكونات التي تتشكل منها الكون، ولابد ان يكون لهذا الكون الذي يحتضن اكوانا ومعالم مازالت مجهولة، رب يدير كل شيء، وهو قادر على كل شيء، وخبير بكل شيء. والتركيب الظاهر للحج، مقارب للتصاميم الشكلية المكتشفة للذرة والنجوم والمجرات، وهو ما هو الا رسالة كونية موجهة للبشرية، بعيدا عن المخلوقات الفضائية ان وجدت، وهي تحمل معنا رمزيا واحدا، وهو ان العلم هو الباب الرئيسي من ابواب الكون، وان الاولين هذا باب من ابواب الخيرات، وان الاخير باب من ابواب العقول، وان الاخير باب من ابواب الحياة، وما الطريق الصائب الا عبر العلم والادراك بالوعي والاستناد للعقل. وكفى البشرية عزا ان رسالة الحج الابراهيمي عن تركيب الذرة والنجوم والشموس والمجرات ودورانها حول نفسها، قد وصلتنا قبل عشرات الالاف من السنين، ومنذ ذلك الزمان قد فتح للانسان طريق البصيرة، وسلم له الاسماء والبيان بالعلم لارساء طريق الحياة، وارساء دربا منيرا لقراءة وفهم الكون. والانفجار العظيم الذي يبدأ من نقطة متناهية الصغر، لتمتد بتقاعلاتها الكونية خلال اجزاء بمليارات مليارات الجزء من الطول بالمتر ومن الزمن بالثانية، لتزحف نحو تشكيل البدايات الاولية لجسيمات اولية دون الذرية، الى ان يجتاز الثانية الاولى مكونة تفاعلات من كواركات رهيبة فنت بعضها البعض في البدايات الاولى، لتمهد الى تشكيل وتجمع البروتونات والنيوترونات، وبالتالي مشكلة النويات الاولى للذرات الاولية، وبالتالي مشكلة العناصر الاولية المكونة لغازي الهيدروجين والهيليوم، وثم لتزحف مشكلة العناصر الاولية لتكوين البدايات الاولى للنجوم والمجرات والكواكب وغيرها من الاجسام الكونية التي تزدهر بها الكون. والكون الذي وضع لتفسيره نظريات فيزيائية عديدة، وخاصة نظرية الانفجار الكبير، يخضع لدراسات وابحاث علمية مستمرة للكشف عن الاسباب الموجبة لوجوده ومعرفة اسراره والغازه والكشف عن مكامن عوالمه وتمدده السريع المتواصل منذ نشأته والى يومنا هذا. ولاجل هذا، وضع معادلات فيزيائية وكيميائية متنوعة وثوابت كونية عديدة لبيان تفسير الكتلة والزمن والطول في البيئة المحيطة بنشأة الكون في لحظة انطلاق وجوده، ومازالت نظرية الانفجار الكبير تطرح تفسيرات فيزيائية معقولة ضمن منظورات تلك اللحظة الكونية الرهيبة، وذلك من خلال ثوابت فيزيائية كونية عديدة وكثيرة منها ثابت بلانك وقيمته (6.6*10 اس-34)، وكتلة بلانك وقيمته (2.17*10 اس-8)، وزمن بلانك وقيمته (5.39*10 اس-44)، وطول بلانك وقيمته (1.61*10 اس-35)، وغيرها من الثوايت العلمية الكونية التي تقوم عليها علوم الفلك والفيزياء، ومن جملة الخواص التي تستند اليها تلك الثوايت وتسبح فيها هي التواجد او السباحة في عالم الصغر المتناهي الرهيب الذي تصل مقاساته الى جزء من مليارات مليارات مليارات مليارات الثانية بالنسبة الى زمن بلانك، وجزء من مليارات مليارات مليارات المتر بالنسببة الى طول بلانك، وبنفس الاعداد والقيم بخصوص الكتلة والحرارة والحجم وغيرها. هذه الحسابات والمعادلات والثوابت الكونية تكشف لنا وكأن الكون الحالي الذي نعيش فيه، انفجر وتولد من نقطة لم يصل حجمها الى جزء واحد من برتقالة مقسومة الى تريليون تريليون تريليون جزء من المتر المكعب، والحقيقة ليس لقدرة اي كائن ان كان وعيا كونيا او مخلوقا تصور هذا الجزء الوجودي بحجمه وطوله ووزنه في اي كون، ولا في اي معلم وجودي ان كان في الماضي او الحاضر او المستقبل. لهذا يبقى التقارب الحاصل بين المجموعات والمجرات الكونية وشعيرة الحج الابراهيمي، مقاربة قابلة للتفكير واستنتاج الرؤى منها، خاصة وانها تعود الى مرحلة قديمة قد تقدر بخمسين الفية قبل الميلاد، اي في مرحلة مبكرة من فترة بدء التماس بالطبيعة والتعامل مع ظواهرها وظهور اولى افكار الحياة الدينية لدى الانسان القديم، ولا شك ان هذه المقاربة تحمل وتولد اسئلة كبيرة، حيث يحتم على الفكر الانساني ان يجد لها جوابا، وجوابنا بهذا الشأن في هذا المقال امر وارد يمكن وضعه في خانة الاحتمالات الفكرية الواردة للتصورات العلمية الراهنة للانسان المعاصر المستندة الى الاكتشافات الحديثة العظيمة. والله من وراء القصد..
عربية:Draw بروز بعض من الظواهر المعاصرة في العالم صار ينعكس مباشرةً على نمط الحياة الثقافية للمجتمع الكُردي أيضاً. وقد أصبحنا نعيش اليوم في عالم يَخرق بسهولة، لاسيما مع العولمة الثقافية والإعلامية وتكنولوجيا الإتصالات والمعلومات، الحدود الثقافية التي ترسمها كل دولة لتُمَيّز هويتها المحلية. إحدى تلك الظواهر التي تتفشى في عصر العولمة هي ظاهرة الإستهلاك Consuming. هذه الظاهرة، أصبحت اليوم نوعاً من الثقافة التي تُدَغّدِغ الجوانب الغريزية للإنسان وعالم شكلياته ومظاهره، كما أنها تتجلى لنا أحياناً وكأنها، فعلاً، ثقافة مُستَبعدة لبعض القيم الإجتماعية النبيلة التي تحترم الإنسان كإنسان وليس كشيء آخر خاصة إذا ما سَلّمَنا مع بعض من الباحثين المعنيين والمختصين في حقل الأقتصاد والسوسيولوجيا بأن هذه الثقافة الجديدة الدخيلة والعصرية! هي، في وجه آخرمن وجوهها، ثقافة مُحَدِدة لقيمة الفرد الذي، وفقاً لمنطقها، لايساوي في النهاية، سوى ما يمتلكه من مال ومقتنيات مادية. يذكر لنا أريك فروم (1900م-1980م) في كتابه (الإنسان بين الجوهر والمظهر، نمتلك أو نكون؟) حقيقة دامغة في هذا المضمار مفادها أنه حتى كينونة الإنسان في هذا العصر صارت متوقفة على القدرة الإمتلاكية والإقتنائية والمادية لهذا الأخير وتَمَلُكه لعالم الأشياء، والمقصود منها هنا مدى عبودية الإنسان للسوق والسلع المنتجة ومدى خضوعه للآيدولوجية الحديثة التي تفرضها الشركات الانتاجية الكبيرة على أغلب المجتمعات البشرية. الفرض الأكثر إخافة في هذه الظاهرة، أي الإستهلاك، الذي يشترط قبولنا كإنسان هو أن نتفاعل بسرعة مع الموضات المنتجة والسلع المعروضة الواحدة تلو الأخرى، والأسوٲ من ذلك يتمثل في أن إرادة هذا الفرض لاتكمن في أن نكون أحراراً في العلاقة التي نقيمها نحن كمستهلكين مع السلَع، وإنما الخضوع لمنطق الإستهلاك الذي في وجه من وجوهه، لايعني سوى أقتناء السلَع المنتوجة حديثاً وإستهلاك السلَع الماضية، أي روح الطلب أبداً على المعروض جديداً. وقد تَسَرَبت اليوم هذه الظاهرة الثقافية- الأقتصادية الى داخل نمط من معالم حياتنا الثقافية نحن أيضا في أقليم كُردستان العراقً، والدليل هو أن أزدهار مظاهر السوبرماركت والأسواق الحديثة وظهور الإنسان المُنفق بدرجة غير معهودة بات وجها من الوجوه الساطعة للعيان، أما وجهها الرهيب والمخيف فهو تأثر المجتمع بها وتقسيمه عمودياً على شرائح غنية وأخرى فقيرة، أي من يقدر على الشراء والأقتناء ومن لايقدر على ذلك. ولامراء من أن مع هذه الظاهرة يصبح الإنفاق الفائق، بوجه من وجوه، موضةً طاغيةً على النمط الجديد لحياتنا، وتضعف معها من جانب آخر، روح الإنتاجية الى أبعد حدود، وبذلك ينتهي سؤال الإنسان ومعناه الجديد عن مدى إنتاجيته، وانما يكون السؤال حصراً عن مدى إنفاقه وصرفه للمال وإقتناء السلع والمنتوجات. من هنا إذا كان لدينا اليوم تفسيراً ما لبعض من مظاهر الإحتجاجات المجتمعية التي تعني في الوقت نفسه ردوداً على غياب العدالة الإجتماعية في المجتمع الكُردستاني، فيمكن إرجاع ذلك دون شك الى شعور طبقات إجتماعية فقيرة ومحدودة الدخل بإستحالة التحرر من مظالم الإستهلاك. ولا غرابة في أن يستخدم الفيلسوف الفرنسي جان بودرياد (1929م- 2007م) في نتاجاته ودراساته مفهوما ملفتاً كمفهوم ديكتاتورية الإستهلاك، ذلك لأنه مقتنع بأنه إذا كان التحرر من الديكتاتوريات العسكرية صعباً في بعض الأحيان، فإن التحرر من ديكتاتورية الإستهلاك سيكون معقداً لأن المواطنين يشكلون الحلقة الأقوى فيها. وبهذا المعنى لامفر لنا نحن أيضاً من هذا النمط الجديد من الديكتاتورية النمطية النزعة للحياة إلا إذا ما قَبِلنا الإنغلاق بوجه التاريخ بمعطياته السلبية والإيجابية، ولامفر من الوقوع في مطب هذه الآفة العصرية التي تُغيّر معاني كينونة الإنسان وقيمه وثقافته الأصيلة التي كانت قائمة، بفعل الحضارة والأديان السماوية، على إحترام الأفراد والجماعات والنظر اليهم نظرة إنسانية، أي خالية من أي تمييز عنصري إجتماعي فما بالك من التمييز والتصنيف على أساس سؤال غير إنساني هو: من منا يمتلك و من لايمتلك.؟
عربية Draw : تعقد المشهد الأمني في العراق بتكرار الخروقات والانتهاكات العسكرية على الأراضي والأجواء العراقية مما ادى الى زعزعة الوضع الأمني وخلق حالة من عدم الاستقرار الأمني بسبب استمرار الاعتداءات العسكرية من قبل تركيا وإيران منذ سنوات ماضية والى الوقت الحاضر وما يتمخض عنها بوقوع مستمر من الضحايا المدنيين العراقيين وانتهاك للسيادة الوطنية فضلاً عن توسيع عدد ومساحة تواجد كلا الدولتين العسكري غير الشرعي على الأراضي العراقية. العمليات العسكرية على الأراضي والأجواء العراقية كانت آخر العمليات العسكرية التي شنتها الدولتين هي العملية العسكرية الجوية التي شنتها تركيا في شمال العراق وسوريا حيث شاركت فيها اكثر من 70 آلية جوية من مقاتلات حربية وطائرات دون طيار مزودة بالأسلحة أطلقت تركيا عليها عملية المخلب_ السيف الجوية وأعلنت وزارة الدفاع التركية ان الطائرات التركية نفذت ضربات جوية ضد قواعد المسلحين في إقليم كوردستان ودمرت ٨٩ هدفاً رداً على الهجوم العسكري التي تعرضت لها تركيا وتحديدأ في اسطنبول الذي أسفر عن مقتل ٦ أشخاص وعشرات القتلى في تشرين الثاني لعام 2022.وبدوره، شن الحرس الثوري الإيراني قصف صاروخي وهجمات بمسيرات مفخخة، وضربات بطائرات بدون طيار ضد الجماعات المعارضة الكوردية الإيرانية وعلى المعقل الرئيسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني الإيراني المعارض في 14 من تشرين الثاني، وسبقتها ضربات مماثلة في 28 أيلول لعام2022. وتبرر إيران عملياتها العسكرية على الأراضي العراقية بوجود مسلحين معارضين لها داخل الحدود العراقية وبأنها السبب بإثارة الاضطرابات الداخلية والمظاهرات التي تشهدها إيران منذ 16 أيلول إثر وفاة مهسا أميني، لا سيما في الشمال الغربي حيث يعيش معظم أكراد إيران الذين يصل عددهم إلى 10 ملايين. وأشعلت وفاتها منذ ذلك الحين تأجيج الغضب الشعبي حول العديد من قضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في إيران.أما تركيا فتتحج بالمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على الحق المشروع في الدفاع عن النفس، والاتفاقية الأمنية المنعقدة بين الحكومة العراقية السابقة والحكومة التركية التي تسمح لها بمطاردة حزب العمال الكوردستاني PKK، وتعقيباً على ذلك أكدت وزارة الخارجية العراقية وعلى لسان وزيرها السيد فؤاد حسين انه لا توجود اتفاقية أمنية بين الطرفين بل مجرد محضر رسمي موقع من قبل وزير الخارجية العراقي آنذاك طارق عزيز مع نظيره التركي عام 1984 ولمدة عام واحدة فقط، يتعلق بالسماح للقوات التركية بدخول الأراضي العراقية بمسافة لا تتجاوز 5 كيلومترات.في الحقيقة أن جميع ما ذكر من تبريرات هي غير قانونية وتنتهك سيادة العراق الوطنية، لان جميع الهجمات العسكرية التي تعرض لها العراق لم تكن بعلم أو اتفاق مسبق مع الحكومة العراقية وبدون سماح الاخيرة لها بكيفية ونوعية الاجراءات التي تتخذها كلا الدولتين في التعامل مع الاحزاب المعارضة لها. أزمة السيادة العراقية جزء من مسألة ازمة العراق السيادية يرجع إلى النظام الداخلي وتصارع القوى السياسية الحاكمة وتشتت وحدة القرار السياسي وتباين المواقف اتجاه العمليات العسكرية الخارجية حيث أصبح ساحة لتصفية الحسابات وتصارع النفوذ الإقليمية والدولية على أرضه فضلاً عن ضعف الموقف السيادي في تبني استراتيجية واضحة وموحدة وتطبيقها على ارض الواقع في التعامل مع الملف الأمني بخصوص الهجمات العسكرية الخارجية في تفعيل الإجراءات الغير عسكرية سواء باستعمال الضغوط الاقتصادية كأداة ضغط خصوصاً ان الدولتين تمتلك مبادلات تجارية ضخمة مع العراق ويعد الاخيرسوق استهلاكي أساسي لها أو استعمال الأداة الدبلوماسية على الرغم من محاولات العراقية الكثيرة في هذا المجال وآخرها كلمة السيد وزير الخارجية فؤاد حسين في جلسة مجلس الأمن الطارئة المنعقدة في 26 يوليو 2022 بشأن الاعتداء التركي واكد فيها نصياً على " ضرورة اصدار قرار يلزم تركيا بسحب قواتها العسكرية من كامل الاراضي العراقية، حيث ان تواجد هذه القوات غير شرعي ولم يكن بطلب من الحكومة العراقية، وليس هناك اي اتفاق او اتفاقية عسكرية أو أمنية بهذا الخصوص، وان تواجدها سيؤدي الى زعزعة الوضع الأمني وخلق حالة عدم الاستقرار وتوجيه إدانة قوية تجاه هذا العدوان، والعمل على ضمان مساءلة مرتكبي هذا الفعل الشنيع الذي استهدف المدنيين، بوصفه تهديدا للأمن القومي العراقي، وللسلم والأمن الإقليمي والدولي، عبر تشكيل فريق دولي مستقل للتحقيق في هذا العمل العدواني،.و طالب الى ان يتم ادراج بند الحالة بين العراق وتركيا على أجندة اعمال مجلس الأمن، نظرا لتكرار الخروقات التركية للأراضي والاجواء العراقية منذ سنوات عدة، والتي تسبب بوقوع ضحايا من العراقيين العزل، إلزام الحكومة التركية بدفع التعويضات الناجمة عن الخسائر التي لحقت بالمدنيين العُزل، وما نجم عنه من توقف نشاطات اقتصادية وسياحية نتيجة هذا القصف المدفعي التركي." ومع هذا لم تلتزم تركيا بما ذكر مسبقاً واستمرت في اعتداءاتها العسكرية. قرارات المجلس الوزاري للأمن الوطني نشهد الآن تغيرا في الموقف العراقي مع تبني الحكومة العراقية برئاسة السيد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني استراتيجية محددة في التعامل مع هذا الملف باتخاذه مجموعة من القرارات في اجتماع المجلس الوزاري للأمن الوطني بخصوص الاعتداءات والخروقات التركية الإيرانية وهي كالاتي "وضع خطة لاعادة نشر قوات الحدود العراقية لمسك الخط الصفري على طول الحدود مع إيران وتركيا، تأمين جميع متطلبات الدعم اللوجستي لقيادة قوات الحدود وتعزيز القدرات البشرية والاموال اللازمة واسنادها بالمعدات وغيرها بما يمكنها من انجاز مهامها، المناورة بالموارد البشرية المتاحة لوزارة البيشمركة لتوحيد الجهد الوطني لحماية الحدود العراقية". وستساهم القرارات المذكورة سابقاً في تدعيم الموقف العراقي، ومن الضروري تعزيز سيادة العراق الوطنية ضد اي اعتداء عدواني خارجي وخصوصاً انه يقع على عاتق السلطة السياسية الفاعلة في العراق مسؤولية الحفاظ على سلامة وسيادة ووحدة العراق بتفعيل الآليات العسكرية وغيرالعسكرية خصوصاً ان الجيش العراقي يحرز تقدما في التصنيفات الدولية حسب موقع Global Firepower الامريكي اذ يحتل العراق المرتبة السادسة عربياً و34عالمياً، وتعزيز مبدأ الحوار والمصالحة الوطنية لتحقيق الاندماج والتفاعل السياسي بين القوى السياسية لدعم السيادة الوطنية من خلال اتخاذ جميع التدابير والقرارات الممكنة التي تعزز من مكانة العراق الاقليمية، والاهم تعزيز مبدأ المواطنة والهوية الوطنية بغض النظر عن الايدلوجيات والانتماءات الحزبية او الطائفية.
عربية Draw: لم يكن ينقص مسار التطبيع التركي مع نظام الأسد، والذي تم الاعتراف ببعده الاستخباراتي، ويتبقى منه التطبيع الدبلوماسي الذي أكثر المسؤولون الأتراك من الحديث عنه، سوى هجوم صحيفة “البعث” السورية الناطقة باسم الحزب الحاكم الأربعاء الماضي على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد أن أعلن الأخير بساعات، ولمرة جديدة، أن اللقاء بينه وبين بشار الأسد سيحدث عاجلا أو آجلا.ماذا أرادت الصحيفة التي يمرّر من خلالها النظام رسائله أكثر من غيرها بصب لعناتها على الرئيس التركي، ونعته بـ”العثماني غير الوفي لتعهداته”؟ إن كان النظام السوري يريد بالفعل تطبيع علاقاته مع تركيا بعد قطيعة دامت عقدا من الزمن، فما الذي يعنيه قول محرر “البعث” “بين ليلة وضحاها انقلب أردوغان على نفسه، وعلى من دفعه ليكون طرفا في الحرب الإرهابية على سوريا”؟ كما أن انتقادات أردوغان للولايات المتحدة الأميركية لدعمها حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه إرهابيا وفي الوقت ذاته تعتبره في سوريا “شريكا على الأرض”، ممثلا بما تعرف باسم “قسد”، لم تمنع السوريين في دمشق من مواصلة استثمارهم في لحظة الضرورة السياسية والأمنية التي تعيشها تركيا، فهذا الموقف على حد وصف الصحيفة “لن ينفع الآن، لأنه جاء كنتيجة حتمية للغرور السياسي الذي سيطر على هواجس أردوغان وأحلامه بإعادة المجد العثماني البائد”. المفارقة أن الداعم الأكبر لحزب العمال الكردستاني وواجهته “قسد” التي يهيمن عليها فرع الحزب السوري “حزب الاتحاد الكردي”، ليس الولايات المتحدة ولا الاتحاد الأوروبي، بل نظام الأسد نفسه، وكان أبرز دعم قدّمه لهذا الحزب بعد إسهامه في تدريبه وتمويله سواء في سوريا أو في معسكراته في سهل البقاع اللبناني، هو إخلاء ثلاث محافظات كبرى في سوريا، وتسليمها بالكامل بثرواتها ونفطها ومياهها وسكانها إلى ميليشيا أجنبية تركية. كانت تلك إستراتيجية مزدوجة تهدف إلى الضغط على تركيا من جهة، ومن جهة أخرى تعمل على نقل الصراع بين المواطنين السوريين من ثنائية الشعب مقابل الأسد إلى الشعب مقابل الشعب بمكوناته المختلفة، حتى لو تطلب الأمر استجلاب ميليشيا من غير الجنسية السورية، كما حصل مع حزب الله اللبناني ولواء “فاطميون” وغيره من الألوية التي دعمت جيش الأسد في تمشيط سوريا وقمع المواطنين تحت رايات مختلفة، محاربة الإرهاب، والدفاع عن المزارات الشيعية في سوريا إلى آخر تلك السلسلة الدامية. قبل عام من الآن، وعلى ورق هذه الصحيفة، كتبنا أن التطبيع السوري التركي سيكون حلا لمشكلة واحدة يعاني منهما الطرفان ستتفاقم حتى تدفعهما إلى التحالف لوضع حد لها، مشكلة حزب العمال الكردستاني. بدا الحديث عنها نوعا من استشراف احتمال نفاه الكثيرون، مستبعدين أن يضطر الأسد إلى قمع حلفائه في “قسد” أو أن يجد أردوغان نفسه مختارا أو مجبرا على الخيار ذاته لحسم الحالة التي وجدها على حدوده الجنوبية والتي أفاد منها كثيرا في بادئ الأمر، حين كانت نوعا من المصيدة التي تجمّع فيها كل أعداء تركيا من الأكراد، بعد أن كانوا متفرقين في البلدان، وباتت ما تعرف باسم “الإدارة الذاتية” في شمال سوريا، المكان المناسب ليلوذوا به ويقيموا فيه دويلة ترفع صور زعيمهم عبدالله أوجلان الذي يقبع في سجنه التركي. كانت تلك الحالة مؤقتة لكافة الأطراف، لكل من شجّع عليها ودعمها، بدءا من الولايات المتحدة التي أرادت محاربة إرهاب داعش بإرهاب كردي تركي عابر للحدود، لكنها لم تتكلّف حتى عناء رفع هذه الميليشيا من قوائم الإرهاب في وزاراتها، وهي تدرك أن لهذا الاستخدام ساعة ميقاتية ستحين عاجلاً أو آجلاً. الأسد من جانبه، لم يقبل ولن يقبل بما تطلبه منه “قسد” ومجلسها الديمقراطي الملفق، ولن يوافق على انضمام لواء كردي إلى جيشه وإلا لكان ضم إلى صفوفه كتائب عصائب الحق وحزب الله اللبناني وغيرها، ما الذي سيجعله مضطرا إلى شيء كهذا؟ كما أنه لا يجد نفسه مجبرا على الموافقة على أي مطلب آخر يتمثل في ما تعتبره “قسد” حقوقا سياسية قومية للأكراد، ولو كان سيوافق على ذلك لتقبّل ما تطلبه منه المعارضة السورية المقيمة في دمشق التي تنادي بأقل من ذلك بكثير. ثالث الثلاثة هو الرئيس التركي الذي ترك حالة الشمال السوري تتطور حتى نضجت، وتمكّن ببراعة من استخدامها في مفاوضات انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو، حتى أنه فرض عليهما إدخال تعديلات دستورية ترغمهما على تصنيف المنظمات المشابهة إرهابية، ليشمل ذلك حزب العمال الكردستاني، وما يزال قائما شعور بالحاجة إلى استمرارها حتى العام القادم لاعتبارات انتخابية محلية، وكذلك لملفات أخرى تتصل بروسيا وهو ما سيوصلنا إلى إيران حتما. لم تمانع إيران من صفقة التطبيع التي عقدها حزب الله مع إسرائيل، من أجل الغاز في المياه الإقليمية اللبنانية، ولن تمانع من تطبيع سوري تركي مشابه، فالإيراني لديه فلسفة مختلفة للقياس، وسبق له أن اشترى بنفسه السلاح من عدوّه الرئيسي المعلن (إسرائيل) خلال الحرب العراقية الإيرانية. وإيران تتلاقى مع تركيا في الحلف الأوراسي، وفي الجانب المتعلق بالإسلام السياسي ودوره في المنطقة، لكنهما تتفارقان في قضايا كثيرة في مقدمتها حدود نفوذ كل منهما، والذي باتت سوريا رقعة أساسية له. أي عمل عسكري في شمال سوريا ستقدم عليه تركيا، من دون الاتفاق مع الأسد، ومن خلفه إيران، لن يرضي القادة في طهران، وأي عمل من هذا النوع بوجود اتفاق مسبق، سيكون هدية مسمومة لإيران اعتادت على تجرّعها بإرادتها، حتى حين. ولهذا كله تنصح صحيفة “البعث” الرئيس التركي قائلة “من الضروري ألا يغامر أردوغان أكثر من ذلك، ولا يغامر بأي عمل عسكري مهما كان حجمه. لكن لا يظنّن أردوغان أن الثمن سيكون قليلاً، بل على العكس لأن للدولة السورية شروطها الخاصة”. وفي الواقع من سيدفع الثمن مجددا لن يكون سوى الأكراد، لقبولهم لعب دور الورقة بيد اللاعبين، فتقليص خارطة هيمنة حزب العمال الكردستاني في شمال سوريا، لن يزعج الأسد فالمهمة التي أرادها من هذا الحزب قد انتهت، لكنه يريد ثمنا لذلك في المقابل. ولن تدافع الولايات المتحدة عن “شركاء الأرض” الأكراد، فقد خذلتهم في شمال العراق، سواء في استفتاء الاستقلال الذي أعلنه مسعود بارزاني، أو خلال الشهرين الماضيين في حالة استهدافهم من قبل الإيرانيين عسكريا وصولا إلى تهديد إسماعيل قاآني باجتياح عسكري بري لكردستان العراق. والحالة الجديدة التي ستنشأ في الشمال السوري، والتي ستملأ الفراغ فيها فصائل المعارضة السورية المدعومة من تركيا، ستكون بدورها مؤقتة، لكن ذلك لا يمنعها من اعتبارها تمهيدا إضافيا لطريق التطبيع مع دمشق والذي يتبادل فيه الطرفان السوري والتركي شروطا سيقال عنها حينها إن لكل حادث حديث.