عربية:Draw   لا يُخفى الآن على الشارع العراقي بأن معظم الكُتاب والمحللين السياسيين هنا في إقليم كردستان، باتوا ينتقدون يومياً وبشدة حكومة الإقليم على عدة أمور، أهمها غياب إلتزامها الكافي ببرنامج كابينة الحكومة وقصورها الإداري في تنفيذ الوعود والمشاريع، أو العدالة المرجوة في توزيع الثروة والخدمات على مناطق الإقليم، أو تأخُّر إطلاق رواتب موظفيها في وقتها المحدد وما الى ذلك. وكل من يُتابع الإعلام الكردي ومواقع التواصل الإجتماعي لبرهة من الوقت سيدرك ذلك تماماً وبكل وضوح. هذه الشريحة المجتمعية وبفعل تأثرها هي أيضاً بالأحداث والأزمات الخانقة في الإقليم، تتباع عن كثب الملفات السياسية والإدارية والدستورية، وصارت ترصد المواقف والتطورات التي تؤثر سلباً على مسار التفاهم مع الحكومة الإتحادية وجولات الحوار ومساعي الإتفاق معها وأبعاد الأزمات التي ترتبط مباشرةً بخلافات بغداد وأربيل. والموقف هذا، الذي قد يوحي على أنه نوع من التوتر في البيت الكُردي، أو إضعاف ضمني لمكانة حكومة الإقليم وموقفها التفاوضي إزاء بغداد، لاينبغي تفسيره من قِبل المتنفذين هنا في الإقليم بنظرية المؤآمرة، أو تسويقه على أنه في صالح الحكومة الإتحادية أو تدعيم هيمنتها على إقليم كردستان وسلطاته كما نلاحظ ذلك في خطاب بعض الفضائيات الكردية، ولايجب أن يُستَغَل، في المقابل أيضاً، كمادة دعائية وإعلامية، لاسيما في الفضائيات العراقية، لتقديم صورة حكومة السوداني لدى الرأي العام كطرف غير مسؤول كلياً عما هو سائد في الإقليم من إعتصامات مجتمعية شبه يومية، لاسيما في أوساط موظفي إقليم كردستان الذين باتوا ضحية للخلافات، وأنما يستوجب أن يُفهَم الأمر على أنه ردود فعل ديمقراطية، ويمثل تعاطياً موضوعياً مع الأحداث وتعبيراً عن إرادة قوى مجتمعية ترفض الصمت تجاه ما يعانيه المواطن وقطاعات الخدمات وموظفي إقليم كردستان جراء الأزمة المالية والإدارية السائدة في الإقليم، وستطال هذه الإرادة – إذا لزم الأمر- أي سلطات أخرى، إتحاديةٍ كانت أو محلية، تجرؤ على العبث بحقوق المواطنين وتُسَيّس الملفات الإدارية والإستحقاقات القانونية والدستورية لأجندات حزبية أو طائفية أو خارجية!.   ولا شك بأن الموقف النقدي هذا، سيشتد تلقائياً إزاء الأحداث والمواقف وعواقبها بحِدة أكثر إذا ما تبين تماماً أن ثمة أطراف أخرى في المعادلة لاتعي، هي الأخرى، مسؤولياتها كدولة تجاه المواطنين ولا تُبدي إحترامها لمعاني المواطنة على ما هو لوحظ في موقف حكومة السيد محمد شياع السوداني الأخير من حصة إقليم كردستان في قانون الموازنة، إذ أخفقت هذه الحكومة بوضوح، وعلى غير ما كُنا نتوقعه للأسف، في التعاطي الأولي مع بنود هذا القانون، وتجلت لنا من خلاله كحكومة غير معنية بحقوق كافة مواطنيها من زاخو الى فاو، لاسيما بعد أن أوقفت بمساعيها الدبلوماسية وتسويغاتها الدستورية كافة صادرات نفط إقليم كرستان، التي كانت تشكل مصدراً رئيسياً لعائدات الإقليم وتمويل رواتب موظفيه، دون أن تعالج بغداد، في المقابل، النتائج التي تتمخض عن الخطوة هذه والمسؤوليات التي ستقع على كاهلها تجاه أبناء إقليم كردستان العراق.  نعم لقد وقعت الحكومة الأتحادية أخيراً في فخ خطيئة كبيرة هي معاقبة مواطني إقليم كردستان بعد أن تراجعت بشكل مفاجيء وبخلاف ما تعهد به رئيس الوزراء في مؤتمره الصحفي الأخير عن إرسال مستحقات الرواتب الى الإقليم، والأسوأ هو تسويغ الموقف هذا، الذي لا يرقى الى مقام أي دولة تلتزم بالحد الأدنى بقيم المواطنة، بعدم توصل اللجان الفنية والمالية في حكومتي بغداد وأربيل الى تجاوز كافة نقاط الخلاف، متناسياً أن المواطنين في الإقليم، هم في آخر الأمر، لا حول لهم ولاقوة في كل ما يحدث، وعليه كان يُفترض أيضاً أن لا تتعاطى حكومة السوداني معهم كمواطنين من الدرجة الثانية ومعاقبتهم لأسباب سياسية.  بعبارة أخرى، ان بغداد ومع هذا التطور الأخير، لا تبدو أنها حريصة تماماً على أن تكون دولة المواطنة المتساوية وللمواطنين جميعاً ومرجعاً لتذليل الخلافات، ولا تظهر على أنها تأبى بنتائج سياساتها التي لاتقدر على إحتوائها بأساليب الحكم الرشيد، وبالتالي فالمتوقع الآن هو أن يتغير موقف الشارع الكردي هو الآخر أيضاً من الأحداث ومن حكومة السوداني على وجه الخصوص، لاسيما إذا ما تورطت أكثر فأكثر في سياسة إذلال وتجويع مواطني إقليم كردستان كورقة ضغط لحسم الخلاف بين الجانبين، كما أن عدم ضمانها لتمويل إتحادي للإقليم تنفيذاً لبنود قانون الموازنة، خصوصاً في ظل مصادرة حق الإقليم في بيع صادراته النفطية، سيؤدي ذلك لا محالة الى إنهاء رهان الشارع الكردي عليها وثقته بها تماماً، فضلاً عن فقدان دعم القوى السياسية المتحالفة معها في إقليم كردستان وضرب دعائم خطابهم الذي يدعوا الى تصفير الخلافات مع بغداد والمساهمة في بناء عراق ديمقراطي إتحادي مستقر وموحد       *أكاديمي وباحث في المركز الأكاديمي للدراسات الوطنية ACNS – إقليم كردستان .      


عربية:Draw مَن يعتقد أن العراق سيسترجع حصته من المياه التي استولت عليها دولة المنبع تركيا من خلال حوار هادئ مع رئيسها فهو إما أن يكون ساذجا أو واهما وفي الحالين فإنه بعيد عن إدراك حقيقة أن رجب طيب أردوغان جاء إلى بغداد ليبيع الماء. فالرجل الذي باع اللاجئين السوريين إلى أوروبا وقبض الثمن علنا لا يمكن أن يُفرغ السدود التركية أويتوقف عن بناء سدود جديدة من أجل ألاّ تموت الحياة البيئية في أهوار العراق، ومن أجل ألاّ يتحول نهرا العراق التاريخيان إلى ساقيتين، ومن أجل ألاّ تتحول أرض السواد إلى صحراء جرداء تنضم إلى محيطها. يجيء أردوغان ليبيع الماء إلى العراقيين. لن ترفض إيران من حيث المبدأ وصول العراق إلى تلك الدرجة من الهوان، فهي الأخرى حولت مجرى الأنهار التي تنبع من أراضيها بحيث لم تعد تصبّ في نهر دجلة كما كان يحدث في الماضي. كل الأنهار العراقية الصغيرة التي كانت تتغذى على المياه القادمة من إيران صارت اليوم مجرد ذكرى. يوم كان العراق قويا لم يكن الحال كذلك. كان العراقيون يشربون الماء مباشرة من الأنابيب ولم تكن قناني المياه المعلبة معروفة أومتداولة. وهو ما يؤكد أن الدولتين لم تلتزما بالقوانين الدولية في توزيع حصص المياه بين دولة المنبع ودولة المصب إلا لأنهما لم تكونا راغبتين في الدخول في حروب لا رجاء في الفوز بها. كان العراقيون يتمتعون بإرثهم من المياه بسبب قوة دولتهم، أما اليوم فإنهم فقدوا وإلى الأبد ذلك الامتياز. وإذا ما كان رئيس الوزراء العراقي قد أوحى بأنه سيضع ملف المياه على طاولة المفاوضات مع الرئيس التركي فإن ذلك لن يحدث أبدا في ظل عدم اكتراث الحكومات العراقية المتتالية بمسألة شحة المياه التي تعود إلى عشرين سنة مضت. لذلك فإن محمد شياع السوداني لن يغامر في تعكير مزاج ضيفه بحوار عبثي، وهو يعرف مسبقا أن دولته لا تملك القدرة على فرض شروطها على الطرف الآخر. لقد اختل ميزان القوى في المنطقة معلنا خروج العراق من المعادلة السياسية الإقليمية ولم يعد في إمكانه أن يقول كلمة حتى في ما يتعلق بمصالحه، وهو اليوم لا يملك سوى الرضوخ لإرادة الآخرين مهما كانت ظالمة. فلا يتعلق تهميش العراق بدوره العربي والإقليمي فحسب بل وأيضا من موقفه من مصالحه الحيوية التي تقف مسألة المياه في مقدمتها وهي مسألة مصيرية. ولأن أردوغان رجل سوق مثلما هو داعية إخواني فإنه سيتمكن من احتواء الحوار مع سياسيين هواة وضعتهم إيران في السلطة وهي تعرف أنه ليس لديهم مشروع وطني ولا برنامج سياسي للبدء ببناء عراق قوي أو على الأقل استعادة شيء من ذلك العراق الذي كان قادرا على الدفاع عن مصالحه. بالمقلوب يمكن النظر إلى ذلك الأمر، فسياسيو المرحلة العراقيون يفكرون في كل شيء إلا مصالح البلد، وهم الذين أوكلت لهم مهمة تصريف شؤون مواطنيه. ولأنه عريق في إخوانيته فإنه سيكون قادرا على فهم عقلية سياسيين لا يحبون وطنهم ولا ينظرون برفعة وسموّ إلى مستقبله. وبالرغم من كل الملاحظات السلبية التي تتعلق بأردوغان فإن الرجل إن لم يقف وراء المعجزة الاقتصادية التي شهدتها بلاده فإنه على الأقل حافظ عليها بالرغم من أن عثراته السياسية قد ألقت بظلالها على الحياة الاقتصادية وبالأخص فيما يتعلق بسعر صرف الليرة، غير أنه كان بإمكان انتعاش السياحة في تركيا أن ينقذ كل شيء. لن يلقي أردوغان درسا في السياسة على حكام العراق بقدر ما سيلقنهم درسا في الأخلاق الوطنية لن ينفعهم. لن يضع تركيا أمامهم على الخارطة التي لن ينظر إليها بل سيضعها فوق القانون الذي لو كانوا احترموه لفكروا بقدرتهم على الحفاظ على حقوقهم. ولكن عن أيّ حقوق نتحدث؟ العراق بلد مستباح إيرانيا. يكفيه هوانا أن إيران تستبيحه بالاستعانة بأبنائه الذين لو قلت إنهم مغرر بهم ومضللون لخنت الحقيقة. لذلك أعتقد أن أردوغان لن يشعر بالراحة في بغداد حين يلتقي حكام العراق، فبعد جولة في الخليج يكون فيها قد اطلع على معنى الوطني ومعنى أن يحب الحاكم وطنه وشعبه، سيكون صعبا عليه أن يلتقي حكاما يعرف أنهم الخطأ الذي لا يستحقه جاره الجنوبي.  صحيفة العرب اللندنية


عربية:Draw جاء في المواد 18 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان وميثاق العهد الدولي على حرية العقيدة والفكر،المادة 2 فقرة 4 من العهد الدولي الخاص أكدت على حرية العبادة والشعائر، في عام 1981 أكدت الامم المتحدة في اعلان خاص دعت فيه للقضاء على كل أشكال التمييز على اساس الدين أو العقيدة ،وتوسعت الامم المتحدة في تعريف مفهوم حرية المعتقد الديني عام 1933 من حيث مكان العبادة وغطاء الرأس وطريقة الشعائر .كما ان المادة 9 من اتفاقية حقوق الانسان الاوربيه حكمت على امرأة تطاولت على مقام الرسول ص واعتبرت ذلك ليس حق تعبير عن الراي بل جريمة. يجوز لوزير الداخلية العراقي وفق المادة 15 من قانون الجنسية العراقية 26 لسنة 2006 سحب الجنسية العراقية من المجرم الذي احرق القران، السلاح الاقتصادي برأي هو الانجح في مواجهة التطرف السويدي ....ومن ينصر الله ينصره...


عربية:Draw منذ ظهور وسائل الإعلام؛ من مكتوبة إلى مسموعة، ومن ثم إلى مرئية وإلكترونية، وزيادة تأثيرات هذه الوسائل على الفرد والمجتمع، رافق مفهوما (القوانين) و(الأخلاقيات) العملية الإعلامية، باعتبارهما مفهومين متلازمين لضمان تحقيق الوظائف الإعلامية المعروفة؛ من إخبار وتوعية وتعليم وترفيه وغيرها، وكذلك لضمان عدم انحراف الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية عن مسارها الصحيح. منبع إصدار القوانين الإعلامية هي المجالس التشـريعية والبرلمانات، وهي ملزمة للمؤسسات الإعلامية والمحاكم، كي تقوم بموجبها بتنظيم العملية الإعلامية، وكي تكون رادعاً للمتطفلين على العمل الإعلامي، أو الذين يحاولون استغلاله لمآربهم الشخصية أو الحزبية.. وتختلف القوانين الإعلامية من بلد إلى بلد حسب الفلسفة السياسية التي تحكمه. أما أخلاقيات العمل الإعلامي (ethics)،فتصدر من قبل المؤسسات والمنظمات الإعلامية، وربما خبراء الإعلام، وهي نتاج التجربة والعمل الإعلامي، وليست ملزمة قانونياً أو دستورياً. وتزداد الحاجة إلى مراعاة (الأخلاقيات الإعلامية) في زمن الإعلام الإلكتروني والتطورات الجنونية الحاصلة في مجال الإعلام وانخراط الأكثرية في العملية الإعلامية، حيث ظهور المواطن الصحفي، وقدرة الجميع على توجيه المضامين الإعلامية ونشـرها، الأمر الذي أوجد بيئة مساعدة لزيادة التجاوزات والابتعاد عن أسس العمل الإعلامي السليم وقواعده. من هنا صار لزاماً على المؤسسات المعنية نشـر التوعية الإعلامية، وكذلك الجهات المختصة، والمعنيين بالعمل الإعلامي من أساتذة جامعات وخبراء إعلام وغيرهم، صار لزاماً عليهم جميعاً العمل من أجل نشـر التوعية الإعلامية، وكذلك حث مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي على مراعاة الأخلاقيات المهنية في العمل الإعلامي، مثل الدقة والمصداقية وعدم الاستعجال في نشر الخبر والمعلومة وغيرها. ويمكن ذكر بعض الأخلاقيات الإعلامية الضرورية لكل من انخرط في عالم السوشيال ميديا؛ مثل: - التريث وعدم الاستعجال في القيام بعملية المشاركة (share) لكل ما ينشـر في مواقع التواصل الاجتماعي من أخبار ومعلومات، إلا بعد التيقن بصورة شبه كاملة من صحتها. - عدم الاستعجال في إصدار الأحكام السـريعة على الشخصيات والمؤسسات، فقط من خلال خبر أو تقرير منشور في صفحة أو موقع اجتماعي. - مع التأكيد على نشـر ثقافة النقد والتقويم، ضرورة حث الجميع على الابتعاد عن استخدام الألفاظ النابية والمشينة، وعدم التشهير وسب المؤسسات والشخصيات. - ضرورة مراعاة حقوق المرضى والمعوزين، وعدم نشر صورهم، إلا بعد أخذ موافقاتهم. - مراعاة الملكية الفكرية، وعدم سرقة نتاجات الآخرين؛ من منشورات وصور وبرامج إعلامية وتصاوير فديوية وغيرها، وإرجاع كل معلومة أو فكرة إلى أصحابها الحقيقيين!


عربية:Draw بحسب (معهد دول الخليج العربي في واشنطن) فإن وزير الخارجية التركي الجديد هاكان فيدان سيقوم بإعادة صياغة لعلاقات تركيا مع العراق. وصول هاكان إلى هذا المنصب من أسبابه الرئيسية هو رغبة أنقرة بتغيير طريقة تعاملها مع العراق خصوصا في ملف الاقتصاد. هاكان رجل المخابرات السابق لديه كافة تفاصيل الداخل العراقي وشكل التحالفات والأوراق التي يستطيع تحريكها للضغط أو كسب المزيد من الحلفاء. ملفات المياه وحزب العمـال الكردستاني والحدود يقف أمامها ملف عراقي قوي هو ملف الاستيراد العراقي من تركيا حيث استورد العراق من تركيا خلال الربع الأول من هذا العام منتجات بقيمة 2.7 مليار دولار وفي عام 2022 وصلت الى  4 مليارات و837 مليون دولار وهي أرقام مهمة للاقتصاد التركي الذي يعاني بشكل مستمر من انخفاض في قيمة الليرة. العراق قادر على إيجاد سوق بديلة لأنقرة وهي نقطة تعرفها تركيا جيدا ولو تم تضمينها في تفاوض ناجح من قبل الجانب العراقي فإن باقي الملفات سوف تشهد حلحلة ونتائج جيدة. الخوف من الطابور الخامس التركي من بعض الساسة المرتزقة واذنابهم وبعض منظمات المجتمع المدني الذين هم على استعداد لبيع كل شيء في سبيل كسب (الرضا التركي) ولطالما شكلوا خنجرا في خاصرة العراق.  


عربية:Draw انتخابات مجالس المحافظات القادمة مهمة لأنها ستشكل الفرصة الأخيرة لبعض الأحزاب لتحافظ على ما تبقى من جماهيريتها في الشارع العراقي. بعض الأحزاب باشرت منذ الآن بتخصيص مبالغ مالية كبيرة في سبيل إنفاقها على حملات الدعاية والمرشحين وهو ما يطرح علامة استفهام حول كيفية تعويض هذه المبالغ وهل هي عملية غير مباشرة لشراء المنصب؟. بعد سنوات من الإخفاقات التي يتحمل الجميع مسؤوليتها لا بد أن يكون الشعار هو الخدمة لا مميزات المنصب لان المرحلة القادمة مرحلة حساسة جدا بالنسبة للعملية السياسية بشكل كامل. أي إخفاق للفائزين في انتخابات مجالس المحافظات يعني أن التظاهرات والاحتجاجات ستعود بقوة ولن تستثني أي جهة أو حزب وربما تقود إلى ما هو أكبر. وهذا ما يجب أن يعيه البعض لان الفوز سيكون مسؤولية ثقيلة وفرصة لن تتكرر لإثبات من هم أصحاب المشاريع الوطنية ومن يفشل في هذا الاختبار فإن الشارع العراقي لن يرحمه هذه المرة. وعلى المواطن ان يعرف اهميتة صوته ولا يخضع للمزايدات والمساومات وأن يفكر ألف مرة قبل أن يختار لأنه هو المتضرر الأكبر من إيصال الفاسدين إلى المنصب.    


عربية:Draw شكّلت الانتخابات النيابية المبكرة في العراق في العام 2021 نقطة تحول مفصلية، وهي الخامسة منذ دستور بريمر عام 2003، وأول انتخابات تجري وفق نظام الدوائر الانتخابية في المحافظات العراقية تجدر الاشارة إلى أنّ رئاسة إقليم كردستان العراق قد حدّدت18 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل موعداً لإجراء انتخابات برلمان الإقليم. كما أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية بدء استعداداتها الفنية لانتخابات مجالس المحافظات، حيث صوّت مجلس النواب في مارس/ آذار الماضي، على تحديد 6 نوفمبر/ تشرين الثاني موعداً لإجراء انتخابات مجالس المحافظات .  وتشمل هذه الانتخابات 15 محافظة من أصل 19 محافظة، إذ إن هناك أربع محافظات: دهوك وأربيل والسليمانية وحلبجة ( المحافظة الجديدة)، ضمن إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي.  كما تجدر الاشارة إلى أنّ المفوضية قد شكلت لجانًا فنية مختصة للاستعداد للانتخابات، خاصة بمجالس المحافظات بوضع المواصفات الفنية والكمية والإعداد للأجهزة والكلف التخمينية والجوانب الفنية والإدارية العامة   وبحسب دستور 2003، فإن لمجالس المحافظات صلاحيات واسعة، بسبب عدم خضوعها لسيطرة أو إشراف أي وزارة، وتتمتع بصندوق مالي مستقلّ، وبصلاحيّات إداريّة واسعة؛ ما يجعلها شبه إدارات ذاتيّة داخل الدولة الفدراليّة. بالتزامن مع إجراء الانتخابات البرلمانيّة الكرديّة.  مخاوف لوجستيّة  يشترط القيّمون على إجراء الانتخابات تحقيق إجراءات لوجستيّة، قد تكون صعبة لكنّها ليست مستحيلة. ومنها مثلاً تحديث بيانات النّاخبين بايومتريًّا، وهذا ما قد يسهّل العمليّة الانتخابيّة من مختلف نواحيها، ويساهم في الحدّ من بعض محاولات الاحتيال أو التزوير التي قد تحدث  كما أنّ عدد المسجلين لم يتجاوز بعد الـ18 مليونًا من أصل 28 مليونًا يحقّ لهم التصويت. وهذا ما قد ينعكس ضعفًا في المشاركة. لعلّ ذلك ناتج عن غياب حملات التوعية والتثقيف الانتخابي من قبل الحكومة أوّلاً، ومن قبل بعض الأحزاب.  بعض الوجوه المسيحيّة الفاعلة  لاستمزاج الآراء الانتخابيّة، كان لمنصّة جسور عربيّة حديث مع "روبینا تياري" عضو برلمان إقليم كردستان، والمنضوية في تحالف الوحدة القومية من تيّار شلاما. تشارك " تياري" في اللجان البرلمانيّة كلجنة الشؤون القانونية، ولجنة المناطق الكردستانية خارج الاقليم. وتجدر الإشارة إلى أنّ عدد المقاعد من الكوتا المخصصة للكلدان السريان الاشوريوين خمسة للناطقين بالسريانيّة ومقعد للأرمن ليصبح عددها ستّة. والنائب روبينا تياري هي أحد الاعضاء الثلاثة لكتلة الوحدة القومية في برلمان كردستان التي يرئسها "روميو هكاري" وهو رئيس حزب بيث نهرين، وتضمّ الكتلة أيضًا "جنان جبار" رئيس المجلس القومي الكلداني.  التحضيرات المسيحيّة أمّا بالنسبة إلى التحضيرات المسيحية للإنتخابات القادمة في إقليم كردستان فتعتقد "تياري" أنّه ستكون "عدة قوائم، وربما سيكون هناك اتحاد بين بعض من الاحزاب المسيحية." وتوكّد "بشكل عام سيكون هناك عدة قوائم . عن آخر المستجدّات بالنسبة إلى قانون الانتخابات تلفت في حديثها لجسور إلى أنّه " تم التصويت على تفعيل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات." لكنّها تعتقد أنّه "سيتم مناقشة قانون الانتخابات في وقت لاحق." أمّا فيما يتعلّق بالكوتا المسيحيّة التي شرحناها أعلاه، يتمّ التباحث في إمكانيّات مختلفة كأن يكون هنالك صناديق خاصة بالمكون المسيحي مثلاً. فيما يعمل بعضهم لأن تكون الصناديق مشترَكَة. ومن حيث مطالبة القوى المسيحيّة تلفت " تياري" في حديثها إلى أنّهم كأكبر كتلة مسيحية طالبوا بأن" تكون الانتخابات بدائرة موحدة".  معوّقات لوجستيّة وتشريعيّة  لكن يبقى أنّ موضوع الصناديق الخاصّة مرتبط ببعض المسائل اللوجستيّة حيث تشير "تياري" في معرِضِ حديثها لجسور أنّهم طالبوا بأن " يكون للمكونات القومية يوم خاص للإدلاء بأصواتهم. فإذا تمّ تحقيق هذا الطلب سيكون هناك صناديق خاصة بهم." وفيما يتعلّق بالقوانين والتشريعات النيابية بما يخصّ برلمان كردستان، من حيث المحافظة على الوجود المسيحي الحرّ، وتطلعات المسيحيين في الاقليم ترى " تياري" أنّ المسيحيين داخل الإقليم "لا يواجهون أيّ مشاكل من هذا الاتجاه." مع الملاحظة إلى أنّ الناحية المدنيّة والدينيّة بالنسبة إلى القوميّات المسيحيّة في الإقليم هي أفضل بكثير من المركز. فيما يتحفّظ بعض المراقبين للشأن العراقي من خارج العراق على مصادرة بعض الحقوق السياسيّة للمسيحيّين.  لكنّ " تياري" ترى في حديثها لجسور أنّ حكومة الإقليم قد " سنّت عدة قوانين تحافظ على المساواة والعدالة بين المواطنين جميعهم داخل الاقليم." وتبقى بعض المخاوف من أن يتمّ استغلال هذه المعوّقات بطريقة سياسيّة لضرب حقيقة التمثيل المسيحي في الإقليم.  ترجيح التوصّل إلى حلّ مشترَك  عن مستوى وطبيعة المشاركة في الانتخابات البرلمانيّة الكردستانيّة، وإذا ما كانت الاحزاب والقوى السياسية كافّة ستشارك في هذه العمليّة، أو إذا كان هنالك أيّ احتمال لوجود مقاطعة، لا سيّما وأنّ بعض الجهات السياسيّة تعترض على قانون الانتخابات الحالي؛ فتتوقّع " تياري" أن " تتوصّل الأطراف جميعها إلى حلّ مشتَرَك للصالح العام. وتؤكّد أنّ "المشاركة في الانتخابات استحقاق وواجب في الوقت نفسه."لكن ماذا عن إمكانيّة الاتّفاق على إبقاء حصّة المسيحيين ستّة مقاعد، أو عن وجود أيّ نية في زيادتها أو حتّى إنقاصها؟  تختم "تياري" حديثها لجسور مؤكّدةً أنّ "المقاعد الحالية ستبقى على حالها" وتلفت إلى أنّهم كقوى سياسيّة طالبوا "بزيادة عدد هذه المقاعد".  في المحصّلة  إنّ الانتخابات البرلمانيّة الكردستانيّة التي تمّ التوافق على إجرائها بعد أكثر من عام على الخلافات السياسية بشأن آليتها وتوزيع الدوائر الانتخابية بين مدن الإقليم، وبعد تمكّن الأحزاب الكردية السبعة الأكثر نفوذًا من الوصول إلى اتفاق وهي: "الاتحاد الوطني الكردستاني" بزعامة بافل الطالباني، و"الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود البارزاني، و"حركة التغيير"، و"الاتحاد الإسلامي"، و"جماعة العدل"، و"الشيوعي الكردستاني" و"العمال والكادحين"؛ من المتوقّع ألا ينحصر الإطار التنافسي فيما بينها على قاعدة توافقيّة انسجامًا مع توافق إجرائها.  أمّا بالنسبة إلى أهميّة انتخابات مجالس المحافظات العراقيّة فهي تكمن في قدرتها على تفعيل الحياة السياسيّة العامّة في العراق ككلّ. كما تلعب دورًا تنمويًّا أساسيًّا في الحياة اليوميّة للشعب العراقي على اختلاف انتماءاته. ويبدو من الوقائع السياسيّة والمتابعات اليوميّة للأحداث العراقيّة أنّ هذه الانتخابات في الإقليم لن تكون حادّة، حيث ستقتصر المنافسة على الخدمة العامّة الأفضل للناس.  أمّا في محافظات المركز فمن المرجّح أن تتحوّل هذه الانتخابات إلى مادّة خلافيّة جديدة بين قطبي الحكم أيّ التيّار والإطار. وذلك في محاولة من طرفي الصراع لتثبيت الوجود الشعبي تمهيدًا للسيطرة السياسيّة التامّة في الانتخابات البرلمانيّة القادمة المتوقّع حصولها في العام 2025 في حال أنهى مجلس 10 أكتوبر 2021 ولايته بسلام.    


عربية:Draw قد تقر الموازنة بعد عدة ايام وقد لا تقر الى نهاية العام حديث الساعة في العراق، لذا يجب الإقرار بان هذا الموضوع من اكثر الامور الخلافية بعد عقدة الطائفية، الا وهو مناقشة الموازنة داخل البرلمان في نهاية كل عام والذي يستمر ومع الاسف الى اشهر عدة مثل حالة العام الحالي، وفي بعض الاحيان لا تقر موازنة اصلا مثلما حدث عام 2014. والأسئلة التي تطرح في هذا الصدد: هل البرلمان هو الجهة صاحبة الاهلية في تغيير بنود الموازنة ام هو عليه مناقشتها فقط بعد ان تأتي جاهزة من ذوي الحاجة والاختصاص؟ وهل هو الذي يحدد ويغير بنودها وتفرعاتها؟ وهل كل نواب اللجنة المالية في البرلمان من ذوي الخبرة في هذا المجال؟ وما علاقة الكتل السياسية ببنود الموازنة؟ ولماذا تتقاسمها الجهات والأطراف مناطقيا اذا كان جميع النواب يمثلون اطياف الشعب؟ من المتعارف عليه ان الموازنة وإقرارها في العراق بعد عام 2003 من المسائل التي تمس جانبين على درجة كبيرة من الأهمية، هما: الاول - تسيير شؤون الحكومة. الثاني - تسيير قضايا تمس المواطن بشكل مباشر مثل الخدمات والرواتب. وبالتالي هي تشكل ركنا أساسيا في منظومة الدولة واستقرارها، وليس على البرلمان الا مراجعة المسودة التي يرسلها مجلس الوزراء ومناقشة الثغرات بمساعدة مستشارين من ذوي الاختصاص واقرارها لأهميتها بعيدا عن المصالح الفرعية الضيقة مثل: الحزبية والمناطقية او الاهواء الشخصية. ان كل ما حدث في السابق هو إقحام الموازنة بالخلافات السياسية والمغامرة بالاستقرار الاقتصادي وسير عمل المؤسسات الحكومية ومستوى الخدمات المقدمة للمواطن بشكل اثر سلبا على مجمل العملية السياسية. واليوم وبعد ان قدمت الحكومة حلا لهذه المسألة الخلافية الشائكة بموازنة ثلاثية للاعوام القادمة تنهي حالة الجدل الازلي مستقبلا في هذا الموضوع وتمنع الاتفاقات والصفقات بين الكتل التي كانت تسبق قراءة الموازنات السابقة، تعرقلت هذه الخطوة مرة اخرى ونحن نقترب من نصف العام والبلاد بلا موازنة في قضية تعودنا عليها واصبحت جزءا من نشاط كل دورة برلمانية. وحلا لهذا الأشكال، يجب ان يخرج الساسة من شباك الموازنة ويفتحوا الباب على مصراعيه لذوي الاختصاص لمناقشة موازنة تخدم الجميع لا طرف على حساب اخر، مثلما يجب على الكتل البرلمانية الإقرار بفشلها في انتاج موازنة نافعة قبل نهاية العام، ولولا فقرة 1/12 من قانون الإدارة المالية والدين العام التي تسير امور الحكومة حاليا والتي تقر الصرف على اساس شهري مطابق لموازنة سابقة ولحين إقرار الموازنة العامة الاتحادية... لكان الجميع في خبر كان.


عربية:Draw ونحن في خضمّ أهمّ انتخابات تركية في العقدين الأخيرين، نجد استنفاراً إخوانياً وأصولياً عالمياً لـ«نصرة» رجب طيب إردوغان، حتى من إخوان غزّة الذين يُفترض بهم الانشغال بالحرب الرهيبة في قطاعهم! هذه الصورة المُصّممة لإردوغان بعناية، من قبل مكائن الإسلاميين الدعائية ومريدي «الخلافة العثمانية» الجديدة، آيلة للشحوب، بعد مرور 20 عاماً من إمساك إردوغان وحزبه بمقاليد الحكم وتغيير الدستور نحو سلطات أكثر للرئيس. حول هذا السأم وخطورته على بريق الصورة الإردوغانية قال عمدة بلدية «باهتشاجيلار» في إسطنبول التابع للحزب الحاكم «هاكان بهادير» حسبما نشرت صحيفة «زمان» التركية: «فلنكن متحدين، فلنكن واحداً، ونلتقي بأمر من رئيسنا رجب طيب إردوغان، دعونا نتحد، أيّها الأصدقاء. أريدك أن ترى هذا، ربما تكون غاضباً لأنّنا حكمنا منذ (20) عاماً، قد يكون هذا خطأنا، لكن إذا غادر إردوغان، فلن تخسر تركيا وحدها، ستخسر الأمّة، ويخسر العالم، ويخسر المسجد الأقصى، وستخسر فلسطين. نعم، صدّق أو لا تصدّق، تلك مشكلتك، هذا السياسي التركي صاحب الخطاب الشعبوي الإسلامي، هو محطّ آمال المسلمين - كل المسلمين - وهو الذي بسببه سيتم تحرير الأقصى، وكل فلسطين، وهو الخليفة الجديد، ومن يعارضه فهو يعارض ضمير المسلمين... كل المسلمين، حسب عضو الحزب الإردوغاني عمدة بلدية باهشتاجيلار التركية. قد يُقال إنَّ هذا تصعيد مفهوم من فاعل سياسي من حزب الرجل، لكن انظر اليوم إلى تعليقات «الإخوان» وأشباه الإخوان من خليجيين وشوام ومصريين وهنود وباكستانيين ومغاربة وجزائريين وليبيين الخ، ستجد هذا الاصطفاف الديني السياسي خلف انتخابات تركيا. لا يُذكر طبعاً في هذا السياق علاقات إردوغان العلنية والدافئة بدولة إسرائيل، وهنا استعرض نشطاء بالسوشيال ميديا استقبال رجب طيب إردوغان للرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ مطلع شهر آذار (مارس) الماضي، وتصريحاته التي أشارت إلى أفق التعاون مع إسرائيل، وإلى رغبته في إقامة علاقات معها على أرضية مستدامة. تقارير جمعية المصدّرين الأتراك والبنك المركزي تتحدَّث عن صورة اقتصادية خاصة بين أنقرة وتل أبيب، وهي تزايد التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل في عهد إردوغان أكثر من العهود السابقة! هذه الصورة التقديسية لشخص إردوغان تمّ العمل عليها طويلاً في تركيا عبر الـ25 سنة الأخيرة، داخل وخارج تركيا. في هذا الإطار كشف الكاتب محمّد أوجاكتان في مقال له بصحيفة «قرار» التركية عن طرق تقديس إردوغان. مستعرضاً، مثلاً، تصريحات النواب ورؤساء البلديات ورؤساء المقاطعات لحزب العدالة والتنمية بأن «حتى لمس رئيس وزرائنا العزيز هو عبادة» (حين كان إردوغان رئيساً للوزراء) أما من عارض الرجل، حتى ولو كان من رفاق دربه وقادة حزبه، مثل علي باباجان وأحمد داود أوغلو، حين انفصلا عن حزب العدالة والتنمية وأسسا أحزاباً منفصلة، فهؤلاء: «يريدون تدمير المسجد الأقصى داخلنا». حسب أدبيات الإردوغانيين. ربما لو انحصر الأمر بصراعات الساسة والقوى التركية الداخلية، قلنا: ونحن ما شأننا بالقوم؟! لكنه سلوك خطير وتربية معتلّة، تربّى وتتربّى عليها اليوم أجيال قديمة وجديدة من العرب والمسلمين... لذلك يجب كسر صنم القداسة.


عربية:Draw الأسئلة عن مستقبل أسواق النفط ودور الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية لا تتوقف، على رغم عشرات المقالات والمقابلات التلفزيونية ومساحات "تويتر"، ولكن هذا أمر طبيعي لأن الموضوع يمس حياة كل الأفراد في المجتمع، كما يمس وضع الدول الاقتصادي والسياسي في المنطقة، ولأن الإعلام الغربي لا يتوقف لحظة عن بث المعلومات التي تروج لسياسات التغير المناخي وانتهاء عصر النفط، وتخويف الناس من مستقبل مظلم. لهذا أعتذر لقرائي الأعزاء الذين يتابعون مقالاتي منذ زمن طويل، لأن بعض الأفكار والمعلومات مكررة، وقبل الغوص في الموضوع لا بد من التأكيد على أن العالم يحتاج إلى كل مصادر الطاقة، وكل دولة تحتاج إلى تنويع مصادر الطاقة، كما أننا نحتاج إلى كل أنواع التقنية التي تعزز من كفاءة استخدام الطاقة، ونحتاج إلى تقنيات مختلفة في قطاع المواصلات، بما في ذلك السيارات الكهربائية. باختصار، نحن لسنا ضد الطاقة المتجددة، ولسنا ضد السيارات الكهربائية، ولسنا ضد تحسين الكفاءة في الاستخدام، بل على العكس، هذه متطلبات أساسية. نحن ضد المبالغات، وضد تجيير الأرقام سياسياً، وضد التدخل الحكومي الصارخ من خلال سياسات التغير المناخي. باختصار، لا أريد أن يحدد لي سياسي جاهل أو عالم، نوع السيارة التي أركبها، ونوع النافذة التي أركبها في بيتي. دور الطاقة الشمسية والرياح الحقيقة الأولى هي أن الطاقة المتجددة تستخدم في توليد الكهرباء، وأن النفط نادراً ما يستخدم في توليد الكهرباء في أوروبا وأميركا الشمالية واليابان وكوريا الشمالية والهند والصين، هذه الدول تمثل أغلبية الطلب العالمي على النفط، فإذا قامت هذه الدول بزيادة استخدام الطاقة المتجددة، فإن ذلك لن يؤثر في الطلب العالمي على النفط. الطلب الحالي على النفط نحو 100 مليون برميل يومياً فقط، كمية الطلب المستخدمة في توليد الكهرباء بحدود خمسة ملايين برميل يومياً، أغلبها في الدول النامية، بخاصة النفطية منها. بناءً على توقعات بعض المنظمات العالمية، سيتم الاستغناء عن نحو مليون برميل يومياً خلال الـ 25 سنة المقبلة. مرة أخرى، مليون برميل يومياً خلال 25 سنة. في الوقت نفسه سيزيد الطلب على النفط في المجالات الأخرى بأكثر من ذلك بكثير، أما البقية فلا يمكن استبدالها لأسباب اقتصادية وجغرافية. من جانب آخر، إنتاج عنفات الرياح وأبراجها والألواح الشمسية وقواعدها الخرسانية، يستهلك كمية كبيرة من النفط والغاز، الحقيقة أن هذه التقنيات تتطلب معادن يتم استخراجها من مناجم ضخمة، تستخدم كميات كبيرة من النفط، وعلينا ألا نستغرب إذا كان التوسع في الطاقة المتجددة عالمياً سيزيد الطلب على النفط بدلاً من أن يخفضه. أي زيادة في الطاقة المتجددة تذهب لمقابلة الطلب المتزايد على الكهرباء من جهة، واستخدامها كبديل عن الفحم والغاز من جهة أخرى، فبعد التخلص من الفحم، يمكن للتوسع في الطاقة المتجددة أن يحد من الطلب على الغاز، ولكن لا بد من وجود الغاز على كل الحالات لتغطية التقطع في إمدادات الكهرباء عندما تتوقف الرياح أو وقت الليل أو سوء الأحول الجوية. خلاصة القول هنا إن التوسع في الطاقة المتجددة لا يهدد النفط، ولكن قد يهدد إمدادات الغاز في بعض الدول، وهذا لا يعني بالضرورة انخفاض الطلب العالمي على الغاز، بل على العكس يتوقع زيادة مستمرة في الطلب على الغاز لتعدد استعمالاته من جهة، وسهولة نقله والتعامل معه، ولأن فشل بعض سياسات التغير المناخي يعني بالضرورة زيادة الاعتماد على الغاز لأنه الأقل تلوثاً مقارنة بالفحم والنفط. السيارات الكهربائية يُتوقع أن يرتفع عدد السيارات الكهربائية خلال العقدين المقبلين ليصبح بمئات الملايين عالمياً، ولكن هناك مبالغات كثيرة في أثرها في الطلب على النفط، لا يمكن ذكرها كلها في مقال واحد. وعلى القارئ أن ينتبه أن الترجمة من الإنجليزية هي "العربات الكهربائية" وهذا يشمل كل شيء يتحرك، وليس بمفهوم السيارة ذات العجلات الأربع ومحرك لا يقل عن أربعة سيلندر. كل عجلة هوائية كهربائية وكل سكوتر، وكل موتورسايكل، وكل عربة ذات ثلاث عجلات تعد سيارة كهربائية ومشمولة في أرقام السيارات الكهربائية. مشكلة المبالغة بالأثر في الطلب على النفط كبيرة ولها آثار مدمرة لأنها تعني في النهاية انخفاض الاستثمار في النفط والغاز، في وقت يرتفع الطلب عليهما، فتحدث أزمة طاقة خانقة سيموت فيها كثيرون، وستنهار اقتصادات دول بسببها. أدرك أن بعض القراء قد يقول وأنت أيها الكاتب تبالغ هنا، ولكن هذا الأمر سيتغير بعد ذكر بعض الحقائق. أولى أن جزءاً لا بأس به من عمليات الإحلال والتحول إلى السيارات والحافلات الكهربائية حصل في مناطق في الولايات المتحدة وأوروبا والصين والهند تحولت مسبقاً إلى الغاز المضغوط. إلا أن الشركات الداعمة للسيارات الكهربائية ومتطرفي التغير المناخي يحسبون أنها نفط ويخفضون الطلب على النفط بناء على ذلك، ولكن التخفيض يجب أن يكون للغاز. تجربتي في هذا المجال أن هذا الخطأ "مقصود". الواقع أن مبيعات السيارات الكهربائية في النرويج وصلت إلى 90 في المئة من إجمالي مبيعات السيارات في البلد. وبلغت نسبة السيارات الكهربائية من إجمالي عدد السيارات في النرويج 20 في المئة. وهنا نأتي إلى الحقيقة الثانية، على رغم هذه التطورات، ارتفع استهلاك البنزين في النرويج في فبراير (شباط) الماضي عما كان عليه في شهر يناير (كانون الثاني)، كما ارتفع عما كان عليه في شهر فبراير من عام 2022. إذاً أين هو أثر السيارات الكهربائية؟ طبعاً سيارات الديزل تستخدم أكثر من البنزين في النرويج بسبب ارتفاع كفاءة محركات الديزل، بخاصة من الناحية البيئية. فإذا نظرنا إلى استهلاك الوقود (بنزين وديزل) منذ عام 2016 وحتى الآن، نجد أن استهلاك الوقود انخفض، ولكن بشكل لا يتناسب مع استهلاك السيارات الكهربائية. وفقاً لحسابات التقارير التي تروج للسيارات الكهربائية، زيادة أعداد السيارات الكهربائية في النرويج يجب أن تخفض الطلب على الوقود بأربعة أضعاف الانخفاض الفعلي. مثلاً، وهذا مثل فقط، إن أثر السيارات الكهربائية يتمثل في انخفاض الطلب على الوقود بمقدار 20 ألف برميل يومياً، ولكن الأثر الفعلي هو انخفاض خمسة آلاف برميل يومياً فقط، هذه هي المبالغات التي نتكلم عنها.وكما ذكر في مقالات سابقة، فإن هناك ثلاث مشكلات ضخمة تواجه صناع القرار حول العالم. المشكلة الأولى مالية، الضرائب على البنزين والديزل عالية جداً، بخاصة في دول الاتحاد الأوروبي التي تجني مئات المليارات من الدولارات سنوياً. إذا تمت كهربة جزء كبير من قطاع المواصلات، كيف سيعوضون عن هذه الضرائب؟ الجواب جاهز، افرض ضرائب على السيارات الكهربائية. الرد على ذلك، أوقف الإعانات الحالية وستتوقف الصناعة كلها. كما أن فرض ضرائب يعني أن الجدوى الاقتصادية للسيارات الكهربائية التي يتكلمون عنها الآن ستتلاشى تماماً. الآن لنتصور الكارثة المقبلة، في الوقت الذي يدرك فيه الجميع هذه المشكلة، ستكون بعض شركات السيارات قد استثمرت المليارات للتحول لإنتاج سيارات كهربائية. المشكلة الثانية بيئية. مع وصول أعداد السيارات الكهربائية إلى مئات الملايين، سيبلغ عدد البطاريات التي يجب التخلص منها بالمليارات، هذه البطاريات ضخمة جداً ومتوسط وزنها، من 600 كيلوغرام إلى أكثر من طن، وأغلبها مواد سامة، كيف سيتم التخلص منها؟ ومن سيدفع تكاليف ذلك؟ طبعاً هناك حلول مؤقتة وهو تحويل استخدامها من السيارات إلى إضاءة في الحدائق والطرق حتى ينتهي عمر البطارية تماماً، ثم يعاد تدويرها وتستخدم المعادن الموجودة بداخلها. عمليات التدوير ليست مكلفة فقط، ولكن التقنية ما زالت في بدايتها وتحتاج إلى إعانات حكومية، وليس بمقدورها الحالي أن تتوسع لتشمل أعداد البطاريات الهائلة. ولكن هناك مشكلة أخرى، وهي عزوف المستثمرين عن الاستثمار في هذه التقنية بسبب التغير المستمر في تقنية البطاريات ومحتوياتها. المشكلة الأخيرة سياسية وتتعلق بالأمن القومي، المعادن المطلوبة لبطاريات السيارات، والتحول الأخضر بشكل عام، موجودة في عدد قليل من الدول، وبعضها ليس على علاقات طيبة مع أوروبا وأميركا، مثل روسيا والصين، والمشكلة الأكبر أن هذه المعادن تحتاج إلى تكرير ومعالجة، واغلب ذلك يتم في الصين. ولا تستطيع الدول الأوروبية وأميركا التوسع بشكل كبير في إنتاج ومعالجة هذه المعادن لأنها تتطلب مناجم ضخمة مدمرة للبيئة يعارضها نشطاء التغير المناخي. نعم، في سبيل سياسات التغير المناخي، تعرض الأمن القومي الأوروبي والأميركي للخطر، حماية الأمن القومي تتطلب فتح مناجم ضخمة، وهذه المناجم ستزيد من التغير المناخي.


عربية:Draw ظل التحليل السياسي الوطني غير المُنفصل عن الانحياز لشعب العراق المقاوم لسلطة الفساد، المُفسر الصادق للظرف الذي تمّر به العملية السياسية وسلطتها الإطارية الحاكمة، بأنها مرحلة الخلاص النهائي، وعودة الحكم إلى الشعب صاحب السلطة الحقيقية عبر السياق الديمقراطي السلمي، الذي سيباغت الميليشيات الولائية المسلحة المتهيئة لصدامات السلاح، بعد أن تراكمت وانتقلت إليها عبر سنوات قليلة من الأحزاب الطائفية ذات الإمكانيات المتعددة غير المحدودة لعشرين عاماً مضت، أضيف إليها تراكم فعاليات النهب والسرقات غير المحدودة، خاصة بعد عام 2017، حيث نهاية الحرب وطرد داعش من المحافظات الغربية. ما نقدمه في هذه السطور هو تفسيرات بعيدة عن العاطفة الحماسية قريبة من التحليل، لما يبدو أنها أول حالة صراع أو تمرّد مُبّطن من رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني ضد صانعه رئيس الإطار التنسيقي رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. لا نرفض، ولا نكذّب، ولا نؤيد بصورة مطلقة المعلومات الشخصية والسياسية العامة حول رئيس الوزراء الحالي، كواحد من منتسبي حزب الدعوة، حين قال إنه خرج منه وأصبح شخصية مستقلة. غير مهمة أسباب هذا الإعلان ودوافعه، التي قد يكون من بينها إعطاء مرونة لحزب الدعوة ورئيسه في التنصل من المسؤوليات العامة، لما قد يرتكبه المرشح خلال مسؤوليته في رئاسة الحكومة من أخطاء ومساوئ سياسية، بعد فقدان حزب الدعوة للسلطة التنفيذية المباشرة بعد عام 2014. لكن، يبقى صاحب صناعة “الملوكية الشيعية” نوري المالكي ومن خلفه طهران، سواء أكان رئيس الوزراء صاحب جناح من حزب الدعوة (حيدر العبادي)، أم من قادة الحليف الشيعي المجلس الأعلى الإسلامي (عادل عبدالمهدي)، أو مستقلاً كحالة مصطفى الكاظمي ورئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني كانت فرص التعبير عن الاستقلالية متوفرة كبداية سليمة لعلاقة التحالف بين رئيس الحكومة الكاظمي والشعب، التي طالب بها شباب ثورة أكتوبر بداية لتشجيعه ودعم ترشيحه كرئيس للوزراء، وظل يتندر بهذه التزكية الوطنية، لكنه تنكّر لأولى خطواتها في تغييبه ملف كشف ومحاسبة جناة قتل أكثر من 800 شاب عراقي و22 ألف جريح، انضم أربعة آلاف منهم إلى ذوي الاحتياجات الخاصة، كذلك دعم مقتدى الصدر له خلال فترة حكمه، ليفقد بذلك فرصته التاريخية التي لن تتكرر. ومع ذلك يحاول اليوم استثمار منصبه السابق الخالي من الإنجاز، لمعاودة نشاط سياسي مستقل، بعقد تحالفات مع قيادة بارزاني التي أصبحت وستبقى صانعة الملوك الحقيقية في بغداد. وجد السوداني أنه مهيأ لقيادة البلد عبر رئاسة الوزارة، يمتلك من خلال الدستور صلاحيات مدنية وعسكرية مطلقة إلا من هيمنة صانعيه، ويبدو أنه وجد في نفسه إمكانيات النجاح في رئاسة الحكومة، فاقترب من الخطوط الممنوعة، وأخذ يتقرّب إلى الشعب، ويمارس يومياً بعض مظاهر الحاكم الشعبي. لكن في عراق الأحزاب الفاسدة والميليشيات غير مسموح لقائد سياسي أو حكومي الخروج على تقاليدهم الفاسدة. في عراق اليوم الإمكانيات الوظيفية وحدها لا تكفي، بعد أن غيّبتها المحاصصة الطائفية وهيمنة الميليشيات. بعد استلامه رئاسة الحكومة غازل السوداني الميليشيات، وجذب ودّها، ورشا قادتها؛ مثل فضيحة تعيين قائد ميليشياوي بوظيفة وزير التعليم العالي، رغم أن شهادته غير معترف بها، ورغم اعتراض واشنطن العلني وعدم تعاملها معه، وغيره من ممثلي الميليشيات في الحكومة. ملأ السوداني مكتبه بمجموعة من الأفراد متواضعي المستويات العلمية والثقافية قبل السياسية، لمجرد كونهم تابعين إلى فصائل ميليشياوية، وهو ما أنتج ردود فعل سلبية طالت سمعته عند الشعب. ولا شك أنه رصدها واستوعب أن نتائج ذلك الغزل ستعطّل مشروع قيادته الوظيفية، ثم السياسية التي يفكر بها. أخيراً، كشف عنها في دعوته للتغيير الوزاري قبل استكمال ستة شهور من حكومته. ابتدأت علامات التمرد بوجه صانعه المالكي، عبر الإعلام في إعلانه تحضيرات التغيير الوزاري الذي يشمل من بين مرشحي الأحزاب مرشح المالكي وزير النفط، وهو الموقع الذي يعتبر كنزا دفينا “صاحب الخبزة” كما يقول المثل العراقي. هذه الفرعية البسيطة، يقول البعض إنها ستعطل سيناريو التمرّد، مع أن التوقعات الراجحة تقول إن معركة التمرد بدأت ولا يمكن إيقافها إلا هذه هي البداية. ويبقى السؤال كيف يسير السيناريو المفترض لمعركة توصف بتمرد الضعيف على القوى غير متوازنة، لا في حجم القوة ولا في نوعها. مهما يحاول السوداني الإيحاء بأنها عملية تطهير لوزاراته من الضعفاء و”التنابلة” والمعطلّين لمشروع الإصلاح الجذري الذي يهدف إليه، وأنه لن يتردد في تطهير حكومته واستبدال الوزراء الذين تم تشخيصهم، حتى وإن زعل أصحابهم من القيادات الحزبية الشيعية، خاصة لأن ذلك سيفضحهم، مكررا في وسائل الإعلام إصراره على تنفيذ معركة التغيير، ومردداً: لا يهمني زعل البعض ومن هم خلفهم من الأحزاب. بالمقابل، يوحي المالكي بهيمنته على ملف السوداني عبر استخفافه العلني بخطوته التنفيذية، قائلا إنه “لا يعلم أن هناك تعديلاً وزارياً”، وسط تفكك عميق بين قيادات الإطار الشيعية، التي لا يجمعها سوى مصالح، نتائجها الكارثية عليهم ستظهر قريباً، وهم باقون بهذا الترابط الشكلي بضغوط من الإيراني إسماعيل قاآني، كذلك بضغط من صاحب الحنانة الصدر، الذي يراقب ويهدّد بصمت، وهو جالس على جمر سنة الخلوة المُفترضة؛ رجال الدين والشيعة خاصة، يحبون كلام المنابر والحسينيات وقد أصبحت السلطة بأيديهم. المالكي يريد القول إنّ: لا تغيير يحصل بالحكومة التي صنعها دون أن يقرره هو، موحيا أن السوداني صناعته، ولا يمكن أن يتمرّد الطالب على أستاذه، أو رجل الدين على مقلده. لكنه يعلم بالوقائع أن مسيرة بنيان القادة الشيعة منذ استلامهم للحكم في العراق، قامت على تمرّد وانشقاق الصغار على أوليائهم الكبار. لا يمتلك السوداني السلاح المعتاد لأيّ مسؤول حكومي بدعم الأحزاب وميليشياتها، الكاظمي في حينه استند على دعم الصدر، وبصورة غير مباشرة توقع أن يثمر غزله لطهران عن دعم حقيقي. اليوم الصدر خارج العملية السياسية، ومسعود بارزاني يرى أن السوداني جزء من الإطار التنسيقي برئاسة المالكي، اتخذت في شهوره الستة قرارات مؤلمة للقيادة الكردية، يعلم مسعود أن مصدرها الإطار التنسيقي. إذا ما حاولنا جدلاً تصديق تكهنات تمرد السوداني على المالكي، التي تبدو حالياً مزحة، لم تتبلور إلى حد اللحظة مساراتها الواقعية، رغم الضجة الإعلامية، حينذاك سينتقل إلى خندق الشعب. فهل يغامر السوداني بالانضمام إلى حلف الشعب؟ هذا يعود إلى ما يفكر فيه كشخص وكسياسي لا يتوقف عند حدود ما يوفره له المنصب الحالي من إمكانيات هائلة، لأن أصحاب المبادئ الحقيقيين يتوقعون حين يواجهون الزيف والكذب وأعمدته غياب تلك المكاسب، وتراكم الكثير من المشكلات الشخصية، وفقدان المنصب والجاه وحتى الوظيفة.بالنجاح أو الهزيمة. هل يغامر السوداني بذلك، ولو بصورة مرحلية، خلال تنفيذه خطوة العبور إلى الضفة الثانية من النهر؛ ضفة صدق المبادئ الوطنية ونقائها الحقيقي الخالي من المصالح الذاتية. هذا خيار فردي نشجعه عليه لكنها مغامرة غير مسبوقة منذ عام 2006. بلا مبالغة، هي خرق كبير في جدار العملية السياسية، يتحول من خلالها تلقائياً إلى حالة اندماج حقيقي بالخيار العراقي. عند ذاك لن تصبح معركته هو كشخص وكرئيس وزراء حالي مع خصومه، بل سيندمج، وقد يقود معركة العراقيين ضد سارقي مال الوطن وخونته. في الجزئيات يمكنه عندئذ إدارة معركته الحالية لخلق توازن قوة حقيقي بوجه قادة الأحزاب الفاسدة. السوداني، إذا صمد وفق خطوات السيناريو المتخيّل، سينزع ثياب التبعية ويتحصن بثياب الشعب الحقيقية، التي قد تكون ممزقة من الفقر والحاجة التي جلبها عليه أصحابه السياسيون، لكنها ستكون علامة شرف في مقاييس القيم والمبادئ. سيدخل في حلف الشعب الكبير، وقد يصبح قائداً له إذا ما صمد، فالشعب يحترم قادته الحقيقيين ويخلدّهم، كما خّلد سابقيه من قادة العراق. هل ستتواصل معركة التمرّد المفترض، أم سيتراجع السوداني بتصريفات جاهزة، هو لا يمتلك التزامات سياسية أو تحالف مع أحد داخل البلد. لديه ممرّ واحد فيه مخاطر كارثية قد تكلفه ثمناً يتجاوز منصبه الحالي، ذلك الممر هو تطمينات واشنطن ودعمها لخطواته عبر السفيرة ألينا رومانسكي التي قابلته عشرات المرات على غير العادة، حتى أطلق عليها العراقيون وصف سفيرة فوق العادة، حقيقة وليس وصفاً دبلوماسيا. يبقى هذا خياره الشخصي.. والشعب العراقي مراقب ذكي.    


 عربية:Draw  عندما نتحدث عن طموح الشباب في الحصول على فرص عمل (وهو طموح مشروع ولا شك) فان الخطا الاكبر الذي يقع فيه الجميع ابتداءا من الحكومة مرورا بالبرلمان والنخب وانتهاء بالشباب انفسهم؛ هو هذا الاصرار والتدافع الكبيرين في الحصول على فرصة عمل حكومية. ومايزيد من “فداحة” هذا الخطا هو الكيفية التي تعاملت بها السلطة التنفيذية طوال عقدين من الزمن، مع هذه المطالب. وكانت النتيجة هو ان اعداد العاملين في القطاع الحكومي وصل اربعة او خمس ملايين شخص لدرجة ان الموازنة التشغيلية وصلت الى ٧٥٪؜ من القيمة الكلية للموازنة الفيدرالية. وهذه طامة كبرى بكل المقاييس. الخطا في هذا التعاطي هو انه لا السلطة التنفيذية ولا التشريعية بادروا طوال عقدين من الزمن الى تشريع قوانين حقيقية قادرة على انعاش القطاع الخاص، وهو بلا شك، الجهة الوحيدة القادرة على ايجاد حلول حقيقية لهذا العدد الكبير جدا من العاطلين عن العمل. وعندما نتحدث عن التشريعات لانعاش القطاع الخاص فان اول القوانين التي تفرض نفسها هنا هو قانون التقاعد للقطاع الخاص، او كما يطلق عليه البعض قانون الضمان الاجتماعي للقطاع الخاص. من المعيب انه لا يوجد حتى اللحظة قانون تقاعد يعنى بشريحة العاملين في القطاع الخاص. البرلمان في دورته الماضية كان قرأ مسودة قانون بهذا الشان لمرتين ولم تاخذ المسودة انذاك طريقها للتشريع. والامر تكرر مرة اخرى مع البرلمان الحالي. هذا الامر قد يعطي انطباعا انه لا توجد ارادة حقيقية، سواء حكومية او برلمانية، في تشريع القانون. بل من المعيب ايضا ان يكون هناك قانونان للتقاعد، الاول للعاملين في القطاع العام واخر للعاملين في القطاع الخاص. لا اعتقد ان هناك دولة في العالم لديها قانونان للضمان الاجتماعي. ووجود مثل هذا الامر يعطي انطباعا للوهلة الاولى ان هناك امتيازات كبيرة يوفرها القانون العام (الحكومي) وهي امتيازات لن تجدها في القانون الاخر الذي يعني بالقطاع الخاص. وان صح هذا الكلام فان هذا يعتبر كيل بمكياليين في طريقة التعاطي مع شريحتين كلاهما يخدم المجتمع ولا غنى عن خدمات اي منهما لديمومة المجتمع. السوال هو:- لماذا لم يشرع البرلمان قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للقطاع الخاص حتى الان؟. والسوال الاخر هو:- لماذا الاصرار على تشريع قانون تقاعد للقطاع الخاص يختلف بالامتيازات عن القانون الحكومي؟. الم يكن من الاجدر ان يكون هناك قانون موحد للتقاعد كما هو الحال في اغلب دول العالم ان لم يكن جميعها؟. ان وجود قانون موحد للتقاعد سيساهم بكل تاكيد في تخفيف اعداد العاملين في القطاع الحكومي، وسيساهم ايضا في وقف المطالبات بالحصول على فرص عمل حكومية. بل قد نشهد “هجرة” للعاملين من القطاع الحكومي باتجاه القطاع الخاص في حال وجود هكذا قانون، لانه لن يكون هناك سبب يدعو الناس بالتوجه للقطاع الحكومي، خاصة وان المتعارف عليه ان رواتب القطاع الخاص افضل من الحكومي. بحكم عملي الصحفي، كنت قبل ايام اغطي تظاهرة لخريجين عاطلين عن العمل ويطالبون الحكومة بتوفر فرص عمل لهم. بعضهم كان يعمل في القطاع الخاص لكنه يريد وظيفة حكومية، ودار بيني وبين مجموعة منهم هذا الحوار:- – لماذا تتظاهرون؟ – للحصول على فرصة عمل. – ولماذا لا تذهبون للعمل في القطاع الخاص، او ان تعملوا على ايجاد مشاريع لكم وان كانت صغيرة قادرة على ان توفر لكم العيش الكريم ولو بالحد الادني؟. – لان العمل بالقطاع الخاص لا يوفر راتب تقاعدي كما هو الحال في القطاع الحكومي. – ولماذا لا تتظاهرون وتطالبوا الحكومة بان يكون للقطاع الخاص قانون ضمان اجتماعي يساوي بالامتيازات والحقول مع العاملين بالقطاع الحكومي؟ هنا ساد الصمت. وتبين ان هؤلاء لا يمتلكون الثقافة وما يجب ان تكون عليه المطالبة بالحقوق فيما يتعلق وقانون الضمان الاجماعي للقطاع الخاص. ولم تكن عملية افهامهم للامر صعبة لانهم نخبة متعلمة ومثقفة. الكرة بمرمى السلطات التشريعية والتنفيذية، هم المسؤلون عما الت اليه الامور في البلاد وهذا العدد الكبير من العاطلين عن العمل. ولا مناص من التحرك في سبيل :- اولا: تشريع قانون موحد للضمان الاجتماعي، يشمل العاملين في القطاع الحكومي والقطاع الخاص على حد سواء. ( لان وجود قانونين سيكون بمثابة التعاطي بازدواجية في موضوع واحد يخص العراقيين جميعا). ثانيا: تشريع قوانين تنعش القطاع الخاص، قد يكون من بينها ارغام اي شركة اجنبية على تعيين نسبة معينة من العراقيين مقارنة بالكادر الاجنبي. – وجود محاسبة حقيقية لاي شركة او مؤسسة او اي جهة، عراقية كانت ام غير عراقية، تقوم بتوظيف عاملين لديها ولا تدفع لهم الضمان الاجتماعي كل شهر. هذا هو السبيل الوحيد لانهاء مشكلة البطالة في العراق وتخفيف حدتها، وبغيره ستكون عملية التعاطي مع هذا الموضوع سياسية بامتياز ولها دوافعها الخاصة.  


 عربية Draw كردستان العراق يفقد استقلاله الاقتصادي. فقد من قبل ذلك استقلاله السياسي والأمني. والطموح من أجل أن يتحول الإقليم إلى أيقونة تقدم وازدهار يتبدد الآن ليحل محله الفساد وانعدام الاستقرار والتنافس الذي يقف على حافة الانفجار. هذه أوضاع تتطلب نقدا. إلا أنها نادرا ما تجد أقلاما كردية تجرؤ على أن تخرج من قوالب الولاء المألوف. وهو ولاء مأجور بطبيعة الحال، إلا أنه إذ ينعم بالعمى عن رؤية الفشل ويعجز عن تصويب المسارات السياسية الكردية، فإنه لا يعد حقوق وحريات الشعب الكردي في العراق إلا بالمزيد من التردي. الكثير من الكتاب والصحافيين الأكراد يتصرفون بدوافع قبلية. ينسون أن الشعب الكردي أكبر من الأسرتين اللتين تحكمانه في السليمانية وأربيل. ينسون أيضا أن القضية الكردية لا يمكنها أن تنتصر، كقضية حقوق قومية، إذا انحدرت لتكون قضية تتصل بمصالح إحدى هذين الأسرتين أو كلتيهما معا. لقد رأى الجميع كيف قاد نظام المحاصصة الطائفية في بغداد العراق إلى أن يصبح دولة فاشلة، يغلب عليها الفساد، وتنهش الميليشيات الموالية لإيران من لحمها أكثر بكثير مما تفعل الوحوش الكواسر. المنطق، بالنسبة إلى أصحاب قضية قومية، كان يتطلب ليس البقاء على مسافة من هذا الواقع، وإنما إدانته والامتناع عن التواطؤ معه. ا حصل هو العكس تماما. لقد انخرط الحزبان الكرديان الكبيران في هذا النظام باعتباره امتدادا لهما وتتمة لطبائعهما الميليشياوية الخاصة. أما العاقبة فقد صارت وخيمة مرتين. الأولى، عندما تحول العراق كله إلى مستنقع، وكان من الطبيعي أن يلقي بظله الثقيل على كردستان. والثانية، عندما تحولت السلطات الكردية إلى سلطات فساد، ما أدى إلى تحول مؤسسات “الدولة” شبه المستقلة إلى صورة طبق الأصل للدولة المنهارة في بغداد. وذلك ليس لأنها أصبحت مؤسسات محاصصة عشائرية فحسب، بل لأنها انفصلت كليا عن واقع أن الشعب الكردي أكبر من تلكما العشيرتين المتنافستين على المغانم: بارزاني وطالباني. لم تظهر أحزاب كردية معارضة، إلا لهذا السبب. ولئن توفرت أسباب أخرى، فالحقيقة هي أنه لم يعد بوسع هذين العشيرتين أن تمثلا الشعب الكردي. كما أنهما باتتا أعجز من أن تمثلا تطلعاته القومية. ومع توالي الأزمات الاقتصادية بوصفها انعكاسا لسوء التقدير السياسي، وسوء الخيارات والتحالفات مع الميليشيات التي هيمنت على حكومة بغداد، فقد فشلت السلطات الكردية في أن توفر الموارد الأساسية لاستدامة الاستقرار. مالت هذه السلطات إلى بناء إدارات ليس لكي تقوم بعمل ذي نفع ملموس، وإنما لكي تشتري الولاء. وإذ أصبح الكتاب والصحافيون جزءا من الديكور السياسي لإحدى العشيرتين، فمن أين كان يمكن للنقد أن يأتي؟ ولئن أصبح الإقليم غارقا في أزمة تكاد تعصف بكل شيء، إذا ما تحولت المنافسة إلى انقسام، والانقسام إلى حرب أهلية، فمن الواضح أن المعلقين السياسيين الأكراد يغيبون عن الأزمة. والكثير منهم يتهربون حتى من مجرد ذكرها باستدرار أحداث تقلبت عليها السنوات وأحالتها إلى التقاعد مقارنة بواقع ساخن يكوي بمخاطره الجميع. صحف القبيلة لا بد في النهاية أن تدافع عنها. هذا سلوك غريزي. ولكن ما بال المخضرمين من الكتاب والصحافيين الذين اكتووا بنيران شتى؟ ما بالهم يهربون من الإفصاح عن أزمة المحاصصة بين قبيلة طالباني وقبيلة بارزاني ومن المخاطر الجسيمة الناجمة عن التوزيع العائلي للمناصب والجاه والثروة بين أفراد العائلتين المؤثرتين؟ كيف أن الكتاب الذين، في مواجهة الأنظمة الدكتاتورية السابقة، كانوا يلهجون باسم حقوق الشعب الكردي وقضيته القومية، نسوا هذا الشعب وحقوقه وقضيته، بعد زوال الدكتاتورية؟ بل كيف صاروا أصواتا لديمقراطية العشيرة؟ أفهل أرادوا إثبات أنهم أصبحوا كائنات أليفة لخياراتها الفاسدة ورهاناتها غير المدروسة؟ وحتى عندما انقلبت تلك الخيارات والرهانات وبالا على الحد الأدنى من تطلعات الاستقلال، فإنها لم تجد مَنْ يلقي بنظرة نقدية تجرؤ على أن تقول لحزب العشيرة، إنه لا يسلك الطريق الصواب. الخلافات الراهنة بين العشيرتين، توفر مناسبة لمَنْ تكسرت أقلامهم لتأكيد الولاء. ما يشكل نوعا من “مأجورية” لا تخدم أيا منهما في جميع الأحوال. ولكن ما يتم تجاهله، عمدا وجهلا في آن، هو أن تجربة الحكم الذاتي الموسع، في الإطار “الفيدرالي” للعراق، هي نفسها التي تنهار. لكي تتحدث عن أسباب الانهيار، تحتاج أقلاما حرة على الأقل. ولكن لكي تتحدث عن سوء الخيارات والرهانات وتبحث عن بدائل لها، فإنك تحتاج إلى مثقفين. مجرد وجود نظام فاسد في أربيل، وصورة فاسدة له في السليمانية، يعني بحد ذاته أنه لا وجود حقيقيا لشيء اسمه قضية كردية. ومجرد تواطؤ سلطة العشيرة لتدمير الأخرى مع أطراف خارجية، إلى درجة تصل (كما يعرف الجميع) إلى شن حملة اغتيالات لمناضلين أكراد أتراك أو إيرانيين أو سوريين، يعني أنه لا وجود لشيء اسمه قضية قومية. لا يجب التغافل عن حقيقة أن تسوية الخلافات بين العشيرتين هي نفسها جزء من المشكلة. إن لم تكن هي نفسها المشكلة الأكبر. من ناحية، لأن شقاقهما الحالي هو وريث تحالف دام لعدة سنوات. وهو تحالف، أورث كردستان ما أورث من نسخ الطبيعة الميليشياوية لنظام المحاصصة في بغداد. ومن ناحية أخرى، لأن إدارتهما للسلطة كانت إدارة فساد وأطماع. عندما يختلف اللصوص في ما بينهم على تقاسم المغانم، فإن ذلك لا يبرر تبرئة أي منهم. العلة في المغانم نفسها. العلة هي أن سلطة العشيرتين لا تصون حقوق أحد، حتى ولو بقيت تزعم ذلك. والعلة هي أنها تتنافس لكي تكسب لنفسها امتيازات لا تستحقها من الأساس. لم تنجح العشيرتان في إقامة مؤسسة “وطنية” كردية في العراق. أولا، لأنهما تحالفتا مع عصابات في بغداد، قبل أن تتشبها بها. وثانيا، لأن المغانم دفعتهما إلى أنهما لم تُبقيا للقضية القومية الكردية حيزا يستحق مكانتها التاريخية. وعندما حل محلها التواطؤ مع المخابرات التركية لملاحقة وقتل مناضلين أكراد، ثم بلغت الوقاحة حد الامتناع عن إدانة محاولة اغتيال مظلوم عبدي قائد قوات “قسد”، بل وربما الشراكة في تدبير المحاولة، فقد فاض الكيل. كما فاضت الجريمة، حتى بلغت مستوى من التخريب لم يعد يكفيه مجرد النقد.    


عربية:Draw بعض المدن أسلوبها في إيفاد الرسائل. تحرص على تحريض الصحافي الزائر على التمهّل في تصديق كل ما سمعه من صاحب القرار ومعارضيه إذا وُجدوا. كأنها تعلن أن موعدها الحقيقي مؤجَّل باستمرار. موعدها مع الدولة الطبيعية والمؤسسات وحكم القانون والتنمية الحقيقية. وكنت أتوهّم تلقي هذا النوع من الرسائل حين أنام في صنعاء أو بغداد أو الخرطوم. وكثيراً ما راودني إحساس أن الخرطوم تنتظر نزول الليل لتواري أحزانها في النيل، تماماً كما كانت بغداد تدسّ أوجاعها في دجلة. وكان واضحاً أن البلاد تقيم في عهدة رجل قوي. لكنّ المدينة كانت تهمس أن البلاد مصابة بهشاشة تتخطى الدولة إلى الخريطة نفسها. وأن اجتماع الفقر والظلم والفساد والفشل يضاعف رغبة الجمر المختفي تحت الرماد في اغتنام أي فرصة للتعبير عن غضبه. وكان مجلس قيادة الثورة واجهة لرجل. وكان الحزب من القماشة نفسها. وكان التعايش بين قويين صعباً وموعوداً بالانهيار. هكذا سمعنا عن صيغة الرئيس والشيخ في اليمن. وعن السيد الرئيس والسيد النائب في العراق. وعن الرئيس والشيخ في السودان. ولم يكن حسن الترابي يتردد في سنواته الأخيرة في إفهام الصحافي الزائر أن الشيخ هو الذي استدعى الجنرال (عمر البشير) وأرسله إلى القصر بعدما طلب منه أن يرسله إلى سجن كوبر لإخفاء هوية الانقلاب. كانت البلاد تبدو شاسعة، لكنها في لحظة الحقيقة تنفجر وتتشظى ويتأكد أنها لا تتسع لرجلين. وكان القوي الوافد من الثكنة لا يقر للمدنيين بحق المشاركة إلا صورية. وكان صدّام شديد الحذر من جنرالات الثكن وبارونات الحزب الذين صنعهم ورشّ النجوم على أكتافهم. وكانت العقود تنقضي في تغيير الممثلين على مسرح الحكومة أو البرلمان، ومن دون أن يصبح الخبز أقل صعوبة أو المواطن أقل خوفاً. كان الغزو الأميركي للعراق فاتحة الزلازل في القرن الحالي. سيهبُّ «الربيع العربي» في العقد التالي. خافت مصر على هويتها فاستجارت بجيشها. واشتعلت سوريا. وغاب عن المسرح لاعبان قديمان هما معمر القذافي وعلي عبد الله صالح. تأخر الربيع في مداهمة السودان، لكنه بلغه في النهاية، وكان شائكاً على ما تؤكده مدافع المتحاربين اليوم. ما أصعب بلداننا. عثرت على الاستقلال ولم تعثر على دولة تحميه من انهيارات الداخل وتدخلات الخارج. تاريخ اليمن الحديث معقَّد كتضاريسه. وتاريخ العراق عاصف ودموي كتاريخه. وتاريخ السودان الحديث ضائع بين عسكرييه ومدنييه، وإن كان أمضى معظم وقته في عهدة «المنقذين» الوافدين من الثكن. تاريخ السودان الحديث رجراج ومكلف. بعد عامين من استقلاله في 1956 قاد الفريق إبراهيم عبود انقلاباً أطاح الحكومة المدنية. وفي 1964 ستطيح انتفاضةٌ حكمَ عبود. سيتشاجر المدنيون طويلاً حول الدستور ومرجعياته، وفي 1969 سيطيح العسكريون المدنيين المتصارعين على السلطة. سيقيم جعفر نميري طويلاً لكنّ انتفاضة ستطيح حكمه في 1985. زعمت الأحزاب والنقابات أنها تعلمت من الماضي، وأنها لن تسقط مجدداً في الفخ القديم. في 1989 أطاح انقلاب برئاسة الفريق عمر البشير حكومةَ رئيس الوزراء الراحل الصادق المهدي. وسيقيم البشير طويلاً، وفي عهده الشائك سيختار جنوب السودان الطلاق فتولد للبلاد خريطة جديدة أقل من تلك التي كانت يوم الاستقلال. تَشارك البشير مع الترابي ولعب السودان أدواراً إخوانية تفوق قدرته على الاحتمال. تَشارك البشير مع الترابي ثم تشاجر معه. وفي الحالين خرج السودان خاسراً. رقص البشير بالعصا محتفلاً وتوهّم مناعةً لم تكن. وفي 2019 وعلى وقع انتفاضة جديدة تشارك الجنرالان عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو (حميدتي) في إطاحة الرجل الذي صعدا في ظله. كان الحديث عن مرحلة انتقالية وحكم مدني، لكنّ الجنرالين تشاركا مجدداً في 2021 في إطاحة الحكومة المدنية. كانت الشهور الماضية حافلة بالمناورات. بين العسكريين والمدنيين. وبين العسكريين و«العسكريين». وفي الأسابيع الماضية بدت الهوة واضحة بين البرهان رئيس المجلس السيادي ونائبه حميدتي. بين الجيش بقيادة البرهان و«قوات الدعم السريع» بقيادة حميدتي، وهي قوات شبه عسكرية كانت قد نجحت في انتزاع اعتراف بشرعيتها، من دون التسليم جدياً بالتسلسل الهرمي. كان من الصعب توقع قبول «الحشد الشعبي» السوداني بزعامة حميدتي بالذوبان في مؤسسة الجيش، ليس فقط بسبب بصمات ولادته في دارفور وزمن الجنجويد ومآسيه، بل أيضاً بسبب تحوله جزيرة لها مناجمها في الداخل وعلاقاتها في الخارج. في 15 أبريل (نيسان) الحالي، باحت المدافع بما تخفيه الصدور. تحول الشريكان السابقان عدوين لدودين. معركة بلا رحمة انتقلت إلى المدن والأحياء. ليست مجرد كراهية فاضت بين جنرالين. إنها أبعد وأخطر. مشهد الدول تُجلي رعاياها من السودان يوحي بأن البلد مدفوع نحو أيام رهيبة. والسودان شاسع لا يستطيع الانتحار وحيداً. إنه بلاد هشّة مجاورة لسبع دول لا يستطيع بعضها إخفاء هشاشته وقابليته للاشتعال. السودان بلد متعدد. «جيوش» وانتماءات وولاءات وكراهيات. غياب أي خيط عسكري ناظم للخريطة الحالية سيُغري بعض الأطراف بالقفز من القطار للعيش في ظل جيوش صغيرة تشبهها. لا تحتاج بعض الميليشيات إلى إعلان ولادتها فهي موجودة أصلاً. يكفيها نزع عباءات التنكر. ولا يحتاج الانتقال إلى الحرب الأهلية إلى الكثير من عيدان الثقاب. المشهد السوداني مخيف والمشهد الإقليمي معقَّد. التجاذب الدولي في القارة السمراء والسودان يصبّ الزيت على نار المعارك. والحديث عن جماعة «فاغنر» وأخواتها لم يعد مجرد همس خلف ستائر مسدلة. انفجار السودان يطرح موضوع مياه النيل وأمن شريان تجاري حيوي هو البحر الأحمر. يطرح أيضاً انتقال النار السودانية إلى الجوار وإمكان عثور «القاعدة» و«داعش» على مواقع للتحصن داخل الخراب السوداني. كما يطرح حصول أمواج جديدة من اللاجئين والنازحين. للمنطقة والعالم مصلحة فعلية في إنقاذ السودان من الانتحار الكامل بشعبه ومنطقته. لا يمكن إخماد حريق بهذا الحجم إذا طال. لا بد من دولة وشرعية لمنع تطاير شرارات الانهيار السوداني في الداخل والخارج. المؤسف أنَّ الجنرالين يتصرفان كأن السودان انزلق إلى مرحلة فوات الأوان. قال البرهان إنه لن يخرج إلا في نعش. حميدتي يفكر بالأسلوب نفسه. إنها مدرسة القصر أو القبر. يتصارع حميدتي والبرهان على فوهة البركان. وضبط انبعاثات البركان الأوكراني أسهل من ضبط حمم البركان السوداني إذا اشتعل على مصراعيه.


عربية:Draw تصادف اليوم الذكرى السنوية العشرون على سقوط النظام البعثي الذي حكم العراق بالدكتاتورية والاستبداد منذ عام ١٩٦٨ وحتى نهايته في صبيحة التاسع من نيسان عام ٢٠٠٣ على وقع دخول دبابات الاحتلال الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية. سوف لن أتطرق في هذا المقال لمجمل الأحداث التي جرت بعد عام ٢٠٠٣، والذي أشبعها الكُتاب والباحثون نقداً وتحليلاً، ولن أتحدث عن حال العراقيين تحت وطأة النظام الصدامي الذي حكمهم بقبضة من حديد وأنهك البلاد والعباد بحروبه العبثية ومقابره الجماعية وسجون الرعب والتعذيب التي وثقتها منظمات حقوق الإنسان بالتفصيل الممل، لكنني سأعرّج على أبرز الإيجابيات والسلبيات التي واكبت عملية التغيير بالمؤشرات الرقمية المُعتمدة مقارنة بمؤشرات الماضي، لبيان الحقيقة عن الوهم، وبعيداً عن الآراء الشخصية التي قد يتحكم فيها الميل العاطفي. بعد مرور عقدين من الزمن على سقوط النظام الدكتاتوري وما رافق مرحلة التغيير من تداعيات أمنية وتغيرات جذرية على النحو السياسي والاقتصادي والاجتماعي، لا يزال الجدل قائماً بين أوساط بعض شرائح المجتمع حول جدوى التغيير ومدى تقدم أو تراجع العراق. حسب استطلاعات الرأي التي أعدتها مؤسسة غالوب الدولية بهذه المناسبة، فإن العنوان العام الذي طغى على مجمل نتائج تقريرها قد اختزل المشهد في ٦٠٪ مؤيداً لأن وضع العراقيين كان أفضل حالاً قبل عام ٢٠٠٣ مقابل ٤٠٪ يرون أن أوضاع البلاد تحسنت بعد سقوط النظام ورغم كل العقبات. هذه النسب تثير الكثير من التساؤلات والجدل حتى لو أخذت على محمل حسن الظن من مصدر الإعداد. بعد مضي ثلاث سنوات انتقالية من تغيير النظام انتدبت سلطة الاحتلال الأمريكي خلالها إدارات وحكومات مؤقتة، طُرح استفتاء على دستور دائم للبلاد في عام ٢٠٠٥ ثم أقيمت أول انتخابات دستورية وُلدت من رحمها أول حكومة فيدرالية في عام ٢٠٠٦ انتقلت البلاد على إثرها من دولة مركزية إلى دولة اتحادية، ليعتمد العراق نظاماً ديمقراطياً يسمح بالتعددية السياسية ويتبنّى اقتصادَ السوق منهجاً ليُعلن النظام الجديد نهاية موروث الدكتاتورية والاشتراكية والمركزية، حيث صُرفت خلال عشرين سنة تلت التغيير قرابة ١٥٠٠ مليون دولار أمريكي من موازنات الدولة الاتحادية جلها من واردات النفط التي ساهمت في عمليات إعادة الإعمار. لكن رغم كل هذه الواردات العملاقة والتقدم الذي واكب ولادة العملية السياسية الجديدة، تعثرت مسيرة البلاد بسبب بدايات غير موفقة وأخطاء فادحة ارتكبها آباء هذه العملية من ضمنها حل الجيش العراقي السابق وتفكيك المؤسسات الأمنية السابقة مما دفع بمنتسبيها إلى الالتحاق بالمجاميع المسلحة المعارضة لنظام الحكم الجديد، وكذلك تسييس آليات المساءلة والعدالة التي قادت إلى الاقتصاص والإقصاء السياسي، فضلاً عن اعتمادهم المحاصصة الطائفية في تقاسم السلطة ومرافق جميع المؤسسات في هرم الدولة، حتى تحكمت واستحكمت الفئوية السياسية بأعلى منصب تنفيذي وتشريعي وقضائي وانتهاءً بأبسط موظف على الملاك الوظيفي للدولة. هذه السياسات الارتجالية والمحاصصة الفئوية خلقت أساساً ركيكاً لدولة هشة ومخترقة أمنياً وسياسياً ومستنزفة مالياً، متعددة الانتماءات وفاقدة للهوية الوطنية مما شجع على تفشي سوء الإدارة والفساد والتخادم النفعي لأغلب منتسبي مؤسسات القطاع العام وعلى كل المستويات، فضلاً عن ممارسات غير محسوبة سارعت في فتح جبهات مواجهة أخلت بالأمن العام وزادت من تكاثر خلايا الإرهاب وصولاً إلى أزمة داعش وسقوط المدن تحت احتلال قوى الإرهاب. كما شجعت الطبقة السياسية على شرعنة الحكم باستغلال النظام الديمقراطي في شراء الولاءات وخلق دولة زبائنية من خلال التوظيف الحكومي مقابل الانتماء السياسي، وهذه كانت رُشى موسمية تقدمها أغلب الحكومات لكبح جماح الاحتجاجات الشعبية وكسب القواعد الجماهيرية في مواسم الانتخابات العامة. ولا ننسى إقحام المرجعية الدينية في النجف الأشرف بكل صغيرة وكبيرة حتى أوصدت المرجعية أبوابها بوجه السياسيين عام 2010 ولم تتدخل إلا لانتشال العراق في الأوقات المصيرية من حافة الانهيار كوأدها للفتنة الطائفية في حادثة تفجير الروضة العسكرية في سامراء عام 2007 وإصدارها فتوى الجهاد الكفائي للملمة شتات القوات المسلحة بعد انهيارها إثر اجتياح عصابات داعش لأربع محافظات عراقية. لقد استغلت بعض القوى السياسية واردات النفط بأبشع صورة للسيطرة على مقدرات الخزينة الاتحادية من خلال اقتصادياتها الحزبية ورجالاتها في الدولة العميقة محمية بالمجاميع المسلحة الموالية لها واللجان النيابية والأجهزة الرقابية الحامية للتحالفات الحاكمة بعد أن تحاصصوا على التخصيصات المالية للوزارات وشركات القطاع العام. حيث خلقت هذه الفوضى دولة الأوليغارشيا الموازية بكل ما تمتلكه من حضور سياسي بأعلى المناصب وبحيازة ترسانة سلاح منفلت وإمبراطوريات إعلامية توجه الرأي العام وعلاقات خارجية لا تخضع لأي مساءلة ولا يمكن المساس بمصالحها حتى أصبحت تُعرف بالخطوط الحمر. كل هذا وغيره خلق جواً شعبياً وشعبوياً عاماً ضد الأحزاب والعملية السياسية خصوصاً بين أوساط الشباب الذي يُشكل 60% من المجتمع العراقي مما زاد وتيرة الاحتجاجات ورفع سقف المطالب منذ عام 2011 وحتى تشكيل آخر حكومة في تشرين الأول 2022. لكن رغم كل هذه التحديات والتشظي، لم يصل العراق في ظل النظام الحالي إلى ما وصل إليه قبل 2003 من سوداوية في عهد الدكتاتورية، على مستويات العنف والظلم وتغييب الحريات وغياب الخدمات وسلب الحقوق وانتهاك كرامة الإنسان. وبإجراء مقارنة سريعة بالعهد البائد فقد ارتفع الناتج المحلي إلى عشرة أضعاف، وازداد دخل الفرد السنوي إلى ستة أضعاف، وارتفع انتاج النفط إلى ثلاثة أضعاف، وإنتاج الغاز إلى ستة أضعاف، والطاقة التكريرية إلى الضعف، والطاقة الكهربائية الى سبعة أضعاف، حتى أعداد النخيل ارتفعت للضعف، كما انخفضت ديون العراق بنسبة 33% وارتفع الاحتياطي النقدي إلى 115 مليار دولار واحتياطي الذهب إلى 135 طناً بعد أن كانت هذه الأرقام تحت الصفر في صبيحة 2003. هذا فضلاً عن التوسع العمراني وتحسن سلم الرواتب، بعد أن كان الراتب الشهري للموظف لا يتجاوز دولاراً واحداً, كما أن مساحة الحريات والتعبير عن الرأي اتسعت بعد أن كانت معدومة في زمن الدكتاتورية حتى بات عامة الناس وبسطاؤهم ينتقدون أعلى مسؤول تنفيذي دون خوف. لذا علينا أن نتأمل كيف سيكون حال العراق إذا ما انعدمت مظاهر الفساد والمحاصصة بعد مرور عقدين من الزمن!! لعل الغاضب مما يحدث في المشهد العراقي من غياب للعدالة الاجتماعية وتفشي الفساد مقارنة بالدول الديمقراطية الناجزة يُعبر عن غضبه بالتحيز إلى الماضي، ربما ليس حباً به بل نكاية بالحاضر، خاصةً أن معظم المعارضين للطبقة السياسية هم من الشباب الذين لم يشهدوا عذابات العهد الدكتاتوري الذي أذاق العراقيين جحيم الحروب والظلم وضنك العيش. لذا وجب على الطبقة السياسية قراءة تطلعات الشعب بجدية وأن لا تختبر صبرهم أكثر، خصوصاً أن العالم مُقدم على تغيرات سياسية واقتصادية وتكنولوجية بعد جائحة كورونا وانهيار المؤسسات المالية وتفاقم النزاعات العسكرية واستحواذ الذكاء الاصطناعي على فرص العمل التقليدية مما سيؤثر حتماً على طبيعة الحياة الاجتماعية ومصالح الشعوب ما سيولد تهديداً على السلم الأهلي والأمن الغذائي وأمن الطاقة بشكل عام. وحتى يتحول العراق إلى دولة رصينة وديمقراطية ناجزة واقتصاد حر يوفر العدالة الاجتماعية للجميع ويضمن التداول السلمي للسلطة عملياً بعيداً عن سياسة الاقتصاص والانتقام، على الطبقة السياسية العمل بمسؤولية تجاه أولويات بناء الدولة وتطبيق مضامين الدستور الاتحادي وتشريع قوانينه المعطلة وإلغاء موروث قوانين العهد البائد التي تصطدم بالديمقراطية والنظام الاتحادي، وكذلك ترسيخ الهوية الوطنية باعتماد عقد اجتماعي يؤسس لمرحلة جديدة تضمن حقوق الشعب والأجيال القادمة.


حقوق النشر محفوظة للموقع (DRAWMEDIA)
Developed by Smarthand