شروط ووساطات .. كواليس رفع الحظر التركي عن مطار السليمانية
.jpg)
2025-10-14 20:56:34
عربيةDraw:
أنهت تركيا حظرا امتد لأكثر من عامين على مطار جلال طالباني الدولي في السليمانية، معقل الاتحاد الوطني الكردستاني، في خطوة وُصفت بأنها مؤشر على انفراجة كبيرة في العلاقة بين أنقرة والحزب الذي كانت تتهمه طيلة السنوات الماضية بالتعاون مع مقاتلي حزب العمال الكردستاني ضد مصالحها الأمنية.
ويُنظر إلى هذا القرار التركي كمكافأة سياسية بعد التقارب الملحوظ بين الجانبين في ملف حزب العمال الكردستاني، والذي شهد تحولات دراماتيكية خلال الأشهر الأخيرة تمثلت في قبول قيادة الحزب إلقاء السلاح وحل التنظيم، والشروع في مسار سلام مع أنقرة.
ويربط مراقبون هذا التطور بنتائج زيارة رئيس إقليم كردستان نجيرفان بارزاني إلى أنقرة ولقائه الرئيس رجب طيب أردوغان، حيث يُعتقد أن رفع الحظر كان من أبرز نتائج التفاهمات السياسية التي جرت خلال الزيارة.
وفي هذا الصدد، يقول مصدر سياسي مطلع، إن “التقارب الأخير بين الحزبين الكرديين الحاكمين، دفع رئيس الاتحاد الوطني، بافل طالباني، لمطالبة رئيس إقليم كردستان والقيادي في الحزب الديمقراطي، بالتوسط لإعادة العلاقات مع تركيا، وحل جميع المشكلات معها"..
ويلفت المصدر، إلى أن “تركيا وافقت على ذلك بشروط، أبرزها إيقاف أي عمليات تمويل بالمال والسلاح للأحزاب الكردية التركية والسورية، والاكتفاء بالنشاط السياسي، وأيضا إعطاء مساحة للشركات التركية للعمل بحرية في مراكز نفوذ الاتحاد الوطني، وتحديدا في السليمانية وحلبجة”، منوها إلى أن “تركيا طالبت الاتحاد الوطني أيضا بمنح المكون التركماني في مناطق نفوذه، وبينها مدينة كركوك، حقوقه بالكامل".
وأعلن رئيس دائرة الاتصالات في الخطوط الجوية التركية يحيى أوسطون في 9 تشرين الأول أكتوبر الحالي، استئناف الرحلات الجوية إلى مطار جلال طالباني (السليمانية) قريبا، بمعدل سبع رحلات في الأسبوع، مؤكدا أن القرار يأتي في إطار استعادة الحركة الجوية والاقتصادية مع السليمانية.
يأتي هذا التوجه عقب رسائل تلقاها الاتحاد الوطني من الولايات المتحدة، بضرورة الابتعاد عن المحور الإيراني، والانفتاح على تركيا والدول الخليجية، مثلما يفعل الحزب الديمقراطي، بحسب المصدر.
وشمل قرار المقاطعة التركية لسلطات السليمانية في نيسان أبريل 2023، أمورا أخرى، أبرزها إغلاق مكتب العلاقات التابع للاتحاد الوطني في أنقرة، وسحب الشركات التركية من المحافظة العراقية الشمالية المنضوية ضمن حدود إقليم كردستان العراق.
من جهته، يجد عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، وفا محمد كريم، أن “هناك رغبة أمريكية في توجه الاتحاد الوطني نحو تركيا والدول الأوربية، بدلا من إيران”، مؤكدا أن “قيادة الاتحاد هي من طلبت الوساطة من رئيس الإقليم بموضوع فتح الحظر عن مطار السليمانية".
يذكر أن رئيس إقليم كردستان نجيرفان بارزاني، التقى الخميس الماضي، بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في العاصمة أنقرة، ووزير الخارجية، هاكان فيدان، لتبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية، والعلاقات الوثيقة والاستراتيجية بين العراق وتركيا، وسبل دعم السلام والاستقرار والازدهار في المنطقة.
ويعزو كريم، هذا التوجه أيضا،إلى أن “السليمانية أدركت حجم الخسارة الاقتصادية والسياسية جراء الابتعاد عن تركيا والدول الخليجية، والدول الغربية، وهذا الأمر أثر على اقتصادها، وحركة الإعمار والبناء فيها، بعد مقاطعة الشركات التركية للعمل في المحافظة".
ويلفت إلى أنه “سبق ذلك، وساطة من الحكومة الاتحادية، لكنها فشلت، ولكن عند تدخل رئيس الإقليم نجيرفان بارزاني، وطلبه من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رفع الحظر عن مطار السليمانية، وافق الأخير على الطلب بشكل فوري".
وينوه عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، إلى أن “نائب رئيس حكومة الإقليم، قوباد طالباني (شقيق بافل)، يقود العمل داخل الاتحاد من أجل إعادة تحسين العلاقات بين حزبه وتركيا، ومحاولة الابتعاد عن المحور الإيراني، الذي بات في أوج ضعفه، وأخذ ينهار بشكل تدريجي".
وكان المتحدث باسم الاتحاد الوطني الكردستاني، كاروان كزنيي، أقر بدور نيجيرفان بارزاني في إنهاء الحظر على مطار السليمانية، مشيدا بـ”جهود رئيس الإقليم”، في هذا الإطار، وأن الاتحاد الوطني “يسعى لترسيخ السلام في كردستان والعراق والمنطقة".
في الأثناء، يشير الباحث في الشأن السياسي لطيف الشيخ، إلى أن “هناك عدة ضغوط بدأت تمارس على الاتحاد الوطني، خاصة مع الانهيار والضعف الذي تتعرض له إيران، وانتهاء حرب غزة".
ويوضح الشيخ، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الجميع يتوقع تعرض إيران لضربة عسكرية جديدة، وبالتالي فإن قيادة الاتحاد الوطني قررت الانفتاح على تركيا، والدول الغربية، خاصة وأن رفع الحظر عن مطار السليمانية، يعتبر بوابة الاتحاد نحو أوروبا".
ويتابع أن “الاتحاد الوطني تعرض لضغوط شعبية من مواطني السليمانية أيضا، حيث باتوا يرون حجم التطور في أربيل، وانفتاح العالم من شركات ومنظمات دولية، ورجال أعمال من مختلف الدول، بسبب علاقة الحزب الديمقراطي مع الدول الغربية، بينما السليمانية تتراجع يوميا، كون علاقتها تقتصر على إيران، لذلك قرر الانفتاح على تركيا وإعادة العلاقات معها".
وشهدت العلاقات بين الاتحاد الوطني وتركيا تراجعا وتراشقا في التهم، وصل إلى حد القصف التركي لمناطق مختلفة من السليمانية بينها مطارها الدولي، واتهام حزب الاتحاد ورئيسه بافل طالباني، بتمويل نشاطات حزب العمال، والفصائل والجماعات والحركة المرتبطة به، بينها قوات سوريا الديمقراطية “قسد".
فيما يشير القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني غياث سورجي، إلى أن “رفع الحظر التركي عن مطار السليمانية، ليس له علاقة بضعف العلاقات مع إيران إطلاقا".
ويبين سورجي، أن “العلاقة بين السليمانية وإيران هي علاقة الجوار والجغرافية، والامتداد التأريخي، ولا يمكن أن تنتهي أو تضعف”، ولكنه يستدرك بالقول أن “طموحنا التمتع بعلاقات متميزة مع تركيا، وجميع دول المنطقة".
وبشأن رفع الحظر عن مطار السليمانية، يرى أنه “جاء بعد عملية السلام التي حصلت بين حزب العمال الكردستاني وتركيا، حيث كان عناصر الحزب ينفذون عمليات مسلحة في الداخل التركي ضد القوات الحكومية”، موضحا أنه “لم تبق لتركيا أي حجة لإبقاء الحظر على المطار، بعد إلقاء عناصر حزب العمال للسلاح".
وينفي عضو الاتحاد الوطني “الاتهامات السابقة التي كانت توجهها أنقرة للحزب بالتعاون مع حزب العمال”، منبها إلى أن “عودة الرحلات التركية الجوية إلى السليمانية، فرصة مهمة لعودة العلاقات مع أنقرة، اقتصاديا، وسياسيا، من خلال فتح مكاتب الاتحاد في تركيا، أو عبر فتح قنصلية تركية في السليمانية”.
المصدر: موقع العالم الجديد