الغاز الطبيعي في الإقليم التفاعلات الداخلية والاقليمية والدولية
تقرير : الحصاد الجزء الثاني يأتي اقليم كوردستان في مجال احتياطي الغاز الطبيعي في المرتبة (10) الاوائل على المستوى العالمي، لذلك بإستطاعته اجراء تغييرات في السياسات الاقتصادية وأسواق الطاقة العالمية. تفاعلات وتحديات قطاع الغاز الطبيعي لإقليم كوردستان أولاً : على المستوى الداخلي 1. التحدي الاقتصادي إقليم كوردستان واقعٌ تحت ديون متراكمة تبلغ اكثر من (28) مليار دولار، ديون حكومة الاقليم هذه الناجمة عن نوع من فشل الاقتصاد المستقل أوقعت الإقليم في وضع لم يستطع فيه الاهتمام بقطاع الغاز الطبيعي كما يجب كما لم يستطع الاستثمار في هذا القطاع بالشكل المناسب، ولانجاز هذا فإن الاقليم بحاجة الى جذب شركات ضخمة وعملاقة في مجال قطاع الغاز الطبيعي. 2. منافسة الإتحاد الوطني والحزب الديمقراطي للسيطرة على الطاقة والغاز الطبيعي في اقليم كوردستان كتحدٍ سياسي : لم تكن منافسة الإتحاد الوطني والحزب الديمقراطي منافسة سياسية وإدارية وجغرافية واعلامية فقط في إقليم كوردستان ولن تكون كذلك، بل ان القطاع الاقتصادي وبضمنها قطاع الطاقة، قد شغلت مجالاً واسعاً بينهما، لأن كلاهما قد ايقن تلك الحقيقة "اي طرف يستحوذ على قطاع الطاقة في الاقليم، يسيطر مباشرةً على القطاع الاقتصادي فيه، ومَن يسيطر على القطاع الاقتصادي في الإقليم، فإنه سيسيطر ولو بشكلٍ نسبي على دفة الحكم داخل الإقليم وخارجه". في الفترة الماضية سيطر الحزب الديمقراطي الكوردستاني الى حد كبير على قطاع نفط الإقليم، وبهذا تمكن وحتى مستوً عالٍ من السيطرة على اقتصاد الإقليم وكذلك علاقات الإقليم السياسية والدبلوماسية في الخارج، والإبقاء على مركزه قوياً في الداخل مقارنةً بالقوى الأخرى. لذلك لا يريد الإتحاد الوطني تكرار الخطأ الذي مرَّ عليه في مجال القطاع النفطي، مِن ان يتكرر في استثمار قطاع الغاز في الإقليم ، ويسيطر عليه الحزب الديمقراطي مثلما سيطر على الملف النفطي، لأن معظم احتياطي الغاز في الاقليم، تقع حقوله الكبيرة في حدود المنطقة التي تسمى المنطقة الخضراء. وان الحزب الديمقراطي اقام أقل استثماراته النفطية في هذه المنطقة(الخضراء) واغلب عقوده النفطية تخص الأماكن الواقعة داخل حدود المنطقة الصفراء. 3. الخلافات بين الإقليم والحكومة الفدرالية(الإتحادية) : بإستثمار الغاز الطبيعي في إقليم كوردستان وتصديره خارج سلطة الحكومة الفدرالية تُزيد المشاكل اكثر تعقيداً وصعوبةً، وخصوصاً انها(الحكومة الفدرالية) تعتقد ان تصدير نفط الإقليم وغازه دون الرجوع إليها(الحكومة الفدرالية) امرٌ معاكس للمادة (111) والمادة (112) من الدستور العراقي، لذلك وبسبب القيام بالاستثمار في قطاع الغاز الطبيعي في إقليم كوردستان من دون الحكومة الفدرالية، يحتمل ان تقوم الحكومة الإتحادية بخطوات اكثر تشديداً وخطورة. ثانياً : على المستوى الإقليمي 1. تركيا : تعتبر تركيا البوابة الوحيدة الرئيسية لتصدير الغاز الطبيعي في الاقليم على غرار بيع نفطه عن طريق خط انابيب نفط كوردستان - جيهان التركي. لأن تركيا لديها حدود مشتركة مع إقليم كوردستان بطول (352) كيلومتراً، واتفقت حكومة الإقليم مع تركيا حول بيع غاز كوردستان في عام 2013، ثم وصّت حكومة الاقليم شركة (كَنَل إنرجي) وبشكل عقد انتاج مشترك ان تقوم بتطوير حقول (بنَباوي وميران) وان تنتج فيها الغاز وتنقله الى تركيا. وكان من المقرر ان يكون الامر هكذا في كافة الحقول المنتجة للغاز في كوردستان، لكي ترسل حكومة الإقليم الغاز بنسب كبيرة عن طريق الأنابيب مثلما يفعل في النفط، لكن هذه الخطة لم تنجح لاسباب كامنة وغير واضحة، كما ان اعمال شركة (كَنَل إنرجي) قد اوقفت في كلا الحقلين. 2. إيران : ان تطوير قطاع الغاز في الاقليم والمتاجرة به مع تركيا سيكون تحدياً كبيراً لإيران وسيضر قطاع الغاز الطبيعي فيها، وذلك لأن : أ. اقليم كوردستان سيكون بديلاً لإيران في بيع الغاز الطبيعي لتركيا، لأن الكلفة ستكون اقل لتركيا. ب. ان الغاز الطبيعي في إقليم كوردستان اقل كلفة ليس لتركيا وحسب بل لأوروبا كذلك، وبهذا يصبح غاز إقليم كوردستان منافساً بارزاً لقطاع الغاز الطبيعي في إيران، وبدورها فإن إيران ترى وتعتبر هذا الامر بمثابة تهديد على اقتصادها الواقع حالياً تحت وطأة حصار وضغط شديد. ج. ان حقول الغاز في إقليم كوردستان هي الاقرب جغرافياً لتركيا وأوروبا مستقبلاً، وبهذا تقل كلفة النقل وتزيد من سرعته، ويمكن ان يكون حمايته أسهل من الناحية الأمنية مقارنةً بما لدى ايران. د. ان غاز إقليم كوردستان لن يصبح بديلاً للغاز الايراني لتركيا وأوروبا فقط، بل بمقدوره ان يغطي كافة الاحتياجات الداخلية العراقية للصناعات ولانتاج الطاقة الكهربائية، وإن العراق يشتري الغاز والكهرباء من ايران حالياً. ثالثاً : على المستوى الدولي 1. روسيا : دخلت روسيا سوق الطاقة في اقليم كوردستان في الشهر الثامن من عام 2012 عن طريق شركتَي (لوك أويل وغاز بروم) بعد ابرام عقدين لحفر وانتاج النفط في حقول كَرميان وحلبجة. في الاول من حزيران عام 2017 واثناء (منتدى سانت بيترسبورغ الاقتصادي العالمي)، ابرمت حكومة إقليم كوردستان مع شركة روز نفط الروسية عقداً لمدة (20) عاماً للتعاون في مجال البحث والتنقيب واستثمار الموارد الهايدروكربونية، وتم توسيع العقد في شهر تشرين الاول من نفس العام ليشمل التعاون في مد خط انابيب لنقل الغاز الطبيعي وقادر على نقل (30) مليار متر مكعب من الغاز سنوياً ويُنقَل ويُصَدَرعن طريقه الغاز الطبيعي لاقليم كوردستان إلى الاسواق العالمية. في الثامن من شهر اكتوبر عام 2017 وافق وزير الطاقة الروسي (الكسندر نوفاك) على ربط خط النفط والغاز لاقليم كوردستان بالبحر الاسود، وفي 19 أكتوبر من 2017 وبعد ثلاثة ايام فقط من احداث 16 اكتوبر و (هجوم الحكومة العراقية على المناطق المتنازع عليها) قامت روسيا بشراء نسبة (60%) من ملكية خط انابيب نفط كوردستان- جيهان بقيمة (8 مليارات و 100 مليون) دولار، فضلاً عن هذا منحت شركة روز نفط الروسية قرضاً بقيمة (ملياران و 100 مليون) دولار لإقليم كوردستان. 2. الولايات المتحدة الامريكية للشركات الامريكية الكبرى من امثال (أكسون موبيل وشيفرون) دور مهم في قطاع الطاقة العراقي بشكل عام وإقليم بشكل خاص، ففي شهر اكتوبر من عام 2011 وقَّعت شركة اكسون موبيل اول عقد مع حكومة الاقليم بخصوص الحفر واستخراج النفط، وشملت عمليات البحث والتنقيب ست مناطق في إقليم كوردستان هن (القوش، بعشيقة، بيرمام، بيتواتة، شرق عربت، وقَرةهَنجير)، في حين تقع جزء من هذه المناطق في حدود المناطق المتنازع عليها. رغماً عن ذلك تنظر امريكا بالتعاون مع الإتحاد الأوروبي الى دعم ومساندة قطاع غاز الإقليم وتصدير غازه الى أوروبا للضغط على روسيا ومنافسة الغاز الروسي، من خلال إشراك إقليم كوردستان في مشروع خط (الناب) وهو مشروع لنصب خط انابيب وتصدير الغاز عن طريق أناضول التركية، وتمت المباشرة بتنفيذ هذا المشروع في 17 تشرين الثاني عام 2011، والذي يربط البحر الاسود بالبحر المتوسط.
Read moreقدرة قطاع الغاز الطبيعي لإقليم كوردستان
تقرير : الحصاد الجزء الأول لدى إقليم كوردستان مخزون واحتياطي هائل جداً من الغاز الطبيعي بحيث اذا تم تطويره بشكل صحيح من ومنظم دون التورط في الفساد ولا يُصيبه ما اصاب ملف النفط، حينئذ يكون بمقدوره لوحده تغطية وتأمين كافة الاحتياجات الاقتصادية لإقليم كوردستان وبضمنها رواتب الموظفين، دون الحاجة الى حصته من الميزانية الاتحادية او اية مصادر اخرى للواردات. أهمية الغاز الطبيعي في العالم الغاز الطبيعي اهمية خاصة للدول عموماً والدول الصناعية خصوصاً، لأن للغاز الطبيعي مجموعة من الخصائص المهمة واصبح من الاحتياجات اليومية للانسان. فضلاً عن دورها الكبير في الصناعات البتروكيماوية، وعلى العكس من النفط والفحم، فإن الغاز لا ينتج عنه اي مخلفات ويُبقي على البيئة والطبيعة نظيفةً، وانه مصدر مهم لتوليد الطاقة الكهربائية، وتحاول الدول المنتجة للسيارات ان يجعلوا منه بديلاً للبنزين (بشكل مباشر او غير مباشر عن طريق السيارات الكهربائية)، ورغماً عن هذا كله فقد اصبح الغاز حاجة رئيسية للمنازل والبيوت للتدفئة والطبخ والعديد من الامور الاخرى. إحتياطي الغاز الطبيعي في اقليم كوردستان رغماً عن ان غاز إقليم كوردستان لا يقل اهمية من النفط إلا ان حكومة إقليم كوردستان لم تتمكن او لم تُرِد ان تُطَوِرَ قطاع الغاز، في حين تشير بعض المصادر الى أن اقليم كوردستان يمتلك نسبة (3%) من احتياطي الغاز في العالم والمقدر بـ(100-200) ترليون قَدَم مكعب ما يساوي (2.8 الى 5.7) ترليون متر مكعب، ويقع الجزء الاكبر من هذه الكمية في وسط وجنوب إقليم كوردستان، واكبر واشهَر حقول الغاز هما حَقول (خورمَلة) و(كورمور) الغازي. توجد إحصائيات مختلفة تثبت حقيقة أن اقليم كوردستان يمتلك هذه الكمية الوافرة من الغاز، بحسب بحث مُعَد من معهد أوكسفورد لابحاث الطاقة والمنشور في شهر كانون الثاني من عام 2016، وأشار الى حجم الغاز وقسم من حقول الغاز الطبيعي في اقليم كوردستان. وتزامن بحث لهيئة المسح الجيولوجي الامريكي يفيد ان اقليم كوردستان يمتلك اكثر من (60) ترليون متر مكعب من الغاز الطبيعي. كما اعلن (توني هيوارد) رئيس شركة كَنَل إنرجي التركية في عام 2015، يمكن تقدير ان اقليم كوردستان يمتلك (5) ترليونات متر مكعب من الغاز الطبيعي ما يساوي قرابة (177) ترليون قَدَم مكعب. نسبة احتياطي الغاز الطبيعي الموجودة في اقليم كوردستان اكثر من النسبة التي لدى الدول الكبيرة المنتجة للغاز والتي تؤَمن الغاز للاتحاد الأوروبي، مثلاً لدى (النرويج 61، ليبيا 51، آذربيجان 47، هولندا 23) ترليون قَدَم مكعب من احتياطي الغاز وفقاً لمعلومات عام 2017. وبحسب معلومات شركة دانة غاز الاماراتية في العام 2015، ان احتياطي الغاز الطبيعي في حقول (كورمور وجمجمال) تخمن بـ(75) ترليون قَدَم مكعب. اما بحسب (تقارير الطاقة الامريكية) تبلغ الاحتياطي المثبت للغاز الطبيعي لإقليم كوردستان العراق (25) ترليون قَدَم مكعب، والاحتياطي الغير مثبت للغاز الطبيعي يُخمن بـ(200) ترليون قَدَم مكعب. و وفقاً لتخمينات منظمة الطاقة العالمية (IEA)، فإن إقليم كوردستان بمقدوره تطوير انتاجه في قطاع الغاز الطبيعي حتى عام 2035 لتصل الى حجم (29) مليار متر مكعب سنوياً، وان يرفع سقف قدرته بنسبة (14%) لتبلغ (4) مليارات متر مكعب سنوياً. بالاستناد الى أن اقليم كوردستان يمتلك مخزوناً هائلاً من الغاز الطبيعي مع النفط، ويخمن احتياطي النفط الموجود في إقليم كوردستان بـ(45) مليار برميل، واحتياطي الغاز الطبيعي يخمن بـ(5.7) متر مكعب، ويعتبر هذا مصدراً مهماً ولافتاً للنظر في قطاعَي التجارة والاستثمار وجذب الشركات الاجنبية. أهمية الغاز الطبيعي في اقليم كوردستان تأسس (مشروع غاز كوردستان) عام 2007، حينما عقدت حكومة اقليم كوردستان عقداً مع شركتَي (دانة غاز وكريشنا بتروليوم) معاً لمنح حق التسعيرة، تطوير، انتاج، تسويق وبيع الهايدروكاربونات في حقلَي (جمجمال وكورمور) وذلك في اطار شركة (بيرل بتروليوم). وبحسب التقارير فإن كمية الاحتياطي الموجود في كلا الحقلَين هي كالآتي : (4.4) ترليون قَدَم من الغاز الطبيعي (136) مليون برميل من كونسينديت (13.3) مليون طن من الغاز السائل(الغاز المستعمل في البيوتوالمنازل) (18) مليون برميل من النفط وأسست دانة غاز وكريسنت بتروليوم (180) كيلومتراً من الانابيب الناقلة من كورمور الى اربيل، وباشروا ببيع انتاج الغاز من تلكما الحقلَين الى حكومة اقليم كوردستان، واستخدمتها حكومة الاقليم بدورها لانتاج الطاقة الكهربائية ومستمرة في ذلك الى الآن. اي ان انتاج هذا الغاز كان للاستهلاك المحلي فقط. وحالياً فإن خطأً من الأنابيب بطول (176) كيلومتراً قيد التأسيس لنقل الغاز من حقل كورمور الى المحطات الكهربائية في اربيل والسليمانية والى خورمَلة. كما ان خطاً من الأنابيب الناقلة بطول (50) كيلومتراً من حقل سيميل الى محطة كهرباء دهوك قد انتهى تأسيسه ومستمر بنقل الغاز الى محطة كهرباء دهوك منذ بداية 2014 وهذه المحطة كانت تعمل بالكازوايل سابقاً. كان مقرراً ان تباشر حكومة اقليم كوردستان عام 2020 بتصدير الغاز إلى تركيا بحجم (10) مليار متر مكعب سنوياً عن طريق خط انابيب الغاز الطبيعي لاقليم كوردستان، لكن هذه العملية لم تبدأ حتى الآن. إذا تمكن إقليم كوردستان من تنفيذ هذه الإستراتيجية، فسيكون باستطاعة الاقليم تصدير كمية (30) مليون متر مكعب من الغاز الى تركيا وأوروبا كحدٍ ادنى يومياً، وإذا باع الاقليم متراً مكعباً من الغاز بسعر دولارين( والسعر اكثر من هذا المبلغ حالياً)، فستكون واردات الإقليم (60) مليون دولار لليوم الواحد، وشهرياً تبلغ واردته (1.8) مليار دولار. والكمية التي عثرت عليها حتى الآن تكفي لقرنين قادمين اي لـ(200) سنة المقبلة.
Read moreعقبات انعكاس العلاقات الخارجية على الاقتصاد العراقي
الحصاد draw: حامد عبد الحسين الجبوري - مركز الفرات تسعى أغلب الدول، سواء كانت متقدمة أو نامية، لبناء علاقات خارجية متينة مع دول اقليمية أو دولية، لاعتبارها النافذة التي تمكن الدول من تحقيق أهدافها الخارجية أو الداخلية أو كلاهما معاً. اختلاف أهداف العلاقات الخارجية ونظراً لتجاوز الدول المتقدمة أو على الأقل إنها قطعت شوطاً كبيراً في تحقيق الأهداف الداخلية، فهي تسعى في الغالب لوضع أهداف خارجية كعولمة ثقافتها أو محاربة الإرهاب وتعمل على تحقيقها من خلال بناء علاقات خارجية مع الدول التي تصب في مصلحتها وتحقيق تلك الأهداف. فعلى سبيل المثال سعت أمريكا ولا تزال في بناء علاقات خارجية مع كثير من دول العالم-دول أوربية، دول أسيوية، دول شرق أوسطية-من أجل عولمة ثقافتها السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو من أجل محاربة الإرهاب لضمان سلامة مصالحها الإستراتيجية في تلك الدول. في حين لم يكن الأمر كذلك بالنسبة للدول النامية، فهي لا تزال تعاني من التواضع في تحقيق الأهداف الداخلية، ولا يتسنى لها وضع أهداف خارجية وبناء علاقات لتحقيقها، لان الأولى بها أن تعمل على بناء علاقات خارجية من أجل تحقيق الأهداف الداخلية التي لا تزال متواضعة كالأمن والاقتصاد والخدمات. عقبات انعكاس العلاقات الخارجية على الداخل وما سعي الحكومات العراقية بعد عام 2003 باتجاه العلاقات الخارجية الإقليمية والدولية إلا لتحقيق الاستقرار الأمني وتحسين الاقتصاد وتقديم الخدمات، ولكن أغلب الجولات الخارجية لم تنعكس على الوضع الداخلي العراقي بشكل ملموس. بمعنى إن هناك عقبات كانت تحول دون انعكاس العلاقات الخارجية التي تقوم بها الحكومة العراقية على الوضع الداخلي، وهي عقبات مترابطة فيما بينها ومن أبرزها هي غياب الاستقلال وضعف الاستقرار، إذ لا استقرار بلا استقلال. حيث اتجه العراق نحو نافذة العلاقات الخارجية بعد 2003 وبالخصوص في زمن حكومة العبادي بعد تحرير الموصل من تنظيم داعش الإرهابي الذي أسقطها في نهاية حكومة المالكي، كان ذلك الاتجاه بمثابة دعوة تلك الدول للوقف لجانب العراق ودعمه لمحاربة الإرهاب وإعادة الأعمار. ثم جاءت حكومة الكاظمي وسارت على نفس الوتيرة، لتكمل ما انتهت إليه حكومة العبادي، رغم إن الأولوية التي جاءت من أجلها هي تهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات، ومع هذه الأولوية عملت على فتح نافذة العلاقات الخارجية وزارت العديد من الدول كان آخرها السعودية والإمارات وزيادة عدد الاتفاقيات مع الدول في مجالات مختلفة وعلى رأسها المجال الاقتصادي، من أجل دعم الاقتصاد العراقي وتحسين الأوضاع الداخلية. اختلاف أولويات الحكومات المتعاقبة بشأن العلاقات الخارجية وبالتأكيد، ثمة اختلاف ما بشأن الهدف من فتح نافذة العلاقات الخارجية ما بين الحكومتين، حيث ركزت حكومة العبادي على العلاقات الخارجية من أجل محاربة الإرهاب وإعادة الأعمار، في حين ركزت حكومي الكاظمي على دعم الاقتصاد وتحسين الأوضاع الداخلية من خلال زيارة الدول ودعوتها للاستثمار في العراق. يبدو إن مسيرة الحكومتين كانتا تسيران بنفس الرؤية وبنفس الاتجاه، ونظراً لاختلاف الأحداث على أرض الواقع وما ينبغي على الحكومة أن تتخذه، أصبح لكل حكومة أولويات تختلف عن الأخرى وذلك بما ينسجم مع الحدث الذي وقع، فكانت أولوية حكومة العبادي هي محاربة الإرهاب بالدرجة الأولى وإعادة الأعمار وأولوية حكومة الكاظمي هي دعم الاقتصاد وتحسين الأوضاع الداخلية. التقييم ومن حيث التقييم، يمكن القول، إن حكومة العبادي نجحت في محاربة الإرهاب رغم الوضع المتهالك مالياً واقتصادياً الذي ورثه من حكومة المالكي. تحقق ذلك النجاح بفعل تكاتف الجهود الداخلية من مرجعية وشعب من جانب واستثمار العلاقات الخارجية من جانب آخر. وبالتأكيد إن الدول التي استجابة لحكومة العبادي في محاربة الإرهاب كانت هي أيضاً راغبة وبشكل كبير في محاربة الإرهاب لحماية مصالحها في العراق من جانب وتحقيق الأمن والسلم الدوليين من جانب ثانٍ لان تحقيقهما يعني ضمان حماية بلدانها من انتقال الإرهاب لها. أما على مستوى إعادة الأعمار، فكانت النتائج متواضعة، إذ بلغ حجم التعهدات التي تعهد بها المشاركون في مؤتمر الكويت لإعادة أعمار العراق 30 مليار دولار في عام 2018 في حين كان المطلوب هو88 مليار دولار حسب وزارة التخطيط للإيفاء بإعادة أعمار المناطق المتضررة سواء بفعل الإرهاب أو بفعل عمليات التحرير. يمكن إيعاز انخفاض حجم المشاركة في إعادة أعمار المناطق المتضررة للعقبات التي تم ذكرها آنفاً وهي غياب الاستقلال وضعف الاستقرار، إذ ترى كثير من الدول إن القرار العراقي لا يزال يخضع للإرادة الخارجية، إضافة لضعف سلطة إنفاذ القانون وانتشار السلاح خارج القانون، لذا يرى البعض، أن الالتفاف على إعادة الأعمار أو تسويفها أو سوء إدارتها بالشكل الأمثل هو التحليل الأكثر واقعيةً، فكانت المشاركة متواضعة. أما بالنسبة لحكومة الكاظمي فقد عملت على الورقة الاقتصادية في العلاقات الخارجية الإقليمية والدولية من خلال زيارة أمريكا وطهران وتركيا الأردن والسعودية والإمارات، وإجراء العديد من الاتفاقات الاقتصادية معها، وأبرزها اتفاقية الربط الكهربائي مع الأردن ومصر والسعودية، وإنشاء صندوق عراقي سعودي مشترك، يقدر رأس ماله بثلاثة مليارات دولار، وكذلك أعلنت دولة الإمارات عن استثمارها مبلغ ثلاثة مليارات دولار في العراق وغيرها الكثير من الاتفاقات. لا تقييم بلا وقت كافي ولا يمكن تقييم أداء الحكومة الحالية بشكل دقيق في الوقت الحاضر في مدى قدرة الحكومة على تذليل العقبات وتحييد أثارها وجعل العلاقات الخارجية تنعكس بشكل ايجابي ومباشر على واقع الاقتصاد العراقي ما لم يتم إعطاء الوقت الكافي لظهور النتائج ومن ثم اتخاذ قرار بشأن التقييم ما إذا كانت جيدة أم لا؟ ولذا يبقى السؤال المطروح، هل ستنجح حكومة الكاظمي في ترجمة تلك الاتفاقات على ارض الواقع العراقي وبما يخدم الاقتصاد العراقي؟ إذا ما استطاعت حكومة السيد الكاظمي تذليل تلك العقبات والعمل على جعل القرار العراقي مستقل بعيداً عن الاملاءات الخارجية والعمل وفق مبادئ التعاون والمصالح المشتركة من جانب، واستطاعت أن تعمل، أيضاً؛ على تقوية سلطة إنفاذ القانون وحصر السلاح بيد الدولة الذي من شأنه تحقيق الاستقرار من جانب ثانٍ، كلا الأمرين سيكونان كفيلان بانعكاس العلاقات الخارجية إيجابياً على الاقتصاد العراقي والعكس صحيح. وتبدو بعض المؤشرات إن حكومة الكاظمي تسير إلى حد ما بالشكل المطلوب داخلياً وخارجياً سياسياً واقتصادياً، سينعكس هذا السير بشكل ملموس على ارض الواقع إن عاجلاً أو آجلاً ومع ذلك سيبقى هذا السير محفوفاً بالمخاطر، مما يتطلب الحذر دائماً لأي محاولات تريد الانزلاق به نحو الهاوية.
Read moreأكراد إيران ... احتفوا بالثورة ضد الشاه وأنكرهم النظام الجديد
الحصاد DRAW: independent - ظلت كردستان إيران (غرب البلاد) مسرحاً لعمليات القمع طيلة السنوات الـ41 السابقة، أي منذ إعلان تأسيس نظام "الجمهورية الإسلامية في إيران"، رغم أنهم انخرطوا في الثورة ضد الشاه ودخلوا في مفاوضات مع النظام الجديد للحصول على حقوقهم القومية. ومع سيطرة الخميني على مفاصل البلاد مطلع الثمانينيات - حينما طالب عبر الإذاعة الرسمية الجيش بالتوجه نحو سنندج (عاصمة المحافظة الـ31) لقمع من وصفهم بالأشرار- حتى يومنا هذا، ما زال مسلسل مواجهة النشطاء الأكراد مستمر. ويعاني الإقليم أيضاً من أعلى نسبة بطالة بين الإيرانيين وفق الإحصائيات الرسمية، ويحرم الأكراد من تعلم اللغة الكردية على الرغم مما ينص عليه الدستور الإيراني في المادتين 15 و19. مقاتلون أكراد من أعضاء الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني في نقطة حدودية بين إيران والعراق (غيتي) "اندبندنت عربية" حاورت مصطفى هجري، المسؤول التنفيذي للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، للإجابة على تساؤلات عدة ولتفسير عدد من القضايا الملحة في مقدمتها رؤيته للمشهد الأمني في الإقليم ومستقبل الأحزاب الكردية في مواجهة النظام الإيراني، فضلاً عن وضع كورونا داخل إيران وتطلعاتهم مع إدارة أميركية جديدة برئاسة جو بايدن. قمع بدايات الثورة في البداية، كان هناك توصيف من هجري للفرق بين ما وصفه بـ "القمع" الذي شهده الأكراد منذ بداية الثورة الإيرانية والمواجهات التي يشهدونها في الوقت الراهن، قائلاً، "بعد أوامر الخميني، غزا عشرات الآلاف من القوات القمعية للنظام وعدد كبير من المتطرفين الدينيين التابعين للخميني كردستان وقتلوا مئات الأكراد العزل. منذ ذلك الحين، استمر الهجوم بأشكال مختلفة، باستثناء أنه في السنوات الأخيرة لم يتمّ قتل الشعب الكردي في شكل غزو ظاهر أولي ولكن بأبعاد أكثر خطورة وتدميراً." وتقول السلطات الإيرانية إن عملياتها في كردستان بالتزامن مع انتصار الثورة كانت لإخماد تمرد انفصالي في الإقليم الواقع على الحدود مع العراق وتنفي وقوع مجازر فيه. التهمة "محاربة الله" وأضاف، "ويمكن أن نعطي أمثلة على ما يمكن وصفه بفقر وبؤس شعب كوردستان في ظل نظام الجمهورية الإسلامية والشكل الجديد للعدوان المستمر الذي قدمته سياسات النظام لأهالي تلك المنطقة، ففي عام 2018، بلغ عدد السجناء السياسيين من الأكراد نحو 467 سجيناً كردياً من إجمالي 1152 سجيناً سياسياً، 93 سجيناً كردياً اتهموا بمحاربة الله وأعدم 63 منهم". إن تهمة "محاربة الله" بحسب ما يصفها القضاء الإيراني هي عقوبة لمن يقاتلون الله في تعريف نظام الجمهورية الإسلامية ويعاقب مرتكبها بالإعدام، لكن التقارير الحقوقية تتحدث أن ما تصفه إيران "بمحاربة الله" هي تهمة تستخدمها طهران لدغدغة المشاعر الدينية بهدف القضاء على كل من يعارضها. خيرات كردستان إيران تقع كردستان غرب إيران وتبلغ مساحتها 28 ألفاً و200 كليومتر مربع، وتمتلك غطاء نباتياً متنوعاً وينابيع كثيرة جارية في مدن المحافظة الغربية والتي تفصلها كيلومترات عدة مع العراق، ونشّطت إيران السياحة الداخلية والخارجية هناك خلال السنوات الماضية. لكن على عكس الصورة التي ترسمها إيران عبر وسائل الإعلام الرسمية عن سحر كردستان وروتين الحياة الطبيعية، يقول هجري، "يتم استخراج الموارد الوفيرة بما في ذلك النفط والذهب والأحجار الكريمة، من قبل عملاء النظام، ويتم إرسالها إلى طهران ومدن أخرى خارج كردستان لتصنيعها، وحتى السكان الأصليين لا يُسمح لهم بالعمل في المناجم كعمال، فضلاً عن استغلال المياه الوفيرة في كردستان عن طريق الأنفاق والقنوات الطويلة لاستخدامها خارج كردستان، في حين أن أجزاء من الأراضي الزراعية لا تُزرع بسبب نقص المياه، وفي كثير من مدن كردستان يعاني الناس من نقص في مياه الشرب". وتابع، "عشرات الآلاف من الهكتارات من الأراضي الزراعية في المناطق الحدودية لكردستان، احتلها الجيش ولغمت خلال حرب الثماني سنوات بين إيران والعراق، ما أدى إلى مقتل عشرات الأشخاص في هذه المناطق سنوياً. يقتل المزارعون ومربو الماشية أو يشوهون بسبب الألغام الأرضية". المعارضة داخل الإقليم سألنا هجري عن وضع المعارضة داخل الإقليم، فأجاب، "على الرغم من كل العواقب المؤسفة لسياسات النظام في كردستان، لم يغادر كردستان سوى قيادات المعارضة الكردية البارزة، لكن أعضاء وأنصار أحزاب المعارضة، خصوصاً الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، موجودون داخل كردستان. لديهم حضور فاعل ويقاومون سياسات النظام المناهضة للشعب، وهذه المقاومة ثابتة ومنظمة وشجاعة للغاية، وبعض السياسات القمعية القاسية للنظام ضد الشعب الكردي تعود إلى مقاومة الشعب الذي يقف بعناد ضد اضطهاد النظام ولا يستسلم له". الدستور الإيراني وحقوق الأقليات تنص المادة 15 من الدستور الإيراني على أن "اللغة والكتابة الرسمية والمشتركة لشعب إيران هي الفارسية. ويجب أن تكون الوثائق والمراسلات والنصوص الرسمية والكتب الدراسية بهذه اللغة والكتابة، ولكن يجوز استعمال اللغات المحلية والقومية الأخرى في مجال الصحافة ووسائل الإعلام العامة، وتدريس آدابها في المدارس إلى جانب اللغة الفارسية"، لكن المسؤول التنفيذي للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني نفى تطبيق مواد الدستور ما انعكس على حقوق الأكراد بقوله، "لم يتم تطبيق المادتين 15 و19 من الدستور بشأن التعليم باللغة الأم في المدارس، وبعد أربعة عقود من الجمهورية الإسلامية، لا يزال التعليم في المدارس إلزامياً باللغة الفارسية". كما تنص المادة 19 من الدستور الإيراني على أن "يتمتع أفراد الشعب الإيراني، من أية قومية أو قبيلة كانوا، بالمساواة في الحقوق، ولا يمنح اللون أو العنصر أو اللغة أو ما شابه ذلك أي امتياز". أما عن المساواة وحقوقهم في الداخل الإيراني فأشار إلى أنه "وفقاً للإحصاءات الإيرانية الرسمية، فإن إقليم كردستان لديه أعلى معدل بطالة. وفي عام 2019 أعلن محافظ سنندج أن نسبة البطالة في هذه المحافظة بلغت 28 في المئة، لكن أحد ممثلي المحافظة في مجلس الشورى الإسلامي أعلن أن نسبة البطالة بلغت 45 في المئة، لكن الجمهورية الإسلامية لا تقدم إحصائيات دقيقة، وعادة ما تكون الإحصائيات في هذه الحالات أعلى بكثير من الإحصائيات المعلنة من قبل النظام"، إلا أنه أضاف، "يجب النظر إلى أسباب سوء الوضع في كردستان والسبب وراء انتهاج هذه السياسات بحق سكان الإقليم، واعتقد أنه من جملة تلك الأسباب هو أن جزء كبيراً من شعب كردستان من أتباع "المذهب السني، ولا يعتبرهم النظام الإيراني مسلمين"، ونحن نتعرض "للقمع والتمييز" مثل الأقليات غير المسلمة وغير الشيعية داخل إيران، ويرجع ذلك جزئياً إلى مقاومة الشعب الكردي الملحوظة لقمع النظام ورفضهم الانصياع لسياسات الجمهورية الإسلامية". وتابع، "نتيجة هذا الوضع وعدم وجود فرص عمل في محافظات كردستان، فإن الفقر في هذه المناطق في أعلى مستوياته مقارنة بمناطق أخرى في إيران، بينما نسبة الانتحار في محافظة إيلام، إحدى محافظات كردستان، هي الأعلى في كل أنحاء إيران". العلاقات الإيرانية - العراقية ويفرض سؤال نفسه في حوارنا مع هجري وهو، هل العلاقة بين حكومتي إيران والعراق من أهم عوامل الحرية النسبية أو القمع الشديد بالنسبة للفصائل الكردية؟ ولماذا؟ فقال، "بعد حكم صدام حسين وتشكيل إقليم كردستان العراق في البلاد، ازداد قلق النظام الإيراني من الأكراد، قلق النظام من أن يقاتل الأكراد الإيرانيين تحت تأثير حكومة إقليم كردستان العراق. بالتالي يصبحون أكثر قوة ويتمكن أكراد إيران من إقامة حكومة محلية لأنفسهم في كردستان إيران"، إلا أنه أضاف، "هذا القلق هو أحد أسباب تصاعد العنف ضد الشعب الكردي في إيران وعزلته، ومع هذا الوضع المؤلم، أصبح الأكراد لا يفكرون إلا في الخبز وليس الحرية وإقامة حكومة". ويرى هجري أن إيران من خلال نفوذها في العراق وتوسيع سياساتها المعادية للأكراد في كردستان العراق، خلقت الكثير من الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية لكردستان العراق، مشيراً إلى أن الضغط الذي تمارسه حكومة بغداد في الوقت الحالي على حكومة إقليم كردستان العراق يرجع إلى نفوذ النظام الإيراني وتدخله في حكومة بغداد وبرلمانها، وكذلك الميليشيات العراقية الخاضعة لقيادة إيران، إلا أنه أكد أن إيران تعتبر منح أي حقوق سياسية للإيرانيين من غير الفرس هو بداية تفكيك إيران، لذلك هي ترد بقوة على ذلك. مستقبل الأحزاب الكردستانية في المقابل، هل هناك أي محاولة لتوحيد الخطاب الكردي في إيران والتوصل إلى اتفاق بين الأحزاب الكردية هناك؟، أجاب، "اتحدت الأحزاب الكردية الأربعة المعروفة تحت مظلة واحدة، وهي مركز التعاون والتنسيق المشترك بين قوى المعارضة الكردية الرئيسة، وذلك قبل سنوات، وتوحدت الأهداف ضد النظام الإيراني، ويواصل المركز برامجه بشكل منسق، يتمثل كفاح المركز في إقامة إيران ديمقراطية وفيدرالية تكون فيها لكل القوميات التي تعيش في إيران حكومة داخلية خاصة بها، ووفقاً للقانون، يكونون شركاء في إدارة إيران على نطاقهم الخاص". حرية الصحافة منذ قيام النظام الإيراني تحدثت تقارير حقوقية وإعلامية متعددة عن قمع طهران للصحافيين وغلق العديد من الصحف، ومع مطلع ديسمبر (كانون الأول) نهاية عام 2020، تم سجن 15 صحافياً في إيران، وفي منتصف ديسمبر 2020، أعدمت الحكومة الإيرانية روح الله زم وهو أحد الصحافيين الذي اتهمتهم بالتجسس ونشر الأكاذيب وإهانة مقدسات الإسلام. لكن كيف يتابع المسؤول التنفيذي للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني تعامل إيران مع الصحافة والصحافيين؟ يجيب هجري، "يشعر النظام الإيراني بقلق بالغ إزاء الانعكاس الحقيقي والصحيح لما يحدث في هذه الحكومة وهذا البلد. لهذا السبب يقوم دائماً بترتيب الأحداث والإحصائيات وتقديمها كما يشاء وليس كما هي". وتابع، "بالتالي، فإن النظام الإيراني "يقمع" بشدة حرية التعبير بشكل عام وكذلك "يقمع" الصحافيين الذين يقدمون معلومات دقيقة، والصحافيون الذين يتصرفون بشكل مخالف لسياسات النظام يحكم عليهم بمثل هذه الجرائم الخطيرة في محاكمه الخاصة، ليس هذا فقط، فقد كانت نتيجة سياسة النظام في هذا الصدد غلق صحيفة آزادي (الحرية) داخل إيران، كما يتعرض أهالي الصحافيين الإيرانيين الموجودين خارج البلاد للتهديد والمضايقات، وإذا تمكنوا من الوصول إليهم، يتم إعدامهم أو الحكم عليهم بالسجن لمدة طويلة، وكان زم أحد هؤلاء الصحافيين الذين وقعوا في فخ النظام الإيراني وأعدموا". جو بايدن والأكراد وأسفرت نتائج الانتخابات الأميركية عن فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن ليتم تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة، وسألنا هجري عما ينتظره الشعب الكردي من الرئيس الأميركي الجديد؟ فأجاب، "الشعب الكردي الإيراني مثل جميع الإيرانيين يتطلع للحرية من أيدي النظام الإيراني، مستمرون في نضالهم ويرغبون في إقامة حكومة ديمقراطية يمكن للناس أن يعيشوا أحراراً في ظلالها، وكذلك يريدون إنفاق دخل وخيرات البلاد على رفاهيتهم وازدهارهم وليس على جيوب الجماعات الإرهابية حول العالم". الانتخابات الإيرانية وفي ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة والتي تنطلق في يونيو (حزيران) من عام 2021 قال هجري، "الشعب الكردي ومعظم الشعب الإيراني غير مهتمين بالانتخابات الرئاسية وبقية الانتخابات داخل إيران، وعلى مدى العقود الأربعة الماضية شاهد الناس بشكل متكرر ما يسمى بسيناريوهات الانتخابات، الانتخابات الأخيرة أوضحت للجميع أن مشاركتهم في الانتخابات ليس لها تأثير في النتيجة". واستطرد، "قوانين الانتخابات في الجمهورية الإسلامية تنظم بطريقة تجعل من يذهبون إلى صناديق الاقتراع ممثلين منتخبين للنظام وليس الشعب، ولهذا السبب فإن عدد المشاركين في ما يسمى بانتخابات النظام يتناقص يوماً بعد يوم، ولهذه الأسباب، لا نتوقع شيئاً جيداً من هؤلاء الممثلين لأنهم لا يمثلون الشعب". كورونا في إيران وحول الوضع الوبائي في إيران في ظل انتشار فيروس كورونا وإعلان إيران عن وصول السلالة الجديدة إلى أراضيها، وأنها قد تتسبب في أضرار جسيمة، أوضح هجري أن النظام الصحي في إيران من أكثر النظم الصحية عجزاً في العالم، وقال، "ظهر هذا العجز والضعف بشكل كبير خلال الموجة الأولى من فيروس كورونا، بالطبع هذا أمر طبيعي داخل إيران، كما لم يقدم المسؤولون الحكوميون ووسائل الإعلام الرسمية حتى الآن معلومات دقيقة حول ما حدث للناس من جراء كورونا، معظم نصائحهم للناس هي أخذ الدواء التقليدي وزيارة الأضرحة والدعاء"، مضيفاً، "في إيران، أصبحت كل الأمور المتعلقة بالصحة والعلاج والتعليم، وحتى الحياة الخاصة للناس أيديولوجية، أيديولوجية الإسلام الفقهي الشيعي، يتم النظر إلى كل البرامج الحكومية من منظور تصدير الثورة الإسلامية إلى الدول الأخرى، والنتيجة هي إيران الحالية بكل ثروتها الباطنية والسطحية، يعيش فيها معظم الناس تحت خط الفقر ويكافحون عشرات الأمراض الجسدية والعقلية والاكتئاب والأمراض الاجتماعية". يذكر أن وزارة الصحة الإيرانية تعقد مؤتمرات صحافية بشكل دوري لبيان عدد الإصابات بفيروس كورونا والإجراءات التي تتخذها في هذا الشأن، لكن المعارضين يشككون في الأرقام التي تعلنها السلطات بشأن الإصابات وضحايا كورونا. عمرو أحمد صحافي وباحث
Read moreقضية حمزة: سياق الأزمة الملكية الأردنية وتداعياتها
الحصاد DRAW: غيث العمري, روبرت ساتلوف - معهد واشنطن يبدو أن الأزمة في الأردن قد انتهت في الوقت الحالي، لكن الخلاف العلني المذهل في صفوف العائلة الهاشمية هو بمثابة تذكير بأن استقرار الأردن يحتاج إلى رعاية وليس شيئاً يجب أن يعتبره أصدقاء واشنطن أو عمّان في المنطقة أمراً مفروغاً منه. الأنباء التي جاءت من عمّان - حيث تعهد ولي العهد السابق حمزة بن حسين في نهاية المطاف بالولاء لأخيه غير الشقيق الملك عبدالله الثاني بعد وضع الأمير في مركز شائعات عن [احتمال حدوث] انقلاب، واعتقال مسؤولين كبار سابقين آخرين - تشكل أمراً غير مألوف للغاية في هذه المملكة الشرق الأوسطية المعروفة بهدوئها والتي تقترب في غضون أسابيع قليلة من الذكرى المئوية لتأسيسها. وفي حين أنه من غير المرجح أن تظهر الصورة الكاملة قريباً، إذا ظهرت بالفعل، فإن هذه التطورات تركز الانتباه على الوضع الداخلي في الأردن وتسلط الضوء على الحاجة إلى تعزيز الاستقرار لدى حليف رئيسي للولايات المتحدة بعد فترة من عدم الاهتمام النسبي من قبل واشنطن. المواجهة الملكية المحتملة وسط الاضطرابات الاجتماعية تختلف الإجراءات الأمنية الظاهرة التي اتُّخذت ضد الأمير حمزة اختلافاً حاداً عن الوسائل المعتادة التي تتعامل بها المملكة مع شؤونها الداخلية. وتشمل هذه الإجراءات تجريده من حراسه الأمنيين وتقييد حركته ووصوله إلى خطوط الاتصال والإنترنت. وتظهر أحياناً أخبار التوترات داخل العائلة الهاشمية المالكة، لكن غالباً ما يتم حلها بسرعة وبهدوء بعيداً عن أعين الجمهور. على سبيل المثال، في عام 2017، أعفى الملك عبدالله اثنين من إخوته - أخيه الشقيق فيصل وأخيه غير الشقيق هاشم - من مناصبهما القيادية العسكرية، مما أثار شائعات عن وجود خلاف داخل الأسرة. ومع ذلك، امتثل كلا الأميرين للإعفاء، مما أدى إلى القضاء على المزيد من الشائعات. وكانت قد وقعت حادثة مماثلة في عام 1999 حين أعاد الملك حسين تغيير تراتبية الخلافة قبل أسابيع قليلة من وفاته من مرض السرطان، فاستبدل شقيقه حسن، الذي كان ولياً للعهد منذ عام 1965، بابنه البكر عبدالله، الذي كان حينذاك ضابطاً عسكرياً. وعلى الرغم من الصدمة والضربة الشخصية القوية اللتين تلقاهما الأمير حسن، إلّا أنه لم يحتجّ على ذلك التغيير وعبّر دائماً عن دعمه العلني لابن أخيه كعاهل الأردن. وفي الواقع، يحتاج المرء إلى العودة إلى الأيام المتوترة التي أعقبت اغتيال مؤسس المملكة، عبدالله الأول، عام 1951، ليجد أي سابقة للأمراء الأردنيين الذين يعلنون عن نزاعاتهم علناً - وحتى في ذلك الحين لم يكن هناك حديث عن التخطيط لانقلاب. والأمير حمزة هو الأخ غير الشقيق للعاهل الأردني الحالي والإبن الأكبر من زواج الملك حسين من زوجته الرابعة الملكة نور. وعند اعتلاء عبدالله الثاني العرش عام 1999، قام بتعيين حمزة ولياً للعهد بناءً على رغبة والدهما المحتضر. وقيل أن الملك حسين كان متعلقاً كثيراً بحمزة، الذي اشتهر بالتقوى والتواضع والتواصل مع قبائل الأردن. ولكن بعد خمس سنوات، نزع عبدالله هذا اللقب عن حمزة ومنحه لابنه الأكبر حسين - وهذا ليس بالأمر غير المألوف بالنظر إلى أن الملك الراحل حسين عيّن ثلاثة ولاة للعهد خلال فترة حكمه. ولم يعترض حمزة علناً على القرار في ذلك الوقت، لكنه وضع نفسه لاحقاً كشخصية متعاطفة وصورة رمزية للإصلاح بين الأردنيين المستائين من الوضع الاجتماعي والاقتصادي للبلاد، وخاصة العناصر القبلية الساخطة. وفي البداية، سعى المسؤولون إلى التقليل من أهمية التصرفات الأخيرة للأمير حمزة، التي بدت من بعيد كأنها تقع في مكان ما داخل المنطقة الرمادية بين الانتقادات العلنية والخطوات العملياتية لتنفيذ انقلاب. لكن هذا الوضع تغيّر حين أصدر رسالتين مصوّرتين في 3 نيسان/أبريل، إحداهما باللغة العربية والأخرى بالإنجليزية. ووصفت مقاطع الفيديو هذه القيود التي فرضها رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأردنية على تحركاته واتصالاته، وثم انتقد الفساد وسوء الإدارة في المملكة، حيث ادّعى أنها استمرت فترة دامت "بين خمسة عشر وعشرين عاماً" - أي طوال فترة حكم الملك عبدالله وقرار عزله من منصب ولي العهد. وفي أعقاب هاتيْن الرسالتيْن، تبنت الحكومة الأردنية لهجة أكثر صرامة تجاه حمزة، حيث اتهمه وزير الخارجية أيمن الصفدي خلال مؤتمر صحفي عقده في 4 نيسان/أبريل بـ "تصرّفات ... تستهدف الأمن والاستقرار في البلاد". ثم زاد الأمير حمزة بعد ذلك من حدة التصعيد بتعهده علناً بأنه "لن يمتثل" لأوامر [الجيش] بعدم التواصل مع العالم الخارجي. ولتجنب أي صدام مباشر قد يشوّه صورة النظام الملكي، عرض العاهل الأردني على حمزة سبيلاً بديلاً للمصالحة وفقاً للتقليد البدوي المعروف بالصُلحة، وعهد إلى عمه حسن، الذي يحظى باحترام كبير، بتولي المناقشات الحساسة. وأسفرت هذه المساعي عن عقد اجتماع بين كبار الأمراء في منزل حسن، حيث وقّع حمزة على رسالة استثنائية تعهد فيها بالولاء لعبدالله وولي العهد الحالي حسين، جاء فيها: "في ضوء تطورات اليومين الماضيين، فإنني أضع نفسي بين يدي جلالة الملك". ويبدو أن هذا التنازل يشير إلى انتهاء الحلقة الراهنة [من الخلافات بين الجانبين] على الرغم من أنه من غير المحتمل أن تكون الفصل الأخير من الصراع بين الأخوة غير الأشقاء. ومع أن المواجهة غير مستبعدة في النهاية، فحتى هذه ستنتهي على الأرجح برحيل حمزة عن البلاد بدلاً من سجنه وتحويله إلى شهيد للمعارضة. وأعلن المسؤولون أيضاً عن اعتقال باسم عوض الله وحسن بن زيد مع "ستة عشر إلى ثمانية عشر" شخصاً آخر، معظمهم من مساعدي حمزة ورجال الأمن. وعوض الله، الوزير السابق والرئيس الأسبق للديوان الملكي، هو شخصية مثيرة للجدل واسمه مرتبط بالفساد في ذهن الكثير من الأردنيين. ويتمتع هو وبن زيد - إبن حفيد الملك عبدالله الأول وحفيد رئيس وزراء سابق - بعلاقات واسعة في المنطقة وعملا في أوقات مختلفة كمبعوثيْن خاصّيْن للملك الحالي إلى السعودية. وأدت هذه الروابط، إلى جانب التأكيدات الرسمية المتكررة حول الاتصالات مع "جهات خارجية"، إلى إثارة شائعات بأن دولاً أخرى في المنطقة قد تكون متورّطة في الأزمة. وتأتي هذه الأحداث وسط أجواء متوترة تعيشها المملكة على الساحة المحلية. فوباء "كوفيد-19" ينتشر بكثرة في البلاد حيث بلغت عدد الإصابات 633,000 وعدد الوفيات 7,201 حالة [حتى بداية هذا الأسبوع] في بلد يبلغ عدد سكانه 10 ملايين نسمة، لتصبح بذلك نجاحات الحكومة الأولية في احتواء الوباء مجرد ذكرى بعيدة. وقد تضرر الاقتصاد الأردني، الذي يعاني بالفعل بشدة من الوباء، حيث سُجّلت معدلات بطالة قياسية في نهاية عام 2020، كما أن معدلات الفقر ازدادت بنسبة 39 في المائة خلال العام الماضي. أما الثقة في المؤسسات العامة - مع استثناءات ملحوظة للنظام الملكي والقطاع العسكري/الأمني - فهي متدنية جداً بسبب التصوّرات المنتشرة حول عدم الكفاءة والفساد. وتفاقمت هذه النظرة بسبب سلسلة حوادث مأساوية تُعزى إلى التقصير في أداء الواجب العام خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد وفاة العديد من مرضى "كوفيد-19" في مستشفى حكومي جديد في الشهر الماضي بسبب عدم توفّر الأكسجين. وفي حين لم تحظَ دعوات التظاهر خلال الأسابيع القليلة الماضية بمشاركة واسعة - ويعود ذلك إلى حدٍّ كبير إلى الإجراءات الأمنية الوقائية - إلا أنها أثارت مخاوف من تأجج الاستياء الشعبي تحت السطح. وطوال هذا الوقت، كان يُنظر إلى حمزة على أنه قد وضع نفسه بصورة المتعاطف مع هذه المخاوف وكنقيض للعاهل الأردني. التداعيات المحلية والإقليمية على الرغم من أنه من السابق لأوانه استخلاص استنتاجات قاطعة، إلا أن بعض الأنماط المألوفة قد بدأت بالظهور. فعادة ما تميل التهديدات المحلية الخطيرة في المملكة إلى إنتاج ديناميكية "التجمع حول الراية". وعلى غرار التفجيرات التي قام بها تنظيم «القاعدة» [لثلاث] فنادق في عمان عام 2005 والهجمات الأخيرة لتنظيم «الدولة الإسلامية» ضد الأردنيين، يتم استخدام قضية حمزة لإحداث تناقض حاد بين حقيقتين، هما: الظروف الأقل مثالية بل المستقرة التي تُميّز حالياً الحياة في المملكة، والفوضى التي ميّزت البلدان المجاورة منذ "الربيع العربي". كما أن الرسائل الرسمية قد سلّطت الضوء على صِلات حمزة المزعومة مع المعارضين الأردنيين في الخارج، وكثير منهم فقدوا مصداقيتهم علانية. وتشير الأدلة السردية إلى أن هذه الرسائل تلقى صدى لدى نسبة كبيرة من الشعب. وبالفعل، لم تُعرب أي شخصية عامة بارزة تقريباً عن دعمها علناً لحمزة باستثناء والدته. وعلى الرغم من أن هذا الموقف قد كشف عن عداوة هاشمية تتأجج منذ زمن بعيد، إلا أن الأمر قد ينتهي بتخفيف الضغط المحلي على البلاط الملكي على المدى القريب من خلال تحويل الانتباه بعيداً عن "كوفيد-19" وغيره من التحديات الاجتماعية والاقتصادية. ومع ذلك، تبقى مصادر الاستياء الكامنة التي استغلها حمزة حقيقية، وستعاود الظهور حتماً مرة أخرى في المستقبل إذا لم تعالجها عمّان. وتشمل هذه قضايا طارئة مثل الوباء العالمي، فضلاً عن القضايا الأكثر هيكلية مثل الإصلاحات الاقتصادية والسياسية وإصلاحات الحوكمة الأوسع نطاقاً. وكما حدث في الماضي، من المرجح أن تشهد التداعيات المباشرة لقضية حمزة تعزيز قطاع الأمن على حساب الإصلاح، كما يتضح من الدور المركزي الذي لعبه رئيس الأركان العامة اللواء يوسف الحنيطي في عزل الأمير. ومن الممكن أيضاً أن يبْطِل هذا الوضع تأثير الرسالة التي وجّهها العاهل الأردني في 17 شباط/فبراير وحظيت بتغطية إعلامية كثيفة إلى رئيس دائرة المخابرات العامة بشأن تقليص دور هذه المؤسسة النافذة في بعض المجالات الاقتصادية والسياسية. وحتى قبل اندلاع الأزمة في بداية هذا الأسبوع، كانت الحكومة الأردنية قد أغلقت أساساً منصة الدردشة الشعبية "كلوب هاوس" لمنع الانتقادات غير المرغوب فيها عبر الإنترنت. وعلى الصعيد الخارجي، غالباً ما شكى المسؤولون الأردنيون من أن الدول المجاورة وواشنطن تعتبر الأردن من المسلّمات. وتحوَّل هذا الشعور إلى خوف في عهد إدارة ترامب، التي حافظت على مساعدات كبيرة للمملكة، لكن كان يُنظر إليها على أنها غير مهتمة بآراء عمّان بشأن السياسات في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. ويبدو أن أحداث بداية هذا الأسبوع قد ذكّرت العديد من العواصم بأن التطورات المحلية في الأردن يمكن أن تلعب دوراً مركزياً في الأمن في المنطقة. وعبّرت السعودية بسرعة عن دعمها للعاهل الأردني والتزامها باستقرار المملكة، وتبعتها دول عربية أخرى. وبالمثل، وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس الملك عبدالله بأنه "شريك رئيسي" يتمتع "بالدعم الكامل" من إدارة بايدن. وإذا كان الماضي أي دليل، فسيكون هذا الدعم السياسي مقدمة لدعم مالي متجدد وحتى موسّع من قبل أصدقاء الأردن، وخاصة في منطقة الخليج - التي هي شريان حياة رئيسي محتمل وسط الركود المستحث الناجم عن وباء "كوفيد-19" في البلاد. وفي هذا السياق، يجب على عمّان التعامل بحذر مع اتهاماتها التي لا أساس لها حتى الآن بشأن ضلوع جهات خارجية مهمّة بالمؤامرة المزعومة. فمن بين البلدان التي تم تناقل أسمائها - السعودية، والإمارات، وإسرائيل - ليست هناك مصلحة لأيٍّ دولة منها في زعزعة استقرار الأردن، ولا يمكن أن تكون أيٌّ منها قد اعتقدت أن مؤامرة رديئة قائمة على أمير ساخط وحفنة من مساعديه ربما تستطيع الإطاحة بعبدالله المحصّن. وإذا أوصلت الادعاءات المحددة بشأن عوض الله وبن زيد إلى أدلة دامغة على تواطؤ مسؤولين سعوديين في مثل هذه المؤامرة، سيكون هذا الأمر مضراً لعلاقات الولايات المتحدة مع الرياض. ومع ذلك، فمع انعدام مثل هذا الدليل، من الضروري أن يتجنب الأردن تحويل علاقة متقلّبة بين العائلة المالكة السعودية ونظيرتها الهاشمية إلى ضربة دبلوماسية كاملة، لا سيما بالنظر إلى الدعم المالي والسياسي الحاسم الذي تقدمه الرياض لجارتها الأفقر بكثير. التداعيات على السياسة الأمريكية لطالما كان استقرار الأردن أداةً قيمة لتعزيز المصالح الأمريكية في المنطقة، بدءاً من توسيع السلام العربي-الإسرائيلي وإلى مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية». ولذلك، على المدى القريب، يجب على الولايات المتحدة الاستمرار في التعبير عن دعمها الحازم للأردن وحث حلفائها - الدول العربية وإسرائيل وغيرها - على التعبير بشكل ملموس عن هذا الدعم. إن قيام مكالمة هاتفية بين الرئيس بايدن والملك عبدالله ستبعث رسالة قوية لتحقيق هذه الغاية. يجب على واشنطن أن تعمل أيضاً مع عمّان على التحقق من أي أبعاد خارجية جوهرية للأزمة، فإما توضح تلك الأبعاد أو تقضي على شائعات قد تكون ضارة. وفي هذا الصدد، يمكن لمدير "وكالة المخابرات المركزية" الأمريكية ويليام بيرنز - الذي كان السفير الأمريكي السابق في الأردن - أن يلعب دوراً مفيداً. وفي الوقت الحالي، يجب أن تتمثل الأولوية في مساعدة عمّان على تخطي هذه الحادثة بما يضمن الاستقرار. ولكن بالتوازي مع هذا الجهد - وحتى أكثر من ذلك - فبمجرد انحسار القلق الأولي بشأن قضية حمزة - يتعين على واشنطن إشراك عمّان بصورة غير علنية في تسريع سعيها للإصلاحات الاقتصادية والسياسية وإصلاحات الحوكمة، مع الحفاظ على وتيرة تدريجية وسهلة القبول للتغييرات الجوهرية. ووفقاً لبعض التقارير نقلت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين مثل هذه النصيحة في محادثة أجرتها مع وزير المالية الأردني محمد العسعس في 1 نيسان/أبريل؛ ينبغي على المسؤولين الأمريكيين الآخرين فعل الشيء نفسه. إن الاهتمام وحده على مستوى رفيع من واشنطن والدعم المناسب من الأصدقاء الآخرين، يمنحان عمان فرصة لإجراء إصلاحات ضرورية أعمق لحماية المملكة من تكرر نوبات عدم الاستقرار، والتي يمكن أن تؤثر سلباً وبمرور الوقت على المصالح الأمريكية في جميع أنحاء المنطقة.
Read moreالكابينة الثلاثية تبلغ 20 شهراً من العمر ولم تدفع نسبة (41%) من الرواتب
الحصاد : مضى (20) شهراً على عمر الكابينة التاسعة لحكومة إقليم، والتي هي كابينة ثلاثية مشكلة بمشاركة (الحزب الديمقراطي الكوردستاني، الاتحاد الوطني الكوردستاني، وحركة التغيير) وهذه الكابينة قمت بتوزيع رواتب الموظفين كاملةً لـ(6) أشهر دون استقطاعات ولم توزع رواتب (7) سبعة أشهر للموظفين وعادت لتوزيع رواتب (7) أشهر اخرى مع نسبة من الاستقطاعات. في مدة عمرها البالغة (20) شهراً منذ تأسيسها كان يفترض ان توزع ما قدره (17 ترليون880 مليار) دينار كرواتب للموظفين، لكنها لم تصرف مبلغ (7 ترليونات 417 مليار) دينار بل استقطعها وهي نسبة (41%) وانها صرفت مبلغ (10 ترليونات و463 مليار) دينار وهي نسبة (59%). الراتب في الكابينة الثلاثية لـ(الحزب الديمقراطي والإتحاد الوطني وحركة التغيير) : * أدت الحكومة الثلاثية اليمين القانوني في 10 تموز 2019. * راتب شهر تموز 2019 كان قد تقرر توزيعه من قِبَل الكابينة الثامنة وتم توزيعه قبل اداء اليمين القانوني للكابينة التاسعة، لذا لا يحتسب على الكابينة التاسعة. * قامت هذه الكابينة في مدة عمرها(منذ مباشرتها وحتى الآن) بتوزيع رواتب (20) شهراً فقط. * لم تصرف رواتب (7) أشهر للموظفين، لكن مسرور البارزاني أخلى هذه المسوولية من عاتقه وجعلها في ذمة حكومة بغداد والكائنة السابقة التي كانت يترأسها نيجيرفان البارزاني. * قامت هذه الكابينة بتوزيع رواتب الموظفين لمدة (7) أشهر مع نسبة من الاستقطاعات. * كانت نسبة الاستقطاعات من الرواتب لمدة (6) أشهر تبلغ (21%) وكانت (18%) لشهر واحد فقط. * وزعت هذه الكابينة الثلاثية في مدة عمرها رواتب الموظفين بشكل كامل دون الادخار الاجباري والاستقطاعات لـ(6) أشهر فقط، وهذه الاشهر كانت ( 8، 9، 10، 11، 12 من عام 2019 ، والشهر الاول من 2020). * لم تحتسب استقطاعات الرواتب حتى الآن كقروض بذمة الحكومة في عهد الكابينة التاسعة، مثلما احتسبت في الكابينة السابقة كإدخار وقروض على عاتق الحكومة، وان هذه الكابينة الثلاثية أطلقت على استقطاعات الرواتب تسمية "التكيف مع الوضع المالي". * تبلغ مستحقات الموظفين الذي اصبحت بذمة الحكومة بسبب استقطاعات الرواتب وهي تخص سبعة أشهر وتبلغ (ترليون و159 مليار) دينار. * تبلغ مجموع رواتب الموظفين لشهر واحد (894 مليار) دينار، فيما تبلغ مجموع الرواتب مع الاستقطاع بنسبة (21%) مبلغ (727 مليار) دينار. * الكابينة التاسعة في مدة عمرها البالغة (20) شهراً، وزعت رواتب (6) أشهر فقط دون استقطاعات، وهذه هي نسبة (30%) من مجموع اشهر عُمر الكابينة. * تبلغ مجموع رواتب الـ(20) شهراً التي كانت من المفروض ان توزعها الكابينة التاسعة مبلغ (17 ترليون و880 مليار) دينار، لكن من هذا المبلغ وزعت رواتب (6) أشهر دون استقطاعات وبلغت (5 ترليونات و364 مليار) ورواتب (7) أشهر مع الاستقطاعات، والتي تبلغ مجموع استقطاعاتها (ترليون و159 مليار) دينار، ولم تصرف رواتب سبعة اشهر والتي تبلغ مجموعها (6 ترليونات و258 مليار) دينار. * من هذا يتبين ان من مجموع (17 ترليون و880 مليار) دينار، لم تدفع الكابينة الثلاثية مبلغ (7 ترليونات 417 مليار) دينار وهي نسبة (41%) من مجموع الرواتب، لكنها صرفت (10 ترليونات و463 مليار) دينار وهي نسبة (59%). * ورثت الكابينة التاسعة مبالغ طائلة من قروض الادخار الاجباري للرواتب من مثيلتها السابقة(الكابينة الثامنة). * الكابينة الثامنة التي كان نيجيرفان البارزاني رئيسها، لم تدفع في عمرها البالغ اربعة أعوام، رواتب الموظفين لعام كامل اي (12) شهراً، كما قامت بتوزيع رواتب الموظفين لـ(34) شهراً مع نسب من الادخار الاجباري. * الكابينة السابقة جعلت من استقطاعات رواتب الموظفين قروضاً على الحكومة بحسب القانون. * تبلغ مجموع المستحقات المالية للموظفين في الكابينة السابقة والمحتسبة كقروض بذمة الحكومة ما قدرها (8 مليارات و966 مليون) دولار ما يقابل (13 ترليون) دينار. * حكومة إقليم كوردستان مستمرة حتى الآن على استقطاع نسبة من الرواتب، على الرغم من : - ارتفاع سعر النفط بنسبة ملحوظة، اي ارتفع من (30) دولاراً الى (63) دولار. - ارتفع سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي حيث كان قيمة الدولار الواحد (1200) ديناراً وأصبح (1470) ديناراً، وتحصل حكومة الإقليم على واردات النفط بالدولار. - توصلالإقليم مع بغداد الى إتفاق وتم تثبيت حصة الإقليم في ميزانية 2021. الراتب في الكابينة الثلاثية راتب شهر ٢٠١٩/٨ استُلِم في ٢٠١٩/١٠ بالكامل راتب شهر ٢٠١٩/٩ استُلِم في ٢٠١٩/١٠ بالكامل راتب شهر ٢٠١٩/١٠ استُلِم في ٢٠٢/١ بالكامل راتب شهر ٢٠١٩/١١ استُلِم في ٢٠٢٠/٢ بالكامل راتب شهر ٢٠١٩/١٢ استُلِم في ٢٠٢٠/٣ بالكامل راتب شهر ٢٠٢٠/١ استُلِم في ٢٠٢٠/٥ بالكامل راتب شهر ٢٠٢٠/٢ استُلِم في ٢٠٢٠/٧ مع الاستقطاع راتب شهر ٢٠٢٠/٣ استُلِم في ٢٠٢٠/٨ مع الاستقطاع راتب شهر ٢٠٢٠/٩ استُلِم في ٢٠٢٠/١٠ مع الاستقطاع راتب شهر ٢٠٢٠/١٠ استُلِم في ٢٠٢٠/١٢ مع الاستقطاع راتب شهر ٢٠٢١/١ استُلِم في ٢٠٢١/١ مع الاستقطاع راتب شهر ٢٠٢١/٢ استُلِم في ٢٠٢١/٢ مع الاستقطاع راتب شهر ٢٠٢١/٣ استُلِم في ٢٠٢١/٣ مع الاستقطاع
Read moreالأحزاب التركمانية تقرر الدخول في الانتخابات بتحالف انتخابي موحد
الحصاد: أعلنت الأحزاب التركمانية، الخميس، الدخول في الانتخابات بتحالف انتخابي موحد. وقال رئيس الجبهة التركمانية العراقية حسن توران في مؤتمر صحفي عقده اليوم، إن "الأحزاب التركمانية عقدت اجتماعاً في مقر الجبهة التركمانية في كركوك جرى فيه بحث مجمل تطورات المشهد السياسي والأمني واستحقاقات المكون في العراق، وكركوك". وتقرر عن الاجتماع المشاركة في الانتخابات النيابية بتحالف انتخابي موحد في "تركمان ايلي" والعراق، وباسم جبهة تركمان العراق، كما تمت تسمية حسن توران رئيسا للتحالف الانتخابي، والتحالف سيعلن عن برنامجه السياسي لأبناء التركمان لاحقا
Read more" بغداد لم تطلب مغادرة قوات الأمريكية في جولات الحوار الاستراتيجي"
الحصاد: أكد مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى بالإنابة، جوي هود، في مقابلة خاصة مع "الحرة" أن الحكومة العراقية لم تطلب خلال الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والعراق، الذي عقد الأربعاء، مغادرة القوات الأميركية من العراق. وأوضح هود أن الولايات المتحدة والحكومة العراقية والتحالف الدولي والبشمركة حققوا الكثير في مواجهة تنظيم داعش وهزيمته وتفكيك نظامه. إلا أنه أضاف أن "الهزيمة الكاملة لداعش لم تتحقق بعد وعلينا مواصلة قتالهم سوياً. ووافقنا على أن تجتمع اللجان التقنية للجنة العسكرية المشتركة لمواصلة النقاش لتحديد الخليط المناسب من القوات الأميركية والتحالف الدولي الذي يجب أن يبقى في البلاد لإتمام المهمة". وحول تغيير مهمة القوات الأميركية والتحالف الدولي في العراق، قال هود إن "التغيير يحصل منذ عام 2014 وحتى الآن. وقواتنا الآن تركز على التدريب والنصح وتقديم المشورة والتجهيز للقوات العراقية لملاحقة داعش بنفسها وهذا ما يقومون به . وهذا ما خولنا تعديل قدرة قواتنا في العراق وخارج العراق أيضاً مع الوقت، وسنواصل القيام بذلك بالتنسيق مع الخبراء العسكريين في اللجنة المشتركة". وحول تأكيد المسؤولين العراقيين على أن الولايات المتحدة تعهدت بعدم وجود قواعد عسكرية أميركية في العراق، قال هود: "ليس لدينا قواعد عسكرية في العراق وقواتنا العسكرية الموجودة هناك تقيم على منشآت عسكرية عراقية، ونحن ضيوف في بلدهم. ولذلك أكدوا لنا أنهم يعملون بجهد كبير لحمايتنا وأكدنا لهم أن كل ما نقوم به في بلدهم هو بالتنسيق معهم". وأوضح هود في المقابلة أن الحكومة العراقية جددت دعمها ومسؤوليتها عن "حماية كل الضيوف المدعوين إلى العراق بمن فيهم الدبلوماسيون الأميركيون والقوات الأميركية وقوات التحالف الدولي. وجددوا هذا التأكيد لنا وشكرناهم على ذلك". وأشار هود إلى أن "الشعب العراقي يتوقع الكثير من العلاقات الأميركية العراقية التي تبدأ بالثقافة والتربية وتصل إلى انتخابات حرة ونزيهة وعادلة وإلى المجال الأمني والتنمية الاقتصادية والتعاون الصحي". وكشف عن تقديم عشرة ملايين دولار إضافية لتمويل جهود الأمم المتحدة في العراق لدعم الانتخابات المقبلة. وقال: "تحدثنا عن تنسيق إضافي في المستقبل، لأننا نريد التأكد من وجود مراقبين دوليين لمراكز الانتخاب لمساعدة السلطات الانتخابية على إجراء انتخابات حرة وعادلة للشعب العراقي". وأصدرت بغداد وواشنطن بيانا مشتركا، الأربعاء، عقب انتهاء الجولة الثالثة من جولات الحوار الاستراتيجي بين البلدين. وقال الطرفان في البيان إن "دور القوات الأميركية وقوات التحالف قد تحول الآن إلى المهمات التدريبية والاستشارية" على "نحو يسمح بإعادة نشر المتبقي من القوات القتالية خارج العراق". وجدد البلدان تأكيدهما على أهمية مبادئ اتفاقية الإطار الاستراتيجي، فيما جددت الولايات المتحدة تأكيد احترامها لسيادة العراق وسلامة أراضيه وللقرارات ذات الصلة والتي صدرت عن السلطتين التشريعية والتنفيذية العراقية.
Read moreالحزب الديمقراطي الكوردستاني يستنسخ تجربة الإتحاد الوطني الكوردستاني؟
تقرير : محمد رؤوف - فاضل حمةرفعت ترجمة : ك.ق أقل من شهرين هي المدة المتبقية التي تفصل الحزب الديمقراطي الكوردستاني عن عقد مؤتمره الرابع عشر، مؤتمرٌ يحسم خارطة تقسيم السلطة بين ابناء العمومة بعد ابتعاد مسعود البارزاني من الساحة السياسية، فهل يرشح البارزاني نفسه مجدداً؟ ام يفضل الانسحاب ليبقى مرجعاً للحزب؟ وفي حال انسحابه مَن الذي سيأخذ مكانه؟ هل تنتقل السلطة من الأب للإبن؟ ام تنتقل من العم الى ابن الأخ؟ يرغب الحزب الديمقراطي الكوردستاني بإستنساخ اسلوب المؤتمر الرابع للإتحاد الوطني الكوردستاني ويمارس اسلوب الرئاسة المشتركة؟ لمعرفة المزيد من التفاصيل تابعوا هذا التقرير. المؤتمر الرابع عشر يعقد الحزب الديمقراطي الكوردستاني في ٢٦ آيار من العام الحالي، اي بعد اقل من شهرين من الآن مؤتمره الرابع عشر، لكن بحسب معلومات (الحصاد)، هناك احتمال قوي لتأخير موعد المؤتمر المزعوم عقده، والحزب الديمقراطي يريد ان يجعل من تفشي الكورونا عذراً لتأخير المؤتمر، لكن المصادر المطلعة تتحدث عن عدم إتفاق العائلة البارزانية(آل بارزان) على الخارطة الجديدة لتقسيم السلطة داخل الحزب. وفقاً للنظام الداخلي للحزب كان ينبغي عقد هذا المؤتمر بتأريخ ١١ كانون الأول عام ٢٠١٤، اي ان هذا المؤتمر قد تأخر قرابة (٧) أعوام عن موعده، في حين لا ينبغي ان يتأخر عقد المؤتمر اكثر من عام واحد عن موعده المقرر وفقاً للنظام الداخلي للحزب والمصادق عليه في المؤتمر الثالث عشر للحزب، عموماً لم يعقد الحزب الديمقراطي اي مؤتمرٍ له منذ (١١) عاماً، وكان قياديوا الحزب يُرجِعون اسباب عدم عقد المؤتمر الى الحرب مع داعش والأزمات السياسية والاقتصادية في الأعوام الماضية، والآن فإن الكورونا هي ذريعة حاضرة للتأجيل. المؤتمر الرابع عشر وتغييراته يبلغ مسعود البارزاني الرئيس والمرجع الحالي للحزب الديمقراطي، من العمر (٧٥) عاماً، لذلك فهو يُجري الاستعدادات لمرحلة ما بعد شخصه، ويريد ان يقوم بتنظيم اعادة توزيع السلطة داخل عائلته، وتحديداً مابين أبنائه وأبناء إخوته، في حال ابتعاده عن الساحة السياسية لأي سببٍ كان. بشكل عام هناك عدة سيناريوهات لكيفية اعادة توزيع السلطة في الهرم الاعلى للحزب الديمقراطي الكوردستاني، وتلك السيناريوهات هي كالآتي : السيناريو الأول : على شاكلة المؤتمر الثالث عشر، يرشح مسعود البارزاني نفسه لمنصب رئيس الحزب ويصبح نيجيريان البارزاني نائباً للرئيس، في هذه الحالة وعند ابتعاد مسعود البارزاني من الساحة السياسية لأي سبب كان، فإن نيجيرفان البارزاني سيصبح رئيساً للحزب مباشرةً، لأنه نائب الرئيس، وهذا ما لا يرغب فيه أبناء مسعود البارزاني وتحديداً مسرور البارزاني، من جهةٍ اخرى هذا يحدد أسلوب توزيع السلطة داخل العائلة البارزانية مستقبلاً، بشكل تنتقل السلطة عمودياً من الاب الى الإبن، ام تنتقل السلطة افقياً من العم الى ابناء الأخ، وحسن هذه المعادلة سيقرر مصير ابناء إدريس البارزاني داخل الحزب الديمقراطي، لذلك يستبعد تكرار نفس سيناريو المؤتمر الثالث عشر عند اعضاء الحزب الديمقراطي الكوردستاني. السيناريو الثاني : يرشح مسعود البارزاني نفسه لمنصب رئيس الحزب على غرار المؤتمر الثالث عشر للحزب، مع اضافة منصب نائب آخر لرئيس الحزب، ما يعني وجود نائبان إثنان للرئيس، والنائبان يكونان نيجيرفان البارزاني ومسرور البارزاني او احد ابناء مسعود البارزاني الآخرين، ويكثر الحديث عن (ملا مصطفى) الابن الاصغر لمسعود البارزاني والابدي يُعرَف بـ"بابو" ويقوم بإدارة بأعمال والده الاجتماعية في منطقة بادينان، وإذا تم تثبيت هذا السيناريو، فبعد ابتعاد مسعود البارزاني من الساحة السياسية، يتجه الحزب الديمقراطي نحو تطبيق أسلوب الإتحاد الوطني وهو ادارة الحزب من قبل الرئاسة المشتركة مابين اباء العمومة، وبما ان للرئيس نائبان فإنهما سيحصلان مباشرةً على سلطات رئيس الحزب. السيناريو الثالث : كما يتحدث عنه بعض أعضاء الحزب الديمقراطي، يحتمل ان يتخلى مسعود البارزاني عن منصب رئيس الحزب ويبقى كـ"مرجع"، وفي هذه الحالة ينبغي على البارزاني مسعود ان يحسم امر رئاسة الحزب بين أبنائه وأبناء اخوته، وهذا ما يربك العلاقات داخل عائلته، وحينها يمكن ان يضطر البارزاني مسعود الى استنساخ أسلوب المؤتمر الرابع للإتحاد الوطني الكوردستاني ويقوم بتوزيع السلطة بين أبنائه وأبناء إخوته ويُسَلَم الحزب الى أبناء العمومة ويقوم هو بمراقبتهم ويمنع حدوث التوترات فيما بينهم، ورويداً رويداً وبمرونة يعمل على حسم السلطة في مصلحة أبنائه. السيناريو الرابع : هذا هو سيناريو إبعاد نيجيرفان البارزاني من كوردستان، هذا ما يقوله البعض من أعضاء الحزب الديمقراطي الكوردستاني، حيث ان اتفاق الحزب الديمقراطي مع التيار الصدري في الانتخابات العراقية المبكرة هو لضمان منصب رئيس الجمهورية لنيجيرفان البارزاني، لأن هذا الامر سيبعد نيجيرفان كعائق امام التغييرات داخل الحزب، والمتحدثين حول هذا الموضوع يرون ان البارزاني سيصبح مرجعاً غير المؤتمر الرابع عشر وسيصبح مسرور البارزاني رئيساً للحزب الديمقراطي الكوردستاني، لكن المشكلة تكمن في شخص نيجيرفان فهل هو على استعداد للتوجه نحو بغداد، وخاصةً هناك حديث أن البارزاني مسعود قد قال ذات مرة "اعضاء العائلة البارزانية(آل بارزان) لا ينبغي على احدهم تسلم اي منصب في بغداد، لأن والدي البارزاني مصطفى قد طلب هذا الامر من ابنائه واحفاده"، على الرغم من ان هذا المر ليس عرفاً او سُنةً ثابتة داخل العائلة البارزانية، ففي الستينات والسبعينات من القرن المنصرم وحينما كان البارزاني الأب(ملا مصطفى) حياً يرزق، اقدم كل من (عبيدالله، لقمان، وصابر) وهم من ابناء البارزاني مصطفى على تسلم مناصب وزارية ونيابية في بغداد(يقال ان البارزاني مصطفى قد تبرى من ابنائه الثلاثة المذكورين). السيناريو الخامس : ان يقوم الحزب الديمقراطي بإستنساخ سيناريو المؤتمر الرابع للإتحاد الوطني مباشرةً وعلناً دونما الحاجة الى الإخفاء وخلق الاعذار، ويتخلى مسعود البارزاني عن منصب رئيس الحزب وأن يدار الحزب بأسلوب الرئاسة المشتركة من قبل نيجيرفان البارزاني ومسرور البارزاني، وهذا السيناريو ليس ببعيد، ويتنبأ البعض من أعضاء الحزب الديمقراطي من ذوي الخبرة في مجال العمل التنظيمي بهذا الامر، فقد قال فاضل ميراني سكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي بعد انعقاد المؤتمر الرابع للإتحاد الوطني، في اجتماع مع احد المسؤولين في الإتحاد الوطني ان "الاتحاد الوطني يريد ان يغيير من عادات الحزب الديمقراطي، لأن اي عمل يقوم به الإتحاد الوطني فإن الحزب الديمقراطي سيحذو حذوه بعد ذلك ويستنسخ ما قام به الإتحاد، فالاتحاد قام بتأسيس عدد من المؤسسات الاعلامية المختلفة، والحزب الديمقراطي يمارس نفس العمل حالياً، واقدم الاتحاد على ممارسة أسلوب الرئاسة المشتركة، فهل تريدوننا ان نُقدِم نحن ايضاً على نفس الأسلوب". مصير أعضاء المكتب السياسي والقياديين فرصة البقاء ضعيفة في المؤتمر الرابع عشر لدى أغلب أعضاء المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني، يمكن ايجاد اعمال في احدى الهيئات التابعة لمقر البارزاني للذين يتم استبعادهم من المكتب السياسي، وهذا مماثل للمجلس السياسي الأعلى للإتحاد الوطني الكوردستاني. الذين لديهم فرصة البقاء في المكتب السياسي للحزب الديمقراطي بعد المؤتمر الرابع عشر هم كل من فاضل ميراني السكرتير الحالي للمكتب السياسي للحزب الديمقراطي، لأنه قادر على الحفاظ على التوازن مابين نيجيرفان البارزاني ومسرور البارزاني، بالاضافة الى (ريبوار يلدا، آزاد برواري، هوشيار زيباري، ومحمود محمد). لم يرشح نيجيرفان البارزاني نفسه لمنصب رئيس الحزب الديمقراطي في آخر مؤتمر(المؤتمر الثالث عشر) للحزب، وقد رشحه مسعود البارزاني لمنصب نائب رئيس الحزب وحاز على اصوات المؤتمر، يقول المقربون من نيجيرفان البارزاني لو ان نيجيرفان كان قد رشح نفسه لرئاسة الحزب فإنه كان سيفوز على عمه مسعود البارزاني، لأنه كان يحظى بتأييد الكثيرين داخل الحزب حينذاك. لكن الوضع تغير الآن، فلم يعد نيجيرفان محتفظاً بمنصب رئيس حكومة الاقليم، وفضلاً عن هذا فقد أُبعِد اغلب مناصريه في المؤتمر الثالث عشر وهو التزم الصمت، ولا يريد قادة الحزب الديمقراطي ان يراهنوا على نيجيرفان البارزاني بعد، لأنهم يعتقدون انه في النهاية وفي إطار اتفاق عائلي سيحتفظ بموقعه ومكانته ويدير ظهره لهم مرةً اخرى. الحزب الديمقراطي الكوردستاني ومؤتمراته المؤتمر (التأسيسي)الأول : عقد المؤتمر التأسيسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني سراً بتأريخ ١٦ آب ١٩٤٦ في بيت (سعيد فهيم) في منطقة (الاعظمية) ببغداد، وشارك في هذا المؤتمر الأول (٧٠) عضواً، وسمي الحزب رسمياً (الحزب الديمقراطي الكوردي)، وأختير (الملا مصطفى) البارزاني غيابياً رئيساً للحزب واختير كل من (الشيخ لطيف) و(كاكة زياد) نائبَين لرئيس الحزب. المؤتمر الثالث عشر : هذا هو آخر مؤتمر ٍ للحزب الديمقراطي الكوردستاني، وتم انعقاده في اربيل بتأريخ ١١ كانون الاول ٢٠١٠، وقد إختار المؤتمر للمرة (الخامسة) على التوالي مسعود البارزاني رئيساً للحزب، وعُيِّنَ نيجيرفان البارزاني نائباً لرئيس الحزب بدلاً من (علي عبدالله) المتوفي.
Read moreأكراد العراق.. بين جحيم الضربات التركية والعودة إلى "المنطقة المحظورة"
الحصاد draw: الحرة - واشنطن في شمال العراق، أطلقت تركيا حملة لاستهداف مسلحي حزب العمال الكردستاني، ضمن معركتها الممتدة لعقود مع المنظمة المسلحة، لكن القتال راح ضحيته مدنيون وأدى إلى انقطاع سبل العيش عن عائلات اضطرت للفرار تحت وطأة ضربات الطائرات المسيرة التركية. صحيفة الغارديان البريطانية أوردت شهادات عدد من سكان منطقة أميدي (العمادية) في جبال زاغروس، تلك السلسلة الجبلية الممتدة في منطقة كردستان بين تركيا والعراق، والتي تتعرض لضربات من الطائرات بدون طيار التركية منذ أن صعدت الأخيرة حملتها في كردستان العراق، في يونيو من العام الماضي. ويشير التقرير إلى "قائمة متزايدة من الضحايا المدنيين مع تصعيد تركيا لمعركتها الطويلة ضد المسلحين الأكراد خارج حدودها"، مشيرة إلى أن الصراع أودى بحياة المدنيين العراقيين أكثر من أي وقت مضى منذ انهيار وقف إطلاق النار (بين تركيا وحزب العمال الكردستاني) في عام 2015، وفقا لبيانات من منظمة "إير وورس"، التي أوردت مقتل ما بين 27 و33 مدنيا عراقيا وجرح 23 شخصا، العام الماضي، أي ما يزيد عن ضعف عدد القتلى المدنيين في عام 2019. ويشاهد السكان في أميدي، وغيرها من المناطق المستهدفة، الطائرات التركية بدون طيار "وهي تحلق بصمت فوق قمم الجبال" ويقول سكان إن الضربات أصابت حتى الآن حوالي 70 في المئة من قمم المنطقة الوعرة. ويشير التقرير إلى قصة مقتل ثلاثة أصدقاء، من بينهم رجل يدعى محسن سبيري، والعثور على جثثهم ممزقة إلى أشلاء بعد تعرضهم لغارة بطائرة مسيرة تركية أثناء قيامهم برحلة صيد للأسماك وجمع العسل البري والفطر. أما الموقف التركي، فنقلت الصحيفة عن مصدر بوزارة الدفاع قوله إن العمليات التركية "تستهدف فقط العناصر الإرهابية"، وأنه "تم اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمنع إصابة المدنيين". وأدت المعارك بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، منذ اندلاعها عام 1984، إلى مقتل حوالي 40 ألف شخص. ويستخدم حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة "إرهابية"، الجبال في شمال العراق لتدريب مسلحيه خلال قتاله ضد تركيا. وفي يونيو الماضي، بدأت تركيا في تصعيد هجماتها على المنظمة في العراق، مستهدفة مواقعها العسكرية في جبال قنديل وسنجار بالإضافة إلى مواقع أخرى يتواجد فيها مسلحوها. ونجحت العمليات الجوية التركية في ضرب كبار قادة الحزب، "ما أسفر عن مقتل عدد أكبر منهم في عام 2020 أكثر من أي وقت مضى"، بحسب الغارديان، لكن بعض الأسر، ومنها أسرة سبيري تقول إنه" لا توجد مساءلة عن الضربات التي تصيب المدنيين وتقتلهم". وتسبب زيادة العنف في إحداث صدمة في جميع أنحاء أميدي ولجأت العديد من العائلات إلى مراكز المقاطعات مثل مدينة درلوك، ومن بينها عائلة سبيري، لكن هذا أيضا أدى إلى اكتظاظ تلك المناطق ونقص فرص العمل فيها. وبسبب محدودية الفرص الاقتصادية، يضطر العديد منهم إلى العودة للجبال (التي كان يطلق عليها في زمن صدام حسين "المنطقة المحظورة" لأنها كانت تستضيف مقاتلين أكراد)، من أجل بيع الأعشاب البرية والفطر والعسل، وهو مصدر دخل كبير. باكستيار، نجل محسن سبيري، قال للصحيفة: "كل ما نريده هو كسب لقمة العيش على أرضنا، لكن أوطاننا تحولت إلى ساحة للألعاب السياسية وألعاب القوة. كل من الأتراك وحزب العمال الكردستاني ملطخة أيديهم بدماء الأبرياء". ويشير تقرير الغارديان أيضا إلى أن الأسر المتضررة التي لجأت لدرلوك لم تتلق تعويضا أو دعما من قبل حكومة إقليم كردستان أو تركيا عن خسائرها، وهم لا يعلمون ما إذا كانت هناك تحقيقات تجري بشأن ما تعرضوا إليه وفقدان أحبائهم. أحمد نورالدين محي الدين، الذي قُتل شقيقه وابن أخيه أثناء بحثهما عن الطعام في أحد الأودية، قال: "نحن خائفون للغاية من البحث عن الطعام في المنطقة الآن، على الرغم من أنه يتعين علينا ذلك للبقاء على قيد الحياة. لا يوجد سبب لوجود حزب العمال الكردستاني أو تركيا هنا. .. إنهم موجودون هنا فقط ليدمروا حياتنا". تمار أمين، فقد ابنته ووالدته أثناء القتال عام 1997، وقُتل ابنه في غارة تركية، عام 2017، تاركا أحفاده الستة من دون أب، ثم فقد هو ساقه اليمنى في عام 2018 بعد أن داس على لغم يعتقد أن حزب العمال الكردستاني زرعه. قال أمين للصحيفة: "في كل عام يتم تقييد تحركاتنا بشكل أكبر... نفقد حريتنا. أخشى السماح للأطفال بالخروج واللعب... أتوقع أن يتم استهدافنا في أي لحظة الآن".
Read moreبعد طول إنتظار، إسرائيل تسمح بإدخال طفلة إيزيدية لتلقي علاج طارئ
الحصاد draw: timesofisrael بعد تأخيرات بيروقراطية وقيود كورونا التي منعتها من الوصول إلى إسرائيل لإجراء جراحة طارئة، مُنحت الطفلة هناء، المولودة حديثا من كردستان العراق، الإذن بدخول البلاد يوم الخميس. عند هبوط الطائرة، تم نقل الطفلة البالغة من العمر شهرين مباشرة إلى مستشفى “شيبا” بالقرب من تل أبيب حيث بدأت العلاج. في الشهر الماضي، كشفت “تايمز أوف إسرائيل” عن مجموعة من التعليمات المعقدة والمتغيرة باستمرار التي قدمتها وزارة الداخلية، ووزارة الخارجية ، ولجنة الاستثناءات في سلطة السكان والهجرة إلى “شيفت أحيم”، وهي منظمة مساعدة مسيحية تجلب الأطفال من الدول العربية المجاورة إلى إسرائيل لتلقي العلاج الطبي. إحصل على تايمز أوف إسرائيل ألنشرة أليومية على بريدك الخاص ولا تفوت المقالات الحصريةآلتسجيل مجانا! كانت هذه الإجراءات البيروقراطية تعني أن هناء وثمانية أطفال أكراد آخرين لم يتمكنوا من الوصول إلى إسرائيل، على الرغم من أن مستشفى شيبا أرسل طلبات رسمية تطلب السماح لهم بدخول البلاد لإجراء العمليات. منذ أكثر من شهر، أخبر الأطباء في المستشفى عائلة الطفلة أنها تحتاج إلى إجراء عملية جراحية طارئة في غضون أسبوعين وإلا فهم يخاطرون بفقدانها. وتمنع إسرائيل دخول غير المواطنين إليها بسبب جائحة كورونا، باستثناء الحالات الإنسانية. هنا، مولودة إيزيدية من سنجار ، تنتظر في مستشفى داهوك للحصول على إذن لدخول إسرائيل لإجراء جراحة قلب منقذة للحياة. (Shevet Achim) وُلدت هناء في 21 يناير في كردستان العراق وهي تعاني من مشاكل صحية عدة، بما في ذلك رتق الرئة، حيث يؤدي عيب في القلب إلى صعوبة وصول الدم إلى الرئتين للحصول على الأكسجين. هذه الحالة تعرض حياتها لخطر مباشر. يرافقها إلى إسرائيل عمها. وقال والدها لتايمز أوف إسرائيل، متحدثا من مخيم لاجئين بالقرب من مدينة دهوك في العراق :”نحن ممتنون لدولة إسرائيل لمساعدتنا في هذه الظروف الصعبة. نشكركم حقا. بالنسبة لنا كعائلة هنا، هذه فرحة غامرة”. وأضاف: “عندل وصولها إلى المستشفى في تل أبيب ابتهجنا”، مؤكدا على أن “الأطباء لم يدخروا جهدا في علاجها”. هنا هي واحدة من تسعة أطفال من كردستان العراق الذين تم رفض طلباتهم لدخول إسرائيل لإجراء جراحة قلب طارئة في شهر مارس، حيث تنقلت طلباتهم بين المكاتب الحكومية بسبب البيروقراطية الإسرائيلية. يعاني أربعة من الأطفال من تغير وضع الشرايين الكبيرة، وهي متلازمة قاتلة تنعكس فيها الشرايين الرئيسية التي تحمل الدم من القلب. يمكن تصحيح الحالة بإجراء عملية جراحية للرضع في الشهرين الأولين من العمر. فؤاد جمال (يسار) وهيوا شيرزاد وجوناثان مايلز يتفقدون أوراق الهوية لعائلة سورية كردية لاجئة طفلها مرشح لإجراء جراحة قلب في إسرائيل. (photo credit: Times of Israel/Lazar Berman) بعد هناء، من المتوقع أن يدخل الأطفال الثمانية الآخرين إلى إسرائيل من الأردن الثلاثاء، بحسب مؤسس “شيفت أحيم” جوناثان مايلز. ومع ذلك، لم يُمنح مايلز بنفسه إذنا للعبور إلى إسرائيل مع الأطفال وأفراد أسرهم. وسيتعين على العائلات الكردية عبور الحدود من الأردن لوحدها، حيث سيتم نقلها من قبل متطوعي “شيفت أحيم” من الجانب الإسرائيلي. ينسب مايلز الفضل إلى عضو الكنيست المنتهية ولايتها، ميخال كوتلر-فونش وموظفيها لتوسطهم مع السلطات الإسرائيلية لقطع العقدة البيروقراطية. وقال: “من خلال عمل مكتبها … يدخل هؤلاء الأطفال إسرائيل اليوم. يشجعنا رؤية مواطني إسرائيل يقاتلون من أجل جلب هؤلاء الأطفال إلى إسرائيل. نحن نعتبرهم قادة ونحن متطوعون أجانب في دور مساند صغير”. ومع ذلك، لم تتم الموافقة على جميع طلبات المنظمة. ورفضت لجنة الاستثناءات طلبات تسعة متطوعين من “شيفت أحيم” لدخول البلاد. وأعرب مايلز عن أسفه قائلا: “لدينا 17 عائلة في إسرائيل في انتظار العلاج وستة عاملين فقط. تسعة عاملين آخرين ينتظرون منذ ثلاثة أشهر للحصول على تصريح للدخول. سوف ندخل في عزلة كاملة عند الوصول، ونطلب بكل احترام الإذن بالدخول حتى نتمكن من مواصلة دعم الطاقم الطبي الإسرائيلي في عملهم”. الطفلة الأيزيدية هنا تخضع لعلاج منقذ للحياة في مستشفى شيبا، أبريل 2021. (photo credit: courtesy Shevet Achim) ردت اللجنة في 18 مارس على طلب أحد المتطوعين، “لقد توصلنا إلى أنه ينبغي رفض الطلب كما تم تقديمه، للأسباب التالية: طلبك لا يفي بالمعايير المحددة، وعلى وجه الخصوص، لا يعكس حاجة إنسانية أو حاجة شخصية خاصة تبرر منح الموافقة على طلبك. نأمل أن نتغلب قريبا على الأزمة الحالية والعديد من التحديات التي تأتي معها ونعود إلى الحياة اليومية”. لأكثر من عقدين من الزمن، سهلت “شيفت أحيم” العلاج الطبي المنقذ للحياة لمئات من الأطفال الفلسطينيين والأردنيين والعراقيين والسوريين في المستشفيات الإسرائيلية. عملت المجموعة بالتنسيق الوثيق مع منظمة “Save A Child’s Heart” (أنقذ قلب طفل) في مستشفى “فولفسون” في حولون، ومؤخرا مع الأطباء والممرضات في مستشفى “شيبا”. اعتبارا من 25 يناير، فرضت إسرائيل قيودا شديدة على دخول البلاد، بما في ذلك على المواطنين، في محاولة لمنع دخول سلالات فيروس كورونا إلى البلاد. تم إنشاء لجنة الاستثناءات التي تديرها الحكومة لمنح الإذن للمعنيين بدخول البلاد على أساس كل حالة على حدة، لكن اللجنة تعرضت لانتقادات بسبب عملية صنع القرار المبهمة فيها واتهامات بأن دوافع سياسية تقف وراء عملها.
Read moreمعهد واشنطن: تذليل عقبة أخرى قبل إجراء الانتخابات العراقية
الحصاد draw: صفوان الأمين, بلال وهاب - معهد واشنطن أسفر التوصل إلى حل وسط معقد اتخذه "مجلس النواب العراقي" إلى إعادة تنشيط بعض الآليات المطلوبة للانتخابات المقترحة المقرر إجراؤها في تشرين الأول/أكتوبر، ولحل محتمل للنزاع حول الطاقة في «إقليم كردستان»، على الرغم من أن المؤسسات القانونية المتعثرة في البلاد لا تزال تعرقل عملية الإصلاح. في 19 آذار/مارس، عدّل "مجلس النواب العراقي" القانون رقم 30 لعام 2005 الذي أنشأ "المحكمة الاتحادية العليا"، وهي أعلى محكمة دستورية في البلاد. وعلى الرغم من أن القرار نابع من تسوية سياسية شائكة وفشل في حل المشاكل القانونية الأعمق في العراق، إلا أنه مع ذلك سيساعد في التغلب على عقبة خطيرة أمام إجراء انتخابات مبكرة في تشرين الأول/أكتوبر. وقد ظلت "المحكمة الاتحادية العليا" معطّلة منذ عام 2019 بسبب أزمة دستورية ذاتية، لكن بإمكانها الآن الوفاء بالواجب المنوط بها من خلال التصديق على نتائج الانتخابات. وقد تكون قادرة أيضاًعلى "نفض الغبار" عن قضية تتعلق بالحقوق الوطنية لإدارة النفط والغاز الطبيعي - وهو موضوع نزاع مرير بين بغداد و«حكومة إقليم كردستان». ومع ذلك، إذا استمر العراق في تأجيل التعامل مع مشكلة الإصلاحات التي يفرضها الدستور، فقد يؤدي الوضع إلى تعقيدات سياسية وقانونية أسوأ. ركيزة ثالثة معطوبة منذ اعتماد الدستور العراقي الحالي في عام 2005، خضع الفرع القضائي لعدد من التحوّلات العشوائية والتغييرات السريعة التي كان تأثيرها النهائي هو إضعاف سيادة القانون. ومن بين هذه النتائج السلبية عملية سياسية تشوبها انتهاكات دستورية بشكل دوري. لقد نصت المادة 92 (2) من الدستور على إنشاء محكمة اتحادية عليا وكلّفت الهيئة التشريعية بتحقيق هذه الغاية. ومع ذلك، فعلى الرغم من حملها هذا الاسم، لم يتم إنشاء "المحكمة الاتحادية العليا" الحالية من قبل "مجلس النواب" كما هو مطلوب بموجب الدستور - بل تم إقامتها من قبل الحكومة المؤقتة التي أشرفت على المرحلة الانتقالية في العراق قبل المصادقة على الدستور. وكان يتعيّن استبدال هذه "المحكمة الاتحادية العليا" المفترض أن تكون مؤقتة بعد وقت قصير جداً من وضع الدستور، ولكن بعد خمسة عشر عاماً، لا يزال يتعيّن على "مجلس النواب" إصدار التشريعات اللازمة - وهو الفشلْ الذي لا يزال من بين الخطايا التأسيسية للعراق بعد الحرب. وبالإضافة إلى سجل حافل من الأحكام المشكوك فيها للغاية التي اتخذتها "المحكمة الاتحادية العليا" (انظر أدناه)، توقفت المحكمة كلياً عن القيام بمهامها في عام 2019 بعد تقاعد أحد أعضائها. وقد أقدمت سابقاً على إلغاء مواد في القانون رقم 30 تسمح بتعيين قضاة في "المحكمة الاتحادية العليا"، لذلك تعذّر تعيين أي بديل عن العضو المتقاعد. وفي غياب النصاب القانوني الضروري لإصدار الأحكام، تعطّل عمل المحكمة فعلياً منذ ذلك الحين. وفي وقت سابق من هذا الشهر، شرع "مجلس النواب" أخيراً في بدء الجهود التي طال انتظارها لتمرير التشريع المنصوص عليه دستورياً وإنشاء "محكمة اتحادية عليا" جديدة. غير أن مشروع القانون واجه عقبتين كبيرتين. أولاً، في ظل السياسات المتصدعة اليوم، يكاد يكون من المستحيل الحصول على أغلبية الثلثين اللازمة لتمرير مثل هذا القانون بالنظر إلى طبيعته الدستورية. ثانياً، اندلعت خلافات محتدمة بشأن تفسير لغة دستورية مبهمة حول دور رجال الدين في "المحكمة الاتحادية العليا". وبعد مشاحنات مطولة، لجأ "مجلس النواب" إلى خيار أسهل ولكنه يطرح إشكالية قانونية، وهي: الاستمرار في إرجاء إنشاء "محكمة اتحادية عليا" جديدة تتوافق مع الدستور واللجوء بدلاً من ذلك إلى تعديل القانون رقم 30 بطريقة تعيد تفعيل دور "المحكمة الاتحادية العليا" الحالية، لأن هذه الخطوة تتطلب أغلبية بسيطة فقط. وعلى وجه التحديد، ينص التعديل على عزل جميع القضاة الحاليين لـ "المحكمة الاتحادية العليا" وتعيين قضاة جدد. كما تم توسيع اختصاص المحكمة. ومن المفارقات، أن التعديل تم "نسخه وإلصاقه" بشكل انتقائي من الدستور - حيث تتكرر سلطات "المحكمة الاتحادية العليا" والاختصاصات المتوخاة منها والمتوافقة مع الدستور كلمة بعد أخرى، لكن البنود التي تحدد العملية والمتطلبات لإنشاء مثل هذه المحكمة يتم تجاهلها تماماً. وهناك مشكلة أخرى وهي أن عملية التعديل لترشيح القضاة تلفها الضبابية كما أنها غير خاضعة للمساءلة. فهي تمكّن فقط بعض الهيئات القضائية من إعداد قائمة بقضاة مرشحين وإرسالها إلى الرئيس الأمريكي من أجل التصديق عليها وأداء اليمين الدستورية، أو إلى "مجلس النواب" إذا رفض الرئيس استلامها. ويحاول التعديل أيضاً إدخال "توازن" عرقي في هيكلية "المحكمة الاتحادية العليا"، وترسيخ مكانة جديدة بل غير واضحة لأمين عام المحكمة. وبغض النظر عن كيفية تبلور هذه التغييرات، فقد فقدت "المحكمة الاتحادية العليا" أساساً الكثير من مصداقيتها على مر السنين من خلال إصدار أحكام غير ديمقراطية وذات دوافع سياسية بشأن قضايا مختلفة. على سبيل المثال، عمدت إلى تقليص صلاحيات "مجلس النواب" وأوقفت عمل لجان مستقلة لصالح السلطة التنفيذية. وأصدرت على عجل قراراً بشأن عدم دستورية استفتاء استقلال «إقليم كردستان»، لكنها التزمت الصمت عندما فوتت الحكومة العراقية الموعد النهائي لتنفيذ المادة 140 من الدستور في عام 2007، والتي تغطّي المناطق المتنازع عليها. وربما أكثر خطواتها ضرراً من حيث تأثيرها على السمعة كان تفسير المحكمة للمواد الدستورية بطرق فضلت الحزب الحاكم في ذلك الوقت - وهي صلاحية لم يمنحها إياها القانون رقم 30 على الإطلاق. وفي عام 2010، على سبيل المثال، فسَّرت معنى "الكتلة الفائزة" من المادة 76 (1) بطريقة فضّلت رئيس الوزراء نوري المالكي، على الرغم من تواجد أدلة واضحة أنه كان يُقصد منها تفسير مختلف أثناء عملية صياغة الدستور. الخلافات المتعلقة بالانتخابات والطاقة ما أن يتولى قضاة "المحكمة الاتحادية العليا" الجدد مناصبهم، ستكون الانتخابات المقبلة والخلافات حول إدارة البترول بين «حكومة إقليم كردستان» والحكومة الاتحادية القضايا الأكثر إلحاحاً وأهمية التي ستتطلب اهتمامهم. لقد طالب الشعب بإجراء انتخابات مبكرة، والتزمت الحكومة بإجرائها خلال تشرين الأول/أكتوبر المقبل. وإذا كان "مجلس النواب" الذي سيُنتخب آنذاك صالحاً من الناحية القانونية، فعندئذ سيتعين على "المحكمة الاتحادية العليا" المصادقة على النتائج. وكبديل، قد تضع المحكمة العصي في دواليب الانتخابات من خلال الحكم بأن أقسام من قانون الانتخابات الجديد غير دستورية. أما القضايا السياسية الأخرى التي قد تنظر فيها "المحكمة الاتحادية العليا" على الفور فهي قانون الميزانية لعام 2021 وتصويت "مجلس النواب" المتنازع عليه قانونياً من كانون الثاني/يناير 2020 حول طرد جميع القوات الأجنبية. وفيما يتعلق بالنزاعات حول شؤون الطاقة، أقامت بغداد دعوى أمام "المحكمة الاتحادية العليا" ضد «حكومة إقليم كردستان» في عام 2012 بشأن صادرات النفط المستقلة في الإقليم. وتعثرت القضية لأسباب فنية وسياسية، لكن في عام 2014، قدّمت الحكومة دعوى منفصلة ضد تركيا في "محكمة التحكيم الدولية التابعة لغرفة التجارة الدولية"، متهمةً إياها بالسماح بتصدير نفط «حكومة إقليم كردستان»عبر خط الأنابيب العراقي-التركي دون الحصول على موافقة بغداد. وقد يكون مصير الدعوتين مرتبطاً ببعضهما البعض - فقد تنخفض التوترات العراقية-التركية بشأن خط الأنابيب إذا أصدرت "المحكمة الاتحادية العليا" حكماً متعلقاً بالتصدير تلتزم به كل من «حكومة إقليم كردستان» وبغداد، على الرغم من أنه من غير المرجح أن يتم ذلك. وتريد أنقرة أن تتخلى بغداد عن قضية التحكيم وتركز على إعادة النظام إلى السلطة القضائية في العراق فيما يتعلق بإدارة قطاع النفط. وحاولت الحكومة العراقية القيام بذلك في الماضي من خلال قانون "شركة النفط الوطنية العراقية"، إلّا أن "المحكمة الاتحادية العليا" اعتبرت ذلك غير دستوري. توصيات في مجال السياسة العامة على الرغم من أن العراق يمكن أن يفخر بعض الشيء بسياسته الدستورية والتنافسية، إلا أنه لا يزال يتعين ترسيخ ثقافة قانونية وسياسية في الدستور وسيادة القانون. وتشير المخاطر المحتملة في خطوة "مجلس النواب" بتعديل القانون رقم 30 إلى أن النظام السياسي لا يزال يواجه تحديات خطيرة تعترض مسؤوليته وشرعيته. وكما فعلت في الماضي، فإن "المحكمة الاتحادية العليا" المعاد تنشيطها قد تتجاوز دورها وتضع سوابق تؤثر على البلاد لسنوات قادمة. وتعمل الميليشيات والسياسيون الفاسدون على تقويض سيادة العراق من خلال التفاخر بسيادة القانون في العديد من القطاعات، ولا تُستثنى من ذلك السلطة القضائية. على الولايات المتحدة أن تراقب هذا المجال. وعموماً، يجب أن يتمثل هدف واشنطن في الحرص على أن يحترم العراق وسلطته القضائية دستور البلاد. ومع اقتراب موعد الانتخابات الحاسمة، على إدارة بايدن (عبر مكتب وزارة العدل الأمريكية في سفارة الولايات المتحدة في بغداد) العمل مع شركاء دوليين بشأن التعامل مع "المحكمة الاتحادية العليا". ويشمل ذلك تقديم المساعدة التقنية والقانونية وكذلك دعوة القضاة الجدد إلى واشنطن في المستقبل القريب (وإن كان ذلك بعد جائحة فيروس كورونا). على المسؤولين الأمريكيين الوقوف أيضاً على أهبة الاستعداد لإثارة [القضايا المتعلقة] بأي نتائج تسفر عن إجراء انتخابات مزيفة والحكومات التي تشكَّل في أعقابها. وإذا صادقت "المحكمة الاتحادية العليا" على إجراءات انتخابية أو نتائج غير خالية من التلاعب أو ليست ذات مصداقية، فإنها تخاطر بأن يُنظر إليها على أنها امتداد للطبقة السياسية ونظام المحسوبية الخاص بها. وفي المقابل، فإن تعزيز الثقة في النظام الانتخابي والمحكمة العليا يمكن أن يساعد في زيادة إقبال الناخبين على التصويت في الانتخابات القادمة في تشرين الأول/أكتوبر. أخيراً، يُعد قيام "محكمة اتحادية عليا" شرعية وموقرة أمراً أساسياً لواشنطن لكي تدعو إلى حل الخلافات بين بغداد و«حكومة إقليم كردستان» بشأن الطاقة والمسائل الأخرى وفقاً لسيادة القانون وليس حسبما تمليه الوقائع السياسية على الأرض.
Read moreالتحديات الداخلية لعمق العراق الاستراتيجي
الحصاد draw: أ. د. خالد عليوي العرداوي - مركز الفرات العمق الاستراتيجي من الموضوعات التي لم تجد الاهتمام الكافي في العراق، سواء على مستوى المؤسسات الرسمية ذات العلاقة، ام على مستوى الدراسات الاكاديمية المركزة، لذا لا غرابة ان ترى الكثيرين يجهلون هذا الموضوع او لديهم معرفة سطحية فيه. وعليه، فان ما نحاول القيام به في هذه المقالة البحثية ليس تقديم دراسة منهجية متكاملة حول نظرية العمق الاستراتيجي، فهذا الامر يتطلب بحكم الاختصاص جهودا اكبر يبذلها المختصون في حقول الاستراتيجية والعلاقات الدولية والامن والدفاع، بل سنقتصر على رؤية مفاهيمية مختصرة، نذهب بعدها نحو تحديد التحديات الداخلية لعمق العراق الاستراتيجي متوغلين في الموضوع من منطلق بناء الانسان والمجتمع والدولة كونه المنطلق الذي يمثل جوهر اهتمام كاتب هذه السطور، والذي يفوق في أهميته وخطورته المنطلقات الأخرى، لاسيما تلك المرتبطة بالتحديات ذات الطبيعة الخارجية. مفهوم العمق الاستراتيجي العمق الاستراتيجي من المفاهيم ذات الطبيعة العسكرية، فهو يشير الى المسافة الفاصلة بين قوات العدو والمناطق ذات الطبيعة الحيوية في الدولة، كالمراكز: السكانية الكثيفة، والاقتصادية المهمة لاسيما الصناعية، والعسكرية وغيرها، والتي تمثل مركز ثقل الدولة وجوهر قوتها وقدرتها على الصمود ومواجهة الاعتداء. ان هذا الفهم العسكري للعمق الاستراتيجي دفع أحد الباحثين الى تقديم مفهوم ضيق يتمثل في كونه " المسافة المكانية او الزمانية بين مراكز المدن والمؤسسات الحيوية للدولة، وبين خطوط المواجهة مع العدو"، فضلا عن مفهوم واسع يتمثل في " وقف التهديد المعادي"( 1). ان الفهم العسكري للعمق الاستراتيجي لم يمنع من سحب المصطلح الى ميادين أخرى، اذ من السهولة ان تجد من يتحدث عن العمق الاستراتيجي الجغرافي للدولة او عمقها الاستراتيجي الاقتصادي او عمقها الاستراتيجي الثقافي وغيرها. اما سياسيا فيمكن القول: ان العمق الاستراتيجي للدولة هو موقعها وثقلها في السياسة الدولية، ومدى قدرتها على توظيف مصادر قوتها في حماية مصالحها وأمنها الوطني الشامل. وما يتحكم في تقرير قوة الدولة تلك المعطيات او العناصر التي أشار اليها الأكاديمي والسياسي التركي احمد داود أوغلو، وقسمها الى معطيات ثابتة: الجغرافيا، والتاريخ، وعدد السكان، والثقافة. ومعطيات متغيرة: الاقتصاد، والتكنلوجيا، والقدرة العسكرية (2 ). الا ان هذه المعطيات تصبح مشلولة وعاجزة عن القيام بدورها عندما تفتقر الدولة الى وجودها القانوني الفاعل كدولة، او عندما تواجه تحديات تجعل ما يمكن تسميته بقوى اللا دولة هي المتحكمة بمصيرها وارادتها، ناهيك عن افتقارها الى نظام حكم مستقر وقوي تقوده مؤسسات دستورية متماسكة وفاعلة في اتخاذ القرارات وتنفيذها ومراجعتها، وهذا ما تعاني منه الدولة في العراق منذ وقت طويل، لاسيما في المدة التي أعقبت عام 2003. تحديات قاتلة تهدد عمق العراق الاستراتيجي يبعث الحديث عن عمق العراق الاستراتيجي سحابة قاتمة من الإحباط والأسى؛ لكثرة الفرص الضائعة التي كان بالإمكان انتهازها لتحويل هذا البلد الى قوة فاعلة ورقم مؤثر في الساحة الإقليمية والدولية، فضلا عن كثرة الأخطاء الكارثية التي تسببت بها القيادات السياسية الحاكمة خلال السبعين سنة الأخيرة. وما يزيد الطين بلة هو الإصرار على الاستمرار بمسار ارتكاب الأخطاء والفشل، على الرغم من نتائجه المرعبة التي عانى ولا يزال يعاني منها العراق كدولة وشعب وقدرات. ان تشخيص طبيعة التحديات الداخلية لعمق العراق الاستراتيجي من الأمور المهمة والتي لا غنى عنها لمن يرغب في ان يكون لهذا البلد وزنه الإقليمي والدولي، ولكن تشخيص التحديات لوحده غير كافي ما لم تتوافر الإرادة السياسية القادرة والعازمة على مواجهة هذه التحديات والتغلب عليها، بل ان فقدان هذه الإرادة يجعل التشخيص أمرا لا قيمة له اطلاقا. مع ذلك ليس أمامنا سوى الأمل بأن تمتلك المؤسسات والقيادات والشعب في العراق هكذا إرادة في المستقبل القريب، لاستعادة ما هو حق للعراق، ليقوم بدوره المفترض محليا وإقليميا ودوليا. وعليه يمكن تحديد هذه التحديات بما يلي: أولا-ضعف الادراك. عندما تكلم احمد داود أوغلو عن التدخلات العسكرية الضخمة التي حصلت على المستوى الدولي بعد انهيار جدار برلين ونهاية حقبة الحرب الباردة في عام 1989 ذكر ثلاثة تدخلات مهمة هي: العراق، يوغوسلافيا السابقة، وافغانستان، وقد أشار من خلالها الى حقيقة مهمة للغاية الا وهي ان هذه التدخلات لم تتم عبثا، فكل دولة من الدول الثلاث أعلاه لها قيمتها الجيواستراتيجية لتقرير طبيعة النظام الدولي بعد الحرب الباردة، وبقدر تعلق الامر بالعراق قال: العراق يقع " ضمن ساحة المرور الجيوسياسي بين كل من بلاد الرافدين ومصر وآسيا"، وأنه يقع " على خطوط جيو اقتصادية مهمة لنقل مصادر الطاقة والموارد الطبيعية والتجارية الهامة"، كما انه يعد " نموذجا مصغرا للشرق الأوسط لاحتوائه على مختلف الاجناس والمذاهب الشرق أوسطية، من عرب وكرد وتركمان وسنة وشيعة وكلدانيين وآشوريين"(3 ). ولا تنحصر أهمية العراق فيما تقدم من مؤشرات، بل أن وحدة العراق كدولة ومجتمع –أيضا-لها أهميتها في المحيط الإقليمي، وهذا ما وضحه أوغلو أيضا عندما قال:" لا توجد دولة واحدة من دول المنطقة ترغب في تمزق العراق لأي سبب من الأسباب. فعلى سبيل المثال، تدرك الأردن ان كل دولة ستنجم عن انقسام العراق تمثل تهديدا بالنسبة أليها. وكذلك هو الامر بالنسبة الى المملكة العربية السعودية، التي ترى في دولة شيعية على جزء من العراق خطرا قد يمتد الى دول الخليج، بينما تعتقد سوريا أن القومية العربية ستصاب من جراء انقسام العراق بضربة شديدة ...ان دول الجوار العراقي تلتقي في سلوك مشترك، وعلى رأي جامع، وان لم تستطع إقامة أرضية مشتركة بالقدر الكافي وذات فاعلية إيجابية..."(4 ). هذه الأهمية الجيواستراتيجية للعراق: موقعا، وشعبا، وثروات، ووحدة جغرافية، وثقافة، وتاريخ وغيرها تواجه للأسف معضلة كبيرة بالأمس واليوم تتمثل في عدم ادراكها بصورة واضحة من القيادات والشعب في هذا البلد، مما اصاب التفكير والتخطيط الاستراتيجي بالفشل، وهو ان دل على شيء فانه يدل على عدم معرفة الف باء متطلبات النجاح الاستراتيجي لدى كثير من العراقيين؛ فعدم ادراك الذات يجعل الدولة تفقد نصف قدرتها في الحفاظ على مكانتها في محيطها الدولي، استنادا الى ما أشار اليه بذكاء قبل اكثر من الفين واربعمائة سنة القائد العسكري الصيني اللامع سن تزو عندما قال: " اذا كنت تعرف العدو وتعرف نفسك، فلا حاجة للخوف من نتائج مائة معركة. إذا عرفت نفسك لا العدو، فكل نصر تحرزه سيقابله هزيمة تلقاها. إذا كنت لا تعرف نفسك أو العدو، ستنهزم في كل معركة"(5 ). ان عدم الادراك لا يشكل مشكلة فقط عند رسم السياسات ووضع الاستراتيجيات، بل هو مشكلة –أيضا-في اتخاذ وتنفيذ القرارات، وتحديد القيادات والمجتمع لملامح الدور الذي ينبغي للعراق الاضطلاع به في محيطه الخارجي. لقد تسبب عدم الادراك في خلق حالة من الفوضى العارمة في بناء الدولة العراقية، على مستوى القيادة والإدارة، كما على مستوى تحديد الأوليات والمصالح وغيرها، وبقاء هذه المشكلة يعد تحديا كبيرا للعمق الاستراتيجي للعراق، تتضاعف مخاطره مع وجود قيادات محدودة القدرات وضيقة المصالح ومتعددة الولاءات تدير دفة نظام الحكم وتتحكم بقراراته. ثانيا: الارتباك. اذا كان المعنى العسكري للعمق الاستراتيجي ينصرف الى تحديد المسافة الزمانية والمكانية بين خط العدو والمراكز الحيوية للدولة، فان تعريف العدو في العراق عانى ولا زال من التشويش والارتباك لسببين: الأول يرتبط بمشكلة تحديد العدو نفسه، فقبل سنة 2003 تجد ان النظام الحاكم –آنذاك-ونقصد به نظام صدام حسين ركز في سياساته وخطاباته واستراتيجيته على تحديد عدو العراق بكونه ايران وإسرائيل وحلفائهما جاعلا من المحيط العربي عمقا استراتيجيا جغرافيا وتاريخيا وثقافيا للعراق، وهذا الامر مفهوم للغاية كون النظام استند الى القومية العربية في بنيته الأيديولوجية. ولكن تشخيص العدو بهذه الصورة عانى من الاختلال والارتباك عندما قام العراق بغزو الكويت في الثاني من آب-أغسطس 1990، فبهذا الغزو حول العراق كل جيرانه الى أعداء، فظهر بمظهر المعزول في محيط معادي، وهذا الامر تسبب للعراق بخسائر فادحة في مصالحه العليا، كما تسبب للمواطن العراقي بصدمة نفسية وفكرية شديدة شلت حركته وقيدت طاقاته. وما يؤسف له انه بعد زوال نظام صدام حسين سنة 2003 لم تلتفت القيادات الجديدة الى حاجة العراق شعبا ودولة الى التصالح مع محيطه بكسر قيود العداء معه، كما انها لم تعتني عناية جدية بتعريف العدو في ضوء المتغيرات الجديدة، وهي لا زالت الى هذه اللحظة تعيش جوا مشحونا بالارتباك والفوضى، وما يفاقم من حجم هذه المعضلة هو تقاطع رؤاها وتصوراتها عن العدو، فما يعده طرف عراقي ما عدوا يعده غيره صديقا وداعما، وما يعدها طرف ما مصلحة عراقية عليا يعدها غيره مؤامرة وخيانة وهكذا دواليك. اما السبب الثاني للارتباك فيرتبط بتحول شكل الحروب من شكلها التقليدي القائم على الحرب بين جيوش نظامية الى شكلها الجديد المسمى بالحرب غير المتماثلة، والتي يكون أحد أطرافها جيشا نظاميا اما الطرف الاخر فتنظيما إرهابيا او ما شابه. ففي ظل الحروب الجديدة لم يعد العدو متموضعا في خط قتالي محدد، بل أصبح لديه القدرة على اختراق الخطوط الامامية والوصول الى قلب المراكز الحيوية للدولة، كما انه لم يعد يعول في أخذ المبادرة على ضعف المؤسسات العسكرية والأمنية وارتكابها للأخطاء في قراراتها بقدر تعويله على اضعاف تماسك المجتمع واحباطه ونقمته، فضلا على استفادته من أخطاء القيادات السياسية وسوء ادارتها لشؤون البلاد. لقد ظهر تأثير الحرب الجديدة بعد ظهور داعش واخواتها في العراق، لاسيما سنة 2014 وما تلاها، وعلى الرغم من هزيمة هذا التنظيم الإرهابي سنة 2018 من قبل الحكومة العراقية بمساعدة التحالف الدولي الا أن ما يثير الرعب هو ان الأسباب التي جعلت هذا التنظيم يظهر ويستفحل امره ويتمدد لا زالت موجودة، وأحيانا تبدو بصورة اسوء مما كانت في السابق. هذا يعني ان القيادات السياسية الحاكمة لم تستفد كثيرا من الدرس، ولم تفهم حقائق القوة والضعف في بنيتها الاجتماعية، ومنظومتها المؤسساتية، كما لم تدرك جيدا ان الحلول العسكرية والأمنية لواقع اجتماعي واقتصادي وثقافي متأزم لا تجدي نفعا، وانما قد تزيد الأمور سوءا. وعليه، فان إزالة هذا الارتباك والتشويش في تحديد خارطة الأصدقاء والاعداء ووضع الاستراتيجية المناسبة للتعامل معهم من قبل القيادات العراقية يعد من الأمور التي لا غنى عنها لاستعادة دور الدولة وتحجيم فوضى اللا دولة من اجل حماية عمق العراق الاستراتيجي. ثالثا-هيمنة قوى اللا دولة. لا يمكن الحديث عن نظرية العمق الاستراتيجي لأي دولة إذا كانت حكومتها تفتقر الى القدرة على اتخاذ قراراتها بحرية، وتتحمل نتائج هذه القرارات سواء كانت سلبية ام إيجابية، فمكانة الدول المؤثرة في محيطها الدولي هي في النهاية خلاصة تفكير وتخطيط وأداء حكوماتها، وهذا الامر مفقود في العراق اليوم؛ بسبب تغول وتغلغل وتسيد ما يمكن تسميته بقوى اللا دولة على القرار العراقي. ان قوى اللا دولة هي عنوان يشير الى قطاع عريض من القوى المتباينة المصالح والنفوذ والتسميات والانتماءات الا ان ما يجمعها هو شعورها بأن قوة الحكومة العراقية وقدرتها على تفعيل دور مؤسساتها الرسمية وتطبيق قوانينها النافذة بحزم يشكل تهديدا لها، لذا لا تدخر جهدا في اضعافها وتقزيمها وتقليل هيبتها سواء كانت هذه القوى اجتماعية (عشائر، قبائل، مؤسسات تقليدية أخرى)، ام مليشيات مسلحة (طائفية، قومية، حزبية، عابرة للحدود)، فضلا على القوى المرتبطة بمافيات الفساد والجريمة المنظمة. وأفضل تصوير لقوى اللا دولة هو تشبيهها بالسوسة التي تنخر بناء الدولة من الداخل، فتتركها قائمة هيكلا، ولكنها واهنة وضعيفة وعديمة التأثير جوهرا، وهذا ما يحصل في الواقع، لذا تجد العراق اليوم يتصدر الدول في مؤشرات الفساد والعنف والفوضى وضعف سلطة انفاذ القانون، فيظهر للعالم كدولة فاشلة (غير قادرة على إدارة تنوعها وتحقيق الاندماج بين مكوناتها الاثنية والدينية)، ودولة رخوة (يسود الفساد مؤسساتها ومجتمعها ويعرقل مشاريع التنمية فيها)، وهذا الامر اضر اضرارا كبيرا بسمعة العراق الدولية وقزم بشكل كبير مصادر قوته الناعمة التي بقيت مجرد قوة كامنة لم يحسن التعامل معها. ان تحكم قوى اللا دولة بالسلطة والنفوذ والثروة والقرار في العراق يهدد ليس ثقل العراق ومكانته الدولية فحسب، بل يهدد سلمه وأمنه الاجتماعي-أيضا-ويخلق الظروف المناسبة للتدخل في شؤونه الداخلية، وهذا ما بدا واضحا عندما أصبح العراق ساحة مفضلة لتصفية الحسابات بين كثير من القوى الإقليمية والدولية، وقد انعكس كل ذلك سلبا على معطيات القوة العراقية بصورتها الثابتة والمتغيرة، ولا توجد أي فرصة لتغيير ذلك الا باستعادة دور الدولة وانهاء التأثير السلبي والقدرة على المبادرة من قوى اللا دولة. رابعا-ضيق هامش الخطأ. في كتابه الرائع (الأعوام المائة القادمة استشراف للقرن الحادي والعشرين) تطرق عالم السياسة الأمريكي جورج فريدمان الى قاعدة جيوسياسية بالغة الأهمية والخطورة سماها قاعدة "هامش الخطأ"، ويقصد بهذه القاعدة " كمّ المساحة التي تتمتع بها أية دولة يمكن لها أن تمارس فيها الأخطاء" في سياستها الخارجية، ورأى أن هامش الخطأ يتكون من قسمين: " أنواع الاخطار التي تواجهها الدولة، وكمّ القوة التي تمتلكها تلك الدولة". واستنادا الى هذه القاعدة تجد بعض الدول لديها هامش ضيق جدا من الأخطاء، لذلك هي " تعاني من الهوس حول ادق التفصيلات في سياستها الخارجية؛ لأنها تعرف أن أدنى خطوة غير محسوبة قد تؤدي الى نتائج كارثية"، فيما هناك دول أخرى لها هامش خطأ واسع، لذلك هي تتصرف بشكل مريح، ولا تعود اخطائها غير المحسوبة عليها بنتائج مدمرة (6 ). وعند تطبيق قاعدة هامش الخطأ على العراق ستجد ان هذا البلد من البلدان التي لديها هامش خطأ ضيق للغاية في محيطها الإقليمي والدولي، ولكن هذا الواقع لم تفهمه أنظمة الحكم المتعاقبة في العراق، لاسيما منذ بزوغ عهده الجمهوري سنة 1958 والى الوقت الحاضر، فكانت النتيجة سياسة خارجية عراقية غير مدروسة بعناية ارتكزت على قرارات سياسية متهورة ومرتجلة وفوضوية قادت الى نتائج كارثية بالغة الضرر. ان من يراقب سياسة العراق الخارجية في العقود الأربعة الأخيرة يكتشف انها مجرد سلسلة من الأخطاء الكارثية في بلد تصبح نتائج الخطأ مأساوية بشكل لا يرحم ومن الصعب تلافيها، فكان الخاسر الأكبر فيها العراق شعبا ودولة، فقد اقتطعت أجزاء من أراضيه عنوة وتحت حراب الأعداء، ودمرت بنيته التحتية نتيجة الحروب والحصار والعزلة الدولية، وتفكك نسيجه الاجتماع بتأثير الفقر والعنف والسياسات المتطرفة، وتمزق قراره السياسي بفعل التدخل الخارجي، وضُعفت هويته الوطنية الجامعة مع بروز الهويات الفرعية للطوائف والاثنيات والعشائر والزعامات، فخسر البلد خلال حقبة الاوتوقراطية السياسية كافة معطيات قوته الثابتة والمتغيرة، فيما اجهزت الاوليغارشية السياسية في الوقت الحاضر على ما تبقى من مظاهر الدولة فخسرتها لمصلحة قوى اللا دولة. لقد كانت محدودية هامش الخطأ الجيوسياسي للعراق بحاجة الى فهم من أنظمته الحاكمة منذ ظهور دولته الحديثة عام 1921، وتطلبت حذرا كبيرا من قياداته النافذة وهي تسير في طريق اثبات موقع العراق في الساحة الدولية، ولكن هذا ما لم يحصل، وما يؤسف له اليوم هو استمرار المسار الخاطئ على ما كان عليه من سوء فهم يترتب عليه المزيد من التراجع والانكماش في تأثير العراق الإقليمي والدولي، ولا يمكن اصلاح الأمور وتغيير طريق الانحدار ما لم يتم اصلاح الخلل في العقليات التي تدير السلطة من خلال اكتسابها وعي جديد بدورها وما يجب عليها. خلاصة الامر هي: ان هذه التحديات الأربعة التي واجهت عمق العراق الاستراتيجي اشارت الى ضعف كبير في الاوضاع الداخلية لهذا البلد في مجالات السياسة والاجتماع والاقتصاد والثقافة، وطالما أن القاعدة المعروفة في العلاقات الدولية تقول: ان قوة السياسة الخارجية للدولة هي امتداد لقوتها الداخلية، لذا من العبث البحث عن قوة العراق في محيطه الإقليمي والدولي ما لم يستعيد قوته في الداخل، وهذه المهمة تقع مسؤوليتها بشكل مباشر على العراقيين أنفسهم كقيادات سياسية ونخب ومجتمع ومؤسسات. المصادر: 1- ينظر للمزيد: هشام العلي، العمق الاستراتيجي بين الرأي العام والاتجاه العام، بحث منشور على الشبكة الدولية للمعلومات (الانترنيت) على الموقع الالكتروني: www.beirutme.com تاريخ الزيارة في 21/3/2021 الساعة الثالثة مساء. 2 - ينظر للمزيد: احمد داود أوغلو، العمق الاستراتيجي: موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية، ترجمة محمد جابر ثلجي وطارق عبد الجليل، الطبعة الثانية، الدوحة-قطر، مركز الجزيرة للدراسات، 2011، ص35-43. 3- ينظر: احمد داود أوغلو، مصدر سابق، ص606. 4 - المصدر نفسه، ص 622-623. 5 - سن تزو، فن الحرب، تقديم احمد ناصيف، الطبعة الاولى، دمشق-سوريا، دار الكتاب العربي، 2010، ص 24. 6-ينظر للمزيد: جورج فريدمان، الأعوام المائة القادمة استشراف للقرن الحادي والعشرين، ترجمة منذر محمود محمد، الطبعة الأولى، دمشق-سوريا، دار الفرقد، 2019، ص 83.
Read moreالأموال العراقية المهرّبة: ملف فساد ضخم يُلاحق سياسيين وزعامات
الحصاد draw: العربي الجديد يؤكد خبراء بالشأن الاقتصادي العراقي وسياسيون أن أرقام الأموال المهربة من البلاد بواسطة شخصيات حزبية وسياسية تراجعت لكنها لم تتوقف. يأتي ذلك على الرغم من إعلان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي استمرار الحملات للسيطرة على المنافذ الحدودية ومنع التهريب والفساد في المعابر مع الدول المجاور إضافة إلى المطارات. ويختلف مراقبون بشأن قيمة الأموال التي هرّبت من العراق منذ الاحتلال الأميركي في 2003 ولغاية اليوم، لكنهم يتفقون جميعاً على أنها كافية لإعادة إعمار العراق بالكامل وتوفير البنى التحتية وفرص العمل وإقامة مشاريع عملاقة. ويستمع العراقيون إلى الخطابات التي تطلقها الحكومات المتعاقبة، حول مشاريع وقوانين وآليات استرداد الأموال المنهوبة من بلادهم، ولكنها تبقى حبراً على ورق. ويُرجع محللون عدم استطاعة أي حكومة إنجاز هذا الملف إلى كثرة المتورطين فيه، إضافة إلى أن غالبيتهم أعضاء في الأحزاب ذاتها التي تمسك بالسلطة وتمتلك المليشيات والفصائل المسلحة. وقال رئيس الجمهورية برهم صالح، مطلع مارس/ آذار، إنه "بصدد وضع مدونة قانونية تتناول آليات لاسترداد الأموال المنهوبة من العراق، والموجودة في الخارج". وهذا التعليق الثاني لصالح خلال أقل من ستة أشهر، فقد سبق له أن أكد في أكتوبر/ تشرين الأول 2020 أن العراق يمضي في استرداد الأموال المنهوبة وملاحقة الفاسدين. وكان وزير المالية الحالي علي علاوي، قد أشار في وقتٍ سابق إلى أن "250 مليار دولار سرقت من العراق منذ عام 2003 حتى الآن، وهذا المبلغ يبني العديد من الدول، كما أن هذه السرقات أدت إلى تراجع قدرات العراق الاقتصادية". إلا أن لجنة النزاهة في البرلمان العراقية كانت قد قدرت مطلع العام الحالي حجم الأموال المهربة خارج البلاد بنحو 350 ترليون دينار (239.7 مليار دولار أميركي)، وهو رقم يفوق موازنة البلاد لأكثر من عامين، وفقاً لعضو اللجنة طه الدفاعي، الذي أشار إلى أن "المبالغ المهربة خارج البلاد كانت عبر إيصالات وهمية. وكثير من العمولات دفعت لغرض التهريب كان يحصل عليها بعض المسؤولين"، لكن عضو اللجنة المالية في البرلمان سابقاً رحيم الدراجي أكّد أن قيمة الأموال المنهوبة في العراق نحو 450 مليار دولار. وتواصل "العربي الجديد" مع الدراجي الذي قال إن "هذا الرقم يرتفع يومياً بنسب متفاوتة، لأن عمليات الفساد التي تقودها الأحزاب النافذة وبرعاية من الداخل والخارج تستمر بقوة، وتواصل هذه الأحزاب استغلال كل حادثة أو نكسة عراقية لتحويلها إلى شكل من أشكال المكاسب المالية". وأوضح أن "هذه القوى السياسية، وما فيها من شخصيات فاسدة، تعتبر العراق ليس أكثر من منجم ومعسكر عمل، لذلك فإن معظم السياسيين يغادرون العراق بعد انقضاء مهامهم السياسية إن كانت برلمانية أو حكومية، ولأن أجهزة الرقابة ضعيفة في العراق وخاضعة للنفوذ الحزبي، فإن السرقة لا تكون صعبة على المتنفذين". ويتذكر العراقيون العديد من الملفات في هذا الإطار، فقد اتهم وزير الدفاع في حكومة إياد علاوي، حازم الشعلان، بتهريب نحو مليار دولار، وحكم عليه بالسجن سبع سنوات، إلا أنه لا يزال خارج العراق. كذلك الحال بالنسبة إلى وزير التجارة في حكومة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، عبد الفلاح السوداني، والذي كان متهماً بسرقة 4 مليارات دولار، وحكمت عليه المحاكم العراقية بالسجن 21 عاماً بعد هروبه إلى الخارج. وأكد عضو البرلمان العراقي باسم خشان أن "المبالغ المهربة من العراق تبلغ مئات المليارات". ولفت إلى أن "الحكومة الحالية وكذلك تلك السابقة غير قادرة على استرجاع دولار واحد من الفاسدين". وأضاف في حديثٍ مع "العربي الجديد" أن "أكثر من 90 في المائة من الشخصيات التي سرقت مليارات الدولارات من أموال العراقيين هم أعضاء بارزون في أحزاب عراقية مدعومة من جهات خارجية وداخلية، إضافة إلى أن معظم هؤلاء يمتلكون جنسيات أجنبية ومنها أميركية، وبالتالي فإن هناك عراقيل في عملية اعتقالهم، وإن تم ذلك فإن من المستبعد أن يتم إيجاد هذه الأموال، التي سرعان ما تتحول إلى ممتلكات وشركات تسجل بغير أسمائهم". من جهته، بيَّن الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني أن "الأرقام التي يتحدث عنها سياسيون ومراقبون للشأن السياسي والمالي في العراق عن المبالغ المهربة إلى الخارج كافية لبناء دولة كاملة من الصفر، فهي أرقام ليست اعتيادية، وتدل على كارثة سياسية واقتصادية، قد تظهر آثارها في السنوات المقبلة، وفي الأزمات". وأكد لـ"العربي الجديد" أن "هناك آليات كثيرة للتعامل مع الأموال المهربة، مثل مخاطبة الإنتربول وتفعيل القرارات القضائية العراقية الصادرة بحق المتهمين، إضافة إلى مخاطبة الحكومات التي يستقر فيها المتهمون، ومصادرة كل ما استملكوه بعد توليهم المناصب في العراق، ولكن كل هذا يحدث في حال توافر الإرادة السياسية في العراق لمتابعة هذا الملف".
Read moreيتحالف الصدر مع البارزاني الطامع برئاسة الجمهورية؟
الحصاد draw: صلاح حسن بابان- الجزيرة نت التقارب يأتي في وقت أكد فيه الصدر أكثر من مرة سعي تياره للحصول على منصب رئاسة الوزراء من خلال الانتخابات المقبلة، في حين لا يخفي البارزاني حرص حزبه على منصب رئاسة الجمهورية تقارب سياسي لافت شهدته الساحة السياسية العراقية مؤخرا بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، بهدف تحقيق مكاسب سياسية في مرحلة ما بعد الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في أكتوبر/تشرين الأول المقبل. الاتفاق يقوم على أن يقصر البارزاني مرجعيته السياسية على الصدر دون القوى السياسية الشيعية الأخرى، مقابل أن يدعم الصدر حصول الحزب الديمقراطي الكردستاني على منصب رئيس الجمهورية. يتزامن هذا التقارب مع تأكيد الصدر أكثر من مرة سعي تياره للحصول على منصب رئاسة الوزراء من خلال الانتخابات المقبلة. وكان الحزب الديمقراطي قد سعى في السنوات الماضية للحصول على منصب رئاسة الجمهورية إلا أنه فشل وآلت في جميع المرات خلال السنوات الـ16 الماضية إلى منافسه السياسي الاتحاد الوطني الكردستاني، وكان آخرها في 2018 عندما قلبت الأحزاب الشيعية المعادلة لصالح مرشح الاتحاد الوطني رئيس الجمهورية الحالي برهم صالح على حساب مرشح الديمقراطي آنذاك فؤاد حسين، الذي تولى لاحقا حقيبة الخارجية في حكومة رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي. السراجي اعتبر أن التوافق بين الأحزاب في العراق هو الأساس في تقاسم الحكم والمغانم (الجزيرة نت) تشتت الشيعة عُرف عن الأكراد بعد 2003 ومع بداية تشكيل العملية السياسية في العراق على يد الحاكم المدني الأميركي بول بريمر أنهم أكثر الشركاء تنظيما وحنكة ومعرفة بما يريدون، وكانت لهم تجربة بالحكم وإن كانت محدودة عكس البقية من قرنائهم السنة والشيعة بعد التغيير، فهم إما خائفين -حسب المحلل السياسي العراقي أحمد السراجي- من الانتقام كما حصل لسُنة العراق، أو فرحين وغير مصدقين كالشيعة. ويرى السرّاجي أن البارزاني يحاول الاستفادة من التشتت الشيعي السائد في الوسط السياسي العراقي، ويعرف في الوقت نفسه قوة أحد أهم مكوناتها وهو التيار الصدري الطامح لحكم العراق، على أن يتم التفاهم على تمرير حصة الإقليم بالموازنة مقابل التصويت لمرشح التيار الصدري في رئاسة وزراء العراق. وعلى ضوء ذلك، كما يقول السراجي نشطت تحالفات وخلافات شيعية شيعية بالتساوي ولعل المتجارة بقضية سعر صرف الدولار مقابل الدينار من قبل رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وغيره، هي من أجل قطع الطريق على هذا التقارب الكردي الصدري الذي إذا نجح فسيؤدي لتغيير جذري في خارطة القوى الشيعية وتحديدا حزب الدعوة الذي يقوده المالكي الحالم بالعودة للحكم من جديد. وعلى حد قول السراجي التوافق هو الأساس في تقاسم الحكم والمغانم، فكان الشرط الأول للأكراد هو مصلحة وحصة الإقليم من النفط، كائنا من كان في حكم العراق، وبما أن التوافق قائم على أساس رئاسة الجمهورية للأكراد والبرلمان للسُنة ورئاسة الوزراء للشيعة، أعطي للكرد ورقة مهمة للمساومة -كونهم بيضة القبان داخل مجلس النواب- بينهم وبين الأحزاب الشيعية، التي تبحث عن الأغلبية للحصول على المنصب، وهو ما جعل من الشيعة الأضعف في التفاوض والأكثر في تقديم التنازلات التي ظهرت آثارها اليوم بكل وضوح من خلال البؤس والفقر والبُنية المهدّمة في مدن الوسط والجنوب ذات الأغلبية الشيعية. البرلمان العراقي يتشكل من 329 مقعدا تتقاسمها كتل متنافسة (رويترز) البارزاني وكرسي الرئاسة واحتمالية أن يُسهل هذا التقارب حصول الصدر على رئاسة الوزراء والبارزاني على رئاسة الجمهورية واردة بقوّة، وهذا ما يؤكده الواقع، إذ إن الحزب الديمقراطي الكردستاني أقوى تنظيم في كردستان العراق كما يقول عضو الحزب الدكتور ريبين سلام، يقابله بالمواصفات ذاتها مقتدى الصدر في وسط وجنوب العراق. وعن سبب اختيار الصدر من بين القوى والأحزاب الشيعية الأخرى للاتفاق معه، يقول العضو في الديمقراطي الكردستاني إنه يعود إلى عدّة مسائل، أبرزها التاريخية، حيث عمل الاثنان معا أثناء معارضة نظام الرئيس الأسبق صدام حسين، بالإضافة إلى التزام نواب الصدر بمرجعيتهم وتوجيهاته على عكس العديد من الأحزاب والكتل السياسية التي تفتقد لهذه الميزة، لكن أبواب التقارب والتحالف مفتوحة بالنسبة لحزبه مع الأحزاب الأخرى في الساحة العراقية. سلام يرى أن الحزب الديمقراطي أقوى تنظيم في كردستان فبحف له بالتالي ترشيح من يراه مناسبا لمنصب الرئيس (الجزيرة) وعن إيجابيات الاتفاق، يؤكد سلام أنه يُسهم في استقرار العراق، عازيا السبب في ذلك إلى أن هذا النوع من التنظيم السياسي يحتاج إلى مراجعة، وعادةً الأخيرة لا تكون إلا من خلال الأحزاب والكتل السياسية الكبيرة التي تتمتع بشعبية عالية. ولا يخفي سلام سعي حزبه للحصول على منصب رئاسة الجمهورية، في رده على سؤالٍ للجزيرة نت بشأن ما إذا كان حزبه يسعى لانتزاع منصب رئاسة الجمهورية من الاتحاد الوطني الكردستاني القابض عليه منذ 2005، بتقرب حزبه من الصدر. اعلان وينتقد سلام وصول شخصية مثل برهم صالح إلى رئاسة الجمهورية وهو الذي حصل على مقعدين فقط قبل أن يعود إلى صفوف الاتحاد الوطني، مما يؤدي إلى هشاشة المنصب وكذلك الحال مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي لا يملك أي مقعد برلماني، على عكس الرئيس الراحل جلال الطالباني الذي كان يلملم كل الخلافات بحنكته. أنور حكم بالفشل على أي تحالف لحزب كردي خارج البيت الكردستاني (الجزيرة نت) فشل التحالف إلا أن عضو مكتب إعلام الاتحاد الوطني الكردستاني كاروان أنور يحكم بالفشل مسبقا على أي تحالفات كردية تحدث خارج البيت الكردستاني، ولا سيما إذا كان الأمر يتعلّق بتحريض طرف ضد آخر، حاصرا النجاح في التحالفات التي تجري داخل البيت الكردي. ويعزّز أنور موقفه هذا بالرجوع إلى الأحداث والاتفاقات التي حصلت خلال سنوات ما بعد 2003، مستغربا من تقارّب الديمقراطي من الصدر بالقول "إذا ترجمنا الخطاب الإعلامي الكردي لحزب البارزاني إلى اللغة العربية، فهو من المستحيل أن يتحالف مع أية جهة غير كردية وخاصة الشيعية منها، لأن الانتقادات التي يوجهها إعلام البارزاني للاتحاد الوطني ناجمة عن قرب الاتحاد الوطني من القوى العراقية والشيعية منها خاصة، والشارع الكردستاني الآن يعلم جيدا أن معظم قيادات السُّنة حتى من البعثيين السابقين يوجدون في أربيل وتحت نفوذ الديمقراطي، والأقرب إلى السُّنة هو الحزب الديمقراطي والأقرب إلى الشيعة هو الاتحاد الوطني الكردستاني". ولا يخفي أنور وجود نية ومنافسة صارختين لحزب البارزاني من أجل الحصول على المناصب السيادية الأخرى عراقيا كانت أو كردستانية، ولمرّات عدة حاول بكل ما أوتي من قوة من أجل الوصول إلى كرسي رئاسة الجمهورية إلا أن جميع محاولاته باءت بالفشل. ويؤكد أن قوّة الاتحاد الوطني الكردستاني في العراق أكبر من قوّة الحزب الديمقراطي الكردستاني، عازيا السبب في ذلك إلى الخطاب الواضح والصريح لحزبه تجاه العراق عكس حزب البارزاني. ويختم أنور حديثه للجزيرة نت بالتأكيد على أنه منذ عام 2003 وهناك شبه اتفاق ما بين القوى العراقية كافة، لتوزيع المناصب السيادية الثلاثة، ومن بينها رئاسة الجمهورية للكرد، ومن الكرد يتسلمها الاتحاد الوطني ولكن هناك اتفاقات وتحالفات وتوزيع المهام والمسؤوليات قد تغير من تلك المعادلات، جازما بأن الصدريين لا يساعدون أي طرف كردي ضد طرف آخر وإنما يتركون الحال للتحالفات والاتفاقات داخل البيت الكردي. سابق لأوانه ولا يحصر التيار الصدري تقاربه من الحزب الديمقراطي الكردستاني، وإنما يقف على مسافة واحدة من جميع الكتل الكردية انطلاقا من أن مصلحة العراق تتطلب التشاور مع جميع الأطراف كما يقول النائب عن تحالف "سائرون" التابع للصدر علي سعدون غلام، ويؤكد أن الحديث عن مرحلة ما بعد الانتخابات المقبلة سابق لأوانه. وفي ما إذا كان هذا التقارب يساعد الصدريين للحصول على رئاسة الوزراء والحزب الديمقراطي على الرئاسة، يكتفي غلام في حديثه للجزيرة نت بالقول إن هذه الاتفاقات وغيرها تعتمد على ما تفرزه الانتخابات، أما الآن فالمعطيات غير واضحة أبدا. نوح اعتبر أن الحديث عن اتفاقات مستقبلية بين البارزاني والصدر مبكر جدا الآن (الجزيرة نت) مرجعية شيعية كردية بدوره، يُعلق الصحفي والمحلل السياسي الكردي سامان نوح على هذا التقارب ومضمون الاتفاقات فيه، بأنه لا يمكن الحديث عن اتفاقات، إذ هناك لقاءات جرت بهدف التنسيق والتفاهم في بعض الملفات لكي يمرر كل طرف أجندته في المرحلة الحالية التي تسبق الانتخابات، وهذا ربما اتضح من الترتيبات والتفاهم التي حصلت بشأن حصة الأكراد في الموازنة الحالية والتي تم الاتفاق عليها في جلسة البرلمان أمس، حيث وافق التيار الصدري على التعديلات الأخيرة ورفضتها كتل أخرى ككتلتي دولة القانون والفتح. أما الحديث عن اتفاقات مستقبلية فهو حديث مبكر جدا -حسب نوح- والتفاهمات واردة بين الكتل في كل مفصل ولكنها في الوقت ذاته مرحلية ومتقلبة حسب مصالحها في كل ملف وكل مرحلة. ورحب نوح بأي تفاهمات بين أي قوتين كبيرتين، لأن ذلك سيساعد في استقرار البلاد. وفي رده على سؤال للجزيرة نت عن مكاسب البارزاني من هذا التقارب، بيّن أن الديمقراطي الكردستاني يعتبر أن حضوره في بغداد تراجع في السنوات الأخيرة رغم تصاعد قوتهم في الإقليم، فيريدون تعظيم قوتهم في بغداد، ولعلهم وجدوا في التيار الصدري الشريك المناسب في هذه المرحلة. ويؤكد نوح أن أي تحالف بين قوتين فقط في العراق لا يمكنه تحقيق أهداف كبيرة لأن المقاعد بالبرلمان العراقي البالغة 329 مقعدا موزعة على أكثر من ثماني كتل بارزة، ويجب أن لا ننسى أن الاتحاد الوطني -ووفق التجارب الانتخابية السابقة وحتى مع عدم تحقيقه لنتائج مقاربة للديمقراطي في انتخابات الإقليم- كان دائما يحصل على مقاعد قريبة من مقاعد الديمقراطي في البرلمان العراقي، إلى جانب انفتاحه وتفاهماته مع بعض القوى الشيعية، ما مكّنه دائما من تحقيق مكاسب أو اختراقات في بغداد وعلى حساب الديمقراطي. محمد اعتبر أن تحركات الحزب الديمقراطي نحو الصدر تأتي لتحقيق مصلحة حزبية وعائلية (الجزيرة نت) مصلحة عائلية حزبية بالمقابل، يصف عضو كتلة "الأمل" الكردية المعارضة في مجلس النواب العراقي كاوة محمد تحركات الحزب الديمقراطي الكردستاني نحو الصدر بأنّها تأتي من منطلق المصلحة الحزبية والعائلية كما هي الحال منذ 2003، وهو ما عرقل أن تكون هناك علاقة إستراتيجية بين حكومتي بغداد وأربيل من خلال تفرّده بكيفية التعامل مع الأحزاب العراقية الأخرى. ويسعى الديمقراطي الكردستاني إلى التقرّب من الصدر للحصول على مكاسب حزبية في الحكومة الاتحادية المقبلة، بعد أن لوّح زعيم الصدريين أكثر من مرّة بنيته الحصول على رئاسة الوزراء، مؤكدا أن هذا التناقض لا يختلف أبدا عما كان عليه حزب البارزاني في انتخابات 2018 عندما تحالف مع كتلة البناء الشيعية، في وقتٍ كان يوجه أشد الانتقادات ضد الحشد الشعبي. ويتّفق محمد في حديثه للجزيرة نت مع سلام بوجود نية أو محاولات للحزب الديمقراطي الكردستاني من أجل انتزاع منصب رئاسة الجمهورية في الحكومة المقبلة من الاتحاد الوطني الكردستاني بعد أن فشلت محاولته الأولى في انتخابات 2018، وأن هذا ما يدفعه إلى التقرّب أكثر من الصدر في المرحلة المقبلة.
Read more