Draw Media

وثيقة تاريخية.. كيف أدان الأزهر مذابح الأرمن قبل 100 عام؟

الحصاد: أحمد القاضي - القاهرة - سكاي نيوز عربية   وثيقة تاريخية عمرها يتجاوز 112 عاما تحمل فتوى أصدرها شيخ الأزهر سليم البشري عام 1909، بتحريم قتل الأرمن على يد الأتراك، لتؤكد أن تلك الممارسات "تلحق العار بالإسلام"، وتشهد بأن مصر كانت سبّاقة في إدانة تلك المذابح.   ويعود إصدار هذه الفتوى إلى ما شهدته منطقة "أضنة" التركية من اعتداءات من قِبل بعض العثمانيين على الأرمن المسيحيين، حين كان الأرمن يسيطرون على الحياة الاقتصادية للمنطقة وقتها، ما تسبب في مقتل الآلاف. وقال شيخ الأزهر في الوثيقة "طالعتنا الصحف المحلية بأخبار محزنة وشائعات سيئة عن مسلمي بعض ولايات الأناضول من المماليك العثمانية، وهى أن بعضهم يعتدون على المسيحيين فيقتلونهم بغيا وعدوانا، فكدنا لا نصدق ما وقع إلينا من هذه الشائعات ورجونا أن تكون باطلة، لأن الإسلام ينهى عن كل عدوان ويحرم البغي وسفك الدماء والإضرار بالناس كافة، المسلم والمسيحي واليهودي في ذلك سواء، فيا أيها المسلمون في تلكم البقاع وغيرها احذروا ما نهى الله عنه في شريعته الغراء، واحقنوا الدماء التي حرم الله إهراقها ولا تعتدوا على أحد من الناس فإن الله لا يحب المعتدين". معاناة كبيرة لنازحي الأرمن بعد المذابح وحذر شيخ الأزهر المسلمين في تلك المنطقة من مخالفة الشرع، قائلا: "يا أيها المسلمون الله الله في دينكم وإياكم وما حظر عليكم ربكم في كتابه وسنة رسوله، والفسوق عن أمره والنزول على ما فيه غضبه وسخطه، إن الذين عاهدوكم والمستأمنين لكم والذين جاوروكم من أهل الذمة بينكم حقا من الله تعالى في رقابكم أن تستقيموا لهم ما استقاموا لكم، وأن تمنعوهم مما تمنعون منه أنفسكم وأهليكم وأن تجعلوا لهم من بأسكم قوة لهم، ومن قوتكم عزة ورخاء، وأن تكفوا عن أديرتهم وكنائسهم وبيعهم ما تكفون عن مساجدكم ومعابدكم". وأكمل الشيخ سليم البشري: "لا والله ما داس امرؤ حريمهم ووضع السيف فيهم وبنى عليهم، إلا كان ناقضا لما أخذ الله على المسلمين من عهد وأوجب عليهم من أمر، فيا أيها المسلمون لا تجعلوا للعصبيات الجنسية سلطانًا عليكم". كما استشهد الشيخ البشرى فى نهاية فتواه بالحديث الشريف: "من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها يوجد من مسيرة 40 عاماً". وثيقة الأزهر التاريخية مواقف تاريخية يقول الباحث التاريخي والمتخصص في الدراسات الأرمنية، علي ثابت، لـسكاي نيوز عربية، إن مصر كانت في طليعة الدول التي نددت بالجرائم التي ارتكبت بحق الأرمن، والتي جرى تنفيذها عبر برنامج مُمنهج لإبادتهم عبر ثلاث مراحل دموية، الأولى جاءت في عصر السلطان عبد الحميد الثاني وراح ضحيتها حوالي 100 ألف أرمني، والثانية في أضنة عام 1909 والتي تعرّض فيها الأرمن لهجمات مسلحة على يد العوام الذين تم تحريضهم وإثارتهم، وكذلك القوات النظامية. وبحسب ثابت، فإن ما لفت الانتباه في هذه المرحلة من الإبادة للأرمن هو إثارة الأكراد والأتراك باسم الإسلام ضد المسيحية استغلالا لجهل الناس بأحكام دينهم الصحيح، وعند هذا الحد وقف الأزهر لنفي هذه التهمة الشنعاء، وصدرت فتوى الشيخ سليم البشري شيخ الجامع الأزهر في 26 أبريل 1909، والتي حرّم بمقتضاها إراقة دماء المسيحيين في إقليم أضنة. وأوضح أنه تم ترجمة الفتوى إلى اللغة التركية، وطبع منها المحامي المصري حسن باشا صبري 25 ألف نسخة، وأرسلها لبر الأناضول بالتلغراف على نفقته الخاصة غيرة منه على الإسلام. الأرمن عانوا من التشريد بعد مذبحة الأتراك العثمانيين بحقهم وشدد على أن فتوى الأزهر تعد أول وأكبر اعترافً من أكبر مؤسسة دينية في العالم، والتي سبقت إدانة الكنيسة المصرية لهذه الجرائم. وأكد أن الصحافة المصرية وثقت بدقة منذ عام 1915، ما قامت به السلطات العثمانية بتنفيذ خطة التخلص من الأرمن نهائياً مستغلين انشغال العالم بالحرب العالمية الأولى، ويحمل الأرشيف المصري جرائم القتل والاغتصاب مما تسبب في إخضاع الجماعة الأرمنية لظروف قسرية أودت لإبادتها، وجعلها الجريمة النموذج، والتي على أساسها تم صياغة قانون منع إبادة الجنس البشري عام 1948. نزوح الأرمن بحرا   وقال الباحث في الدراسات الأرمينية إن مصر استقبلت اللاجئين الأرمن وأحسن ضيافتهم واعتبرتهم من أهل البلد وليست ضيوفًا، كما استقبل سعد باشا زغلول الأطفال اللاجئين من الأرمن بحوالي ألف لاجئ. ولفت إلى أن مصر شهدت طباعة أول كتاب يصدر عن الإبادة الأرمينية باللغة العربية لمحامٍ سوري اسمه فايز الغصين تحت عنوان المذابح في أرمينيا، ونشر على حلقات في جريدة المقطم القاهرية، ثم تجميعه في كتاب. استقابل نازحي الأرمن في بورسعيد حديثا، قال ثابت إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كان أول رئيس عربي يندد بما حدث للأرمن، خلال مشاركته بالجلسة الرئيسية لمؤتمر ميونيخ للأمن عام 2019. وحينها قال الرئيس السيسي إن مصر استضافت قبل 100 سنة الأرمن، بعد المذابح التي تعرضوا لها، "ووجدوا الأمن والسلام والاستقرار لدينا".

Read more

مذابح الأرمن: حكايات "مسيرات الموت وحقول القتل" التي يُتهم الأتراك بارتكابها

الحصاد: BBC في تطور جديد يتعلق بملف ما يسمى "مذابح الأرمن"، نسبت وكالة رويترز للأنباء لمصادر القول إنه من المتوقع أن يعترف بها الرئيس الأمريكي جو بايدن رسمياً. ولطالما نفت تركيا المزاعم بارتكاب مذبحة بحق الأرمن خلال الأعوام الأخيرة من عمر الإمبراطورية العثمانية أثناء الحرب العالمية الأولى والتي تعتبرها عدة دول غربية عملاً من أعمال الإبادة الجماعية. وينتظر أن تثير الخطوة الأمريكية حنق تركيا وتفاقم توتر العلاقات بين الدولتين. فقد قالت ثلاث مصادر مطلعة إنه من المرجح أن يستخدم بايدن عبارة "إبادة جماعية" في بيان يوم 24 أبريل/ نيسان عندما تُنظم فعاليات سنوية لإحياء ذكرى الضحايا في مختلف أنحاء العالم. ولكن المصادر حذرت من أن بايدن قد يؤثر في اللحظة الأخيرة عدم استخدام هذا التعبير في ضوء أهمية العلاقات الثنائية مع تركيا. وكان بايدن قد أحيا قبل عام، عندما كان لا يزال مرشحا رئاسيا، ذكرى "مليون ونصف مليون أرمني من الرجال والنساء والأطفال الذين فقدوا أرواحهم في الأيام الأخيرة للإمبراطورية العثمانية"، وقال إنه سيدعم مساعي وصف عمليات القتل تلك بالإبادة الجماعية. ومرر مجلس الشيوخ الأمريكي في 2019 قراراً غير ملزم يعترف بعمليات القتل بصفتها إبادة جماعية في خطوة تاريخية زادت وقتها من غضب تركيا. وأرسل عضو الكونغرس البارز عن الحزب الديمقراطي آدم شيف ومجموعة من نحو 100 من النواب من الحزبين الجمهوري والديمقراطي خطابا لبايدن مؤخرا طالبين منه الوفاء بتعهده الانتخابي. صدر الصورة،GETTY IMAGES وتقول تركيا أن كثيرين من الأرمن الذين كانوا يعيشون في الإمبراطورية العثمانية قُتلوا في اشتباكات مع القوات العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى، لكنها تشكك في أعداد من قُتلوا وتنفي أن تكون أعمال القتل مدبرة على نحو ممنهج ترقى الى الإبادة جماعية. وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاوويش أوغلو إن من شأن أي تحرك من قبل بايدن لوصف أعمال القتل بالإبادة الجماعية أن يلحق ضرراً أكبر بالعلاقات المتوترة أصلاً بين الدولتين. يذكر أن إجراءات كانت تهدف للاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن قد تعطلت لعقود في الكونغرس الأمريكي، وأحجم الرؤساء الأمريكيون عن وصفها بذلك خشية تأثر العلاقات مع تركيا سلبا وبفضل اللوبي الكبير الذي جندته تركيا في الولايات المتحدة ضد تلك الإجراءات. فما هي الحكاية؟ تقول دائرة المعارف البريطانية إن "المذابح" التي تعرض لها الأرمن تمت من خلال عمليات تهجير قسري وقتل جماعي نفذتها حكومة حزب تركيا الفتاة التي كانت تحكم الدولة العثمانية ضد الرعايا الأرمن في الإمبراطورية خلال الحرب العالمية الأولى (1914-1918). ويقول الأرمن إن تلك الحملة كانت محاولة متعمدة لإبادتهم وبالتالي تعد عملاً من أعمال الإبادة الجماعية، وقد قاومت الحكومات التركية المتعاقبة الدعوات للاعتراف بها على هذا النحو معتبرة أنه على الرغم من الفظائع التي حدثت فإنه لم تكن هناك سياسة إبادة رسمية تنفذ ضد الشعب الأرمني. الأرمن في شرق الأناضول كانت الهضبة الجبلية العظيمة في شرق الأناضول، وهي في شرق تركيا حاليا، مأهولة لعدة قرون بشكل أساسي من قبل الأرمن المسيحيين الذين تقاسموا المنطقة مع الأكراد المسلمين، بحسب دائرة المعارف البريطانية. وحكمت المنطقة في العصور القديمة والوسطى سلسلة من الأسر الأرمنية على الرغم من أنها غالبا ما واجهت توغلات من قبل قوى خارجية. وانتهى الاستقلال السياسي الأرمني إلى حد كبير نتيجة سلسلة من الغزوات والهجرات من قبل الشعوب الناطقة بالتركية بداية من القرن الحادي عشر، وفي القرنين الخامس عشر والسادس عشر تم بسط سيطرة الأتراك تماما على تلك المناطق ودمجها في الإمبراطورية العثمانية الشاسعة. وقد احتفظ الأرمن بشعور قوي بالهوية القومية تجسد في اللغة الأرمنية والكنيسة الأرمنية، وتعزز هذا الشعور بفضل نظام الملل العثماني الذي منح الأقليات غير المسلمة استقلالية إدارية واجتماعية كبيرة. صدر الصورة،AFP وفي بداية القرن العشرين كان هناك حوالي 2.5 مليون أرمني يعيشون في الإمبراطورية العثمانية تركز معظمهم في شرق الأناضول. كما عاش عدد كبير من الأرمن خارج الحدود الشرقية للإمبراطورية العثمانية في الأراضي التي تسيطر عليها روسيا. وكانت حياة القرويين وسكان المدن الأرمن في الإمبراطورية العثمانية صعبة حيث كانوا غالبا ما يتعرضون لمعاملة قاسية من قبل الأكراد المهيمنين على المنطقة، كما كانت المحاكم المحلية والقضاة يحابون المسلمين في كثير من الأحيان في أي نزاع، ولم يكن للأرمن ملاذ يُذكر عندما يقعون ضحايا للعنف أو عندما يتم الاستيلاء على أراضيهم أو مواشيهم أو ممتلكاتهم بحسب دائرة المعارف البريطانية. وكانت الغالبية العظمى من الأرمن مزارعين فقراء، لكن القليل منهم حقق النجاح كتجار وحرفيين، وقد أدت مشاركة الأرمن في التجارة الدولية في القرنين السابع عشر والثامن عشر إلى إنشاء تجمعات أرمنية مهمة في إسطنبول ومدن الموانئ العثمانية وفي مناطق بعيدة مثل الهند وأوروبا. وعلى الرغم من سيطرة المسلمين على المجتمع العثماني، إلا أن عددا قليلا من العائلات الأرمنية تمكنت من الوصول إلى مناصب بارزة في البنوك والتجارة والحكومة. فعلى سبيل المثال، كان كبار مهندسي البلاط العثماني، لعدة أجيال في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، من عائلة البليان الأرمنية. ورغم ذلك، أدى بروز وتعاظم نفوذ النخبة الأرمنية المتعلمة والعالمية إلى إثارة الشك والاستياء بين المسلمين، وفي القرن التاسع عشر، كافح الأرمن ضد فكرة أنهم عنصر أجنبي داخل الإمبراطورية العثمانية وأنهم سيخونونها في النهاية ليشكلوا دولتهم المستقلة. وكان النشطاء الأرمن الشباب، وكثيرون منهم من القوقاز في روسيا، قد سعوا إلى حماية بني جلدتهم من خلال التحريض على إقامة دولة مستقلة، فشكلوا حزبين ثوريين هما هينشاك وداشناكتسوتيون في عامي 1887 و 1890. ولم يكتسب أي من الحزبين دعماً واسعاً بين الأرمن في شرق الأناضول، الذين ظلوا إلى حد كبير موالين للدولة العثمانية، وكانوا يأملون بدلا من ذلك في أن يضغط المتعاطفون معهم في أوروبا على الإمبراطورية العثمانية لتنفيذ إصلاحات وضمان الحماية للأرمن، لكن نشاط الثوار الأرمن أجج الخوف والقلق بين المسلمين. المشاعر المعادية للأرمن وتقول دائرة المعارف البريطانية إن المشاعر المعادية للأرمن تحولت إلى أعمال عنف جماعية عدة مرات في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. صدر الصورة،GETTY IMAGES التعليق على الصورة، رسم لمذبحة ضد الأرمن في القرن التاسع عشر فعندما رفض الأرمن في منطقة ساسون في عام 1894 دفع ضريبة جائرة قتلت القوات العثمانية آلاف الأرمن في المنطقة. وبدأت سلسلة أخرى من عمليات القتل الجماعي في خريف عام 1895 عندما تحول قمع السلطات العثمانية لمظاهرة للأرمن في اسطنبول إلى مذبحة. وإجمالا، قُتل مئات الآلاف من الأرمن في مذابح بين عامي 1894 و 1896، والتي عُرفت فيما بعد بمذابح الحميدية. وقُتل حوالي 20 ألف أرمني آخر في أعمال عنف ومذابح في أضنة في عام 1909. تركيا الفتاة والحرب العالمية الأولى وصلت مجموعة صغيرة من الثوار العثمانيينمن جمعية الاتحاد والترقي وهي مجموعة داخل حزب تركيا الفتاة الأوسع، إلى السلطة في عام 1908. وقد رحب الأرمن بإعادة العمل بالدستور العثماني، وقد دفع التعهد بإجراء انتخابات خاصة بالأرمن وغيرهم من غير الأتراك داخل الإمبراطورية للتعاون مع النظام السياسي الجديد. ومع ذلك، أصبحت طموحات تركيا الفتاة أكثر تشدداً وأقل تسامحاً مع غير الأتراك بمرور الوقت، وازدادت شكوكهم تجاه رعاياهم الأرمن الذين ينظرون إليهم باعتبارهم متعاونين مع قوى أجنبية. وأخذت تركيا الفتاة تستبد بالسلطة وتهمش خصومها الأكثر ليبرالية على نحو متزايد، وفي يناير/ كانون الثاني من عام 1913 وصل الأعضاء الأكثر تشددا في الحزب وهم أنور باشا وطلعت باشا إلى السلطة في انقلاب. صدر الصورة،GETTY IMAGES التعليق على الصورة، لاجئون أرمن في عام 1915 وقد ازدادت الكراهية تجاه المسيحيين عندما تعرضت الإمبراطورية العثمانية لهزيمة مذلة في حرب البلقان الأولى (1912-1913) مما أدى إلى خسارة ما تبقى من أراضيها في أوروبا، وألقى قادة تركيا الفتاة باللوم في الهزيمة على خيانة المسيحيين في البلقان. وعلاوة على ذلك، أدى الصراع إلى تدفق مئات الآلاف من اللاجئين المسلمين شرقاً إلى الأناضول مما أدى إلى تصعيد النزاع بين المزارعين المسلمين والمسيحيين على الأرض. واستفاد الأرمن الخائفون من هزيمة العثمانيين للضغط من أجل إدخال إصلاحات، وناشدوا القوى الأوروبية إجبار تركيا الفتاة على قبول درجة من الحكم الذاتي في المناطق ذات الغالبية الأرمنية. وفرضت القوى الأوروبية في عام 1914 إصلاحاً كبيراً على العثمانيين تضمن إشرافاً من قبل مفتشين في المنطقة الشرقية، وقد اعتبرت تركيا الفتاة هذا الترتيب دليلا آخر على تواطؤ الأرمن مع أوروبا لتقويض سيادة الإمبراطورية العثمانية. وعندما بدأت الحرب العالمية الأولى في صيف عام 1914 انضمت حكومة تركيا الفتاة إلى ألمانيا والنمسا والمجر ضد الحلف الثلاثي الذي ضم بريطانيا وفرنسا وروسيا. ولأن الأرمن والآشوريين عاشوا على طول الجبهة الروسية العثمانية فقد حاول كل من الروس والعثمانيين تجنيد المسيحيين المحليين في حملاتهم ضد أعدائهم. وقد اقترحت تركيا الفتاة على حزب داشناكتسوتيون، الذي كان آنذاك الحزب السياسي الأرمني الرائد، إقناع الأرمن الروس وكذلك الأرمن في الأراضي العثمانية بالقتال من أجل الإمبراطورية العثمانية، فأجاب الحزب بأن الرعايا الأرمن سيظلون موالين للإمبراطورية التي يعيشون فيها، وقد اعتبرت حكومة تركيا الفتاة ذلك الرد بمثابة خيانة. صدر الصورة،AFP وقد قاتل الأرمن في الإمبراطورية العثمانية إلى جانب العثمانيين، بينما قاتلت وحدات المتطوعين الأرمن المكونة من رعايا روس مع الجانب الروسي. "مذابح الأرمن" حاول أنور باشا صد الروس في معركة ساري قاميش في يناير/ كانون الثاني من عام 1915 إلا أن العثمانيين منوا بأسوأ هزيمة في الحرب. وعلى الرغم من أن سوء الإدارة العامة والظروف الجوية القاسية كانت الأسباب الرئيسية للهزيمة فقد سعت حكومة تركيا الفتاة إلى تبرير هزيمتها بـ "الخيانة الأرمنية" فتم تسريح الجنود الأرمن وغيرهم من غير المسلمين في الجيش ونقلهم إلى كتائب عمالية، وتم بعد ذلك قتل الجنود الأرمن المنزوع سلاحهم بشكل منهجي على يد القوات العثمانية، وهم كانوا أول ضحايا ما سيصبح لاحقاً مذابح الأرمن، وذلك بحسب دائرة المعارف البريطانية. وفي نفس الوقت تقريباً، بدأت القوات غير النظامية تنفيذ عمليات قتل جماعي في القرى الأرمنية بالقرب من الحدود الروسية. وقد وفرت المقاومة الأرمنية ذريعة للسلطات لاستخدام إجراءات أشد قسوة، ففي أبريل/ نيسان من عام 1915 تحصن الأرمن في مدينة وان في الحي الأرمني بالمدينة، وقاتلوا ضد القوات العثمانية، وفي 24 أبريل/ نيسان أمر طلعت باشا باعتقال ما يقرب من 250 من المفكرين والمثقفين والسياسيين الأرمن في اسطنبول، بينهم عدد من النواب في البرلمان العثماني، وقد قُتل معظم الرجال الذين تم اعتقالهم في الأشهر التالية، وذلك بحسب دائرة المعارف البريطانية نقلا عن مصادر المقاومة الأرمينية. صدر الصورة،GETTY IMAGES التعليق على الصورة، أمر طلعت باشا باعتقال ما يقرب من 250 من المفكرين والسياسيين الأرمن في اسطنبول وبعد فترة وجيزة من الهزيمة في ساري قاميش، بدأت الحكومة العثمانية في تهجير الأرمن من شرق الأناضول على أساس أن وجودهم بالقرب من الخطوط الأمامية يشكل تهديداً للأمن القومي. وفي مايو / أيار من ذلك العام أصدر البرلمان العثماني تشريعاً يسمح رسمياً بالتهجير القسري، وطوال صيف وخريف عام 1915 نُقل المدنيون الأرمن من منازلهم وساروا عبر الوديان والجبال في شرق الأناضول نحو معسكرات الاعتقال الصحراوية. وقد رافق التهجير القسري، الذي أشرف عليه مسؤولون مدنيون وعسكريون، حملة قتل جماعي ممنهجة نفذتها القوات غير النظامية، وعندما وصل الناجون إلى صحراء سوريا عانوا في معسكرات الاعتقال حيث مات الكثيرون منهم جوعاً. وحسب التقديرات المحافظة فإن ما بين 600 ألف إلى أكثر من مليون أرمني قتلوا أو ماتوا خلال عمليات التهجير. وقد شهد أحداث 1915-1916 عدد من الصحفيين والمبشرين والدبلوماسيين وضباط الجيش الأجانب الذين أرسلوا تقارير حول مسيرات الموت وحقول القتل. صدر الصورة،GETTY IMAGES التعليق على الصورة، تم تهجير النساء والأطفال فيما عرف بمسيرات الموت ويقول موقع الأرشيف الوطني البريطاني إن شهود عيان، من المبشرين الألمان و المسؤولين القنصليين من الفاتيكان وإيطاليا واليونان، كشفوا عن وقوع أعمال مروعة في جميع أنحاء الأناضول خلال الفترة المتبقية من عام 1915. ولم يكن مصير أولئك الذين نجوا من القتل الجماعي أفضل حيث لم ينج ما يقدر بنحو 400 ألف من المهجرين جنوبا حيث حصد الجوع والمرض المزيد من الأرواح، وذلك بحسب موقع الأرشيف الوطني البريطاني. أسباب ونتائج مهدت تلك المذابح الطريق للدولة القومية الأكثر تجانساً، والتي أصبحت في النهاية جمهورية تركيا الحالية. وبحلول نهاية الحرب، غاب أثر أكثر من 90 في المئة من الأرمن في الإمبراطورية العثمانية وتم محو العديد من آثار وجودهم السابق، وتم منح منازل وممتلكات الأرمن المهجورة في شرق الأناضول للاجئين المسلمين، وكثيرا ما أُجبر الناجون من النساء والأطفال على التخلي عن هوياتهم الأرمنية واعتناق الإسلام، ومع ذلك، وجد عشرات الآلاف من الأيتام بعض الملاذ في حماية المبشرين الأجانب. وذلك بحسب دائرة المعارف البريطانية. وكان للإبادة الجماعية للأرمن أسباب قصيرة وأخرى طويلة الأمد، فعلى الرغم من أن طرد وقتل مئات الآلاف من الأرمن في 1915-1916 كان استجابة فورية لأزمة الحرب العالمية الأولى ولم يكن نتيجة لخطة طويلة الأمد للقضاء على الشعب الأرمني، إلا أن أسبابه العميقة تعود إلى الاستياء من النجاحات الاقتصادية والسياسية للأرمن مما أدى إلى انعكاس التسلسل الهرمي الاجتماعي العثماني التقليدي الذي كان المسلمون متفوقون فيه على غير المسلمين، والشعور المتزايد من جانب قادة تركيا الفتاة والمسلمين العاديين بأن الأرمن عنصر غريب وخطير في داخل المجتمع. صدر الصورة،GETTY IMAGES وقد دأبت تركيا على رفض الاعتراف بأن أحداث 1915-1916 تشكل إبادة جماعية، على الرغم من أن معظم المؤرخين قد خلصوا إلى أن عمليات الترحيل والمذابح تتناسب مع تعريف الإبادة الجماعية وهي القتل المتعمد لمجموعة عرقية أو دينية. "مذبحة الأرمن" التي تحييها فرنسا وتنكرها تركيا ماذا تعرف عن "مذابح الأرمن" التي يُتهم العثمانيون بارتكابها؟ وقد اعترفت الحكومة التركية بحدوث عمليات تهجير قسري إلا أنها أكدت أن الأرمن كانوا عنصراً متمرداً كان يجب ضبطه خلال مرحلة كانت البلاد تواجه فيها خطراَ على أمنها القومي، وقد أقرت بحدوث بعض عمليات القتل، لكنها تؤكد أنها لم تكن بمبادرة من الحكومة أو بتوجيه منها. كما رفضت الدول الكبرى، بما في ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا، وصف الأحداث بأنها إبادة جماعية من أجل تجنب الإضرار بعلاقاتها مع تركيا. وقدم المسؤولون الحكوميون في تركيا في عام 2014 تعازيهم للضحايا الأرمن، لكن الأرمن يطالبون تركيا بالإعتراف بأن جرائم القتل خلال الحرب العالمية الأولىكانت إبادة جماعية.

Read more

مسؤولة تكشف تفاصيل الفساد في قطاع الاستثمار في العراق

الحصاد: الحرة من بين 2322 مشروعا منحتها الهيئة الوطنية للاستثمار في العراق خلال السنوات الماضية، لم ير النور أو يقترب من رؤيته سوى 613 مشروعا، بحسب رئيسة الهيئة سهى داود نجار، التي قالت لموقع "الحرة" إن نحو 1000 مشروع منها كانت "وهمية". وتضيف نجار إن هناك 750 مشروعا أخرى تلكأت لفترة طويلة ولم تشهد نسب إنجاز متقدمة. وقالت رئيسة الهيئة إن الحكومة العراقية "ألغت إجازات استثمارية لأكثر من ألف مشروع"، كانت نسب إنجازها إما صفرا أو نسبا متدنية، بعد قرار رئاسة الوزراء القاضي بأن تسحب الإجازات من المشاريع التي مر على تاريخ انجازها المفترض ثلاث سنوات من دون أن تكتمل نسبة من إنشاءاتها على الأقل. ويتوقع أن تعيد الإجراءات الجديدة عشرات ترليونات الدنانير العراقية (عشرات مليارات الدولارات) إلى الدولة، كما إنها من المفترش أن تعيد آلاف الدونمات من الأراضي إلى الحركة الاستثمارية. وتبلغ قيمة المشاريع المسجلة، غيرة المنفذ، نحو 70 مليار دولار، بحسب النجار التي تقول إن قيمة الأراضي الممنوحة لتلك المشاريع "الوهمية" تصل إلى 60 مليار دولار، في "أكثر التقديرات تحفظا". "أعتقد أن الرقم يصل إلى ضعف هذا، لكننا لم نرد أن نسبب صدمة" بحسب نجار، التي استلمت رئاسة الهيئة بعد تغييرات حكومية قام بها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي عقب توليه منصبه العام الماضي. هناك مشاريع "وهمية" بقيمة 70 مليار دولار لم ينفذ أي منها بحسب نجار وأحال الكاظمي رئيس الهيئة السابق، سامي الأعرجي، إلى التقاعد لبلوغه السن القانونية. ويقول رجل الأعمال العراقي والاقتصادي سليم محمد إن "الحصول على إجازة استثمارية يكاد يكون من أصعب الأشياء على المستثمرين، حتى أصعب من تنفيذ المشروع الفعلي". ويروي محمد لموقع "الحرة" إن "مستثمرين من زملائه طلب منهم في عام 2013 دفع 100 ألف دولار مقابل فرصة للاجتماع بمسؤولين في هيئة الاستثمار، حتى بدون تأكيدات على منحهم العقود". وتؤكد النجار هذه المعطيات بقولها إن "العقود التي لم تنفذ منحت عن طريق الفساد" المستشري في العراق بشكل كبير، مشيرة إلى أن هناك "أشخاصا لا يحصلون حتى على استمارة تقديم مع أن أوراقهم مكتملة فيما يحصل آخرون على قطع أراض في أماكن حيوية بدقيقتين". وبحسب نجار فإن "المستثمرين الوهميين يقومون بأخذ قروض من البنوك، مستخدمين الإجازة الاستثمارية، أو يأخذ مبالغ من الناس ويهرب بها، أو يدخل مواد ويتاجر بها، أو يأخذ أراضي من الدولة ويقوم بتقطيعها من الباطن وبيعها، أو يبيع إجازة الاستثمار نفسها من الباطن، أو يقوم بإدخال العمالة الأجنبية والمتاجرة بحقوق إدخالها". وتؤكد نجار أنها "تتعرض للضغوط، ولكنها لا تخضع لها". وأجابت بـ"نعم" على السؤال ما إذا كانت تتخوف من تهديدات أمنية، مؤكدة "الحرب على الفساد ليست سهلة وحينما نأخذ مثل هذه القرارات لابد أن تكون محسوبة ولو لم نكن جديين ونعرف بالضبط تداعيات تنفيذ القرار لم نكن لنتخذه". ويقول مصدر في رئاسة مجلس الوزراء لموقع "الحرة" إن "رئيس الوزراء يضغط على منابع الفساد لتجفيفه" بحسب قوله، مؤكدا أن "القرارات الاقتصادية تكاد تكون بقوة القرارات العسكرية والأمنية من حيث الأثر". ويضيف المصدر، وهو مقرب من رئيس الوزراء، وطلب عدم كشف اسمه أن "الجهات المعادية لفكرة الدولة تستفيد من الفساد بشكل كبير من أجل تمويل نشاطاتها، وحرمانها من موارد هائلة سيحجم نفوذها بشكل كبير ويحد من قدرتها على تهديد النظام". ويعتبر العراق واحدا من أكثر بلدان العالم فسادا، بحسب تقارير منظمات الشفافية الدولية، لكن الكاظمي يصدر بين فترة وأخرى إجراءات في محاولة لمكافحة الفساد. وحظيت قرارات الحكومة مثل السيطرة على المنافذ الحدودية التي كانت تشهد عمليات تهريب وإدخال غير رسمي كبيرة، وقرار رفع الدعم الحكومي عن العملة بكثير من الاهتمام والإشادة، وأيضا بكثير من التشكيك. ويقول الخبير الاقتصادي مصطفى روضان لموقع "الحرة" إن "المنافذ لا تزال تشهد نشاطات غير شرعية، حتى وإن كانت نسبتها أقل من السابق، فيما سبب قرار العملة اضطرابا كبيرا في السوق بسبب عدم تجهيز البنى التحتية له". ويتخوف روضان من إن "الحكومة تمتلك سجلا بالقرارات غير المكتملة، لكن الزمن وحده سيكشف إن كان هذا القرار أحدها".

Read more

جيوسياسية النفط والغاز في اقليم كوردستان العراق والفواعل الاقليمية والدولية

الحصاد:  د. وحيد انعام الكاكائي  تعد جغرافية اقليم كوردستان العراق، واحدة من أهم المناطق الهيدروكربونية الواعدة في العالم، لما تمتلكه من احتياطيات ضخمة من الموارد النفطية والغازية، دفعت حكومة إقليم كوردستان الى وضع سياسة لتطوير صناعة النفط والغاز، جذبت ٤٥ شركة عالمية للطاقة، وأكثر من ١٠ مليارات دولار من الاستثمارات الأجنبية. التي قد تجعل من إقليم كوردستان سوق مهم لموارد الطاقة . مع ،ذلك هناك بعض التحديات الجيوسياسية التي تواجه قطاع الطاقة في اقليم كوردستان، التي قد تؤثر على مستقبل هذه الصناعة، منها عدم وجود سياسة مشتركة بين حكومة الاقليم والحكومة المركزية في بغداد فيما يخص إدارة موارد النفط والغاز الطبيعي، وسياسة حكومة الإقليم يران. كما تناولت الدراسة الحسابات السياسية للفواعل الإقليمية، والمصالح الاستراتيجية ٕ تجاه تركيا وا للقوى الكبرى في صناعة الطاقة في إقليم كوردستان. مقدمة: شهد العقد الماضي، تنامي دور النفط والغاز في المسرح الجيوسياسي لإقليم كوردستان العراق، باعتبارها إحدى عناصر القوة الوطنية، حيث الإمكانات الضخمة التي يتمتع بها إقليم كوردستان ٤٥ مليار برميل من النفط، و ٧,٥ تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، الذي قد يشكل سوقاً مهماً ومصدرا وبالتنسيق مع الحكومة ً جذاباً للاستثمار الأجنبي، إذا ما تم استغلالها بالشكل الأمثل المركزية في بغداد. اتخذت حكومة إقليم كوردستان مجموعة خطوات متسارعة لتطوير صناعة الطاقة، منها تشريع قانون النفط والغاز عام ٢٠٠٧ ،وتوقيع اتفاقيات وفق عقود "المشاركة في الإنتاج" التي استقطبت كبريات شركات الطاقة العالمية، مثل شيفرون واكسون موبيل، وتوتال، وروسنفت. هذه السياسة اعتبرتها حكومة بغداد فرض إرادة من قبل حكومة إقليم كوردستان، لأنها سبقت إقرار قانون النفط والغاز الاتحادي، لا سيما وان إقليم كوردستان جزء من العراق الاتحادي. نتيجة لذلك، استطاع الإقليم ولأول مرة عام ٢٠١٤ ،من تصدير النفط الى الأسواق الدولية عن طريق خط انابيب كوردستان - تركيا. أما الغاز الطبيعي الذي يتركز ٨٠ %منه في جنوب الإقليم، فلم يستثمر لحد الان بشكل اقتصادي، بسبب افتقار الاقليم الى بنية تحتية. ٢ رغم ذلك، واجهة سياسة الطاقة في الإقليم جملة من التحديات الجيوسياسية، منها الحرب على داعش وتداعياتها الأمنية والاقتصادية، وعدم حل الخلافات العالقة بين بغداد وأربيل حول تقاسم السلطة وتوزيع الثروات منذ ٢٠٠٣ ،كما أظهرت الدراسة دور العامل الإقليمي والدولي في صناعة الطاقة في إقليم، الذين تفاوت ادوارهم بحسب دوافعهم واولوياتهم>   تطور صناعة النفط والغاز في اقليم كوردستان العراق أولا - التوزيع الجغرافي لاحتياطيات وانتاج النفط والغاز الطبيعي في اقليم كوردستان تعد منطقة اقليم كوردسـتان العراق واحدة من أكثر مناطق العالم نشـاطاً في اسـتكشـاف النفط والغاز الطبيعي على مدى السنوات الــــــ ١٢ الماضية. ولم تحظى هذه المنطقة باهتمام جيولوجي في العقود الماضية. خريطة  يمتلك اقليم كوردســــتان احتياطيات نفطية ضــــخمة، ربما تصــــل الى ثلث اجمالي الاحتياطي ٣ العراقي (١٤٩ مليار م )، حسب بيانات حكومة اقليم كوردستان، على الرغم من عدم وضوح الية ( احتسابها، وهل تضم الموارد في المناطق المتنازع عليها * ( ؟ ينظر (ملحق )١ يكتسب النفط والغاز في اقليم كوردستان أهمية خاصة، لاعتبارات عدة: -١ غزارة الاحتيــاطي، ٤٥ مليــار برميــل من نفط و١٠٠ - ٢٠٠ تريليون قــدم مكعــب ( ٥  تريليون م ) من احتياطي الغاز الطبيعي، بعد اضافة الحقول الجديدة. -٢ الاعتبارات الاقتصادية، لقرب اقليم كوردستان من الاسواق الاوربية، اذ يقع الاقليم في نصف المسافة بين اوروبا والخليج العربي (ما يقارب ٧٠٠٠ كم). -٣ دخول شــركات النفط العملاقة الى ســوق الطاقة في اقليم كوردســتان مثل، شــيفرون، إكســون موبيل، غازبروم، روسنفت، حيث البيئة السياسية المستقرة التي تجذب المستثمرين الاجانب. -٤ عدم اســتغلال الحكومات الســابقة موارد الطاقة في الاقليم، بســبب عدم الاســتقرار الســياســي والامني. هناك تناقض واضـح بين الارقام بخصـوص الاحتياطي النفطي في اقليم كوردسـتان، فحسـب بيانات وزارة الموارد الطبيعية في حكومة اقليم كوردســـــتان، تقدر احتياطي النفط غير المؤكدة في )٢ )اقليم كوردستان بـــــــ ٤٥ مليار برميل ( ما يقارب احتياطي ليبيا ٤٨ .( بينما قدرت وكالة الطاقة )٣ )الدولية عام ٢٠١٢ ،احتياطيات الاقليم المؤكدة بـــــــــــــ ٤ مليارات برميل . و نتيجة لتوسيع رقعة الموارد المكتشــــفة خلال الســــنوات الســــابقة ، قد يفوق احتياطي النفط المؤكد في الاقليم احتياطي ٤ بعض الـدول الاعضــــــــاء في أوبـك، مثـل الاكوادور ٨ )مليـارات برميـل)، وأذربيجـان ٧ )مليـارات برميل). ينظر الى جدول ( أمـا هيئـة المســـــــح الجيولوجي الامريكي(USGS ( لعـام ٢٠٠٠ ،قـدرت الموارد النفطيـة غير المكتشفة في حزام طيات زاكروس في اقليم كوردستان العراق بــ ٤١ مليار برميل من النفط، و ٥٤   تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي. في عام ٢٠١٤ ،اســـتطاع الاقليم ولأول مرة انتاج ١١٤ مليون برميل من النفط، تم تصـــدير ٣٧ مليون برميــل منهــا عبر خط انـابيـب كوردســـــــتــان - تركيــا، و ١٣ مليون برميــل عن طريق  الشــــــاحنات، و ٦٤ مليون برميل للاســــــتهلاك المحلي ومصــــــافي التكرير . عام ٢٠١٥ ارتفع الانتاج الى ٢١١ مليون برميل (نصــفه من حقل خورمال)، بمعدل ٥٧٧ ألف برميل في اليوم، تم  تصدير ٦٦ % منها عبر خط انابيب كوردستان - تركيا . وفقاً لبيانات شــــركة ديلويت Deloitte العالمية*، بلغ انتاج النفط في اقليم كوردســــتان ٢٠٢ مليون برميل عام ٢٠١٧ ،صـدر منها ١٨٠ مليون برميل، والمتبقي للاسـتهلاك المحلي ومصـافي التكرير . وهذا يعد نجاح كبير لاســـــتراتيجية انتاج وتســـــويق النفط، لان صـــــادرات الاقليم عام ٢٠١٧ ،تجاوزت صادرات كل من (الغابون ٢٠٠ ألف، والكونغو ٢٩١ ألف برميل/يوم) مجتمعةً، وهي دول أعضاء في منظمة أوبك منذ سنوات. هكذا، بلغ انتاج النفط في الربع الاول والثاني والثالث والرابع من عام ٢٠١٨ ، أكثر من ١٣٩ مليون برميل، كان اجمالي الصـــــادرات عبر الانابيب ٤,١٣٤ مليون برميل. ومن المتوقع ان يرتفع انتاج النفط في اقليم كوردستان الى أكثر من ٥,١ مليون برميل/ يوم بحلول عام ٢٠٢٥ ،باستثناء كر كوك. (الشكل ) أما الغاز الطبيعي، يتركز في الاقســام الوســطى والجنوبية من اقليم كوردســتان، ومن أبرزها (حقل خورمور وجمجمال). ويقدر احتياطي حكومة اقليم كوردستان بـــ ١٠٠ - ٢٠٠ تريليون قدم مكعب (2.8 - 5.7 ) تريليون متر مكعب، ما نسبته ٣ % من مجموع الاحتياطي العالمي. اسـتنادا  إلى دراسـة أجرتها هيئة المسـح الجيولوجي الأمريكية، يقع إقليم كوردسـتان فوق ٦٠ تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي ، وفي نوفمبر ٢٠١٥ ،أكد " توني هيوارد" رئيس شركة Energy Genel ا012345 للطاقة، امتلاك إقليم كردســـــــتان ما يقدر بنحو ٥  تريليون متر مكعب (١٧٧ تريليون قـدم مكعـب) من الغـاز في أراضـــــــيهـا  . هـذه الاحتيـاطيـات تفوق بعض كبـار موردي الغاز المســــــــال الى الاتحاد الأوربي مثل (النرويج ٦١ ،ليبيا ٥١ ،اذربيجان ٤٧ ،هولندا ٢٣ تريليون قدم مكعب عام ٢٠١٧. بلغ انتاج الاقليم عام ٢٠١٨ ،من الغاز الطبيعي ٤٠٠ مليون قدم مكعب/ يوم، و١٥الف برميل/ يوم من النفط، من حقل خورمور العملاق، بعد ان كان ٣٠٠ مليون قدم مكعب/يوم عام ٢٠١٧ ،وتسـتهلك هذه الكميات للسـوق المحلية، وتمتلك كونسـورتيوم بيرل بتروليوم (ائتلاف تقوده شــــــركتا نفط دانة غاز ونفط الهلال) كامل الحقوق في حقل خور مور، وحقق الائتلاف زيادة في  الطاقة الانتاجية بلغت ٣٠ % خلال ١٠ أعوام. بالإضـــــــافة الى التطورات في مجال تطوير واكتشـــــــاف موارد الطاقة، قامت حكومة اقليم كوردستان بتطوير وتوسيع قدراتها التكريرية، من خلال منشأتين رئيسيتين هما: ١-  مصــفى بازيان في الســليمانية، وتدار من قبل القطاع الخاص ( Group Qaiwan ) وتنتج حالياً  الف٤٠ برميل يومياً، وهناك توسيع لزيادة طاقتها الى أكثر من١٢٥ الف برميل يومياً. ٢ - مصــــــفى كلك: يقع في اربيل، ويدار من قبل Group KAR ،بقدرة   ١٠٠ الف برميل يومياً، وهناك خطط لتوسيع القدرة الى  ٢٠٠ الف برميل يومياً.   نص التقرير https://portal.arid.my/Publications/6e75af02-7f62-4c6d-8778-3c215ea66565.pdf  

Read more

‎الانتخابات في اقليم كوردستان.. اسباب انخفاض مستوى المشاركة 

تقرير: الحصاد ترجمة : ك.ق   بالرغم من الدوافع والعوامل والأساليب الكثيرة للتزوير في الانتخابات، نسبة مشاركة مواطني إقليم كوردستان في الانتخابات في انخفاض مستمر. في الدورة الاولى لإنتخابات اقليم كوردستان شارك أهالي الاقليم بنسبة فاقت (87%) وأدلوا بأصواتهم وفي آخر دورة للانتخابات وفضلاً عن حدوث تزويرات فاضحة انخفضت هذه النسبة الى (59%)، وهذا الأمر صحيح لإنتخابات مجلس النواب العراقي أيضاً. هذا النَفَس الحالي لحكام الإقليم يعمق اليأس وعدم الثقة لدى مواطني الإقليم، التملص من اجراء الاصلاحات الجدية والحقيقية المتكاملة يجعل من الانتخابات كارتونية ويقلل من اهميتها اكثر فأكثر ويحرفها عن مسار الديمقراطية. الانتخابات في اقليم كوردستان  منذ تأسيس الكيان السياسي لاقليم كوردستان وفي العقود الثلاثة الماضية شارك مواطنوا الاقليم عشرات المرات في الانتخابات العامة وقصدوا صناديق الاقتراع لتحديد ممثليهم في المجالس المنتخبةوالقضايا المصيرية مثل الدستور واستفتاء الاستقلال، ومن هذه الانتخابات: أولاً: انتخابات برلمان كوردستان  1. الدورة الاولى في 1992/5/19، ونسبة المشاركة كانت (87.4%) 2. الدورة الثانية في 2005/1/30، ونسبة المشاركة كانت (75.6%) 3. الدورة الثالثة في 2009/7/25، ونسبة المشاركة كانت (74.5%) 4. الدورة الرابعة في 2013/9/21، ونسبة المشاركة كانت (73.9%) 5. الدورة الخامسة في 2018/9/30، ونسبة المشاركة كانت (59.8%) مرةً بعد مرة تتجه ثقة المواطنين ومستوى مشاركتهم نحو الانخفاض، لو نأخذ نسبة مشاركة المواطنين في انتخابات برلمان كوردستان كمثال (أنظر الجدول رقم(1)) الجدول رقم (1) ثانياً: رئاسة اقليم كوردستان 1. زعيم الحركة التحررية الكوردية في 1992/5/19  2. الدورة الثانية لرئاسة إقليم كوردستان في 2009/7/25 ثالتاً: انتخابات مجالس محافظات وأقضية ونواحي إقليم كوردستان 1. الدورة الاولى في 2005/1/30  2. الدورة الثانية في 2014/4/30 رابعاً: الاستفتاء العام 1. الدستور العراقي النافذ في 2005/1/30 2. استقلال كوردستان في 2017/9/25 خامساً: انتخابات مجلس النواب العراقي  1. الدورة الاولى في 2005/1/30، نسبة المشاركة كانت (79.6%) 2. الدورة الثانية في 2010/3/7، نسبة المشاركة كانت (60%) 3. الدورة الثالثة في 2014/4/30، نسبة المشاركة (62.4%) 4. الدورة الرابعة في 2018/5/12، نسبة المشاركة كانت (44.5) 5. الدورة الخامسة (المقررة اجرائها في 2021/10/10) وهذا الانخفاض في نسبة مشاركة المواطنين يصح لإنتخابات مجلس النواب العراقي أيضاً، قد أوضحنا ذلك بالتفصيل الدقيق في تقرير سابق لـ(الحصاد)، الناخبين وإحصائيات محافظات إقليم كوردستان للانتخابات البرلمانية العراقية المبكرة نقترب خطوة خطوة من الانتخابات المبكرة لمجلس النواب العراقي والمقرر إجرائها 2021/10/10، مع ان مشاركة المواطنين بشكل عام لها أهميتها وخاصة إنتخابات مجلس النواب العراقي مهمة للمكون الكوردي، لكن هذه القضية لم تصبح قضية جدية وساخنة لدى مواطني الإقليم مثلما كانت في الانتخابات السابقة. فمثلاً على سبيل المثال، أن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق منشغلة حالياً بالاستعدادات لتكملة إجراءات الانتخابات، ومن بينها تجديد السجل البايومتري للناخبين والذي انتهت مدتها مؤخراً في 2021/4/15، وبحسب آخر الإحصاءات والمعلنة من قبل المفوضية في 2020/4/8 فقد كانت نتائج تجديد السجلات في محافظات الإقليم كالآتي: 1. محافظة اربيل: تأتي بعد محافظتَي السليمانية ودهوك، وتبلغ اعداد من يحق لهم التصويت فيها (1228030) مليون ومئتين وثمانية وعشرون الف وثلاثون ناخباً، ومن هذا العدد قام (741534) سبعمئة وواحد واربعون الف وخمسمائة وأربعة وثلاثين شخصاً بتجديد بيانات سجلهم البايومتري، وهذا يشكل نسبة (60%) من مجموع الناخبين، ومنهم من استلموا بطاقاتهم الانتخابية وعددهم بلغ (594735) خمسمائة وأربعة وتسعون آلف وسبعمئة وخمسة وثلاثين شخصاً، فيما لم يستلم (80323) ثمانين ألف وثلاثمائة وثلاثة وعشرون شخصاً بطاقاتهم الانتخابية بعد، ولم يقم (486496) أربعمائة وستة وثمانين الف واربعمائة وستة وستين شخصاً بتجديد السجل البايومتري، وتصل نسبتهم نحو(40%) من مجموع الناخبين. 2. محافظة السليمانية: تبلغ اعداد من يحق لهم التصويت فيها (1361971) مليون  وثلاثمائة وواحد وستون الف وتسعمائة وواحد وسبعون ناخباً، ومن هذا العدد قام (913199) تسعمائة وثلاثة عشر الف ومئة وتسعة وتسعون شخصاً بتجديد بيانات سجلهم البايومتري، وهذا يشكل نسبة (67%) من مجموع الناخبين، ومنهم من استلموا بطاقاتهم الانتخابية وعددهم بلغ (640078) ستمائة واربعون الف وثمانية وسبعين شخصاً، فيما لم يستلم (3017) ثلاثة آلاف وسبعة عشر شخصاً بطاقاتهم الانتخابية بعد، ولم يقم (448772) أربعمئة وثمانية وأربعين ألف وسبعمئة واثنين وسبعين شخصاً بتجديد السجل البايومتري، وتصل نسبتهم نحو(33%) من مجموع الناخبين. 3. محافظة دهوك: تبلغ اعداد من يحق لهم التصويت في هذه المحافظة نحو (827658) ثمانمئة وسبع وعشرون إلف وستمائة وثمانية وخمسين ناخباً، ومن هذا العدد قام (583216) خمسمئة وثلاثة وثمانين الف ومئتين وستة عشر شخصاً بتجديد بيانات سجلهم البايومتري، وهذا يشكل نسبة (70%) من مجموع الناخبين، ومنهم من استلموا بطاقاتهم الانتخابية وعددهم بلغ (448947) أربعمئة وثمانية وأربعين ألف وتسعمئة وسبعة واربعين شخصاً، فيما لم يستلم (46282) ستة واربعون الف ومئتين وإثنين وثمانين شخصاً بطاقاتهم الانتخابية بعد، ولم يقم (244442) مئتان وأربعة واربعون الف واربعمئة وأثنين وأربعين شخصاً بتجديد السجل البايومتري، وتصل نسبتهم نحو(30%) من مجموع الناخبين. اليأس من الانتخابات  ان الإحصائيات اعلاه تظهر حقيقة وجود تراجع كبير في نسبة مشاركة مواطني إقليم كوردستان، لكن حتى هذه الإحصائيات نفسها محل شك وريب، فقد تم رفع هذه النسب بالعديد من المحاولات الغير ديمقراطية واصبحت جزءاً من مصادر اليأس من التصويت والاقتراع والمشاركة فيها، ومن هذه المصادر: أولاً : القيام بالتزويرات في كافة الانتخابات تشكل الجزء الاكبر من هذه النسب، والتزوير كان باستمرار جزءاً من الكوابيس الانتخابية، وطرق القيام بالتزويرات كثيرة، منها : 1. زيادة نسبة المشاركة بشكلٍ مباشر والتلاعب بنتائج الانتخابات. 2. قسم من كوادر الأحزاب السياسية صوتوا لأكثر من مرة وكيفما استطاعوا وفي احيانٍ عدة كانوا يصوتون تكراراً بالمجاميع. 3. استخدام الضغط والتهديدات المختلفة لتغيير مسار التصويت لدى الناخبين. 4. معاقبة الناخب سياسياً. 5. شراء الاصوات والذمم بواسطة منح المال والسلاح والوظائف والمناصب. 6. استخدام الممتلكات والمعدات والاموال والمناصب والمؤسسات العامة في اقليم كوردستان لغرض الدعاية الانتخابية. 7. استخدام وتوريط قوات إقليم كوردستان المسلحة للمصلح الشخصية الخاصة والمصالح الحزبية. ثانياً : جمود النظام السياسي والتبادل المزيف للسلطة السياسية. ثالثاً : عدم الإيفاء بالوعود والتملص من البرامج والشعارات من قِبَل المرشحين والاحزاب السياسية، إستثراء الأحزاب السياسية والمرشحين المنتخبين بفضل الميزانية العامة. رابعاً : تحويل المؤسسات والمجالس المنتخبة في إقليم كوردستان الى مؤسسات ومجالس كارتونية وعديمة التأثير والفاعلية، وهيمنة سلطة الحزب والعائلة والافراد على المؤسسات الرسمية. خامساً : اجهاض المصلحة العامة والحرص العام وقيام الأحزاب السياسية بمنح الاولوية لمصالحها الخاصة، ومن ثَمَ مصالح كوادرها. سادساً : تَرَدي الخدمات البدائية وانخفاض مستوياتها، مثل (الرواتب، ماء الشرب، الكهرباء، الطرق، الصحة، والتربية...). سابعاً : تقليص مجالات الحقوق والحريات العامة وخرق سيادة القانون. ثامناً : استمرار تفشي الفساد وازدياد حجمه بالإضافة الى عدم وجود الشفافية في الايرادات والمصاريف في اقليم كوردستان. تاسعاً : الادامة بالازمات المستمرة وتركها من كابينة حكومية الى التي تليها، والتملص من حلها وتوجيه الاتهامات المتبادلة من البعض الى البعض الآخر بالتقصير وعدم الاكتراث. عاشراً : عدم اجراء الانتخابات في مواعيدها المحددة، على سبيل المثال فقد اجريت في العقود الثلاثة الماضية من الزمن إنتخابات مجالس المحافظات مرتين فقط، ومن عام (1992-2005) أجريت الانتخابات لبرلمان كوردستان مرة واحدة فقط.  

Read more

قصم ظهر بغداد... وباء مخدر الكريستال ميث يغزو البلاد

الحصاد draw: بيل ترو  - إندبندنت في بلد نشأ شبابه وسط الحروب وباتوا يواجهون البطالة الجماعية من دون أن يحصلوا على أي دعم كان، ملأت عصابات المخدرات الفراغ. انطلاقاً من العاصمة ووصولاً إلى مدينة البصرة الجنوبية، وقعت بيل ترو على أعداد متزايدة من المدمنين ونظام يكافح لمعالجة الوضع. لم يدرك علي سوى بعد محاولته بيع أنبوبة غاز الطهي التي سرقها من موقد والديه أن المخدرات هي التي تستهلكه [تستنفد قواه] - وليس العكس. كان الشاب العراقي البالغ من العمر 27 عاماً قد باع بالفعل هاتفه المحمول والكراسي والسرير، ووصل به الأمر حتى إلى بيع الفراش الذي ينام عليه من أجل شراء بضعة غرامات إضافية فقط من مخدر الكريستال ميثامفيتامين (الكريستال ميث). ولم يتبق سوى أنبوبة الغاز القديمة هذه، لكنها لم تكفِ لسد ثمن الجرعة. وبعد إصابته بالحمى وبداية معاناته من أعراض انسحاب المخدر من جسمه، أوقف الشاب عند نقطة تفتيش في حي فقير في بغداد. لا يذكر الشاب النحيل الذي تظهر الثقوب بوضوح على جلده ما حدث بعدها جيداً، ما عدا معاناته من آثار توقيف المخدر فجأة وانسحابه من جسده داخل السجن. وقال لـ"اندبندنت" من داخل مركز شرطة القناة في شرقي بغداد حيث يقضي حكماً بالسجن أربعة أشهر لحيازته المخدرات "كنت في عالم آخر، كما حال الجميع، وأردنا الهروب من حياتنا التعيسة". كان علي يعاني من صعوبة في التركيز بينما عيناه تبدوان أشبه بالآبار المحفورة. وقال "ترك أثراً هائلاً على محيطي الاجتماعي. عندنا كثير من الأشخاص المعدمين ومن توفوا بسببه. لكن الحياة شاقة". يعد علي (اسم مستعار) واحداً من بين آلاف المدمنين على الكريستال ميثامفيتامين في العراق، هذا البلد الذي لم يكن قد عانى سوى في وقت قريب نسبياً من انتشار موجة الإدمان على المخدرات، حتى فيما كان الأفيون والهيروين يغرقان بلداناً مثل إيران وأفغانستان.  بتمويل من المساهمات التي يتلقاها برنامج الداعم الذي تديره "اندبندنت"، تحدثت الصحيفة مع العاملين في مجال الصحة في العراق الذين يطلقون على هذه الموجة المتنامية من تعاطي الكريستال ميث وصف جائحة خفية- ويحذرون من أنها أصبحت أخطر منذ ظهور فيروس كورونا. اقرأ المزيد موجة فيروس كورونا الأكثر فتكاً في العراق بدأت للتو المخدرات المهربة إلى الداخل العراقي تفتك بشبابه وقال قاسم ورش، كبير الممرضين في مستشفى ابن رشد، مركز إعادة التأهيل الرئيس في العراق أثناء قيامه بجولته "يقضي الميث على دفاعات الجسم ويؤدي إلى عوارض منها خسارة الوزن فيجعل [المتعاطين] عرضة للإصابة بكافة أنواع الأمراض بما فيها كوفيد-19 طبعاً". "لا يعود الناس يبالون بشيء بسببه، ويكونون أقل ميلاً إلى التزام ممارسات من قبيل التباعد الاجتماعي". يتسبب هذا المنشط الذي صنعه الإنسان بالإدمان الشديد وقد طور في اليابان واستخدم خلال الحرب العالمية الثانية لكي يبقى الجنود متيقظين، وهو يجتاح جهاز المناعة في الجسم ويمكن أن تنتج عنه آثار جانبية تشكل خطراً على الحياة بما فيها فشل القلب والفشل الكلوي فضلاً عن خسارة هائلة في الوزن. غير أن الخطر الإضافي المتمثل في التقاط عدوى كوفيد-19 لا يردع المتعاطين. وقال علي بطريقة حالمة "لا يفكر [يحتسب] المرء في المخاطر. أنا عامل زراعي. بدأنا جميعاً بتعاطيه لأن حياتنا صعبة".  "فالمخدر ينقلك إلى عالم آخر، أفضل. فلا تعود تبالي بشيء". "لا مفر" يلجأ عدد متزايد من العراقيين إلى تعاطي الكريستال ميث هرباً من الواقع الصعب حيث البطالة مرتفعة جداً والفساد يجتاح الاقتصاد والبنية التحتية متهالكة في بلد انتقل من حرب إلى أخرى منذ الاجتياح الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003. وفقاً لتقرير نشره مجلس الأطلسي في فبراير (شباط)، نحو 60 في المئة من سكان العراق هم من فئة الشباب الذين تقل أعمارهم عن 25 عاماً، فيما يقدر معدل البطالة في أوساطهم في العراق بـ36 في المئة. يقول مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، إن الكريستال ميث أصبح المخدر الأساسي الذي يستدعي القلق في البلاد وحذر في تقرير أصدره في فبراير من أن المخدر الذي كان يجري تهريبه من إيران المجاورة سابقاً بات يصنع الآن في مختبرات داخل العراق. وتقع مراكز انتشاره الرئيسة في المحافظات الحدودية الجنوبية مثل البصرة وميسان. هناك، درجت عصابات قوية من تجار المخدرات منذ زمن على تهريبه داخل البلاد، كما قال أحد سكان البصرة المحليين المطلع على هذا القطاع لكنه رفض ذكر اسمه بسبب مخاوف أمنية. وأضاف المصدر أنه يجري غالباً استخدام النساء لتهريب المخدرات لأنهن أقل عرضة للتفتيش. والكمية التي تشترى بمبلغ قد لا يتعدى خمسة آلاف دينار (2.5 جنيه إسترليني) لقاء الغرام الواحد قد تباع بأربعة أو خمسة أضعاف السعر الأصلي، مما يدر مكاسب كبيرة على التجار. قاسم ورش، كبير الممرضين في مركز إعادة التأهيل الرئيسي في العراق يقول إن جائحة كريستال الميثامفيتامين تجعل الشباب أكثر عرضة للإصابة بكوفيد-19 (بيل ترو) والحق أن العراق ما عاد مجرد معبر للمخدرات في طريقها إلى تركيا، بل أصبح وجهة في حد ذاته خلال السنوات القليلة الماضية مع ارتفاع معدلات العنف والفقر. وشكلت البصرة لقمة سائغة، وليس وراء ذلك موقعها الجغرافي فحسب. فالمدينة الجنوبية التي عرفت في الماضي باسم "بندقية الشرق" شهدت ارتفاعاً جنونياً في معدلات البطالة خلال السنوات القليلة الماضية في غياب البنى التحتية الأساسية، بما فيها توفر المياه النظيفة. وقال الرجل الذي يقطن البصرة "هنا في البصرة، ليس لدينا متنزهات ولا نواد ولا حتى سينما. لا يوجد أي مرفق يمكن للشباب ارتياده حرفياً وليس لديهم ما يفعلونه". "عايش الشباب عدة حروب. يقول لي المدمنون الذين أتحدث إليهم إنهم لا يملكون وظيفة ولا هواية ولا سبيلاً آخر للهروب [نسيان واقع الحال]". لقد أنهك إدمان الميث النظام الجنائي العراقي الذي يرزح تحت ضغط كبير أساساً. وأعلنت فرق مكافحة المخدرات في سجن القناة حيث يحتجز علي، أنها استنفدت طاقتها الاستيعابية بعد اعتقال 217 مدمناً وتاجراً للكريستال ميث، وحشرهم جنباً إلى جنب داخل الزنازين. وقال الضباط، إن الأرقام الرسمية قد ارتفعت بشكل هائل منذ عام 2017 مع تردي اقتصاد البلاد كما أسعار الكريستال ميث. وأبلغ الرائد يابار حيدر "اندبندنت" أن "عدد المدمنين ارتفع 40 في المئة في هذه المديرية منذ عام 2017 وسجلت زيادة 30 في المئة في أعداد التجار". و"يعود ذلك إلى زيادة في وفرة كريستال ميث مما يخفض سعره". وقال إنه في عام 2017 كان الغرام الواحد يكلف نحو 100 دولار أميركي، بينما قد لا يتجاوز سعره الآن في بعض المناطق 20 ألف دينار عراقي- أي 10 جنيهات إسترلينية فقط. لا يعلم مدى انتشار المخدر على وجه التحديد بسبب شح المعطيات. لكن الرائد حيدر قال، إنه قبض على أكثر من 6 آلاف شخص العام الماضي بتهم مرتبطة بالمخدرات في جميع أنحاء البلاد، فيما صادرت السلطات أكثر من 120 كيلوغراماً من الكريستال ميث.  تنشر "المديرية العامة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية" في العراق تحديثات منتظمة على صفحتها على موقع "فيسبوك" حول عمليات ضبط المخدرات، وقد بدأت عدداً من حملات التوعية لتشجيع السكان على مشاركتها معلومات حول التجار وهذا القطاع.  وفي هذه الأثناء، صرح وزير الصحة العراقي بأن الكريستال ميث أصبح ثاني أكثر المخدرات تعاطياً بعد الكحول. وكشفت آخر البيانات عن وجود 813  مدمناً في مراكز إعادة التأهيل الحكومية، وهو ما يفوق بكثير عدد مدمني أي مادة أخرى. سلب مني حياتي ومن هؤلاء المرضى أحمد، 32 عاماً، أجير زراعي عاطل عن العمل، دخل بنفسه إلى مستشفى ابن رشد في بغداد بعد أن وصل الحال بعائلته إلى طرده من المنزل. ويعتبر مستشفى ابن رشد أحد المستشفيين النفسيين الحكوميين ضمن النظام الفيدرالي العراقي؛ كما أنه الأكبر. هناك، خصص 13 سريراً لمرضى مثل أحمد يتعافون من الإدمان على المواد المخدرة. وقال أحمد، إن الرجال والنساء يتعاطون على حد سواء، مع أن عدد النساء اللاتي يفصحن عن إدمانهن أقل بسبب الوصمة الاجتماعية. وتابع، أن تجار المخدرات يلجأون إلى طرق أكثر ابتكاراً من أجل استقطاب زبائن جدد. وبدل المخاطرة ببيع بضاعتهم في الشارع، بدأ التجار في توزيع كميات صغيرة من الكريستال ميث خفية بالمجان على من يعيشون في مجتمعات هشة. ثم ينتظر التجار أن يعلق زبائنهم الجدد بالمادة فتأتي إليهم موجة جديدة من المدمنين تتوسلهم الحصول على مزيد من المخدر. وقال لـ"اندبندنت" من سريره في المستشفى "عندما يتملكك اليأس يطلب منك بعض التجار أن تسرق بعض الأغراض مثل الدراجات النارية وخلافها، لدفع ثمن المخدرات". "ويتزايد عدد المتعاطين الذين يتحولون أنفسهم إلى تجار صغار من أجل تمويل تعاطيهم وتتواصل هذه الدورة لقاء ثمن باهظ. لولا الكريستال ميث لكنت متزوجاً ولدي وظيفة- سلب مني حياتي". باع أحمد كل ممتلكاته ودفع كل قرش من مدخوله الضئيل في سبيل التعاطي، فأقصى نفسه بسرعة عن عائلته وأصدقائه الذين قالوا له إنه لا يمكنه العودة إلى المنزل قبل شفائه. عند تلك المرحلة، قال الشاب إنه كان يعاني من هلوسات مخيفة ويسمع أصواتاً. كما أن جهازه الهضمي دمر وأتلفت ذاكرته. وأضاف "عانيت لثلاثة أيام على الأقل من عوارض انسحاب المخدر من جسمي. كنت متكوراً على نفسي كما لو أنني رجل تسعيني". كان العراق يحكم في ما مضى بالإعدام على المتعاطين وتجار المخدرات لكنه أقر قانوناً في عام 2017 يمكن للقضاة بموجبه أن يحكموا على المدمنين بإعادة التأهيل أو بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات.  ومن حسن حظ أحمد أنه يتعافى في مركز إعادة تأهيل. ففي المناطق العراقية حيث لا تتوفر هذه المراكز، يسجن العديد من مدمني المخدرات.  مستشفى ابن راشد أكبر منشآت إعادة التأهيل التي تديرها الحكومة في العراق (بيل ترو)​​​​​​​ قال الطاقم الطبي في ابن رشد، إن هناك حاجة لتخصيص مزيد من الوحدات وبناء مستشفيات المخصصة في جميع أرجاء البلاد بسبب تزايد عدد المدمنين، فاعتقالهم ليس حلاً. وقال الدكتور أرجان طوقاتلي لـ"اندبندنت" "نحتاج آلاف الأسرة غير المتوفرة في كافة أرجاء العراق. خذوا مثلاً كركوك التي أتحدر منها. ليس في المنطقة بأسرها سوى ثمانية أسرة". بالنسبة لعلي وأحمد، ليست المشكلة مسألة حياتهما أو موتهما فقط  بل حياة وموت جيلهما بكامله. وقال أحمد وهو جالس في حديقة مستشفى ابن رشد "هذا المخدر لا يهدد بتدمير الشباب. بل إن الكريستال ميث قد قضى علينا بالفعل". يمول برنامج الداعم في "اندبندنت" التقارير الخاصة من غرفة أخبار حائزة على جوائز يمكنكم الوثوق بها. نرجو أن تفكروا في المساهمة فيه.  

Read more

إقليم كردستان العراق: محاكمات معيبة لصحفيين ونشطاء

الحصاد draw: (بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن محكمة في إقليم كردستان العراق حكمت في 16 فبراير/شباط 2021 على ثلاثة صحفيين وناشطَيْن بالسجن ستّ سنوات في محاكمة معيبة للغاية. تواصل السلطات احتجاز شخصَيْن آخرَيْن رغم قرار المحكمة بعدم كفاية الأدلة لمحاكمتهما. تنشر هيومن رايتس ووتش أبحاثها حول المحاكمات اليوم بسبب قرب موعد قرارات الاستئناف.      لى محاكم الاستئناف النظر في المخالفات السافرة شابت الإجراءات في محكمة أربيل الجنائية انتهاكات خطيرة لمعايير المحاكمة العادلة، بالإضافة إلى تدخل سياسي عالي المستوى. على السلطات المشاركة في الاستئناف أن تأخذ هذه الانتهاكات في الحسبان عندما تُقرَر ما إذا كانت ستعارض الاستئناف. اعتقلت السلطات في أربيل ودهوك في إقليم كردستان العراق اثنين من الرجال في أغسطس/آب 2020 والخمسة الباقين في أكتوبر/تشرين الأول بسبب تنظيم تظاهرات غير مرخصة، كما تزعم. من مايو/أيار إلى أكتوبر/تشرين الأول، نظّم نشطاء ومعلّمون في منطقة دهوك مظاهرات تُطالب بسداد الرواتب الحكومية التي أخّرتها السلطات. قالت بلقيس والي، باحثة أولى بشأن الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش: "المحاكمات المعيبة في إقليم كردستان ليست بالأمر الجديد. لكن التباهي بأبسط مبادئ العدالة لمعاقبة أشخاص يُزعم أنهم يخططون لتظاهرة هو مستوى جديد من الانحطاط". قدّم محامٍ، وقريب أحد المحتجزين، ومصدر مستقل آخر كان حاضرا خلال المحاكمة معلومات تفصيلية حول المخاوف بشأن المحاكمة العادلة. الصحفيون المدانون هم آياز كرم بروشكي، وكوهدار محمد زيباري، وشيروان أمين شيرواني. أما الاثنان الآخران، شفان سعيد عمر بروشكي وهاريوان عيسى أحمد، فهما ناشطان ينتقدان ممارسات الحكومة دائما ويدعوان إلى الإصلاحات. حُكم على الرجال الخمسة في محاكمة مشتركة بموجب المواد 47 و48 و49 من قانون العقوبات العراقي والمادة 1 من القانون رقم 21 لعام 2003 المعدِّل للمادة 156 من قانون العقوبات، التي تجرم الأفعال التي يُقصد بها المساس بأمن المؤسسات الحكومية واستقرارها وسيادتها. استُؤنِفت الأحكام. قالت المصادر الثلاثة أيضا إن الحكومة لم تقدم أدلة كافية لاتهام الرجلَيْن الآخرَيْن، وهما الناشط بدل برواري والصحفي أميد حاجي، وأعادت القضية إلى قاضي التحقيق. إلا أن السلطات رفضت الإفراج عنهما في انتظار أدلة إضافية من النيابة العامة. قالت المصادر إن شيرواني، الذي اعتُقل في 7 أكتوبر/تشرين الأول، احتُجِز بمعزل عن العالم الخارجي مدة أسبوع. قال قريب شفان بروشكي إن بعدما اعتقلته القوى الأمنية في منزله في 22 أكتوبر/تشرين الأول حاولت الأسرة مدة شهرين معرفة مكانه. سُمح له بالاتصال بزوجته وإخبارها أنه لدى "الأشايس" – القوى الأمنية التابعة لحكومة إقليم كردستان – في أربيل. قالت المصادر الثلاثة إن الرجال السبعة احتُجزوا لأشهر بدون التمكّن من التواصل مع محامٍ، بما في ذلك خلال التحقيقات وجلسات الاستجواب. في مارس/آذار، بعدما أصدرت "لجنة حماية الصحفيين" تقريرا يثير مخاوف بشأن محاكمة اثنين من الرجال، أجاب ديندار زيباري، منسق حكومة إقليم كردستان للمناصرة الدولية في رسالة  إلكترونية في 14 مارس/آذار أنه قال لـ هيومن رايتس ووتش "إنهما [زيباري وشيرواني] كان لديهما تواصل مع محاميهما أثناء انتظارهما للمحاكمة". غير أن المصادر الثلاثة نفت هذا الادعاء وقالت إن السلطات سمحت للمحامين بالتكلم معهم للمرة الأولى لدقائق قليلة قبل جلسات المحكمة في 15 و16 فبراير/شباط. قالت إن تواصل المحتجزين مع أُسرهم كان محدودا أيضا وإنهم لم يلتقوا أُسرهم إلا لبضع دقائق منذ احتجازهم. قال قريب شفان بروشكي إن والده سُمح له بزيارته مرة واحدة مدة خمس دقائق في يناير/كانون الثاني، وكان عناصر الأسايش حاضرين في الغرفة. قال المحامي إنه والمحامين الآخرين المدافعين عن الرجال حاولوا الوصول إلى ملفات القضية قبل بدء المحاكمة إلا أن الأسايش، الذين كانوا يحتفظون بالملفات، رفضوا تسليمهم إياها رغم رسائل من المحكمة تأذن لهم بذلك. قال إنهم علموا بمواعيد المحاكمات قبل سبعة أيام فقط من انعقادها. قال/ "قيل لنا إن القاضي مريض وإن علينا توقّع تأجيلات، لكن أعلِن عن المحكمة فجأة ولم يكن أي منا مستعدا". قال قريب بروشكي إن أسرته لم تتمكن من حضور المحاكمة بسبب المهلة القصيرة. قال القريب إن زوجة بروشكي وأطفاله رأوا عناصر القوى الأمنية يضربونه عند اعتقاله. قال المحامي إن شيرواني لم يتمكن من الوقوف خلال المحكمة، على ما يبدو بسبب إصابة. قال إنه أخبر القاضي إن عناصر الأمن هددوه وهددوا أيضا باغتصاب زوجته ووالدته إن لم يوقع على الاعتراف، وقال "لم يتأثر القاضي بهذه الادعاءات، علما أنه لم يتمكن من الوقوف". قال المحامي والمصدر المستقل إن القاضي والمدعي العام ذكروا مرارا معلومات من "مخبرين سريين" لم يمثلوا أمام المحكمة، تفيد بأن المتهمين جواسيس. بما أنهم لم يمثلوا في المحكمة لم يكن هناك فرصة أمام الدفاع لاستجوابهم. قال المصدران اللذان كانا حاضرين في المحكمة إن عنصرا من الأسايش، لم يكن جزءا من فريق الادعاء، كان يقف من وقت لآخر رافعا يده فيسمح له القاضي بتقديم دليل جديد لم يكن الدفاع مطلعا عليه من قبل. لم يسمح القاضي للدفاع باستجوابه. أثارت المصادر الثلاثة مخاوف حول أساس التهم ضد الرجال. مثلا، قال المصدران اللذان كانا حاضرين خلال المحاكمة إن عنصر الأسايش قدّم صورة كان شيرواني قد نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي معلقا عليها إن الرحلات للجوية بين تركيا وإقليم كردستان العراق، التي عُلِقت لبعض الوقت، قد استؤنِفت وقال أن ذلك كان دليلا على أن شيرواني جاسوس. قال الثلاثة إن الدليل الذي قدمه الادعاء وممثل مجلس أمن كردستان العراق خلال المحاكمة كان دليلا ظرفيا ولم يُسمح للمحامين بمراجعته. هذه الإدانات الأخيرة لا تُؤدي إلا إلى تفاقم تدهور سمعة إقليم كردستان العراق أثارت رئيسة برلمان إقليم كردستان مخاوف حول المحاكمات في 16 أبريل/نيسان. قال الصحفي البارز والناشط الحقوقي آسوس هاردي إنه يعتقد أن الرجال السبعة يحاكَمون فقط بسبب محاولتهم الاحتجاج ضد الحكومة الإقليمية: "هناك قانون يحمي الحق في التظاهر، وإذا خالفوا هذا القانون يجب أن يحاكَموا بموجبه. أما إذا خالفوا قانون الصحافة كصحفيين، فيجب محاكمتهم بموجبه. ليس هناك أي مبرر لاتهامهم بمحاولة زعزعة أمن المنطقة بدعم من أطراف أجنبية. لم يقدم الادعاء أي دليل فعلي على ذلك. تُظهر هذه المحاكمة مدى تدني مستوى حماية حرية التعبير في إقليم كردستان العراق". أثارت المصادر الثلاثة أيضا مخاوف حول التدخل السياسي. قال زيباري في رسالته الإلكترونية في مارس/آذار إن المحكمة مستقلة عن الحكومة وغير مسيَّسة وإن حكومة إقليم كردستان العراق لم تتدخل بأي شكل من الأشكال في المحاكمة. لكن مسرور برزاني، رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، أعلن في مؤتمر صحفي، قبل المحاكمة بأسبوع، أن المحتجزين "ليسوا ناشطين أو صحفيين. بعضهم جواسيس، يتجسسون لحساب دول أخرى... وبعضهم مخربون". قالت هيومن رايتس ووتش إن هذا البيان المتحيّز الصادر قبل قليل من المحاكمة هو تدخل سياسي عالي المستوى في القضايا وينتهك مبدأ افتراض البراءة. قال المحامي إن فريقه ينتظر رد محكمة الاستئناف على استئنافه. على السلطات الحكومية المشارِكة في الاستئناف أن تأخذ في الحسبان الانتهاكات الخطيرة لإجراءات المحاكمة العادلة عندما تُقرّر إذا كانت ستدعم قرار المحكمة الابتدائية في محكمة الاستئناف أم لا. قالت والي: "هذه الإدانات الأخيرة لا تُؤدي إلا إلى تفاقم تدهور سمعة إقليم كردستان العراق كمكان يواجه فيه الناس محاكمات جنائية غير عادلة لمجرد انتقاد السياسات الحكومية التي يعترضون عليها، أو التعبير عن مخاوفهم من النخب السياسية".

Read more

انسحاب أميركا من أفغانستان.. مناورة أم قرار؟

الحصاد: منذر سليمان  - جعفر الجعفري /  الميادين نت تشير بيانات البنتاغون إلى تواجد 3،500 جندي نظامي في أفغانستان منذ مطلع العام الجاري، فيما تشير سجلات الخارجية الأميركية إلى تواجد إضافي لنحو 18،000 متعاقد. دخل يوم 30 نيسان/أبريل 1975 التاريخ الإنساني، منصفاً الشعوب المكافحة، ومعلناً هزيمة الولايات المتحدة في فيتنام. الأول من أيار/مايو 2021، "وَعَدت" الولايات المتحدة بأن يكون يوم بدء سحب قواتها "النظامية المقاتلة" من أفغانستان، ضمن منظومة ترتيبات وتدابير تتيح لها البقاء فيها بمسميات وعناوين مختلفة. بعد مرور 46 عاماً على أكبر هزيمة تلقَّتها واشنطن في العصر الراهن، لا يلمس المرء استفادة الأخيرة من الدروس القاسية لتدخلاتها العسكرية وقهر الشعوب. حظي إعلان الرئيس جو بايدن (14 نيسان/أبريل الجاري) انسحاب 3،500 جندي من أفغانستان بمزيج من مشاعر الارتياح الشعبي وتشكيك بعض مراكز القوى ومعارضة كبار القادة العسكريين، رافقه إعلان البنتاغون على الفور أنَّ "قوات إضافية سيتم إرسالها إلى أفغانستان" لضمان أمن القوات المنسحبة وسلامتها. تشير البيانات الرسمية للبنتاغون إلى تواجد "3،500 جندي نظامي في أفغانستان" منذ مطلع العام الجاري، وهم الذين يدور الحديث حولهم. أما سجلات وزارة الخارجية الأميركية، فتشير إلى تواجد إضافي لنحو "18،000 متعاقد أميركي وأفغاني، وآخرين من دول أخرى" في أفغانستان، "جلّهم من المرتزقة"، ولديهم كفاءات عسكرية واستخباراتية، وآخرين من القوات الخاصة، أي ما يعادل 7 أضعاف القوات النظامية. وقد أوضح رئيس هيئة الأركان المشتركة، مارك ميللي، رؤية البنتاغون ببقاء الوجود العسكري هناك، قائلاً أمام "معهد بروكينغز" إنَّ بلاده ستحتفظ بقاعدتين عسكريتين في أفغانستان بعد الانسحاب الرسمي، وستبقي أيضاً على "عدد من القواعد العسكرية المنتشرة" داخل الأراضي الأفغانية وخارجها (أسبوعية "يو أس نيوز آند وورلد ريبورت"، 2 كانون الأول/ديسمبر 2020).  كما تعهّد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أمام لقاء لحلف الناتو في 15 نيسان/أبريل الجاري، باستمرار "الولايات المتحدة بتمويل قدرات مهمة لأفغانستان" بعد الانسحاب الأميركي، "مثل سلاح الجو الأفغاني والقوات الخاصة، والاستمرار بدفع رواتب قوات الأمن الأفغانية". وأضاف في مؤتمر صحافي للحلف أنَّ بلاده "قد تحافظ على تواجد أميركي لمكافحة الإرهاب في المنطقة". السّؤال المركزي في إعلان الرئيس بايدن عن الانسحاب يتمحور حول حقيقة قرار "مغادرة" أفغانستان وصدقيّته، بصرف النظر عن الجدل اليومي المرافق له. وحذرت يومية "نيويورك تايمز" مراكز صنع القرار من أن الولايات المتحدة "لا يمكنها كسب حرب في أي بلد، فحلفاؤها يعانون ضعف القوة العسكرية، بينما استطاع خصومها التأقلم مع المتغيرات وراكموا قدرات عسكرية" متطورة (9 نيسان/أبريل 2021). وتتالت النصائح والتحذيرات تباعاً من أنصار الرئيس بايدن، وخصوصاً ضمن النخب السياسية والفكرية، عن ضرورة تجاوز مسألة خسارة "الحرب الأطول" والانتقال إلى مواجهة التحديات الدولية الأخرى. وقد أوضحت نشرة "فورين بوليسي" الرصينة أنَّ إعلان الانسحاب يشكّل "إقراراً، ولو متأخراً، بعدم تحقيق الولايات المتحدة نصراً" (14 نيسان/أبريل 2021). وذكّرت النشرة مراكز صنع القرار بالتجربة الأميركية المرهقة، قائلة: "بعد انقضاء 20 عاماً من الحرب التي حصدت آلاف الضحايا، يعترف المسؤولون الأميركيون بأن (حركة) طالبان أضحت أقوى عسكرياً وكثّفت هجماتها بشكل ملحوظ على مدى السنة الماضية".  نشير في هذا الصدد إلى دراسة أجرتها وزارة الطاقة الأميركية في العام 2007 تخصّ أفغانستان وترصد ما في جوفها من موارد طبيعية مهمة تثير نهم سيطرة القوى الغربية. وقد قدرت قيمتها بنحو "تريليون دولار" من المعادن الثمينة، وخصوصاً الذهب والنحاس والكوبالت والليثيوم. وفي مذكرة داخلية للبنتاغون، علّقت على الدراسة بالقول إنّ أفغانستان "قد تحتلّ مركز الصدارة في معدن الليثيوم بشكل يوازي موقع السعودية" بالنفط.  أيضاً، غزت الولايات المتحدة أفغانستان في العام 2001، استناداً إلى قرار رئاسي أصدره الرئيس جورج بوش الابن في 18 أيلول/سبتمبر 2001، وإرساله وحدات من القوات الخاصّة بعد بضعة أيام من الحادثة. جاء ذلك في سياق صراع سيطرة القطب الواحد على الموارد العالميّة، ولقربها من الصين وإيران وروسيا وما يمثّله ذلك من ثقل جيوستراتيجي لواشنطن، ولدورها المحوري في مرور خطوط أنابيب النفط والغاز المتجهة إلى أوروبا، وما ينتظرها من دور متعاظم في استراتيجية الصين المعروفة بـ"الحزام والطريق". وقد تموضعت القوات والقواعد العسكرية الأميركية قرب حدود خصومها الدوليين.  من بين رهانات واشنطن التي أثبتت خطلها الذريع، مراهنتها على "استقطاب" فيتنام ضد الصين وتقديمها شتى العروض المغرية لقاء السماح للبنتاغون بإنشاء "قواعد صاروخية على أراضيها" (2018). واتساقاً مع توجهات واشنطن التاريخية بازدراء القوى الأخرى، تعمدت الأخيرة القفز على كل المؤشرات التي ساقتها فيتنام، وربما تجاهلتها، للدلالة على عدم رغبتها في الدخول في صراع ضد الصين، وهي التي حافظت حتى الآن على مسافة واحدة في صراع البلدين. قرار الانسحاب جاء كمحصّلة لمواقف وأولويات استراتيجية أميركية متجدّدة، حتى إنه تباين مع السردية الرسمية التي حافظت عليها المؤسَّسة الحاكمة بفرعيها العسكري والاستخباراتي، في اتهامها لروسيا بعرض مكافآت مالية على مقاتلي طالبان لقاء مقتل جنود أميركيين (2019)، وارتأى البيت الأبيض الكشف عنها، محمّلاً مسؤولية ترويجها "للأجهزة الاستخباراتية" المختلفة، بعد توصله إلى قناعة بأن مدى اليقين من تلك التهمة كان "متدنياً إلى متوسط"، ما ترجم إلى فقدان المصداقية وشروط الإسناد (بيانات البيت الأبيض 15 نيسان/أبريل الجاري). اللافت في كشف البيت الأبيض عن خطل اتهامات روسيا ونشرها عبر أبرز المنابر الإعلامية المعروفة بعدائها الشديد لها، تسريب لصحيفة "واشنطن بوست" (13 نيسان) ونشرة "ذي ديلي بيست" الإلكترونية (15 نيسان/أبريل)، معزّزة تبريرها بأنَّ أجهزة الاستخبارات الأميركية "استندت إلى اعترافات موقوفين لدى السلطات الأفغانية انتزعت خلال التعذيب، وأحدهم يُدعى ابن الشيخ الليبي". تحميل البيت الأبيض القادة العسكريين والأجهزة الاستخباراتية مسؤولية تقديمهم النصائح لمركز صنع القرار وتملصه من حقيقة تصعيد العداء لروسيا والصين، مع جملة تهديدات عسكرية ضد روسيا وإرسال قطع بحرية أميركية إلى البحر الأسود، ومن ثم انسحابها على عجل بعد توعد موسكو بحماية أراضيها، يشير إلى "اضطرار" الرئيس بايدن معارضة قرار القيادات العسكرية في المرحلة الراهنة وفي ملف محدّد على الأقل. إنَّ ما يعزّز الاستنتاج أعلاه هو خطاب الرئيس بايدن الذي بدى عليه الإعياء، وظهر كأنه ضاق ذرعاً بمماطلة القادة العسكريين وطلب منحهم المزيد من الفرص الزمنية لحسم المعركة عسكرياً، وخصوصاً لتساؤله: "إذاً، متى ستكون الفرصة مؤاتية للانسحاب؟ هل هي سنة أخرى أو سنتان أو 10 سنوات؟". كما دلّ خطابه على تجنيب البنتاغون تكرار هزيمة بلاده في فيتنام والمشهد المحفور في الذاكرة الجمعية بهروب السفير الأميركي هناك عبر طائرة مروحية وسقوطها في رحلة أخرى عن سقف مقر السفارة الأميركية في سايغون سابقاً (مدينة هوشي منه حالياً). ينقل المقرّبون إلى الرئيس جو بايدن ثبات معارضته لاستمرار التدخل في أفغانستان، بالإشارة إلى مذكّرة قدمها بخط يده للرئيس الأسبق باراك أوباما في العام 2009، يناشده فيها رفض توجه القيادات العسكرية لحشد المزيد من القوات الإضافية في أفغانستان، وخسارته أمام إصرار أوباما على التكامل مع قرار البنتاغون (أسبوعية "ذي نيو يوركر"، 14 نيسان/أبريل 2021).  وأوضحت المجلَّة أنَّ الرئيس بايدن في خطابه بالانسحاب ذكّر الشعب الأميركي بأن الرئيس أوباما انتدبه في العام 2008 للسفر إلى أفغانستان والتوقّف على الأوضاع هناك مباشرة وتقديم تقييمه بذلك، وبأنه توصل إلى نتيجة مشابهة آنذاك لما أعلنه مؤخراً، مفادها أن "العملية الأميركية، كما يجري تطبيقها، مصيرها الفشل، نظراً إلى أن الوجود العسكري الأميركي اللامتناهي لن يستطيع إنشاء حكومة أفغانية قابلة للحياة أو المحافظة عليها".  للدلالة على معارضة القيادات العسكرية السابقة والراهنة لخفض مستوى الوجود العسكري الأميركي، لا لإنهائه، نسوق تصريحاً للمستشار الأسبق للأمن القومي الجنرال إتش آر مكماستر، قال فيه: "قرار الولايات المتحدة الانسحاب من أفغانستان بينما تستمر طالبان في شن هجماتها الدموية ضد المدنيين والقوات الأمنية الأفغانية يشكّل استسخافاً أخلاقياً وكارثة استراتيجية" (15 نيسان/إبريل 2021).  وتحفل الأدبيات الإعلامية الأميركية المختلفة بتصريحات شبيهة معظمها من المقربين من البنتاغون والأجهزة الاستخباراتية، أبرزهم القائد الأسبق للقوات الأميركية في أفغانستان ديفيد بيترايوس، ومدير الاستخبارات الوطنية الأسبق جيمس كلابر، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأسبق جون برينان... في هذه الأثناء، أصدرت الأجهزة الاستخباراتية الأميركية تقريرها السنوي حول "التهديدات العالمية" التي تواجهها الولايات المتحدة في 9 نيسان/أبريل الجاري، وفحواه رسم صورة قاتمة لمستقبل التواجد الأميركي في أفغانستان، وبأن "آفاق التوصل لتسوية سلمية ستبقى متدنية، نظراً إلى يقين قيادات طالبان بقدرتها على تحقيق انتصار".  تعاظم دور تلك الأجهزة بمختلف مسمياتها في الحياة اليومية للأميركيين الَّذين "تتجسَّس" عليهم بشكل دوري ومفتوح منذ تداعيات هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001. كانت أفعالها في التجسّس الداخلي غير منشورة أو متداولة لحين ذاك التاريخ، وأضحت الحواجز الأمنية والتحقيقات على الموانئ والمطارات أمراً مألوفاً ومقبولاً بعض الشيء، إذ يضطر المسافر عبر القطارات والطائرات وحافلات الباصات الداخلية إلى إبراز بطاقات هوية "رسمية" والتعرض أيضاً لتفتيش شخصي، وهي إجراءات كانت محصورة بـ"النظم الديكتاتورية" في الماضي القريب.  مهّد الرئيس الأسبق جورج بوش الابن غزو بلاده لأفغانستان بتحذير الشعب الأميركي من ترقّب "حملة عسكرية طويلة الأمد، وعلى نطاق لم تشهده البلاد في أي وقت مضى"، وربما ستستمر لنحو 50 عاماً، تحت مسمّى مخادع هو "الحرب على الإرهاب". وتطورت "المهمة الأميركية" إلى التصدي لتنامي القوة العسكرية لكل من الصين وروسيا ومحاصرتها، على قاعدة صراع الدول الكبرى. صوت الحكمة أتى على لسان أحد أبرز رموز العداء لروسيا والصين، وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر، محذّراً مراكز صنع القرار في واشنطن من تداعيات "استفزاز روسيا والصين"، إذ يتعيّن عليها إما القبول بالمتغيرات الجارية على النظام العالمي، وإما الإيغال في تصعيد منسوب التوتر الّذي "سيؤدي إلى مواجهة مشابهة لما شهده العالم عشية الحرب العالمية الأولى".  توجّه كيسنجر(1 نيسان/أبريل 2021) إلى قيادات بلاده السياسية والعسكرية والاستخباراتية، محذراً: "إن لم نستطع التوصل إلى تفاهم عملي مع الصين، فسنكون أمام وضع شبيه بما شهدناه قبل اندلاع الحرب العالمية والأولى". وكان أشدّ وضوحاً في تحذير صقور الحرب في بلاده، قائلاً: "إن كان لديكم تصور بأن العالم سيلزم نفسه بدخول صراع مفتوح الأجل، استناداً إلى بسط الهيمنة من قبل الطرف الأقوى راهناً، فإن زعزعة النظام الراهن ستكون حتمية، وتداعياته ستكون كارثية".  

Read more

 نساء السليمانية يقتحمن مهناً كانت حكراً على الرجال

الحصاد: العالم الجديد - صلاح حسن بابان رغم كثرة الضغوطات النفسية والاجتماعية التي تتعرّض لها يومياً، إلا أن نسرين تحدّت قساوة مهنة سائقة سيارة أجرة "تكسي" التي تحاول نشل ملامحها الإنثوية ومنها شعرها الطويل برفضها الإستسلام والخنوع لها. وهي تستيقظ كل صباح قبل بزوغ الخيوط الأولى للشمس، لتنتقل وتُراوغ بسيارتها التكسي السيارات الأخرى في شوارع السليمانية وتصارع بها الحياة بعزيمة الرجال لتأمين لقمة العيش: "لايختلف وضعي عن حال المصارع في الحلبة". طوال ساعات النهار تعمل نسرين محمد، ذات الـ42 عاماً بلا كلل، وفي بعض الأيام تبقى حتى ساعة متأخرة من الليل لتأمين متطلبات عائلتها، فتتجوّل بلا توقف في كل مناطق المدينة وتجوب أحياءها بحثاً عن أي "راكبٍ" يرفع يديه، فعدد من يوقفون سيارات الأجرة يتناقص يوماً بعد آخر نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تضرب الإقليم وهو ما يجعل عمل نسرين أكثر صعوبة. تقول "كان العمل جيداً قبل عامين، لكن مع الأزمة الاقتصادية عدد من يستخدمون وسائل النقل العامةّ "الباصات" التي تبلغ أجرتها 500 دينار (أقل من 35 سنتاً) يتزايدون مقابل تناقص عدد من يلجأون الى سيارات الأجرة التي تبلغ أجرتها في المتوسط ثلاثة آلاف دينار (دولاران تقريباً). تُمارس نسرين هذه المهنة منذ أربع سنواتٍ تقريباً، رغم كونها مهنة خاصة بالرجال، في وقت تزداد حالات لجوء النساء لمهن كانت تعد خاصة بالرجال مع إزدياد الأزمة الاقتصادية في كردستان نتيجة تذبذب أسعار النفط وتعمّق الأزمة السياسية بين بغداد وأربيل والحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، حتى اضطر الإقليم للعمل بنظام إدخار الرواتب بنسب إستقطاع متفاوتة تصل أحياناً إلى 60%، ناهيك عن تأخر صرفها. تعد نسرين، الفتاة الأولى التي تمتهن مهنة سائق تاكسي، ففي كردستان عموماً لم يسبق ان عملت امرأة في هذا المجال الذي ظل محتكراً للرجال. هي بذلك لم تكسر تقاليد ثقافية مترسخة بل أيضاً شجّعت أخريات على اختراق مهن ظلت ميداناً حصرياً بالرجال. تُعيل نسرين والديها وتؤمّن لهما تكاليف علاجمها الشهري بهذه المهنة. تقول انها من خلال هذا العمل الشاق "تريد أن تبين أنّ المرأة لاتقلّ شأناً عن الرجل في الواجبات والمسؤوليات الحياتية المتعلقة بالأسرة والمجتمع، ولايوجد أي فرق بين الاثنين لو توفرّت الحرية وتقبّل الآخر". لكنها تشكو صعوبة هذا الأمر لاسيما وأنّ أغلب زبائنها هم من الرجال: "بدأ محيطي العائلي يتقبّل عملي ومهنتي بعد أن رفضها في البداية".     تحديات على أكثر من صعيد الانفتاح الّذي تميّزت به السليمانية على مختلف الأصعدة والمجالات وخصوصاً في ما يتعلق بدعم المرأة ومساندتها للنهوض بواقعها المتردّي مع إزدياد حالات العنف والقتل ضد النساء في كردستان سنوياً، وهي تمنحها حرية أوسع من المناطق الأخرى ساعدت النساء فيها لإمتهان عدّة مهن وإن كانت خاصة بالرجال. هذا ما تؤكده نسرين قائلة: "كان الأمر سيختلف لو كنتُ في محافظة أخرى، بيئة السليمانية ساعدتني كثيراً للإنخراط بهذه المهنة، دون خوفٍ أو تردّد، صار الكل يحترمني ويقدّرني رغم المصاعب اليومية التي تواجهني" في الإشارة منها إلى ما تتعرّض له من مضايقات مستمرة في الشارع عبر أبواق السيارات. تنتقد نسرين غياب الدعم الحكومي للمرأة الكردية في سوق العمل، وتؤكد ضرورة ان تقوم الجهات المعنية بدعمهن من أجل إظهار مواهبهن بمشاريع مختلفة: "الكثير من النساء يرغبن بالعمل والإنخراط بمهن مختلفة لدعم أزواجهن في تأمين لقمة العيش بعد أن أصبحت صعبة للغاية مع تراجع فرص العمل والأزمة المالية التي تنخر العوائل بإستمرار، لكن العائق المالي يقفُ دائماً في طريقهن، ويسدّ الأبواب بوجههن". تواجه الفتيات والنساء العاملات في قطاعات العمل تحدّيات جمّة على المستويين الشخصي والعام، ففي ظلّ تدني المستوى المعيشي والتلكؤ الاقتصادي العام وغياب التشريعات الخاصة بحمايتها، قد تواجه المرأة صعوبة في الحصول على فرص عمل تلائمها وتحمي كرامتها فتلجأ الى الى إمتهان بعض الأعمال الخاصة بالرجال والتي لاتتناسب مع وضعها البنيوي والجسدي.   الأزمة أعطت قوة للمرأة يعدُّ البعض هذه المهن غير لائقة ومُهينة للمرأة، ويرون انّ مهن السياقة والعمل في الأسواق العامّة والمقاهي والمطاعم وورش تبديل زيوت السيارات أو النوادي الليلية، مهن لاتناسب النساء، وقد يتعرضنّ فيها الى الإهانة والاستغلال والتحرش وحتى الضرب والترهيب، لتكون حينها أمام خيارات صعبة، منها أمّا السكوت من أجل البقاء بالعمل أو تركه والبحث عن البديل الذي يكون صعباً للغاية أحياناً بوجود هذه العوائق أو اللجوء الى خيارات بديلة ومعروفة، ولكن في النهاية لابد أن تدفع المرأة الضريبة. ترى الناشطة النسوية هانا شواني إن الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والأزمة الاقتصادية التي تزامنت معها في عام 2014 غيّرتا الكثير من مفاهيم المعادلات التقليدية في المجتمع الكردي المعروف بخلفيته الإقطاعية الزراعية: "لكن الأزمتين غيّرت الكثير من المعادلات في مجتمعنا، أهمها تغيير وجهة النظر عن المرأة وجعلها كمصدرٍ للاقتصاد وتأمين لقمة العيش وليس كوسيلة فقط". اضطرت بعض النسوة لاسيما زوجات عناصر الأمن والعسكر مثل البيشمركة والعاملين في الدفاع إلى اللجوء للعمل بمهن مختلفة بعد الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية التي خلقت الكثير من الأزمات الإجتماعية والسياسية للمجتمع الكردي، لكن شواني تُشيد بإمكانيات المرأة في إدارة الأزمات والسيطرة عليها أكثر من الرجل: "التأريخ يثبت لنا أن النساء أكثر مهارةً من الرجال في السيطرة على الأزمات ومنع خروجها عن السيطرة، ويمكن ملاحظة ذلك بالنظر إلى حال البلدان التي تقودها النساء". تثمّن الناشطة النسوية تضحيات المرأة لمساعدة أزواجهن وعوائلهن في تأمين لقمة العيش وإن كان ذلك يكون عبر الإنخراط في مهن صعبة وقاسية كما الحال مع نسرين وغيرها. مكتب لسياقة "اللوريات" إلى حدٍ كبير، تختلف حال شلير غريب وهي في العقد الرابع من عمرها عن حال نسرين، فبالرغم من مهنتها الشّاقة بتدريبها الرجال على سياقة سيارات الحمل الكبيرة "اللوريات" من خلال مكتبها الخاص بتعليم السياقة، مازالت تحتفظ بملامح أنوثتها ولا تبخل في الإهتمام بنفسها كما تفعل أغلب النساء، متكئتةً في ذلك على روحها المتحدية التي تتجاهل ما يعكّر مزاجها أو يحبط طموحها. لكنها تجتمع مع نسرين في نقطةٍ مشتركة وهي إعالة العائلة بتأمين لقمة العيش بهذه الظروف الاقتصادية الصعبة لاسيما وهي متزوجة ولها من الأبناء ثلاثة. هذه المهنة الصعبة، أبعدت شلير عن الكثير من هواياتها اليومية التي كانت معتادة عليها قبل الأزمة الاقتصادية: "المطالعة اليومية والسفر والسياحة، أبرز ما خسرته بسبب الإنشغال بالعمل" تقول ذلك وهي توعز أحد الرجال المتدربين لديها داخل سيارتها "اللوري" على الإستدارة والعودة مجدّداً للتعلم كيفية التوقف في الطرقات الخارجية العامة بعد مخالفته للضوابط والشروط الواجبة حيال ذلك. تتشابه معاناة شلير التي تقضي يومها في العمل من الساعة السابعة صباحاً وحتى أوقاتٍ متأخرة من الليل، وتعمل أحياناً حتى في أيام الإستراحة مثل الجمعة، مع نسرين بنسبةٍ كبيرة في مواجهتها المصاعب الإجتماعية وعدم تقبّل محيطها لهذه المهنة الذكورية التي ترى فيها من القسوة والصعوبة بما لايتلائم مع وضع المرأة. وتتساءل: "ما الغريب ان مارست المرأة مهنةً كانت محتكرة للرجال في السابق، ونحن نعيشُ مع التطور الحاصل في العالم يوم بعد آخر"، لتشدّد على ما أكدّته نسرين حول أهمية العزيمة والإرادة لإجتياز هذه التحدّيات والعراقيل الإجتماعية. وضعت هذه المهنة شلير في زاوية حرجة جداً، لها سلبياتها وإيجابياتها ومصاعبها، منها تلقيها تعليقات سلبية أثناء ممارسة عملها الذي يكون دائماً التدريب والتنقل في الشوارع، وهو يكادُ أن يكون يومياً، لكنّها تصرّ في كلّ مرة على تجاهلها، وعدم السماح لها بإختراق إراداتها وما تصبو إليه. إلا أنها ترى في الواجبات والمسؤوليات العائلية، وما يتعلق بحقوق الأطفال والزوج، النقطة الأكثر صعوبةً بالنسبة لها، وتتحدث عن ذلك أكثر وتحذر من إنعكاسات ذلك على حياة العائلة ومستقبلها: "على المرأة أن تعرف جيداً كيف توازن بين مهامها الزوجية والعائلية مع العمل". تؤمن تلك المهنة دخلاً مناسباً لشلير، حيث حدّدت الجهات الحكومية في محافظة السليمانية 16 ألفاً (11 دولار) تقريباً لكل درس يتلقاها المتدرّب على السياقة بالنسبة للدروس العملية التي يجب أن لاتقل عن 12 درساً، في حين تكون أجور الدروس النظرية 75 ألفاً (52 دولاراً) تقريباً بالنسبة للسيارات الكبيرة، واما السيارات الصغيرة تكون أجور التدريب العملي فيها لكل درس بـ13 ألفاً (9 دولارات) تقريباً، و50 ألفاً (35 دولاراً) تقريباً للنظري، لكن الإقبال بدأ بالتراجع تدريجياً في السنوات الاخيرة كما تقول شلير بسبب الأزمة الاقتصادية. لا ترى شلير التي تُعتبر أوّل امرأة على مستوى العراق وكردستان تحصل على إجازة عمل بإفتتاحها مكتباً لتعليم السياقة على السيارات الكبيرة أي إختلافٍ بين الرجل والمرأة في تحمّل الواجبات والإلتزامات العائلية، والإثنان متساويان في الأمر، لكن الحالة بحاجة إلى تقبّل الآخر من أجل مصلحة العائلة، شرط أن لا يمسّ كرامة الإنسان، وتؤكد إفتخارها وإعتزازها بجميع النسوة اللاتي يُضيحين من أجل عوائلهن.     الارادة تصنع التحولات يؤيد الباحث الإجتماعي فريق حمه غريب ما ذهبت إلى نسرين وشلير إلى أهمية الإعتماد على العزيمة والإرادة في مواجهة التحديات الإجتماعية التي يكون غالباً أساسها الرجل في تقبّل المهن التي تلجأ إليها النساء والتي كانت خاصة بالرجال في السابق. يؤكد غريب إلى ضرورة أن تثقّف وسائل الإعلام وتزيد من توعية الرجال على تقبّل النساء في مهن مختلفة وعدم النظر إليهن بدرجة أدنى في حال لجأت بعضهن إلى مهنٍ لاتتلائم مع وضعها الجسماني والإجتماعي: "من أساسيات بناء مجتمع مدني أن نتقبّل المرأة العاملة وإن كانت مهنتها غير مقبولة إجتماعياً مثل سائقة تكسي أو عاملة في أماكن عامة، لطالما لايمسّ الأمر كرامتها". ووفقاً لبيانات الجھاز المركزي للإحصاء في وزارة التخطيط العراقية لسنة 2018، تبلغ نسبة النساء اللواتي يعملن في الوزارات والمؤسسات الحكومية أقل من 30% من المجموع الكلي للعاملين في ذلك القطاع. وتزداد تعقيداً في القطاع الخاص فاذا كانت نسبة النساء العاملات في القطاع العام تقل عن 30% من المجموع الكلي للعاملين، فان النسبة أدنى بكثير في القطاع الخاص وفق بعض المؤشرات التي لديهم في ظل عدم وجود أرقام رسمية، إلا انّ نساء السليمانية قرّرن تغيير تلك القواعد وحالة عدم التوازن إلى حدٍ ما أكثر من المحافظات الأخرى بدخول عالم المهن المختلفة بما فيها التي كانت حكراً وخاصّاً على الرجال. وبالمقارنة مع نسرين وشلير، تبدو مهنة جاوان هيوا (26 عاما) أكثر حرجاً لها من الناحية الإجتماعية وهي تعملُ في ورشة لتصليح السيارات وتبديل الزيوت والدهون بمحافظة السليمانية، وتقضي يومياً نحو 7 ساعات متواصلة في العمل مع أكثر من نحو 15 رجلا من دون أيّ كلل أو ملل، متحدية بذلك العادات والتقاليد الاجتماعية المحافظة في المجتمع الكردي. تتفق جاوان وهي خريجة جامعية وأمٌ لطفلة واحدة مع نسرين وشلير بالإشارة إلى التحديات والمصاعب التي تقف عائقاً أمام المرأة الكردية في حال قررّت اللجوء إلى الإنخراط في سوق العمل، وتعرضها للإنتقادات السلبية التي تحاول النيل منها وعزيمتها، تضيف أثناء تبديلها لدهن إحدى السيارات: "لكن مساندة عائلتي ووقوفها معي، زادت من قوتي في جعل هذه العوائق هامشية". لكن ما يبدو مفرحاً في اقتحام النساء لمهن كانت محتكرة للرجال فقط، انّ الأمر لم يفقدها أنوثتها، ومازالت تولي أهمية كبيرة لأناقتها وجمالها كما لتعليمها وثقافتها، فالأمران لايتقاطعان، وإن اختلفت الأدوار.     كسر النظرة النمطية وتأثر سوق العمل وتغيّر بشكل كبير خلال السنوات العشر الأخيرة في إقليم كردستان، مع تأثير الثقافة التي جلبتها العاملات السوريات واللواتي نزحن إلى الإقليم واضطررن للعمل فيه، فهن فتحن الباب أمام عمل النساء في مختلف القطاعات، وهذا ما يعني أن نسرين وشلير وجاوان وغيرهن لسن حالات استثنائية، في وقتٍ كان قبل أعوام من النادر والصعب للغاية عمل النساء في المطاعم وإدارة المحال التجارية، لكن الآن أصبح ذلك أمراً مقبولاً، حيثُ تدير النساء مطاعم فخمة ومحال تجارية ومعامل وغيرها. ويتفاءل التدريسي في كلية الاقتصاد بجامعة السليمانية الدكتور خالد حيدر بدخول المرأة بقوة إلى سوق العمل والذي سيجعل الجزء الذي كان عاطلاً عن العمل ويُدار من قبل الرجل أكثر نشاطاً وفعالية بالإضافة إلى المساهمة في زيادة الإنتاج وناتج البلد وتقليل نسبة الإعالة: "عندما تزدادُ نسبة الإعالة يعني انّ الشخص المُعين سيتحمل عبء أكبر على عاتقه، لأنّ غياب المرأة عن العمل يؤدي إلى تعطيل الكثير من الموارد البشرية، في وقتٍ الاقتصاد يحتاج إلى هذا عمل المرأة مع الرجل". ويُشير إلى أنّ دخول المرأة إلى جميع المجالات لاسيما سوق العمل في كردستان وتحديداً السليمانية سيساهم في إزدياد الناتج المحلي بزيادة نسبة المساهمة في العمل، وهذا يعني أن الجانب النوعي سيزدادُ أيضاً مع الكمي. مؤيداً في ذات الوقت ما ذهبت إليه الناشطة المدنية هانا شوان بأن المرأة في الكثير من المجالات تكون أكثر دقّة من الرجال، لاسيما في الحالات التي يكون فيها العمل منسجماً وملائماً معها. تفتخر جاوان أنها كسرت نمطية وجهة نظر المجتمع الكردي للمرأة بخطوتها نحو هذه المهنة التي لم تظهر أي امرأة حتى الآن لتنافسها فيها على المرتبة الأولى بامتهانها: "حاولت بهذه الخطوة أن أظهر الصورة الأكثر إضاءةً للمرأة الكردية بقدرتها على تحمّل مشقّات الحياة، والإبداع في عدّة جوانب، تحديداً أثناء الأزمات". وتؤكد جاوان لمن مثلها من النساء إلى تجاهل الإنتقادات والسلبيات الإجتماعية التي تقف عادةً عائقاً أمام المرأة المبدعة، صاحبة الأفكار المتجدّدة، بالإعتماد على أنفسهن وقدراتهن لمساعدة أزواجهن وعوائلهن في تأمين لقمة العيش... توقف حديثها قليلاً لتأخذ أجر تبديلها الدهن لأحد الزبائن، وتُكمل: "دعم المرأة واحترامها واجب يجب أن يقدسهُ الرجل أولاً، وأن يفتخر به المجتمع ثانياً".     * كُتبت هذه القصة ضمن مشروع لمنظمة أنترنيوز لتدريب الصحفيين حول كتابة وإنتاج القصص الصحفية عن القضايا الحساسة المتعلقة بالنوع الاجتماعي (الجندر) في العراق.

Read more

حسم مقاعد البرلمان بالاتفاق؟

الحصاد: تنشغل الاحزاب السياسية سراً بتوزيع المقاعد البرلمانية العراقية في إقليم كوردستان، فالحزب الديمقراطي يطمع في الحصول على (20) مقعداً في أربيل ودهوك من اصل (25)مقعداً، ويرغب الإتحاد الوطني في السليمانية بحسم المقاعد المخصصة للمحافظة بالإتفاق مع الأحزاب السياسية، بهذا الشكل (10 للاتحاد، 4 لحركة التغيير، 2 لجماعة العدالة). كان مقرراً ان يكون يوم 17 من شهر نيسان الجاري آخر موعد لتسجيل التحالفات للانتخابات البرلمانية العراقية المبكرة، لكن المفوضية مددت مدة تسجيل التحالفات حتى الاول من آيار المقبل. الاتحاد يتعامل بالمقاعد الـ(18) المخصصة لمحافظة السليمانية، ويريد توزيع تلك المقاعد في اطار تحالف، كالآتي: ٭ (10) مقاعد للاتحاد الوطني الكوردستاني  ٭ (4) مقاعد لحركة التغيير  ٭ (2) مقعدان لجماعة العدالة التحالفات في السليمانية  منذ ايام تجتمع الاحزاب خلسةً لتكوين وتأسيس تحالفات بتحركاتها خلف الكواليس، وخصوصاً بين الإتحاد الوطني الكوردستاني وحركة التغيير وجماعة العدالة الكوردستانية، وكل ذلك للتحالف على المقاعد البرلمانية الـ(18) الخاصة بمحافظة السليمانية. يرغب الإتحاد الوطني الدخول الى الانتخابات العراقية المبكرة متحالفاً مع حركة التغيير وجماعة العدالة الكوردستانية. ينوي الاتحاد الوطني في حال تحالفه مع الاطراف الاخرى الاحتفاظ بـ(10) مقاعد برلمانية في محافظة السليمانية ومنح الـ(8) مقاعد الاخرى للآخرين. بحسب معلومات (الحصاد)، فقد وعد الإتحاد الوطني ان يضمن (4) مقاعد لحركة التغيير من مجموع المقاعد البرلمانية الخاصة بمحافظة السليمانية والبالغة عددها (18) مقعداً، وفي الوقت نفسه وعد بمنح مقعدين اثنين بجماعة العدالة الكوردستانية. في هذه الحالة ستبقى مقعدين اثنين فقط، وفي حال اتفق الاتحاد الوطني مع الاتحاد الاسلامي الكوردستاني فسيمنح مقعداً للاتحاد الاسلامي ويتبقى مقعد وحيد الاحزاب الاخرى والذين يدخلون الانتخابات بصفتهم مرشحين مستقلين. حراك الجيل الجديد لا يريد الدخول في تحالف مع الاتحاد الوطني، لكنه لن يرفض التحالف مع الاتحاد الإسلامي وجماعة العدالة، وحتى حركة التغيير. يطمع حراك الجيل الجديد بالحصول على (3 أو 4) مقاعد في محافظة السليمانية، لكن في حال اتفاق الاطراف وحدوث تزويرات، يحتمل حصوله على مقعد واحد أو مقعدَين. أما تحالف الأمل الكوردستاني والمحتجين الغير راضين، سيكون الفوز بالمقاعد امراً صعباً عليهم دون امتلاك مؤسسة اعلامية قوية ودعم ومساندة مادية ومعنوية، لكن اذا رشح نواب هذا التحاف انفسهم في دوائر كَرميان ورانية، فيحتمل ان يقلبوا الوضع ويُعرقلوا اتفاق الاتحاد الوطني وحركة التغيير ويجعلوا منه هباءً منثورا. التحالفات في اربيل ان الحزب الديمقراطي الكوردستاني لم يبرم اي اتفاق مع الاحزاب الاخرى، لا على المقاعد الخاصة بمحافظة اربيل البالغة (14) مقعداً، ولا على المقاعد الخاصة بمحافظة دهوك والمحددة بـ(11) مقعداً. في حال عدم اتفاقه، ينوي الحزب الديمقراطي الفوز بـ(8-10) مقعداً في اربيل، وكافة مقاعد محافظة دهوك وعددها (11) مقعداً. في حال ابرام الحزب الديمقراطي اتفاقاً، بخصوص محافظة اربيل هناك مفاوضات خفية وغير معلنة للحزب الديمقراطي مع حركة التغيير هدفه ضمان حصول الحركة على مقعدَين في تلك المحافظة، و إن لم يُبرَم هذا الاتفاق فسيكون الوضع لصالح الإتحاد الوطني وحراك الجيل الجديد. يضع الإتحاد الوطني الكوردستاني الفوز بـ(4) مقاعد في محافظة اربيل، لأنه حاز على (79 الف و745) صوتاً في الانتخابات السابقة، كما حاز تحالف الديمقراطية والعدالة على (50 الف و537)، وبهذا يكون مجموع أصوات الاتحاد الوطني وتحالف الديمقراطية والعدالة (130 الف و282) صوتاً، وبهذا يحتمل الحصول على (2 أو 3) مقاعد، وبما إن الإتحاد كان قد حاز في الانتخابات السابقة في حدود دائرة كوية(كويسنجق)-سهل اربيل(دَشتي هَولير) على (37 الف و631) صوتاً، لكن الحزب الديمقراطي كان قد حصل على (23 الف و987) صوتاً، لهذا فالاتحاد الوطني يطمع بمقعدَين اثنين من المقاعد الـ(4) في تلك الدائرة. في الدائرة (1) في محافظة اربيل والتي تشمل مناطق جومان ورواندوز وشقلاوة، كان الاتحاد الوطني قد حصل في الانتخابات السابقة في تلك الدائرة على (25 الف) صوت والحزب الديمقراطي الكوردستاني على (34 الف و753) صوتاً، لذلك فإن الفوز بمقعد من قِبَل الاتحاد ليس صعباً. اما حراك الجيل الجديد الطامع في مقعدَين من مقاعد محافظة اربيل، فإنه كان قد حاز في الانتخابات السابقة على (70 الف و833) صوتاً، وفاز بمقعدَين، لكن الآن وفق القانون الجديد سوف تتوزع اصواته على اربع دوائر، وتقع اغلب اصواته في الدائرة الرابعة لأربيل وبلغت (19 الف و949) صوتاً، تليها الدائرة الثانية وكانت اصوات الحراك فيها (15 الف و24) صوتاً. وإذا امتعض الحزب الديمقراطي بإتفاق حركة التغيير مع الإتحاد الوطني في محافظة السليمانية، فليس من الوارد آن تحصل حركة التغيير على اي مقعد في محافظة اربيل، اما بخصوص جماعة العدالة والإتحاد الاسلامي فمن الصعب حصولهما على اي مقعد إن لم يُرَكِزا على مرشح واحد ودائرة واحدة. مقاعد دهوك من مجموع المقاعد الـ(11) في محافظة دهوك، والتي كان الاتحاد الاسلامي حاصلاً فيها على مقعد واحد في الانتخابات السابقة، فإن تكرار هذا في الانتخابات المقبلة يعتبر صعباً ومن الاحتمالات الضعيفة، لأن الإتحاد الاسلامي قد فاز بمقعد واحد جراء حصوله على (43 الف و525) صوتاً من مجموع اصوات المحافظة، وبحسب قانون الانتخابات الجديد تتوزع اصوات الإتحاد الاسلامي على ثلاثة دوائر، وهذا ما يضعف احتمال تكرار حصول الاتحاد الإسلامي على مقعد له في محافظة دهوك. لم يستطع الاتحاد الوطني الفوز بأي مقعد في الانتخابات السابقة على الرغم من حصوله على (25 الف و515) صوتاً، وكان تحالف الديمقراطية والعدالة قد حاز على المركز الثالث من حيث عدد الأصوات التي حصل عليها وبلغت (25 الف و664) صوتاً، ويبلغ مجموع اصوات الاتحاد الوطني مع تحالف الديمقراطية والعدالة (51 الف و179) صوتاً، وتتوزع هذه الأصوات على ثلاث دوائر انتخابية، وعليه فإن الاتحاد يطمع بالحصول على مقعد واحد في تلك المحافظة. حصل حراك الجيل الجديد في الانتخابات السابقة في محافظة دهوك على (18 الف و52)صوتاً، وهذه الاصوات ايضاً ستتوزع على ثلاث دوائر انتخابية، وبهذا يصعب الحصول على مقعد واحد بنفس بنسبة اصواته في الانتخابات السابقة. فرص المستقلين على الرغم من ان القانون الجديد للانتخابات في العراق تم المصادقة عليه بهدف اتاحة الفرص للأشخاص المستقلين والمرشحين من خارج الاحزاب، لكن من غير الوارد اتاحة وتحقيق هذه الفرصة، خصوصاً وأن المؤسسات والغرف الانتخابية للأحزاب تجري قراءاتها ومنشغلة بإيجاد ثغرات داخل القانون لكي يحسموا الوضع لصالحهم.

Read more

بعد الهجوم.. استئناف الحركة بمطار أربيل والكاظمي يأمر بتحقيق

الحصاد: سكاي نيوز استأنفت سلطات مطار أربيل شمالي العراق حركة الملاحة الجوية، الخميس، فيما وجه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بفتح تحقيق عاجل في الهجوم الذي تعرض له. وجاءت توجيهات الكاظمي في أعقاب الهجوم الصاروخي الذي استهدف مطار أربيل في إقليم كردستان العراق، ليل الأربعاء. وأكد رئيس الوزراء أن "أمن البلد مسؤولية الحكومة وكل القوات العراقية"، وأمر أيضا بفتح تحقيق في "الاعتداءات الأخرى" التي حدثت في العراق ليل الأربعاء، في إشارة إلى الهجوم على قاعدة بعشيقه التركية، حيث قتل جندي تركي هناك. وقال الكاظمي في بيان أصدره بصفته القائد العام للقوات المسلحة في العراق: "هذا النوع من الأعمال الإرهابية التي تجري في شهر رمضان المبارك هدفها زعزعة الأمن". وأضاف: "البعض يحاول خلق الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار، في وقت يسطر به أبناء العراق في قواتنا الأمنية أروع الصور في الدفاع عن هذا الوطن ومكافحة الإرهاب والجريمة بمختلف صورها". واعتبر أن هذا الهجوم "أمر مرفوض وسوف يواجه بقوة القانون وتكاتف الشعب العراقي".  وكان صاروخ استهدف القاعدة الأميركية في مطار أربيل، في آخر فصل من فصول التوتر بين الولايات المتحدة وإيران في العراق. وذكر جهاز مكافحة الإرهاب الكردي أنه جرى استهداف مطار أربيل بصاروخ واحد، فيما قال محافظ أربيل إن السلطات بدأت في "التحقيق بالحادث لمعرفة ملابساته".  وكشف المحافظ أن الهجوم الصاروخي على مطار أربيل لم يسفر عن أي خسائر أو أضرار، فيما كشفت وزارة داخلية إقليم كردستان أن الهجوم نُفذ بواسطة طائرة مسيرة. ولم يتبن أي طرف بعد هذا الهجوم، لكن واشنطن تنسب عادة الهجمات المماثلة لفصائل مسلحة تمولها وتدربها إيران.

Read more

هجوم أربيل.. رسائل إيرانية بعد "نطنز"

الحصاد draw: الحرة  الهجوم الذي تعرض له مطار أربيل في إقليم كردستان العراق والهجمات الأخرى بالصواريخ التي استهدفت قوات تركية في الإقليم تهدف الميليشيات التي تقف وراءها إلى إيصال رسائل جديدة للولايات المتحدة وحتى إلى "أصدقاء" إيران، بحسب المحلل السياسي العراقي إياد الدليمي. وكان مطار أربيل تعرض، مساء الأربعاء، لهجوم هو الثاني في غضون شهرين، وكذلك وردت أنباء عن صواريخ أخرى سقطت في محطيه، إحداها طال قوات تركية منتشرة منذ 25 عاما في عشرات القواعد في كردستان العراق. وفي وقت سابق الأربعاء، انفجرت قنبلتان عند مرور موكبين لوجستيين عراقيين يقلان معدات عسكرية للتحالف الدولي في محافظتي ذي قار والديوانية في جنوب العراق. رسائل ويعتقد المحلل السياسي العراقي أن الميليشيات تحاول أن تقول لواشنطن وربما إسرائيل وحتى بعض الدول العربية أن "يديها تطول الكثير من المواقع في العراق سواء أميركية أو حتى غير أميركية". ويشير إلى أن وسائل الإعلام الإيرانية حاولت قبل أيام الترويج إلى أنها استهدفت موقعا للموساد شمال العراق، لكن اتضح لاحقا أنها مزاعم غير صحيحة. ولا تنفصل الهجمات الأخيرة عن التفجير الذي حصل في مفاعل نطنز النووي، بحسب المحلل الذي تحدث لموقع "الحرة" وقال: "إيران في حالة هيجان بسب تعطل تخصيب اليورانيوم للشهور المقبلة"، وبالتالي "فإن عملية أربيل هي رد للاعتبار أولا وثانيا لتقول إنها قادرة على أن تفعل الكثير".   صل عدد الهجمات التي نفذتها ميليشيات ضد مصالح للتحالف في العراق إلى نحو 20 هجوما، سواء بصواريخ أو قنابل، منذ وصول الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى البيت الأبيض أواخر يناير، فيما وقع العشرات غيرها قبل ذلك على مدى أكثر من عام ونصف العام. وقبل أسبوع فقط، استأنفت الإدارة الأميركية "الحوار الاستراتيجي" مع الحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي الذي يتعرض أيضا لتهديدات من الفصائل الموالية لإيران. وفي الهجوم الذي وقع في فبراير الماضي، ردت الإدارة الأميركية بقصف أهداف على الأراضي السورية، ما رآه البعض على أنه كان رغبة أميركية في تجنب وضع الحكومة العراقية في موقف حرج. ويعتقد المحلل العراقي أن هذه الهجمات بشكل عام لا تؤدي إلى خسائر بشرية كثيرة، لذلك لا تبدو الإدارة الجديدة "متعجلة في الرد على مثل هذه الاعتداءات". ويشير إلى أن واشنطن لا ترغب في التصعيد مع إيران أو غيرها من الدول في الشرق الأوسط، بعد أن وجهت البوصلة ناحية الصين باعتبارها الخطر الأكبر لها. ويقول: "لم يعد الشرق الأوسط بعد أولوية لأنه صار عبئا وكلفة كبيرة". كان الرئيس الأميركي جو بايدن قد أعلن، الثلاثاء، أيضا الانسحاب الكلي للقوات والمعدات الأميركية من أفغانستان ابتداء من أول مايو المقبل.   وخلص تقرير للاستخبارات الأميركية نشر، الثلاثاء، إلى أن سعي الصين لأن تصبح قوة عالمية "يعد التهديد الأكبر للأمن القومي الأميركي"، وأشار إلى الصين وروسيا باعتبارهما التحديين الرئيسيين، وحذر كذلك من خطر إيران وكوريا الشمالية. ويعتبر المحلل العراقي أن استهداف تركيا في العراق يعكس "التقاطعات" بين تركيا وإيران في عدة ملفات إقليمية أبرزها العراق وسوريا "رغم التصريحات الوردية" بينهما. ويشير إلى أن الدعم التركي الكبير للآذريين في النزاع مع أرمينيا سبب ضيقا كبيرا لطهران، وكذلك دعم إيران اللامحدود لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق، وتحديدا في سنجار، يسبب إزعاجا كبيرا لأنقرة وتقوم بقصف هذه المواقع بالتنسيق مع الحكومة العراقية، بالإضافة إلى أن الاتفاق بين أربيل وبغداد الخاص بطرد هذه الميليشيات من سنجار الذي لم يطبق حتى الآن بسبب "الفيتو الإيراني". ويرى الدليمي أن إيران بهذا الهجوم الأخير أرادت إرسال رسالة لتركيا أنها "أنها لن تقبل بتطبيق اتفاق سنجار". وتسعى إيران لأن يكون قضاء سنجار نقطة عبور لميليشياتها بين العراق وسوريا، فيما تتدخل تركيا لملاحقة أعضاء حزب العمال الكردستاني المتمركزين فيه وسببب هذا الملف  توترا كبيرا بين البلدين قبل نحو شهرين عندما صرح سفير إيران لدى العراق، إيرج مسجدي، بأن بلاده "لا تقبل بوجود قوات أجنبية في العراق... ويجب أن لا تكون القوات التركية بأي شكل من الأشكال مصدر تهديد للأراضي العراقية ولا أن تقوم باحتلالها". وجاء الرد التركي باستدعاء سفير طهران، كما صرح سفير أنقرة لدى بغداد، فاتح يلدز، بأن "سفير إيران هو آخر شخص يمكن أن يعطي تركيا درسا في احترام حدود العراق".

Read more

ناج من حملة "الأنفال" في عهد صدام حسين يكشف تفاصيلها المروعة

الحصاد draw: سوامنثان ناتاراجان BBC   صدر الصورة،TAIMOUR ABDULLAH AHMED التعليق على الصورة، تيمور عبد الله أحمد هو الشخص الوحيد الذي يقال إنه نجا من مذبحة عام 1988 "لقد رأيت أمي تقتل أمام عيني. لم أستطع حمايتها. بعد ذلك رأيت شقيقتيَّ تقتلان أمام عيني". يتذكر تيمور عبد الله أحمد مساء أحد الأيام، في شهر مايو/ أيار 1988، عندما كان يبلغ من العمر 12 عاما، حين أُرغم هو وعشرات من الأطفال والنساء الآخرين، على النزول في حفرة صحراوية وأطلق الجنود العراقيون النار عليهم. وكانت جريمة هؤلاء أنهم أكراد في عراق صدام حسين. ويقول أحمد: "مات قلبي مع أمي و شقيقتيَّ، في ذلك القبر". ويتذكر أحمد، البالغ من العمر 43 عاما، بالتفاصيل الدقيقة كيف قتل الرصاص والدته واثنتين من أخواته، ويقول: "أتذكر هذه اللحظة مرارا. أفكر في الأمر عندما أذهب للنوم". ويعتقد أن أخته الأخرى قتلت بالرصاص في حفرة مجاورة. ويسعى أحمد الآن لتطبيق العدالة على من قتلوا أسرته. صدر الصورة،GETTY IMAGES التعليق على الصورة، لا تزال مقتنيات بعض القتلى موجودة في موقع المقبرة الجماعية. كانت عمليات القتل تلك جزءا من حملة للعقاب الجماعي، عرفت باسم "الأنفال" من قبل الحكومة العراقية ضد الشعب الكردي. وزعمت السلطات أنها كانت تخمد تمردا، بحجة وقوف بعض الأكراد مع الجانب الإيراني خلال الحرب الإيرانية العراقية، بين عامي 1980 و 1988. وتقول هيومن رايتس ووتش إن ما يصل إلى 100 ألف شخص، معظمهم من المدنيين، لقوا حتفهم في عمليات تطهير عرقي ممنهجة، والتي تضمنت استخدام أسلحة كيميائية. وتقدر مصادر كردية عدد الضحايا بأكثر من 180 ألف قتيل. في ذلك الوقت، كان أحمد ووالدته وأخواته يعيشون في كولاجو، وهي قرية صغيرة نائية كان يقطنها نحو 110 أشخاص، وجميعهم من نفس العائلة الكبيرة. ويقول أحمد لبي بي سي: "كان من الصعب العثور على قريتنا"، لكنه يقول إن الأكراد، الذين كانوا يتعاونون مع نظام صدام حسين، أرشدوا القوات العراقية إلى هناك، في أبريل/ نيسان عام 1988". ألقي القبض على سكان القرية، وقادتهم القوات العراقية إلى معسكر للجيش، حيث تم فصل الرجال عن النساء والأطفال. كانت تلك آخر مرة يرى أحمد فيها والده. صدر الصورة،TAIMOUR ABDULLA AHMED التعليق على الصورة، كان والد أحمد، عبد الله أحمد، يعمل في الزراعة مثل معظم أقرانه القرويين كان والد أحمد، عبد الله أحمد، يعمل في الزراعة مثل معظم أقرانه القرويين. وبعد شهر، وُضع أحمد وآخرون في شاحنات ونقلوا إلى الجنوب. ويقول: "عندما فتحت الأبواب، رأيت ثلاث حفر بجانب بعضها. رأيت جنديين عراقيين مسلحين ببنادق كلاشينكوف". وأُجبر النساء والأطفال، وبعضهم من بين ذراعي أمهاتهم، على الخروج من الشاحنات إلى الحفر. "فجأة بدأ الجنود يطلقون النار علينا". صدر الصورة،TAIMOUR ABDULLA AHMED التعليق على الصورة، تم علاج جروح أحمد من قبل معالجين بدو تقليديين. وأصابت رصاصة أحمد في ذراعه الأيسر. يقول: "أطلقوا الرصاص بالقرب من رأسي وكتفيَّ وساقيَّ. كانت الأرض بأكملها تهتز. كان المكان ممتلأ بالدماء. تلقيت رصاصتين أخريين في ظهري. كنت أنتظر موتي". نجا أحمد بأعجوبة، وتظاهر بأنه ميت حتى غادر الجنود. ثم تمكن من الخروج من بين الجثث، والهروب في جنح الليل. في النهاية وصل أحمد إلى خيمة عائلة بدوية اعتنت به، وبقي معهم لمدة ثلاث سنوات، حتى تواصل مع أحد أقاربه الباقين على قيد الحياة وعاد إلى كردستان، حيث كان لا يزال يتعين عليه الاختباء من السلطات. في عام 1996 حصل على حق اللجوء في الولايات المتحدة، حيث يعيش الآن. صدر الصورة،TAIMOUR ABDULLA AHMED التعليق على الصورة، يقول أحمد (على اليسار) أن العائلة البدوية خاطرت بحياتها من أجل الاعتناء به وفي عام 2009، بعد الإطاحة بصدام حسين، عاد أحمد إلى العراق وعثر على موقع المذبحة. ويقول: "عندما رأيت القبور كنت أرتجف. كنت أبكي". "لقد اتصلت بالحكومة العراقية، وقلت لهم إنني أرغب بإبلاغي بأي قرار يتعلق بالمقابر". لكن في يونيو/ حزيران من العام الجاري، بدأوا في حفر موقع المقبرة دون إخطاره. وتخطط السلطات لإعادة دفن الجثث في اقليم كردستان. وحين علم أحمد من أصدقاء له بما كان يحدث، سافر للعراق جوا من الولايات المتحدة. تم بالفعل انتشال أكثر من 170 جثة من الموقع، لكن أحمد يقول إن الأشخاص الذين أجروا عمليات استخراج الرفات، تركوا بعض عظام ومقتنيات الضحايا في الموقع. صدر الصورة،GETTY IMAGES التعليق على الصورة، تحتوي المقابر الجماعية في العراق على رفات العديد من الأكراد، الذين أعدمهم نظام صدام حسين وينخرط أحمد الآن في مواجهة مع السلطات العراقية، واتخذ إجراءات قانونية لمنعهم من نبش القبر، الذي يعتقد أنه يحتوي على جثث والدته وشقيقتيه. ويقول إنه فقط عندما يوافقون على القيام بالعمل بشكل صحيح و"باحترام"، وتلبية المطالب الأخرى، مثل محاكمة المسؤولين عن المذبحة، فإن عمليات استخراج الجثث حينها يجب أن تمضي قدما. ويريد أحمد لفت انتباه العالم إلى المذبحة. ويقول: "أريد أن تظهر الكاميرات جثث الأطفال الأبرياء، الذين كانوا يمسكون بأمهاتهم قبل إطلاق النار عليهم". ويضيف: "ليس لدي حتى صورة لأمي وأخواتي. أريد التقاط صورة مع رفاتهم". صدر الصورة،TAIMOUR ABDULLA AHMED التعليق على الصورة، يدير أحمد متجرا لبيع قطع غيار السيارات في الولايات المتحدة ويقول المسؤولون العراقيون إن الأمر متروك لسلطات اقليم كردستان، للاتصال بأقارب الضحايا. ويقول فؤاد عثمان طه، المتحدث باسم حكومة الإقليم، إنه يتعين فحص الرفات وإيجاد علامات على الهوية، قبل الاتصال بالأقارب. ويضيف السيد طه: "نجمع الأدلة ونرسلها إلى المحكمة الخاصة، المسؤولة عن محاكمة المذنبين". ويعتزم أحمد البقاء بالقرب من الموقع، حتى تُلبى مطالبه. ويقول: "أشعر أن الله أبقاني على قيد الحياة لسبب ما. لقد أوكل الله إلي مهمة كبيرة، وهي التحدث عن هؤلاء الأبرياء، الذين لم يعد بإمكانهم التحدث".

Read more

أدت إلى مقتل 182 ألف كردي عراقي... هل سمعت بجريمة الأنفال؟

  شاهو القره داغي السبت 21 أبريل 201803:02 م من المعروف أن سورة "الأنفال" نزلت بعد معركة بدر ووصفت أحداث المعركة وأحكام الأسرى والغنائم وقوانين الحرب في المعارك والغزوات، وهي السورة الثامنة في ترتيب المصحف وعدد آياتها 75 آية. هذه المعلومات قد لا تخفى عن أغلب المسلمين، ولكنهم قد لا يعلمون أن تسمية "الأنفال" استخدمها النظام العراقي السابق لتنفيذ إحدى أبشع جرائم القرن العشرين بحق المواطنين الأكراد في كردستان العراق، في محاولة لاستخدام النصوص الدينية لشرعنة عمليات القتل ومحاولة محو المُكوّن الكردي في العراق. ورغم أن الأكراد في كردستان العراق يعتنقون الإسلام بنسبة 97%، ويمثّل المذهب السني مذهب نحو 96% منهم، ورغم أن المجتمع الكردي من المجتمعات المحافظة التي يطغى عليها البُعد الديني والعشائري، إلا أن النظام العراقي السابق، ورغم أنه كان نظاماً بعثياً اشتراكياً، تعمّد تسمية العمليات العسكرية في المُدن والقرى الكردية بـ"الأنفال" لكسب التعاطف المحلي والإقليمي وتصوير الصراع على أنه ديني وليس قومياً ولاتهام الاكراد بالردة على الدين لتبرير عمليات الإبادة بحقهم، علماً أن الخلافات بين الطرفين كانت سياسية وتتعلق بالحقوق القومية والثقافية للأكراد. ما هي عملية "الأنفال"؟ بدأت عملية "الأنفال" في المدن الكردية في إقليم كردستان العراق بقرار مباشر من مجلس قيادة الثورة، والذي كان أعلى سلطة لإصدار القرارات في العراق في ظل نظام صدام حسين. أصدر المجلس القرار الرقم 160، في 29 مارس 1987، القاضي بتنصيب علي حسن المجيد حاكماً مطلقاً على المنطقة الشمالية من البلاد حتى يقوم بتنفيذ سياسة تدمير المناطق الكردية وقتل وتهجير المواطنين المقيمين فيها. وبموجب هذا القرار، بدأت عمليات الأنفال وكانت عبارة عن عمليات إبادة جماعية عن طريق نقل أعداد كبيرة من السكان كالأسرى إلى مناطق الحضر في محافظة الموصل ونقرة السلمان في السماوة ودفنهم وهم أحياء مع أفراد أسرهم في المقابر الجماعية، ما أدى إلى مقتل 182 ألف مواطن كردي وتدمير أربعة آلاف قرية وأربعة أقضية و30 ناحية. في 11 يناير 2007، وأثناء محاكمة المتهم الرئيسي في قضية الأنفال، علي حسن المجيد، المعروف بـ"علي الكيمياوي"، وهو ابن عم صدام حسين، اعترف أمام المحكمة بأنه أصدر قرار ترحيل أهالي القرى الكردية الواقعة على الشريط الحدودي مع إيران وتركيا وقرى أخرى، وأضاف أنه أمر القوات بإعدام كل مَن يتجاهل أوامر الحكومة بمغادرة القرى خلال عملية عسكرية ضد الأكراد عام 1988 وأعطى تعليماته باعتبار هذه القرى مناطق محرّمة وأصدر أوامره للجنود باعتقال كل مَن يجدونه هناك. وتم تنفيذ حكم الإعدام بحق علي حسن المجيد في 25 يناير 2010. مَن هو صاحب تسمية المجازر بـ"الأنفال"؟ يقول رئيس أركان الجيش العراقي في فترة "الأنفال" نزار الخزرجي إن عمليات الأنفال في المرحلة الأولى جرت ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة جلال طالباني، وكان الهدف منها التخلص من مناطق نفوذ الحزب، وبعد بداية المرحلة الأولى، اقترح اللواء الركن كامل ساجد الجنابي، وكان متديّناً، تسمية العملية بـ"الأنفال" تيمّناً بسورة الأنفال في القرآن الكريم. وخلال محاكمة المتهمين بجريمة الأنفال عام 2006، قال المتهم سلطان هاشم أحمد إن اللواء الجنابي هو الذي اختار تسمية "الأنفال" للعمليات العسكرية. مراحل عمليات "الأنفال" نُفّذت عمليات "الأنفال" على ثماني مراحل هي: المرحلة الأولى: بدأت في 22 شباط 1988 واستغرقت شهراً واحداً، وشملت أكثر من 150 قرية في مناطق دوكان وقلا جوالان وجوارتا وسورداش، وكان يقود العملية سلطان هاشم أحمد، بمشاركة 20 لواءً من الجيش العراقي و30 من الفوج التابع للحرس الجمهوري و70 من أفواج "الجاش" المكوَّنة من الأكراد المساندين للعملية. جرائم "الأنفال"... كثيرون يتجنّبون الاقتراب من ذكراها، تارةً خوفاً على سمعة نظام صدام حسين القومي البعثي الذي اعتبروه ناصراً للسنة والأمة، وتارةً أخرى خوفاً من تهمة التعاطف مع إيران "الأنفال"... حينما استخدم نظام صدام حسين البعثي "والاشتراكي" و"العلماني" اسم سورة من القرآن لتسمية عمليات عسكرية أسفرت عن مقتل 182 ألف كردي المرحلة الثانية: بدأت في 22 مارس 1988، وتم الهجوم على منطقة قرة داغ وسنكاو وبازيان وعدة مناطق أخرى، وكان يقود العمليات إياد خليل زكي، القيادي في قوات الدفاع الوطني العراقي. وخلال هذه المرحلة تم قصف منطقة سيوسينان في قرة داغ بالأسلحة الكيميائية وتدمير أغلب القرى. المرحلة الثالثة: تُعرَف بـ"الأنفال الأسود"، بسبب بشاعة العمليات، وبدأت في السابع من أبريل 1988 وشملت مناطق جمجمال، سنكاو، كفري، كلار، قادر كرم، بيباز، وجرى خلالها تدمير 500 قرية. وفي 14 أبريل قامت القوات العراقية بدفن العديد من الأسر وأفرادُها أحياء، ولذلك اختارت حكومة إقليم كردستان هذا اليوم كذكرى سنوية لـ"الأنفال". المرحلة الرابعة: بدأت في 3 مايو 1988 واستمرت حتى 15 مايو، وشملت القرى الموجودة في مناطق كركوك، بردي، كوية، وبعض المناطق الأخرى. وفي هذه المرحلة تم قصف مناطق كوتبة، عسكر، وشيخان بالسلاح الكيميائي. المرحلة الخامسة والسادسة والسابعة: بدأت في 15 مايو 1988 واستغرقت أكثر من ثلاثة أشهر. في هذه المراحل تم الهجوم على عدة مناطق أبرزها خليفان، سوران، جوما، رانية، قلادزي، قنديل، وقاد العملية وزير الدفاع عدنان خير الله، وعلي حسن المجيد ونزار الخزرجي. المرحلة الثامنة: آخر مرحلة من مراحل الأنفال، وبدأت يوم 26 أغسطس 1988 في منطقة بادينان واستمرت حتى التاسع من سبتمبر وشملت مناطق زاخو، زاويتة، زيوة، أتروش، والعديد من المناطق الأخرى. ينتظرون أقاربهم رغم مرور 30 عاماً على غيابهم     رغم مرور 30 عاماً على مجزرة "الأنفال"، إلا أن العديد من المواطنين في مدن إقليم كردستان التي تعرّضت لحملة "الأنفال" ينتظرون أقرباءهم ولم يقطعوا خيط الأمل في إمكانية بقائهم على قيد الحياة، بينما تسعى الأسر التي تيقنت من وفاة أقربائها في العملية للبحث عن جثثهم في الصحراء والمحافظات الجنوبية لإعادة رفاتهم إلى إقليم كردستان. وكل فترة يتم العثور على قبور جماعية جديدة تُجدد الآلام لدى الآلاف من أسر الضحايا. تجاهل عملية الأنفال في الإعلام العربي رغم بشاعة عملية "الأنفال" في الوجدان الكردي واستمرار العثور على مقابر جماعية للضحايا في مناطق مختلفة في العراق، إلا أن هذه القضية لم تلقَ الحد الأدنى من الاهتمام العربي، سواءً على مستوى الحكومات أو الشعوب، لا بل يحصل العكس عندما يحاول البعض تبرير هذه الجرائم واعتبارها أحداثاً جانبية لا تستحق الاهتمام في الوقت الحالي. وهذا الأمر من مصادر الألم لدى المواطن الكردي الذي يحتاج إلى التعاطف والاعتراف بالجرائم التي ارتُكبت بحقه من قبل الأنظمة الحاكمة. كثيرون لا يريدون الاعتراف بأخطاء النظام العراقي السابق خوفاً من تهمة التعاطف مع إيران أو غيرها من التهم، ويُفضّلون التعنت وإنكار الحقيقة واتهام الأكراد بالعمالة لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية لتغطية جرائم النظام العراقي السابق. وبالرغم من الحقائق واعتراف المتهمين بالجريمة وسهولة زيارة إقليم كردستان لإجراء مقابلات مع أسر الضحايا ورؤية الأماكن التي تعرضت للعملية إلا أن غالبية وسائل الإعلام العربية والإسلامية تتجنب الاقتراب من هذه الجريمة، تارةً خوفاً على سمعة النظام القومي البعثي الذي اعتبره كثيرون ناصراً للسنة والأمة، وتارةً أخرى خوفاً من اسم العملية "الأنفال". ويفهم الأكراد موقف الحكومات العربية التي اختارت التأييد أو الصمت أثناء ارتكاب النظام العراقي السابق لجريمة "الأنفال"، ولكنهم يتساءلون عن موقف المؤسسات والمنظمات والشخصيات الإسلامية التي تؤمن بالأممية وترفع شعارات ضد الأنظمة الحاكمة والدفاع عن المظلومين، ورغم ذلك هي مقصرة بشكل كبير في الدفاع عن الأكراد أو الاعتراف بالمجازر التي حلت بهم على يد الأنظمة القومية تحت شعار الدين. كان على الشخصيات والجماعات الإسلامية أن تندد وتستنكر هذه العملية فور وقوعها لأنها استخدمت اسم سورة في القرآن الكريم لتبرير عمليات إبادة جماعية بحق المدنيين، ولكن غابت هذه الإدانة وساد الصمت في صفوف الجماعات الإسلامية، ما خلق نظرة سلبية لدى الأكراد من موقف هذه الجماعات والشخصيات التي صمتت عن الجريمة سابقاً وترفض التراجع عن مواقفها السابقة إلى الآن. فهل يمكن أن يفتحوا العالم كما يقولون في شعاراتهم وهم يحملون عقلاً ضيقاً وفكراً متحجراً؟

Read more

"عمليات الانفال".. الابادة الجماعية ضد الشعب الكوردي

الحصادdraw: غازي حسن عمليات الأنفال أو حملة الأنفال وهي إحدى عمليات الإبادة الجماعية التي قام بها النظام العراقي السابق برئاسة الرئيس صدام حسين سنة 1988 ضد الأكراد في إقليم كردستان شمالي العراق وقد أوكلت قيادة الحملة إلى علي حسن المجيد الذي كان يشغل منصب أمين سر مكتب الشمال لحزب البعث العربي الاشتراكي وبمثابة الحاكم العسكري للمنطقة وكان وزير الدفاع العراقي الأسبق سلطان هاشم كان القائد العسكري للحملة وقد اعتبرت الحكومة العراقية أنذاك الأكراد  مصدر تهديد لها وقد سميت الحملة بالأنفال نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم. و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة. استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية  رقم 11 قام بتنفيذتلك الحملة بقوات الفيلقين الأول والخامس في كركوك وأربيل مع قوات منتخبة من الحرس الجمهوري بالإضافة إلى قوات الجيش الشعبي وأفواج مايسمى بالدفاع الوطني التي شكلهاالنظام العراقي أنذاك لمحاربة أبناء جلدتهم وقد تضمنت العملية ستة مراحل. المرحلة الأولى: ابتدأت بالهجوم على منطقة سركلو وبركلو وقد استغرقت هذه المرحلة 3 اسابيع. المرحلة الثانية: ابتدأت هذه المرحلة عندما قام النظام العراقي (في عهد صدام حسين) بشن  هجوم على منطقة قره داغ واستمرت هذه العملية من 22 اذار إلى 30 أذار من سنة 1988. المرحلة الثالثة: ابتدأت بالهجوم على منطقة كرميان في محافظة كركوك. المرحلة الرابعة: ابتدأت عندما قام النظام العراقي السابق بشن هجوم على منطقة حوض الزاب الصغير. المرحلة الخامسة: حيث قام النظام العراقي بشن هجوم على المناطق الجبلية لمحافظة أربيل وتم تدمير القرى الكردية هناك. المرحلة السادسة: وهي أخر مراحل عمليات الأنفال ابتدأت هذه العملية في 25 من شهر آب \ اغسطس سنة 1988 وقد شملت منطقة بهدنان وقد استمرت هذه العملية حتى 6 من ايلول \ سبتمبر من نفس العام. نتائج الحملة: وقامت الحكومة العراقية أنذاك بتدمير مايقارب من 2000 قرية وقتل الألاف  من المواطنين الاكراد في مناطق إقليم كردستان أثناء عمليات الأنفال وإجبار  قرابة نصف مليون مواطن كردي على الأقامة في قرى أقامتها الحكومة العراقية أنذاك خصيصا كي يسهل السيطرة عليهم وجرى القاء القبض على اكثر عدد من حملات الأنفال كانت قد تم التخطيط لها مسبقا , وكان الحكومة العراقية قد قامو بزيارات لتلك المناطق و جمع المعلومات المطلوبة التي تساعدهم في وضع الخطط لحملات الأنفال.و عمليات الأنفال مرت بثمانية مراحل والتي كانت بالشكل الاتي - المرحلى الأولى او الأنفال الاولى:- (أنفال منطقة جافايتي)  بعد أن قامت الحكومة العراقية في (17 تشرين الاول 1987)باجراء إحصاء شامل للسكان في العراق وبعد أربع أشهر قام باول عمليات الأنفال في كوردستان بتاريخ (23 شباط 1988)في منطقة جافايتي الذي شملت هذة المناطق (دوكان,بنكرد,جوارتا,قةلاجولان,سةرجنار,سورداش,زيي بجوك ,ئةزمر,سوسى,ماوةت,سةركةلؤ, بةركةلؤ)و انتهت بتاريخ 18\3\1988. - المرحلة الثانية او الأنفال الثانية :- أنفال مناطق قرداغ في 22 اذار 1988 الى 1 نيسان 1988 و شملت هذه المناطق (جبال كلةزةردة , بازيان ,قةرةداخ ,دةربةنديخان ,زةراية,عةربةت ) - المرحلة الثالثة او الانفال الثالثة :- أنفال في مناطق كرميان في 7 نيسان 1988 الى 20 نيسان 1988. كانت هذة المرحلة من أكثرالحملات دماراً و إخافتاً و أشد ضررا على الصعيدين المادي و الإنساني لأنه (70-80) الف انسان كوردي فقدوا فيها وشملت هذه المناطق (دوزخورماتو,كفري,كلار,دةربةنديخان,سلسلة جبال قةرةداغ, تةكية,جمجمال, قةرةهةنجيرة,قادركرم,سنكاو,تيلةكؤ,بيباز, ئاغجةلةر). - المرحلة الرابعة او الأنفال الرابعة :- أنفال النهر الاصغر في 3-8مايس 1988 التي شملت منطقة واسعة من الطريق عام التي تصل بين مدينة كركوك و مدينة سليمانية ,من جنوب طريق بي نكوية و بحيرة دوكان التي شملت كل من مناطق (شوان,شيخ بزيني,كوب تةبة,عةسكةر,ديكةلة,ئالتونكؤبري). - الأنفال الخامسة و السادسة و السابعة:- من 15 مايس الى 26 اب 1988 و التي شملت منخفضات الواقعة بين جبال شقلاوة و رواندوز التي فيها قام النظام بقصف بالقنابل الكمياوية كل من القرى (باليسان , بالوكاوة, خةتى)و دمر اكثر من 52 قرية في مناطق( خليفان , خوشناوةتي ,رةواندوز, مناطق جؤمان , جبل قنديل , رانية , جوارقورنة ,و هيزوب , جبال باواجي ) - الأنفال الاخير:- أنفال منطقة بادينان من 25 آب إلى 6 ايلول 1988 الذي تم القصف بالأسلحة الكميائية عل مناطق (زيرةكاني) قرب الحدود عراقية التركية و التي شملت هذه المناطق (دهوك,زاخو,كاني ماسي,زيوة,ديرةلؤك, ئتروش ,زاويته). نتائج عمليات الانفال و تاثيراته:-  1- قتل آلاف الاشخاص بسبب القصف او الأسلحة الكمياوية او قصف الطائرات و السمتيات او الإعدام من الشباب و الشيوخ و نساء و أطفال و بشكل اساسي وعلى الأغلب الذكور. 2- القصف الكميائي لقرى و مناطق مثل(كوب تةبة , بةركةلو, سةركةلو, سيوسينان , قادركةرم)الخ ....بأسلحة كميائية من نوع ( خردل و سيانيد و غاز الأعصاب). 3- تدمير و تنسيف الألوف من القرى في مناطق الأنفال و التي جائت في الأدلة العسكرية للحكومة البعثية بمايلي تم (حرق) و (تخريب) و( تسوية بالارض) و(تطهير المنطقة) و قد تم تطبيق هذة العمليات ايضا بعشرات من المدن الصغيرة و الأقضية و النواحي .  4- بسبب تطبيق سياسة الارض المحروقة وتدمير الغابات و الحدائق و المزارع التي تم حرقها و تدمير عيون الماء و تم تعيين هذه المناطق كمناطق محرمة و اي شخص يدخل هذة المناطق يلقى حتفه إما بالاعدام او رميا بالرصاص . 5- إباحة سرقة في مناطق عمليات الأنفال من ثروات مادية زراعية و ممتلكات حيوانات .... الخ من قبل جيوش الأنفال او (جاش) الكورد بائعي ضمائرهم للبعث. 6- اختفاء عشرات الألاف من شيوخ و شباب و أطفال و نساء بعد ان تم ترحيلهم لمجمعات (طوبزاوة و نوكرةسلمان و ....الخ)و تم تقسيمهم حسب الجنس و العمر و لقد تم ذكرفي تقرير دائرة الأمن أن عدد من بنات المؤنفلين التي تتراوح اعمارهم (19-29) سنة قد سلموو للحكومة المصريةالذين نجوا من عمليات الانفال بسبب فقدانهم لأفراد عائلاتهم ومامرو به من مشاكل اجتماعية مالية نفسية صعبة أو عانو من أمراض مستعصية العلاج نتيجة الأسلحة الكمياوية التي تعرضوا له . 8- ترحيل أصحاب المناطق المؤنفله .مثلا في أنفال منطقة جافايتي الكثير من الأشخاص تم ترحيلهم إلى دولة ايران و الكثير منهم لاقوا حتفهم نتيجة البرد و الصعيق و القصف بالراجمات البعثية . مع أن الحكومة البعثية استعملت تسمية حملات الانفال في 1988,الا أنه منذ استلامه لزمام الحكم رسميا قام بعمليات الأنفال الأكراد فمثلا في نيسان 1980 اكثر من مليون كوردي فيلي تم ترحيلهم و لحد الآن أكثر من (4) آلاف شاب كردي فيلي مجهول المحل.و في 31 تموز 1983 (8) الآلاف من عشيرة البارزاني تم انفالهم هذا ماعدى قبل و بعد انتفاضة 1991 المئات من الشباب الكورد تم قتلهم ودفنهم في مقابر جماعية غير معروفة . من الجدير بالذكر بعد عملية تحرير العراق و سقوط الحكومة البعثية في 9\4\2003 و مجرمي و منفذي عمليات الانفال تم اصدار حكم الاعدام بحقهم.  

Read more

All Contents are reserved by Draw media.
Developed by Smarthand