هل يعيد السيستاني النظر في فتوى الجهاد؟
الحصاد: DARAJ قيادات الحشد الشعبي بدأت تلمس تبدلاً في الرأي العام تجاهها، مع اتهام شخصيات قيادية فيها باغتيال نشطاء ومتظاهرين واستهدافهم. تتكرر في مناسبات مختلفة ردود فعل استعراضية عنفية، يطلقها عناصر “الحشد الشعبي” ضد فكرة “الدولة” العراقية والقيادة العامة للقوات المسلحة، التي يفترض أن الحشد يخضع لها ويأتمر منها. فلم يكد يمضي أسبوعان على الهجوم العسكري لفصيل “عصائب أهل الحق” في البصرة الذي استهدف مقر خلية الصقور التابعة لوزارة الداخلية، رداً على محاولة قوة أمنية خاصة إلقاء القبض على أحد قياديي العصائب المتهم بقتل الناشطة ريهام يعقوب، حتى قامت ميليشيات الحشد بتطويق المنطقة الخضراء في بغداد، للضغط باتجاه تحرير قائد لواء “الطفوف” في الحشد قاسم مصلح الذي اعتقل بتهم مختلفة بينها قتل الناشط إيهاب الوزني. العمليات الاستعراضية العسكرية هذه بدأت بشكل واضح بعد تسلم مصطفى الكاظمي زمام الحكم في العراق. وجاء أولها بعد اعتقال عدد من العناصر التابعين لفصيل “عصائب أهل الحق” المتهمين بإطلاق صواريخ تجاه مقار البعثات الدبلوماسية، إذ قبض عليهم جهاز مكافحة الإرهاب في كانون الأول/ ديسمبر 2020، لتبدأ في تلك الساعات ارتال مسلحة تجوب شوارع العاصمة متجهة نحو المنطقة الخضراء. حينذاك قام الكاظمي بجولة في شوارع بغداد برفقة رئيس جهاز مكافحة الإرهاب وقادة عسكريين آخرين، وقال عبر تغريدة له آنذاك “مستعدون للمواجهة الحاسمة إذا اقتضى الأمر”. لكن انتهى الحال بعد ذلك بتسليم المتهمين إلى أمن الحشد الشعبي للتحقيق معهم، وهذا الاستعراض العسكري والهجوم على المنطقة الخضراء، واجها انتقاداً لاذعا حينها من قبل زعيم سرايا السلام مقتدى الصدر، لكن سرعان ما احتلت ميليشيات الصدر شوارع بغداد وكربلاء والنجف، في شباط/ فبراير 2021، في استعراض قوة يحمل رسالة لبقية الفصائل. واتخذ الانتشار العسكري بعداً أكثر تفلّتاً مع قيام مجموعة تحمل اسم “ربع الله” باستعراض مسلح في شوارع العاصمة، وهي لا تنتمي إلى الحشد الشعبي ولا تخضع لأي إشراف أمني مباشر من أي جهة رسمية. الباحث احمد الزهيري يرى أن هذه الفصائل تحاول توجيه رسائل بأنها قادرة على لي ذراع الدولة، وأن “المغانم للأقوى”، وأنها قادرة على الوصول إلى المنطقة الخضراء، وتجاوز الخطوط الحمر، متنبئاً بأن تتحول هذه المناكفات إلى مواجهات مسلحة في المستقبل بين القوات الأمنية النظامية والفصائل المسلحة. ويجد الزهيري أن قيادات تلك الفصائل المسلحة أصبحت تمتلك إمبراطوريات لا يمكن المساس بها، مرتبطة ببعضها بعضاً، وأن أي محاولة لزعزعتها ستسبب بسقوطهم كقطع الدومينو، وهذا ما تمكن ملاحظته من خلال أي محاولة اعتقال، تجابهها الفصائل المسلحة مجتمعة لتدارك انفراط عقدها. فيما يرى الكاتب حسين الكريم أن وجود قوى عسكرية تحت مسمى قانوني وذات ولاء خارجي يضع الحكومة في فك الكماشة فلا يمكنها التحرك، وتصبح ملاحقتها أي قيادي في “الحشد” بمثابة لعب بالنار، خصوصاً أن قيادات الحشد بدأت تلمس تبدلاً في الرأي العام تجاهها، مع اتهام الكثير من هذه الشخصيات القيادية باغتيال نشطاء ومتظاهرين واستهدافهم، وهو ما افقدها كثيراً من رصيدها الشعبي الذي حصلت عليه إبان عمليات تحرير مدن شمال العراق وغربه من تنظيم “داعش”. ولم يستبعد الناشط وسام الموسوي أن يكون ما حصل “مسرحية كي تنطلي على أذهان الشعب العراقي ومتفق عليها من قبل الحكومة والفصائل المسلحة، هدفها إلهاء الشارع عن حادثة قمع المتظاهرين وقتلهم في 25 أيار/ مايو الماضي فمن غير المعقول أن استنفاراً بهذا الحجم لم ينتج عنه أي صدام بين الحشد والقوات النظامية، خصوصاً أن معظم مقاتلي الفصائل هم من الشباب المندفعين والمتعصبين الذين لا يأبهون لأي أمر صادر ويودون المغامرة من دون حساب النتائج”. عضو مجلس النواب العراقي عن “تحالف سائرون”، التابع لمقتدى الصدر، محمود الزجراوي يصف حادثة وجود الفصائل المسلحة على أبواب الخضراء بأنه رفع للسلاح في وجه العراقيين جميعاً، وأن التعاطي القانوني مع هذه المسألة يفترض التزاماً جامعاً بما يقرره القضاء، ويحق للأطراف المعنية حضور التحقيقات والاطلاع على مجرياتها. باحثون توقعوا زيادة وتيرة الانتشار العسكري المسلح في شوارع بغداد مع قرب الانتخابات البرلمانية، في محاولة لفرض إرادة القوة لكسب أعلى الأصوات وسط مطالبات من أحزاب تشرينية لإنهاء ظاهرة السلاح المتفلت الذي يؤثر في نزاهة الانتخابات، ويمنع المواطنين من التصويب بحرية. “وإن كنت مجاهداً فهذا لا يعطيك الحق بالتسلط والتحكم برقاب الشعب ومصائرهم واموالهم واعراضهم وأمنه وسلامتهم”. ردود الفعل الدولية على هذه المشهدية المتكررة كانت حاسمة لجهة إدانة السلاح المتفلت الذي يضرب هيبة الدولة العراقية، إذ قال السفير الكندي في بغداد أولريك شانون إنه “لا يمكن احترام الحقوق الأساسية للمواطن، ومحاسبة مرتكبي الجرائم ضد النشطاء، وسط انتشار جماعات مسلحة تعتبر نفسها فوق القانون”، وأن “استعراض الأسلحة اليوم ضد مؤسسات عامة هو تهديد واضح لهيبة الدولة”. فيما شددت ممثلة الأمم المتحدة في العراق جنين بلاسخارت في إحدى تغريداتها على احترام مؤسسات الدولة في جميع الأوقات، مؤكدة أن “لا احد فوق القانون” وان “استعراض القوة يضعف الدولة”. حتى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بدا من خلال تغريدة نشرها بعد يومين من الانتشار الأمني للفصائل في “الخضراء”، أنه يوجه انتقاداً مبطناً إنما قاسياً لهذه الفصائل وقياداتها: “وإن كنت مجاهداً فهذا لا يعطيك الحق بالتسلط والتحكم برقاب الشعب ومصائرهم واموالهم واعراضهم وأمنه وسلامتهم”. واللافت للنظر أن العتبة العباسية في مدينة كربلاء، التي من النادر أن تدلي بدلوها في الملفات السياسية والحكومية والأمنية، أعادت نشر جزء من خطبة جمعة أقيمت في الصحن الحسيني في كانون الأول 2017، تضع الحشد الشعبي في سياقه الذي أسس، واعطي الفتوى الدينية بالعمل، لأجله، وهو مقاتلة “داعش”. وأشارت الخطبة، التي تحمل إعادة نشرها اليوم دلالات بارزة، إلى أن “القتال ضد تنظيم داعش جاء استجابة لنداء المرجع السيستاني وأداء واجب الوطن والدين، وحب هؤاء للعراق فكسبوا احترام الجميع وإن الحفاظ على هذا المكسب وعدم محاولة استغلاله لتحقيق مآرب سياسية يؤدي في النهاية الى أن يحلّ بهذا العنوان المقدس ما حلّ بغيره من العناوين المحترمة”، في اشارة واضحة لما حدث في بغداد، وفي تلميح واضح إلى أن “فتوى الجهاد الكفائي” التي أطلقها السيد علي السيستاني لا تشمل ما تقوم به ميليشيات الحشد من تجاوز لحدود علاقتها بالدولة.
Read moreالعواقب السياسية لتطبيع الدول العربية مع نظام الأسد
الحصاد: معهد واشنطن - عُلا الرفاعي, هارون ي. زيلين يستند اندفاع عدد من الدول العربية في الآونة الأخيرة إلى تطبيع علاقاتها مع نظام الأسد إلى فرضية خاطئة مفادها أن الحرب قد انتهت، وأنه من الضروري إعادة العلاقات مع دمشق للضغط عليها لتغيير علاقتها مع إيران. على الإدارة الأمريكية أن تشرح لحلفائها في المنطقة أن إعادة تمكين عميلٍ إيراني هي حتماً ليست سبيلاً مقبولاً لاحتواء طموحات طهران الإقليمية، مهما كانت صعوبة المسار لتنفيذ انتقال ديمقراطي في سوريا والسعي لتحقيق العدالة ضد مجرمي الحرب. يستند اندفاع عدد من الدول العربية في الآونة الأخيرة إلى تطبيع علاقاتها مع نظام الأسد إلى فرضية خاطئة مفادها أن الحرب قد انتهت، وأنه من الضروري إعادة العلاقات مع دمشق للضغط عليها لتغيير علاقتها مع إيران. وفي هذا الصدد، هناك دور للديناميكيات الأخرى في المنطقة: على سبيل المثال، ترى الإمارات في هذا التطبيع ثقلاً موازناً ضرورياً تجاه ما تعتبر أنها أعمال معادية من قبل تركيا مع «هيئة تحرير الشام» - الجماعة الجهادية السورية في إدلب. إلّا أن هذه الأسباب المنطقية لإعادة تأهيل نظام الأسد خاطئة تماماً. فالسلبيات وعواقب السياسة لن تؤثر على الدول العربية فحسب، بل ستضر بالمصالح الأمريكية أيضاً، مما يجعل من الصعب على الولايات المتحدة التركيز بشكل كامل على معالجة التهديد المتزايد من الصين. لن تُغير سلوك النظام لا يخفى أن روسيا وإيران، باعتبارهما أقرب حلفاء نظام الأسد، دعمتا حافظ وبشار الأسد خلال فترات مختلفة من عزلة النظام السوري. ففيما يتعلق ببشار، أيدتا محاولته البقاء في السلطة إزاء الحشد الجماهيري ضد حكمه. ويدين بشار ببقائه في الحكم لروسيا وإيران وشبكة الوكلاء التابعة لهذه الأخيرة. وحتى لو قامت الدول العربية بتطبيع العلاقات، فالأسئلة التي تطرح نفسها هنا، لماذا يثق الأسد بأي من هذه الدول، بالنظر إلى أن العديد منها في منطقة الخليج عارضته بشدة خلال الحرب؟ وكيف سيؤدي التعامل مع الأسد إلى إخراج إيران من سوريا بينما تساعد طهران في السيطرة على العديد من المحاور [التي تتحكم] بالدولة والأراضي في أجزاء مختلفة من البلاد؟ كما لن يؤثر التطبيع على الديناميكيات في إدلب مع «هيئة تحرير الشام» لأن تركيا هي الجهة الفاعلة الرئيسية هناك. ولن يؤدي التطبيع إلّا إلى إضفاء شرعية زائفة على نظام الأسد وانتصاراً دعائياً له لكي يحافظ على الوضع الراهن. وكما يتضح من 50 عاماً من الأدلة، فإن هذا النظام لا يغيّر سلوكه بناءً على الدبلوماسية الخارجية. وحتى في أضعف جوانب نظامه خلال الحرب الأهلية، بقي الأسد مخلصاً لسبب وجوده: البقاء في السلطة بأي ثمن. تُقوّض القواعد الدولية سيؤدي التعامل مع نظام الأسد إلى مزيد من تآكل المعايير الدولية. وكانت صفقة الخط الأحمر للأسلحة الكيميائية في عام 2013 فاشلة حيث شنّ النظام بعد ذلك مئات الهجمات الأخرى. وحتى في حالات الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية في الآونة الأخيرة في صربيا ورواندا ودارفور، كانت هناك بعض مظاهر السعي لتحقيق المساءلة والعدالة، مهما كانت العملية معيبة. إن أي شكل من أشكال التطبيع سيقوّض إمكانية تقديم النظام إلى العدالة بسبب الإبادة الجماعية المستمرة. وسوف يصبح الأسد أكثر جرأة من خلال استمراره في استخدام الأسلحة الكيماوية والبراميل المتفجرة وجميع الوسائل الممكنة ضد المدنيين السوريين لقمع الدعوات المحلية للحرية والديمقراطية. وستكون الدول العربية أيضاً متواطئة في الانتهاكات المستقبلية المحتملة في سوريا لأن دعمها المالي سيؤجج بالتأكيد فظائع أخرى. وبدورها، يمكن لاستراتيجية تقويض المعايير الدولية أن تبرر الانتهاكات المحلية من قبل هذه الدول العربية بسبب إفلات الأسد منها ببساطة من خلال أفعاله. تؤثر سلباً على الحملة المناهضة لتنظيم «الدولة الإسلامية» إذا أضفت دول عربية الصبغة الشرعية على الأسد، سيبدأ نظامه بحملة ضغط لإخراج الولايات المتحدة من سوريا. وسوف يستغل حلفاؤه، جنباً إلى جنب مع الجماهير في الولايات المتحدة المعارضة لما يسمى بـ "الحروب الأبدية"، هذا "النصر" المزعوم لنظامٍ لا يسيطر على جميع الأراضي السورية، ناهيك عن السيادة على معظم حدوده. وتم أساساً استخدام قواعد اللعبة هذه في العراق، ولكن على عكس العراق، لا تتمتع واشنطن بنفس العلاقة والديناميكية مع دمشق. ووفقاً لقواعد اللعبة هذه، من المرجح أن تبدأ إيران وشبكتها العميلة في شرق سوريا بإطلاق الصواريخ باتجاه القواعد الأمريكية وإثارة عدم الاستقرار في المناطق التي تنشط فيها «قوات سوريا الديمقراطية» على الجانب الآخر من نهر الفرات. وبدون مساعدة واشنطن، لن تواجه «قوات سوريا الديمقراطية» سيلاً من الميليشيات الشيعية في الشرق فحسب، بل المزيد من القوات المدعومة من تركيا من الشمال أيضاً. ومن المرجح أن يشجع كلا السيناريوهين التجنيد الذي يقوم به تنظيم «الدولة الإسلامية» نتيجة البيئة المتساهلة المتمثلة بـ احتلال إيران لدير الزور أو احتفاظ القوات المدعومة من تركيا بوجود ضعيف. فبعد انسحاب الولايات المتحدة من العراق في عام 2010، حدث انهيار أمني في المناطق التي نشط فيها تنظيم «الدولة الإسلامية» في البلاد (2012-2014)، مما يوضح الطبيعة قصيرة النظر لتلك الخطوة. وفي النهاية، أرغمت [تلك التطورات] واشنطن على نشر قواتها مجدداً ضد عدو أقوى بكثير من الخصم الذي تركته قبل ذلك بسنوات قليلة فقط. تُشجع حلفاء النظام في المنطقة ترى روسيا وإيران أن سوريا هي مسرح اختبار للقوة في المنطقة. وقد استخدمت روسيا سوريا لتوسيع علاقاتها مع دول الخليج ومصر وليبيا. وفي حين تتقلب مواقف الولايات المتحدة وفقاً [لسياسة] الإدارة الحاكمة أو الديناميكيات المحلية، إلّا أن روسيا تقف وراء حلفائها. وقد عملت إيران أيضاً على تعزيز استراتيجية شبكة وكلائها في المنطقة من خلال تقوية «حزب الله» اللبناني عبر مهارات جديدة اكتسبها على المسرح السوري، وتشديد قبضتها على لبنان وتوسيع وجودها في العراق واليمن - الأمر الذي يقوض الأمن في تلك الدول. وبما أن إيران هي دولة ثورية، فإن منح الأسد هدية التطبيع لن يؤدي إلّا إلى دفع طهران إلى الاعتقاد بأنها تسيطر على السياسة الإقليمية، مما يضع حلفاء أمريكا في مختلف الدول العربية، وخاصة في منطقة الخليج، في موقف دفاعي مع فرصة ضئيلة للخروج منه. وفي الواقع، صرح بشار الأسد بشكل مباشر وعلني أن المرشد الإيراني الأعلى، آية الله علي خامنئي، هو "زعيم العالم العربي". ومن المعقول أيضاً أنه مع تخفيف الضغط عن سوريا وإمكانية تخفيف العقوبات من العودة الأمريكية إلى «خطة العمل الشاملة المشتركة»، يمكن لإيران أن تواصل المزيد من الأنشطة المزعزعة للاستقرار في البحرين والسعودية من خلال ميليشياتها الشيعية وحلفائها هناك. ويبدو أن إيران انتصرت في حرب الـ 42 عاماً مع السعودية لأنها حالياً أقوى جهة فاعلة في المنطقة وتطوّق أعدائها المختلفين. وفي المرحلة القادمة، قد يؤدي ذلك إلى تمكين روسيا وإيران من إملاء الأجندة الإقليمية مع ترك الولايات المتحدة مع القليل من النفوذ لمتابعة ديناميكيات تناسب مصالحها أو مصالح حلفائها العرب بشكل أفضل. إسرائيل في دائرة الضوء تُشكل [المواجهات التي اندلعت] في الشهر الماضي بين إسرائيل والفلسطينيين [في غزة] تلخيصاً مثالياً لما سيحدث عندما تنفصل الولايات المتحدة عن المنطقة. وحتى إذا أرادت واشنطن التركيز على الصين بطريقة أكثر قوة، إلّا أن الصراعات في الشرق الأوسط ستستمر في جذب الولايات المتحدة سواء شاءت أم أبت. ولا تزال إسرائيل من أقرب حلفاء واشنطن وتتلقى مساعدات بمليارات الدولارات سنوياً. وعندما تنفجر هناك أعمال عنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فستعمل الدوائر المحلية والحلفاء في المنطقة على حث أي إدارة أمريكية في السلطة على اتخاذ إجراء ما. بالإضافة إلى ذلك، من خلال التطبيع مع نظام الأسد، من المرجح أن تتلاشى القضية التي هي على كل شفة ولسان حول سوريا في العالم العربي، مما يعني أنه ستكون هناك مساحة أكبر للنشاط حول فلسطين والتركيز عليه. لذلك، من المرجح أن تتعامل الدول التي وقّعت مؤخراً على "اتفاقيات إبراهيم" مع ضغوط داخلية أكبر بسبب استمرار صدى القضية الفلسطينية، كما رأينا سابقاً مع السلام البارد مع مصر والأردن. وبشكل غير مباشر، قد يؤدي التطبيع مع نظام الأسد إلى قيام حشد أكبر ضد الأنظمة العربية المحلية حيث سيُنظر إليها على أنها متواطئة مع ما تُعتبر جرائم إسرائيلية ضد الفلسطينيين. وسيؤدي ذلك إلى وضع إيران في مكانة تُمكِّنها من استغلال [التطورات] بسبب تحالفها مع «حماس» و«الجهاد الإسلامي في فلسطين» و «حزب الله» ونظام الأسد، مما يوفر لها فرصاً أكبر لفتح جبهة ضد إسرائيل ودفع أجندتها الإقليمية المهيمنة باستخدامها الدعم للقضية الفلسطينية كحصان طروادة، في الوقت الذي تقوّض فيه شرعية الدول العربية. التداعيات منذ اندلاع الاضطرابات الثورية في سوريا عام 2011، ارتكبت الولايات المتحدة عدداً من الهفوات. وفي حين كان بعضها ناتجاً عن مخاوف وحسابات مشروعة، إلّا أن السماح بإعادة إضفاء الشرعية على نظام الأسد سيشكل خطأً استراتيجياً فادحاً لا يمكن تفسيره، وخطأ من شأنه أن يقوّض الوعد المتكرر لإدارة بايدن بوضع حقوق الإنسان في قلب سياستها الخارجية. وعلى هذا النحو، يجب على الإدارة الأمريكية أن تولي اهتماماً وثيقاً باندفاع حلفائها لتطبيع العلاقات مع نظام الأسد، وأن تعمل جاهدة على ثنيهم عن اتباع هذا المسار الخطير وغير الحكيم وقصير النظر. على الإدارة الأمريكية أن تشرح لهم أن إعادة تمكين عميلٍ إيراني هي حتماً ليست سبيلاً مقبولاً لاحتواء طموحات طهران الإقليمية، مهما كانت صعوبة المسار لتنفيذ انتقال ديمقراطي في سوريا والسعي لتحقيق العدالة ضد مجرمي الحرب. ولربما فات الأوان، لكن يجدر بواشنطن أن تدافع عن موقفها في سوريا وتستعيد مصداقيتها مع الشعب السوري، أو ستواجه عواقب أكبر من تلك التي سبق وأحدثها صراعٌ أثبت مراراً وتكراراً أن ما يحدث في سوريا لا يبقى في سوريا.
Read moreبغداد تطالب بتسوية مصاريف الإقليم
الحصاد : لا تستطيع حكومة إقليم كوردستان توزيع رواتب الموظفين حتى مع الاستقطاعات، فالحزب الديمقراطي الكوردستاني لا يُسَلِّم الواردات النفطية والإتحاد الوطني الكوردستاني لا يُسَلِّم الواردات الجمركية، والاموال التي تنبغي على بغداد إرسالها إلى الاقليم مشروطة بتسليم إقليم كوردستان لبيانه المالي. اليوم هو بداية شهر حزيران، لم يتسلم معظم موظفي إقليم كوردستان رواتب شهر آيار، حتى الآن تَسَلَّمَت وزارات (الصحة، البيشمركة، والداخلية) فقط رواتبهم، واليومين المقبلين يتم فيهما توزيع رواتب الشهداء والمعتقلين السياسيين فقط. اعلن مصدر في مجلس الوزراء لـ(الحصاد)، بأن الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي لا يقومان بتسليم أموال النفط والجمارك الى خزائن الحكومة، وعليه لا تستطيع الحكومة توزيع رواتب كافة الوزارات سويةً، حتى مع نسبة 21% من الاستقطاعات. تبلغ مجموع الاموال التي قامت الحكومة بتوزيعها كرواتب شهر آيار مع استقطاع نسبة 21% قرابة (200 مليار) دينار من المجموع الكلي لرواتب الموظفين الشهرية والتي تبلغ (706 مليار) دينار. هذا في حين يُدفَع جزء كبير من رواتب وزارة البيشمركة وتحديداً نحو (44 الف) من عناصر البيشمركة في الألوية المشتركة، يتم تأمين رواتبهم من قِبَل التحالف الدولي. اليوم هو الأول من شهر حزيران، في الشهر الماضي كان قد تم توزيع رواتب كافة الوزارات حتى نهاية الشهر، لكن فيما يخص رواتب شهر آيار، فقد أبلغ مصدر في مجلس الوزراء (الحصاد) بأنه :"لا توجد سيولة نقدية في البنوك لغرض توزيع الرواتب، لأن الحزب الديمقراطي لا يقوم بتسليم واردات النفط والإتحاد الوطني كذلك لا يقوم بتسليم واردات الجمارك الى وزارة المالية، وذلك بسبب الخلافات السياسية الموجودة بين الحزبين". بإستثناء الواردات النفطية والجمركية، تنتظر وزارة المالية في الإقليم حصولها على مبلغ مالي من وزارة المالية العراقية، كالدُفعة الأولى من حصة الإقليم من الموازنة العراقية لعام 2021، بهدف معالجة مشكلة الرواتب. يتواجد حالياً وفد من حكومة اقليم كوردستان في بغداد برئاسة قوباد الطالباني، نائب رئيس حكومة الاقليم، وقد اخبر مصدر من داخل الوفد الحكومي (الحصاد) بأن :"وزارة المالية العراقية طلبت البيان المالي من وفد الاقليم، وهذا ليس بالامر الهَيِّن وأن حكومة الإقليم لا تستطيع تحضير هذا البيان المالي قريباً". عَلِمَ (الحصاد) كذلك، ان بغداد قد طلبت ايضاً سجل بيع نفط الإقليم وقوائم رواتب موظفي الإقليم. وفقاً للاتفاق الذي أبرمه حكومة اقليم كوردستان مع بغداد، ومن اجل حصول اقليم كوردستان على حصته من الميزانية العراقية، عليه تسليم واردات (250 الف) برميل من النفط بسعر (سومو) يومياً الى بغداد بإلاضافة الى نسبة 50% من واردات المؤسسات الفدرالية. باعت (سومو) النفط في الشهر الماضي بسعر (65.4) دولار للبرميل الواحد، ما يعني ان واردات ذلك الـ(250 الف) برميل من النفط التي ينبغي على الاقليم تسليمها شهرياً الى بغداد تصل الى (490 مليون) دولار ما يقابل (725 مليار) دينار. وإذا لم يقم اقليم كوردستان بتسليم نفطه الى بغداد وقام ببيعه بالسعر الذي يبيعه، فستبلغ واردات هذه الكمية اي (250 الف) برميل مبلغ (412 مليون) دولار، اي ما يقابل (610 مليار) دينار. في اطار المناقشات التي اجريت، من المقرر ان تقوم الرقابة المالية العراقية بزيارة إقليم كوردستان في الاسبوع القادم بهدف تدقيق الواردات النفطية وغير النفطية وقوائم رواتب الموظفين، وبعد عدة ايام سيتم اتخاذ القرار بخصوص تحديد حصة الإقليم في قانون الموازنة العراقية.
Read moreمن نجم تلفزيوني إلى نجم سياسي..من هو يائير لابيد منافس نتنياهو الرئيسي؟
الحصاد استطاع يائير لابيد، رئيس حزب "يش عتيد" (هناك مستقبل) الإسرائيلي، من كسب مصداقية متزايدة منذ بداياته في السياسة، ليصبح الخصم الرئيسي لرئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو. وبعد أن اختار الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، النجم التلفزيوني السابق، الوسطي، يائير لابيد، الأربعاء الماضي، لتشكيل الحكومة المقبلة، ازدادت حدة المنافسة بينه ونتنياهو، فمن هو يائير لابيد؟ حياته الشخصية: ولد يائير لابيد في نوفمبر 1963 في تل أبيب، حيث يتركز الدعم له، وكان والده، تومي لابيد، صحافيا ووزيرا للعدل. أما والدته شولاميت، فهي كاتبة روايات بوليسية شهيرة في إسرائيل، أصدرت سلسلة تحقيقات بطلتها صحافية. حياته العملية: تجدر الإشارة إلى أن يائير لابيد بدأ العمل في صحيفة "معاريف"، وبعدها في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الأوسع انتشارا بين الصحف الإسرائيلية، ما سمح له أن يصبح اسمه معروفا في إسرائيل، في حين أنه واصل نشاطات متفرقة مع عمله، فكان يمارس الملاكمة كهاو، ويتدرب على الفنون القتالية، كما كتب روايات بوليسية ومسلسلات تلفزيونية، وألف وأدى أغنيات، ولعب حتى أدوارا في أفلام. وفي سياق متصل، يذكر أن برنامج لابيد التلفزيوني الحواري حقق في سنوات الألفين أكبر جمهور، ما سمح لمقدم البرنامج، بفرض نفسه نموذجا للإسرائيلي العادي. واستطاع لابيد، الذي يقدم نفسه على أنه وطني وليبرالي وعلماني، من رص صفوف الوسط، فيما يلقى تنديدا في أوساط اليهود المتشددين. دخوله عالم السياسة: اعتزل الصحفي السابق العمل في التلفزيون عام 2012، لتأسيس حزبه "يش عتيد" (هناك مستقبل). وهذا الأمر دفع منتقديه إلى اتهامه باستغلال شعبيته كمقدم برامج ناجح، لكسب تأييد الطبقة الوسطى. وخاض لابيد الانتخابات التشريعية السابقة في مارس 2020 ضمن الائتلاف الوسطي "أزرق أبيض" بزعامة الجنرال، بيني غانتس (وزير الدفاع الحالي)، غير أنه انسحب منه بعد إبرام غانتس اتفاقا مع حكومة نتانياهو، ما أدى إلى تراجع التأييد لغانتس فيما أصبح لابيد زعيم المعارضة. وكان لابيد قد قال لوكالة "فرانس برس" في وقت سابق منذ أشهر: "قلت لبيني غانتس..سبق وعملت مع نتنياهو..هو لن يدعك تمسك بالمقود"، إذ أن لابيد يعرف ذلك من خلال توليه وزارة المالية في إحدى حكومات نتنياهو بين 2013 و2014. وأضاف لابيد لـ"فرانس برس": "قال لي غانتس إننا نثق به، لقد تغير..فأجبته بأن الرجل عمره 71 عاما ولن يتغير، وللأسف من أجل البلاد، كنت أنا على حق". التطورات الأخيرة حول الحكومة الإسرائيلية: ومع انخراطه في عالم السياسة، وبعد نحو 10 سنوات، يواصل يائير لابيد مسيرته السياسية، خصوصا بعدما كلفه الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين رييفلين، بتشكيل الحكومة المقبلة، بعدما أخفق نتنياهو في المهمة، حيث أن حزب لابيد الوسطي حل في المرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية في 23 مارس، حاصدا 17 مقعدا نيابيا. من جانيه، يهدف لابيد وبشكل علني إلى طرد رئيس الوزراء نتنياهو، الأطول عهدا في تاريخ إسرائيل، من منصبه بعدما وجهت إليه التهمة في قضية فساد، إذ تلقى لابيد، أمس الأحد، دعم رئيس حزب "يمينا" الإسرائيلي اليميني، نفتالي بينيت، حيث أعلن الأخير انضمامه إلى معسكر رئيس حزب "يش عتيد". وقال بينيت: "أعلن أنني سأقوم بكل ما هو ممكن لتأليف حكومة وحدة مع صديقي يائير لابيد"، وذلك بعد تكهنات استمرت أسابيع حول حقيقة موقفه من الانضمام إلى زعيم المعارضة أو عدمه، بهدف وضع حد لحكم نتنياهو. المصدر: "فرانس برس"
Read moreمخدرات واغتيال واغتصاب وفساد: زعيم المافيا سادات بكر "يفضح" دائرة إردوغان المقربة
الحصاد: مونت كارلو: جالساً خلف مكتبه، يحيي سادات بكر، الزعيم المافيوي التركي الفار، متابعيه على قناته في يوتيوب حيث يبث مقاطع يتابعها الملايين وينشر ما يقول إنها "فضائح" تطال حاشية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان. من تهريب المخدرات والاغتيالات السياسية والاغتصاب إلى اتهامات بالفساد على أعلى مستوى في البلاد، يقول بكر كل شيء دون أي مونتاج أو ضبط على القناة التي أنشأها لهذه المناسبة والتي يعكس نجاحها الكبير تراجع شعبية إردوغان. علقت صحيفة "جمهوريت" اليومية على مدى انتشار مقاطع الفيديو، والذي سجل أحدها 15 مليون مشاهدة، بالقول "مرة أخرى، فإن انحطاط الدولة والمخاوف التي تنشأ عن ذلك هي على جدول الأعمال" الطارئة، مما يسلط الضوء على علاقة تحالف "غريبة" تظهر إلى العلن شيئاً فشيئاً بين حزب إردوغان الإسلامي القومي الحاكم وعصابات الجريمة المنظمة. ومن بين الأهداف الرئيسية للمافيا التركية يبرز وزير الداخلية الحالي سليمان صويلو الذي أقسم بابكر على "تدميره" لأنه خانه بعد أن قام بحمايته لبعض الوقت. بكر الذي فر أولاً إلى الجبل الأسود ثم الإمارات يهاجم أيضاً بلا هوادة بيرات البيرق، صهر أردوغان، ونجل رئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم، إركام، المتهم بالتورط في قضية تهريب الكوكايين الكولومبية. وزير العدل والداخلية السابق محمد أغار لم يسلم من اتهامات بكر الذي يقول إنه متورط في مقتل صحفي قبرصي في عام 1990 وفي مقتل صحفي استقصائي تركي شهير عام 1993. يضيف بكر "لم ينته الأمر، سنتحدث عن الأمر مرة أخرى"، كما يعد في كل حلقة يبثها على يوتيوب. رجل العصابات السابق ذو الشعر الرمادي البالغ من العمر 49 عاماً يملك موهبة الاستعراض، حيث يبث فيديوهاته من مكتبه ذي الجدران الخالية من أي لوحات والإضاءة الطبيعية وتبدو وكأنها غرفة فندق. وكانت تركيا قد أصدرت مذكرة توقيف جديدة بحق بكر الذي يتهم الآن بالضلوع في مجموعة إرهابية يترأسها فتح الله غولن. وبدأ بكر بتسجيل الفيديوهات بعد أن دهمت الشرطة منزله في تركيا في نيسان/أبريل الماضي، وأساءت معاملة أسرته كما قال. وبعد أن لزم الصمت لوقت طويل، اضطر إردوغان للخروج والدفاع عن أعوانه دون أن يذكر اسم بكر. وقال "خلال 19 عاماً سحقنا المنظمات الإجرامية الواحدة تلو الأخرى"، مؤكداً وقوفه "إلى جانب" وزير الداخلية. وأضاف "نلاحق افراد العصابات الإجرامية في أي مكان يفرون إليه في العالم". يقول الصحفي التركي المخضرم مراد يتكين أن بكر "ليس معارضاً تم دفعه إلى المنفى لأسباب سياسية، وهو ليس روبن هود الذي يأخذ من الأغنياء ليعطي للفقراء، كما أنه ليس بطلاً للناس كلف نفسه بالمهمة النبيلة لتنظيف البلاد، بل عضو في العالم السفلي". اشتهر بكر بميوله اليمينية المتطرفة وتخصص على مدى عقود في الابتزاز وتهريب المخدرات كما أظهر منذ فترة طويلة دعماً مذهلاً لرجب طيب أردوغان. نظم لقاءات سياسية في مسقط رأسه لدعم إردوغان وشجعه على ملاحقة منتقديه. وعندما خاض الرئيس التركي حرباً في عام 2016 ضد الأكاديميين الأتراك الذين وقعوا "عريضة من أجل السلام" تطالب بإنهاء العمليات العسكرية التركية في كردستان، علّق بكر حينها بالقول إنه "سيستحم بدمائهم". لكن في عالم المافيا، المليء بتصفية الحسابات والتحالفات ذات الهندسة المتغيرة، سرعان ما يصبح أصدقاء الأمس أعداء اليوم. وتنافس بكر مع اسم مشهور آخر في عوالم اللصوصية التركية هو علاء الدين كاكيتشي الذي سُجن بسبب سلسلة من جرائم القتل بما في ذلك قتل زوجته وأفرج عنه في نيسان/أبريل 2020. ويتمتع كاكيتشي بحماية زعيم حزب الحركة القومية التركي المتطرف الذي أصبح حليفاً لا غنى عنه لسلطة أردوغان. في مواجهة "فضائح" بكر المتفجرة، كررت صحيفة "صباح" اليومية الموالية للحكومة بأن الأمر مؤامرة غربية ضد أنقرة وبأن إدارة بايدن تحاول زعزعة النظام لأن تركيا تشكل عقبة كبيرة أمامها. قدم وزير الداخلية التركي سليمان صويلو شكوى ضد بكر بتهمة الإهانة والتشهير وتعهد أردوغان بمحاكمته وبمحاربة الجريمة المنظمة رغم مقاطع الفيديو خالية من الأدلة المباشرة. ويمتنع بكر حتى اللحظة عن استهداف أردوغان بشكل مباشر وشخصي والذي يواصل تسميته بـ"الأخ طيب"، ويركز اتهاماته على دائرة الرئيس المقربة.
Read moreقرار الحكومة بخصوص المخصصات
تقرير : الحصاد تُعَدَّل المخصصات (الخاصة، الاستثنائية، المقطوعة)، القيام بمراجعة جميع المخصصات الأخرى للموظفين التي تم تحديدها من قِبَل الحكومة ولم يصدر قانون من البرلمان بحقها، هذا قرار آخر إجتماع لحكومة الاقليم، مبلغ (357 مليار) دينار من مصاريف المخصصات الغير الثابتة بين يدَي الحكومة بهدف تعديلها. كيف هو القرار ؟ احد محاور الاجتماع الأخير لمجلس وزراء إقليم كوردستان كان مخصصاً لمناقشة آلية تنفيذ المادة الخامسة من قانون الإصلاح رقم (2) لسنة 2020، وهذه المادة خاصة بـ" تعديل المخصصات". بعد الاجتماع أصدر مجلس الوزراء بياناً ذكر فيه انه تم اتخاذ قرار حول مخصصات الموظفين، دون الدخول في تفاصيل القرار. احد الوزراء المشاركين في الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء، اخبر (الحصاد) بأن محتوى القرار المتخذ حول المخصصات يتضمن نقطتين : * النقطة الاولى : تقوم الحكومة بمراجعة كافة المخصصات التي صادق عليها مجلس الوزراء بقراراته حينها، وليست المخصصات التي تم تثبيتها بالقانون. * النقطة الثانية : تراجع الحكومة كافة القرارات الخاصة بالأنواع الثلاثة من المخصصات (الخاصة، الاستثنائية، المقطوعة) وتقوم بتعديلها وفقاً للقوانين النافذة. من المستَهدَف من القرار ؟ الشرائح المشمولة بالمخصصات (الخاصة، الاستثنائية، المقطوعة) هم المستهدَفين من هذا القرار الأخير لمجلس الوزراء، وهُم : * المشمولون بالمخصصات الخاصة مِن (حملة شهادات الدكتوراه والماجستير، المهندسون المشرفون على المشاريع، موظفي وزارة الكهرباء، موظفي وزارة الموارد الطبيعية، علماء الدين، المشمولون بمخصصات تشجيع أساتذة الجامعات). * المشمولون حالياً بالمخصصات الاستثنائية، وهُم : - الذين هم في (الدرجات الخاصة). - المشمولون بالمخصصات "المقطوعة"، وهؤلاء يتواجدون في كافة الوزارات. المخصصات في إقليم كوردستان يتسلم الموظفون في إقليم كوردستان إضافةً الى رواتبهم الأصلية بحسب درجاتهم الوظيفية، نوعين من المخصصات، هما : * المخصصات الثابتة، وتشمل مخصصات (الزوجيه، الشهادة، المهنية…الخ). * المخصصات الغير ثابتة، وتشمل مخصصات (الخطورة، السكن، الاستثناء، المراقبة، المنصب، الخدمة الجامعية، الخطورة البدل امنية، المقطوعة، الخدمة الخارجية، الارزاق، الموقع الجغرافي، الحرفية، الهندسية، الخاصة، اللقب العلمي، النقل، الرئاسية). عموماً يتم صرف (25) نوعاً من المخصصات للموظفين بنوعَيها الثابتة والغير ثابتة، المخصصات الثابتة (4) انواع، لكن الغير ثابتة (21) نوعاً. تذهب نسبة (56%) من مجموع مبالغ الرواتب الشهرية المصروفة لمصاريف المخصصات، وتتوزع الى قسمين بحيث تذهب نسبة (16%) من مجموع المبالغ المصروفة للرواتب الى المخصصات الثابتة، فيما تذهب نسبة (40%) الى المخصصات الغير ثابتة، ما يعني ان المبالغ التي تصرف المخصصات الغير ثابتة اكثر بكثير من المبالغ المصروفة للمخصصات الثابتة، ولهذا اقدمت الحكومة على التدخل لتقليلها او ما تسميها "إعادة تنظيم" المخصصات الغير ثابتة. تعتمد الحكومة في إقدامها على تعديل المخصصات على قانون الإصلاح المصادق عليه في برلمان كوردستان، وهذا القانون يعطي السلطة للحكومة بتعديل المخصصات. ما الذي تقوم الحكومة بتعديلها ؟ تهدف الحكومة اجراء تغيير في مصاريف الرواتب عن طريق تعديل المخصصات، بحيث تقلل من مصاريف الرواتب بشكلٍ تستطيع ان توزع الرواتب شهرياً دون اية مشاكل او صعوبات. تبلغ مجموع رواتب الموظفين لشهرٍ واحد (894 مليار) دينار، ومن هذا المبلغ يصرف ما قدره (394 مليار) دينار فقط للرواتب الاصلية للموظفين، فيما يذهب مبلغ (500 مليار) دينار للمخصصات، وتتوزع مصاريف المخصصات بالشكل الآتي : * تبلغ الصرفيات الشهرية للمخصصات الثابتة (143 مليار) دينار. * تبلغ الصرفيات الشهرية للمخصصات الغير ثابتة (357 مليار) دينار. وهذا يدل على ان الحكومة تنوي وبعدة مراحل تعديل مبلغ الـ(357 مليار) دينار الخاص بالمخصصات الغير ثابتة، بحيث تستطيع عن طريق هذه التعديلات استرجاع نسبة من الواردات الى خزينة وزارة المالية على حساب الموظفين الذين يستلمون هذه المخصصات عن غير جدارة. مصاريف المخصصات وفقاً لتقرير الأشهر الثلاثة الأولى لتنفيذ الإصلاحات، كانت صوفيان المخصصات الغير ثابتة كالآتي : * مخصصات الخطورة : تصرف هذه المخصصات للموظفين في جميع الوزارات، وترغب الحكومة ان تعيد تنظيم هذا النوع من المخصصات بشكل يستفيد منه فقط الموظفين الذين يمارسون عملهم بصورة فعلية. * مخصصات السكن : هذه المخصصات تخص تأمين ايجار السكن لعدد محدد من الاشخاص في وزارات (الصحة، الداخلية، الثقافة، والعدل). * مخصصات الاستثناء : تصرف هذه المخصصات لـ(الدرجات الخاصة) وبنسب مختلفة. * مخصصات المراقبة : هذه المخصصات تخص (هيئة النزاهة، الرقابة المالية، دائرة في وزارة الداخلية). * مخصصات المنصب : تصرف هذه المخصصات لجميع الموظفين الذين مناصب ادارية. * مخصصات الخدمة الجامعية : تصرف هذه المخصصات لجميع موظفي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. * مخصصات الخطورة : هذه المخصصات تخص وزارة الداخلية. * المخصصات المقطوعة : تصرف هذه المخصصات في جميع الوزارات، مثلاً السائق يستلم (50 الف) دينار. * مخصصات الخدمة الخارجية : تصرف هذه المخصصات في وزارة الداخلية فقط. * مخصصات الطعام : تصرف هذه المخصصات لجميع موظفي وزارات (الداخلية، والصحة) * مخصصات الموقع الجغرافي : تصرف هذه المخصصات لجميع موظفي الوزارات التي لم تؤمن لها وسائل النقل. * المخصصات الحرفية والمهنية : تصرف هذه المخصصات في الغالب لحملة الشهادات المهنية والغير حاصلين على شهادات دراسية وكذلك المهن المختلفة. * المخصصات الهندسية : تصرف هذه المخصصات للمهندسين في جميع الوزارات. * مخصصات خاصة : تصرف هذه المخصصات في جميع الوزارات. * مخصصات اللقب العلمي : تصرف هذه المخصصات لحملة الشهادات العليا الحائزين على اللقب العلمي في جميع الوزارات. * مخصصات النقل * مخصصات الرئاسة
Read moreما يحصل في سوريا ليس (مجرد) انتخابات مزيفة أخرى: تداعيات حسم الحرب
الحصاد: معهد واشنطن تكثر المشاكل والمخالفات في سوريا، حيث يترشح بشار الأسد الآن لولاية رئاسية رابعة بموجب نظام ينص على أنه يحق للرئيس بولايتين فقط، مستغلاً بذلك ثغرة دستورية أوجدها هو بنفسه. وبالنظر إلى الجوّ السائد حالياً في سوريا، يدرك العديد من المراقبين أن الانتخابات التي تجري حالياً ليست نزيهة. ومع ذلك، فهي لن تكون ذات مصداقية حتى لو كان السلام يعمّ البلاد. "في 21 أيار/مايو، عقد معهد واشنطن منتدى سياسي افتراضي مع فلاديمير بران، وحنا روبرتس، ووائل سواح، وزهرة البرازي، وإميل حكيم، وإيما بيلز. وبران هو مستشار أقدم في قسم الشرق الأوسط في "المؤسسة الدولية للأنظمة الانتخابية". وروبرتس هي متخصصة في شؤون الانتخابات تعمل مع نفس المؤسسة. وسواح هو باحث سياسي أقدم في منظمة المجتمع المدني "إيتانا سوريا". والبرازي هي مديرة مشاركة لـ "برنامج التطوير القانوني السوري". وحكيم هو زميل أقدم لشؤون أمن الشرق الأوسط في "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية". وبيلز هي مستشارة أقدم للشؤون السورية في "المعهد الأوروبي للسلام". وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظاتهم". فلاديمير بران بالنظر إلى الجوّ السائد حالياً في سوريا، يدرك العديد من المراقبين أن الانتخابات التي تجري حالياً ليست نزيهة. ومع ذلك، فهي لن تكون ذات مصداقية حتى لو كان السلام يعمّ البلاد، وقد تكون أسباب ذلك أقل وضوحاً بالنسبة لبعض المراقبين. فما الذي يجب إصلاحه على وجه التحديد، وكيف يتم ذلك؟ للإجابة على هذا السؤال، لا بد من تقييم عدة عوامل، هي: الدستور، قوانين الانتخابات، الإطار التنظيمي، تشكيل إدارة الانتخابات، قواعد الترشح / الحملات الانتخابية، وبالطبع كيف يتم تنفيذ كل ذلك عملياً. وأحد التعقيدات هو أن الجوانب الرئيسية لعملية الانتخابات الرئاسية في سوريا خاضعة للدستور، مما يجعل الإصلاح الانتخابي الشامل مستحيلاً من دون إصلاح الدستور. وفي الوقت نفسه، تم سن مجموعة من التدابير الإضافية خارج الإطار الدستوري لتقويض إمكانية إجراء انتخابات حرة ونزيهة - من المراسيم الرئاسية وإلى التشريعات البرلمانية والأحكام القضائية. وتتفاقم جميع هذه المشاكل بسبب الحرب المستمرة التي تجاهلتها العملية الانتخابية الجارية على ما يبدو. وعلى الرغم من أن قانون من عام 2006 حاول تحديد الحقوق الانتخابية للنازحين داخلياً، إلا أنه لا يوجد إطار للتعامل مع التصويت لجميع اللاجئين الذين يزيد عددهم عن 5 ملايين نازح وغيرهم من السوريين الذين يعيشون في الخارج. وتكثر المشاكل والمخالفات الإضافية، حيث يترشح بشار الأسد الآن لولاية رابعة بموجب نظام ينص على أنه يحق للرئيس بولايتين فقط، مستغلاً بذلك ثغرة دستورية أوجدها هو بنفسه. وسوف تتم إدارة الانتخابات من قبل مجلس الإدارة الذي عيّنه. وتشكّل "المحكمة الدستورية العليا" السلطة الأساسية للفصل في أي نزاع، وكان الأسد هو الذي اختار أعضاءها. وحتى مسؤولي الانتخابات المحليين يتم تعيينهم من قبل المحافظين الذين يختارهم الأسد شخصياً. وبالإضافة إلى هذا التلاعب الهيكلي المتعمّد، لم تُظهر الحكومة أي إشارة على تدريب مسؤولي الانتخابات أو إجراء عملية تسجيل الناخبين، لذلك من غير الواضح أي من السوريين يُسمح لهم بالتصويت. وهناك قيود أخرى جعلت من الصعب للغاية على المرشحين ترشيح أنفسهم. وللتأهل لانتخابات ما، يجب أن يكون لدى المرء سجل خالي من الجنايات، وأن يحصل على خمسة وثلاثين دعماً من أعضاء البرلمان، وأن يكون مقيماً في سوريا لمدة عشر سنوات على الأقل - وهو مطلب يستبعد الشتات بأكمله. ونتيجة لذلك، لم يُسمح سوى لثلاثة فقط من أصل واحد وخمسين مرشحاً ممن تقدموا بطلبات للترشح هذا العام، دون وجود شفافية بشأن سبب رفض الثمانية والأربعين الآخرين. حنا روبرتس اقتراع الشتات الذي بدأ في 20 أيار/مايو ليس جديراً بالثقة في تصميمه أو تنفيذه. فمن ناحية التصميم، يقتصر التصويت في الخارج على السفارات التي تديرها الحكومة السورية، مما يثير قضايا تتعلق باللوجستية والحماية. على سبيل المثال، ليس من المجدي لملايين السوريين الذين يعيشون في لبنان وتركيا السفر إلى عاصمة أي من البلدين والتصويت في مبنى واحد. وتفتقر العديد من الدول كلياً إلى سفارة سورية، لذا ليس أمام المهاجرين المقيمين هناك سبيل للتصويت. ويُطلب من الناخبين المؤهلين أيضاً إبراز جواز سفر ساري المفعول مع ختم خروج سوري، والذي يمتلكه عدد قليل من اللاجئين. علاوة على ذلك، يضمن الإعداد لعملية التصويت انعدام الأمن أو خصوصية البيانات، وانعدام مراقبة مستقلة أو تغطية إعلامية، وعدم وجود وسيلة لتقديم الشكاوى. وجاء التنفيذ مع قائمة كبيرة من المشاكل أيضاً. فقد أعلنت سفارات قليلة عن المواعيد النهائية للتسجيل أو مواعيد التصويت. ففي لبنان، أُرغم العديد من الأفراد على التسجيل والتصويت. وفي تركيا، أفادت تقارير بأن بعض الأفراد مُنح العفو مقابل التصويت. وفي مناطق مختلفة، تم اكتشاف أشخاص يدلون بأصواتهم دون بطاقات هوية، ودون حبر لمنع تكرار التصويت، ويقومون بتخزين بطاقات الاقتراع بطريقة غير آمنة، وما إلى ذلك. باختصار، هذه الانتخابات هي خدعة، وأي شخص ينظر إليها بالتفصيل سيرى أنها غير ملائمة للهدف التي أُقيمت من أجله. وائل سواح بما أن غالبية السوريين ليس لديهم خيار حقيقي لصالح مَنْ يدلون بأصواتهم، فقد اتحدت المعارضة داخل البلاد وخارجها ضد هذه الانتخابات بشكل لا مثيل له. ووصفها النقاد بأنها مسرح، وخدعة، ومكافأة لقاتل، بينما أكد البعض أنها تنتهك قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. ولن يشارك سكان المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في محافظة إدلب والشمال الشرقي من سوريا في هذه الانتخابات. وفي الوقت نفسه، واجه السوريون الذين يعيشون في الخارج ضغوطاً شديدة للتصويت في هذه الانتخابات حتى لو لم يرغبوا في ذلك، وكان الكثيرون خائفين للغاية من مقاطعة الانتخابات. وكان الاختلاف الملحوظ الآخر هو محاولات النظام إضفاء نكهة غربية على الحملة الانتخابية هذا العام باستخدامه المزيد من اللوحات الإعلانية والشعارات الملونة والمقابلات التلفزيونية والميزات المماثلة. وفي الماضي، كان الجمهور المستهدف لأي حملة انتخابية هو الشعب السوري، حيث سعى النظام إلى إقناع أبنائه بأنهم "يختارون" الأسد بشكل ما. لكن الهدف هذا العام هو إقناع العالم الخارجي وتحقيق الشرعية على الساحة الدولية. وقد يكون الأسد قادراً على ادّعاء مثل هذه الشرعية من خلال مجرد "فوزه" في الانتخابات وقيام دول مثل روسيا وإيران والصين بتأكيد النتائج. ومن شأن مثل هذه النتيجة أن تقوّض عملية الانتقال التي تقودها الأمم المتحدة وتعزز المسارات البديلة مثل عملية أستانا، مما يساعد النظام وحلفائه على التركيز بشكل أكبر على المنتديات التي يكون لموسكو رأي أكبر فيها. زهرة البرازي من الواضح أن الانتخابات الحالية مزيفة، لكن بالنسبة للسوريين الذين يريدون مستقبلاً عادلاً وديمقراطياً، ما الذي يجب فعله للإعداد لانتخابات نزيهة في المرة القادمة، أي في عام 2028؟ قبل كل شيء، يجب أن تكون الانتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة. كما أن إنشاء عملية قابلة للتطبيق لغير المقيمين يُعَد أمراً بالغ الأهمية. وتحتاج الدول المجاورة و"المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" والمنظمات غير الحكومية إلى الانخراط في تسهيل مشاركة الناخبين السوريين في الخارج. ويمثّل الأفراد غير المسجّلين مشكلة كبيرة أيضاً - فمئات الآلاف من السوريين يفتقرون إلى التسجيل الحكومي المناسب لكنهم ما زالوا بحاجة إلى وسيلة للتصويت. وتقوم "اللجنة الدستورية السورية" بدور رئيسي في إشراك الجمهور وإيجاد مسارات قانونية لمعالجة هذه المخاوف. باختصار، عندما تُمنح فرصة واقعية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة في المستقبل، على المجتمع الدولي أن يكون مستعداً وفي جعبته حلول لجميع هذه المشاكل. وفي الوقت نفسه، يجب ألا يكون المسؤولون ساذجين بحيث يتوقعون بروز هذه الفرصة من تلقاء نفسها. فالحرب مستمرة منذ عشر سنوات، وفي هذه المرحلة يسأل الناس "حسناً، ماذا الآن؟" وقلة هم الذين يعتقدون أن هناك تغييرات سريعة في الأفق، ولكن يجب على جميع الأطراف البدء في التخطيط للمستقبل بطرق عملية ومرئية. أميل حكيم توفّر الانتخابات فرصة مناسبة للدول المقتنعة أساساً بضرورة التعامل مع الأسد. وفي نظرها، قد تكون العملية الانتخابية هزلية، لكنها تحقق شيئاً ما على الأقل، وعلى الرغم من أن عملية جنيف هي أكثر شرعيةً، إلا أنها لم تحقق أي نتائج [ملموسة] لهذه الدول. وبالتالي، ففي العديد من العواصم العربية، يشكّل التطبيع مع الأسد مسألة متى وليس إذا حدث ذلك. ولا يتعلق الأمر بالاقتصاد، بل بتنمية نفوذ [الدول] العربية في سوريا، حيث أصبحت الدول غير العربية الجهات الفاعلة الرئيسية. وفي ظل إدارة ترامب، كانت الولايات المتحدة قادرة على منع التطبيع العربي من خلال مزيج من العقوبات والدبلوماسية، لكن واشنطن أشارت مراراً وتكراراً إلى رغبتها في الخروج من سوريا. وعلى الرغم من أن المراجعة التي تجريها إدارة بايدن في سياستها ما زالت مستمرة، إلّا أن الكثيرين يعتقدون أن الرئيس الأمريكي ينظر إلى سوريا على أنها قضية هامشية ومشتتة للانتباه، وعلى الجهات الفاعلة الأخرى حلها. ويريد أعضاء فريقه الاستمرار في الضغط على تنظيم «الدولة الإسلامية»، لكنهم لا يريدون أن يكونوا المخططين الأساسيين للتسوية في سوريا. علاوة على ذلك، أدى تركيز وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكين على القضايا الإنسانية إلى خلق تصور بأن الإدارة الأمريكية سوف تستبدل رأس المال السياسي من أجل تأمين أهداف إنسانية، وخاصة توسيع الوصول عبر الحدود. كما أن تعنت الأسد أعاق التطبيع العربي مع سوريا. فـ"جامعة الدول العربية" تريد تنازلاً واحداً على الأقل من جانبه قبل إعادة عضوية سوريا في "الجامعة"، لكن الأسد لا يبدي أي ليونة على الإطلاق. وفي هذه المرحلة، يبدو التطبيع التدريجي أكثر ترجيحاً، حيث تركز الحكومات العربية على إعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية والمشاريع الأقل إثارة للجدل بهدف تعزيز وجودها في سوريا. إيما بيلز منذ عام 2019 على الأقل، كان واضحاً جداً أن هذه الانتخابات لن تُجرى وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254. وفي هذا الصدد، لا يوجد شيء جديد هنا - والخبر الحقيقي الوحيد هو أن دمشق لم تكلّف نفسها عناء الحفاظ على التظاهر بإجراء انتخابات حرة ونزيهة هذه المرة. وبالتالي، فإن أي حكومة أجنبية تقوم حالياً بتطبيع علاقاتها مع الأسد لا تفعل ذلك بسبب الانتخابات. ومن منظور سياسي، أصبح السوريون في لبنان أحد أكبر الهموم. ويمكن أن يتدهور وضع اللاجئين هناك بسرعة بسبب المضايقات والاعتداءات التي يتعرض لها أولئك الذين حاولوا المشاركة في الانتخابات، سواء طوعاً أو بسبب الإكراه. وعلى نطاق أوسع، حفزت مجموعة من المخاوف المشروعة تطبيع دول المنطقة مع الأسد، مثل احتواء إيران، والتخفيف من التزامات استضافة اللاجئين وتجنب المزيد من عدم الاستقرار والاضطرابات الناجمة عن تداعيات الأزمة السورية. ولن يتم تخفيف هذه المخاوف من خلال النهج الحالي الذي يتبناه المجتمع الدولي، والذي تضمنت نتائجه فراغاً دبلوماسياً مطولاً وانتشار اللا مبالاة/الفتور الاستراتيجي على نطاق واسع. أما بالنسبة للانتخابات الرئاسية المستقبلية، فإن الدستور السوري ينص على إجراء انتخابات أخرى في عام 2028، لكن لا يوجد سبب للتعامل مع هذا التاريخ على أنه ثابت. ويمكن تصميم إطار لانتخابات نزيهة بما يتماشى مع القرار 2254 في أقل من سبع سنوات. وعلى الرغم من أنه لا ينبغي للسلطات الدولية أن تقلل من شأن التحديات الكامنة في الوصول إلى هذا الهدف، إلا أنه لا ينبغي لها أن تتمسّك بفترات زمنية طويلة بلا داعٍ أيضاً.
Read moreالسيادة العراقية أزمة متراكمة أم إشكالية مركبة
الحصاد draw: ميثاق مناحي العيسى - مركز الفرات حين توصف الدولة بأنها كيان يتمتع بالسيادة، فالمقصود أن الدولة هي التنظيم السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأمني، الذي يحق له وحده دون غيره، أن يحتكر أدوات القوة التي يحتاجها، بما في ذلك أدوات القمع والإكراه لفرض سلطته على مجمل الإقليم الذي يشكل حدوده السياسية، وعلى الأفراد الذين يقطنون هذا الإقليم. وتشير السيادة الداخلية إلى الشؤون الداخلية للدولة، وموقع السلطة العليا داخل هذه الدولة. وبالتالي، فإن السيادة الداخلية هي هيئة سياسية تمتلك سلطة قصوى نهائية ومستقلة، سلطة قراراتها ملزمة لكل المواطنين، والمجموعات والمؤسسات في المجتمع. بينما تشير السيادة الخارجية إلى مكانة الدولة في النظام الدولي، وبالتالي استقلالها السيادي وعلاقته بالدول الأخرى، ويمكن أن تعتبر دولة صاحبة سيادة على شعبها وأرضها رغم حقيقة أن بنية حكمها الداخلي لا توجد بها أية مظاهر سيادة. كما يحصل في العراق بعد عام 2003 في ظل تصارع وتنازع الارادات الدولية والإقليمية على أرضه، وتنامي نشاط التنظيمات الإرهابية، وظاهرة تشكيل الجماعات المسلحة، التي ساعدت في تأزيم أزمة العراق السيادية. إن حصول العراق على استقلاله وتأسيس الدولة العراقية في عشرينيات القرن الماضي على الطريقة الغربية، وفقاً لرؤية الدول الاستعمارية ومصالحها السياسية والاقتصادية، وضع السيادة العراقية في بداية طريق الأزمات، وما سببته تلك الأزمات من اضعاف للدولة والسيادة بعد ذلك التاريخ. فبعد أنهاء الحقبة البريطانية وسطوتها على الدولة العراقية بعد منتصف القرن الماضي تقريباً، إلّا أن السيادة تصَّدعت مرة أخرى بعد استيلاء حزب البعث على السلطة في العراق في العام 1978، والتفريط بالسيادة من أجل طموحات وغباء الحزب الحاكم وشخوصه، بدءً من اتفاقية الجزائر1975 والمقايضة التي حصلت في قمع الانتفاضة الكردية في شمال العراق، مروراً بالحرب الإيرانية وما خلفته من كوارث، ومن ثم حرب الكويت وتداعياتها العسكرية والسياسية والأممية، ووضع العراق تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة. إذ ظلت السيادة العراقية منقوصة ومجروحة ومعوَّمة منذ غزو النظام السابق للكويت، فضلاً عن احتلال العراق من القوات الأمريكية وحلفائها في العام 2003، احتلالاً كاملاً؛ متذرعة بقرارات مجلس الأمن الدولي وما خلفته من صراع وقتال وفتح للحدود، بعد قرار حل الجيش العراقي والمؤسسات العراقية بالكامل، وما تبعها من تصاعد موجات الإرهاب والعنف التي حوّلت العراق الى ساحة للموت الجماعي للشعب العراقي، فضلاً عن طبيعة النظام السياسي المشوه ولادياً، الذي زرعته ومهدت له من خلال مجلس الحكم الانتقالي والمرحلة الانتقالية، الذي افضى فيما بعد الى تشكيل حكومات توافقية توازنية محاصصاتية، تتقاسم السلطة والمغانم وفقاً لانتمائها الخارجي والداخلي. إذ ربطت بعض القوى السياسية نفسها بقوات الاحتلال وبعضها بالدول الإقليمية، حتى أصبحت عبارة العمق العربي "كما صورته بعض القوى السياسية السنية"، وعبارة العمق الشيعي "كما صورته بعض القوى السياسية الشيعة"، ايقونة إعلامية وخطاب سياسي يقسم المجتمع العراقي إلى قسمين، فضلاً عن الانقسام المذهبي والقومي والانقسام المجتمعي بين عراقيي الداخل والخارج. إذ أسهمت تلك الارتباطات، ولاسيما الارتباطات الدينية والعقائدية، في تصًّدع سلطة الدولة العراقية وسيادتها الوطنية بالمعنى السياسي والقانوني، وأسهمت سلباً في تعددية سلطة القرار العراقي، حتى بعد انسحاب القوات الأمريكية نهاية العام 2011، إذ بقت السيادة العراقية أزمة مستعصية لكثير من الاسباب، ولاسيما فيما يتعلق بوجود القواعد والسفارة الأمريكيتين، واستمرار حالة عدم التوافق والاستقرار السياسي بين اطراف العملية السياسية العراقية، وتنامي دور التنظيمات الإرهابية والجماعات المسلحة، ولاسيما بعد اجتياح تنظيم "داعش" لثلت مساحة العراق الجغرافية، وما تبعه من تداعيات على المستوى السياسي والأمني، سواء فيما يتعلق بتشكيل التحالف الدولي لمحاربة التنظيم، أو ما يتعلق بالقوى الأمنية والجماعات المسلحة التي تشًّكلت بعد ذلك. لكن هناك من يرى بان من الممكن ان تحترم السيادة الخارجية حتى وإن كانت السيادة الداخلية محل نزاع أو أرتباك. ففي الوقت الذي بدأت فيه السيادة الداخلية تتبدد مع مفاهيم الديمقراطية وعصر العولمة، فإن قضية السيادة الخارجية أصبحت حيوية جداً، إلا أن صانع القرار العراقي والقوى السياسية العراقية فشلت في ذلك، إذ افقد الفاعل الداخلي والخارجي للدولة العراقية القدرة على الحركة، والقدرة على استثمار مواردها لإحداث التنمية، وسُلبت حريتها وقرارها المستقل، وفقدت سيادتها الصناعية والتجارية، كما فقدت الدولة العراقية القدرة على التحكم والسيطرة في بيئتها الداخلية؛ وهو ما أدى في المحصلة النهائية إلى خلق دولة رخوة ومأزومة في علاقاتها الداخلية والخارجية. فضلاً عن ذلك، فقد تنامت في الآونة الأخيرة، المواقف المتعارضة من وجود القوات الأجنبية بشكل عام والأمريكية بشكل خاص، بما فيها توغل القوات العسكرية التركية المستمر والمتكرر، إضافة إلى قواعدها العسكرية التي أقامتها في العراق، ناهيك عن التغلغل والنفوذ الإيرانيين في العراق. وهي تدخلات شرعنتها مواقف وايديولوجيات القوى السياسية العراقية، طبقاً لمواقفها السياسية ومتبنياتها الفقهية والمذهبية والقومية ومصالحها الحزبية من بعض الدول والأنظمة السياسية الإقليمية والدولية. فمثلاً نجد هناك من يبرر التدخلات التركية والأمريكية، ويرفض التدخلات الإيرانية، أو بالعكس. وأصبحت السيادة العراقية ضحية دائمة للصراع بين الدولة وقوى اللادولة، بين إرادة القانون وإرادة القوى السياسية، والنظام واللانظام، والإرادة الداخلية والخارجية. وهذا الوضع خلق نوعاً من التقسيم الفعلي، إذ تفردت الجماعات المسلحة والتنظيمات الإرهابية بممارسة السلطة في مناطق نفوذها محولة بذلك سلطة الدولة المركزية إلى سلطة وهمية أو صورية، فضلاً عن ما رسمه الدستور وسلوك القوى السياسية من علاقة مشوهة بين المركز والإقليم، والأزمات التي خلقتها تلك العلاقة المشوهة وانعكاساتها السياسية والاقتصادية والأمنية، فضلاً عن ذلك، فقد اصبحت العلاقات الخارجية انعكاساً للمواقف والتوافق السياسي، بعيداً عن المصالح الوطنية العليا. لهذا نعتقد بأن أزمة السيادة في العراق، هي أزمة متراكمة منذ عقود وقد تجلت بشكل مخجل للغاية بعد عام 2003، وأن طبيعة النظام السياسي الحالي وإدارة الدولة والحكم، وسيادة ايديولوجية الأحزاب والمذاهب والقوميات والمصالح الضيقة وسوء الفهم الناتج عنها، خلق من تلك الأزمة، إشكالية مركبة في الفهم والتطبيق.
Read more70 % من القوى السياسية تؤيد تأجيل الانتخابات إلى نيسان 2022 وتشكيل حكومة طوارئ
الحصاد: المدى حسمت كتل وأطراف سياسية متنفذة أمرها واتفقت على إرجاء موعد اجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة إلى شهر نيسان المقبل. كما بدأت تتحاور حاليا بشأن إمكانية تشكيل حكومة طوارئ أو ما يسمى بـ"حكومة إنقاذ وطنية" بصلاحيات تشريعية وتنفيذية مطلقة. وتحدث مصدر مطلع رفض ذكر اسمه في تصريح لـ)المدى( قائلا إن "المحاولات والمشاورات مازالت قائمة ومستمرة بين كتل سياسية متنفذة وكبيرة لإرجاء الانتخابات البرلمانية المبكرة من شهر تشرين الأول المقبل إلى نيسان من العام 2022"، مبينا أن "هناك كتلا لا ترغب في إجراء الانتخابات خوفا من خسارتها لمقاعدها وفقدانها لمصالحها بسبب تراجع شعبيتها". ويضيف أن "هذه الكتل السياسية تراهن على عامل الوقت من اجل استرجاع شعبيتها وقوتها الانتخابية في حال إرجائها للاقتراع"، معتقدا أن "الجهات المتبنية لقرار التأجيل اتخذت قرارها منذ فترة بعد سلسلة من اللقاءات والمشاورات". وأرجأت الحكومة إجراء الانتخابات البرلمانية إلى 10 تشرين الأول 2021، بعد اقتراح المفوضية تأجيل الانتخابات البرلمانية من اجل "استكمال النواحي الفنية لتسجيل الأحزاب السياسية وتوزيع البطاقات الانتخابية وتأمين الرقابة الدولية". وعن الكيفية التي سيتم بها إرجاء الانتخابات إلى نيسان المقبل يوضح المصدر المطلع على الحراك السياسي بالقول إن "هذه الجهات ستعمد إلى الفوضى وعدم الاستقرار كقطع التيار الكهربائي الذي سيولد نقمة شعبية ستنعكس في الشارع"، مبينا أن "من غير الممكن إجراء انتخابات في ظل أجواء متوترة". ويتوقع أن "إعلان تأجيل الانتخابات البرلمانية إلى شهر نيسان المقبل سيكون قريبا"، موضحا أن "حجم الكتل السياسية الداعمة لفكرة تأجيل الانتخابات يصل لنحو 70%، في حين ترفض 30% التلاعب بموعد الانتخابات". ويلفت المصدر القريب من الاحداث إلى أن "هذه الكتل اتفقت أيضا على إجراء تغييرات في حكومة الكاظمي تصل إلى ثمانية وزراء تقريباً"، متسائلا "لماذا هذا التغيير في الوزراء رغم أن الانتخابات المبكرة مقرر إجراؤها في العاشر من شهر تشرين الأول المقبل؟". ويلفت إلى أن "هذه التغييرات الوزارية دليل على الاتفاق الحاصل بين هذه الجهات السياسية على تأجيل الانتخابات المبكرة إلى نيسان المقبل موعد انتهاء الدورة البرلمانية"، موضحا أن "هذه الجهات ترفض فكرة التأجيل في الإعلام لكن في الخفاء مستمرة في مفاوضاتها وتحشيداتها للتأجيل وتشكيل حكومة الطوارئ". وفي شهر آذار الماضي صوّت البرلمان بأغلبية مريحة على مشروع قرار يقضي بحل نفسه بشكل كامل في السابع من تشرين الأول المقبل وذلك بناءً على طلب مقدم من 172 نائباً. وتحاول هذه الكتل المتنفذة استغلال هذا الموقف لإعلان تشكيل حكومة الطوارئ يرأسها مصطفى الكاظمي لإكمال الفترة المتبقية من الدورة الحالية وتحضر لإجراء الانتخابات البرلمانية في شهر نيسان المقبل وهو موعد انتهاء الدورة البرلمانية. من جهته، يؤكد محمد العبد ربه القيادي في تحالف عزم الانتخابي لـ(المدى) أن "اغلب الأحزاب والكتل السياسية الداعمة والمشكلة للحكومة الحالية لا ترغب في إجراء الانتخابات المبكرة، ولا تريد المغامرة بمستقبلها السياسي وانتخابات غير مضمونة المستقبل". ويبين العبد ربه أنه "من الأفضل لهذه الكتل عدم إجراء الانتخابات في ظل تراجعها في الشارع وتزايد الاحتجاجات"، مضيفا أن "هذه الجهات تفكر في الإبقاء على مكاسبها السياسية وعدم التفريط بها عبر انتخابات مبكرة". ويضيف أن "الشارع في المحافظات الجنوبية ملتهب وهذا يمنع أي مرشح من ممارسة الدعاية الانتخابية أو تقديم برنامجه الانتخابي، وبالتالي المعطيات تشير إلى تأجيل الانتخابات المبكرة إلى نيسان المقبل"، متوقعا ان "الايام المقبلة ستكون مضطربة كعودة الاحتجاجات والاغتيالات والاختطاف". ويتابع النائب السابق أن "هذه الأحداث ستستخدمها هذه الأطراف السياسية كحجة لإرجاء الانتخابات إلى العام المقبل"، مرجحا ان "الإعلان عن التأجيل سيكون في شهر أيلول المقبل، أي قبل موعد إجراء الانتخابات المبكرة بشهرين من اجل تجاوز ردة الفعل". ويؤكد على انه "هناك حوار على تشكيل حكومة طوارئ لكنه مازال غير مقبول لدى الكثير من الأطراف" مشيرا إلى ان "نسبة الاطراف الداعمة لفكرة تشكيل حكومة الطوارئ انخفضت بعد تداعيات المظاهرات". ورفض رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي في بيان تشكيل حكومة الطوارئ قائلا إنها تعني تمردا على الديمقراطية وأصول تداول السلطة برلمانيا والإساءة والانتقاص من إرادة الشعب العراقي الذي حزم أمره للمشاركة الواسعة في الانتخابات، مشددا على عدم "تضييع جهد المفوضية العليا للانتخابات بعدما قطعت شوطا في التحضير وتجاوز الصعوبات والتحديات".
Read moreإيران تقلص لائحة مرشحي الرئاسة، فهل سيتم إجراء الانتخابات بمرشح واحد؟
الحصاد: عومير كرمي - معهد واشنطن يبدو أن النظام الإيراني يعمل على إزالة أي عقبة قد تمنع رئيس السلطة القضائية الايرانية إبراهيم رئيسي من الفوز برئاسة الجمهورية الإسلامية، وربما خلافة خامنئي كمرشد أعلى. وقد تؤدي خسارته إلى زيادة تقويض الشرعية المحلية للنظام. شكّلت حملة الانتخابات الرئاسية في إيران هذا الأسبوع "مفاجأة شهر أيار/مايو" حيث أعلن "مجلس صيانة الدستور" أنه تمّ استبعاد العديد من المرشحين البارزين من خوض الانتخابات المزمعة في 18 حزيران/يونيو. ورغم أن استبعاد أعداد كبيرة من المرشحين ليس بممارسة جديدة بالنسبة للنظام، إلا أن بعض الأسماء التي تمّ إقصاؤها هذا العام لم تكن متوقعة: فلم تتم الموافقة في النهاية سوى على 7 مرشحين من أصل 40 مرشحاً من الذين استوفوا الحدّ الأدنى من معايير التسجيل في وقت سابق من هذا الشهر، علماً بأن اللائحة النهائية للمرشحين المعتمدين لا تشمل شخصيات بارزة مثل رئيس "المجلس" السابق علي لاريجاني، نائب الرئيس إسحاق جهانغيري، أو الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد. وحتى الآن، أعلن لاريجاني وغيره من المرشحين المستبعدين أنهم يقبلون بحكم "المجلس" ولن يطلبوا من المرشد الأعلى علي خامنئي إبطاله. غير أن شخصيات بارزة أخرى وجهت انتقادات علنية. فقد وصف صادق، شقيق لاريجاني، الذي كان رئيس السلطة القضائية الإيرانية بأن القرار "لا مبرر له". أما الإصلاحي المستبعد مصطفى تاج زاده فذهب إلى أبعد من ذلك قائلاً إنه "لا يجدر بأي مواطن مسؤول الرضوخ" لقرار "المجلس"، ثم أعلن أن القرار يهدف إلى الإطاحة بالجزء "الجمهوري" من الجمهورية الإسلامية. وحتى أن إبراهيم رئيسي - المرشح الأوفر حظاً والذي سيكون أكثر المستفيدين من الاستبعادات - أعرب عن قلقه، مشيراً إلى أنه حاول جعل الانتخابات أكثر تنافسية وتشاركية. ومع ذلك، ربما كانت الغاية من تصريحه هي خدمة مصالحه الذاتية، وبناء شرعيته والرد على الإشارات الشعبية الساخرة للسباق الانتخابي بأنه "رئيسي مقابل رئيسي" - وربما الحفاظ على فرصه في خلافة خامنئي في المستقبل. مَن هم على القائمة النهائية؟ يميل المرشحون السبعة الذين استوفوا المعايير المطلوبة وبشدة نحو المعسكر المحافظ، مع إضافة اسمين ثانويين من غير المحافظين لتمويه أحدث خطوات النظام للسيطرة [على مرشحي الانتخابات]. ومن بين أبرز هؤلاء المحافظين نذكر رئيس السلطة القضائية الايرانية آية الله رئيسي الذي يُعتبر حالياً على نطاق واسع المرشح المفضل لخامنئي بعد أسابيع من التأييد الضمني له وانسحاب العديد من كبار المحافظين (على سبيل المثال، رئيس "الباسيج" السابق علي رضا أفشار، وزير الدفاع السابق حسين دهقان، ووزير النفط السابق رستم قاسمي). وتظهر أربع شخصيات أخرى من المحافظين/المتشددين في اللائحة النهائية، على الأقل في الوقت الحالي وهم: رئيس «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني السابق وأمين "مجمع تشخيص مصلحة النظام" الحالي محسن رضائي، وأمين "المجلس الأعلى للأمن القومي" سعيد جليلي، وعضو "المجلس" السابق علي رضا زاكاني (الذي تم استبعاده من سباقييْن رئاسييْن سابقيْن)، ونائب رئيس "المجلس" الإيراني أمير حسين قاضي زاده هاشمي. وإذا كان التاريخ مؤشراً، فمن المرجح أن ينسحب معظمهم قبل وصولهم إلى خط النهاية ويتّحدوا وراء رئيسي باعتباره المرشح الرئيسي المحافظ. أما المرشحان غير المحافظين في اللائحة فهما رئيس "البنك المركزي" الإيراني عبد الناصر همتي المتحالف مع حزب الراحل أكبر هاشمي رفسنجاني ولكن يُنظر إليه على أنه تكنوقراط أكثر من كونه زعيم سياسي، والإصلاحي محسن مهرعليزاده، الذي شغل منصب نائب الرئيس أثناء فترة رئاسة محمد خاتمي. ولا يملك أي من هذين المرشحين قاعدة انتخابية مهمة أو حضوراً بارزاً في الساحة السياسية الإيرانية، خاصة بالمقارنة مع المرشحين الذين لم يُسمح لهم بخوض المعركة الانتخابية. إفساح المجال لرئيسي كان علي لاريجاني من أهم الأسماء وأكثرها مفاجأة من الذين استبعدهم "المجلس" نظراً إلى نسبه وشهرته في الميدان السياسي في إيران. فعائلته هي من الأسر الأكثر نفوذاً في البلاد، ولها علاقات قوية مع كل من رجال الدين في قم والنخبة السياسية في طهران. كما خدم الجمهورية الإسلامية في العديد من المناصب الرفيعة منذ الثمانينيات - كضابط في «الحرس الثوري» الإيراني، ووزير الثقافة والإرشاد الإسلامي، ورئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني، وسكرتير "المجلس الأعلى للأمن القومي"، وكبير المفاوضين النوويين، ومؤخراً، كرئيس "المجلس" لثلاث فترات. وقد تأهل للترشح للرئاسة في الماضي (حصل على حوالي 5 في المائة من الأصوات في عام 2005)، ولا يزال من أبرز رموز النظام اليوم. ومنذ تسجيل اسمه لانتخابات هذا العام، كان لاريجاني ناشطاً للغاية على تطبيقات "كلوب هاوس" و "إنستغرام" و "تويتر" ووسائل تواصل اجتماعي أخرى، حيث كان ينشر عدة مرات في اليوم ويهاجم بعض منافسيه المتشددين، من بينهم رئيسي وجليلي. واقترح البعض أن تحوّله العملي يهدف إلى اجتذاب قاعدة الرئيس حسن روحاني من الناخبين الأصغر سناً والأكثر ثقافةً، الذين لا يرغبون عموماً في أن يصبح إبراهيم رئيسي رئيساً للجمهورية. ولم يتم نشر السبب الرسمي لإقصاء لاريجاني - وفقاً لبعض التقارير، حاول "مجلس صيانة الدستور" إلقاء اللوم على ابنته بسبب دراستها المزعومة في الولايات المتحدة. ومع ذلك، فمن الأرجح أن سجله الحافل المثير للاهتمام وإمكانية أن يكون مرشح تسوية نافذاً هما ما تسبب بإقصائه. كما أزال "المجلس" عقبات أخرى من أمام رئيسي من خلال قطع الطريق أمام مرشحين بارزين مرتبطين بالإصلاح أمثال جهانغيري وتاج زاده ومحسن هاشمي رفسنجاني (نجل الرئيس السابق). وسجلت جبهة الإصلاح عدة مرشحين على أمل أن يُسمح لعدد قليل منهم على الأقل بخوض الانتخابات، ولكنهم كانوا يتوقعون بلا شك أن تتمكّن شخصية أهم من مهر علیزاده (الذي لم يكن أحد المتقدمين من قبل جبهة الإصلاح) من تخطي عتبة الترشح. ورداً على القائمة النهائية لـ "المجلس"، غرد المتحدث باسم الجبهة، عازار المنصوري، بأنهم لن يدعموا أي مرشح لأن جميع الإصلاحيين قد تم استبعادهم. أما بالنسبة لأحمدي نجاد، فلم يلبّ المعايير المطلوبة تماماً كما حصل خلال الانتخابات السابقة؛ وعلى الرغم من أن هذا القرار كان متوقعاً، إلّا أن بعض التقارير أفادت بأن النظام نشر قوات الأمن في الحي الذي يسكنه تحسباً لأي ردّ فعل عكسي على الإعلان. كذلك، تمّ رفض ترشح المسؤول في «الحرس الثوري» الإيراني سعيد محمد لخوض الانتخابات. قد يؤدي تأمين مستقبل رئيسي إلى تآكل شرعية النظام عندما استبعد "مجلس صيانة الدستور" شخصيات بارزة خلال الانتخابات السابقة، حاول بذلك إرساء توازن من خلال السماح لمرشحي تسوية أقل "خطورة" بالترشح. وتمثلت الفكرة بتقديم شخص يتوافق معه الناخبون العمليون وتقليص فرصة نسب المشاركة الضئيلة بشكل محرج. ففي عام 2013، على سبيل المثال، مُنع رفسنجاني الأكبر من الترشح باعتباره مرشحاً عملياً نافذاً، في حين نجح روحاني "باعتباره الخيار الأكثر أماناً" وفاز بالرئاسة في النهاية. وأخيراً، يمكن للعديد من الخطوات التي لا يمكن التنبؤ بها أن تقلّص رد الفعل المحلي لإعلان "المجلس". على سبيل المثال، قد يقرر خامنئي إعادة بعض المرشحين غير المؤهلين كما فعل أحياناً في الماضي، أو قد يعتمد فقط على المصلحة الشعبية في الانتخابات البلدية المتزامنة لضمان مشاركة محترمة في التصويت الرئاسي. ومع ذلك، في الوقت الحالي، يبدو النظام مستعد لإبعاد بعض مؤيديه الرئيسيين فقط للحرص على فوز رئيسي بأي ثمن. ويكمن أحد التفسيرات المحتملة لهذا النهج المحفوف بالمخاطر في الإشارات العديدة على أن رئيسي يجري إعداده تدريجياً لخلافة خامنئي كمرشد أعلى. وقد يؤدي فوزه في انتخابات الشهر المقبل إلى تعزيز إرثه التنفيذي لهذا المنصب، في حين أن خسارته السباق الرئاسي الثاني على التوالي قد ينهي هذا الاحتمال تماماً. وفي كلتا الحالتين، قد ينتهي الأمر إلى مزيد من تقويض الشرعية المحلية للنظام.
Read moreالجفاف يهدد دجلة والفرات.. لهذا يدفع العراق ثمن حرب المياه
الحصاد: صلاح حسن بابان- الجزيرة نت يخوض العراق منذ الغزو الأميركي عام 2003 حرباً مغايرة في التكتيك والمضمون يبدو من ملامحها أنها ستكون طويلة الأمد بانخفاض معدلات إيرادات نهري دجلة والفرات بحوالي 50% عن معدلاتها الطبيعية خلال الأعوام الماضية، ليتسبب انخفاض مليار لتر مكعب واحد من المياه بخروج 260 ألف دونم من الأراضي الزراعية المنتجة عن الخدمة، بحسب إحصائيات شبه رسمية. كما ويخسر في ذات الوقت آلاف المليارات المكعبة سنوياً بسبب ما يمكن تسميتها بالحرب المائية التركية الإيرانية عليه. هذا الإجراء دفع وزارة الموارد المائية العراقية لإجراء مخاطبات ولقاءات رسمية مع تركيا وإيران وسوريا بشأن كميات المياه الواصلة إليه، وعقد لقاء مع الجانب السوري وتم التواصل فنياً مع الجانب التركي للاتفاق على تقاسم الضرر الناجم عن قلة الإيرادات بسبب تغير المناخ حسب الاتفاقية الموقعة بين الدول. اقرأ أيضا العراق بلا أنهار عام 2040.. هذه قصة أزمة المياه الحياة تعود لشرايين أهوار العراق وشهد العراق مؤخرا تراجعا كبيرا في مناسيب نهري دجلة والفرات، خاصة في المحافظات الجنوبية، مما دفع بمنظمات حقوقية ونقابات إلى التحذير من آثار كبيرة على القطاع الزراعي واحتمال توقف بعض محطات مياه الشرب في تلك المحافظات، لكن وزارة الموارد المائية أكدت أن لديها خزينا مائيا مناسبا لهذا الموسم. سد دوكان بكردستان العراق (الأناضول-أرشيف) كم يستهلك العراق من المياه؟ ويستهلك سُكان العراق -البالغ عددهم نحو 40 مليون نسمة الآن- ما يُقدر بـ 71 مليار متر مكعب من المياه. وعام 2035 سيصل عدد السكان إلى أكثر من 50 مليوناً، ومن المتوقع أن تنخفض المياه السطحية إلى 51 مليار متر مكعب سنوياً بعد إكمال كل المشاريع خارج الحدود. وبشأن ايرادات المياه القادمة من إيران، هناك تفاوت وقلة في الإيرادات في سد دربندخان بمحافظة السليمانية بكردستان العراق حيث وصلت إلى معدلات متدنية جداً، وكذلك سد دوكان في المحافظة نفسها والتي وصلت نسبة الانخفاض فيه الى 70%. إلا أن ديالى هي الأكثر ضرراً كونها من المحافظات الزراعية المهمة ومصدر إروائها يعتمد على نهر ديالى سيروان بحوالي 80%، وكذلك نهر دجلة نحو 19-20%. وتسبب انخفاض معدلات الإيرادات المائية في مناطق وسط وجنوب البلاد -وتحديداً الأهوار- بارتفاع نسبة الملوحة بالإضافة إلى تباطؤ سرعة جريان هذا المجرى، مع احتمال تكرار جفاف السنوات السابقة، لاسيما وأن معدلات التبخر عالية. وشهدت الأهوار خلال السنوات الماضية ما بين عامي 2003-2018 تراجعاً كبيراً في منسوب المياه حتى أصيبت بجفاف كبير، الأمر الذي أدى إلى نفوق آلاف الحيوانات والأسماك، وهجرة السكان المحليين بعيداً بحثاً عن مصادر المياه. وتشكل الأمطار 30% من موارد العراق المائية، في حين تقدر كميات مياه الأنهار الممتدة من تركيا وإيران 70% بحسب المديرية العامة للسدود بالعراق. كبير خبراء السياسات المائية رمضان محمد يرى أن تركيا وإيران تستخدمان المياه ورقة ضغط وبأجندة سياسية بحتة (الجزيرة) زحف الصحراء وتستخدم تركيا وإيران المياه ورقة ضغط وبأجندة سياسية بحتة وبعيداً عن حقوق الجيرة وحق الإنسان في المياه، لذلك من تداعيات هذه الحرب المائية غير المعلنة أن يواجه العراق كدولة مصب في المستقبل المنظور مخاطر جمّة تكون عميقة في تأثيرها وذات مدى واسع النطاق، تأتي في مقدمتها الإدارة غير الكفؤة وما يقابله من سوء إدارة الدولة للملف المائي، كما يرى كبير خبراء الإستراتيجيات والسياسات المائية رمضان حمزة محمد. ويرى محمد أن هذا الضغط سيتسبب في تناقص إمدادات المياه الصالحة للشرب كمّاً ونوعاً، وتدهور البيئة وبؤر ملايين الدونمات من الأراضي الزراعية وخروجها من الخدمة، مما يسرع في زحف الصحراء نحو المدن وبالتالي زيادة الهجرة من الريف إلى الحضر بسبب قلة مياه الري، وبالتالي التنافس على مياه الري بين مختلف المستخدمين. ويُحذر كبير الخبراء من أن استمرار هذه الحالات دون معالجة سريعة سيجعل القادم أسوأ ويسبب الكوارث الإنسانية التي لا تحمد عقباها. وعن انعكاسات ارتفاع درجات الحرارة على شحّ المياه وقلة تساقط الأمطار، والكمية التي يحتاجها العراق من المياه، يتوقع الخبير الإستراتيجي أن يشهد العراق والمنطقة ارتفاعا كبيراً في درجات الحرارة وباستمرار موسم الصيف لنهاية موسم الخريف، لتزيد هذه الضغوط المناخية من احتمال مستقبل أكثر سخونة وجفافًا في البلاد، وستزيد حالات التبخر من المسطحات المائية العراقية سواء الطبيعية كالثرثار وبحيرة الحبانية أو خزانات السدود مما يقلل من الخزين الإستراتيجي الذي يعتمد عليه العراق في تغطية نقص التصاريف الواردة من تركيا وإيران. مناطق وسط وجنوب العراق الأكثر تضررا من نقص منسوب المياه (رويترز) وسيزداد أيضاً التبخر من الغطاء الأخضر مما يزيد من حاجته الى مياه الري، وستترك تغيرات المناخ عدداً من الرابحين والخاسرين فيما يتعلق بإمدادات المياه. ويقرّ كبير خبراء السياسات المائية بأنّ العراق هو الطرف الخاسر في المعادلة المائية إذا استمر الجفاف لأكثر من موسم، باستمرار تحكم دول الجوار المائي بالمياه، والتقاسم غير العادل لها، مؤكداً حاجة العراق إلى أكثر من 50 مليار متر مكعب من المياه كحد أدنى لتلبية متطلباته المائية. وقد أدى معدل الانخفاض الحالي إلى مخاوف في العراق من نقص كمية مياه نهر دجلة إلى نصف الكمية، بعد أن بدأت تركيا تشغيل سد إليسو الذي انتهت من بنائه في يناير/كانون الثاني 2018، مما عجّل من انخفاض منسوب المياه، ووضع العراق أمام مشكلة حقيقية، خصوصاً بعد أن حولت إيران أيضاً مجرى الأنهار التي كانت تساهم بتزويد العراق بالمياه. ويصف محمد في تعليق منه -على بناء السدود والمشاريع الإروائية العملاقة من قبل تركيا وإيران، دون التشاور مع العراق والالتزام بالأعراف والقوانين الدولية- بأنه يتسم بموقف "من يملك ومن لا يملك" وهذا يثير الجدل اليوم حول مجموعة السدود التي تبنيها الدولتان. ولم يتم التوصل حتى الآن مع العراق باتفاق في حسم نتائج بناء السدود في مجالات تتراوح بين تحقيق توافق حول التنمية المستدامة لكل من دولتي المنبع، وكونها مبررة بشكل عام بفوائدها الاقتصادية والسياسية، وبين معارضة العراق لإنشاء هذه السدود بتحكمها الشبه الكامل بتصاريف المياه إليه، ولأضرارها البيئية ومخاطرها في زيادة النشاط الزلزالي بالمنطقة سواء من حركة الصفائح التكتونية وتنشيط الفوالق والصدوع بالمنطقة القريبة من مواقع هذه السدود أو من الهزات الأرضية المستحثة Induced Seismicity)) التي تسببها الخزانات الكبيرة لهذه السدود. ويختم الخبير الإستراتيجي العراقي تصريحاته بأن مخاطر الزلازل تهدد استقرار السدود نفسها، وسيكون لها آثارها السلبية على تركيا وإيران ومن ثم دول الوسط والمصب. الباحث إيفان شاكر يشير إلى أن العراق يتكبد خسائر تقدر بمليارات الدولارات سنوياً جراء حرب المياه (الجزيرة) خسائر اقتصادية وتسبب هذه الحرب المائية خسائر اقتصادية جمّة للعراق، يقدّرها الخبير والباحث الاقتصادي إيفان شاكر بمليارات الدولارات سنوياً، وتحديداً على القطاع الزراعي، بالإضافة إلى زيادة في نسبة البطالة وتأثيرها السلبي على الأمن الغذائي. وتأتي الثروة الحيوانية ثانياً بعد الزراعية، وبالدرجة الأساس تربية الأسماك، بتضررها بسبب التصحر الحاصل تحديداً خلال هذه السنة، لاسيما مناطق وسط وجنوب البلاد التي تكونُ أشد تأثيرا من المناطق الشمالية لأن الزراعة تعتمد بشكل شبه كلي على مياه الأنهار، حسب شاكر. ويُشكل منسوب المياه في مناطق الوسط والجنوب نسبةً أقل من المناطق الشمالية، مما يُسبب تصحراً لمساحاتٍ واسعة من الأراضي الزراعية، فضلاً عن عجز في كمية المياه الصالحة للشرب التي يستهلكها المواطنون في تلك المناطق. وفي حديثه للجزيرة نت، يحذر شاكر من مخاطر استمرار تقليل حصة المياه من قبل إيران وتركيا، ويُشير إلى شلل الجانب الزراعي بشكل شبه كامل كما أنه يحدّه من التطوير، يأتي ذلك كله في وقت يواجه العراق خطرا غير مسبوق هذه السنة بسبب الجفاف والتصحر الحادث بمساحات واسعة في عموم البلاد بسبب قلة منسوب مياه الأنهر الواردة من إيران وتركيا بنسبة 50% وفقدانه لكل مليار متر مكعب من حصته من المياه مما سيسبب تصحراً لـ 260 ألف دونم من الأراضي الزراعية، مما يهدد بالتصحر بحلول عام 2040 لعدم إطلاق حصة مياه كافية من قبل الدولتين الجارتين. الكاتب هادي مرعي: الحكومات المتعاقبة لم تضع إستراتيجية واضحة لحماية الأمن القومي المائي (الجزيرة) ضعف الحكومات من جانبه يُحمّل الكاتب والمحلل السياسي العراقي هادي جلو مرعي الحكومات المتعاقبة عدم وجود إستراتيجية واضحة لحماية الأمن القومي المائي، ويتهمها بأنها انشغلت بمشاكل لا حصر لها سواء كانت خلافات سياسية أو مشاكل اقتصادية أو نزاعات خارجية وداخلية على مدى عقود، مما أدى إلى غياب السياسات الواعية والالتزام بطريقة عمل منظمة في مواجهة التحديات التي يفرضها واقع البلاد الجغرافي للعراق وعلاقاته مع دول يفتقد فيها لعنصر التكافؤ. وفي رده على سؤالٍ للجزيرة نت حول ما إذا كان ضعف حكومات ما بعد 2003 زاد من تعمق المشاكل المائية، يؤكد مرعي أن هذا لعب سبباً رئيساً في ذلك، مشددا على ضرورة عدم تحميل كامل المسؤولية لتركيا أو إيران فهما دولتان لهما سياسات خاصة ومطامح وطرق إدارة للمياه وتعانيان من جفاف في بعض المناطق، ولابد من وجود فاعل عراقي قوي يضع معاهدات حقيقية تحمي مصالحه شرط ألا تكون مجرد اجتهادات وتفتقد إلى الحكمة والوضوح.
Read more"قسد" تردُ على دمشق.. لسنا معنيين بانتخابات الرئاسية
الحصاد: شيرزاد اليزيدي - القامشلي - سكاي نيوز أثير الجدل بشكل كبير، مؤخرا، حول موقف الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا، من الانتخابات الرئاسية السورية، وما إذا كانت ستُجرى في مناطق نفوذ الكرد أم لا، لكن الأمر بات محسوما. وحسم وزير الخارجية والمغتربين السوري فيصل المقداد، الجدل والتكهنات حول ذلك، خلال مؤتمر صحفي عقده على هامش تسليمه، نتائج الانتخابات الرئاسية في الخارج، للجنة القضائية العليا للانتخابات في سوريا. وأبدى المقداد امتعاضه من قيام قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بمنع إجراء الانتخابات المقررة في 26 مايو الجاي، في مناطق شمال شرق سوريا، قائلا "تسمي نفسها قوات سوريا الديمقراطية، وتمنع السوريين من ممارسة حقهم الديمقراطي، بانتخاب رئيس الجمهورية". وعقب هذا التصريح، بادر مجلس سوريا الديمقراطية (مسد)، وهو بمثابة الجناح السياسي لقوات "قسد" إلى إصدار بيان، مؤكدا أنه أعلن "مرارا أنه غير معني بأية انتخابات، لا تحقق أهداف السوريين في حياتهم وحقوقهم وحضورهم السياسي، ولن يكون طرفًا ميسرا لأي إجراء انتخابي يخالف روح القرار الأممي 2254". وأضاف المجلس "أننا وعلى الرغم من السعي إلى التفاوض مع السلطة في دمشق، من أجل تحقيق تقدم يبنى عليه مسار سياسي، إلا أن ذلك لم يتحقق، إذ كانت تعرقل أي توافقات، وتعرقل استمرار اللقاءات، وغايتها فرض رؤيتها دون اعتبار للحقوق الإنسانية". وأورد البيان أنه "ومن هذا التقدير للموقف، اعتبرنا أن متشددي النظام والمعارضة مسؤولون عن كافة الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري، وعن عرقلة التفاوض من أجل حل سياسي تفاوضي، وفق قرار مجلس الأمن ذي الرقم 2254، والقاضي بتشكيل هيئة حكم انتقالي وبيئة آمنة، ودستور جديد للبلاد تقوم على أساسه أية انتخابات بشفافية وإشراف دولي، وضمانات لنتائج تحقق استمرار العمل، للخروج من الأزمة المريرة التي عانى منها الجميع". ويخلص بيان "مسد" للقول "إننا في مجلس سوريا الديمقراطية، نؤكد أننا لن نكون جزءا من عملية الانتخاب الرئاسية ولن نشارك فيها، وموقفنا ثابت، أنه لا انتخابات قبل الحل السياسي، وفق القرارات الدولية، والإفراج عن المعتقلين، وعودة المهجرين، ووضع أسس جديدة لبناء سياسي خال من الاستبداد، ومن سيطرة قوى سياسية واحدة، وفي جو ديمقراطي تعددي، يعترف بحقوق المكونات السورية، على قدم المساواة، دون تمييز أو إقصاء". وطيلة المناسبات الانتخابية في سوريا التي تمت خلال السنوات الماضية، من عمر الأزمة السورية، سواء الرئاسية منها أو البرلمانية، اقتصرت المشاركة في مختلف المحطات الانتخابية في المناطق الكردية، والشمالية الشرقية من البلاد، على أماكن نفوذ الحكومة السورية في الحسكة والقامشلي، المدينتين الأكبر في شمال شرق سوريا، واللتان تسيطر عليهما قوات سوريا الديمقراطية، وقوى الأمن الداخلي (الأسايش) التابعتين للإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا. ويبدو أن الأمر لن يختلف هذه المرة أيضا، خاصة على ضوء تصريحات وزير الخارجية السوري، وبيان مسد الذي أعقبها.
Read moreمن يخلف الكاظمي في الحكومة؟.. ترشيحات تشغل الشارع العراقي
الحصاد: سكاي نيوز مبكراً بدأ إعلان أسماء مرشحي الأحزاب السياسية في العراق، إلى رئاسة الحكومة المقبلة، فيما يقول خبراء في الشأن السياسي إن رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي قد يكون مرشح تسوية مع بروز تحالفات معتدلة قد تكون لها كلمة الفصل. ومن المقرر أن يُجري العراق انتخابات نيابية مبكرة في 10 أكتوبر المقبل، وذلك استجابة لمطالب الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت عام 2019. وأعلنت أحزاب سياسية أسماء مرشحيها إلى رئاسة الحكومة، على رغم البعد النسبي لموعد الانتخابات، فيما تحتفظ أخرى، بأسماء مرشحيها على أمل طرحهم في الوقت المناسب، وخلال المفاوضات الرسمية. ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، أعلن ترشيح الأخير لمنصب رئاسة الحكومة المقبلة، في حال حصوله على المنصب. وقال النائب عن الائتلاف كاطع الركابي، في تصريح صحفي إن "رئيس الائتلاف نوري المالكي هو مرشحنا لرئاسة الحكومة في حال الحصول عليها، فنحن نريد تقديم الخدمة للمواطن بغض النظر عن حصولنا على منصب رئاسة الوزراء من عدمه". بدوره، يرى المحلل السياسي علي البيدر، إن "الحديث عن رئاسة الوزراء مرهون بالظروف السياسية في مرحلة ما بعد الانتخابات ونتائجها، لكن طرح الأسماء والعناوين من قبل بعض الكتل، يهدف إلى إيهام الجمهور والأحزاب الأخرى بقوتهم وقدرتهم على المنافسة وتشكيل الحكومة والحصول على الكتلة الأكبر، وهو ما يساهم في تحشيد جماهيرهم وتعزيز خزّانهم الانتخابي". وأضاف البيدر لـ"سكاي نيوز عربية" أن "حظوظ رئيس الحكومة الحالية مصطفى الكاظمي، قد لا تكون قوية بذاتها، لكن من الممكن طرحه كمرشح تسوية، كما تم اختياره أول مرة عام 2020، على رغم وجود تحديات أمام هذا المسار، وأبرزها علاقته غير المتصالحة مع المجموعات المسلحة والميليشيات، غير أن مقبوليته من الكتل السنية والكردية، وبعض الأقليات الأخرى، فضلاً عن التيارات المدنية والنخب المثقفة التي تؤكد على ضرورة وصول شخصيات مدنية تعزز الحياة العامة وتبتعد بالبلاد عن الرؤى المذهبية". أحزاب منفردة وتخوض أغلب الكتل الشيعية الاقتراع المبكر بشكل منفرد، حيث صادقت مفوضية الانتخابات على تحالف الفتح برئاسة هادي العامري، وائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي والكتلة الصدرية التابعة لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر. فيما يمثل تحالفا "تقدم" برئاسة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، و"عزم" برئاسة رجل الأعمال خميس الخنجر، أبرز التحالفات في المناطق السنية. ويرغب التيار الصدري، بالحصول على رئاسة الحكومة للولاية المقبلة، حيث وضع شروطاً "صارمة" للأفراد الراغبين بالترشح في صفوفه، فيما تداولت تقارير صحفية، أسماء على أنها لمرشحين محتملين للتيار لرئاسة الحكومة المقبلة. ورهن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، مشاركة تياره في الانتخابات بمؤشرات إمكانية وصول رئيس وزراء "صدري" إلى سدة الحكم. وقال الصدر في تغريدة على حسابه في تويتر: "إن بقيت وبقيت الحياة سأتابع الأحداث عن كثب وبدقة، فإن وجدت أن الانتخابات ستسفر عن أغلبية (صدرية) في مجلس النواب وأنهم سيحصلون على رئاسة الوزراء، وبالتالي سأتمكن بمعونتهم وكما تعاهدنا سوية من إكمال مشروع الإصلاح من الداخل، سأقرر خوضكم للانتخابات". ومؤخراً، أعلن مصدر مقرب من رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي عدم خوض الأخير الانتخابات البرلمانية المبكرة، المزمع إجراؤها في العاشر من أكتوبر المقبل. وأكد المصدر لوسائل إعلام محلية، أن "رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، لن يشارك في الانتخابات المقبلة، كما لن يشارك أي من أعضاء فريقه والمقربين منه تحت أي مسمى أو عنوان أو حزب، ولن يدعموا أي حزب أو طرف أو جهة سياسية على حساب الأحزاب الأخرى". لعبة الأرقام "غير صالحة" وعلى رغم انسحاب الكاظمي إلا أن الأروقة السياسية العراقية، تتداول اسمه كمرشح محتمل، لولاية ثانية، في ظل بقاء الظروف التي أنتجت حكومته الحالية، وهي تداعيات الاحتجاجات الشعبية، والتراجع النسبي في دور إيران داخل العراق، وفرض التظاهرات نفسها كعامل آخر، في مسألة تشكيل الحكومة، واختيار رئيسها، والشروط المطلوب توفرها. وفي ظل التشظي الحاصل بين الأحزاب والقوى السياسية، وخوضها الانتخابات بشكل منفرد، يقول مراقبون عراقيون، إن ذلك سيصعب مهمة تشكيل الحكومة، وتقديم مرشح من تلك الأحزاب، خاصة في حال مجيء نتائج الانتخابات متقاربة، وهو ما يدفع باتجاه اختيار مرشح تسوية. بدوره، قال الخبير في الشأن العراقي سرمد الطائي إن "منصب رئيس الوزراء كان يتم سابقاً عن طريق لعبة الأرقام، لكن الاحتجاجات الشعبية، أطاحت بتلك المعادلة عندما سقطت حكومة عادل عبد المهدي، حيث رفض رئيس الجمهورية آنذاك ثلاثة مرشحين رسميين وأربعة آخرين غير رسميين، جاؤوا وفق طريقة الأرقام، عبر الكتل التي تمتلك مقاعد أكبر في البرلمان، لكن التظاهرات، وقواعد تشرين أسقطت تلك الطريقة، واعتبرتها غير صالحة". وأضاف الطائي، في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" أن "الانتخابات الجديد ستفرز أرقاماً جديدة وفق شكلين؛ الأول سيرضي الشعب، في حال إجرائها وفق سياقات مقبولة، وأوضاع مناسبة، والثاني في حال أجريت وفق شروط القوى المسلحة، التي أخذت حصصاً لا نعرف كيف خلال الانتخابات السابقة، وحينها ستكون لغة الارقام لو جاءت وفق الخيار الثاني، غير مقبولة، ومرفوضة، ولن تنتج أية حكومة، بل ستأتي الحكومة المقبلة، وفق القواعد التي أرادها الشعب، وعبّر عنها خلال التظاهرات".
Read more“مقبرة المنبوذات” في كردستان: الظلم يلاحق النساء حتى التراب!
الحصاد DRAW: DARAJ - صلاح حسن بابان مقبرة لا يحد اتساعها تعطيل إقليم كردستان قانون تخفيف عقوبة جرائم غسل العار ولا الاعتراضات من كونها جرائم قتل موصوفة يتم تبريرها بموروث ثقافي واجتماعي يضع المرأة في مرتبة دنيا ويحملها مسؤولية "شرف" العائلات المفترض. قبيل الفجر، تتسلل بيان مخترقة العتمة ومتخطيةً عشرات شواهد القبور التي لا تحمل أسماء أو تواريخ وفاة، قاصدة قبر ابنتها في الجزء المخصص لـ”المنبوذات” في مقبرة “تلّة سيوان 1” في مدينة السليمانية شمال شرقي العراق، حيث دفنت من دون مراسم أو أدعية وكلمات وداعية أخيرة. تفعل هذا مرتين في السنة في عيدي الفطر والأضحى، ففيما تعلنُ جوامعُ المدينة والبلدات المحيطة بها حلول العيد ليستيقظ الناس للاحتفال، تكون بيان قد سكبت الكثير من الدموع وأفرغت شيئاً من حزنها على شلير التي قتلها شقيقها الوحيد وهي في السابعة عشرة، “غسلاً للعار”. حصل ذلك قبل نحو خمس سنواتٍ يوم اكتشف الشقيق علاقة حب تربطها بأحد أبناء الجيران في قرية ضمن حدود جمجمال، أكبر الأقضية التابعة لمحافظة السليمانية في إقليم كردستان. إزاء موقف والده المتواطئ واكتفائه بمراقبة ما يحصل، حاولت بيان وبكل ما تحمله من مشاعر أمومة ثنيهُ، غير أنهُ أرخى في النهاية إصبعه على زناد المسدس وأطلق أربع رصاصات تجاه شلير التي سقطت على الأرض جثة هامدة. اضطرت الأم المكلومة وزوجها الى مغادرة القرية المحكومة بالأعراف والتقاليد العشائرية المتشددة ليستقرا في مركز السليمانية، هرباً من الأقاويل و”وصمة العار”. زيارات سرية تقع مقبرة “المنبوذات” التي تضم نحو ألف قبر في مساحة منعزلة في الجزء الخلفي لمقبرة “تلّة سيوان 1″، ولا يستطيع الزائر غير الخبير معرفة ماهيتها، فلا كتابة تعريفية على الشواهد أو آيات قرآنية أو أدعية دينية كما هي الحال مع المقابر الأخرى المتعارف عليها. لم يُكتب شيء على تلك الشواهد الحجرية سوى كلمتين باللغة الكردية “ئارامكاى ژیان” والتي تعني بالعربية “مستقرّ الحياة”. مقبرة لا يحد اتساعها تعطيل إقليم كردستان قانون تخفيف عقوبة جرائم غسل العار ولا الاعتراضات من كونها جرائم قتل موصوفة يتم تبريرها بموروث ثقافي واجتماعي يضع المرأة في مرتبة دنيا ويحملها مسؤولية “شرف” العائلات المفترض. حتى عمليات دفن جثث النساء في المكان، تتم بعجالة شديدة وبنحو سري في الغالب بحضور ممثل عن العائلة أو يقتصر الأمر على عمال البلدية الذين يحفرون القبر ويهيلون التراب على الجثة كجزء من متطلبات وظيفتهم لا غير. وفق إحصائية رسمية شهد الإقليم مقتل 490 امرأة بين عامي 2010 و2020، لكن تلك الأرقام قد لا تعكس الواقع بدقة، فهناك دائما حالات لا تسجل، بحسب نشطاء. تعديل القانون لم يفض إلى حل يقول حراس في المقبرة، إن الجزء الخاص بالمنبوذات في المقبرة أنشأ عام 2005، ومنذ ذلك الوقت صار عرفاً أن تدفن فيه نساءٌ مقتولات أو منتحرات أو مجهولات الهوية يتم العثور على جثثهن ضمن حدود المحافظة، من دون أن يكون هناك ما يدلُ على هوياتهن أو حتى بلاغات بفقدانهن. وتتباين الأعداد السنوية لجرائم القتل التي تقترف في السليمانية ضد نساء بأيدي أقرباء لهن (الأب، الأخ، الزوج) إذ وصلت عام 2008 إلى 72 حالة وانخفضت في 2020 لتبلغ أربع حالات فقط، بينها مقتل الشقيقتين (ئاواره 19 سنة وهيلين 17 سنة) على يد والدهما في الثالث من أيلول/سبتمبر 2020 وقيامه بدفنهما معاً في حفرة لا يتجاوز عمقها نصف متر بالقرب من مقبرة قديمة متروكة في قرية برايم آغا جنوب المدينة، قبل أن يكتشف الأمر. تلك الحادثة وقعت أيضاً في قضاء جمجمال في السليمانية، وكما في الكثير من الجرائم المماثلة هرب الجاني مع اكتشاف خيوط الجريمة وقبل أن تعتقله السلطات. ويشكل تمكن الكثير من الجناة من الهروب بعد اقتراف جرائمهم تحدياً أمام تطبيق القانون، فهم يلجأون سريعاً إلى محافظة أخرى أو منطقة نائية تخضع لنفوذ العشائر أو أحزاب أخرى أو يحاولون الوصول إلى أوروبا. إقرأوا أيضاً: “وادي السلام”: أطفال “مدفونون” أحياء لا يُرزقون في المقابر! “الخسفة” مقابر العراق الجماعية الغامضة… عائلات ضحايا “داعش” تنتظر فتحها وتصل عقوبة القتل العمد في العراق إلى الإعدام وفقاً للمادة 406 من قانون العقوبات النافذ رقم 111 لعام 1969، وهذه العقوبة يمكن أن تستهدف الزوجة في حال قتلت زوجها بداعي ما يعرف بـ”غسل العار”. بينما تنص المادة 409 من القانون ذاته والمعمول بها في المحاكم العراقية خارج إقليم كردستان، على معاقبة الرجل الذي يفاجئ زوجته أو إحدى محارمه في حالة تلبس بالزنى أو وجودها في فراش واحد مع شريكها فقتلهما في الحال أو قتل أحدهما أو اعتدى عليهما أو على أحدهما، اعتداءً أفضى إلى الموت أو إلى عاهة دائمة، بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات. في إقليم كردستان تؤكد رئيسة البرلمان ريواز فائق عدم وجود قانون مخفف لعقوبة جرائم “غسل العار”، كما هو الحال في بقية مناطق العراق، مشيرة إلى أن المادة 409 من قانون العقوبات العراقي المعمول بها في بقية أنحاء العراق غير فاعلة في الإقليم ولم يعد هناك تخفيف لجريمة القتل بحجة غسل العار. لكنها تستدرك بشيء من خيبة الأمل، “تعديل القانون وعلى رغم من أنه يمثل إنجازاً، لكنه لم يحل المشكلة على أرض الواقع، فما زال التعامل يجري مع قضايا غسل العار بعيداً من القانون بنحو عشائري أو من خلال منع الشكوى وإخفاء الأدلة واغلاق الملفات بشكل أو آخر”. حكايات المقابر يضم جزء المنبوذات من مقبرة “تلّة سيوان 1” نحو ألف قبرٍ لنساء تنحصر أعمار غالبيتهن بين 15- 45 سنة، قتلن “غسلاً للعار” مع نسبة قليلة من المنتحرات اللواتي تبرأ ذووهن منهن بسبب ما أقدمن عليه. لكن ليست كلها قبور مقتولات أو منتحرات، فبينها أيضاً مقابر مسنّات، منسيات لم يسأل عنهن لا أهل ولا حتى دار رعاية. يرقدن هنا مع المنبوذات. وإلى جانب قبور هؤلاء هناك أخرى صغيرة، تضم رفات طفلات حديثات الولادة عثر على جثثهن ملقاة في أماكن نائية كالوديان أو في مجاري الصرف الصحي. وبخلاف الجثث الأخرى التي يعثر عليها وتبقى في الطب العدلي لشهرين بموجب القانون، تدفن جثث ما يسمّين بـ”اللقيطات” مباشرة. من خلال تتبعنا مسار الجثث التي يعثر عليها وجدنا أنها تسلم بعد الحفظ شهرين في برادات مستشفى الطبّ العدلي الى معتمدٍ من بلدية السليمانية ليتم دفنها في مقبرة المنبوذات إذا لم يظهر أحد من ذوي صاحبة الجثة للمطالبة بها. وهو إجراء اتخذ خلال السنوات الأخيرة كما أفاد موظفون في الطب العدلي، فقد كانت الجثة تمكث في العادة يوماً واحداً فقط قبل أن يصار إلى دفنها. والآلية المتبعة حالياً في التعامل مع جثث القتيلات والمنتحرات المنبوذات أو وفيات النسوة اللواتي لا أهل لهن بعد مرور الشهرين، تعتمد على قيام معتمد البلدية باستلامها بموجب كتابين رسميين أحدهما صادر من الطبّ العدلي والآخر من المحكمة. وبعد استلام الجثة يعهد موظف البلدية بغسلها لمتخصصات، بعد أن تصرف البلدية أجور دفن تعادل 136 دولاراً، تتوزع على الغسل وحفر القبر والكفن وشاهد القبر. ويقول موظف في البلدية، إن الإجراءات تتم وفقاً للشريعة الإسلامية إذ يتم “التلقين”(تلقين الشهادتين) من قبل رجل دين وبإشراف من دائرة البلديات الموكلة من قبل حكومة الإقليم رسمياً، ويوضح ان “إجراءات الدفن ليست سرية كما يعتقد البعض، كل ما في الأمر أنه لا يتواجد أحدٌ من أقرباء صاحبة الجثة أثناء دفنها”. وتحتفظ السلطات الأمنية برموز خاصة، فيها أرقام تعريفية للاستدلال على هوية صاحبات القبور إضافةً إلى معلومات تتعلق بالجثث، ككيفية حدوث الوفاة ومكان وتاريخ العثور عليها وملامح الوجوه أو أي علامات مميزة في الجسد من وشم أو ما شابه ذلك. تراجع القتل مع “كورونا”؟ الموظف البلدي، ذكر أنه تولى إجراءات دفن أربع جثث فقط خلال عام 2020، ثلاثة لنساء مقتولات، مجهولات الهوية والرابعة لامرأة مسنة من دار المسنين. ويجد الموظف أن العدد قليل جداً قياساً بسنوات سابقة، إذ تسجل ذاكرته لما بين 2008 – 2010 ست حالات شهرياً ثم أخذ العدد يتراجع تدريجاً: يسأل بشيء من الحيرة: “هل يعقل أن تكون جائحة كورونا سبباً في ذلك؟”. ويبدو أن عام 2020 شهد تراجعاً في معدلات جرائم قتل النساء إلى 7 حالات قتل، و18 حالة انتحار، و22 حالة حريق. مع تسجيل 6217 دعوى قضائية، 51 منها تتعلق بالاعتداء الجنسي. في حين كانت الحصيلة خلال الأشهر التسع الأولى من عام 2019، 29 حالة قتل و47 حالة انتحار، و81 حالة حرق، و 8911 دعوى قضائية، منها 92 تتعلق بالاعتداء الجنسي، والضحايا جميعهن من النساء. لكن هذا التراجع بدا أنه “حالة موقتة”، فالحوادث ازدادت في الأشهر الأخيرة، وخلال الأسابيع الثلاثة الاولى من شهر نيسان/ أبريل 2021 سجلت تسع حالات قتل وأربع حالات انتحار. في منتصف نيسان، قتلت زهراء (21 سنة) على يد طليقها، داخل منزل أبيها وأمام أنظار عائلتها في حي باداوا بأربيل. القتيلة هي أم لثلاثة أطفال وكانت قد تزوجت في الثانية عشرة وواجهت طوال سنوات زواجها مختلف أشكال العنف قبل أن تنفصل عن زوجها عشائرياً وبحضور رجل دين “استحلف” الزوج ألا يقتل زوجته. لكن عائلة الزوج كانت تعتبر أن خروج المرأة من منزلها والطلاق أمر “لا يُغتفر”. في الأسبوع ذاته، قتل أب ابنته (23 سنة) التي كانت تشاجرت مع زوجها وتركت منزلها ولجأت إلى منزل أبيها في منطقة طقطق. قام الأب بخنق ابنته ورماها في أحد الأنهر. بعد سلسلة الحوادث تلك شكل أعضاء ببرلمان اقليم كردستان لجنة لجمع البيانات ومتابعة زيادة حالات العنف مع الجهات التنفيذية والسلطة القضائية لإيجاد آلية مشتركة “لصياغة استراتيجية لمواجهة ظواهر العنف الاسري” وتحديد مواضع الخلل بما فيه تشخيص الثغرات القانونية والعمل على تعديل القوانين الحالية. في حين يذكر وزير داخلية الإقليم ريبر أحمد، أن حالات القتل والانتحار بين الأزواج باتت ظاهرة، متهماً وسائل إعلام بأداء دور سيئ عبر “بعث رسائل ملتوية من خلال تغطيتها تلك الحوادث”، داعياً إياها إلى عدم إجراء المقابلات مع المتهمين “لمخالفة ذلك القوانين”. إقرأوا أيضاً: سوريا: سوق للجثث وسمسرة “مُربحة” على الرفات “لا مكان لدفننا”: في لبنان الوفيات ترتفع والمقابر تضيق والتكاليف تتضاعف كيف يتم التعامل مع الجثث؟ تفرض حالات العثور على جثث لنساء مقتولات أو منتحرات لا تعرف هوياتهن، اتخاذ إجراءات محددة. يقول المتحدث باسم شرطة السليمانية النقيب سركوت أحمد، إن أول ما يقومون به فور تبلغهم بوجود جثة ملقاة في مكان ما هو إجراء المسح الفوري وأخذ عيّنات منها لإجراء فحوص مختبرية، ومن ثمّ كتابة تقرير مفصل عنها وتصويرها بالفيديو بالكامل لتوثيق معالمها ولا سيما الوشوم والعلامات البارزة ويتم الاحتفاظ بالفيديو والصور تحسباً لظهور ذويها لاحقاً. بعد الانتهاء من الإجراءات الروتينية ترفع الشرطة الملف الخاصّ بالجثة إلى المحكمة للنظر فيه وتسلّم بعدها إلى دائرة الطبّ العدلي وتبقى هناك لمدة شهرين كاملين على أملٍ أن يظهر أحد من ذويها أو حدوث أي تطور في ملف القضية إذا كان جنائياً. وفي حال عدم حصول أي من هذين الأمرين تقوم البلدية بدفن الجثة. ووفقاً لـخبرة زردشت رشيد مدير إعلام رئاسة بلديات السليمانية فإن كثراً من ذوي المدفونات يظهرون لاحقاً وبعضهم قام بالفعل بإخراج جثث لنقلها ودفنها مجدداً في مقابر أخرى. النقيب سركوت يؤكد بأن هناك جثث تتشوه كليّاً أو جزئياً لأسباب عدة كالحرارة التي تؤدي الى تفسخها أو الحيوانات السائبة التي تأكل أجزاء منها في المناطق النائية. “غسل العار” ضريبة على النساء حصراً! تأتي العادات والتقاليد في مقدمة الأسباب التي تزيد من حالات العنف ضد النساء في إقليم كردستان، وترى بهار منذر الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة أن جرائم القتل بداعي “الشرف” أو “غسل العار” تستهدف النساء دون الرجال. وتقول: “نادراً ما يُسجل المجتمع الكردي حالات يقتل فيها رجال في ما يتعلق بـ”غسل العار” أو “الشرف”، وهذا يحدث أيضاً في عموم الشرق الأوسط ولا يتوقف الأمر عند الإقليم أو العراق فقط”. وما يشكل محل “ألم وصدمة” بالنسبة إلى منذر أن الكثير من العائلات تحكم على الفتاة أو المرأة بالموت في حال كشف ارتباطها بعلاقة عاطفية. وهي ظاهرة أخذت بالازدياد بعد عام 1991 وهو العام الذي حصل فيه الكرد على حق إدارة إقليمهم بأنفسهم بدعم من الأمم المتحدة حيث ضُعف تطبيق القانون. وتصف منذر دور حكومة الإقليم في معالجة الأمر بـ”البائس”، لعدم اتخاذها الإجراءات الصارمة بحق مرتكبي جرائم القتل ضد النساء بالشكل المطلوب. وتلقي باللائمة أيضاً على المحاكم وتُحملها جزءاً من مسؤولية تفاقم ما تصر على تسميته “ظاهرة” قتل النساء. ولا تخفي يأسها من إمكان حل المشكلة لغياب “إجراءات حقيقية وجدية تعالجها على أرض الواقع”. وتبدي أسفها لأن واقع المرأة الكردية اليوم لم يتغير عما كان عليه في الماضي، وتقول إن المرأة “ضحية دوماً وتستخدم كسلعة أو أداة لإصلاح ما يفسده الرجل”. وترى أن وجود مقبرة خاصّة لدفن النساء المقتولات أو المنتحرات ما هو إلا “دليل واضح على الهروب من المسؤولية بدلاً من السعي لتحملها وهي ناتجة عن سيطرة العقلية الذكورية على المجتمع”. الباحث الاجتماعي فريق حمه يرى أن وجود مقبرة للمنبوذات يعد انتقاصاً من حقوق المرأة ومكانتها الاجتماعية وتأكيداً لكون المجتمع الكردي يضع المرأة بالدرجة الثانية أو الثالثة. تقول الناشطة المدنية ليلى حسن، إن “تحقير النساء والنظر إليهن كعورة” لن يتوقف ما لم تتغير القيم والرؤى المجتمعية التي تنظر الى المرأة ككائن دوني خاضع للرجل: “حيث أسكن في دهوك، انتحرت فتاة في مقتبل العمر بالقاء نفسها من شقة سكنية، كان جسدها قد تشوه تماماً بعد ارتطامه بالأرض. صراخ أفراد عائلتها والجيران كان يملأ المكان، بين موجات الصراخ والبكاء كان البعض يصيح بإلحاح، إجلبوا بطانية لتغطية جثتها، فجسدها المهشم يظل عورة”. تفكر ليلى بالنظرة الاجتماعية التي ستلاحق جارتها الصغيرة المنتحرة الى الأبد “كثيرات يواجهن العنف والظلم طوال حياتهن، ويلاحقهن هذا الظلم والنبذ إلى المقابر… إلى مقبرة المنبوذات!”. *أنجز التقرير بدعم من شبكة “نيريج” للصحافة الاستقصائية.
Read moreالانتخابات واحتمالات التزوير
تقرير : الحصاد في إقليم كوردستان، لم يجدد نسبة 34% من الذين يحق لهم المشاركة في التصويت في الانتخابات البرلمانية العراقية المبكرة بطاقاتهم البايومترية، وإن مجال القيام بالتزويرات له ارضية مناسبة مثلما حدث في انتخابات 2018، لأن النظام الانتخابي نظام الكتروني كما في الانتخابات السابقة واحتمال تعرض النظام الإلكتروني لعمليات القرصنة وتغيير النتائج وارد، دخلت الاحزاب في تحالفات، وهذا الامر يقلل من اهمية عملية المراقبة والاحتجاج على النتائج، كيف ستكون التزويرات في انتخابات العاشر من من اكتوبر؟ الشكوك والتزوير يتوقع الكثير من السياسيين في العراق وفي إقليم كوردستان ان الانتخابات العراقية المقبلة ستكون أسوء إنتخابات في العراق بعد إسقاط نظام صدام. هناك توقعات بحدوث تطويرات كبيرة مع انخفاض جديد لمستوى مشاركة الناخبين في الانتخابات العراقية المبكرة المدعمة إجرائها في العاشر من شهر أكتوبر، وإذا صَحَّت هذه التوقعات فإن عملية الانتخابات في العراق ستفقد معناها بالكامل. يمكن ان يكون هذا هو السبب الذي جعل من اغلبية الاطراف في اقليم كوردستان يدخلون في اتفاقات مع قوى السلطة بخصوص الدوائر الانتخابية في الانتخابات العراقية المقبلة، وهذا ما قلل من فرص التنافس الانتخابي ومراقبة العملية من قِبَل الاحزاب الى حد مقبول. شكوك ام حقيقة؟ الذين يظنون بالانتخابات العراقية المقبلة سوءاً، يؤسسون ظنونهم على أساس التجارب الانتخابية السابقة والوضع العراقي الحالي والمستجدات المتعلقة الموجودة التي يمكن تلخيصها في النقاط الآتية : * يبلغ عدد الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات المبكرة في عموم العراق (25) مليون مقترع، بمن فيهم مقترعي اقليم كوردستان البالغ عددهم حدود (3 ملايين و500 الف) شخص، على المستوى العراقي وعلى لسان المسؤولين السياسيين يقال ان (4 ملايين) من البطاقات الانتخابية غير موجود، وحسم مصير هذه البطاقات مع التوقعات الموحية بتدني مستوى مشاركة المقترعين يؤثر على اجراء تزويرات من قِبَل الاحزاب المتنفذة لأكثر من (40) مقعداً في مجلس النواب العراقي المقبل. * آلية اجراء الانتخابات هي نفس الآلية المتبعة في انتخابات 2018، والتي هي التصويت الالكتروني وليس اليدوي، وهذه ستكون المرة الثانية التي تُتَّبع فيها هذه الآلية، التي خلقت احتجاجات كبيرة في عام 2018. * وقد حولت هذه الآلية حدوث التزويرات في العملية الانتخابية من الظنون والشكوك الى الحقيقة واليقين، بشكل تم تزوير المعلومات الانتخابية بالكامل في معظم مراكز الاقتراع من قِبَل الاحزاب المتنفذة بالاستفادة من الثغور والنواقص الموجودة في النظام الالكتروني، يقول أياد علاوي، رئيس الائتلاف الوطني العراقي، في لقاء صحفي، ان الكاظمي حينما كان رئيساً لجهاز الاستخبارات، زاره في المنزل وقال له :"اصطحبت معي شخصاً من الذين يقومون بأعمال القرصنة الالكترونية لاجتماع مجلس الامن الوطني، واستطاع هذا الشخص الدخول الى النظام في غضون (4) دقائق ويغير كل المعلومات المبرمجة داخل اجهزة الاقتراع الإلكترونية"، تفوه الكاظمي بهذا الكلام عندما كان رئيساً لجهاز الاستخبارات، والآن هو رئيس الوزراء وهو الذي يشرف على العملية الانتخابية المقبلة، لكن الاجهزة هي نفس الأجهزة الذي إستطاع الاحزاب السياسية خرقها في الانتخابات الاخيرة وتمكنوا من تبديل ما بداخلها من معلومات لصالحهم. * تستخدم اربعة اجهزة في العملية الانتخابية، وهي : - جهاز طبع الاصابع : هذا الجهاز يصور طبع اصابع الناخب للتأكد من بطاقته الانتخابية، بحسب قول المفوضية العليا للانتخابات في العراق، يستخدم اكثر من (70 الف) جهاز من هذا النوع، يستطيع هذا الجهاز تمييز طبع الاصابع بنسبة 100% ويتم شحنه بما فيه الكفايةولا يواجه اية مشاكل عند إنقطاع التيار الكهربائي ويستمر في عمله، لكن المشكلة تكمن في أن المفوضية قد اعطت حق التصويت للاشخاص الذين لم يجددوا بياناتهم في السجل البايومتري للناخبين، وهذا بهدف رفع مستوى المشاركة دون اخذ جودة العملية الانتخابية ونظافتها في الاعتبار. - جهاز ساتا : هذا الجهاز يقوم بإرسال النتائج من محطات الاقتراع الى المركز الرئيسي لتسجيل بيانات الاقتراع، وقد استُهدِف هذا الجهاز في الانتخابات السابقة من قِبَل الاحزاب السياسية المتنفذة وأُرسِل من خلاله بيانات خاطئة ومزورة الى المفوضية العليا للانتخابات، وهذه المعلومات لم تكن تعبر عن التوزيع الحقيقي للاصوات في محطات الاقتراع، بل كانت نسب تم وضعها من قِبَل تلك الاحزاب التي خرقت تلكم الأجهزة لصالحها، وهناك احتمال تكرار نفس السيناريو في الانتخابات المقبلة. - جهاز بيكوز : هذا الجهاز يقوم بفرز الاصوات على مستوى المحطة الانتخابية الواحدة وكما يقوم بِعَدِّها ويميز الاصوات الباطلة عن الأصوات الحقيقية. - جهاز سيكوز : يقوم بنفس مهام جهاز بيكوز ولكن على مستوى مركز تسجيل الناخبين. عموماً لم يكن التصويت الالكتروني ناجحاً في آخر انتخابات عراقية، وكان توقف الاجهزة عن العمل وعدم توفر الطاقة الكهربائية الضرورية وغياب الجهة المشرفة القوية لحماية الاجهزة من محاولات الخرق الالكتروني من الأسباب التي جعلت من الكثيرين ان يفقدوا ثقتهم بهذا النظام الانتخابي وأن يساورهم الشكوك حول حقيقة نتائجه. - عدم وجود مفوضية مستقلة للانتخابات وتوزيع المناصب في مفوضية الانتخابات بالمحاصصة الحزبية والطائفية بين المكونات والاطراف السياسية، وهيمنة الأحزاب السياسية على المفوضية ومكاتبها في المحافظات قللت من ثقة الناخبين بالعملية الانتخابية. - قانون الانتخابات : على الرغم من ان القانون الجديد للانتخابات قد شُرِّع من اجل إخراج العملية الانتخابية من تحت ايدي تلك الاحزاب التي سيطرت على الحياة السياسية في العراق من بعد اسقاط نظام صدام، ولكن يظهر ان القانون لن يكون له دور مؤثر في الإتيان بأشخاص خارج اطار الأحزاب التقليدية في العراق، كما لن يستطيع تحقيق تغييرات كبيرة. الانتخابات المبكرة العراقية في كوردستان اجرى الانتخابات في محافظات إقليم كوردستان الثلاث بنفس الآلية والأجهزة وبإدارة وإشراف المفوضية العليا للانتخابات في العراق، وكل الشكوك الموجودة حول العملية على مستوى العراق، لها حضورها في اقليم كوردستان ايضاً. عدد الذين يحق لهم الاقتراع في الانتخابات العراقية المبكرة في محافظات اقليم كوردستان الثلاث نحو (3 ملايين و417 الف و659) شخصاً، ومن هذا العدد قام (مليونان و237 الف و949) شخصاً بتجديد بياناتهم البايومترية اي بنسبة (65.5%)، في المقابل لم يجدد نحو (مليون و179 الف و710) شخصاً بياناتهم البايومترية اي بنسبة (34.5%). احدى طرق التزوير والتلاعب بأصوات الناخبين هي من خلال البطاقة البايومترية، بحكم ان مدراء مكاتب المفوضية في المفوضية العليا للانتخابات في محافظتَي اربيل ودهوك ينتسبون للحزب الديمقراطي الكوردستاني، وفي محافظتَي السليمانية وكركوك ينتسبون للاتحاد الوطني الكوردستاني. القوى التي تنوي القيام بالتزويرات في إقليم كوردستان يضعون البطاقة الانتخابية نصب اعينهم، وخصوصاً ان نحو (مليون و179 الف و710) شخصاً لم يجددوا بياناتهم البايومترية في سجل الناخبين، كما ان قرابة (150 الف) شخص لم يستلموا بطاقاتهم البايومترية، وان هذه النسبة من البطاقات الانتخابية تعادل تقريباً اصوات (12) مقعداً من مجموع المقاعد المخصصة لإقليم كوردستان والبالغ عددها (44) مقعداً من مقاعد المجلس الوطني(البرلمان) العراقي، وهذا الامر يمهد للقيام بالتلاعب بهذه المقاعد الـ(12). محافظة اربيل : يحق لنحو (مليون و228 الف و30) شخصاً التصويت في هذه المحافظة، ومن هذا العدد قام (741 الف و534) شخصاً بتجديد بياناتهم البايومترية للانتخابات العراقية المبكرة، اي ما يعادل نسبة (60%) من مجموع الناخبين في المحافظة. ما يعني ان في حدود محافظة اربيل هناك (486 الف و496) شخصاً لم يجددوا بياناتهم البايومترية وهذا يعادل نسبة (40%) من مجموع ناخبي تلك المحافظة. محافظة السليمانية : يحق لنحو (مليون و361 الف و971) شخصاً التصويت في هذه المحافظة، ومن هذا العدد قام (913 الف و199) شخصاً بتجديد بياناتهم البايومترية للانتخابات العراقية المبكرة، اي ما يعادل نسبة (67%) من مجموع الناخبين في المحافظة. ما يعني ان في حدود محافظة السليمانية هناك (448 الف و772) شخصاً لم يجددوا بياناتهم البايومترية وهذا يعادل نسبة (33%) من مجموع ناخبي تلك المحافظة. محافظة دهوك : يحق لنحو (827 الف و658) شخصاً التصويت في هذه المحافظة، ومن هذا العدد قام (583 الف و216) شخصاً بتجديد بياناتهم البايومترية للانتخابات العراقية المبكرة، اي ما يعادل نسبة (70%) من مجموع الناخبين في المحافظة. ما يعني ان في حدود محافظة دهوك هناك (244 الف و442) شخصاً لم يجددوا بياناتهم البايومترية وهذا يعادل نسبة (30%) من مجموع ناخبي تلك المحافظة. التزويرات في الاقليم يبلغ المجموع العام للذين يحق لهم الاقتراع في اقليم كوردستان، في الانتخابات العراقية المبكرة المزعم اجرائها في العاشر من شهر أكتوبر القادم نحو (3 ملايين و417 الف و659) شخصاً. ومن هذا العدد قام (مليونان و237 الف و949) شخصاً بتجديد بياناتهم البايومترية اي بنسبة (65.5%)، في المقابل لم يجدد نحو (مليون و179 الف و710) شخصاً بياناتهم البايومترية اي بنسبة (34.5%) من مجموع الناخبين في اقليم كوردستان. وهؤلاء هم الشريحة التي يمكن للاحزاب السياسية المتنفذة ان تتلاعب بأصواتهم وببطاقاتهم الانتخابية، وخصوصاً اذا قاموا بمقاطعة الانتخابات بأنفسهم ولم يقصدوا صناديق الاقتراع.
Read more