Draw Media

لغة الجسد : سلاحٌ فاعلٌ في حلبة المفاوضات الدبلوماسية

الحصاد draw: مركز الفرات   لا يستغن الافراد عن التواصل فيما بينهم بوسائل ومفردات لفظية وغير لفظية، ارادية وغير ارادية ، للتعبير عن الافكار والمشاعر والمواقف وتبادل الرسائل ، تشكل عند تراكبها وتكاملها الوظيفي والتوافق عليها بين الافراد ، لغةً قائمة بذاتها مستقلة بسماتها ووظائفها وغاياتها .        وإذا كانت اللغة المنطوقة ( اللفظية)  من أدق العلامات التي يتواصل بها الافراد ليعبروا بها عن مواقفهم واحتياجاتهم، فانها ليست اللغة الوحيدة ؛ بل وحتى ليست اللغة الاهم لبني البشر عامة ؛ اذ تشير الدراسات الى ان الكلام لا يشكل سوى %7 من التواصل اليومي بيننا ، وإن باقي الرسائل نرسلها لا شعوريا عبر نبرة الصوت والايماءات والاشارات التي يبعثها جسد الانسان ، عند تواصله غير اللفظي مع الاخرين ضمن اطار ما يسمى بـ(لغة الجسد) والتي تتفاعل – بدورها ، وعلى نحو تلقائي -  مع ادوات التواصل اللفظي للغة المنطوقة لتحقق الغاية التواصلية للأفراد  ؛ ولعل هذا ما يؤكد ويبرر كذلك دقة وصواب الرأي الذي تبناه الخبير الدولي (ساندرو رادو Sandro Rado ) بأن لغة الجسد تمثل قاعدة كل اللغات طالما تجذرت اصولها في الإحساس الخاص بالجسد . وفي هذا السياق يرى الأخصائي النفسي الدكتور موسى مطارنة أن لغة الجسد سميت لغة، لأن لها تعابير ومعان واشارات توفر انطباعات واضحة وصادقة عن مستخدمها من جانب وتساعد المتلقي من فهم تلك الرسائل غير اللفظية من جانب اخر؛ أي بعبارة اخرى، ان لغة الجسد شأنها شأن اي لغة أخرى، تتألف من مجموعة من العناصر والتراكيب ، كالإيماءات، ووضعية الجسد، وتعابير الوجه التي تتفاعل فيما بينها بانسجام وتناغم لتعبر عن مكنون الانسان ومشاعره ومواقفه ومقاصده  بكل بساطة وتلقائية .      ولغة الجسد من حيث التعريف إحدى صور التواصل غير اللفظي، والتي تصدر عن الجسد على شكل إيماءات وإشارات، والتي تعبر عن المشاعر والأحاسيس الداخلية لا شعورياً، حيث يتم عن طريق هذه الإشارات والإيماءات إيصال العديد من الرسائل والأفكار للأشخاص الآخرين. وهي لدى ( ألن بيز)  : الاتصال غير اللفظي الذي يعتمد على التواصل بين المرسل والمستقبل، باستخدام التلميحات والإشارات والحركات الصادرة من الجسم        على أساس ما تقدم ، يتضح أن لغة الجسد تعد قناةً مهمة تستخدم في نقل المعلومات والمواقف وتبادل الرسائل بشكل غير لفظي، ونافذةً تطل على ما يدور في الذهن من خواطر ومشاعر وتعبر عنها بإيماءات وحركات حسية تلقائية بالتناغم مع اللغة المنطوقة ؛ فما لا يقال شفهيا بشكل مدروس، يقال بشكل تلقائي غير ملفوظ . وفي كثير من الأحيان تكون هذه اللغة غير المنطوقة ،  أكثر بلاغةً وصدقاً من أبلغ العبارات والالفاظ، لكونها في الأغلب تعبيراً عفوياً أقل تصنعٍ من الكلمات المنمقة التي يلجأ إليها البعض لأهداف معينة لا تعبر بالضرورة عما يقصد ويريد، كما ان حركات الجسد والوجه تلقائية ولاتخضع  لسيطرة الانسان مهما تدرب عليها ، أي انها لغة لا يشعر بها صاحبها، إنما يستشعرها ويفسرها من هم حوله مهما حاول كبت مشاعره والتصنع في ردود افعاله ، الامر الذي ميز هذه اللغة الحسية عما سواها من لغات منطوقة وصيرها الوسيلة الاكثر اهمية في كشف الكثير من الاسرار والخواطر والمشاعر الدفينة للآخرين . وفي هذا الشأن يقول الخبراء إذا ما تعارضت الكلمات مع النبرة أو مع تعابير، فصدِق النبرة وتعبيرات الوجه لأنها لا تعرف الكذب، كما أن التلاعب بالكلمات أسهل وأهون من التلاعب بالحركات والإيماءات ونبرات الصوت .     ولأن معظم الإشارات الجسدية تعبر عن نفس المعنى في كل بقاع العالم تحولت لغة الجسد الى اللغة العالمية، الأكثر رواجاً وإستخداماً من كل نظيراتها المنطوقة ؛ إذ تنتقل بوساطتها نحو 55% من رسائلنا ومواقفنا اليومية بصيغٍ  ارادية ولا ارادية ؛ فبإمكان أي شخص أن يخمن المعنى المقصود من الحركات والإيماءات لغيره  من الناطقين بلغات اخرى في جميع أنحاء العالم، دون الحاجة الى مترجم ، فمن ذا الذي يحتاج إلى مترجم لتعبيرات الوجه والعيون.        إن لغة الجسد التي يستخدمها الناس جميعا، بكثافة وعفوية عند تواصلهم اليومي مع الاخرين ، يندر من يفهمها ويقرأها بدقة او يوظفها في تحقيق مصالحه وغاياته بصورة فاعلة ، رغم اهميتها وبساطتها ( بالتعبير دون التفسير) وبلاغتها ، لأن  إيماءات الجسد وحركاته التعبيرية ، ينبغي أن تحلل في السياق العام للحدث،  وليس في النطاق الضيق للحركة بحد ذاتها ، الامر الذي يرفع منسوب الخطأ في التفسير ، مهما بلغت خبرة وكفاءة الخبير المتابع ، من جانب . ومن جانب اخر، ثمة صعوبات اخرى تحيط عملية التعبير غير اللفظي عن المواقف والمشاعر والتحليل الحصيف لها ، تتعلق باختلاف ظروف  وطرق التعبير والخواص النفسية والسلوكية للشخص المعني فضلا عن اختلاف الثقافات؛ فعلى سبيل المثال ، إنَّ تشابك الذراعين قد يكون دليلاً على المقاومة أو العصبية، لكنه قد يكون دليلاً على الثقة والسلطة في حالات أخرى.      إن ما تتميز به هذه اللغة من خصائص وعناصر نوعية فذة ، وما توفره من مزايا لمن يجيد قراءة مفرداتها وعناصرها وتوظيفها ، قد جعلها ميداناً معرفياً مغريأ، ومهنةً تختص بقواعدها واعرافها المستقلة، ومقصداً وسلاحاً فاعلاً ، إجتذب إهتمام العديد من الخبراء والمختصين وطلاب السطوة والتأثير واصحاب السلطة والمصلحة ، لتوظيف مفرداتها في جولاتهم التفاوضية  مع الغير، لإنجاز جملة من المهام والاهداف يمكن إيجازها بالاتي :-  اولا - التحليل :  1- تحليل الشخصية وتكوين الانطباع : إن لغة الجسد تمنح المفاوض فرصةً مهمة لتحليل الخصائص النفسية والسلوكية للطرف الاخر، وإستيعاب غير مغلوطٍ لمشاعره، وأفكاره، سبيلاً لتكوين الانطباع الاولي والنهائي عنه ، والتعرف على مفاتيح القوة والضعف في شخصيته بغية الافادة منها اثناء العملية التفاوضية، وذلك بناء على الطريقة التي يتبعها في توصيل فكرته أو رغبته ومدى اتسامه بالحماس والإيجابية ؛ اذ يصعُب على اي انسان مهما  بلغ من الذكاء والمهارة او حاول التصنع أو التمثيل ، ان يخفي مكنون شخصيته ويسيطر على اندفاعاته وانفعالاته ،لان ما  يفكر او يُحسّ به الفرد سينعكس بالضرورة على تصرفاته وسلوكياته ويؤثر فيها بصورة تلقائية ولا ارادية . فمثلا تبرز مشاعر الفرح والسرور باتساع بؤبؤ العين وتسارع نبرة الصوت ، وعلى النقيض من هذه العلامات الجسدية تبدو مشاعر الحزن، واما مشاعر الغضب فتتشكل بعيونٍ واسعة وحواجب مقطبة وفمٍ مفتوحٍ وذراعين مضمومتين بشكل مُحكم. وعند الشعور بالخجل تتحرك العيون في اتجاهات عشوائية؛ لاخفاء حالة الاضطراب والارتباك . 2- تحليل لغة الخطاب واستكشاف مساحة الصدق والكذب فيه، واستظهار حقيقة نوايا الطرف الاخر ومقاصده ، وجدية التزامه، بالاعتماد على تحليل انماط سلوكه غير اللفظي ؛ فعند التحدث بصدق - على سبيل المثال-  يتجه البصر إلى اليمين، عند الكذب يتجه البصر إلى اليسار مع فرك الكفين بتوتر بصورة لا إرادية وتحاشي النظر الى الطرف الاول لأن ذلك سيزيده إرتباكاً.  ثانيا - التدعيم والتوضيح:       يعزز الاتصال غير اللفظي بلغة الجسد، المعاني التي يرسلها الطرف الاول عبر الاتصال اللفظي الى الطرف الاخر؛ فتستخدم حركات الجسد في تبيان وتوضيح، وتكملة المغزى والمقصود من الكلام، او حتى تُعدّيل الرسالة التي يريد الشخص إيصالها او حتى تأكيدها واستبدالها . وكلما زاد اتقان لغة الجسد تنامت قدرتنا على التأثير في الآخرين، واقناعهم بوجهات نظرنا ؛ فتكون لغة الجسد ضمن هذا المسار بمثابة العنصر المساعد والعامل المحفز بين الكلمات من أجل تعزيز المعنى والفروق الدقيقة والتضمينات، لإعطاء مزيٍد من الثقة، والحضور الأقوى، والإقناع، والتأثير، وخلق شعور من الثقة، عبر استخدام نوع النظام التعبيري المُناسب لإيصال فكرة معينة للآخرين. الامر الذي سوف يعطي أفضلية كبيرة وزخما اكبر للطرف الاول حساب الطرف الاخر اثناء الجولة التفاوضية.  فمثلاً اذا اراد الطرف الاول إظهار الحزم والعزم  والثقة والسيطرة فما عليه - بتعابير لغة الجسد-  سوى الجلوس مستقيما مع الحرص على التواصل البصري الثابت برأسٍ ثابتة والتحدّث بصوت منخفض. وعند الرغبة في انهاء الحوار واظهار الملل من الاستمرار فيه فما على الطرف الاول - بتعبيرات الجسد-  الا وضع اليد على جانب الوجه أثناء الحديث، والجلوس منحنيا إلى الأمام.  ثالثا - توفير البدائل:       من الممكن أن يستخدم المفاوض لغة الجسد كبديل للاتصال اللفظي، كأن يستخدم حركات وتعابير الوجه التي تُغني عن الكلام، مثل الإشارة بالموافقة أو الرفض ؛ فابتسامة بسيطة بمقدورها أن توحي للطرف المقابل بالموافقة على طلبه، وكأنها تجسيد لعبارة لك ما تريد. وعند التأكيد  يتم استخدم نبرة صوتٍ مختلفة لكلمات مُعيّنةٍ وتكرارها في سياق الحديث للتأكيد على أهميتها، مع الحرص على ثبات الراس والنظر  وإظهار مساحة أكبر من الجسد . رابعا-  التنظيم والتقييم :       تؤدي لغة الجسد وظيفًة مهمة في تحديد مسارات العملية التفاوضية وتعيين محطاتها ومفاصلها الرئيسة والتحكم في تدفق الرسائل بين أطرافها وضبط إيقاع المحادثات بينهم،  وتثبيت نقطة انطلاق المحادثات وانهاءها ، وبالمثل قياس مدى نجاح المفاوضات او فشلها في ضوء ما يبديه الطرف الاخر من ايماءات واشارات حسية للإعلان عن موقف ما ، لا يتم التصريح به بلغة منطوقة. أي بعبارة اخرى ان لغة الجسد تتقمص في هذا المحور دور ضابط إيقاع الجولة التفاوضية ومنظم توقيتاتها والفيصل في تقييم مدى نجاح المهمة التفاوضية ؛ فقراءة حركات الراس والعيون – على سبيل المثال كفيلة بإعطاء إشارة الانطلاق الحقيقية والجدية في الجولة التفاوضية  وتشخيص الحاجة الى الاستمرار بالكلام، أو المقاطعة، والمطالبة بممارسة حق الرد، وهي ذاتها من تعطي اشارة النهاية للجولة التفاوضية بالنجاح او الفشل .   فإن رأيت الشخص مركزاً نظره عليك وقد اتّسع بؤبؤ العين مع تكرار تحريك حواجبه وأبعد رجليه فهذا يعني انه مهتم ومتشوق  لما يعرضه الطرف الاول من افكار حريص على استمرار التواصل معه . وسيحصل العكس تماما اذا مل الحوار وفقد الرغبة في استمراره .  ومثلما يعني تشبيك اليدين خلف الظهر والنظر للأسفل باتجاه اليسار – بمفردات لغة الجسد – التأمل والتفكير في مقترح ما اثناء الحوار، فإن انحناءة أصابع الشخص الخفيفة، تدُل على أنه يشعر بالارتياح على الأرجح. بالمقابل تشير العيون الخافتة او المغلقة الى عدم الارتياح والإحباط، والتهيّج، ونفاد الصبر، وتدل الأطراف المضمومة على الرفض المقاومة.         صفوة القول إن لغة الجسد تستطيع أن تمنح المفاوضين المزيد عما يريدون معرفته او قوله للطرف الاخر، أكثر مما تفعله الكلمات مهما اكتسبت من فنون البلاغة . من هنا تظهر الحاجة الى ابداء المزيد من الاهتمام بدراسة لغة الجسد في المؤسسات التعليمية والسيادية، وتهيئة الخبراء بفنونها ولاسيما في مجال العمل السياسي والدبلوماسي او أي مجال يحتاج التفاوض والتواصل مع الاخرين . مراجع مختارة : - الاء نجار ، انواع لغة الجسد ، مقال منشور على موقع موضوع بتاريخ 14 مارس 2019 على الرابط : https://mawdoo3.com  - الكسندر لوون ، لغة الجسد ، مقال منشور على موقع معابر ، بتاريخ 24 شباط 2020 ، على الرابط : http://maaber.50megs.com/issue_september12/alternative_medicine1.htm  - جوسلين إيليا ، لغة الجسد ، صحيفة الحياة اللندنية ، العدد 13848 ، 27 اكتوبر 2016  - سهيلة افيدة ، لغة الجسد في السيميائيات المعاصرة :تحليل سيميولوجي للإيماءة في المسرح الجزائري ، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية العلوم السياسية والاعلام - جامعة الجزائر ، سنة 2013 . - عقبة الصباغ ، لغة الجسد وأثرها على إنجاز أهداف التفاوض التجاري( دراسة ميدانية )، رسالة ماجستير ، كلية الاقتصاد – جامعة حلب ، سنة 2015 . - محمد مروان ، اهمية لغة الجسد، مقال منشور على موقع موضوع بتاريخ  ١٤ سبتمبر ٢٠١٨ ، على الرابط : https://mawdoo3.com - مصطفى العادل ، اهمية لغة الجسد ، مقال منشور على موقع رقيم بتاريخ 4 ديسمبر 2017 على الرابط : https://www.rqiim.com 

Read more

نوروز بفضائح جنسية

تقرير : محمد رؤوف - فاضل حمة فعت ترجمة : ك.ق كان من المقرر ان يجتمع مسعود البارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مع لاهور شيخ جنكي الرئيس المشترك للاتحاد الوطني الكوردستاني ويجعلا من اجتماعهما هذا بشارة التصالح بين الحزب الديمقراطي والإتحاد الوطني لنوروز  هذا العام، لكن فجأة تدهور الوضع بشكل اسوء من ذي قبل، وبدَّل نوروز من عيد للتصالح الى مناسبة لنشر فضائح جنسية. الرجوع الى نقطة الصفر  مبادرة محمود حفيدزادة حفيد الشيخ محمود ملك كوردستان، لإجتماع البارزاني مع لاهور شيخ جنكي، على الرغم من قطعها شوطاً جيداً، إلا انها رجعت في لحظة الى نقطة الصفر وأُلغيَ اللقاء. لايعرف حتى الآن تفاصيل كيفية الغاء اللقاء المنتظر بين البارزاني ولاهور شيخ جنكي، لكن بعض المطلعون عن قرب وحاورهم (الحصاد) يقولون لقد كان لبعض الاشخاص من كلا الطرفين دورٌ لكي لا يتم ذلك اللقاء. بدأت المبادرة اولا من عند البارزاني وأُلغيِ من قبله ايضاً، السبب هو ما يعتقده البعض انه يوجد داخل الحزب الديمقراطي عدد من الأشخاص عملوا على عرقلة اجراء اللقاء دون عِلم البارزاني، وقد ادى البيان المفاجئ لـ(أمينة زكري) مسؤولة ملف الحكومة والبرلمان في مقر البارزاني الى الغاء اللقاء، وكذلك رد سكرتارية المجلس القيادي للاتحاد بنفس اللهجة والعبارات أنهت مبادرة حفيدزادة، لكن الافصاح عن المبادرة والتحدث عنها من قبل محمود حفيدزادة أساء الى المحاولة ونَبَّهَ معارضي ذلك اللقاء من كلا الحزبين. من التصالح إلى فضائح جنسية بعد ساعات من الغاء محاولة اللقاء بين البارزاني ولاهور شيخ جنكي، نشرت هيئة مخابرات الحزب الديمقراطي الكوردستاني عن طريق موقع على شبكة التواصل الاجتماعي الفيسبوك مقطعاً فيديو لفضيحة جنسية لمسؤول في الإتحاد الوطني، واليوم رد هيئة مخابرات الإتحاد الوطني بالمثل ونشرت فضيحة جنسية لمسؤول في الحزب الديمقراطي على شبكات التواصل الاجتماعية ، وهكذا بدلاً من ان يسود التصالح في نوروز هذا العام، غطى عليه الفضائح الجنسية. الفضيحة الجنسية .. آخر سلاح في السياسة "لدي أكثر من (٤٠) مقطع فيديو لفضائح رؤساء العرب والمسؤولين المصريين ومسؤولي الدول العربية، وإن لم يمنعوا محاكمة زوجي، سأنشرها كلها"، هكذا وبهذا التهديد حاولت سوزان مبارك عقيلة حسني مبارك الرئيس الاسبق لمصر، في عام ٢٠١١ حماية زوجها، ولم تكن هذه آخر مرة يستخدم فيها الجنس كسلاح للتهديد في المجال السياسي، حيث توجد الآن على رفوف المكتبات العالمية العديد من الكتب التي تحكي حكايات اختلط فيها الجنس بالسياسة، وتمت مؤخراً ترجمة البعض من هذه القصص والحكايات الى اللغة الكوردية. ظاهرة استخدام المقاطع الجنسية كسلاح للتهديد والاسقاط السياسي من قبل البعض للبعض في إقليم كوردستان، ليس امراً جديداً وبلا سوابق. مع التطور السريع لوسائل الاتصالات وتركيب الكاميرا على الهواتف النقالة(موبايل) وكذلك تثبيت الكاميرات في الشوارع والمنازل بهدف الحماية والامن، تطورت ظاهرة نشر المقاطع الجنسية للنساء والرجال، وانخرطت المؤسسات الامنية وتسللت الى داخل هذا المجال وتم تشكيل فرق خاصة لهذا الغرض. توجد حالياً العديد من القضايا امام محاكم إقليم كوردستان، خاصة بهذا النوع من الجرائم، وشرطة أربيل والسليمانية يعلنون بين الحين والآخر القبض على اشخاص هددوا الفتيات والسيدات بمقاطع فيديو مسجلة، قلة من النساء تسجلن الدعاوي لدى المحاكم والشرطة بسبب تهديدات من هذا النوع، لأن القضية الجنس في المجتمع الكوردستاني لازالت ضمن القضايا التي ينظر اليها اجتماعياً مثل "الفضيحة" ويمكن ان يخسر البعض حياتهم بسببها. تتفهم المؤسسات المخابراتية جيداً الوضع الاجتماعي كوردستان فيما يخص الجنس، لذا يقومون باستخدام هذا المجال كسلاح سياسي لضرب بعضهم البعض، واصبحت شبكات التواصل الاجتماعي مجالاً جيداً لنشر هذه الرسائل ودون التعرض الى اية عقوباتٍ قانونية. حرب الفيديو بين المؤسسات المخابراتية للحزب الديمقراطي والإتحاد الوطني بلغ مستوىً، من يبدي موقفاً مغايراً ومعاكساً للموقف العام لحزبه، يقولون ان لديه "مقطع فيديو" او انه تعرض "للقرصنة الالكترونية"، هذا ليس بالامر الخفي، فنواب الحزبين في البرلمان يستخدمون هذه العبارات ضد بعضهم في الأوقات الحساسة ومرات يستخدمونها فيما بينهم الواحد ضد الآخر، الحضور وعدم الحضور داخل الجلسات البرلمانية الحساسة تم حسمها في الغالب من خلال هذه التهديدات، ما يعني ان الفضيحة الجنسية قد تسللت تماماً الى داخل المجال السياسي في اقليم كوردستان. يتوضح الآن ان لا احد يمكنه ان يسلم في الوقت الحالي، والكل واقعون تحت تهديد الفضيحة الاجتماعية، نشر مقطعين مصوَرَين لمسؤولَين احدهما من الإتحاد الوطني والآخر من الحزب الديمقراطي اظهر مجدداً هذا التشاؤم، فالمؤسسات المخابراتية تستخدم التكنولوجيا المتطورة لضرب البعض، وفي احيان عدة يتم تشويه المقاطع المصورة المسجلة بالفيديو، ويستخدمونها بالشكل الذي يخدم رسالاتهم، بواسطة الخبراء والمحترفين والبرامج الخاصة بالقرصنة الإلكترونية، تقنية التنصت على المكالمات الهاتفية، استخدام بائعات الهوى، زرع الكاميرات والمسجِلات الصوتية، هذه هي المجالات التي يستخدمها مؤسسات الحزب المخابراتية لمراقبة المناوئين والمعارضين الداخليين والخارجيين، هناك اقاويل حول الاستفادة من الخَدَم الاجانب العاملين في المنازل، في هذا المجال. سابقة سيئة  المسؤولان الاثنان اللذان نُشرت فضيحتاهما الجنسيتان على شبكات التواصل الاجتماعي في الساعات الماضية لن يكونا آخر شخصين يقعان ضحية هذا الابتزاز او هذه الحرب التقنية-الاجتماعية، ففي العام الماضي تم نشر عدة صور لأحد المسؤولين الكبار والموجود في احد المناصب الرفيعة في في اقليم كوردستان، وفي نهاية نيسان ٢٠١٤ ازاحت النائبة (شادي نوزاد) وبشكل مباشر السِتار على هذا الموضوع الخفي، هذه السيدة التي هي نائبة في الدورة الحالية لبرلمان كوردستان عقدت مؤتمراً صحفياً في حينه وقالت : "اتعرض لتهديد عن طريق رسالة إلكترونية بنشر مقطع فيديو مصطنع(مفبرك)". كانت شادي نوزاد نائبة في كتلة الجيل الجديد، وكانت حراك الجيل الجديد يعاني من مشاكل داخلية وقتئذ، وشادي كانت في الجبهة المعارِضة لرئيس الحراك (شاسوار عبدالواحد)، لذلك اتهمت شادي رئيس الحراك بالوقوف وراء تهديدها بالفضيحة الجنسية، وشادي الآن تُعَرِف نفسها كنائب مستقل وانها استقالت من حراك الجيل الجديد. ليسوا قلائل الذين نُشِر لهم مقاطع فيديو جنسية لو هُددوا بنشر تلك المقاطع بدوافع سياسية لإرضاخهم للامتثال لتنفيذ عمل معين او خطوة سياسية معينة، لم يكونوا بفاعليه سابقاً في الوضع الاعتيادي، امثلة على ذلك : * في إنتخابات برلمان كوردستان لعام ٢٠١٣ تم تهديد احدى مرشحات حركة التغيير بنشر مقطع فيديو مسجل لها. * في خضم الشد والجذب لتعديل قانون رئاسة إقليم كوردستان في عام ٢٠١٥، تم نشر مقطع فيديو لنائب عن حركة التغيير. * في اواخر عام ٢٠١٦ نشرت عدة صور جنسية لنائبة كانت رئيسة كتلة التغيير في البرلمان العراقي حينئذ. * اثناء الحملة الدعائية للانتخابات البرلمانية العراقية في ٢٠١٨، تم نشر عدة مقاطع فيديو مسجلة لمرشحة للحزب الديمقراطي الكوردستاني، لاجبارها على الانسحاب من عملية الترشح. وعلى المستوى العراقي ايضاً فقد توسعت هذه الظاهرة مؤخراً، وخصوصاً اثناء اطلاق الحملة الدعائية للانتخابات، من الامثلة على ذلك : * في الحملة الدعائية لإنتخابات ٢٠١٨ للبرلمان العراقي نُشر مقطع فيديو مسجل لمرشحة لائتلاف (النصر) برئاسة حيدر العبادي، واستبعدت تلك المرأة بسبب ذلك المقطع من الانتخابات ومن العملية السياسية ايضاً. * اثناء تشكيل الحكومة العراقية نُشر مقطع فيديو مسجل لسيدة كانت مرشحة لنيل احدى الحقائب الوزارية، وعليه خسرت تلك المرأة فرصة الحصول على ذلك المنصب. الجريمة والعقاب وفقاً لقانون العقوبات العراقي ان القيام بنشر هذا النوع من مقاطع الفيديو (المقاطع واللقطات الجنسية) او التهديد بنشرها، فإن عقوبتها تكون كالآتي : * التهديد بنشر اي موضوع متعلق بالشرف، بحسب المادة (٤٣٠) و(٤٣١) من قانون العقوبات العراقي فإن العقوبة للشخص القائم بمثل هذه الافعال تصل لحد السجن لمدة (٧) سنوات، وفقاً لنوع وكيفية القضية. * تم تحديد نشر اي موضوع متعلق بالشرف في مادة (٤٣٨)، وفي هذه الحالة يتم فرض العقوبة على الشخص القائم بهذه الافعال بالسجن لمدة لا تزيد عن سنة واحدة. ما يعني انه وفقاً للقانون فإن التهديد بنشر أي موضوع متعلق بالشرف عقوبته اشد من نشر الموضوع. يُفلِت اغلب الذين ينشرون مقاطع الفيديو الجنسية لأشخاص آخرين او يستخدمون تلك المقاطع كتهديد على أولئك الاشخاص، من العقاب القانوني، وخصوصاً اذا كانت المؤسسات المخابراتية وراء ذلك الاعمال، لكن النقطة المضيئة داخل هذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة، هي ان كلما تعرض شخص لتهديد للنيل من سمعته الاجتماعية، ودون النظر الى التوجه السياسي يهرع الناس مسرعين لتشكيل حملات واسعة لمساندة الشخص المستهدف، ويمكن ان يكمن سر هذه المساندة بتفهم الجميعان ان ظاهرة نشر مقاطع الفيديو المسجلة هي خطر محدق بالمجتمع كافة وليس الأشخاص المستهدفين فقط، لأن في هذه المجتمعات تشكل القضايا الجنسية خطاً احمر ومن المواضيع الموصدة التي لا يمكن التعبير عنها بشكلٍ مباشر. مؤسسة المخابرات في كوردستان  بعد مضي ثلاثة عقود على سحب مؤسسات البعث في إقليم كوردستان، لايزال الاقليم في عَوَزٍ لمؤسسة مخابراتية وطنية، وبدلاً من هذا توجد في الإقليم مؤسستين مخابراتيَتَين حزبيَين احداهما تابعة للحزب الديمقراطي الكوردستاني وتسمى (باراستن) والاخرى تابعة للإتحاد الوطني الكوردستاني وتسمى (زانياري). لكن في العام ٢٠١١ تم المصادقة في برلمان كوردستان على قانون بهدف توحيد هاتين المؤسستين في اطار مؤسسة واحدة، وذلك القانون يُدعى قانون رقم (٤) لمجلس امن إقليم كوردستان. باشر هذا المجلس اعماله بصورة رسمية في عام ٢٠١٢، في غضون الاعوام الثمانية من تأسيسه ولحد الآن لم يجتمع هالمجلس بسبب الخلافات الموجودة بين اعضائه ولا يوجد تنسيق كامل بينهم، وفي اغلب الاحيان حين تقع مشكلة امنية في احدى المنطقتين(المنطقة الصفراء والمنطقة الخضراء) فإن المسؤولين الامنيين داخل هذا المجلس يخاطبون بعضهم من خلال بيانات يصدرونها ويردون على بعضهم البعض بنفس الطريقة. لم يكن لدى إقليم كوردستان قانون الموازنة منذ عام ٢٠١٣، لكن وفقاً لآخر مشروع لقانون الموازنة يبلغ عدد منتسبي مجلس امن الاقليم (٦ آلاف و٤٧٦) منتسباً وميزانيته تبلغ (٣٤٤ مليار و٦٣٠ مليون) دينار، وقد خصصت نسبة (٢.٩٪؜) من ميزانية الاقليم لهذا المجلس في ذلك العام. هذا رغماً عن تحديد عدد منتسبي مؤسسة الآسايش بـ(٣١ الف و٤٢١) فرداً بحسب آخر مشروع لقانون الموازنة، كما تم تخصيص مبلغ (٤٨٧ مليار و٤٤٣ مليون) دينار لهذه المؤسسة ما تبلغ نسبة (٤.٢٪؜) من مجموع ميزانية الاقليم في ذلك العام. بعد عام ٢٠١٣ والى الآن لا يُعرَف حجم ميزانية هذه المؤسسات ولا تُعرف كيفية صرفها بسبب عدم وجود قانون للموازنة، فضلاً عن هذا يُنظَر الى ميزانية مجلس امن كوردستان وتفاصيل مصاريفها كموضوع للامن القومي و لا يقع تحت مراقبة البرلمان.

Read more

كردستان تتحرك لإنشاء 11 منطقة صناعية ضخمة

الحصاد draw:   موازين نيوز تتحرك حكومة اقليم كردستان، نحو انشاء 11 منطقة صناعية ضخمة بالتعاون مع شركات عربية وعالمية، بينما كشفت عن وجود 1600 معمل وشركة تركية في كردستان. وقال المستشار الاقدم في وزارة الصناعة والتجارة في كردستان، ومتحدثها الرسمي فتحي محمد علي المدرس، بحسب الصحيفة الرسمية، إن "هناك 3566 معملا ومصنعا في كردستان تشمل مختلف المواد والقطاعات ويزداد هذا العدد باستمرار بفضل الاستقرار والاستتباب الأمني".  واشار الى "وجود 1600 معمل وشركة تركية في كردستان، وهذا امر جيد، فعلى الرغم من الايدي العاملة التركية، إلا ان هناك عمالة محلية، ولكن بنسبة قليلة، يصل تعدادها الى اكثر من ٥١ ألف عامل".  وكشف فتحي عن أن "حكومة الاقليم لديها خطط لانشاء 11 منطقة صناعية ضخمة وقد تم تخصيص الاراضي لها وحاليًا في انتظار الشركات المطورة الاجنبية والعربية للتعاون معها  لانشائها، ومنها شركات اردنية واماراتية وبريطانية". ولفت فتحي، إلى "وصول الاقليم الى الاكتفاء الذاتي في بعض المصنوعات مثل المواد الانشائية كالأسمنت والحديد المسلح ويتم تجهيز هذه المواد الى بقية المحافظات مع وجود خطة لتصديرها الى دول الجوار، وبالنسبة للصناعات الغذائية تم انشاء العديد من المصانع بكفاءة عالية وباستطاعتها منافسة البضائع الاجنبية المشابهة لها".  أما رئيس لجنة العلاقات الخارجية في برلمان كردستان ريبوار بابكي، فقد اشار الى "وجود بعض المشكلات المصاحبة للصناعة منها عدم توفر الخبرة بالشكل المطلوب وهذا يؤدي الى عرقلة تطوير الصناعات المحلية، ووجود الازمة المالية، وبالتالي عدم تمويل الصناعات المحلية، والافتقار للمواد الاولية لبعض الصناعات مما يجعل الاقليم في حاجة الى استيرادها". واضاف انه "على الرغم من وجود خبرات ايرانية وتركية لكن دورها محدود ولم يؤد الى بناء خبرة محلية كاملة ولهذا يحتاج الاقليم الى المزيد من الوقت لكسب خبرات اجنبية وبناء خبرات محلية للقيام من خلال المهارات بدور ريادي في مجال الصناعة". بدوره، قال خوشوي محمد محمود، رجل اعمال وصاحب معملين صناعيين للبلاستك وزيوت المحركات في اربيل: ان "وزارة الصناعة والتجارة كانت تدعم المشاريع الصناعية، لكنها كانت تفتقر الى الرؤية الصناعية للاقليم في الدعم الذي تحتاج اليه جميع الصناعات، لذلك لم يتطور القطاع الصناعي، ما عدا بعض الصناعات مثل الاسمنت والحديد وهي مشاريع كبيرة حقق فيها الاقليم الاكتفاء الذاتي". واكد ان "الدعم الموجود حاليا من قبل الحكومة لا يصل الى المستوى المطلوب لتطوير الصناعات، بالاضافة إلى وجود بعض المشكلات التي تخص المنافذ الحدودية والاستيراد وعدم وجود قوانين تدعم بقوة عملية المنافسة".انتهى29/أ43

Read more

تعرف على القصة الكاملة لقصف حلبجة بالأسلحة الكيميائية

الحصاد draw:  صلاح حسن بابان- الجزيرة نت   دقائق قلائل كانت كافية لتكتب حياةً جديدة لزانا أحمد على عكس ما حصل مع أبيه وشقيقه الأكبر اللذين دُفنا في حفرةٍ كبيرة تحوّلت لمقبرة جماعية لم يعرف مكانها بعد، وتضم أشلاءً لـ1500 شخص من الشيوخ والنساء والأطفال أسكتتهم صواريخ الأسلحة الكيمائية عند الساعة 11:20 دقيقة من صباح يوم 16 مارس/آذار عام 1988 بمدينة حلبجة في إقليم كردستان العراق. زانا أحمد فقد والده وشقيقه في قصف حلبجة (الجزيرة) ابتسامة الوداع غادر زانا مدينته قبل قصفها برفقة خالته متوجها إلى السليمانية، لكنه لم يعرف بأنّ ابتسامته بوجه أبيه ستكون الأخيرة، ولن تبقى له من أخيه إلا ذكريات اللعب فوق السطح، "سمعنا أنه تم دفن أبي أحمد علي الذي كان عمره 46 عاما وشقيقي الأكبر جواد أحمد الذي كان عمره 16 عاما داخل حفرة كبيرة حفرها أحد الصواريخ الذي سقط بإحدى المناطق مع جثث 1500 شخص من الشيوخ والنساء والأطفال من قبل المسلحين الأكراد، إلا أننا لم نعثر على المقبرة حتى الآن". قتل القصف الكيميائي في الأشهر الأخيرة من الحرب الإيرانية العراقية (1980-1988) أكثر من 5 آلاف شخص من أهالي المدينة، أغلبهم من الشيوخ والنساء والأطفال، وأصيب 7 آلاف – 10 آلاف آخرين، ومات آلاف من المدنيين في السنة التي تلت القصف نتيجة المضاعفات الصحية وبسبب الأمراض والعيوب الخلقية، وما يزال الكثير من عوائل الضحايا تحاول العثور على جثث أطفالها وشيوخها ورجالها الذين فقدوا أثناء القصف. واعتبر الهجوم الكيميائي بأنّه الأكبر الذي وُجّه ضد سكان مدنيين من عرقٍ واحد حتى اليوم، وهو أمر يتفق مع وصف الإبادة الجماعية في القانون الدولي والتي يجب أن تكون موجهة ضد جماعة أو عرق بعينه بقصد الانتقام أو العقوبة. آلاف الأكراد قتلوا في قصف حلبجة (رويترز) إبادة جماعية حكمت محكمة هولندية في 23 ديسمبر/كانون الأول عام 2005 على فرانس فان رجل الأعمال الذي اشترى المواد الكيميائية من السوق العالمية وقام ببيعها لنظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بالسجن 15 عاما. وقضت المحكمة الهولندية أن صدام ارتكب جريمة الإبادة الجماعية ضد سكان حلبجة، وكانت هذه المرة الأولى التي تصف محكمة هجوم حلبجة كفعل من أفعال الإبادة الجماعية. أما المحكمة العراقية الخاصة فوجهت اتهامات لصدام حسين وابن عمه علي حسن المجيد الذي قاد قوات الجيش العراقي في كردستان في تلك الفترة بتهمة جرائم ضد الإنسانية المتصلة بالأحداث التي وقعت في حلبجة. وقدّم المدعي العام العراقي أكثر من 500 وثيقة من الجرائم خلال نظام صدام حسين أثناء المحاكمة وكان منها مذكرة عام 1987 من المخابرات العسكرية للحصول على إذن من مكتب الرئيس باستخدام غاز الخردل وغاز السارين ضد الأكراد، ووثيقة ثانية ردا على ذلك أن صدام أمر المخابرات العسكرية دراسة إمكانية ضربة مفاجئة باستخدام هذه الأسلحة ضد القوات الإيرانية والكردية، ومذكرة داخلية كتبتها المخابرات العسكرية أنها قد حصلت على موافقة من مكتب رئاسة الجمهورية لضربة باستخدام الذخيرة الخاصة، وشددت على أن لا يتم إطلاقها دون إبلاغ صدام. بعد إدانته بتدبير مجزرة حلبجة، حُكم على علي حسن المجيد بالإعدام شنقا بمحكمة عراقية في يناير/كانون الثاني 2010. وحكم أولاً على المجيد بالإعدام شنقا في عام 2007 لدوره في حملة عسكرية عام 1988 ضد الأكراد، والتي يطلق عليها اسم "عملية الأنفال". وفي عام 2008 أيضا حكم مرتين بالإعدام على جرائمه ضد العراقيين في جنوب العراق، منها انتفاضة عام 1991، ومشاركته في أعمال القتل عام 1999 في منطقة مدينة الثورة (الصدر حاليا) ببغداد. وتم إعدامه يوم 25 يناير/كانون الثاني 2010. اعلان وكان صدام حسين أعدم أواخر عام 2006 بعد إدانته في ما يعرف بمجزرة الدجيل التي قتل فيها 148 شخصا. وانتهت بذلك الملاحقات ضده في ما يعرف بقضية الأنفال حيث كان يحاكم بتهمة الإبادة بحق الأكراد. معاناة عوائل ضحايا قصف حلبجة ما زالت مستمرة  (غيتي) غور الجرح وفي كلمة له لإحياء الذكرى الـ33 لقصف حلبجة، دعا رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني الحكومة العراقية إلى تنفيذ واجباتها القانونية والأخلاقية تجاه حلبجة، وضرورة أن يعمل المجتمع الدولي على منع استخدام أسلحة الدمار الشامل. وشبّه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ما حصل مع حلبجة في حديثٍ له بمناسبة ذكرى الهجوم، بـ"غور الجرح وفداحة البغي والظلم". وفي الأشهر الأخيرة للحرب، تمكنت القوات الإيرانية من اقتحام الحدود العراقية والوصول إلى حلبجة، ليوجه نظام صدام حسين اتهامات لسكان المدينة بتسهيل دخول الايرانيين. ولا تزال هذه الاتهامات تشكل جزءًا من جدل مستمر، بشأن حقيقتها فعلاً، وما إذا كان ثبوتها يبرّر للنظام العراقي استخدام السلاح الكيميائي. بسبب هذا الجدل، تعدّدت الروايات حول الجهة المسوؤلة عن القصف، ومن تلك الروايات أن القوات العراقية هي التي نفذت القصف الكيميائي في محاولة منها لاستعادة المدينة بعد دخول القوات الإيرانية إليها، بينما حمّلت رواية أخرى الطرف الإيراني مسؤولية الهجوم بعد اضطراره للانسحاب تحت ضغط القوات العراقية، مستندة في رأيها هذا على بعض الإصابات تعرّض لها جنود عراقيون بالسلاح الكيميائي. ريشاوي: نظام صدام لجأ للسلاح الكيميائي لعدم قدرة الجيش العراقي على إخراج القوات الإيرانية بالطرق التقليدية (الجزيرة) قرارات خاطئة ويؤكد زانا أحمد أن القوات الإيرانية كانت موجودة فعلا أثناء وقوع القصف الكيميائي داخل حلبجة لكنها كانت ترتدي الأقنعة، مؤيدا الرواية التي تحمّل القوات العراقية مسؤولية القصف، لكون أمه كانت شاهدة على الحادثة أثناء وقوعها، وهي من الناجيات التي كتبت لها الحياة عكس زوجها وابنها البكر. ويرى المحلل السياسي عبدالله ريشاوي أن صدام حسين تسرع كثيرا بإصداره قرار القصف بالأسلحة الكيميائية كما عُرف بقراراته العسكرية الخاطئة، لوقوعه تحت الأمر الواقع وقناعته التامّة بعدم قدرة الجيش العراقي آنذاك على إخراج القوات الإيرانية بالطرق التقليدية المتبعة في الحروب في وقتٍ كان الجيش الإيراني أكثر بأضعاف من حيث العدد. وفي رده على سؤالٍ للجزيرة نت في ما إذا كان التوغل الإيراني داخل حلبجة سببا رئيسا في إصدار قرار قصفها بالسلاح الكيميائي من قبل صدام أم لا؟ يؤكد ريشاوي أن وجود القوات الإيرانية داخل المدينة أرعب الجيش العراقي كثيرا بعد انسحابه من المعركة على الحدود، وهذا ما دفع لاستخدام السلاح الكيميائي لإيقاف التمدّد الإيراني وقطع الطريق عنه. ويستغرب ريشاوي من لجوء صدام لهذا الخيار بدلاً من الخيارات العسكرية المفتوحة، مثل طلب المدد العسكري واللوجستي من الدول العربية كما فعلها سابقا. الكناني يؤيد الرواية التي تحمّل صدام حسين مسؤولية القصف الكيميائي على حلبجة (الجزيرة) جدل المسؤولية ويؤيد الخبير العسكري عدنان الكناني الرواية التي تحمّل صدام حسين مسؤولية القصف الكيميائي على حلبجة الذي نفذه ابن عمه علي حسن المجيد، مؤكدا أن الأسلحة الكيميائية كانت تخضع حصرا لأمر صدام نفسه ضمن دائرة تسمى عسكريا بـ"صنف الكيماوي"، معزّزا رأيه باستفسار عن سبب عدم قيام النظام العراقي السابق برفع دعوى قضائية في المحاكم الدولية ضد إيران بتهمة قصف إحدى المدن العراقية بالسلاح الكيميائي لو كانت فعلاً هي التي نفذت الهجوم؟ ويتفق الكناني -الذي كان يحمل رتبة عميد في الحرس الجمهوري بنظام صدام حسين- مع ريشاوي بوصف قرارات صدام بأنها انفعالية وآنية ويشوبها الكثير من علامات الاستفهام والتعجب بل تكون في أحيان كثيرة متسرعة، أبرزها القرار المتعلق بقصف حلبجة بالسلاح الكيميائي. بدوره، يرى المحلل السياسي إدريس مال الله -وهو من الكوادر الإعلامية التي عملت مع حزب البعث المنحل- أن التركيز على نظام صدام واتهامه بضرب مدينة حلبجة تبرره الأهداف الأميركية في مارس/آذار 1988 وترويج المعلومة عبر تقارير للجهات الدولية لتشويه صورة النظام العراقي بسبب نزاعها معه حول حقوق الشعب الكردي وتقرير المصير. ويشير حديث مال الله للجزيرة نت إلى أن المتابع للمعلومات حول قضية حلبجة يُصاب بالدوار بعد كشف الوثائق السرية في أميركا والتي تتناقض والمواقف أو التقارير في حينه حول حلبجة والمجزرة الرهيبة للمدنيين المسالمين، مؤكدا أن الغازات السامة التي استخدمت في الضربة لم تكن لدى العراق القدرة على تصنيعها أو امتلاكها.

Read more

تعرف على أول محاكمة لصدام حسين وقادت لإعدامه

الحصاد draw: صلاح حسن بابان- الجزيرة نت   على عكس ما اعتاد أن يراه شعبه الذي حكمه لأكثر من 35 عاما، ظهر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بلحية متوسطة الكثافة، مُرتديا بزّة داكنة وقميصا أبيض في أوّل جلسة استجواب له بقضية مجزرة الدجيل (40 كيلومترا شمالي بغداد) في مثل هذه الأيام عام 2004، بعد أشهر من اعتقاله على إثر الغزو الأميركي للبلاد عام 2003. ودافع المحامي العراقي خليل عبود صالح الدليمي عن صدام الذي اتهم بالمسؤولية عن مقتل عشرات المدنيين في المنطقة المذكورة في 19 أكتوبر/تشرين الأول عام 1982، على خلفية هجوم تعرض له موكب الرئيس الراحل. وقتل في المجزرة 143 شخصا من سكان البلدة ودمرت ممتلكات عديدة، بينما حكم على الناجين بالنفي في الداخل مدة 4 أعوام.   صدام حسين أثناء المثول أمام القاضي رائد جوحي (وكالا أوّل محقّق عُين القاضي الشاب رائد جوحي عام 2004 رئيسا للفريق الذي حقق مع صدام حسين بعد اعتقاله في 13 ديسمبر/كانون الأول عام 2003، حيث تولى مهمة رئاسة قضاة التحقيق في محكمة الجنايات العراقية العليا التي ضمّت 24 قاضيا و16 مدعيا عامّا وعددا كبيرا من المحقّقين والخبراء، حيث حُكم عليه بالإعدام الذي نفذ فيه نهاية عام 2006. وما أثار الانتباه في جلسة الاستجواب، هو تولّي جوحي التحقيق مع صدام وهو المولود في عام 1971 ويحمل شهادة بكالوريوس قانون من جامعة بغداد عام 1993 وخريج المعهد القضائي في بغداد أيضا عام 2002، كما يحمل شهادة الماجستير في القانون الدولي من الولايات المتحدة عام 2010. وفي مقابلة صحفية سابقة له، ذكر جوحي الذي تولى لاحقا عدّة مهام رسميّة من بينها قاضي المحكمة الجنائية العراقية العليا، وآخرها مدير لمكتب رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي، أن مهمته التي تولاها عام 2004 للتحقيق مع صدام حسين كانت تهدف في البداية إلى إقناعه بأنه مُتهم ولم يعد رئيسًا، موضحا أن القاضي مدحت المحمود كان مشرفا على الجسم القضائي آنذاك وبعد بضعة أيام من الغزو عاد القضاة إلى عملهم، في وقت كان العراق رسميا وقانونيا بحسب القانون الدولي تحت الاحتلال الدولي الأميركي البريطاني. ووفقا لاتفاقية جنيف الدولية وقراري مجلس الأمن 1483 و1511 كانت الولايات المتحدة وبريطانيا مسؤولتين عن إدارة العراق كدولتين محتلتين، فكلفتا مدحت المحمود للإشراف على الجسم القضائي العراقي وتم تعيينه في هذا المنصب. وحقق جوحي مع صدام لمدة عامين، حيث شكل فريق التحقيق وكان رئيسا لقضاة التحقيق مع فريق ضم أكثر من 60 محقّقا و100 موظّف وخبراء لوجستيين وخبراء وثائق، وكانت هناك مكاتب في مختلف المحافظات وبهذا الفريق تمت إدارة التحقيق مع صدام حسين ورفاقه. جوحي حقق مع صدام لمدة عامين وفتحت المحاكمة أبواب الشهرة له (غيتي) شهرة جوحي شخصيا، فتح الظهور المُسيطر عليه لجوحي أثناء التحقيق مع صدام أبواب الشهرة له، ومكّنته من تكوين صورة قاضٍ لا يَهاب الشخصية الشرسة المتكوّنة عن صدام حسين، إلا أن الاستجواب لم يخل -حسب مراقبين- من التأثيرات والضغوطات السياسية بالإضافة إلى الثأر والانتقام من صدام ورموز نظامه. وسبق جوحي في استجواب صدام، جون نيكسون وهو أحد كبار محللي شخصيات القيادات في وكالة الاستخبارات الأميركية، وكان قد عمل على شخصية الرئيس الراحل وتحليلها وكتابة تقارير عنها للإدارة الأميركية، وهو أوّل من عمل في مكتب العراق الذي أنشئ في عام 1997 حسب نيكسون نفسه، وحينما تم القبض على صدام كان نيكسون أول شخص يتعرف عليه من علامات مهمة للتعرف عليه، أبرزها أثر الطلقة التي في رجله أثناء محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي الراحل عبدالكريم قاسم نهاية خمسينيات القرن الماضي، والعلامة الثانية هي التاتو على إحدى يديه وهي العلامة التي تضعها عشيرة البوناصر التي ينتمي إليها صدام حسين، وآخر علامة هي شفته السفلى نتيجة إدمانه على تدخين السيجار. في الفصل الخامس من كتابه "استجواب الرئيس" الصادر عن 2017 والذي يضم العديد من أسرار التحقيق مع صدام حسين يتحدث نيكسون عن بدايات حديثه معه حول التاريخ العراقي وعلاقته بالأحداث التي ضربت العراق منذ محاولة اغتيال عبدالكريم قاسم وعلاقته بمجلس الثورة العراقي. كما يتطرّق نيكسون لعددٍ من الأحداث العراقية بما فيها أسلحة الدمار الشامل والحرب العراقية الإيرانية. كما يذكر في هذا الشأن كيف كان يتم تعذيب صدام نفسيا بمنعه من النوم عبر تعريض زنزانته لأصوات عالية. وعن تجربة استجوابه لصدام كثيرًا ما كان الناس يسألونه، كيف وجدت صداما؟ أو هل كان مجنوناً؟ فيجيب نيكسون، "خلال الفترة التي تحدثت فيها مع صدام حسين وجدته بكامل قواه العقلية". الحياني اعتبر أن محاكمة صدام سياسية بامتياز (الجزيرة) ثأر وانتقام ويرى المحلل السياسي والأكاديمي العراقي محمد الحياني أن تعيين قاضٍ شاب مثل جوحي للتحقيق مع صدام حسين خارج كل الضوابط والسياقات حتى الأخلاقية منها مستغرب جدا، مشيرا إلى أن المعروف أن القضاة لا يتسنّمون هكذا مناصب إلا بعد تجاوزهم سنّ الأربعين عاما حتى يتجرّدوا من الغرائز الشهوانية أو تبدأ بالتلاشي ليكونوا أكثر دقّة في العدالة. وتظهر عملية الثأر والانتقام بشكل واضح وصريح في محاكمة صدام حسين وأسلوب التحقيق معه ليس في قضية الدجيل فحسب، وإنما في جميع الملفات الأخرى، وهذا ما جعلها سياسية بامتياز، إلا أن كل ذلك لم يؤثر على رمزية صدام، كما تظهر الفيديوهات المنشورة -حسب الحياني- أثناء محاكمته وهي تحظى بنسب مشاهدات عالية حتى الآن لإعجاب الناس بصلابته حتى أثناء رفعه إلى حبل المشنقة، وهو لا يُبالي، بل صدم الكل بتحدثه مع القضاة، وطريقة الرد عليهم خلال جلسات محاكمته. هذا الاستجواب، وما تبعه من جلسات المحاكمة لم تكُ إلا محاولات للنيل من شخصية وشجاعة صدام إلا أنه ظهر متماسكا بتجاهله كل القضاة والمحقّقين، لأن محاكمته كانت سياسية بحتة، هكذا يرد الحياني على سؤالٍ للجزيرة نت في ما إذا كانت التأثيرات السياسية لعبت دورا محوريا في تغيير مسار محاكمة صدام أو لا؟ حداد أكد خلو القضاء العراقي من أي تأثيرات سياسية أثناء التحقيق مع صدام  (الجزيرة) الانتحار إلا أن القاضي منير حداد يُخالف الحياني في رأيه ويؤكد خلو القضاء العراقي من أي تأثيرات سياسية أثناء التحقيق مع صدام ومحاكمته وإصدار حكم الإعدام عليه بقضية الدجيل، ليُسجل لنفسه بهذه الاستقلالية حدثا تأريخيا، لكنه لا ينفي أن شخصية صدام لم تكُ طبيعية وسهلة والكثير من القضاة رفضوا الانضمام لهذه المحكمة، ويتذكر كيف سافر أحد القضاة إلى السعودية للحج وآخر إلى إقليم كردستان، واصفا الأمر بالانتحار وأشبه ما يكون بالجنون. ويرى حداد -وهو أوّل قاضٍ التقى الرئيس العراقي الراحل بعد اعتقاله- أن جوحي حقّق مع صدام حسين كقاض تحقيق وليس كقاض جنائي، ولم يكن لديه أي دوافع سياسية أثناء سير التحقيق مع صدام وتعيينه لهذه المهام جاء وفقا للشروط القانونية، وهو يُمارس مهنة القضاة منذ زمن نظام صدام حسين. حرب رأى أن الأدوار السياسية والضغط الأجنبي والداخلي أثّرت كثيرا في الوصول إلى حكم إعدام صدام (الجزيرة) سيناريوهات متكرّرة وعادةً ما يكون الدور السياسي متغلّبا على الدور القانوني والقضائي والتشريعي والدستوري أثناء المحاكمة أو التحقيق مع رؤوساء الدول والشخصيات السياسية الكبيرة، لذلك نجد أنّ الأثر السياسي مؤثر في ذلك جدا، وهذه الظاهرة ليست بجديدة أو غريبة -حسب الخبير القانوني طارق حرب- وكثيرون من الرؤوساء والأنظمة السياسية في الدول الأخرى واجهوا مصير صدام حسين نفسه. وكل نظامٍ جديد يكيلُ للذي قبله ما شاء من التهم والأعمال التي يعتبرها جرائم، إلا أن الأدوار السياسية والضغط الأجنبي والداخلي أثّرت كثيرا في الوصول إلى حكم الإعدام بحقّ صدام بقضية الدجيل وغيرها، كما يقول حرب للجزيرة نت ويؤكد أن المسألة معروفة لكنها من الناحية الواقعية شيء ومن الناحية القانونية شيء آخر. يشار إلى أن المحكمة الجنائية العليا في العراق أصدرت أحكاما بالإعدام شنقا على صدام واثنين من المسؤولين السابقين بعد إدانتهم في مقتل 143 شيعيا في بلدة الدجيل شمال بغداد في مطلع الثمانينيات. وحكمت بالإعدام أيضا على برزان إبراهيم التكريتي الأخ غير الشقيق للرئيس الراحل وعواد أحمد البندر الذي ترأس محكمة الثورة في أحداث الدجيل. وحكم على نائب الرئيس الراحل طه ياسين رمضان بالسجن مدى الحياة مع أن المدعي جعفر موسوي كان طلب الإعدام له. كما حكمت المحكمة بالسجن 15 عاما على 3 من المسؤولين السابقين الذين يحاكمون في هذه القضية وهم عبدالله كاظم الرويد وابنه مزهر عبدالله الرويد وعلي دايح علي، لكنها برأت محمد عزاوي بناء على طلب المدعي.

Read more

أميركا والصين والصراع على 17 عنصراً أرضياً نادراً

جيمس ستافريديس ربما تكون الحيرة التي تعتريك بشأن ما يجري مع العناصر الأرضية النادرة من الأمور المفهومة بصورة ما. لكن من جهة أخرى، تشير التقارير الإخبارية الواردة إلى أنَّ الصين قد تزيد من حصص إنتاج هذه المعادن خلال الربع الفصلي الجاري كبادرة من حسن النوايا إزاء الإدارة الأميركية الجديدة. غير أن هناك مصادر أخرى تفيد بأنَّ الحكومة الصينية قد تعتزم في نهاية الأمر فرض حظر التصدير على العناصر الأرضية النادرة بصفة كلية لاعتبارات ومخاوف «أمنية»، فما الذي يجري هنا في الحقيقة؟ تحتوي الطبيعة على 17 عنصراً نادراً، هي: لانثانوم، سيريوم، براسيوديميوم، نيوديميوم، بروميثيوم، سماريوم، يوروبيوم، جادولينيوم، تيربيوم، ديسبروسيوم، هولميوم، إربيوم، ثوليوم، إيتربيوم، لوتيتيوم، سكانديوم، وإيتريوم. وفي حين أن الكثير من هذه المعادن ليس نادراً في واقع الأمر من زاوية الرواسب العالمية، إلا أنَّ استخراجها عملية صعبة وباهظة التكاليف. وتستخدم تلك المعادن في الصناعات عالية التقنية، بما في ذلك الهواتف الذكية، والطائرات المقاتلة، والمكونات الداخلة في كافة الأجهزة الإلكترونية المتقدمة تقريباً. ومن الجدير بالذكر بصفة خاصة، أن تلك المعادن ضرورية للغاية في العديد من تقانات الطاقة النظيفة المتوقع ظهورها في المجال العام خلال العقد الحالي. بدأتُ الاهتمام بالعناصر الأرضية النادرة عندما كنت قائداً لقوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان، والمعروفة إعلامياً باسم قوات المساعدة الأمنية الدولية (إيساف). وفي حين أنَّ الشعب الأفغاني يعيش في بلاد وظروف معيشية فقيرة للغاية، إلا أنَّ الدراسات قدرت أنَّ أفغانستان تستقر على مجموعة متنوعة من المعادن تتراوح قيمتها بين تريليون إلى 3 تريليونات دولار أميركي، بما في العناصر الأرضية النادرة. وتشير بعض التقديرات إلى أن مستويات العناصر الأرضية النادرة وحدها تقدر بنحو 1.4 مليون طن متري. ولكن، في كل مرة أحاول زيارة منشأة من منشآت التعدين في أفغانستان يأتيني الرد من فريق الأمن الخاص بي بأنه من الخطير للغاية الإقدام على هذه الزيارة. ومما يؤسف له، ورغم الجهود الهائلة التي تبذلها الولايات المتحدة رفقة حلف شمال الأطلسي في أفغانستان، فإنَّ التحديات الأمنية لا تزال قائمة، الأمر الذي يعيق تدفق استثمارات رأس المال الأجنبي الكبيرة اللازمة لتحقيق الأرباح وجني الثروات. وهذا يرجع بنا مرة أخرى إلى الصين. تسيطر الصين على ما يقرب من 80 في المائة من سوق العناصر الأرضية النادرة، ما بين ما تعمل على استخراجه بنفسها، أو العمليات الجارية على المواد الخام من أماكن أخرى حول العالم. وإذا ما قررت الحكومة الصينية الاستعانة بسلاح تقييد الإمدادات من هذه العناصر – الأمر الذي هدَّدت به بكين مراراً وتكراراً من قبل – فمن شأن ذلك أن يخلق تحديات هائلة أمام المصنعين، فضلاً عن المأزق الجيوسياسي أمام العالم الصناعي. وقد يحدث ذلك بالفعل. ففي عام 2010 هدَّدت الحكومة الصينية بقطع الصادرات إلى اليابان بشأن جزر «سينكاكو» المتنازع عليها بينهما. وقبل عامين، أفادت التقارير الواردة باعتزام الحكومة الصينية النظر في فرض قيود على الصادرات إلى الولايات المتحدة بصورة عامة، وأيضاً ضد عدد من الشركات الأميركية المعينة - مثل شركة الصناعات الدفاعية الأميركية العملاقة لوكهيد مارتن - والتي تعتبرها الصين تمثل انتهاكاً لسياساتها ضد مبيعات الأسلحة المتقدمة إلى تايوان.   وكانت إدارة الرئيس السابق ترمب قد أصدرت أمراً تنفيذياً بشأن تحفيز إنتاج العناصر الأرضية النادرة في البلاد، كما أنشأت «مبادرة حوكمة موارد الطاقة» بهدف تعزيز عمليات التعدين الدولية. ويبذل الاتحاد الأوروبي رفقة اليابان، من بين بلدان أخرى، الجهود الحثيثة سعياً وراء العثور على مصادر جديدة للعناصر الأرضية النادرة. ومع اعتبار التوترات الراهنة، كان من المفاجئ بالنسبة لنا أن تعلن الصين عن زيادة حصص التعدين خلال الربع الفصلي الأول من العام الجاري بنسبة تبلغ 30 في المائة، الأمر الذي يعكس استمرار الطلب القوي والمرتفع على تلك العناصر. غير أن تلك الزيادة التعدينية المعلن عنها تقع في خضم حالة من عدم اليقين الظاهرة، إذ يعمل الحزب الشيوعي الصيني الحاكم على «مراجعة» سياساته ذات الصلة بالمبيعات المستقبلية للعناصر الأرضية النادرة. ومن كافة الزوايا، فإنَّ تكتيكات الزيادة التعدينية تعتبر مؤقتة، حيث تتناسب مع مجريات استراتيجية أوسع نطاقاً. من شأن الحكومة الصينية أن تبذل الجهود الكبيرة بغية إحكام السيطرة الكاملة على إمدادات موارد العناصر الأرضية النادرة على الصعيد العالمي. الأمر الذي يتفق تماماً مع المنهج الجغرافي الاقتصادي في مبادرة «حزام واحد وطريق واحد» الصينية، والتي تحاول الاستعانة بمجموعة متنوعة من الجزر والعصي - الاقتصادية، والتجارية، والدبلوماسية، والأمنية - في إنشاء مناطق النفوذ الجديدة على مستوى العالم. ومن زاوية العناصر الأرضية النادرة ذاتها، يبدو أنَّ الاستراتيجية الصينية تسمح بالوصول المحكم والمدروس بعناية إلى تلك العناصر، بدرجة تجعلها أقل جاذبية من الناحية الاقتصادية لدى المنافسين الساعين إلى الشروع في عمليات الاستكشاف والتعدين باهظة التكاليف. ويتماثل هذا الأمر مع استراتيجية أسواق النفط التي استخدمتها روسيا ومنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) خلال العقود الماضية. يعتقد بعض دعاة وأنصار السوق الحرة أنَّ الحكومة الصينية لن تتخذ الإجراءات الصارمة الخانقة للعرض، نظراً لأنَّ ذلك يعجل بالانتقام من جهات معنية أخرى أو يؤدي إلى الإسراع في البحث عن مصادر بديلة في الأسواق العالمية. غير أن الأمر المرجح عندي هو إجراء سلسلة من عمليات الإغلاق الموجهة ضد جهات وكيانات معينة، على غرار شركات الصناعات الدفاعية الأميركية، أو شركات صناعة الإلكترونيات الاستهلاكية في اليابان، أو استهداف الشواغل الصناعية الأوروبية التي أغضبت الصين. الطريق إلى استقلال العناصر الأرضية النادرة بالنسبة للولايات المتحدة ينبغي أن يشتمل على ما يلي: ضمان سلاسل التوريد للعناصر الأرضية النادرة واللازمة لأغراض الأمن القومي، وتعزيز جهود استغلال تلك العناصر محلياً (مع إزالة العوائق الحائلة من دون تنفيذ ذلك بصورة مسؤولة)، تفويض مقاولي الدفاع وغيرهم من الجهات الأخرى المعنية بمشاريع البنية التحتية الحيوية للاعتماد على الذات والاستغناء عن العناصر الأرضية الصينية النادرة، ورعاية جهود البحث والتطوير للعثور على مواد بديلة، لا سيما لصالح تقنيات الطاقة النظيفة، وإنشاء مخزون كبير من هذه العناصر في حالة وقوع المقاطعة الصينية المحتملة. هذا من أجندات الأعمال المهمة لدى الحزبين الكبيرين. كما أنَّ التقييم الاستراتيجي الذي أجرته إدارة الرئيس السابق ترمب لما ينبغي اتخاذه من إجراءات (والذي يتجاوز العناصر الـ17 سالفة الذكر، ويشتمل على إجمالي 35 عنصراً من المعادن المهمة والحيوية) هو تقييم مهم ومدروس بعناية، وينبغي أن يشكل الأساس الذي تبني عليه إدارة الرئيس بايدن رفقة الكونغرس الأميركي. ومن شأن استراتيجية العناصر الأرضية الأميركية النادرة أن تشكل جزءاً واحداً فقط من الحسابات المعقدة لدى الإدارة الأميركية الحالية حال صياغتها لاستراتيجية شاملة معنية بالتعامل مع الصين. وربما يكون تأمين السلام الشامل والدائم في أفغانستان جزءاً من الحل، رغم أن آفاق المستقبل المنظور لا تعد بالكثير.   * أميرال بحري متقاعد بالبحرية الأميركية وقائد عسكري سابق لحلف الناتو وعميد كلية فليتشر للحقوق والدبلوماسية بجامعة تافتس < بالاتفاق مع «بلومبيرغ»

Read more

صراع النفوذ.. لماذا تتنافس تركيا وإيران على العراق؟

الحصاد draw: الحرة - واشنطن   يعود سبب الخلاف بين إيران وتركيا في العراق لاعتبارات "توازن القوى" وسعي البلدين إلى "نفوذ أكبر" في المنطقة، بالتوازي مع "سباق اقتصادي محتدم"، وفق تحليل نشرته مجلة "ناشيونال إنترست". ويقول التحليل إن طهران تشعر بالقلق بشكل خاص من أن أنقرة التي قد تستخدم حملتها المناهضة للأكراد لتأسيس وجود عسكري طويل الأمد في سنجار، كما فعلت سابقا في شمال سوريا ومحافظة دهوك العراقية.  وبالنظر إلى أن العراق وسوريا، المكونان الرئيسيان "لعمقها الاستراتيجي" فإن إيران لديها "مقاربة صفرية لهذه الدول"، وهذا يعني أن طهران غير راغبة في الأساس في مشاركة مجال نفوذها الاستراتيجي المتصور مع الخصوم. سباق اقتصادي إلى ذلك، تعتبر تركيا أيضا، المنافس الاقتصادي الرئيسي لإيران في السوق العراقية، وفق التحليل.  ففي عام 2019، صدّرت تركيا ما قيمته 10.2 مليار دولار من البضائع إلى العراق، متجاوزة بشكل طفيف صادرات إيران البالغة 9.6 مليار دولار خلال نفس الفترة، وفق المجلة نفسها. كما استثمرت الشركات التركية حوالي 25 مليار دولار في 900 مشروع إنشائي وبنية تحتية - بما في ذلك الطاقة والمياه والصناعات البتروكيماوية - في مدن عراقية مختلفة.  نقطة عسكرية على الحدود بين تركيا والعراق وهناك أيضا منافسة متزايدة بين طهران وأنقرة في إنتاج الكهرباء في العراق، والتي كانت تهيمن عليها الشركات الإيرانية في السابق.  إلى جانب ذلك، تعتبر تركيا موقعها الجغرافي عند مفترق طرق أوروبا الشرقية وغرب آسيا ميزة جغرافية اقتصادية فريدة، وتسعى بشكل متزايد إلى احتكار طرق العبور في المناطق المجاورة. وعلى الرغم من أن القوتين الإقليميتين غير العربيتين حاولتا تاريخيا تحديد مصالحهما ومناطق نفوذهما في العالم العربي بطريقة تتجنب الاحتكاك والتنافس المباشر، لكن في أعقاب تصاعد المشاعر المعادية لإيران في العراق واغتيال جنرال الحرس الثوري، قاسم سليماني، ربما يكون القادة الأتراك قد خلصوا إلى أن الوقت قد حان لدحر النفوذ الإيراني في العراق واستعادة ما يعتبرونه دورا تاريخيا لتركيا في هذا البلد، وفق التحليل. مواجهة عسكرية؟ مع أن تركيا لا تسعى إلى مواجهة مع إيران في العراق، إلا أنها تتطلع إلى تعزيز نفوذها الاستراتيجي على جيرانها الجنوبيين على المدى الطويل، وفق التحليل. لكن مسار التنافس الحالي، ينطوي على مخاطر حدوث صدام غير مرغوب فيه، لأن المقاربات الإيرانية والتركية الصارمة تجاه مناطق نفوذهما الفعلية أو المتصورة، يمكن أن تؤدي بسهولة إلى التصعيد، إذا قرر أحد الطرفين تحدي مصالح الطرف الآخر. هددت حركتا عصائب أهل الحق والنجباء القوات التركية في شمال العراق في حالة "غزو سنجار" توتر سابق وفي فبراير 2020، كانت إيران وتركيا على وشك مواجهة مباشرة في إدلب، بعد انتشار الميليشيات المدعومة من إيران لأول مرة في محافظة شمال غرب سوريا للمشاركة في القتال ضد المتمردين المدعومين من تركيا. "وإذا أدت حملة تركية محتملة في سنجار إلى مواجهة بين تركيا وجماعات الحشد الشعبي العراقية المدعومة من إيران، فمن الصعب الافتراض أن إيران ستجلس مكتوفة الأيدي، وتدع الأتراك يمضون قدما كما يريدون" يقول التحليل. وعلى الرغم من أن طهران تشارك أنقرة مخاوفها بشأن التمرد الكردي في شمال العراق، إلا أن مخاوفها بشأن التداعيات طويلة المدى لحملة عسكرية تركية ممتدة قد وضعت الجانبين في خلاف بشأن الوضع في سنجار. وفي أعقاب تهديد أردوغان بغزو سنجار، نشرت قوات الحشد الشعبي العراقية القريبة من النظام الإيراني آلاف الجنود في ثلاثة ألوية في سنجار لمواجهة ما يرون أنه نية أنقرة لاحتلال أجزاء من بلادهم.  واعتبرت وسائل إعلام تركية هذه الخطوة تدخلا من قوات الحشد الشعبي لإنقاذ حزب العمال الكردستاني، ومؤشرا على دعم إيران للمسلحين الأكراد.  وفي 10 فبراير، نفذت أنقرة عملية عسكرية في جبال غارا بمحافظة دهوك العراقية لإطلاق سراح عدد من الرهائن الأتراك المحتجزين لدى حزب العمال الكردستاني.  لقاءات دبلوماسية بين إيران وتركيا بالكاد تخفي صراعهما في العراق وبعد فشل العملية، ومقتل ثلاثة عشر رهينة، هدد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بأن تركيا ستوسع حملتها ضد حزب العمال الكردستاني إلى سنجار ، وهي منطقة استراتيجية تقع على حدود العراق مع سوريا. يأتي ذلك التوتر رغم أن طهران وأنقرة شنتا، في يونيو 2020، ضربات جوية ومدفعية متزامنة ضد المتمردين الأكراد في شمال العراق، مما أثار تكهنات بأنها عمليات منسقة بين الطرفين. فما الذي تغير في أقل من عام؟ في الآونة الأخير بات لدى القادة الإيرانيين انطباع بأن نفوذهم في العراق آخذ في الانحسار، وأن الجو المعادي لإيران يسيطر على الدولة.  وكانت الاحتجاجات الشعبية الواسعة النطاق في العراق في أواخر عام 2019 ضد الدور الإيراني أول علامة رئيسية على هذا التدهور، بينما وجه اغتيال سليماني أشد ضربة لنفوذ طهران في العراق. في مايو 2020، تم استبدال رئيس الوزراء المدعوم من إيران، عادل عبد المهدي، بمصطفى الكاظمي، وهو أكثر استقلالية يحاول الحفاظ على علاقة متوازنة مع إيران وجيران العراق الآخرين، بما في ذلك السعودية، ودول شبه الجزيرة العربية وتركيا.  تراشق كلامي وقبل أسابيع ، انتقد السفير الإيراني لدى العراق، إيراج مسجدي، في 27 فبراير، التدخل العسكري التركي في العراق، داعيا أنقرة إلى سحب قواتها من هناك.  وقال مسجدي في مقابلة مع قناة "روداو الكردية" إن إيران  "لا تقبل التدخل في العراق عسكريا، سواء كانت تركيا أو أي دولة أخرى". ورد المبعوث التركي إلى العراق، فاتح يلدز، على تويتر، قائلا إن نظيره الإيراني "سيكون آخر شخص يلقي محاضرة على تركيا بشأن احترام حدود العراق". وفي أعقاب هذا الخلاف، استدعت طهران وأنقرة السفراء للتعبير رسميا عن غضبهما. في المقابل، طالب رئيس مجلس النواب العراقي، محمد الحلبوسي، باحترام سيادة بلاده، وعدم التدخل في شؤونه، في إشارة واضحة إلى التراشق الإعلامي بين السفيرين الإيراني والتركي لدى بغداد. وكتب الحلبوسي على تويتر: "ممثلو البعثات الدبلوماسية في العراق واجبهم تمثيل بلدانهم وتعزيز التعاون بين البلدين، فعلى بعض ممثلي تلك البعثات أن يعي جيدا واجباته، ولا يتدخل فيما لا يعنيه، ويحترم سيادة العراق لكي يُعامل بالمثل.  

Read more

عن المهمّة الوحيدة لوزارة الخارجيّة التركيّة

الحصاد draw: همبرفان كوسه- صحافي كردي سوري   لا يمكن أن توجد دولتان اسماهما كردستان وتركيا، فإمّا أن تكون هناك كردستان، وبالتالي تصبح تركيا كياناً بلا مقومات، أو أن تكون هناك تركيا، وبالتالي تعيش وتتأسّس من مقوّمات كردستان. أعلنت وزارة الخارجيّة التركيّة، اعتراض تركيا على نيّة حكومة إقليم كردستان العراق، إصدار طوابع تذكاريّة لزيارة البابا الإقليم، تحمل خارطة كردستان الكبرى، التي تجد تركيا أنّها تشمل محافظات تركيّة. وطالبت الخارجيّة التركيّة، حكومة إقليم كردستان العراق، بتصحيح ما وصفته بـ”الخطأ الجسيم” بأسرع وقت ممكن. والحال أنّ الاعتراض التركيّ على خارطة كردستان الكبرى ليس حدثاً طارئاً، فسبق أن اعترضت تركيا على وجود خارطة كردستان ضمن خرائط “غوغل”، واعترضت على تدريس اليابان اللغة الكرديّة في جامعاتها، وندّدت بوجود درس عن الكرد في المنهاج التعليمي الفرنسيّ، ولاحقت كلّ ما يتعلّق بالكرد حول العالم. تبنّى الكيان التركيّ الحديث، منهج الاستيلاء على كلّ ما يملكه الشعب الكرديّ، وتحويله إلى الشعب التركيّ. وفي مطلق الأحوال، الخوف التركي ليس من صورة لخارطة كردستان وضعت على طوابع في إقليم كردستان العراق، فالخرائط موجودة، والوثائق المتعلّقة بالكرد موجودة، والجزء الأكبر منها محفوظ في سجلّات الوثائق العثمانيّة في اسطنبول، وإنّما الخوف هو من وجود الكرد ومن بقاء القوميّة الكرديّة ومن الحفاظ على اللغة الكرديّة ومن إحياء الفولكلور والتراث الشعبي الكرديّ، ومن المرويات والحكايات الكرديّة القديمة، لأن بقاء هذه الثقافة، يعني أن القوميّة التركيّة الّتي بنيت من خلال سلب القوميّة الكرديّة ونهبها، تعيش خطر الزّوال، وإن كان هذا الخطر غير ممكن، لا في الوقت الحالي، ولا في المستقبل. حتّى الآن، على رغم مرور قرون من الزمن، لم يتخلّص مؤسّسو “الأمّة التركيّة” من فكرة أنّها دخيلة على ثقافة المنطقة وتاريخها، وجاءت إليها على شكل قبائل متناثرة من شرق آسيا، وسكنت الخيم في كردستان والأناضول، ومنحها القدر فرصة أن تتحوّل إلى أمّة حاكمة بعدما استولت على أراضٍ وثقافة وهوية وتاريخ الكرد والعرب والسريان الآشوريين وغيرهم. هذا الخوف، خوف عدم امتلاك اللغة والأرض والتاريخ، يقود تركيا، بشكل مستمر، إلى طمس كلّ ما يتعلّق بالكرد، ومنعه، واعتبار ثقافة الشّعوب وتاريخها، ملكاً لها. تبنّى الكيان التركيّ الحديث، منهج الاستيلاء على كلّ ما يملكه الشعب الكرديّ، وتحويله إلى الشعب التركيّ؛ فبعد سقوط الدولة العثمانيّة، لم تعد تركيا تسيطر سوى على كردستان، ولم يملك الشعب التّركي مقوّمات الأمة التي سعى إلى ترسيخها مصطفى كمال أتاتورك، وبالتالي، كانت الإجراءات الكماليّة القمعيّة والدكتاتوريّة تجاه الكرد، جزءاً من سياسة بناء الأمّة التركيّة. حتّى اليوم، تعيش تركيا على موت كردستان. تعيش الثقافة التركيّة على موت الثقافة الكرديّة، لا يمكن فصل هذين الأمرين عن بعضهما، لأن جزءاً من الكيان التركي الحديث مبني على كردستان. خلال ذلك، استولت تركيا على الأراضي الكرديّة، وحاربت اللغة الكرديّة ومنعتها، واعتبرت غالبيّة مفرداتها مفردات تركيّة، واعتبرت القضيّة الكرديّة مجرد نزاعات عشائرية، وسرقت الموسيقى الكرديّة والأغاني والثقافة واعتبرتها جزءاً من الهوية التركيّة، وعمِلت على صهر الكرد في “الأمة التركيّة”. وحتّى اليوم، تعيش تركيا على موت كردستان. تعيش الثقافة التركيّة على موت الثقافة الكرديّة، لا يمكن فصل هذين الأمرين عن بعضهما، لأن جزءاً من الكيان التركي الحديث مبني على كردستان، ولأن غالبيّة الثقافة التركيّة الحاليّة هي ثقافة كرديّة؛ من اللغة إلى الموسيقى والأغاني والفولكلور إلى الحِكَم والأمثال الشّعبيّة، وحتّى القصص والأساطير. من المنهجيات الّتي اتبعتها السلطات التركيّة في محاولاتها المستمرة لصهر الكرد، كان ترجمة الروايات والكتب الّتي تتحدّث عن الكرد وكردستان، وتحويلها أثناء الترجمة إلى الترك وتركيا، فالكرد ضمن مفهوم الأمّة التركية، أتراك نسوا هويتهم القومية في الجبال. خلاصة القول؛ لا يمكن أن توجد دولتان اسماهما كردستان وتركيا، فإمّا أن تكون هناك كردستان، وبالتالي تصبح تركيا كياناً بلا مقومات، أو أن تكون هناك تركيا، وبالتالي تعيش وتتأسّس من مقوّمات كردستان. لأنّ اللغة والثّقافة والفولكلور وكلّ ما يتعلّق بهويّة الأمّة هي ذات مصدر واحد، وتعلم تركيا هذا جيداً، لذلك محاربة صوت يغنّي بالكردية في جنوب أفريقيا، سيكون جزءاً من الأمن القوميّ التركيّ.

Read more

لجنة حماية الصحافيين: تراجع حرية التعبير في إقليم كردستان العراق

الحصاد draw: قالت لجنة حماية الصحافيين إن أحكام السجن الصادرة بحق صحفيين في إقليم كردستان العراق بتهم "مناهضة الدولة" تعد تراجعا جديدا في مستوى حرية الصحافة في الإقليم. وأضافت اللجنة في بيان، نشر على موقعها الرسمي، أن سجن الصحفيين جاء بناء على "أدلة واهية"، مشيرة إلى أن ممثلي الجماعات الحقوقية والصحفيين ونائب كردي حضر جلسة المحاكمة أكدوا جميعهم أن المدعين العامين فشلوا في تقديم دليل مقنع على ادعاءاتهم، مما شكك في عدالة الجلسة. ومن بين الأسماء التي أوردها بيان لجنة حماية الصحفيين، أمين شيرواني وغودار زيباري، وأشار إلى أن خمسة مراقبين لمحاكمة الصحفيين أبلغوا لجنة حماية الصحفيين أن القضية المرفوعة ضدهما بنيت على أدلة واهية وظرفية. ووفقا للبيان فإن شيرواني الصحفي المستقل وزيباري الذي يعمل مراسلا لموقع "ولات نيوز" الكردي، معروفان محليا بتغطيتهما لقضايا الفساد في إقليم كردستان وتغطية الضربات الجوية التي تشنها تركيا في المنطقة. وكانت محكمة في إقليم كردستان العراق قضت الشهر الماضي بحبس خمسة صحفيين ونشطاء لمدة ست سنوات بتهمة "محاولة زعزعة أمن واستقرار الإقليم"وفق ما أعلنه محاميهم. ولطالما اعتُبر إقليم كردستان العراق ملاذا آمنا للصحفيين والنشطاء الذين يتعرضون في أنحاء أخرى من العراق للتهديد وسوء المعاملة. وفي ديسمبر اتهمت منظمات حقوقية محلية ودولية حكومة الإقليم بأنها "تستهدف نشطاء المجتمع المدني من خلال توقيفهم بسبب أنشطتهم وتقوض الحريات العامة، بما في ذلك حرية الصحافة وحرية التجّع السلمي"، وهو ما تنفيه السلطات. وفي مؤتمر صحفي عقده مطلع الشهر الماضي، اتهم رئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني الصحفيين والنشطاء الذين أوقفوا في العام 2020 بأنهم "جواسيس". لجنة حماية الصحفيين "مؤسسة دولية غير ربحية تدافع عن حرية الصحافة حول العالم".

Read more

العراق يخسر أسواق النفط الأوروبية لصالح الصين و الهند

الحصاد/ الحرّة قال موقع "أويل برايس" إن العراق بدأ يفقد حصته في أسواق النفط الأوروبية نتيجة الاعتماد بشكل متزايد على المشترين الآسيويين، وخاصة الصين والهند. وذكر الموقع أن متوسط حصة البلدان الآسيوية من الصادرات العراقية ارتفع بشكل مطرد خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث بلغت حصتها نحو 80 في المئة من صادرات العراق عبر حقوله الجنوبية في عام 2020. وقارن الموقع بين هذه النسبة وما تم تصديره خلال الفترة الفائتة، والتي تضمنت 60 في المئة في 2017، و65 في المئة عام 2018، و71 في المئة خلال عام 2019. وكشف التقرير أن الصين والهند استحوذتا على نحو ثلثي صادرات العراق اليومية من النفط، بمتوسط مليوني برميل يوميا (1.05 مليون للصين، و0.9 مليون للهند). وأعلنت وزارة النفط العراقية أن صادرات البلاد من الخام ارتفعت إلى 2.96 مليون برميل يوميا في فبراير، من 2.868 مليون برميل يوميا في الشهر السابق. وأضافت الوزارة أن الصادرات، من مرافئ البصرة في جنوب العراق، بلغت 2.825 مليون برميل يوميا في فبراير، ارتفاعا من 2.77 مليون برميل يوميا في يناير. ويعتمد العراق، ثاني أكبر منتج في أوبك، على صادرات النفط في تحصيل جميع إيرادات الدولة تقريبا. وتضرر بشدة من نزول أسعار الخام في العام الماضي وواجه صعوبة في دفع أجور العاملين بالقطاع العام. وزادت إيرادات العراق النفطية في فبراير إلى خمسة مليارات دولار عند متوسط سعر 60.33 دولار للبرميل، مقارنة بمتوسط سعر 53.294 دولار في يناير.  

Read more

زيارة البابا للنجف: نظرة في تراث الانقسامات الدينية في العراق

الحصاد draw: معهد واشنطن - بلال وهاب نظرًا إلى الدوامة المستمرة من الأزمات، نادرًا نحن العراقيون ما ننظر إلى الوراء، ولكن ما لم يستقوا بشكل جماعي العبر من الماضي ويقرروا تجنّب تكرار أخطائهم، فهم سيواصلون الرد على هذه الجرائم بالمثل كما حصل في الماضي. تحمل زيارة البابا فرنسيس إلى العراق هذا الأسبوع رسالة سلام وأخوّة إنسانية، وهذا خبر جيد عن العراق، وويعلم الله كم ان العراق بحاجة الى خبر جيد. الزيارة تاريخية بالمقاييس كافة – فهي الزيارة الأولى التي يقوم بها بابا إلى العراق. والجديد في هذا أيضًا هو زيارة البابا إلى النجف، أو مدينة الفاتيكان الشيعية، ولقاؤه هناك بآية الله علي السيستاني. وبفضل هذه الزيارة، سيتعلم الكثيرون من خارج العراق أن هذا البلد يضم مدينة أور التي وُلد فيها النبي إبراهيم. والأهم، أن البابا سيضمد جراح المجتمع المسيحي في العراق. وعلى نحو مماثل، كان استقبال العراق للبابا حارًا وموحدًا. ومع ذلك، أتمنى أن تكون زيارة البابا وقمة النجف التي عقدها أكثر من مجرد رواية جيدة. فرغم أن العزاء والمسامحة وحدهما لن يكفيا لإنهاء دوامة العنف التي تشهدها الأقليات في العراق والتي غالبًا ما ترتكب باسم الإسلام، إلا أنهما ضروريتان. فزيارة البابا قد تكون بمثابة دعوة للعراق لكي يستفيق وينظر إلى الندبات التي خلفتها دوامة العنف الديني التي اجتاحته، ويتوقف لبرهة من أجل التفكير مليًا في كيفية الحؤول دون استمرار هذه الدوامة. نحن العراقيين عانينا ما عانيناه، سواء من جراء عنف الدولة المنظَّم على يد نظام صدام حسين الذي أباد الأكراد، أو فوضى الحرب الأهلية الطائفية التي اندلعت في خلال السنوات التي تلت الإطاحة به أو إرهاب تنظيم "داعش" الوحشي. وبينما تزامنت المنافسة السياسية المفاجئة مع سقوط دولة العراق، سيطرت الهوية الدينية والطائفية على السلطة والسياسة. وفي خلال هذه الفترة، كانت هوية الفرد الدينية تقرر مصيره بالحياة أو الموت أكثر من أي وقت مضى. وبين عاميْ 2005 و2007، كان الانتماء إلى الطائفة الشيعية بحد ذاته جريمة كافية للتعرض للقتل على يد تنظيم "القاعدة" في العراق. وقتلت الميليشيات الشيعية بدورها، التي لا يزال الكثير منها يتجول بلا رادع، رجال سنّة وفجرت قراهم وأحياءهم. وقُسّمت بغداد تقريبًا إلى مناطق طائفية منفصلة. وكان المجتمعان المسيحي والأيزيدي من بين أوائل ضحايا "داعش". فإلى جانب الكثير من المساجد والأضرحة الإسلامية، دمّر التنظيم الكنائس ومعابد الأيزيديين. وتراجعت أعداد المسيحيين في العراق من 1.5 مليون إلى ما يقدر بربع أو سدس مليون. كذلك، عانى الأيزيديون من التشرد والاستعباد. وكما فعل الغزاة المغول حين دخلوا إلى بلاد ما بين النهرين قبل مئات السنين، لم يترك "داعش" خلفه سوى الدمار والمعاناة. وهذه كلها جراح عميقة لا تزال تنزف في المجتمع العراقي التعددي، غير أن الحكومة تعاملت مع الوضع عن طريق دفع تعويضات للضحايا ومحاولة طي الصفحة والمضي قدمًا. ولكن الجدير بالذكر أنه في ظل هذه البيئة، كانت المعاناة التي شهدها المسيحيون والأيزيديون وغيرهما من مجتمعات الأقليات في ما بعد هائلة وإنما غير مفاجئة. واليوم، لم تعد خلافة "داعش" قائمة، كما أصبح من معيب الخطاب الطائفي الصريح. ولكن في ظل غياب الحسابات الجدية وتحسين التعليم وفرض قوانين أشد صرامةً تعزز التسامح وتحظر خطاب الكراهية، من المستبعد أن تتوقف دوامة العنف الديني في العراق. وهذا لا يعني أنه لم يتمّ إحراز بعض التقدم. فغالبًا ما تصف الحكومتان العراقية والكردية أفعال صدام و"داعش" على أنها جرائم ضدّ الإنسانية وتعلنان عن دعمهما وتعاطفهما مع ضحاياها. وكان البرلمان الاتحادي العراقي وبرلمان إقليم كردستان سنّا تشريعات هامة يعترف بهؤلاء الضحايا – كان أحدثها قانون الناجيات الأيزيديات الذي سُنَّ في خلال هذا الأسبوع في بغداد والذي يصف المعاناة التي تعرضت لها الأيزيديات ونساء من الأقليات الأخرى على يد "داعش" بالإبادة. وإلى جانب الإقرار الرسمي بمعاناة الضحايا، يقدّم القانون – شأنه شأن قوانين أخرى تغطي معاناة ضحايا صدام أو الإرهاب – التعويضات. ولكن هذا القانون هو في الوقت عينه الاستثناء وليس القاعدة. فجزء كبير من الاستجابة للعنف الطائفي لا يغطيه تشريع إنما أوامر تنفيذية أو قرارات برلمانية ضعيفة. كما أنه ما من جهود مبذولة لمعالجة الأسباب الجذرية للعنف الديني وكيفية تطبيق هذه الجهود لوضع حدّ لهذه الدوامة. ونظرًا إلى الدوامة المستمرة من الأزمات، نادرًا نحن العراقيون ما ننظر إلى الوراء، ولكن ما لم يستقوا بشكل جماعي العبر من الماضي ويقرروا تجنّب تكرار أخطائهم، فهم سيواصلون الرد على هذه الجرائم بالمثل كما حصل في الماضي. فالعراقيون بحاجة إلى القيام بالمزيد إذا ما أرادوا أن تكون إبادة الأيزيديين وتشريد المسيحيين آخر فصول العنف والتعصّب الديني في العراق. وما تحتاج إليه البلاد هو حوار جدي بين القادة السياسيين والدينيين والمثقفين حول فصول العنف المتكررة المنفذة باسم الدين. كما يحتاج العراق إلى قوانين أكثر صرامةً تحمي حقوق الأقليات. علاوةً على ذلك، لا بدّ من إدراج قيم التنوع والتسامح في خطب الجمعة والنقاشات الدائرة في الصفوف التعليمية.     وقد تعود ربما الخطيئة الأصلية للتعصب الديني والعنف في العراق الحديث إلى نزع الملكية من يهود البلاد وطردهم منها. وعلى نحو مماثل، تمثّل الردّ بعد هذا الفصل المظلم بالنسيان والمضي قدمًا بدلًا من البحث عن الذات والتعلّم من الدروس. مع ذلك، كانت جدتي تتحدث عن جيرانها اليهود؛ وكانت مصطلحاتها وأمثالها مليئة بالأسماء والنوادر وأيضًا بالأنماط اليهودية.    لقد ترعرعت في عراق ذي أحياء يهودية أُفرغت من سكانها، ولكن كان لدي الكثير من الأصدقاء وزملاء الدراسة المسيحيين. واستنادًا إلى تقديراتي المحزنة، لو كان إرث "داعش" قد نجح في طرد المسيحيين كافة من العراق، لترعرع أولادي في عراق من دون زملاء دراسة من المسيحيين أو الأيزيديين أو الشبك كما ترعرعت أنا من دون زملاء من اليهود. صحيح أنه ليس لدي إحصاءات لإثبات ذلك، لكن كلي ثقة بأن جيل أجدادي عاش حياة أغنى وأكثر تسامحًا مني. ويشير جعل هذه الدورة تكرر نفسها إلى آفاق قاتمة للمستقبل، إن صحّ تقديري.    بعدها، يُطرح سؤال الإيمان بحدّ ذاته في العراق. فلم يسئ أحد إلى ديني، وهو الإسلام، أكثر ممن يقتلون ويسرقون باسمه، سواء "داعش" أو الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وقد صدم ازدياد أعداد الملحدين في العراق البعض.  أما أنا، فما يصدمني هو أن المساجد لا تزال مليئة بالمؤمنين – هذا أشبه بمعجزة نظرًا إلى التمثيل السياسي والعسكري للإسلام. فصحيح أن الكثير من قادة الميليشيات وكبار السياسيين يرتدون العمامة، ولكنهم لا يستقون الكثير من التسامح أو الرحمة من الدين، ويضم العراق عددًا قياسيًا من الأحزاب الإسلامية التي تدير حكومة تعاني من أعلى مستويات الفساد والاختلال الوظيفي في العالم. وليس لدى هذه الأحزاب الكثير لتقدمه من خلال الاستجابات النابعة عن الدين للشباب العراقي الذي يطالب بالسلام والازدهار وسيادة القانون.         ويمكن للدين المخطوف أن يكون مبعث قلق مشتركًا بين البابا والسستاني. فهما الحاميان الإسميان لدينهما. ورغم التناقض الصارخ بين آية الله السيستاني والنموذج الإيراني الذي يشغل فيه الإمام منصب رئيس الدولة، إلا أن مناصريه في السياسة والجماعات المسلحة عرفوا كيف يتعاملون مع الإسلام الشيعة. ويضع آية الله السيستاني، من خلال اجتماعه بالبابا، معيارًا إيجابيًا للتسامح لخلفه. فضلًا عن ذلك، يستمد الرجلان قوتهما وشرعيتهما من أتباعهما وليس من الدولة. وبخلاف إيران أو فعليًا معظم الدول السنية، إن آية الله السيستاني ليس موظف دولة ولا يخضع للدولة وينتظر الكثيرون إدانته القوية لحالة عدم الاستقرار الذي تسببه الميليشيات التي أساءت استخدام اسمه. ومع ذلك، تحمل قمة المنارة والجرس في النجف ثقلًا دينيًا كبيرًا في  العراق وخارجه، التي تلت خطوة المهمة عندما زار البابا الإمارات والتقى بعلماء بالأزهار الشريف. وبين إيران و"داعش"، يمكن لاسم الإسلام وصورة الإسلام بحاجة بعض من التحسين. ولا بدّ من إدانة العنف المرتكب باسم الله بشكل قاطع. فوضع اسم الله على راية لا يعفي أي ميليشيا أو حزب من العقاب. ونستذكر مشهدًا من الموصل ما بعد "داعش" حين أعاد جنود مسلمون في زيهم الرسمي بخشوع صليبًا إلى إحدى الكنائس. في الموازاة، وتمامًا كالمجتمع المسيحي، يُعتبر ترحيب المجتمع الإسلامي في العراق بالبابا وبلقاء النجف خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح. 

Read more

أميركا تطمئن حلفاءها بـ«وجود مفتوح» شرق سوريا

الحصاد draw: الشرق الاوسط أبلغت أميركا حلفاءها في التحالف الدولي ضد «داعش» نيتها إبقاء قواتها العسكرية لـ«مدة مفتوحة» في شمال شرقي سوريا، في وقت دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إلى عقد مؤتمر لوزراء خارجية التحالف في 30 الشهر الجاري بعد تراجعه (بلينكن) عن المشاركة في مؤتمر بروكسل في اليوم نفسه، المخصص لدعم العملية السياسية في سوريا وتقديم وعود بتمويل مساعدات إنسانية. وعدّ دبلوماسيون موقف الوزير الأميركي مؤشراً إلى أولويات إدارة الرئيس جو بايدن في سوريا، بالتركيز على الهزيمة الكاملة لـ«داعش» وتقديم مساعدات وتنفيذ القرار 2254، مشيرين إلى أن إدارة بايدن تقوم بمراجعة سياستها في سوريا بإشراف مسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي بريت ماغورك، إضافةً إلى قيام مؤسسات بمراجعة آثار العقوبات على مواجهة الدول لـ«كورونا» والوضع الإنساني. ويعتقد دبلوماسيون أن هذا سيكون له أثر في سرعة إصدار قوائم جديدة من العقوبات، من دون أن يعني ذلك تغيير «قانون قيصر» المقر من الكونغرس الذي يسعى بعض أعضائه لفرض عقوبات إضافية. ووافق الجانب الأميركي مبدئياً على إصدار بيان رباعي مع بريطانيا وألمانيا وفرنسا في الساعات المقبلة، يتضمن مبادئ الموقف السياسي المشترك بمناسبة الذكرى العاشرة للأزمة السورية في 15 الشهر الجاري، الأمر الذي سيقوم به الاتحاد الأوروبي أيضاً بإصدار بيان باسم الدول الأعضاء، تضمنت مسودته عناصر بينها أنه لا مشاركة في إعمار سوريا «قبل تقدم جوهري في العملية السياسية»، وأن «أي انتخابات سورية لا تجري وفق القرار 2254، لن تكون سبباً لتطبيع العلاقات مع دمشق»، إضافة إلى القول إن «جذور الأزمة» التي كانت سبباً للشرارة في 2011 لا تزال قائمة.

Read more

تكريت: مسلحون بزي عسكري يقتلون 7 أفراد من عائلة واحدة

الحصاد: قال مصدر أمني في محافظة صلاح الدين العراقية إن مسلحين بزي عسكري قتلوا، صباح الجمعة، سبعة أشخاص من عائلة واحدة، بينهم امرأة، في منطقة البو دور جنوب مدينة تكريت. ونقل مراسل قناة "الحرة" عن المصدر أن "مجموعة مسلحة هاجمت صباح اليوم الجمعة أحد منازل قرية البو دور، وفتحت النار عليهم، مما أسفر عن مقتل سبعة أفراد من العائلة، وإصابة آخر". وأوضح المصدر أن القتلى هم أربعة أشقاء وشقيقتهم ووالدتهم، والمصاب هو شقيقهم الصغير. وأشار إلى أن مجموعة ترتدي زيا عسكريا، وتقود سيارتين، نفذت الهجوم المسلح، وذلك نقلا عن شهود. من جهتها، أصدرت خلية الإعلام الأمني بياناً حول ملابسات الجريمة، وقالت إن "الجهات المختصة في قاطع عمليات صلاح الدين، تباشر بإجراءاتها التحقيقية لمعرفة ملابسات الجريمة البشعة التي حصلت (..)"، وكشفت عن أن "عصابة إرهابية مسلحة" أقدمت على قتل العائلة". وقال قائممقام قضاء تكريت عمر الشنداح لوسائل الاعلام بأن "المعلومات والتحقيقات الأولية أكدت أن الحادث إرهابي، تقف وراءه عناصر داعش لدواع انتقامية، وأن التحقيقات مستمرة لكشف خيوط الجريمة بالكامل". ولفت إلى أن "قوات الأمن اتخذت إجراءات مشددة في عموم مناطق جنوبي تكريت للتحري عن منفذي الهجوم والقبض عليهم".  

Read more

شيخ محمود يجمع بين البارزاني ولاهور شيخ جنكي

  الحصاد : احد احفاد ملك كوردستان يرغب بفض التوترات بين الإتحاد الوطني والحزب الديمقراطي، البارزاني وعده ان يجتمع مع لاهور شيخ جنكي. محمود حفيدزادة حفيد الشيخ محمود "ملك كوردستان" منشغل منذ عدة أيام بمحاولة مصالحة بين الإتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني. في التاسع من هذا الشهر قام محمود حفيدزادة بزيارة مسعود البارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني، والتقى يوم امس لاهور شيخ جنكي الرئيس المشترك للاتحاد الوطني الكوردستاني. وكشف حفيدزادة اليوم في مقابلة اجرتها معه قناة (روداو) إن البارزاني ابدى استعداده للاجتماع مع لاهور شيخ جنكي، لكن مع ابداء ملاحظاته للتحضير لذلك اللقاء. لم يكشف حفيدزادة عن تفاصيل ملاحظات البارزاني للاجتماع مع لاهور شيخ جنكي، لكنه قال انه قد اوصل تلك الملاحظات إلى لاهور شيخ جنكي. كتب لاهور شيخ جنكي حول لقائه مع حفيدزادة على صفحته الخاصة :"نرحب بأية محاولة او خطوة تكون في خدمة الناس وانقاذهم من الجوع والعوز". وفقاً لأقوال حفيدزادة، إن رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان البارزاني ينظر الى اللقاء المنتظر بين البارزاني ولاهور شيخ جنكي بإيجابية ويحاول انجاحه. محمود حفيدزادة الساكن في السليمانية قد ازدادت تحركاته السياسية، وقد التقى بدبلوماسيين بريطانيين وايرانيين. من المحتمل ان يريد شيخ محمود العودة بعائلة الحفيد الى الساحة السياسية بعد قطيعة لمدة (٨٠) عاماً، وخصوصاً اذا كانت بريطانيا الخصم الابرز للملك محمود في الامس، يساند تحركات شيخ محمود الجديد.

Read more

أكراد العراق بين إيران وأميركا

الحصاد draw: وليد فارس الأمين العام للمجموعة الأطلسية النيابية: independentarabia    أعادت زيارة البابا فرنسيس للعراق عموماً، وإقليم كردستان خصوصاً، النقاش حول وضع الأكراد في إقليمهم وعلاقتهم مع سائر مكونات البلاد وتموضعهم الخارجي، خصوصاً مع الولايات المتحدة والتحالف العربي وإيران. والأهم من ذلك، إلى أين يتجه إقليم كردستان في السنوات الأربع المقبلة خلال عهد إدارة جو بايدن؟ السيرة التاريخية الحديثة للأكراد في المنطقة عموماً وفي العراق خصوصاً، هي صعبة ومعقدة ودراماتيكية، وتحتاج لكتب لتبيان حقائقها. ولكن أية خلاصة لها تبين أن هذا المجتمع قد تعرض لمآسٍ خلال العقود الماضية بما فيها القمع والتعرض لهجمات كيماوية في حلبجة عام 1988 على يد نظام صدام حسين وقتها. ولكن لنترك هذه المسيرة الصعبة للمؤرخين، ونركز على المرحلة الحديثة التي بدأت مع الدخول العسكري الأميركي إلى العراق حتى سيطرة الميليشيات المرتبطة بإيران على معظم تلك البلاد، لنفهم ما هو مستقبل العلاقات الكردية - الأميركية، المنتقلة من عهد دونالد ترمب إلى رئاسة بايدن. عهد بوش منذ عام 2003، تغيرت الأوضاع القومية لأكراد العراق بشكل جذري بعد انسحاب القوات البعثية من مناطق كردستان في شمال البلاد، إثر التدخل الأميركي، الذي كان بمثابة الفرصة الذهبية للأهالي الأكراد من دهوك إلى أربيل فالسليمانية، لإقامة منطقة لهم في إطار الدولة العراقية. إلا أن أمرين سابقين سمحا بذلك. الأول هو استمرار شكل من أشكال المقاومة الإثنية في الجبال الوعرة منذ ضم مناطقهم إلى دولتي سوريا والعراق الحديثتين مع سايكس بيكو، وبرزت هذه الحركة خصوصاً مع قيادة الملا مصطفى البرزاني في السبعينيات. والأمر الآخر هو إقامة منطقة حظر جوي أميركي - بريطاني عام 1991 لحوالى 12 سنة، ما ساعد "البيشمركة" على الاستمرار حتى زلزال 2003. عهد جورج بوش كان له وقع إيجابي على "المنطقة الكردية" في العراق، إذ دخلت عبر التفاوض، إلى قلب المعادلات الدستورية والسياسية العراقية، إلى جانب المكونات الشيعية والسنية والأقليات المسيحية والإيزيدية. فحصلت "المنطقة" على حقوق دستورية في إطار اتحادي، قريب من الفيدراليات العالمية، وإقامة "حكومة إقليمية"، والمشاركة في الحكومة الوطنية العراقية، والوصول إلى مركز رئاسة البلاد، ولو كان رمزياً. إبان تلك المرحلة "الذهبية" بين 2003 و2011، توصف العلاقات الكردية - الأميركية بأنها "الأكثر غزارة"، إذ حصلت حكومة كردستان العراق على أفضل ما يمكن الحصول عليه عملياً، وانتشرت صورة إيجابية لدى الرأي العام الأميركي عن "الحلفاء الأكراد". أوباما خلال سنوات رئاسة باراك أوباما، حافظت حكومة كردستان الإقليمية على حقوقها المنصوص عليها وعلى مساحتها، على الرغم من انسحاب القوات الأميركية من العراق نهاية 2011، وحافظت على مشاركتها في السلطة المركزية على الرغم من تعاظم النفوذ الإيراني منذ 2012، إلا أن تطوّرين خلطا الأوراق ووضعا أربيل في وضع حرج. الأول كان بانتشار الميليشيات المؤيدة لإيران في المناطق الشيعية، ودخولها إلى المناطق السنية، ووصولها إلى تخوم كردستان. ولو لم تكن البيشمركة موجودة، لاخترقت الميليشيات الإقليم. مع إن القوى الحليفة لإيران لم تدخل مناطق الأكراد مباشرة، إلا أنها افتعلت أحداثاً داخل كردستان، وصولاً إلى محاولات شق الصفوف داخل مختلف أنحاء الإقليم، ما هدد الوحدة الداخلية لسنوات. الأزمة الأخطر أتت مع "داعش" الذي اجتاح معظم مناطق السنة، ووصل إلى تخوم المناطق الشيعية، وابتلع البلدات والقرى المسيحية والإيزيدية، وصولاً إلى جبل سنجار. حُوصرت كردستان وباتت أربيل على مرمى مدفعية "داعش"، وهرع مئات آلاف النازحين من الموصل وسهل نينوى وسنجار. ووقفت البيشمركة على الجبهات، وارفعت الخسائر. وبعد تأخر ملحوظ، تدخلت إدارة أوباما وأمرت الطيران بالتدخل لوقف زحف "الدواعش". وما بين صيف 2014 وبداية 2017، شاركت القوات الكردية مع القوات العراقية، المدعومة من التحالف الأميركي في حرب استرجاع الأرض من الإرهابيين. حصلت حكومة الإقليم على دعم واشنطن وعلى امتنان بغداد. لكن إدارة أوباما غضت النظر عن "عودة" ميليشيات إيران تحت اسم "الحشد الشعبي"، إرضاءً للوبي الذي هندس الاتفاق النووي. كذلك صعّدت حكومة المالكي الحليفة لإيران ضد كردستان مالياً، فقطعت بعض الإمدادات وخففت السيولة عن أربيل. ما دفع بقيادة الإقليم للبدء في آلية "تقرير المصير" والاستفتاء. ترمب المرشح ترمب كان الأكثر حماسة "لتسليح الأكراد" بوجه الإرهابيين، واعتبارهم شركاء في المنطقة خلال الحملة. وبالفعل تم دعم الإقليم من قبل البنتاغون وتعزيز وجود العسكر الأميركي في جوار أربيل. وفي مرحلة إنهاء القاعدة الجغرافية لـ"داعش" بين 2017 إلى 2019، توسّع نطاق عمليات البيشمركة في شمال العراق تحت قيادة التحالف الدولي، في سباق مع تقدم "الحشد" في مناطق أخرى. ونظمت حكومة الإقليم بقيادة مسعود البرزاني استفتاءً شعبياً في سبتمبر (أيلول) 2017، نتيجته كانت لصالح الانفصال، وكان التوقع أن إدارة ترمب التي حالفت الأكراد ضد "داعش"، ستدعم هذا الاتجاه. إلا أن عاملين رئيسين عطّلا دعم البيت الأبيض للاستقلال التام لكردستان العراق. الأول كان الأزمة الداخلية في واشنطن جرّاء "تحقيق مولر" الذي شلّ السياسة الخارجية لترمب إلى حد ما. والثاني كان ضغط اللوبيين الإيراني والإخواني لمنع إقامة كيان كهذا يقف بوجه مشاريعهما في المنطقة. أزمة كركوك على أثر استفتاء سبتمبر، حاصرت حكومة حيدر العبادي القريبة من طهران كل حدود إقليم كردستان، وأرسلت قواتها لانتزاع مدينة كركوك من أيدي البيشمركة. وسيطرت ميليشيات "الحشد" على المدينة بعد انسحاب القوات الكردية منها، بعد أن تخلت إدارة ترمب عن مساندة أربيل في مشروعها الاستقلالي. هل كان ذلك خطأً في حسابات فريق البرزاني أم إرباكاً داخل فريق ترمب؟ المؤرخون سيحكمون. ولكن أزمة كركوك كشفت نوايا كل الأطراف، بما فيها واشنطن. النظام الإيراني يهدف إلى السيطرة على كردستان العراق وانتزاعها من المحور الأميركي. إدارة أوباما كان همها الاتفاق النووي وكان دعمها للإقليم في حده الأدنى، بينما إدارة ترمب وصل دعمها إلى الحد الأقصى، ما دون الوصول إلى الوقوف إلى جانب الانفصال. وحكومة رجب طيب أردوغان لا ترى خيراً في أي كيان كردي في المنطقة، بينما إسرائيل يهمها ابتعاد المحور الإيراني عن حدودها. بايدن المعروف عن الرئيس بايدن عندما كان عضواً في مجلس الشيوخ خلال الاحتلال الأميركي أنه أيّد فكرة إقامة ثلاث دول في العراق: شيعية وسنية وكردية. طبعاً الفكرة لم تلقَ تأييداً في واشنطن، بسبب تمسك المؤسسات السياسية بالحدود الدولية القائمة في المنطقة. إلا أن فكر بايدن "القديم"، أي إبان خدمته كسيناتور، كان مؤيداً لمشروع كيان كردي، ولكن من ضمن دولة العراق. وعطفُ بايدن القديم على الأكراد عامة كان تجاه ما اعتبره أزمة تاريخية مع تركيا، وليس إيران. وهذا صحيح أيضاً بالنسبة لأكراد سوريا. إلا أن فكر بايدن "القديم" يصطدم بأجندة إدارته الجديدة، المستوحاة من مشاركته في إدارة أوباما. فهذه الأخيرة وضعت الاتفاق النووي فوق كل اعتبار، إلى حد أنها تخلت عملياً عن الدول العربية ومعارضات المنطقة وحتى إسرائيل. وفي 2021، عادت سياسة أوباما إلى البيت الأبيض وسيّده الجديد. لذا فأي استشراف لما ينتظر حلفاء أميركا الكبار، السعودية ومصر وإسرائيل، قد يخلص إلى أن علاقات إدارة بايدن مع هذه القوى الإقليمية ستستمر طبيعياً على الصعيد الثنائي، ولكن الأولويات ستتغير على الصعيد الإقليمي. وإذا كان هذا هو الوضع على صعيد "كبار" المنطقة، فكيف بالحري على صعيد القوى الأصغر؟ من المنتظر أن تستمر إدارة بايدن بالدعم التقليدي لإقليم كردستان، ولكن عبر حكومة بغداد. بالتالي ليس متوقعاً أن تزداد العلاقة العسكرية بمواجهة "داعش" لترتقي إلى مستوى علاقات استراتيجية مباشرة. والأهم أنه طالما هنالك تقدم باتجاه الاتفاق النووي، فلن تدعم واشنطن مشروعاً كردياً باتجاه الاستقلال التام، بل تدعم النظام الاتحادي المنصوص عنه في الدستور العراقي. الحاضر والمستقبل مما هو واضح أن كردستان العراق قد قطع مسافة طويلة بين مرحلة الملا مصطفى وقواته المتمترسة في أعالي الجبال، وابنه الذي كان يرأس كياناً ذا حكومة محلية معترف بها داخل العراق وتتمتع بعلاقات واسعة عالمياً. هذا تقدم كبير. إقليم ممثل في رئاسة الدولة وفي حقيبة وزارة خارجيتها لسنوات. كردستان بات واقعاً لا خلاف على وجوده في العراق. المسألة لم تعد وجوداً، بل حدوداً. بمعنى آخر إلى أي حد ستتطور العلاقات الدولية لهذا الإقليم؟ رياح متضاربة تعصف بالمنطقة، ولكن هنالك أملاً كبيراً بأن تطور كردستان العراق بعلاقاتها في كل الاتجاهات لمصلحة نموها وتفاعلها مع الجوار. وهذه أهم المحاور. علاقات أربيل ببغداد أساسية، وهي لا بأس بها على صعيد الحكومة الحالية. على الصعيد الشعبي، العلاقات المجتمعية بين مجتمع كردستان والمجتمع المدني العراقي في المناطق الشيعية، قد تطور إيجاباً، لا سيما منذ احتجاجات خريف 2019. فالطرفان، الأكراد والشيعة المعتدلان يواجهان الميليشيات "الإيرانية" معاً. من ناحية أخرى ينبغي على القيادة الكردية أن تهتم بالعلاقات مع الأقليات المسيحية والإيزيدية التي تعيش في المناطق نفسها وإلى جانبها. والمعلوم أن كردستان العراق استقبلت مئات الآلاف من اللاجئين وأوتهم على أراضيها. وكثير منهم يثمنون هذه المساعدة. إلا أن هنالك أطرافاً داخل هذه الطوائف تنتقد حكومة الإقليم بسبب أحداث سابقة بين الطرفين. بالتالي فإن حواراً عميقاً بين كل تلك الأقليات في شمال العراق يستحق التركيز. أما التواصل مع المكوّن العربي السني، فهو أكثر من أساسي بالنسبة لأكراد العراق، وهو حاصل أساساً منذ سنوات، وله مساحة جغرافية وسياسية واسعة تمتد من الموصل إلى الأنبار إلى العمق السني في الوسط، حيث الشراكة متينة مع السنة المقاومين لـ"داعش"، والمعارضين لإيران. أما إقليمياً، وبمواجهة التهديد الإيراني شرقاً، والضغط الآتي من حكومة أردوغان شمالاً، فالمتنفس الطبيعي الأهم هو جنوباً عبر الانفتاح على التحالف العربي بقيادة السعودية، عبر حوارعربي - كردي يعزز التعايش داخل العراق ويمتّن التحالف ضد الإرهاب. وأخيراً وليس آخراً، فاهتمام الإقليم ولو شعبياً "بمعاهدة إبراهام" يأتي طبيعياً، إذ إن الأكراد من مشجعي السلام في المنطقة، وسيكونون في الصف الأمامي عندما ينضم العراق إلى منظومة السلام. في الخلاصة، وبغض النظر عن الفوارق في السياسات الأميركية، فإن علاقات إقليم كردستان العراق مع الأقليات المحيطة بها والمكونين السني والشيعي داخل العراق، والحكومة المركزية، والتحالف العربي، وكتلة إبراهام، هي المفاتيح الأساسية للترابط مع العمق القومي الأميركي، بالتالي حماية حرية هذا الشعب من المخاطر المحيطة، وجعل الإقليم عضواً في حلف الأمن والاستقرار والسلام في الشرق الأوسط.

Read more

All Contents are reserved by Draw media.
Developed by Smarthand