سيادة العراق والاعتداءات العسكرية التركية والإيرانية
2022-12-08 17:21:37
عربية Draw :
تعقد المشهد الأمني في العراق بتكرار الخروقات والانتهاكات العسكرية على الأراضي والأجواء العراقية مما ادى الى زعزعة الوضع الأمني وخلق حالة من عدم الاستقرار الأمني بسبب استمرار الاعتداءات العسكرية من قبل تركيا وإيران منذ سنوات ماضية والى الوقت الحاضر وما يتمخض عنها بوقوع مستمر من الضحايا المدنيين العراقيين وانتهاك للسيادة الوطنية فضلاً عن توسيع عدد ومساحة تواجد كلا الدولتين العسكري غير الشرعي على الأراضي العراقية.
العمليات العسكرية على الأراضي والأجواء العراقية
كانت آخر العمليات العسكرية التي شنتها الدولتين هي العملية العسكرية الجوية التي شنتها تركيا في شمال العراق وسوريا حيث شاركت فيها اكثر من 70 آلية جوية من مقاتلات حربية وطائرات دون طيار مزودة بالأسلحة أطلقت تركيا عليها عملية المخلب_ السيف الجوية وأعلنت وزارة الدفاع التركية ان الطائرات التركية نفذت ضربات جوية ضد قواعد المسلحين في إقليم كوردستان ودمرت ٨٩ هدفاً رداً على الهجوم العسكري التي تعرضت لها تركيا وتحديدأ في اسطنبول الذي أسفر عن مقتل ٦ أشخاص وعشرات القتلى في تشرين الثاني لعام 2022.وبدوره، شن الحرس الثوري الإيراني قصف صاروخي وهجمات بمسيرات مفخخة، وضربات بطائرات بدون طيار ضد الجماعات المعارضة الكوردية الإيرانية وعلى المعقل الرئيسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني الإيراني المعارض في 14 من تشرين الثاني، وسبقتها ضربات مماثلة في 28 أيلول لعام2022.
وتبرر إيران عملياتها العسكرية على الأراضي العراقية بوجود مسلحين معارضين لها داخل الحدود العراقية وبأنها السبب بإثارة الاضطرابات الداخلية والمظاهرات التي تشهدها إيران منذ 16 أيلول إثر وفاة مهسا أميني، لا سيما في الشمال الغربي حيث يعيش معظم أكراد إيران الذين يصل عددهم إلى 10 ملايين. وأشعلت وفاتها منذ ذلك الحين تأجيج الغضب الشعبي حول العديد من قضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في إيران.أما تركيا فتتحج بالمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على الحق المشروع في الدفاع عن النفس، والاتفاقية الأمنية المنعقدة بين الحكومة العراقية السابقة والحكومة التركية التي تسمح لها بمطاردة حزب العمال الكوردستاني PKK، وتعقيباً على ذلك أكدت وزارة الخارجية العراقية وعلى لسان وزيرها السيد فؤاد حسين انه لا توجود اتفاقية أمنية بين الطرفين بل مجرد محضر رسمي موقع من قبل وزير الخارجية العراقي آنذاك طارق عزيز مع نظيره التركي عام 1984 ولمدة عام واحدة فقط، يتعلق بالسماح للقوات التركية بدخول الأراضي العراقية بمسافة لا تتجاوز 5 كيلومترات.في الحقيقة أن جميع ما ذكر من تبريرات هي غير قانونية وتنتهك سيادة العراق الوطنية، لان جميع الهجمات العسكرية التي تعرض لها العراق لم تكن بعلم أو اتفاق مسبق مع الحكومة العراقية وبدون سماح الاخيرة لها بكيفية ونوعية الاجراءات التي تتخذها كلا الدولتين في التعامل مع الاحزاب المعارضة لها.
أزمة السيادة العراقية
جزء من مسألة ازمة العراق السيادية يرجع إلى النظام الداخلي وتصارع القوى السياسية الحاكمة وتشتت وحدة القرار السياسي وتباين المواقف اتجاه العمليات العسكرية الخارجية حيث أصبح ساحة لتصفية الحسابات وتصارع النفوذ الإقليمية والدولية على أرضه
فضلاً عن ضعف الموقف السيادي في تبني استراتيجية واضحة وموحدة وتطبيقها على ارض الواقع في التعامل مع الملف الأمني بخصوص الهجمات العسكرية الخارجية في تفعيل الإجراءات الغير عسكرية سواء باستعمال الضغوط الاقتصادية كأداة ضغط خصوصاً ان الدولتين تمتلك مبادلات تجارية ضخمة مع العراق ويعد الاخيرسوق استهلاكي أساسي لها أو استعمال الأداة الدبلوماسية على الرغم من محاولات العراقية الكثيرة في هذا المجال وآخرها كلمة السيد وزير الخارجية فؤاد حسين في جلسة مجلس الأمن الطارئة المنعقدة في 26 يوليو 2022 بشأن الاعتداء التركي واكد فيها نصياً على " ضرورة اصدار قرار يلزم تركيا بسحب قواتها العسكرية من كامل الاراضي العراقية، حيث ان تواجد هذه القوات غير شرعي ولم يكن بطلب من الحكومة العراقية، وليس هناك اي اتفاق او اتفاقية عسكرية أو أمنية بهذا الخصوص، وان تواجدها سيؤدي الى زعزعة الوضع الأمني وخلق حالة عدم الاستقرار وتوجيه إدانة قوية تجاه هذا العدوان، والعمل على ضمان مساءلة مرتكبي هذا الفعل الشنيع الذي استهدف المدنيين، بوصفه تهديدا للأمن القومي العراقي، وللسلم والأمن الإقليمي والدولي، عبر تشكيل فريق دولي مستقل للتحقيق في هذا العمل العدواني،.و طالب الى ان يتم ادراج بند الحالة بين العراق وتركيا على أجندة اعمال مجلس الأمن، نظرا لتكرار الخروقات التركية للأراضي والاجواء العراقية منذ سنوات عدة، والتي تسبب بوقوع ضحايا من العراقيين العزل، إلزام الحكومة التركية بدفع التعويضات الناجمة عن الخسائر التي لحقت بالمدنيين العُزل، وما نجم عنه من توقف نشاطات اقتصادية وسياحية نتيجة هذا القصف المدفعي التركي." ومع هذا لم تلتزم تركيا بما ذكر مسبقاً واستمرت في اعتداءاتها العسكرية.
قرارات المجلس الوزاري للأمن الوطني
نشهد الآن تغيرا في الموقف العراقي مع تبني الحكومة العراقية برئاسة السيد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني استراتيجية محددة في التعامل مع هذا الملف باتخاذه مجموعة من القرارات في اجتماع المجلس الوزاري للأمن الوطني بخصوص الاعتداءات والخروقات التركية الإيرانية وهي كالاتي "وضع خطة لاعادة نشر قوات الحدود العراقية لمسك الخط الصفري على طول الحدود مع إيران وتركيا، تأمين جميع متطلبات الدعم اللوجستي لقيادة قوات الحدود وتعزيز القدرات البشرية والاموال اللازمة واسنادها بالمعدات وغيرها بما يمكنها من انجاز مهامها، المناورة بالموارد البشرية المتاحة لوزارة البيشمركة لتوحيد الجهد الوطني لحماية الحدود العراقية".
وستساهم القرارات المذكورة سابقاً في تدعيم الموقف العراقي، ومن الضروري تعزيز سيادة العراق الوطنية ضد اي اعتداء عدواني خارجي وخصوصاً انه يقع على عاتق السلطة السياسية الفاعلة في العراق مسؤولية الحفاظ على سلامة وسيادة ووحدة العراق بتفعيل الآليات العسكرية وغيرالعسكرية خصوصاً ان الجيش العراقي يحرز تقدما في التصنيفات الدولية حسب موقع Global Firepower الامريكي اذ يحتل العراق المرتبة السادسة عربياً و34عالمياً، وتعزيز مبدأ الحوار والمصالحة الوطنية لتحقيق الاندماج والتفاعل السياسي بين القوى السياسية لدعم السيادة الوطنية من خلال اتخاذ جميع التدابير والقرارات الممكنة التي تعزز من مكانة العراق الاقليمية، والاهم تعزيز مبدأ المواطنة والهوية الوطنية بغض النظر عن الايدلوجيات والانتماءات الحزبية او الطائفية.