الواجبات الوطنية لعضو المكون الكوردي في مجلس النواب العراقي
2021-11-01 09:31:33
د. أبوبكر صديق عمر
ان الدستور العراقي أقر على تنظيم العلاقة بين إقليم كوردستان العراق والدولة العراقية ( على مستوى الحكومة الاتحادية )على ثلاثة اسس رئيسية ، يتمثل الاولى ، الاساس الارضي ، الذي خُطِط لكيفية معالجة القضايا المتنازعة على الحدود والاقليم الارضي لشعب اقليم كوردستان ، حيث تنضوي المادة 140في دستور 2005 ، الحلول الدستورية لهذا التنازع .اما الاساس الثاني ، هو الذي يحدد ويخطط لكيفية تنظيم العلاقة والمشاركة السياسية لمكون الكوردي في السلطات الاتحادية وسبل المشاركة في صنع القرارات السياسية واصدار القوانين . اما الاساس الثالث ، يمثل الاساس المالي الذي يحدد سبل حصول سلطات اقليم كوردستان على الواردات المالية الاتحادية . هذه المستويات ، التي قوننتها المواد المنضوية في الدستور العراقي ، تحكم سبل معالجة القضايا العالقة بين اقليم كوردستان والدولة العراقية على مستوى الحكومة الاتحادية .ولكن هناك ثغرات كثيرة وجوهرية في هذا التتقنين ، تغاضى عن ادراجها المشرع الدستوري في احكام الدستور . ومن اخطر هذه الثغرات ، هي عدم اقرار المشرع في احكام وقواعد دستور 2005 على حق النقض( الفيتو)لموجهة القوانين او القرارات المزمع تمريريها الاكثرية النيابية او الوزارية داخل سلطتي التشريعية والتنفيذية .حيث يعتبر هذا الحق ( حق النقض) أحد اركان الديمقراطية التوافقية . وخصوصا عند الحديث عن المادة 65 من دستور 2005 ، التي تقضي بانشاء مجلس اتحادي ،يتمثل فيه ممثلي الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم ، حيث تغاضى المشرع الدستوري عن الاقرار على منح حق النقض لممثلي الاقاليم او المحافظات ، للتصدي للقرارات او القوانين التي تمس كيان او اقليم او محافظة ما في المجتمع العراقي وتنوي الاكثرية النيابية ، اصدارها .
ان كل من يود ان يشغل وظيفة سياسية داخل السلطات الدستورية في الحكومة الاتحادية ، يتوجب ان يمتلك ثقافة دستورية وقانونية وسياسية كي يتمكن ان يخاطب المكون العربي ، الذي هو صاحب الحصة الكبيرة في صنع القوانين و اصدار القرارات الادارية و المالية والسياسية من جهة ، ومن جهة ثانية ،ان المجلس النواب العراقي هو الذي يمتلك القدرة على محاسبة الحكومة من خلال ما يمتلكها من سلطة رقابية وحقه في الاقرار على قانون الموازنة . وهذا يفرض على الممثل المكون الكوردي في المؤسسة التشريعية ان يكون لديه الالمام الكامل بالحقوق المقِرة لشعبه في الدستور وان يمتلك القدرة اللغوية والقانونية لتعبئة الكتل العربية - سونية كانت ام شيعية -وخصوصا عند اصدار القوانين التي تمس سلطتي وصلاحيات المؤسسات الدستورية في الاقليم وذلك للحيلولة دون المساس بالحقوق المقرة والمكتسبة في الدستور العراقي .
ان على من ينال ثقة الشعب في اقليم كوردستان ، كي يكون عضوا في مجلس النواب العراقي ، يتعين ان يعمل على الاتجاهات التالية :-
الاتجاه الاول :-العمل على الولوج في المحافل والاوساط التي يتم فيها حضور المكون العربي – الشيعي او السني- والمراجع التي تحكم على مصدر القرار العربي – الشيعي او السني –وذلك للحيلولة دون اصدار القوانين او القرارات التي من الممكن ان تمس الحقوق القومية لشعب كوردستان . اي انه من الضروري العمل على انشاء لوبي داخل السلطات الاتحادية والمراجع الدينية او المذهبية والكتل السياسية الشيعية والسنية المختلفة ، بهدف شرعنة حقوق ومطالبنا ومصالحنا القومية في اذهان هذه الجهات على ان تكون هذه الشرعنة مبنية وناتجة عن تعميق الصداقة بين الكورد والعرب على كل المستويات . والتي من شأن هذه الصداقة ان تقضي على اوكار وافكار الشوفينية الموجودة في الشاررع العربي ضد تطلعات الكوردية المصادق عليها من خلال الدستور.
الاتجاه الثاني:- العمل على تحقيق الوحدة بين الكتل الكوردستانية ، وعدم فسح المجال، لإنتقال الخلافات السياسية الكوردية من إقليم الى المؤسسات الدستورية الاتحادية .اي انه علينا ان نضع خلافاتنا ، ككورد ،في قشتبة وقرهنجير وان نوحد صفوفنا في بغداد ، لتحقيق حقوقنا السياسية والارضية والمالية .ويستدعي ذلك ان نؤسس شعبة او مؤسسة او غرفة قومية ستراتيجية ، لخلق وانشاء السياسات الكوردية وبناء خطاب قانوني – سياسي تجاه السياسات التي تباشرها الحكومة والسلطات الدستورية ، تجاه اقليم كوردستان .
الاتجاه الثالث :- ان كل من ينال ثقة الشعب ليكون عضوا في البرلمان العراقي يتوجب عليه ان يتعمق في احكام الدستور كي يكون لديه فهما دستوريا عميقا بالحقوق السياسية والارضية والمالية المثبتة في الدستور العراقي .
وعند الحديث عن القضايا العالقة تقسم هذه القضايا الى ثلاثة مجالات رئيسية يقتضي ان يسلك كل ممثل كوردي في البرلمان العراقي المسالك التالية وهي :-
اولا: المجال المالي :- يقع على كاهل العضو البرلماني للمكون الكوردي في مجلس النواب العراقي ، ان يبذل قصارى جهده القانونية والسياسية بهدف تفعيل المادة 106 من الدستور العراقي التي تقضي بإنشاء هيئة مستقلة تمثل فيها ممثلي الاقاليم و الوزارات والمحافظات غير المنتظمة في الاقليم . وتختص هذه الهيئة بمراقبة مصادر تحصيل الواردات الدولة الاتحادية وسبل توزيعها على الشعب العراقي بصورة عادلة .ان تطبيق هذه المادة والتركيز على مباشرة اختصاصاتها الرقابية المالية ، تكون وسيلة رادعة للحد من تقاعس وتنصل سلطتي التشريعية والتنفيذية بما يتمتع بها شعب اقليم كوردستان من حقوق وحصص من الموارد المالية الاتحادية .
ثانيا : في مجال المشاركة السياسية
يقع على عاتق الممثل الكوردي في البرلمان العراقي مهمة العمل على اصدار قانونٍ وفقاَ لمقتضيات المادة 105 من دستور 2005 والتي تقضي بإنشاء هيئة مستقلة تمثل فيها الاقاليم والوزارات والمحافظات غير المنتظمة في الاقليم . وذلك بهدف مراقبة عملية المشاركة السياسية وفقا لمقتضيات الاحكام المنضوية في دستور 2005 والمتعلقة بالمشاركة السياسية في المؤسسات الدستورية والهيئات الادارية والوزارارات .. الخ ، لمختلف المكونات في المجتمع العراقي .
ثالثا :-في المجال الارضي
العمل على تفعيل المادة 140 في الدستور العراقي . ومن ابرز الوسائل الناجعة والرادعة للاحتفاظ بفحوى هذه المادة من حيث النفاذ والتنفيذ ، هي اللجوء الى الجهات القضائية المختصة كالمحكمة الاتحادية العليا ومجلس الدولة ، كل حسب اختصاصاتها. وترجع اسباب اللجوء الى المحاكم والسلطات القضائية لاستدامة نفاذ هذه المادة وتفعيل تنفيذها ، الى تقاعس وتنصل السلطات الاتحادية – التشريعية والتنفيذية – عن تطبيق هذه المادة من جهة ومن جهة اخرى قد تلجأ هذه السلطات الى اصدار القوانين او القرارات من الممكن ان تمس الحقوق والمكاسب السياسية المثبتة في النصوص الدستورية وخصوصا بما حواها المادة 140 . ففي هذه الحالات لابد اللجوء الى السلطة القضائية الاتحادية للحد من اعتداءات السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية على الحقوق السياسية الاساسية وخصوصا الحقوق الارضية لشعب اقليم كوردستان .