أهمية قانون مجلس الاتحاد

2025-02-27 10:57:53
عربية:Draw
يعد المجلس الاتحادي العراقي أحد أهم المؤسسات الدستورية التي نص عليها دستور العراق لسنة 2005، حيث يمثل الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم ويعمل كجزء من السلطة التشريعية جنبًا إلى جنب مجلس النواب، بالرغم من أهميته في ترسيخ النظام الاتحادي، إلا أن المجلس لم يُفعَّل حتى الآن، مما يثير تساؤلات حول أسباب تعطيله وتأثير غيابه على التوازن السياسي والتشريعي في العراق .
الإطار الدستوري للمجلس الاتحاد:
وفقا للمادة 65 من الدستورالعراقى لسنة 2005 فإن مجلس الاتحاد العراقي يضم ممثلين عن الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم وينظم تكوينه وشروط العضوية فيه واختصاصاته وكل ما يتعلق به بقانون يُسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس ، ويشكل هذان المجلسان السلطة التشريعية الاتحادية وفق المادة (48) من الباب الثالث من الفصل الأول من الدستور والتي تنص « تتكون السلطة التشريعية الاتحادية من مجلس النواب ومجلس الاتحاد »،كما و يجب ايضاً مراعاة المبدا العام وفق ما جاءت به المادة (5) من الدستور بقولها (السيادة للقانون ، والشعب مصدر السلطات و شرعيتها ، يمارسها بالاقتراع السري العام المباشر و عبر مؤسساته الدستورية) .
الفلسفة المزدوجة للسلطة التشريعية
تشكل الفلسفة المزدوجة للسلطة التشريعية أحد الركائز المهمة في النظام الفيدرالي لضمان تمثيل المكونات والاقاليم والمحافظات، وحمايتها من الهيمنة والأغلبية، وتوفير الضمانات لتعزيز مبدأ المساواة ، يعد تأسيس المجلس الاتحادي خطوة ضرورية لضمان التوازن في صناعة القرار التشريعي، و يسهم ذلك من خلال تمثيله المباشر في التشريعات الوطنية إذ يتيح وجود مجلسين لمراجعة القوانين وتعديلها بشكل أكثر دقة عبر تمكين الأقاليم والمحافظات من المشاركة في صنع القرار مما يعزز الاستقرار السياسي والتعايش بين مختلف المكونات العراقية لذلك يُعد النظام التشريعي المزدوج أحد ركائز النظام الاتحادي، كما يعزز مبدأ المساواة بين مختلف المكونات العراقية.
لقد حاول الكورد ضمان حقوقهم الدستورية في صياغة الدستور العراقي لسنة 2005، إلا أن العرب كانوا صارمين جداً ضد حق التقرير المصير للشعب الكوردى ، في حين أنه ليس سرا أن الكورد يقاتلون من أجل حقهم في تقرير المصير منذ 100 عام ، ولاشك في أنه بدون إعطاء حقوق الشعب الكوردي دون ضمانات دستورية لن يكون هناك سلام في العراق ،الشعب الكردى يريد التأكد من أنة لن يتعرض مرة اخرى للأنفال و التهجير والتعريب و .......الخ .
اهمية إقرار هذا القانون
احدى الامور المهمة في اقرار هذا القانون هو هل يكون لهذا المجلس حق صلاحية النقض على مشاريع القوانين، و كيف يتم انتخاب أعضاء المجلس، مع تمثيل محافظات والاقاليم، وكذلك كيفية اتخاذ القرارات، وما هي حقوق وصلاحيات الأعضاء في الإقليم و المحافظات ، ثم دور المجلس الاتحادي في ممارسة هذه الصلاحيات والمشاركة فيها؟ لأن المادة 65 تعطي المجلس صلاحية تنظيم اختصاصات هذا المجلس وتشكيله بقانون.
صلاحيات المجلس الاتحادي
نتوقع ان تشمل اختصاصات المجلس الاتحادي ما يلي:
اولاً: الاختصاص التشريعي
تحديد صلاحيات المجلس ومدى تمتعه بحق النقض على مشاريع القوانين ، ومنع الهيمنة الاغلبية البرلمانية هي لتعزيز مبادىء الفيدرالية.
إن تحديد حقوق وصلاحيات الأقاليم والمحافظات في المجلس هي للمشاركة في سن القوانين إلى جانب مجلس النواب و لضمان التوزيع العادل للسلطة و الثروة و مراجعة القوانين المقترحة وتعديلها ، وكذلك اقتراح مشاريع قوانين جديدة ، وكذلك مشاركة المجلس في عملية انتخاب رئيس الجمهورية بالتنسيق مع مجلس النواب ويليه المشاركة فى الاختصاص في تعين اصحاب الدرجات العليا ، والمشاركة فى قرارات السياسية و القانونية وفقاً للمادة (109 ، 110 )من الدستورواخيراً وليس اخراً المشاركة فى كافة الصلاحيات المنوحة لمجلس النواب بموجب المادة (61 ) من الدستور والمادة (48) من الدستور .
ثانياً: الإشراف القضائي:
ان المشاركة في (الاختصاص الصلاحيات الرقابة و القضائي) اي المشاركة فى محاكمة رئيس الجمهورية والنواب و الرئيس الوزراء عند اتهامهم من قبل مجلس النواب.
أهمية القانون بالنسبة للكورد والشيعة والسنة والطوائف الأخرى:
إن العراق اليوم بعد عام 2005 هو العراق الذي يهيمن عليه المكون العرب الشيعة، ومن المهم أن تتعلم الأغلبية الشيعية من الماضي وتقديم الضمانات للشعب الكردي والمكونات الاخرى هذه من ناحية ، ومن ناحية أخرى، فإن من واجب المجتمع السني أن يدعم المطالب الكردية في هذه القضية لأن في نهاية المطاف ستصب في مصلحته ايضاً، وبالتالي فهي فرصة لإحياء أمل التعايش والوحدة.
إحدى الفوائد الرئيسية لوجود مجلسين تشريعيين هي توفير نوع من التوازن بين المجلسين باعتبار ان كل مجلس يمثل مصالح مختلفة ويعتمد على عمليات انتخاب منفصلة، كما ان المبدأ العام في الدول ذات النظام الفيدرالي هو المساواة بين المجلسين والحق في اقتراح مشاريع القوانين .
يمكن لقانون المجلس الاتحادي أن يضمن وحدة أراضي العراق و وحدة شعبه، وذلك من خلال إعطاء حق النقض على قوانين مجلس النواب وتنفيذها وإعطاء حق النقض لممثلي المحافظات، لذلك فإن أغلبية الشيعية بشكل خاص والعرب بشكل عام يواجهون مسؤولية تاريخية تجاه الشعب الكردي، وإذا أعطوا هذا الحق لممثلي المحافظات فإنهم سيحظون بثقة الشعب الكردي.
كما ويجب على أصدقاء و حلفاء العراق أن يساعدوا في إقرار هذا القانون المهم بطريقة تجعله مصدر قوة وبناء الثقة في الحاضر وفي المستقبل .
لذلك اذا اقتصرت الاختصاصات ومهام المجلس الاتحادى على مواضيع غير مهمة و تقليدية ، على سبيل المثال ( اقتراح مشاريع القوانين وابداء الرأي و المناقشة و الاستيضاح و السعي لحل الخلافات و النظر فى بعض حالات و مشاركة فى اختيار بعض المناصب ، فى هذا حالة لا حاجة لاصدار وتشريع هذا القانون لانه سوف يكون مجلسأ كرتونياً وتشريفياُ .
ان الحكمة الثنائية للسلطة التشريعة هى اعطاء الضمان الى كافة المكونات ، مما يدل ان إصدار هذا القانون يتوافق مع ثنائية السلطة التشريعة من حيث القوة التضامنية المشاركة للمجلسين (النواب و الاتحادي ) فى ترسيخ الركائز الدولة فيدرالية و تحقيق الدىمقراطية بما يلائم االضمانة الدستورية فى تحقيق العدالة و صيانة الحقوق المحافظات والاقليم ، كما أنها تحمي الأقليات من هيمنة الأغلبية بضمانات دستورية وقانونية. في ظل النظام السياسي العراقي القائم على المحاصصة والتوافق، نرى انه من الأفضل توزيع الصلاحيات بين المجلسين بحيث يُحال القرار الذي يحتاج إلى أغلبية إلى مجلس النواب، بينما يُحال القرار الذي يتطلب إجماعًا إلى المجلس الاتحادي.
الاستنتاج:
يجب أن يدرك السياسيون العراقيون أن العراق يتكون من اكثر من مكون (الكورد والعرب الشيعة، والعرب السنة ومكونات اخرى )، مما يستوجب ضمان حقوق جميع المكونات.
صدور قانون مجلس الاتحادي هو خطوة ضرورية لمستقبل العراق الموحد، حيث إن تعزيز الصلاحيات التشريعية لهذا المجلس سيسهم في حماية حقوق الأقليات ومنع هيمنة الأغلبية، وهذا ما يعزز مبادئ الديمقراطية والفيدرالية.
يُعد المجلس الاتحادي ضرورة دستورية تهدف إلى تحقيق التوازن في صنع القرار، وتعزيز مبدأ الفيدرالية، وضمان التمثيل العادل لجميع المكونات العراقية، رغم التحديات التي تحول دون تفعيله، فإن إقراره وتحديد صلاحياته بشكل واضح سيسهم في تعزيز الديمقراطية والاستقرار في العراق. لذلك، من الضروري أن تبذل القوى السياسية جهودًا جدية لتفعيل هذا المجلس، بما يحقق مصلحة البلاد ككل، ويضمن توزيعًا عادلًا للسلطة بين مختلف الأقاليم والمحافظات .
وأخيراً إذا لم يُمنح هذا المجلس الصلاحيات الكاملة التي اشرنا اليها سابقاً لحماية مكونات الشعب العراقي بشكل عام والشعب الكردي بشكل خاص فمن الأفضل عدم تكوينه، لأن هذا المجلس سيكون عبئاً على كاهل الشعب العراقي.
لو كنت عربياً لأعطيت اخوتي الكورد ورقة بيضاء لكتابة وتشريع قانون المجلس الاتحادي، لأطمئنهم بان العراق الجديد مختلف تماماً عن العراق القديم لكي اعوضهم عن المعاناة و البؤس و الظلم الذي عانوه في الماضي .