عن حفلة أردوغان المقامة على شرف العراق
2020-12-19 18:25:59
خالد سليمان
ان نمت مقاطع فيديو مُسرّبة من حفلة عثمانية-ذكورية أقامها الرئيس التركي أردوغان على شرف رئيس الحكومة العراقية مصطفي الكاظمي عن شيء، فإنما تنم عن نقاط ضعف أظهرت العراق كنمر يتضور جوعاً في صالة السلطان. يبدو ان أردوغان درس حفلة العشاء والموسيقى بعناية فائقة، ولذلك طلب من الكاظمي تمديد زيارته لنهار أو ليلة اضافية. للوهلة الأولى، ما يلفت الانتباه في الحفل، هو ان أعضاء الوفد العراقي منهمكين بتناول العشاء بشكل يظهر عليهم جوع شديد. هل تقصد أردوغان تأخير العشاء وإظهار وفد عراقي رسمي يمثل الدولة من أعلى مستوياتها بهذا الشكل المهين؟
هل كانت حفلة العشاء مدرجة ضمن أجندة الزيارة، أو تم ارتجالها بناءً على رغبة أردوغان؟ انه سؤال قد يجيب عليه الصحفي مشرق عباس، لأنه رافق رئيس الوزراء في زيارته غير الناجحة، ولأنه صحفي ويفترض ان يدفعه الفضول الصحفي الى مصادر المعلومات عن دوافع حفلة عشاء، كانت ارتجالية أغلب الظن. في حالة وجود الدولة وسياسات خارجية وبروتوكولية "صحية" ان صحت العبارة، يتم تنظيم مثل هذه الحفلات الفنية بالاتفاق مع المؤسسات الفنية والفنانين وتُقدم أعمال فنية ابداعية ورصينة، لأن الهدف وراء ذلك هو التعرّف على أصالة وتطور فنون الموسيقى والغناء وهوية البلد الثقافية. ما حصل في حفلة أردوغان المقامة على "شرف العراق" كان ضد القيم الفنية والثقافية التي يمكن من خلالها بناء الشراكة والتعاون، ذاك ان الحفل الغنائي بدا وكأنه شكل من أشكال التسلية وحط من شأن الفنون العراقية. ونترك قيام الرئيس التُركي بتعديل قميص رئيس الوزراء العراقي جانباً.
كان من المفترض ان يتم تخصيص الوقت الكافي لبحث القضايا المتعلقة بالمياه، ولكن أردوغان أنهى كل شيء بتصريح مقتصب أشار فيه الى عدم وجود مشكلات بشأن المياه. ولكن أردغان لا يعترف حتى بتعريف الأنهار الدولية لنهري دجلة والفرات، وبإمكان الكاظمي استشارة سفير حكومته في أنقرة، حسن الجنابي، حول هذا الأمر. ولا أهمية للحديث عن اتفاق ثقافي مفترض بين البلدين، لأن الحفل كان تعبيراً دقيقاً عن هذا الجانب، أما الجانب الأمني، فحدث ولا حرج: كانت الطائرات التركية تقصف قرى إقليم كُردستان، حتى أثناء حفلة العشاء.
اقتصر وجود الإعلام ضمن الوفد العراقي على شخص مشرق عباس، وهو كان من المدافعين عن ساحات الإعتصام ولم يترك منصة إعلامية الا ودعى من خلالها الى التغيير والاصلاح والقضاء على الفساد. لكنه بدا في حفل أردوغان كشخص منسي في وسط الصالة يتناول عشاءه، إنما بنهم أقل من الآخرين. يا ترى ماذا يحمل مشرق في جعبته من المعلومات حول زيارة مصطفى الكاظمي الى تركيا؟ وماذا يقول للشباب الذين دفعهم للاحتجاج في ساحات المدن العراقية؟ ماذا يقول لذوي شهداء ساحات الاعتصام؟ ماذا عن تلك الرسائل الفيسبوكية التي هاجم من خلالها زملاء المهنة، لأنهم أنتقدوا علاقاته الوثيقة بدوائر السلطة، وهل يعود يقول بأنه رافق الكاظمي الى تركيا كصحفي "مستقل"؟ ما هو شعوره وهو يشاهد نفسه في حفلة عشاء، أقامها مستبد يقبع عدد كبير من الصحفيين الأتراك في أسوء سجونه؟