واشنطن تلوح بعقوبات ضد العراق ومقاطعة أيّ رئيس وزراء من الفصائل

2025-12-11 16:28:18

عربيةDraw:

هدّدت الإدارة الأميركية بفرض عقوبات اقتصادية وسياسية على العراق في حال استمرار نفوذ الفصائل المسلحة الموالية لإيران في تشكيل الحكومة الجديدة، فيما تظهر مداورات تحالف "الإطار التنسيقي" استمرار النقاش حول اختيار رئيس الوزراء، مع الاتفاق حتى الآن على التزام المرشح القادم بمقررات التحالف، وعدم ارتباطه حزبياً بأي من كتل التحالف، وضمان حصوله على غالبية أصوات قادة التحالف.

وأكد خمسة مسؤولين وسياسيين عراقيين بارزين على مدى الأسبوع الماضي، وصول تحذيرات أميركية من أن واشنطن لن تتعامل مع أي رئيس وزراء محسوب على القوى والفصائل المسلحة، وهذا يشمل أيضاً الحقائب الوزارية السيادية بالبلاد، مثل الخارجية والدفاع والداخلية، والأجهزة الأمنية الرئيسة بالبلاد التي تتعامل معها قوات التحالف الدولي بالعراق، وأبرزها رئاسة أركان الجيش، وجهازا مكافحة الإرهاب، والمخابرات.

هذه التحذيرات الأميركية، وصلت عبر مسؤولين أميركيين لقيادات التحالف الحاكم "الإطار التنسيقي"، وللحكومة الحالية أيضاً، وفقاً لدبلوماسي رفيع بوزارة الخارجية العراقية، قال، إن الإدارة الأميركية تضغط اقتصادياً وسياسياً على العراق أكثر من أي وقت سابق. المسؤول العراقي، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته كونه غير مخول بالتصريح، قال إن "الأميركيين أوصلوا رسائل صريحة خلال الأسابيع الماضية، بأنهم لن يتعاملوا مع أي رئيس حكومة أو وزير أو مسؤول تُقدمه الفصائل المسلحة، بالحكومة الجديدة".

ووفقاً للمسؤول ذاته، فإن "فترة السياسة الرمادية التي مارسها العراق طيلة السنوات الماضية، لم تعد متاحة اليوم"، معتبراً تسريب معلومات عن عقوبات اقتصادية، وتقييد وصول العراق إلى الدولار بالفترة الأخيرة جزءاً من عملية الضغط. ووفقاً لمستشار بارز في حكومة محمد شياع السوداني، قال لـ"العربي الجديد"، إن التلويح بالعقوبات الاقتصادية من قبل الولايات المتحدة، يُعقّد مهمة اختيار رئيس الحكومة الجديد". وأضاف أن "الجانب الأميركي بدأ التحرك مبكراً لممارسة ضغوط على العراق، فيما يتعلق بنفوذ الفصائل بالحكومة المقبلة، وهذا التحرك مصحوب بإرسال إشارات وتلميحات إلى فرض وزارتي الخزانة والخارجية الأميركتين عقوبات على شخصيات وشركات وجهات عراقية فاعلة، قد تشمل مؤسسات حكومية أيضاً".

وأكد أن الوضع الاقتصادي في العراق هش للغاية، خاصة فيما يتعلق بموضوع قيمة الدينار وإمدادات الدولار الذي يحافظ على قيمته محلياً، ولا يمكن ممارسة أي نمط للرفض تجاه هذه الضغوط. وفيما يخص الضغط الإيراني، أكد المسؤول ذاته أنه لم تظهر أي إشارات تدخل أو فرض وجهات نظر من الجانب الإيراني حتى الآن، على الأقل بالشكل المتعارف عليه في كل انتخابات، كما أنه لم يرسل أي إشارات تتعلق باسم رئيس الوزراء الجديد"، حسب قوله.

وعن السبب، قال إنه "قد يكون ذلك لاعتبارات تتعلق بالمسافة الواحدة التي ترغب إيران في البقاء بها من جميع القوى الشيعية، فيما يتعلق باختيار رئيس الحكومة، على اعتبار أنه لم يخرج من تحت مظلة قوى الإطار التنسيقي". وفيما أكّد عضو آخر بتحالف "الإطار التنسيقي"،أن قادة التحالف اتفقوا حتى الآن، على عدة نقاط ليس من بينها اسم رئيس الوزراء، وتتمثل بأن رئيس الحكومة المقبلة، يلتزم بمقررات التحالف وتوجهاته، ولا يتخذ قرارات سياسية وسيادية دون العودة له، والثاني أن يكون رئيس الحكومة المقبلة غير مرتبط حزبياً بأي من كتل التحالف، والثالث أن يحظى بغالبية أصوات أعضاء التحالف، بمعنى أن يكون هناك تصويت داخلي يحصل فيه المرشح على غالبية أصوات قادة التحالف".

الأسماء المطروحة لرئاسة الوزراء

وبحسب المصدر، فإن الأسماء المطروحة تشمل "المستشار بديوان الرئاسة علي شكري، ومستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، ورئيس جهاز المخابرات حميد الشطري، ورئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، ومحافظ البصرة الحالي أسعد العيداني، ورئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، ووزير الشباب الأسبق عبد الحسين عبطان، ورئيس هيئة التصنيع الحربي السابق محمد صاحب الدراجي، ورئيس هيئة المساءلة والعدالة (هيئة اجتثاث حزب البعث) باسم البدري".

والثلاثاء الماضي، قال عضو الكونغرس الأميركي، جو ويلسن، إن "استمرار دعم المليشيات المدعومة من إيران لن يُقبل"، مضيفاً في بيان، أن "الكونغرس مستعد لدعم الرئيس (الأميركي دونالد) ترامب بأحكام جديدة في قانون تفويض الدفاع الوطني التي تشترط تقديم المساعدة لقوات الأمن العراقية، باتخاذ العراق خطوات حقيقية لوقف دعم المليشيات المدعومة من إيران". وشدد على أنه من غير المقبول استمرار "أموال دافعي الضرائب الأميركيين في الذهاب إلى فيلق بدر وأي مليشيات مدعومة من إيران"، واصفاً فصائل مسلحة مثل "كتائب حزب الله، وعصائب أهل الحق، وكتائب الإمام علي"، بأنها "جماعات إرهابية".

وقد هاجم المبعوث الخاص للرئيس الأميركي لشؤون العراق، مارك سافايا، عدة مرات، عبر منصة إكس، وتصريحات صحافية، الفصائل الشيعية المسلحة في العراق، وفي رسالة شديدة اللهجة يوم 29 من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قال إن بقاء العراق "بصفتها دولة مؤثرة" في المنطقة مرهون "بالمعالجة النهائية" لملف الفصائل المسلحة والفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.

محمد المياحي، وهو محافظ واسط السابق، والقيادي في تحالف "خدمات"، المنضوي ضمن "الإطار التنسيقي"، وصف الضغوط الأميركية على العراق حيال ملف تشكيل الحكومة بقوله: "نسمعه دائماً. وجود الفصائل جاء بسبب الاحتلال الأميركي، وعلينا دمجها ضمن المؤسسات ودمج الفصائل لا يتم إلا بعد توفير الأمان لها، أي لا درونات (طائرات أميركية مسيرة) تلاحقها". وتابع المياحي: "الفصائل لا تهدد النظام السياسي في العراق، بل تدافع عن الأخطار الخارجية، ومن يعتقد أن واشنطن تنصبه رئيساً للوزراء غلطان"، وعن الترشح لرئاسة الوزراء، قال المياحي، في مقابلة مع محطة تلفزيون محلية، إن "هناك تسعة أسماء مطروحة لمنصب رئاسة الوزراء"، نافياً وجود مقابلات مع المرشحين لمنصب رئيس الوزراء بالوقت الحالي: "لا مقابلات تجري مع المرشحين، هناك طرح رؤية فقط".

وقال حسام الحسني عضو المكتب السياسي لـ"تيار الحكمة"، بزعامة عمار الحكيم، للصحافيين في بغداد، الثلاثاء الماضي، إن "واشنطن لم تعارض بشكل رسمي مشاركة الفصائل بالحكومة"، مؤكداً أن "قادة تنسيقية المقاومة يوكلون الآراء السياسية لقادة الإطار". وفي آخر موقف رسمي، قال السوداني في مقابلة تلفزيونية، بثت الأحد الماضي، إن "الإطار التنسيقي بات اليوم صاحب الحصة الأكبر بـ170 مقعداً، ما يضع على عاتقه مسؤولية كبرى في رسم ملامح المرحلة المقبلة، باعتباره الممثل الأساسي للمكون الشيعي".

لكنه رد على تصريحات حيال شروط أطراف في "الإطار التنسيقي"، بالتزام رئيس الحكومة المقبل بتوجيهات التحالف وقراراته بالقول: "غير مقبول التعامل مع منصب رئيس الوزراء باعتباره وظيفة إدارية. اختيار مدير لهذا الموقع سيؤدي إلى حكومة ضعيفة لا تصمد". وبتأكيد آخر على عدم وجود توافق حيال الملف داخل التحالف الحاكم بالعراق، قال السوداني: "لا يعقل تجاهل نتائج الانتخابات، والقوى التي حصلت على أعلى الأصوات والمقاعد، والذهاب إلى خيار بلا شرعية أو تفويض شعبي. من يتحمل المسؤولية عليه أن يحترم الأوزان الانتخابية". وأكد أن "جميع ملفات العلاقات الخارجية والمفاوضات مع التحالف الدولي كانت مطلعة عليها قيادات الإطار والائتلاف، أما القرارات الاقتصادية فمرّت عبر البرلمان الذي يملك الإطار أغلبيته"، مؤكداً أن "بعض الصلاحيات الدستورية تعود حصراً لرئيس الوزراء ولا يمكن مشاركتها مع أي جهة سياسية".

الخبير بالشأن السياسي العراقي أحمد النعيمي، اعتبر أن الضغوط الأميركية "استباقية لتحديد خيارات الإطار التنسيقي"، مضيفاً أن "الانكفاء الإيراني الحالي في حراك تشكيل الحكومة، وعدم اتضاح أي دور لها على عكس الانتخابات بنسخها السابقة، يعتبر، ذكاء أكثر من كونه تراجعاً حقيقياً، لأنها لا ترغب بإحراج الإطار التنسيقي، وتُقيّم الموقف والضغوط الأميركية، واحتمالية تأزيم الموقف العراقي أكثر فيما يتعلق بتعامل واشنطن السياسي والاقتصادي مع العراق". ووفقاً للنعيمي، فإن اختيار رئيس الحكومة المقبل ستحدده عوامل خارجية أساسية، أبرزها قدرته على التعاطي مع الجانب الأميركي، وتحقيق توازن لعبور المرحلة الترامبية"، في إشارة إلى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

واعتمدت الولايات المتحدة، منذ أواخر عام 2018، على مزيج من الضغوط الاقتصادية والمالية في تعاملها مع الملف العراقي، إلى جانب العمل العسكري الذي لم يغب في التعامل مع الفصائل والقوى المسلحة الحليفة لإيران. وتشير بيانات وزارة الدفاع الأميركية إلى أن واشنطن نفّذت 14 ضربة جوية، منذ عام 2019، استهدفت فصائل عراقية مدعومة من طهران، طاولت مقرات وثكنات ومواقع وأرتالاً لها في بغداد وبابل والأنبار وصلاح الدين وديالى، إضافة إلى عمليات القصف المتكررة على الشريط الحدودي مع سورية.

ومع مرور شهر كامل على إجراء الانتخابات العراقية في 11 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لم تُصادق المحكمة الاتحادية العليا في البلاد على نتائجها، وهو الإجراء الدستوري الذي يجب أن يتم قبل اكتساب النواب الجدد شرعيتهم والدعوة لعقد الجلسة الأولى للبرلمان، علماً أن أوزان الكتل الفائزة تغيّرت عدة مرات منذ الإعلان عن النتائج النهائية منتصف الشهر الماضي، بسبب قبول طعون ورفض أخرى تتعلق بمرشحين فائزين.

وعقد تحالف "الإطار التنسيقي" الحاكم في العراق، الذي يضم القوى العربية الشيعية باستثناء التيار الصدري، خمسة اجتماعات منذ نهاية الانتخابات وإعلان النتائج، لكن أي توافقات حيال شخص رئيس الوزراء المقبل لم تتحقق، وسط تأكيدات على خلافات "غير سهلة"، بين قوى التحالف، تتعلق غالبيتها بشخص رئيس الوزراء، مع استمرار طرح أسماء عديدة لم يحقق أي منها تأييد 50% من قيادات التحالف البالغ عددها تسع قيادات.

المصدر: العربي الجديد

بابه‌تی په‌یوه‌ندیدار
مافی به‌رهه‌مه‌كان پارێزراوه‌ بۆ دره‌و
Developed by Smarthand