دول الميليشيات.. نموذج ما بعد الدكتاتوريات
2020-10-26 14:20:07
طبيعة التطور علي المستوي العالمي في شكل الدولة، ونوعها، هي من الدول السلطانية من حيث الشكل والاستبدادية من حيث طبيعة نظام الحكم، الانتقال من السلطانية الي الشعبية بحيث تعود السلطة الي الشعب ويكون هو المحدد للحكومة والحكام، ومن الاستبدادية الي الديمقراطية حيث الحريات متوفرة والقانون هو السائد والحقوق مصانة والقضاء هو الحكم والمحاكم هو المكان الذي يرافع فيها من الطرفين، والمنافسة الاهلية هي الطريق، والدولة هي السيد.
لكن في منطقتنا، ان الدولة التي ثار شعبها علي الحكم الظالم المستبد الفرداني، التحول يكون الي التفكك وفقدان السيادة والقانون، ففي وقت كان الشخص الواحد او الحزب الواحد يجلس فوق القانون ويقتل كما يهوي، أصبحت الكيانات تجلس علي القانون وتهينه، والعديد من الاحزاب يقتل، وينتهك الحرمات، الحزب الحاكم تحول الي احزاب طاغية باغية والسلطة انتقلت من الشخص الواحد الي شخوص تفصل للدولة علي هواها ومقاسها، والسلاح الذي في كل النظم تكون شرعيتها للدولة فقط، تفشت الي دويلات الاحزاب.
دولة الميليشيات هي النموذج الذي قدمتها المنطقة الي العالم، هاك العراق ولبنان واليمن وسوريا والسودان، والحكم الفردي في مصر.. ايران بما للحرس الثوري وقوات الباسيج - التعبئة - من سلطان بموازات مؤسسات الدولة او الحكومة بتعبير أدق، وهما خارجان عن صلاحيات رئيس الدولة المنتخب، هنا العراق الذي تمكنت الفصائل من الخروج من اللاشرعية القانونية الي الشرعية القانونية، لكن لمجرد الشرعية وليس من اجل الالتزام بالقانون وسياسات الدولة.
من فوائد الدولة الحديثة انها وحدت أمما وشعوبا في اطار جغرافية محددة وأنشأ الي حد كبير مجتمعاً مستقراً، جعل للشعب صوتاً وحقاً وحددت عليه واجباً، كل أمة تبغي التنمية والحياة المستقرة والاستقلالية والسيادة والوحدة الداخلية، تحاول تأسيس دولة، دولة يحكمها دستور متفق عليه شعبياً، لكن في العراق فإن الدولة هي أول المتهمين وأضعف الموجودين، هي عليها ان تكون مطية لرغبات الكيانات المسلحة التي لا ولن تطيع الدولة، كأن الدولة هي المأمورة وعليها هي ان تلبي ما تأمر به الكيانات ألأخري، بمعني تحويل السيادة من الدولة الي المجموعات المسلحة، وهي ما يعبر عنه بالسلاح المنفلت، والمجموعات غير المنضبطة.
سمعت احد صغار المحللين يقول نحن اذا الدولة لم تفعل ما نريد، نولعها بالولاعة.
شيروان الشميراني
لست ابداً من مدافعي سياسات الاحزاب، لكن ان حرق مقار الاحزاب من طرف مجموعة قررت تنفيذ رغباتها بالطريقة التي تشتهيها، في حين كان يكفي تقديم دعوي ضد الشخص او الحزب المعني في المحاكم وينتهي كل شيء، إن حرق القنوات التلفزيونية والمكاتب الحزبية شهية او شماتة او انتقاماً، لا يكون في مكان وعلي أرض سوي التائهة من التي تسيطر عيها العقلية القبلية ما قبل قانون حمورابي.
ونفس الحكم فيما يخص مجرزة الفرحاتية 19-10-2020 في محافظة صلاح الدين في العراق، عندما تحكم علي منظمة ما بأنها ارهابية فهي لأعمالها، وليس شخوصها، مجرزة الفرحاتية نموذج صارخ للادولة، لحكومة يكون القانون في الخلف، والقتل والارهاب هو المحدد شكل المجتمع، غريب ان يقوم رئيس الوزراء بالتحقيق في مجرزة ارتكبها مسلحون يقولون انهم مؤسسة من مؤسسات الدولة الرسمية المسلحة، في دولة القانون في حال حدث أمر كهذا، فان الضابط المسؤول الاول في تلك المنطقة يعتقل علي الفور المتهمين ويحيلهم الي المحكمة العسكرية من دون الحاجة الي تشكيل لجنة والبحث عمن فعل، ما يحدث الان هو دولة اللادولة، دولة بلا هوية دستورية، دولة لا تشبه الدول، دولة ليس لها من معاني الدولة سوي الاسم، هذه الدولة ليست تلك التي تأتي بالاستقرار والتنمية وتصون الحقوق، بل انها دولة وفق التصنيفات العالمية تسمي بالدولة الفاشلة، هي دولة السلاح والمال والأمراء، تطور معاكس بالمقياس العالمي، فهي اذن ما نقدمها نحن الي العالم، من السلطوية والاستبدادية الي الميليشاوية، تصريح قائد الحشد الشعبي بانه تحدث الي مسؤول عصائب اهل الحق يفسر كل شيء، كل كتيبة لها مسؤول مطاع ليس من بينهم القائد العام للقوات المسلحة.