سيناريو شمال قبرص إذ يتكرر شمال سوريا
2020-10-21 10:55:52
شيرزاد اليزيدي
بعد عفرين التي طواها النسيان وما عاد أحد يتحدث عن معاناتها الوجودية بل تحول احتلالها وتتريكها إلي أمر واقع
مع حلول الذكري السنوية الأولي لغزو "نبع السلام" التركي المسموم للمنطقة الواسعة الممتدة من سري كانييه (رأس العين) إلي كري سبي (تل أبيض) في كردستان سوريا شمالي البلاد هذه الأيام لا زال ثمة إيغال غير مفهوم من قبل سلطات الإدارة الذاتية لما تبقي من شرق الفرات في الاستهتار والاستسهال والتأقلم مع الكوارث والفواجع ليس بمعني الامتصاص الإيجابي والتقويم والتصحيح إنما بمعني المكابرة والانغماس في الخطيئة وتبرير الفشل بل وتصويره نجاحاً وتحويل الهزيمة وهمياً إلي نصر (علي ما هو جاري العادة في ربوعنا من أحمد سعيد مدير راديو "صوت العرب" المصري وصولاً إلي "قاهر" العلوج محمد سعيد الصحاف) وتقديم الكارثة كحدث عارض وهامشي وفق نزعة رغبوية متعجرفة ومنفصلة عن الواقع ترفض الإقرار بتحمل المسؤولية أقله أخذاً للعبر والدروس ولعدم الوقوع في الحفرة ذاتها مرة بعد أخري.
كونها (الإدارة) وقعت في الحفرة نفسها غير مرة وما تشهده المناطق الكردية في سوريا من كارثة قومية وإنسانية خير مثال، فبعد عفرين التي طواها النسيان وما عاد أحد يتحدث عن معاناتها الوجودية بل تحول احتلالها وتتريكها إلي أمر واقع، تكرر السيناريو بحذافيره في مناطق أخري وبشكل أوسع وأكبر هذه المرة فمن سري كانييه إلي كري سبي وبطول نحو 130 كيلومتراً وعرض قرابة 30 كيلومتراً تتكرر مآسي الغزو والذبح والاغتصاب والنهب والتطهير العرقي والتغيير الديمغرافي لكن المفارقة أن الطرف الحاكم قبلاً في تلك المناطق (الإدارة الذاتية) يقفز علي كل هذه الوقائع المرة بكل خفة ليصور نفسه منتصراً.
وشيئاً وشيئاً يشرع في تجاهل قضية هذه المناطق المحتلة وتهميشها التي لا شك أن لسياساته السلطوية قسطاً لا بأس به في تحمل وزر وقوعها تحت الاحتلال ما يمكن الذهاب إلي حد اعتباره تحالفاً موضوعياً حتي مع أنقرة بمعني ما لاحتلال هذه المناطق وتفريغها من أهلها الكرد وتسليمها لها ففي المحصلة ثمة توسع وتمدد تركيان علي الأرض وثمة إطلال فعلي وملموس لشبح تكرار السيناريو الشمالي القبرصي شمال سوريا هذه المرة.
والأنكي أن الإدارة الذاتية إنما تبادر إلي ممارسة نوع من تعميم حال من التبجح واللامبالاة وطمس الحقيقة وتالياً التباهي بالمعارك الخاسرة وبتضييع الإنسان والأرض وبالقراءات والتحالفات السياسية الخاطئة وخلط الأمور وقلب المفاهيم في محاولة للتملص والتنصل من الحصاد الصفري البائس عبر الانتفاخ اللفظي وممارسة إرهاب فكري حتي ضد أي محاولة عقلانية ونقدية لسبر وتفكيك ما حدث من كارثة كبري يراد لها المرور مرور الكرام وكأن شيئاً لم يكن.
فكردستان سوريا والمناطق الشمالية من البلاد ككل تعيش مأساة ونكبة حقيقية وما عاد التخفي خلف تضحيات الناس والمقاتلين كافياً ولا الترسانات الخطابية المؤدلجة للتغطية علي الواقع الرهيب والمرير فالتتريك وفرض وقائع جغرافية وسكانية جديدة علي الأرض من قبل سلطات الاحتلال التركية جار علي قدم وساق ودونما هوادة كما سبقت الإشارة ما لن يردعه الإنشاء الشعاراتي واللغو المقاوماتي الفارغ والكاذب.
والحال أن وضع الإصبع علي الجرح والنقاط علي الحروف يستدعي الإقرار بلا مواربة أن هذه الإدارة فشلت فشلاً مدوياً والأنكي مضيها بنفس الطريق الذي سيودي في المحصلة بالكرد وكافة مكونات الشمال السوري للتهلكة الوجودية ويحول جلهم لسكان مخيمات العراء كما هي مع شديد الأسي حال سكان عفرين ولحقهم مع الأسف سكان سري كانييه وأخواتها من مدن وبلدات وقري يحتلها الجيش التركي الغازي بمعية مرتزقته في الائتلاف السوري وما يسمي الجيش “ الحر” الذين وصلت شرور ارتزاقهم وإرهابهم مؤخراً إلي أرمينيا والقوقاز والحبل علي الجرار.