قصم ظهر بغداد... وباء مخدر الكريستال ميث يغزو البلاد
الحصاد draw: بيل ترو - إندبندنت في بلد نشأ شبابه وسط الحروب وباتوا يواجهون البطالة الجماعية من دون أن يحصلوا على أي دعم كان، ملأت عصابات المخدرات الفراغ. انطلاقاً من العاصمة ووصولاً إلى مدينة البصرة الجنوبية، وقعت بيل ترو على أعداد متزايدة من المدمنين ونظام يكافح لمعالجة الوضع. لم يدرك علي سوى بعد محاولته بيع أنبوبة غاز الطهي التي سرقها من موقد والديه أن المخدرات هي التي تستهلكه [تستنفد قواه] - وليس العكس. كان الشاب العراقي البالغ من العمر 27 عاماً قد باع بالفعل هاتفه المحمول والكراسي والسرير، ووصل به الأمر حتى إلى بيع الفراش الذي ينام عليه من أجل شراء بضعة غرامات إضافية فقط من مخدر الكريستال ميثامفيتامين (الكريستال ميث). ولم يتبق سوى أنبوبة الغاز القديمة هذه، لكنها لم تكفِ لسد ثمن الجرعة. وبعد إصابته بالحمى وبداية معاناته من أعراض انسحاب المخدر من جسمه، أوقف الشاب عند نقطة تفتيش في حي فقير في بغداد. لا يذكر الشاب النحيل الذي تظهر الثقوب بوضوح على جلده ما حدث بعدها جيداً، ما عدا معاناته من آثار توقيف المخدر فجأة وانسحابه من جسده داخل السجن. وقال لـ"اندبندنت" من داخل مركز شرطة القناة في شرقي بغداد حيث يقضي حكماً بالسجن أربعة أشهر لحيازته المخدرات "كنت في عالم آخر، كما حال الجميع، وأردنا الهروب من حياتنا التعيسة". كان علي يعاني من صعوبة في التركيز بينما عيناه تبدوان أشبه بالآبار المحفورة. وقال "ترك أثراً هائلاً على محيطي الاجتماعي. عندنا كثير من الأشخاص المعدمين ومن توفوا بسببه. لكن الحياة شاقة". يعد علي (اسم مستعار) واحداً من بين آلاف المدمنين على الكريستال ميثامفيتامين في العراق، هذا البلد الذي لم يكن قد عانى سوى في وقت قريب نسبياً من انتشار موجة الإدمان على المخدرات، حتى فيما كان الأفيون والهيروين يغرقان بلداناً مثل إيران وأفغانستان. بتمويل من المساهمات التي يتلقاها برنامج الداعم الذي تديره "اندبندنت"، تحدثت الصحيفة مع العاملين في مجال الصحة في العراق الذين يطلقون على هذه الموجة المتنامية من تعاطي الكريستال ميث وصف جائحة خفية- ويحذرون من أنها أصبحت أخطر منذ ظهور فيروس كورونا. اقرأ المزيد موجة فيروس كورونا الأكثر فتكاً في العراق بدأت للتو المخدرات المهربة إلى الداخل العراقي تفتك بشبابه وقال قاسم ورش، كبير الممرضين في مستشفى ابن رشد، مركز إعادة التأهيل الرئيس في العراق أثناء قيامه بجولته "يقضي الميث على دفاعات الجسم ويؤدي إلى عوارض منها خسارة الوزن فيجعل [المتعاطين] عرضة للإصابة بكافة أنواع الأمراض بما فيها كوفيد-19 طبعاً". "لا يعود الناس يبالون بشيء بسببه، ويكونون أقل ميلاً إلى التزام ممارسات من قبيل التباعد الاجتماعي". يتسبب هذا المنشط الذي صنعه الإنسان بالإدمان الشديد وقد طور في اليابان واستخدم خلال الحرب العالمية الثانية لكي يبقى الجنود متيقظين، وهو يجتاح جهاز المناعة في الجسم ويمكن أن تنتج عنه آثار جانبية تشكل خطراً على الحياة بما فيها فشل القلب والفشل الكلوي فضلاً عن خسارة هائلة في الوزن. غير أن الخطر الإضافي المتمثل في التقاط عدوى كوفيد-19 لا يردع المتعاطين. وقال علي بطريقة حالمة "لا يفكر [يحتسب] المرء في المخاطر. أنا عامل زراعي. بدأنا جميعاً بتعاطيه لأن حياتنا صعبة". "فالمخدر ينقلك إلى عالم آخر، أفضل. فلا تعود تبالي بشيء". "لا مفر" يلجأ عدد متزايد من العراقيين إلى تعاطي الكريستال ميث هرباً من الواقع الصعب حيث البطالة مرتفعة جداً والفساد يجتاح الاقتصاد والبنية التحتية متهالكة في بلد انتقل من حرب إلى أخرى منذ الاجتياح الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003. وفقاً لتقرير نشره مجلس الأطلسي في فبراير (شباط)، نحو 60 في المئة من سكان العراق هم من فئة الشباب الذين تقل أعمارهم عن 25 عاماً، فيما يقدر معدل البطالة في أوساطهم في العراق بـ36 في المئة. يقول مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، إن الكريستال ميث أصبح المخدر الأساسي الذي يستدعي القلق في البلاد وحذر في تقرير أصدره في فبراير من أن المخدر الذي كان يجري تهريبه من إيران المجاورة سابقاً بات يصنع الآن في مختبرات داخل العراق. وتقع مراكز انتشاره الرئيسة في المحافظات الحدودية الجنوبية مثل البصرة وميسان. هناك، درجت عصابات قوية من تجار المخدرات منذ زمن على تهريبه داخل البلاد، كما قال أحد سكان البصرة المحليين المطلع على هذا القطاع لكنه رفض ذكر اسمه بسبب مخاوف أمنية. وأضاف المصدر أنه يجري غالباً استخدام النساء لتهريب المخدرات لأنهن أقل عرضة للتفتيش. والكمية التي تشترى بمبلغ قد لا يتعدى خمسة آلاف دينار (2.5 جنيه إسترليني) لقاء الغرام الواحد قد تباع بأربعة أو خمسة أضعاف السعر الأصلي، مما يدر مكاسب كبيرة على التجار. قاسم ورش، كبير الممرضين في مركز إعادة التأهيل الرئيسي في العراق يقول إن جائحة كريستال الميثامفيتامين تجعل الشباب أكثر عرضة للإصابة بكوفيد-19 (بيل ترو) والحق أن العراق ما عاد مجرد معبر للمخدرات في طريقها إلى تركيا، بل أصبح وجهة في حد ذاته خلال السنوات القليلة الماضية مع ارتفاع معدلات العنف والفقر. وشكلت البصرة لقمة سائغة، وليس وراء ذلك موقعها الجغرافي فحسب. فالمدينة الجنوبية التي عرفت في الماضي باسم "بندقية الشرق" شهدت ارتفاعاً جنونياً في معدلات البطالة خلال السنوات القليلة الماضية في غياب البنى التحتية الأساسية، بما فيها توفر المياه النظيفة. وقال الرجل الذي يقطن البصرة "هنا في البصرة، ليس لدينا متنزهات ولا نواد ولا حتى سينما. لا يوجد أي مرفق يمكن للشباب ارتياده حرفياً وليس لديهم ما يفعلونه". "عايش الشباب عدة حروب. يقول لي المدمنون الذين أتحدث إليهم إنهم لا يملكون وظيفة ولا هواية ولا سبيلاً آخر للهروب [نسيان واقع الحال]". لقد أنهك إدمان الميث النظام الجنائي العراقي الذي يرزح تحت ضغط كبير أساساً. وأعلنت فرق مكافحة المخدرات في سجن القناة حيث يحتجز علي، أنها استنفدت طاقتها الاستيعابية بعد اعتقال 217 مدمناً وتاجراً للكريستال ميث، وحشرهم جنباً إلى جنب داخل الزنازين. وقال الضباط، إن الأرقام الرسمية قد ارتفعت بشكل هائل منذ عام 2017 مع تردي اقتصاد البلاد كما أسعار الكريستال ميث. وأبلغ الرائد يابار حيدر "اندبندنت" أن "عدد المدمنين ارتفع 40 في المئة في هذه المديرية منذ عام 2017 وسجلت زيادة 30 في المئة في أعداد التجار". و"يعود ذلك إلى زيادة في وفرة كريستال ميث مما يخفض سعره". وقال إنه في عام 2017 كان الغرام الواحد يكلف نحو 100 دولار أميركي، بينما قد لا يتجاوز سعره الآن في بعض المناطق 20 ألف دينار عراقي- أي 10 جنيهات إسترلينية فقط. لا يعلم مدى انتشار المخدر على وجه التحديد بسبب شح المعطيات. لكن الرائد حيدر قال، إنه قبض على أكثر من 6 آلاف شخص العام الماضي بتهم مرتبطة بالمخدرات في جميع أنحاء البلاد، فيما صادرت السلطات أكثر من 120 كيلوغراماً من الكريستال ميث. تنشر "المديرية العامة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية" في العراق تحديثات منتظمة على صفحتها على موقع "فيسبوك" حول عمليات ضبط المخدرات، وقد بدأت عدداً من حملات التوعية لتشجيع السكان على مشاركتها معلومات حول التجار وهذا القطاع. وفي هذه الأثناء، صرح وزير الصحة العراقي بأن الكريستال ميث أصبح ثاني أكثر المخدرات تعاطياً بعد الكحول. وكشفت آخر البيانات عن وجود 813 مدمناً في مراكز إعادة التأهيل الحكومية، وهو ما يفوق بكثير عدد مدمني أي مادة أخرى. سلب مني حياتي ومن هؤلاء المرضى أحمد، 32 عاماً، أجير زراعي عاطل عن العمل، دخل بنفسه إلى مستشفى ابن رشد في بغداد بعد أن وصل الحال بعائلته إلى طرده من المنزل. ويعتبر مستشفى ابن رشد أحد المستشفيين النفسيين الحكوميين ضمن النظام الفيدرالي العراقي؛ كما أنه الأكبر. هناك، خصص 13 سريراً لمرضى مثل أحمد يتعافون من الإدمان على المواد المخدرة. وقال أحمد، إن الرجال والنساء يتعاطون على حد سواء، مع أن عدد النساء اللاتي يفصحن عن إدمانهن أقل بسبب الوصمة الاجتماعية. وتابع، أن تجار المخدرات يلجأون إلى طرق أكثر ابتكاراً من أجل استقطاب زبائن جدد. وبدل المخاطرة ببيع بضاعتهم في الشارع، بدأ التجار في توزيع كميات صغيرة من الكريستال ميث خفية بالمجان على من يعيشون في مجتمعات هشة. ثم ينتظر التجار أن يعلق زبائنهم الجدد بالمادة فتأتي إليهم موجة جديدة من المدمنين تتوسلهم الحصول على مزيد من المخدر. وقال لـ"اندبندنت" من سريره في المستشفى "عندما يتملكك اليأس يطلب منك بعض التجار أن تسرق بعض الأغراض مثل الدراجات النارية وخلافها، لدفع ثمن المخدرات". "ويتزايد عدد المتعاطين الذين يتحولون أنفسهم إلى تجار صغار من أجل تمويل تعاطيهم وتتواصل هذه الدورة لقاء ثمن باهظ. لولا الكريستال ميث لكنت متزوجاً ولدي وظيفة- سلب مني حياتي". باع أحمد كل ممتلكاته ودفع كل قرش من مدخوله الضئيل في سبيل التعاطي، فأقصى نفسه بسرعة عن عائلته وأصدقائه الذين قالوا له إنه لا يمكنه العودة إلى المنزل قبل شفائه. عند تلك المرحلة، قال الشاب إنه كان يعاني من هلوسات مخيفة ويسمع أصواتاً. كما أن جهازه الهضمي دمر وأتلفت ذاكرته. وأضاف "عانيت لثلاثة أيام على الأقل من عوارض انسحاب المخدر من جسمي. كنت متكوراً على نفسي كما لو أنني رجل تسعيني". كان العراق يحكم في ما مضى بالإعدام على المتعاطين وتجار المخدرات لكنه أقر قانوناً في عام 2017 يمكن للقضاة بموجبه أن يحكموا على المدمنين بإعادة التأهيل أو بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات. ومن حسن حظ أحمد أنه يتعافى في مركز إعادة تأهيل. ففي المناطق العراقية حيث لا تتوفر هذه المراكز، يسجن العديد من مدمني المخدرات. مستشفى ابن راشد أكبر منشآت إعادة التأهيل التي تديرها الحكومة في العراق (بيل ترو) قال الطاقم الطبي في ابن رشد، إن هناك حاجة لتخصيص مزيد من الوحدات وبناء مستشفيات المخصصة في جميع أرجاء البلاد بسبب تزايد عدد المدمنين، فاعتقالهم ليس حلاً. وقال الدكتور أرجان طوقاتلي لـ"اندبندنت" "نحتاج آلاف الأسرة غير المتوفرة في كافة أرجاء العراق. خذوا مثلاً كركوك التي أتحدر منها. ليس في المنطقة بأسرها سوى ثمانية أسرة". بالنسبة لعلي وأحمد، ليست المشكلة مسألة حياتهما أو موتهما فقط بل حياة وموت جيلهما بكامله. وقال أحمد وهو جالس في حديقة مستشفى ابن رشد "هذا المخدر لا يهدد بتدمير الشباب. بل إن الكريستال ميث قد قضى علينا بالفعل". يمول برنامج الداعم في "اندبندنت" التقارير الخاصة من غرفة أخبار حائزة على جوائز يمكنكم الوثوق بها. نرجو أن تفكروا في المساهمة فيه.
Read moreإقليم كردستان العراق: محاكمات معيبة لصحفيين ونشطاء
الحصاد draw: (بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن محكمة في إقليم كردستان العراق حكمت في 16 فبراير/شباط 2021 على ثلاثة صحفيين وناشطَيْن بالسجن ستّ سنوات في محاكمة معيبة للغاية. تواصل السلطات احتجاز شخصَيْن آخرَيْن رغم قرار المحكمة بعدم كفاية الأدلة لمحاكمتهما. تنشر هيومن رايتس ووتش أبحاثها حول المحاكمات اليوم بسبب قرب موعد قرارات الاستئناف. لى محاكم الاستئناف النظر في المخالفات السافرة شابت الإجراءات في محكمة أربيل الجنائية انتهاكات خطيرة لمعايير المحاكمة العادلة، بالإضافة إلى تدخل سياسي عالي المستوى. على السلطات المشاركة في الاستئناف أن تأخذ هذه الانتهاكات في الحسبان عندما تُقرَر ما إذا كانت ستعارض الاستئناف. اعتقلت السلطات في أربيل ودهوك في إقليم كردستان العراق اثنين من الرجال في أغسطس/آب 2020 والخمسة الباقين في أكتوبر/تشرين الأول بسبب تنظيم تظاهرات غير مرخصة، كما تزعم. من مايو/أيار إلى أكتوبر/تشرين الأول، نظّم نشطاء ومعلّمون في منطقة دهوك مظاهرات تُطالب بسداد الرواتب الحكومية التي أخّرتها السلطات. قالت بلقيس والي، باحثة أولى بشأن الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش: "المحاكمات المعيبة في إقليم كردستان ليست بالأمر الجديد. لكن التباهي بأبسط مبادئ العدالة لمعاقبة أشخاص يُزعم أنهم يخططون لتظاهرة هو مستوى جديد من الانحطاط". قدّم محامٍ، وقريب أحد المحتجزين، ومصدر مستقل آخر كان حاضرا خلال المحاكمة معلومات تفصيلية حول المخاوف بشأن المحاكمة العادلة. الصحفيون المدانون هم آياز كرم بروشكي، وكوهدار محمد زيباري، وشيروان أمين شيرواني. أما الاثنان الآخران، شفان سعيد عمر بروشكي وهاريوان عيسى أحمد، فهما ناشطان ينتقدان ممارسات الحكومة دائما ويدعوان إلى الإصلاحات. حُكم على الرجال الخمسة في محاكمة مشتركة بموجب المواد 47 و48 و49 من قانون العقوبات العراقي والمادة 1 من القانون رقم 21 لعام 2003 المعدِّل للمادة 156 من قانون العقوبات، التي تجرم الأفعال التي يُقصد بها المساس بأمن المؤسسات الحكومية واستقرارها وسيادتها. استُؤنِفت الأحكام. قالت المصادر الثلاثة أيضا إن الحكومة لم تقدم أدلة كافية لاتهام الرجلَيْن الآخرَيْن، وهما الناشط بدل برواري والصحفي أميد حاجي، وأعادت القضية إلى قاضي التحقيق. إلا أن السلطات رفضت الإفراج عنهما في انتظار أدلة إضافية من النيابة العامة. قالت المصادر إن شيرواني، الذي اعتُقل في 7 أكتوبر/تشرين الأول، احتُجِز بمعزل عن العالم الخارجي مدة أسبوع. قال قريب شفان بروشكي إن بعدما اعتقلته القوى الأمنية في منزله في 22 أكتوبر/تشرين الأول حاولت الأسرة مدة شهرين معرفة مكانه. سُمح له بالاتصال بزوجته وإخبارها أنه لدى "الأشايس" – القوى الأمنية التابعة لحكومة إقليم كردستان – في أربيل. قالت المصادر الثلاثة إن الرجال السبعة احتُجزوا لأشهر بدون التمكّن من التواصل مع محامٍ، بما في ذلك خلال التحقيقات وجلسات الاستجواب. في مارس/آذار، بعدما أصدرت "لجنة حماية الصحفيين" تقريرا يثير مخاوف بشأن محاكمة اثنين من الرجال، أجاب ديندار زيباري، منسق حكومة إقليم كردستان للمناصرة الدولية في رسالة إلكترونية في 14 مارس/آذار أنه قال لـ هيومن رايتس ووتش "إنهما [زيباري وشيرواني] كان لديهما تواصل مع محاميهما أثناء انتظارهما للمحاكمة". غير أن المصادر الثلاثة نفت هذا الادعاء وقالت إن السلطات سمحت للمحامين بالتكلم معهم للمرة الأولى لدقائق قليلة قبل جلسات المحكمة في 15 و16 فبراير/شباط. قالت إن تواصل المحتجزين مع أُسرهم كان محدودا أيضا وإنهم لم يلتقوا أُسرهم إلا لبضع دقائق منذ احتجازهم. قال قريب شفان بروشكي إن والده سُمح له بزيارته مرة واحدة مدة خمس دقائق في يناير/كانون الثاني، وكان عناصر الأسايش حاضرين في الغرفة. قال المحامي إنه والمحامين الآخرين المدافعين عن الرجال حاولوا الوصول إلى ملفات القضية قبل بدء المحاكمة إلا أن الأسايش، الذين كانوا يحتفظون بالملفات، رفضوا تسليمهم إياها رغم رسائل من المحكمة تأذن لهم بذلك. قال إنهم علموا بمواعيد المحاكمات قبل سبعة أيام فقط من انعقادها. قال/ "قيل لنا إن القاضي مريض وإن علينا توقّع تأجيلات، لكن أعلِن عن المحكمة فجأة ولم يكن أي منا مستعدا". قال قريب بروشكي إن أسرته لم تتمكن من حضور المحاكمة بسبب المهلة القصيرة. قال القريب إن زوجة بروشكي وأطفاله رأوا عناصر القوى الأمنية يضربونه عند اعتقاله. قال المحامي إن شيرواني لم يتمكن من الوقوف خلال المحكمة، على ما يبدو بسبب إصابة. قال إنه أخبر القاضي إن عناصر الأمن هددوه وهددوا أيضا باغتصاب زوجته ووالدته إن لم يوقع على الاعتراف، وقال "لم يتأثر القاضي بهذه الادعاءات، علما أنه لم يتمكن من الوقوف". قال المحامي والمصدر المستقل إن القاضي والمدعي العام ذكروا مرارا معلومات من "مخبرين سريين" لم يمثلوا أمام المحكمة، تفيد بأن المتهمين جواسيس. بما أنهم لم يمثلوا في المحكمة لم يكن هناك فرصة أمام الدفاع لاستجوابهم. قال المصدران اللذان كانا حاضرين في المحكمة إن عنصرا من الأسايش، لم يكن جزءا من فريق الادعاء، كان يقف من وقت لآخر رافعا يده فيسمح له القاضي بتقديم دليل جديد لم يكن الدفاع مطلعا عليه من قبل. لم يسمح القاضي للدفاع باستجوابه. أثارت المصادر الثلاثة مخاوف حول أساس التهم ضد الرجال. مثلا، قال المصدران اللذان كانا حاضرين خلال المحاكمة إن عنصر الأسايش قدّم صورة كان شيرواني قد نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي معلقا عليها إن الرحلات للجوية بين تركيا وإقليم كردستان العراق، التي عُلِقت لبعض الوقت، قد استؤنِفت وقال أن ذلك كان دليلا على أن شيرواني جاسوس. قال الثلاثة إن الدليل الذي قدمه الادعاء وممثل مجلس أمن كردستان العراق خلال المحاكمة كان دليلا ظرفيا ولم يُسمح للمحامين بمراجعته. هذه الإدانات الأخيرة لا تُؤدي إلا إلى تفاقم تدهور سمعة إقليم كردستان العراق أثارت رئيسة برلمان إقليم كردستان مخاوف حول المحاكمات في 16 أبريل/نيسان. قال الصحفي البارز والناشط الحقوقي آسوس هاردي إنه يعتقد أن الرجال السبعة يحاكَمون فقط بسبب محاولتهم الاحتجاج ضد الحكومة الإقليمية: "هناك قانون يحمي الحق في التظاهر، وإذا خالفوا هذا القانون يجب أن يحاكَموا بموجبه. أما إذا خالفوا قانون الصحافة كصحفيين، فيجب محاكمتهم بموجبه. ليس هناك أي مبرر لاتهامهم بمحاولة زعزعة أمن المنطقة بدعم من أطراف أجنبية. لم يقدم الادعاء أي دليل فعلي على ذلك. تُظهر هذه المحاكمة مدى تدني مستوى حماية حرية التعبير في إقليم كردستان العراق". أثارت المصادر الثلاثة أيضا مخاوف حول التدخل السياسي. قال زيباري في رسالته الإلكترونية في مارس/آذار إن المحكمة مستقلة عن الحكومة وغير مسيَّسة وإن حكومة إقليم كردستان العراق لم تتدخل بأي شكل من الأشكال في المحاكمة. لكن مسرور برزاني، رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، أعلن في مؤتمر صحفي، قبل المحاكمة بأسبوع، أن المحتجزين "ليسوا ناشطين أو صحفيين. بعضهم جواسيس، يتجسسون لحساب دول أخرى... وبعضهم مخربون". قالت هيومن رايتس ووتش إن هذا البيان المتحيّز الصادر قبل قليل من المحاكمة هو تدخل سياسي عالي المستوى في القضايا وينتهك مبدأ افتراض البراءة. قال المحامي إن فريقه ينتظر رد محكمة الاستئناف على استئنافه. على السلطات الحكومية المشارِكة في الاستئناف أن تأخذ في الحسبان الانتهاكات الخطيرة لإجراءات المحاكمة العادلة عندما تُقرّر إذا كانت ستدعم قرار المحكمة الابتدائية في محكمة الاستئناف أم لا. قالت والي: "هذه الإدانات الأخيرة لا تُؤدي إلا إلى تفاقم تدهور سمعة إقليم كردستان العراق كمكان يواجه فيه الناس محاكمات جنائية غير عادلة لمجرد انتقاد السياسات الحكومية التي يعترضون عليها، أو التعبير عن مخاوفهم من النخب السياسية".
Read moreانسحاب أميركا من أفغانستان.. مناورة أم قرار؟
الحصاد: منذر سليمان - جعفر الجعفري / الميادين نت تشير بيانات البنتاغون إلى تواجد 3،500 جندي نظامي في أفغانستان منذ مطلع العام الجاري، فيما تشير سجلات الخارجية الأميركية إلى تواجد إضافي لنحو 18،000 متعاقد. دخل يوم 30 نيسان/أبريل 1975 التاريخ الإنساني، منصفاً الشعوب المكافحة، ومعلناً هزيمة الولايات المتحدة في فيتنام. الأول من أيار/مايو 2021، "وَعَدت" الولايات المتحدة بأن يكون يوم بدء سحب قواتها "النظامية المقاتلة" من أفغانستان، ضمن منظومة ترتيبات وتدابير تتيح لها البقاء فيها بمسميات وعناوين مختلفة. بعد مرور 46 عاماً على أكبر هزيمة تلقَّتها واشنطن في العصر الراهن، لا يلمس المرء استفادة الأخيرة من الدروس القاسية لتدخلاتها العسكرية وقهر الشعوب. حظي إعلان الرئيس جو بايدن (14 نيسان/أبريل الجاري) انسحاب 3،500 جندي من أفغانستان بمزيج من مشاعر الارتياح الشعبي وتشكيك بعض مراكز القوى ومعارضة كبار القادة العسكريين، رافقه إعلان البنتاغون على الفور أنَّ "قوات إضافية سيتم إرسالها إلى أفغانستان" لضمان أمن القوات المنسحبة وسلامتها. تشير البيانات الرسمية للبنتاغون إلى تواجد "3،500 جندي نظامي في أفغانستان" منذ مطلع العام الجاري، وهم الذين يدور الحديث حولهم. أما سجلات وزارة الخارجية الأميركية، فتشير إلى تواجد إضافي لنحو "18،000 متعاقد أميركي وأفغاني، وآخرين من دول أخرى" في أفغانستان، "جلّهم من المرتزقة"، ولديهم كفاءات عسكرية واستخباراتية، وآخرين من القوات الخاصة، أي ما يعادل 7 أضعاف القوات النظامية. وقد أوضح رئيس هيئة الأركان المشتركة، مارك ميللي، رؤية البنتاغون ببقاء الوجود العسكري هناك، قائلاً أمام "معهد بروكينغز" إنَّ بلاده ستحتفظ بقاعدتين عسكريتين في أفغانستان بعد الانسحاب الرسمي، وستبقي أيضاً على "عدد من القواعد العسكرية المنتشرة" داخل الأراضي الأفغانية وخارجها (أسبوعية "يو أس نيوز آند وورلد ريبورت"، 2 كانون الأول/ديسمبر 2020). كما تعهّد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أمام لقاء لحلف الناتو في 15 نيسان/أبريل الجاري، باستمرار "الولايات المتحدة بتمويل قدرات مهمة لأفغانستان" بعد الانسحاب الأميركي، "مثل سلاح الجو الأفغاني والقوات الخاصة، والاستمرار بدفع رواتب قوات الأمن الأفغانية". وأضاف في مؤتمر صحافي للحلف أنَّ بلاده "قد تحافظ على تواجد أميركي لمكافحة الإرهاب في المنطقة". السّؤال المركزي في إعلان الرئيس بايدن عن الانسحاب يتمحور حول حقيقة قرار "مغادرة" أفغانستان وصدقيّته، بصرف النظر عن الجدل اليومي المرافق له. وحذرت يومية "نيويورك تايمز" مراكز صنع القرار من أن الولايات المتحدة "لا يمكنها كسب حرب في أي بلد، فحلفاؤها يعانون ضعف القوة العسكرية، بينما استطاع خصومها التأقلم مع المتغيرات وراكموا قدرات عسكرية" متطورة (9 نيسان/أبريل 2021). وتتالت النصائح والتحذيرات تباعاً من أنصار الرئيس بايدن، وخصوصاً ضمن النخب السياسية والفكرية، عن ضرورة تجاوز مسألة خسارة "الحرب الأطول" والانتقال إلى مواجهة التحديات الدولية الأخرى. وقد أوضحت نشرة "فورين بوليسي" الرصينة أنَّ إعلان الانسحاب يشكّل "إقراراً، ولو متأخراً، بعدم تحقيق الولايات المتحدة نصراً" (14 نيسان/أبريل 2021). وذكّرت النشرة مراكز صنع القرار بالتجربة الأميركية المرهقة، قائلة: "بعد انقضاء 20 عاماً من الحرب التي حصدت آلاف الضحايا، يعترف المسؤولون الأميركيون بأن (حركة) طالبان أضحت أقوى عسكرياً وكثّفت هجماتها بشكل ملحوظ على مدى السنة الماضية". نشير في هذا الصدد إلى دراسة أجرتها وزارة الطاقة الأميركية في العام 2007 تخصّ أفغانستان وترصد ما في جوفها من موارد طبيعية مهمة تثير نهم سيطرة القوى الغربية. وقد قدرت قيمتها بنحو "تريليون دولار" من المعادن الثمينة، وخصوصاً الذهب والنحاس والكوبالت والليثيوم. وفي مذكرة داخلية للبنتاغون، علّقت على الدراسة بالقول إنّ أفغانستان "قد تحتلّ مركز الصدارة في معدن الليثيوم بشكل يوازي موقع السعودية" بالنفط. أيضاً، غزت الولايات المتحدة أفغانستان في العام 2001، استناداً إلى قرار رئاسي أصدره الرئيس جورج بوش الابن في 18 أيلول/سبتمبر 2001، وإرساله وحدات من القوات الخاصّة بعد بضعة أيام من الحادثة. جاء ذلك في سياق صراع سيطرة القطب الواحد على الموارد العالميّة، ولقربها من الصين وإيران وروسيا وما يمثّله ذلك من ثقل جيوستراتيجي لواشنطن، ولدورها المحوري في مرور خطوط أنابيب النفط والغاز المتجهة إلى أوروبا، وما ينتظرها من دور متعاظم في استراتيجية الصين المعروفة بـ"الحزام والطريق". وقد تموضعت القوات والقواعد العسكرية الأميركية قرب حدود خصومها الدوليين. من بين رهانات واشنطن التي أثبتت خطلها الذريع، مراهنتها على "استقطاب" فيتنام ضد الصين وتقديمها شتى العروض المغرية لقاء السماح للبنتاغون بإنشاء "قواعد صاروخية على أراضيها" (2018). واتساقاً مع توجهات واشنطن التاريخية بازدراء القوى الأخرى، تعمدت الأخيرة القفز على كل المؤشرات التي ساقتها فيتنام، وربما تجاهلتها، للدلالة على عدم رغبتها في الدخول في صراع ضد الصين، وهي التي حافظت حتى الآن على مسافة واحدة في صراع البلدين. قرار الانسحاب جاء كمحصّلة لمواقف وأولويات استراتيجية أميركية متجدّدة، حتى إنه تباين مع السردية الرسمية التي حافظت عليها المؤسَّسة الحاكمة بفرعيها العسكري والاستخباراتي، في اتهامها لروسيا بعرض مكافآت مالية على مقاتلي طالبان لقاء مقتل جنود أميركيين (2019)، وارتأى البيت الأبيض الكشف عنها، محمّلاً مسؤولية ترويجها "للأجهزة الاستخباراتية" المختلفة، بعد توصله إلى قناعة بأن مدى اليقين من تلك التهمة كان "متدنياً إلى متوسط"، ما ترجم إلى فقدان المصداقية وشروط الإسناد (بيانات البيت الأبيض 15 نيسان/أبريل الجاري). اللافت في كشف البيت الأبيض عن خطل اتهامات روسيا ونشرها عبر أبرز المنابر الإعلامية المعروفة بعدائها الشديد لها، تسريب لصحيفة "واشنطن بوست" (13 نيسان) ونشرة "ذي ديلي بيست" الإلكترونية (15 نيسان/أبريل)، معزّزة تبريرها بأنَّ أجهزة الاستخبارات الأميركية "استندت إلى اعترافات موقوفين لدى السلطات الأفغانية انتزعت خلال التعذيب، وأحدهم يُدعى ابن الشيخ الليبي". تحميل البيت الأبيض القادة العسكريين والأجهزة الاستخباراتية مسؤولية تقديمهم النصائح لمركز صنع القرار وتملصه من حقيقة تصعيد العداء لروسيا والصين، مع جملة تهديدات عسكرية ضد روسيا وإرسال قطع بحرية أميركية إلى البحر الأسود، ومن ثم انسحابها على عجل بعد توعد موسكو بحماية أراضيها، يشير إلى "اضطرار" الرئيس بايدن معارضة قرار القيادات العسكرية في المرحلة الراهنة وفي ملف محدّد على الأقل. إنَّ ما يعزّز الاستنتاج أعلاه هو خطاب الرئيس بايدن الذي بدى عليه الإعياء، وظهر كأنه ضاق ذرعاً بمماطلة القادة العسكريين وطلب منحهم المزيد من الفرص الزمنية لحسم المعركة عسكرياً، وخصوصاً لتساؤله: "إذاً، متى ستكون الفرصة مؤاتية للانسحاب؟ هل هي سنة أخرى أو سنتان أو 10 سنوات؟". كما دلّ خطابه على تجنيب البنتاغون تكرار هزيمة بلاده في فيتنام والمشهد المحفور في الذاكرة الجمعية بهروب السفير الأميركي هناك عبر طائرة مروحية وسقوطها في رحلة أخرى عن سقف مقر السفارة الأميركية في سايغون سابقاً (مدينة هوشي منه حالياً). ينقل المقرّبون إلى الرئيس جو بايدن ثبات معارضته لاستمرار التدخل في أفغانستان، بالإشارة إلى مذكّرة قدمها بخط يده للرئيس الأسبق باراك أوباما في العام 2009، يناشده فيها رفض توجه القيادات العسكرية لحشد المزيد من القوات الإضافية في أفغانستان، وخسارته أمام إصرار أوباما على التكامل مع قرار البنتاغون (أسبوعية "ذي نيو يوركر"، 14 نيسان/أبريل 2021). وأوضحت المجلَّة أنَّ الرئيس بايدن في خطابه بالانسحاب ذكّر الشعب الأميركي بأن الرئيس أوباما انتدبه في العام 2008 للسفر إلى أفغانستان والتوقّف على الأوضاع هناك مباشرة وتقديم تقييمه بذلك، وبأنه توصل إلى نتيجة مشابهة آنذاك لما أعلنه مؤخراً، مفادها أن "العملية الأميركية، كما يجري تطبيقها، مصيرها الفشل، نظراً إلى أن الوجود العسكري الأميركي اللامتناهي لن يستطيع إنشاء حكومة أفغانية قابلة للحياة أو المحافظة عليها". للدلالة على معارضة القيادات العسكرية السابقة والراهنة لخفض مستوى الوجود العسكري الأميركي، لا لإنهائه، نسوق تصريحاً للمستشار الأسبق للأمن القومي الجنرال إتش آر مكماستر، قال فيه: "قرار الولايات المتحدة الانسحاب من أفغانستان بينما تستمر طالبان في شن هجماتها الدموية ضد المدنيين والقوات الأمنية الأفغانية يشكّل استسخافاً أخلاقياً وكارثة استراتيجية" (15 نيسان/إبريل 2021). وتحفل الأدبيات الإعلامية الأميركية المختلفة بتصريحات شبيهة معظمها من المقربين من البنتاغون والأجهزة الاستخباراتية، أبرزهم القائد الأسبق للقوات الأميركية في أفغانستان ديفيد بيترايوس، ومدير الاستخبارات الوطنية الأسبق جيمس كلابر، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأسبق جون برينان... في هذه الأثناء، أصدرت الأجهزة الاستخباراتية الأميركية تقريرها السنوي حول "التهديدات العالمية" التي تواجهها الولايات المتحدة في 9 نيسان/أبريل الجاري، وفحواه رسم صورة قاتمة لمستقبل التواجد الأميركي في أفغانستان، وبأن "آفاق التوصل لتسوية سلمية ستبقى متدنية، نظراً إلى يقين قيادات طالبان بقدرتها على تحقيق انتصار". تعاظم دور تلك الأجهزة بمختلف مسمياتها في الحياة اليومية للأميركيين الَّذين "تتجسَّس" عليهم بشكل دوري ومفتوح منذ تداعيات هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001. كانت أفعالها في التجسّس الداخلي غير منشورة أو متداولة لحين ذاك التاريخ، وأضحت الحواجز الأمنية والتحقيقات على الموانئ والمطارات أمراً مألوفاً ومقبولاً بعض الشيء، إذ يضطر المسافر عبر القطارات والطائرات وحافلات الباصات الداخلية إلى إبراز بطاقات هوية "رسمية" والتعرض أيضاً لتفتيش شخصي، وهي إجراءات كانت محصورة بـ"النظم الديكتاتورية" في الماضي القريب. مهّد الرئيس الأسبق جورج بوش الابن غزو بلاده لأفغانستان بتحذير الشعب الأميركي من ترقّب "حملة عسكرية طويلة الأمد، وعلى نطاق لم تشهده البلاد في أي وقت مضى"، وربما ستستمر لنحو 50 عاماً، تحت مسمّى مخادع هو "الحرب على الإرهاب". وتطورت "المهمة الأميركية" إلى التصدي لتنامي القوة العسكرية لكل من الصين وروسيا ومحاصرتها، على قاعدة صراع الدول الكبرى. صوت الحكمة أتى على لسان أحد أبرز رموز العداء لروسيا والصين، وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر، محذّراً مراكز صنع القرار في واشنطن من تداعيات "استفزاز روسيا والصين"، إذ يتعيّن عليها إما القبول بالمتغيرات الجارية على النظام العالمي، وإما الإيغال في تصعيد منسوب التوتر الّذي "سيؤدي إلى مواجهة مشابهة لما شهده العالم عشية الحرب العالمية الأولى". توجّه كيسنجر(1 نيسان/أبريل 2021) إلى قيادات بلاده السياسية والعسكرية والاستخباراتية، محذراً: "إن لم نستطع التوصل إلى تفاهم عملي مع الصين، فسنكون أمام وضع شبيه بما شهدناه قبل اندلاع الحرب العالمية والأولى". وكان أشدّ وضوحاً في تحذير صقور الحرب في بلاده، قائلاً: "إن كان لديكم تصور بأن العالم سيلزم نفسه بدخول صراع مفتوح الأجل، استناداً إلى بسط الهيمنة من قبل الطرف الأقوى راهناً، فإن زعزعة النظام الراهن ستكون حتمية، وتداعياته ستكون كارثية".
Read moreنساء السليمانية يقتحمن مهناً كانت حكراً على الرجال
الحصاد: العالم الجديد - صلاح حسن بابان رغم كثرة الضغوطات النفسية والاجتماعية التي تتعرّض لها يومياً، إلا أن نسرين تحدّت قساوة مهنة سائقة سيارة أجرة "تكسي" التي تحاول نشل ملامحها الإنثوية ومنها شعرها الطويل برفضها الإستسلام والخنوع لها. وهي تستيقظ كل صباح قبل بزوغ الخيوط الأولى للشمس، لتنتقل وتُراوغ بسيارتها التكسي السيارات الأخرى في شوارع السليمانية وتصارع بها الحياة بعزيمة الرجال لتأمين لقمة العيش: "لايختلف وضعي عن حال المصارع في الحلبة". طوال ساعات النهار تعمل نسرين محمد، ذات الـ42 عاماً بلا كلل، وفي بعض الأيام تبقى حتى ساعة متأخرة من الليل لتأمين متطلبات عائلتها، فتتجوّل بلا توقف في كل مناطق المدينة وتجوب أحياءها بحثاً عن أي "راكبٍ" يرفع يديه، فعدد من يوقفون سيارات الأجرة يتناقص يوماً بعد آخر نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تضرب الإقليم وهو ما يجعل عمل نسرين أكثر صعوبة. تقول "كان العمل جيداً قبل عامين، لكن مع الأزمة الاقتصادية عدد من يستخدمون وسائل النقل العامةّ "الباصات" التي تبلغ أجرتها 500 دينار (أقل من 35 سنتاً) يتزايدون مقابل تناقص عدد من يلجأون الى سيارات الأجرة التي تبلغ أجرتها في المتوسط ثلاثة آلاف دينار (دولاران تقريباً). تُمارس نسرين هذه المهنة منذ أربع سنواتٍ تقريباً، رغم كونها مهنة خاصة بالرجال، في وقت تزداد حالات لجوء النساء لمهن كانت تعد خاصة بالرجال مع إزدياد الأزمة الاقتصادية في كردستان نتيجة تذبذب أسعار النفط وتعمّق الأزمة السياسية بين بغداد وأربيل والحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، حتى اضطر الإقليم للعمل بنظام إدخار الرواتب بنسب إستقطاع متفاوتة تصل أحياناً إلى 60%، ناهيك عن تأخر صرفها. تعد نسرين، الفتاة الأولى التي تمتهن مهنة سائق تاكسي، ففي كردستان عموماً لم يسبق ان عملت امرأة في هذا المجال الذي ظل محتكراً للرجال. هي بذلك لم تكسر تقاليد ثقافية مترسخة بل أيضاً شجّعت أخريات على اختراق مهن ظلت ميداناً حصرياً بالرجال. تُعيل نسرين والديها وتؤمّن لهما تكاليف علاجمها الشهري بهذه المهنة. تقول انها من خلال هذا العمل الشاق "تريد أن تبين أنّ المرأة لاتقلّ شأناً عن الرجل في الواجبات والمسؤوليات الحياتية المتعلقة بالأسرة والمجتمع، ولايوجد أي فرق بين الاثنين لو توفرّت الحرية وتقبّل الآخر". لكنها تشكو صعوبة هذا الأمر لاسيما وأنّ أغلب زبائنها هم من الرجال: "بدأ محيطي العائلي يتقبّل عملي ومهنتي بعد أن رفضها في البداية". تحديات على أكثر من صعيد الانفتاح الّذي تميّزت به السليمانية على مختلف الأصعدة والمجالات وخصوصاً في ما يتعلق بدعم المرأة ومساندتها للنهوض بواقعها المتردّي مع إزدياد حالات العنف والقتل ضد النساء في كردستان سنوياً، وهي تمنحها حرية أوسع من المناطق الأخرى ساعدت النساء فيها لإمتهان عدّة مهن وإن كانت خاصة بالرجال. هذا ما تؤكده نسرين قائلة: "كان الأمر سيختلف لو كنتُ في محافظة أخرى، بيئة السليمانية ساعدتني كثيراً للإنخراط بهذه المهنة، دون خوفٍ أو تردّد، صار الكل يحترمني ويقدّرني رغم المصاعب اليومية التي تواجهني" في الإشارة منها إلى ما تتعرّض له من مضايقات مستمرة في الشارع عبر أبواق السيارات. تنتقد نسرين غياب الدعم الحكومي للمرأة الكردية في سوق العمل، وتؤكد ضرورة ان تقوم الجهات المعنية بدعمهن من أجل إظهار مواهبهن بمشاريع مختلفة: "الكثير من النساء يرغبن بالعمل والإنخراط بمهن مختلفة لدعم أزواجهن في تأمين لقمة العيش بعد أن أصبحت صعبة للغاية مع تراجع فرص العمل والأزمة المالية التي تنخر العوائل بإستمرار، لكن العائق المالي يقفُ دائماً في طريقهن، ويسدّ الأبواب بوجههن". تواجه الفتيات والنساء العاملات في قطاعات العمل تحدّيات جمّة على المستويين الشخصي والعام، ففي ظلّ تدني المستوى المعيشي والتلكؤ الاقتصادي العام وغياب التشريعات الخاصة بحمايتها، قد تواجه المرأة صعوبة في الحصول على فرص عمل تلائمها وتحمي كرامتها فتلجأ الى الى إمتهان بعض الأعمال الخاصة بالرجال والتي لاتتناسب مع وضعها البنيوي والجسدي. الأزمة أعطت قوة للمرأة يعدُّ البعض هذه المهن غير لائقة ومُهينة للمرأة، ويرون انّ مهن السياقة والعمل في الأسواق العامّة والمقاهي والمطاعم وورش تبديل زيوت السيارات أو النوادي الليلية، مهن لاتناسب النساء، وقد يتعرضنّ فيها الى الإهانة والاستغلال والتحرش وحتى الضرب والترهيب، لتكون حينها أمام خيارات صعبة، منها أمّا السكوت من أجل البقاء بالعمل أو تركه والبحث عن البديل الذي يكون صعباً للغاية أحياناً بوجود هذه العوائق أو اللجوء الى خيارات بديلة ومعروفة، ولكن في النهاية لابد أن تدفع المرأة الضريبة. ترى الناشطة النسوية هانا شواني إن الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والأزمة الاقتصادية التي تزامنت معها في عام 2014 غيّرتا الكثير من مفاهيم المعادلات التقليدية في المجتمع الكردي المعروف بخلفيته الإقطاعية الزراعية: "لكن الأزمتين غيّرت الكثير من المعادلات في مجتمعنا، أهمها تغيير وجهة النظر عن المرأة وجعلها كمصدرٍ للاقتصاد وتأمين لقمة العيش وليس كوسيلة فقط". اضطرت بعض النسوة لاسيما زوجات عناصر الأمن والعسكر مثل البيشمركة والعاملين في الدفاع إلى اللجوء للعمل بمهن مختلفة بعد الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية التي خلقت الكثير من الأزمات الإجتماعية والسياسية للمجتمع الكردي، لكن شواني تُشيد بإمكانيات المرأة في إدارة الأزمات والسيطرة عليها أكثر من الرجل: "التأريخ يثبت لنا أن النساء أكثر مهارةً من الرجال في السيطرة على الأزمات ومنع خروجها عن السيطرة، ويمكن ملاحظة ذلك بالنظر إلى حال البلدان التي تقودها النساء". تثمّن الناشطة النسوية تضحيات المرأة لمساعدة أزواجهن وعوائلهن في تأمين لقمة العيش وإن كان ذلك يكون عبر الإنخراط في مهن صعبة وقاسية كما الحال مع نسرين وغيرها. مكتب لسياقة "اللوريات" إلى حدٍ كبير، تختلف حال شلير غريب وهي في العقد الرابع من عمرها عن حال نسرين، فبالرغم من مهنتها الشّاقة بتدريبها الرجال على سياقة سيارات الحمل الكبيرة "اللوريات" من خلال مكتبها الخاص بتعليم السياقة، مازالت تحتفظ بملامح أنوثتها ولا تبخل في الإهتمام بنفسها كما تفعل أغلب النساء، متكئتةً في ذلك على روحها المتحدية التي تتجاهل ما يعكّر مزاجها أو يحبط طموحها. لكنها تجتمع مع نسرين في نقطةٍ مشتركة وهي إعالة العائلة بتأمين لقمة العيش بهذه الظروف الاقتصادية الصعبة لاسيما وهي متزوجة ولها من الأبناء ثلاثة. هذه المهنة الصعبة، أبعدت شلير عن الكثير من هواياتها اليومية التي كانت معتادة عليها قبل الأزمة الاقتصادية: "المطالعة اليومية والسفر والسياحة، أبرز ما خسرته بسبب الإنشغال بالعمل" تقول ذلك وهي توعز أحد الرجال المتدربين لديها داخل سيارتها "اللوري" على الإستدارة والعودة مجدّداً للتعلم كيفية التوقف في الطرقات الخارجية العامة بعد مخالفته للضوابط والشروط الواجبة حيال ذلك. تتشابه معاناة شلير التي تقضي يومها في العمل من الساعة السابعة صباحاً وحتى أوقاتٍ متأخرة من الليل، وتعمل أحياناً حتى في أيام الإستراحة مثل الجمعة، مع نسرين بنسبةٍ كبيرة في مواجهتها المصاعب الإجتماعية وعدم تقبّل محيطها لهذه المهنة الذكورية التي ترى فيها من القسوة والصعوبة بما لايتلائم مع وضع المرأة. وتتساءل: "ما الغريب ان مارست المرأة مهنةً كانت محتكرة للرجال في السابق، ونحن نعيشُ مع التطور الحاصل في العالم يوم بعد آخر"، لتشدّد على ما أكدّته نسرين حول أهمية العزيمة والإرادة لإجتياز هذه التحدّيات والعراقيل الإجتماعية. وضعت هذه المهنة شلير في زاوية حرجة جداً، لها سلبياتها وإيجابياتها ومصاعبها، منها تلقيها تعليقات سلبية أثناء ممارسة عملها الذي يكون دائماً التدريب والتنقل في الشوارع، وهو يكادُ أن يكون يومياً، لكنّها تصرّ في كلّ مرة على تجاهلها، وعدم السماح لها بإختراق إراداتها وما تصبو إليه. إلا أنها ترى في الواجبات والمسؤوليات العائلية، وما يتعلق بحقوق الأطفال والزوج، النقطة الأكثر صعوبةً بالنسبة لها، وتتحدث عن ذلك أكثر وتحذر من إنعكاسات ذلك على حياة العائلة ومستقبلها: "على المرأة أن تعرف جيداً كيف توازن بين مهامها الزوجية والعائلية مع العمل". تؤمن تلك المهنة دخلاً مناسباً لشلير، حيث حدّدت الجهات الحكومية في محافظة السليمانية 16 ألفاً (11 دولار) تقريباً لكل درس يتلقاها المتدرّب على السياقة بالنسبة للدروس العملية التي يجب أن لاتقل عن 12 درساً، في حين تكون أجور الدروس النظرية 75 ألفاً (52 دولاراً) تقريباً بالنسبة للسيارات الكبيرة، واما السيارات الصغيرة تكون أجور التدريب العملي فيها لكل درس بـ13 ألفاً (9 دولارات) تقريباً، و50 ألفاً (35 دولاراً) تقريباً للنظري، لكن الإقبال بدأ بالتراجع تدريجياً في السنوات الاخيرة كما تقول شلير بسبب الأزمة الاقتصادية. لا ترى شلير التي تُعتبر أوّل امرأة على مستوى العراق وكردستان تحصل على إجازة عمل بإفتتاحها مكتباً لتعليم السياقة على السيارات الكبيرة أي إختلافٍ بين الرجل والمرأة في تحمّل الواجبات والإلتزامات العائلية، والإثنان متساويان في الأمر، لكن الحالة بحاجة إلى تقبّل الآخر من أجل مصلحة العائلة، شرط أن لا يمسّ كرامة الإنسان، وتؤكد إفتخارها وإعتزازها بجميع النسوة اللاتي يُضيحين من أجل عوائلهن. الارادة تصنع التحولات يؤيد الباحث الإجتماعي فريق حمه غريب ما ذهبت إلى نسرين وشلير إلى أهمية الإعتماد على العزيمة والإرادة في مواجهة التحديات الإجتماعية التي يكون غالباً أساسها الرجل في تقبّل المهن التي تلجأ إليها النساء والتي كانت خاصة بالرجال في السابق. يؤكد غريب إلى ضرورة أن تثقّف وسائل الإعلام وتزيد من توعية الرجال على تقبّل النساء في مهن مختلفة وعدم النظر إليهن بدرجة أدنى في حال لجأت بعضهن إلى مهنٍ لاتتلائم مع وضعها الجسماني والإجتماعي: "من أساسيات بناء مجتمع مدني أن نتقبّل المرأة العاملة وإن كانت مهنتها غير مقبولة إجتماعياً مثل سائقة تكسي أو عاملة في أماكن عامة، لطالما لايمسّ الأمر كرامتها". ووفقاً لبيانات الجھاز المركزي للإحصاء في وزارة التخطيط العراقية لسنة 2018، تبلغ نسبة النساء اللواتي يعملن في الوزارات والمؤسسات الحكومية أقل من 30% من المجموع الكلي للعاملين في ذلك القطاع. وتزداد تعقيداً في القطاع الخاص فاذا كانت نسبة النساء العاملات في القطاع العام تقل عن 30% من المجموع الكلي للعاملين، فان النسبة أدنى بكثير في القطاع الخاص وفق بعض المؤشرات التي لديهم في ظل عدم وجود أرقام رسمية، إلا انّ نساء السليمانية قرّرن تغيير تلك القواعد وحالة عدم التوازن إلى حدٍ ما أكثر من المحافظات الأخرى بدخول عالم المهن المختلفة بما فيها التي كانت حكراً وخاصّاً على الرجال. وبالمقارنة مع نسرين وشلير، تبدو مهنة جاوان هيوا (26 عاما) أكثر حرجاً لها من الناحية الإجتماعية وهي تعملُ في ورشة لتصليح السيارات وتبديل الزيوت والدهون بمحافظة السليمانية، وتقضي يومياً نحو 7 ساعات متواصلة في العمل مع أكثر من نحو 15 رجلا من دون أيّ كلل أو ملل، متحدية بذلك العادات والتقاليد الاجتماعية المحافظة في المجتمع الكردي. تتفق جاوان وهي خريجة جامعية وأمٌ لطفلة واحدة مع نسرين وشلير بالإشارة إلى التحديات والمصاعب التي تقف عائقاً أمام المرأة الكردية في حال قررّت اللجوء إلى الإنخراط في سوق العمل، وتعرضها للإنتقادات السلبية التي تحاول النيل منها وعزيمتها، تضيف أثناء تبديلها لدهن إحدى السيارات: "لكن مساندة عائلتي ووقوفها معي، زادت من قوتي في جعل هذه العوائق هامشية". لكن ما يبدو مفرحاً في اقتحام النساء لمهن كانت محتكرة للرجال فقط، انّ الأمر لم يفقدها أنوثتها، ومازالت تولي أهمية كبيرة لأناقتها وجمالها كما لتعليمها وثقافتها، فالأمران لايتقاطعان، وإن اختلفت الأدوار. كسر النظرة النمطية وتأثر سوق العمل وتغيّر بشكل كبير خلال السنوات العشر الأخيرة في إقليم كردستان، مع تأثير الثقافة التي جلبتها العاملات السوريات واللواتي نزحن إلى الإقليم واضطررن للعمل فيه، فهن فتحن الباب أمام عمل النساء في مختلف القطاعات، وهذا ما يعني أن نسرين وشلير وجاوان وغيرهن لسن حالات استثنائية، في وقتٍ كان قبل أعوام من النادر والصعب للغاية عمل النساء في المطاعم وإدارة المحال التجارية، لكن الآن أصبح ذلك أمراً مقبولاً، حيثُ تدير النساء مطاعم فخمة ومحال تجارية ومعامل وغيرها. ويتفاءل التدريسي في كلية الاقتصاد بجامعة السليمانية الدكتور خالد حيدر بدخول المرأة بقوة إلى سوق العمل والذي سيجعل الجزء الذي كان عاطلاً عن العمل ويُدار من قبل الرجل أكثر نشاطاً وفعالية بالإضافة إلى المساهمة في زيادة الإنتاج وناتج البلد وتقليل نسبة الإعالة: "عندما تزدادُ نسبة الإعالة يعني انّ الشخص المُعين سيتحمل عبء أكبر على عاتقه، لأنّ غياب المرأة عن العمل يؤدي إلى تعطيل الكثير من الموارد البشرية، في وقتٍ الاقتصاد يحتاج إلى هذا عمل المرأة مع الرجل". ويُشير إلى أنّ دخول المرأة إلى جميع المجالات لاسيما سوق العمل في كردستان وتحديداً السليمانية سيساهم في إزدياد الناتج المحلي بزيادة نسبة المساهمة في العمل، وهذا يعني أن الجانب النوعي سيزدادُ أيضاً مع الكمي. مؤيداً في ذات الوقت ما ذهبت إليه الناشطة المدنية هانا شوان بأن المرأة في الكثير من المجالات تكون أكثر دقّة من الرجال، لاسيما في الحالات التي يكون فيها العمل منسجماً وملائماً معها. تفتخر جاوان أنها كسرت نمطية وجهة نظر المجتمع الكردي للمرأة بخطوتها نحو هذه المهنة التي لم تظهر أي امرأة حتى الآن لتنافسها فيها على المرتبة الأولى بامتهانها: "حاولت بهذه الخطوة أن أظهر الصورة الأكثر إضاءةً للمرأة الكردية بقدرتها على تحمّل مشقّات الحياة، والإبداع في عدّة جوانب، تحديداً أثناء الأزمات". وتؤكد جاوان لمن مثلها من النساء إلى تجاهل الإنتقادات والسلبيات الإجتماعية التي تقف عادةً عائقاً أمام المرأة المبدعة، صاحبة الأفكار المتجدّدة، بالإعتماد على أنفسهن وقدراتهن لمساعدة أزواجهن وعوائلهن في تأمين لقمة العيش... توقف حديثها قليلاً لتأخذ أجر تبديلها الدهن لأحد الزبائن، وتُكمل: "دعم المرأة واحترامها واجب يجب أن يقدسهُ الرجل أولاً، وأن يفتخر به المجتمع ثانياً". * كُتبت هذه القصة ضمن مشروع لمنظمة أنترنيوز لتدريب الصحفيين حول كتابة وإنتاج القصص الصحفية عن القضايا الحساسة المتعلقة بالنوع الاجتماعي (الجندر) في العراق.
Read moreحسم مقاعد البرلمان بالاتفاق؟
الحصاد: تنشغل الاحزاب السياسية سراً بتوزيع المقاعد البرلمانية العراقية في إقليم كوردستان، فالحزب الديمقراطي يطمع في الحصول على (20) مقعداً في أربيل ودهوك من اصل (25)مقعداً، ويرغب الإتحاد الوطني في السليمانية بحسم المقاعد المخصصة للمحافظة بالإتفاق مع الأحزاب السياسية، بهذا الشكل (10 للاتحاد، 4 لحركة التغيير، 2 لجماعة العدالة). كان مقرراً ان يكون يوم 17 من شهر نيسان الجاري آخر موعد لتسجيل التحالفات للانتخابات البرلمانية العراقية المبكرة، لكن المفوضية مددت مدة تسجيل التحالفات حتى الاول من آيار المقبل. الاتحاد يتعامل بالمقاعد الـ(18) المخصصة لمحافظة السليمانية، ويريد توزيع تلك المقاعد في اطار تحالف، كالآتي: ٭ (10) مقاعد للاتحاد الوطني الكوردستاني ٭ (4) مقاعد لحركة التغيير ٭ (2) مقعدان لجماعة العدالة التحالفات في السليمانية منذ ايام تجتمع الاحزاب خلسةً لتكوين وتأسيس تحالفات بتحركاتها خلف الكواليس، وخصوصاً بين الإتحاد الوطني الكوردستاني وحركة التغيير وجماعة العدالة الكوردستانية، وكل ذلك للتحالف على المقاعد البرلمانية الـ(18) الخاصة بمحافظة السليمانية. يرغب الإتحاد الوطني الدخول الى الانتخابات العراقية المبكرة متحالفاً مع حركة التغيير وجماعة العدالة الكوردستانية. ينوي الاتحاد الوطني في حال تحالفه مع الاطراف الاخرى الاحتفاظ بـ(10) مقاعد برلمانية في محافظة السليمانية ومنح الـ(8) مقاعد الاخرى للآخرين. بحسب معلومات (الحصاد)، فقد وعد الإتحاد الوطني ان يضمن (4) مقاعد لحركة التغيير من مجموع المقاعد البرلمانية الخاصة بمحافظة السليمانية والبالغة عددها (18) مقعداً، وفي الوقت نفسه وعد بمنح مقعدين اثنين بجماعة العدالة الكوردستانية. في هذه الحالة ستبقى مقعدين اثنين فقط، وفي حال اتفق الاتحاد الوطني مع الاتحاد الاسلامي الكوردستاني فسيمنح مقعداً للاتحاد الاسلامي ويتبقى مقعد وحيد الاحزاب الاخرى والذين يدخلون الانتخابات بصفتهم مرشحين مستقلين. حراك الجيل الجديد لا يريد الدخول في تحالف مع الاتحاد الوطني، لكنه لن يرفض التحالف مع الاتحاد الإسلامي وجماعة العدالة، وحتى حركة التغيير. يطمع حراك الجيل الجديد بالحصول على (3 أو 4) مقاعد في محافظة السليمانية، لكن في حال اتفاق الاطراف وحدوث تزويرات، يحتمل حصوله على مقعد واحد أو مقعدَين. أما تحالف الأمل الكوردستاني والمحتجين الغير راضين، سيكون الفوز بالمقاعد امراً صعباً عليهم دون امتلاك مؤسسة اعلامية قوية ودعم ومساندة مادية ومعنوية، لكن اذا رشح نواب هذا التحاف انفسهم في دوائر كَرميان ورانية، فيحتمل ان يقلبوا الوضع ويُعرقلوا اتفاق الاتحاد الوطني وحركة التغيير ويجعلوا منه هباءً منثورا. التحالفات في اربيل ان الحزب الديمقراطي الكوردستاني لم يبرم اي اتفاق مع الاحزاب الاخرى، لا على المقاعد الخاصة بمحافظة اربيل البالغة (14) مقعداً، ولا على المقاعد الخاصة بمحافظة دهوك والمحددة بـ(11) مقعداً. في حال عدم اتفاقه، ينوي الحزب الديمقراطي الفوز بـ(8-10) مقعداً في اربيل، وكافة مقاعد محافظة دهوك وعددها (11) مقعداً. في حال ابرام الحزب الديمقراطي اتفاقاً، بخصوص محافظة اربيل هناك مفاوضات خفية وغير معلنة للحزب الديمقراطي مع حركة التغيير هدفه ضمان حصول الحركة على مقعدَين في تلك المحافظة، و إن لم يُبرَم هذا الاتفاق فسيكون الوضع لصالح الإتحاد الوطني وحراك الجيل الجديد. يضع الإتحاد الوطني الكوردستاني الفوز بـ(4) مقاعد في محافظة اربيل، لأنه حاز على (79 الف و745) صوتاً في الانتخابات السابقة، كما حاز تحالف الديمقراطية والعدالة على (50 الف و537)، وبهذا يكون مجموع أصوات الاتحاد الوطني وتحالف الديمقراطية والعدالة (130 الف و282) صوتاً، وبهذا يحتمل الحصول على (2 أو 3) مقاعد، وبما إن الإتحاد كان قد حاز في الانتخابات السابقة في حدود دائرة كوية(كويسنجق)-سهل اربيل(دَشتي هَولير) على (37 الف و631) صوتاً، لكن الحزب الديمقراطي كان قد حصل على (23 الف و987) صوتاً، لهذا فالاتحاد الوطني يطمع بمقعدَين اثنين من المقاعد الـ(4) في تلك الدائرة. في الدائرة (1) في محافظة اربيل والتي تشمل مناطق جومان ورواندوز وشقلاوة، كان الاتحاد الوطني قد حصل في الانتخابات السابقة في تلك الدائرة على (25 الف) صوت والحزب الديمقراطي الكوردستاني على (34 الف و753) صوتاً، لذلك فإن الفوز بمقعد من قِبَل الاتحاد ليس صعباً. اما حراك الجيل الجديد الطامع في مقعدَين من مقاعد محافظة اربيل، فإنه كان قد حاز في الانتخابات السابقة على (70 الف و833) صوتاً، وفاز بمقعدَين، لكن الآن وفق القانون الجديد سوف تتوزع اصواته على اربع دوائر، وتقع اغلب اصواته في الدائرة الرابعة لأربيل وبلغت (19 الف و949) صوتاً، تليها الدائرة الثانية وكانت اصوات الحراك فيها (15 الف و24) صوتاً. وإذا امتعض الحزب الديمقراطي بإتفاق حركة التغيير مع الإتحاد الوطني في محافظة السليمانية، فليس من الوارد آن تحصل حركة التغيير على اي مقعد في محافظة اربيل، اما بخصوص جماعة العدالة والإتحاد الاسلامي فمن الصعب حصولهما على اي مقعد إن لم يُرَكِزا على مرشح واحد ودائرة واحدة. مقاعد دهوك من مجموع المقاعد الـ(11) في محافظة دهوك، والتي كان الاتحاد الاسلامي حاصلاً فيها على مقعد واحد في الانتخابات السابقة، فإن تكرار هذا في الانتخابات المقبلة يعتبر صعباً ومن الاحتمالات الضعيفة، لأن الإتحاد الاسلامي قد فاز بمقعد واحد جراء حصوله على (43 الف و525) صوتاً من مجموع اصوات المحافظة، وبحسب قانون الانتخابات الجديد تتوزع اصوات الإتحاد الاسلامي على ثلاثة دوائر، وهذا ما يضعف احتمال تكرار حصول الاتحاد الإسلامي على مقعد له في محافظة دهوك. لم يستطع الاتحاد الوطني الفوز بأي مقعد في الانتخابات السابقة على الرغم من حصوله على (25 الف و515) صوتاً، وكان تحالف الديمقراطية والعدالة قد حاز على المركز الثالث من حيث عدد الأصوات التي حصل عليها وبلغت (25 الف و664) صوتاً، ويبلغ مجموع اصوات الاتحاد الوطني مع تحالف الديمقراطية والعدالة (51 الف و179) صوتاً، وتتوزع هذه الأصوات على ثلاث دوائر انتخابية، وعليه فإن الاتحاد يطمع بالحصول على مقعد واحد في تلك المحافظة. حصل حراك الجيل الجديد في الانتخابات السابقة في محافظة دهوك على (18 الف و52)صوتاً، وهذه الاصوات ايضاً ستتوزع على ثلاث دوائر انتخابية، وبهذا يصعب الحصول على مقعد واحد بنفس بنسبة اصواته في الانتخابات السابقة. فرص المستقلين على الرغم من ان القانون الجديد للانتخابات في العراق تم المصادقة عليه بهدف اتاحة الفرص للأشخاص المستقلين والمرشحين من خارج الاحزاب، لكن من غير الوارد اتاحة وتحقيق هذه الفرصة، خصوصاً وأن المؤسسات والغرف الانتخابية للأحزاب تجري قراءاتها ومنشغلة بإيجاد ثغرات داخل القانون لكي يحسموا الوضع لصالحهم.
Read moreبعد الهجوم.. استئناف الحركة بمطار أربيل والكاظمي يأمر بتحقيق
الحصاد: سكاي نيوز استأنفت سلطات مطار أربيل شمالي العراق حركة الملاحة الجوية، الخميس، فيما وجه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بفتح تحقيق عاجل في الهجوم الذي تعرض له. وجاءت توجيهات الكاظمي في أعقاب الهجوم الصاروخي الذي استهدف مطار أربيل في إقليم كردستان العراق، ليل الأربعاء. وأكد رئيس الوزراء أن "أمن البلد مسؤولية الحكومة وكل القوات العراقية"، وأمر أيضا بفتح تحقيق في "الاعتداءات الأخرى" التي حدثت في العراق ليل الأربعاء، في إشارة إلى الهجوم على قاعدة بعشيقه التركية، حيث قتل جندي تركي هناك. وقال الكاظمي في بيان أصدره بصفته القائد العام للقوات المسلحة في العراق: "هذا النوع من الأعمال الإرهابية التي تجري في شهر رمضان المبارك هدفها زعزعة الأمن". وأضاف: "البعض يحاول خلق الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار، في وقت يسطر به أبناء العراق في قواتنا الأمنية أروع الصور في الدفاع عن هذا الوطن ومكافحة الإرهاب والجريمة بمختلف صورها". واعتبر أن هذا الهجوم "أمر مرفوض وسوف يواجه بقوة القانون وتكاتف الشعب العراقي". وكان صاروخ استهدف القاعدة الأميركية في مطار أربيل، في آخر فصل من فصول التوتر بين الولايات المتحدة وإيران في العراق. وذكر جهاز مكافحة الإرهاب الكردي أنه جرى استهداف مطار أربيل بصاروخ واحد، فيما قال محافظ أربيل إن السلطات بدأت في "التحقيق بالحادث لمعرفة ملابساته". وكشف المحافظ أن الهجوم الصاروخي على مطار أربيل لم يسفر عن أي خسائر أو أضرار، فيما كشفت وزارة داخلية إقليم كردستان أن الهجوم نُفذ بواسطة طائرة مسيرة. ولم يتبن أي طرف بعد هذا الهجوم، لكن واشنطن تنسب عادة الهجمات المماثلة لفصائل مسلحة تمولها وتدربها إيران.
Read moreهجوم أربيل.. رسائل إيرانية بعد "نطنز"
الحصاد draw: الحرة الهجوم الذي تعرض له مطار أربيل في إقليم كردستان العراق والهجمات الأخرى بالصواريخ التي استهدفت قوات تركية في الإقليم تهدف الميليشيات التي تقف وراءها إلى إيصال رسائل جديدة للولايات المتحدة وحتى إلى "أصدقاء" إيران، بحسب المحلل السياسي العراقي إياد الدليمي. وكان مطار أربيل تعرض، مساء الأربعاء، لهجوم هو الثاني في غضون شهرين، وكذلك وردت أنباء عن صواريخ أخرى سقطت في محطيه، إحداها طال قوات تركية منتشرة منذ 25 عاما في عشرات القواعد في كردستان العراق. وفي وقت سابق الأربعاء، انفجرت قنبلتان عند مرور موكبين لوجستيين عراقيين يقلان معدات عسكرية للتحالف الدولي في محافظتي ذي قار والديوانية في جنوب العراق. رسائل ويعتقد المحلل السياسي العراقي أن الميليشيات تحاول أن تقول لواشنطن وربما إسرائيل وحتى بعض الدول العربية أن "يديها تطول الكثير من المواقع في العراق سواء أميركية أو حتى غير أميركية". ويشير إلى أن وسائل الإعلام الإيرانية حاولت قبل أيام الترويج إلى أنها استهدفت موقعا للموساد شمال العراق، لكن اتضح لاحقا أنها مزاعم غير صحيحة. ولا تنفصل الهجمات الأخيرة عن التفجير الذي حصل في مفاعل نطنز النووي، بحسب المحلل الذي تحدث لموقع "الحرة" وقال: "إيران في حالة هيجان بسب تعطل تخصيب اليورانيوم للشهور المقبلة"، وبالتالي "فإن عملية أربيل هي رد للاعتبار أولا وثانيا لتقول إنها قادرة على أن تفعل الكثير". صل عدد الهجمات التي نفذتها ميليشيات ضد مصالح للتحالف في العراق إلى نحو 20 هجوما، سواء بصواريخ أو قنابل، منذ وصول الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى البيت الأبيض أواخر يناير، فيما وقع العشرات غيرها قبل ذلك على مدى أكثر من عام ونصف العام. وقبل أسبوع فقط، استأنفت الإدارة الأميركية "الحوار الاستراتيجي" مع الحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي الذي يتعرض أيضا لتهديدات من الفصائل الموالية لإيران. وفي الهجوم الذي وقع في فبراير الماضي، ردت الإدارة الأميركية بقصف أهداف على الأراضي السورية، ما رآه البعض على أنه كان رغبة أميركية في تجنب وضع الحكومة العراقية في موقف حرج. ويعتقد المحلل العراقي أن هذه الهجمات بشكل عام لا تؤدي إلى خسائر بشرية كثيرة، لذلك لا تبدو الإدارة الجديدة "متعجلة في الرد على مثل هذه الاعتداءات". ويشير إلى أن واشنطن لا ترغب في التصعيد مع إيران أو غيرها من الدول في الشرق الأوسط، بعد أن وجهت البوصلة ناحية الصين باعتبارها الخطر الأكبر لها. ويقول: "لم يعد الشرق الأوسط بعد أولوية لأنه صار عبئا وكلفة كبيرة". كان الرئيس الأميركي جو بايدن قد أعلن، الثلاثاء، أيضا الانسحاب الكلي للقوات والمعدات الأميركية من أفغانستان ابتداء من أول مايو المقبل. وخلص تقرير للاستخبارات الأميركية نشر، الثلاثاء، إلى أن سعي الصين لأن تصبح قوة عالمية "يعد التهديد الأكبر للأمن القومي الأميركي"، وأشار إلى الصين وروسيا باعتبارهما التحديين الرئيسيين، وحذر كذلك من خطر إيران وكوريا الشمالية. ويعتبر المحلل العراقي أن استهداف تركيا في العراق يعكس "التقاطعات" بين تركيا وإيران في عدة ملفات إقليمية أبرزها العراق وسوريا "رغم التصريحات الوردية" بينهما. ويشير إلى أن الدعم التركي الكبير للآذريين في النزاع مع أرمينيا سبب ضيقا كبيرا لطهران، وكذلك دعم إيران اللامحدود لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق، وتحديدا في سنجار، يسبب إزعاجا كبيرا لأنقرة وتقوم بقصف هذه المواقع بالتنسيق مع الحكومة العراقية، بالإضافة إلى أن الاتفاق بين أربيل وبغداد الخاص بطرد هذه الميليشيات من سنجار الذي لم يطبق حتى الآن بسبب "الفيتو الإيراني". ويرى الدليمي أن إيران بهذا الهجوم الأخير أرادت إرسال رسالة لتركيا أنها "أنها لن تقبل بتطبيق اتفاق سنجار". وتسعى إيران لأن يكون قضاء سنجار نقطة عبور لميليشياتها بين العراق وسوريا، فيما تتدخل تركيا لملاحقة أعضاء حزب العمال الكردستاني المتمركزين فيه وسببب هذا الملف توترا كبيرا بين البلدين قبل نحو شهرين عندما صرح سفير إيران لدى العراق، إيرج مسجدي، بأن بلاده "لا تقبل بوجود قوات أجنبية في العراق... ويجب أن لا تكون القوات التركية بأي شكل من الأشكال مصدر تهديد للأراضي العراقية ولا أن تقوم باحتلالها". وجاء الرد التركي باستدعاء سفير طهران، كما صرح سفير أنقرة لدى بغداد، فاتح يلدز، بأن "سفير إيران هو آخر شخص يمكن أن يعطي تركيا درسا في احترام حدود العراق".
Read moreناج من حملة "الأنفال" في عهد صدام حسين يكشف تفاصيلها المروعة
الحصاد draw: سوامنثان ناتاراجان BBC صدر الصورة،TAIMOUR ABDULLAH AHMED التعليق على الصورة، تيمور عبد الله أحمد هو الشخص الوحيد الذي يقال إنه نجا من مذبحة عام 1988 "لقد رأيت أمي تقتل أمام عيني. لم أستطع حمايتها. بعد ذلك رأيت شقيقتيَّ تقتلان أمام عيني". يتذكر تيمور عبد الله أحمد مساء أحد الأيام، في شهر مايو/ أيار 1988، عندما كان يبلغ من العمر 12 عاما، حين أُرغم هو وعشرات من الأطفال والنساء الآخرين، على النزول في حفرة صحراوية وأطلق الجنود العراقيون النار عليهم. وكانت جريمة هؤلاء أنهم أكراد في عراق صدام حسين. ويقول أحمد: "مات قلبي مع أمي و شقيقتيَّ، في ذلك القبر". ويتذكر أحمد، البالغ من العمر 43 عاما، بالتفاصيل الدقيقة كيف قتل الرصاص والدته واثنتين من أخواته، ويقول: "أتذكر هذه اللحظة مرارا. أفكر في الأمر عندما أذهب للنوم". ويعتقد أن أخته الأخرى قتلت بالرصاص في حفرة مجاورة. ويسعى أحمد الآن لتطبيق العدالة على من قتلوا أسرته. صدر الصورة،GETTY IMAGES التعليق على الصورة، لا تزال مقتنيات بعض القتلى موجودة في موقع المقبرة الجماعية. كانت عمليات القتل تلك جزءا من حملة للعقاب الجماعي، عرفت باسم "الأنفال" من قبل الحكومة العراقية ضد الشعب الكردي. وزعمت السلطات أنها كانت تخمد تمردا، بحجة وقوف بعض الأكراد مع الجانب الإيراني خلال الحرب الإيرانية العراقية، بين عامي 1980 و 1988. وتقول هيومن رايتس ووتش إن ما يصل إلى 100 ألف شخص، معظمهم من المدنيين، لقوا حتفهم في عمليات تطهير عرقي ممنهجة، والتي تضمنت استخدام أسلحة كيميائية. وتقدر مصادر كردية عدد الضحايا بأكثر من 180 ألف قتيل. في ذلك الوقت، كان أحمد ووالدته وأخواته يعيشون في كولاجو، وهي قرية صغيرة نائية كان يقطنها نحو 110 أشخاص، وجميعهم من نفس العائلة الكبيرة. ويقول أحمد لبي بي سي: "كان من الصعب العثور على قريتنا"، لكنه يقول إن الأكراد، الذين كانوا يتعاونون مع نظام صدام حسين، أرشدوا القوات العراقية إلى هناك، في أبريل/ نيسان عام 1988". ألقي القبض على سكان القرية، وقادتهم القوات العراقية إلى معسكر للجيش، حيث تم فصل الرجال عن النساء والأطفال. كانت تلك آخر مرة يرى أحمد فيها والده. صدر الصورة،TAIMOUR ABDULLA AHMED التعليق على الصورة، كان والد أحمد، عبد الله أحمد، يعمل في الزراعة مثل معظم أقرانه القرويين كان والد أحمد، عبد الله أحمد، يعمل في الزراعة مثل معظم أقرانه القرويين. وبعد شهر، وُضع أحمد وآخرون في شاحنات ونقلوا إلى الجنوب. ويقول: "عندما فتحت الأبواب، رأيت ثلاث حفر بجانب بعضها. رأيت جنديين عراقيين مسلحين ببنادق كلاشينكوف". وأُجبر النساء والأطفال، وبعضهم من بين ذراعي أمهاتهم، على الخروج من الشاحنات إلى الحفر. "فجأة بدأ الجنود يطلقون النار علينا". صدر الصورة،TAIMOUR ABDULLA AHMED التعليق على الصورة، تم علاج جروح أحمد من قبل معالجين بدو تقليديين. وأصابت رصاصة أحمد في ذراعه الأيسر. يقول: "أطلقوا الرصاص بالقرب من رأسي وكتفيَّ وساقيَّ. كانت الأرض بأكملها تهتز. كان المكان ممتلأ بالدماء. تلقيت رصاصتين أخريين في ظهري. كنت أنتظر موتي". نجا أحمد بأعجوبة، وتظاهر بأنه ميت حتى غادر الجنود. ثم تمكن من الخروج من بين الجثث، والهروب في جنح الليل. في النهاية وصل أحمد إلى خيمة عائلة بدوية اعتنت به، وبقي معهم لمدة ثلاث سنوات، حتى تواصل مع أحد أقاربه الباقين على قيد الحياة وعاد إلى كردستان، حيث كان لا يزال يتعين عليه الاختباء من السلطات. في عام 1996 حصل على حق اللجوء في الولايات المتحدة، حيث يعيش الآن. صدر الصورة،TAIMOUR ABDULLA AHMED التعليق على الصورة، يقول أحمد (على اليسار) أن العائلة البدوية خاطرت بحياتها من أجل الاعتناء به وفي عام 2009، بعد الإطاحة بصدام حسين، عاد أحمد إلى العراق وعثر على موقع المذبحة. ويقول: "عندما رأيت القبور كنت أرتجف. كنت أبكي". "لقد اتصلت بالحكومة العراقية، وقلت لهم إنني أرغب بإبلاغي بأي قرار يتعلق بالمقابر". لكن في يونيو/ حزيران من العام الجاري، بدأوا في حفر موقع المقبرة دون إخطاره. وتخطط السلطات لإعادة دفن الجثث في اقليم كردستان. وحين علم أحمد من أصدقاء له بما كان يحدث، سافر للعراق جوا من الولايات المتحدة. تم بالفعل انتشال أكثر من 170 جثة من الموقع، لكن أحمد يقول إن الأشخاص الذين أجروا عمليات استخراج الرفات، تركوا بعض عظام ومقتنيات الضحايا في الموقع. صدر الصورة،GETTY IMAGES التعليق على الصورة، تحتوي المقابر الجماعية في العراق على رفات العديد من الأكراد، الذين أعدمهم نظام صدام حسين وينخرط أحمد الآن في مواجهة مع السلطات العراقية، واتخذ إجراءات قانونية لمنعهم من نبش القبر، الذي يعتقد أنه يحتوي على جثث والدته وشقيقتيه. ويقول إنه فقط عندما يوافقون على القيام بالعمل بشكل صحيح و"باحترام"، وتلبية المطالب الأخرى، مثل محاكمة المسؤولين عن المذبحة، فإن عمليات استخراج الجثث حينها يجب أن تمضي قدما. ويريد أحمد لفت انتباه العالم إلى المذبحة. ويقول: "أريد أن تظهر الكاميرات جثث الأطفال الأبرياء، الذين كانوا يمسكون بأمهاتهم قبل إطلاق النار عليهم". ويضيف: "ليس لدي حتى صورة لأمي وأخواتي. أريد التقاط صورة مع رفاتهم". صدر الصورة،TAIMOUR ABDULLA AHMED التعليق على الصورة، يدير أحمد متجرا لبيع قطع غيار السيارات في الولايات المتحدة ويقول المسؤولون العراقيون إن الأمر متروك لسلطات اقليم كردستان، للاتصال بأقارب الضحايا. ويقول فؤاد عثمان طه، المتحدث باسم حكومة الإقليم، إنه يتعين فحص الرفات وإيجاد علامات على الهوية، قبل الاتصال بالأقارب. ويضيف السيد طه: "نجمع الأدلة ونرسلها إلى المحكمة الخاصة، المسؤولة عن محاكمة المذنبين". ويعتزم أحمد البقاء بالقرب من الموقع، حتى تُلبى مطالبه. ويقول: "أشعر أن الله أبقاني على قيد الحياة لسبب ما. لقد أوكل الله إلي مهمة كبيرة، وهي التحدث عن هؤلاء الأبرياء، الذين لم يعد بإمكانهم التحدث".
Read moreأدت إلى مقتل 182 ألف كردي عراقي... هل سمعت بجريمة الأنفال؟
شاهو القره داغي السبت 21 أبريل 201803:02 م من المعروف أن سورة "الأنفال" نزلت بعد معركة بدر ووصفت أحداث المعركة وأحكام الأسرى والغنائم وقوانين الحرب في المعارك والغزوات، وهي السورة الثامنة في ترتيب المصحف وعدد آياتها 75 آية. هذه المعلومات قد لا تخفى عن أغلب المسلمين، ولكنهم قد لا يعلمون أن تسمية "الأنفال" استخدمها النظام العراقي السابق لتنفيذ إحدى أبشع جرائم القرن العشرين بحق المواطنين الأكراد في كردستان العراق، في محاولة لاستخدام النصوص الدينية لشرعنة عمليات القتل ومحاولة محو المُكوّن الكردي في العراق. ورغم أن الأكراد في كردستان العراق يعتنقون الإسلام بنسبة 97%، ويمثّل المذهب السني مذهب نحو 96% منهم، ورغم أن المجتمع الكردي من المجتمعات المحافظة التي يطغى عليها البُعد الديني والعشائري، إلا أن النظام العراقي السابق، ورغم أنه كان نظاماً بعثياً اشتراكياً، تعمّد تسمية العمليات العسكرية في المُدن والقرى الكردية بـ"الأنفال" لكسب التعاطف المحلي والإقليمي وتصوير الصراع على أنه ديني وليس قومياً ولاتهام الاكراد بالردة على الدين لتبرير عمليات الإبادة بحقهم، علماً أن الخلافات بين الطرفين كانت سياسية وتتعلق بالحقوق القومية والثقافية للأكراد. ما هي عملية "الأنفال"؟ بدأت عملية "الأنفال" في المدن الكردية في إقليم كردستان العراق بقرار مباشر من مجلس قيادة الثورة، والذي كان أعلى سلطة لإصدار القرارات في العراق في ظل نظام صدام حسين. أصدر المجلس القرار الرقم 160، في 29 مارس 1987، القاضي بتنصيب علي حسن المجيد حاكماً مطلقاً على المنطقة الشمالية من البلاد حتى يقوم بتنفيذ سياسة تدمير المناطق الكردية وقتل وتهجير المواطنين المقيمين فيها. وبموجب هذا القرار، بدأت عمليات الأنفال وكانت عبارة عن عمليات إبادة جماعية عن طريق نقل أعداد كبيرة من السكان كالأسرى إلى مناطق الحضر في محافظة الموصل ونقرة السلمان في السماوة ودفنهم وهم أحياء مع أفراد أسرهم في المقابر الجماعية، ما أدى إلى مقتل 182 ألف مواطن كردي وتدمير أربعة آلاف قرية وأربعة أقضية و30 ناحية. في 11 يناير 2007، وأثناء محاكمة المتهم الرئيسي في قضية الأنفال، علي حسن المجيد، المعروف بـ"علي الكيمياوي"، وهو ابن عم صدام حسين، اعترف أمام المحكمة بأنه أصدر قرار ترحيل أهالي القرى الكردية الواقعة على الشريط الحدودي مع إيران وتركيا وقرى أخرى، وأضاف أنه أمر القوات بإعدام كل مَن يتجاهل أوامر الحكومة بمغادرة القرى خلال عملية عسكرية ضد الأكراد عام 1988 وأعطى تعليماته باعتبار هذه القرى مناطق محرّمة وأصدر أوامره للجنود باعتقال كل مَن يجدونه هناك. وتم تنفيذ حكم الإعدام بحق علي حسن المجيد في 25 يناير 2010. مَن هو صاحب تسمية المجازر بـ"الأنفال"؟ يقول رئيس أركان الجيش العراقي في فترة "الأنفال" نزار الخزرجي إن عمليات الأنفال في المرحلة الأولى جرت ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة جلال طالباني، وكان الهدف منها التخلص من مناطق نفوذ الحزب، وبعد بداية المرحلة الأولى، اقترح اللواء الركن كامل ساجد الجنابي، وكان متديّناً، تسمية العملية بـ"الأنفال" تيمّناً بسورة الأنفال في القرآن الكريم. وخلال محاكمة المتهمين بجريمة الأنفال عام 2006، قال المتهم سلطان هاشم أحمد إن اللواء الجنابي هو الذي اختار تسمية "الأنفال" للعمليات العسكرية. مراحل عمليات "الأنفال" نُفّذت عمليات "الأنفال" على ثماني مراحل هي: المرحلة الأولى: بدأت في 22 شباط 1988 واستغرقت شهراً واحداً، وشملت أكثر من 150 قرية في مناطق دوكان وقلا جوالان وجوارتا وسورداش، وكان يقود العملية سلطان هاشم أحمد، بمشاركة 20 لواءً من الجيش العراقي و30 من الفوج التابع للحرس الجمهوري و70 من أفواج "الجاش" المكوَّنة من الأكراد المساندين للعملية. جرائم "الأنفال"... كثيرون يتجنّبون الاقتراب من ذكراها، تارةً خوفاً على سمعة نظام صدام حسين القومي البعثي الذي اعتبروه ناصراً للسنة والأمة، وتارةً أخرى خوفاً من تهمة التعاطف مع إيران "الأنفال"... حينما استخدم نظام صدام حسين البعثي "والاشتراكي" و"العلماني" اسم سورة من القرآن لتسمية عمليات عسكرية أسفرت عن مقتل 182 ألف كردي المرحلة الثانية: بدأت في 22 مارس 1988، وتم الهجوم على منطقة قرة داغ وسنكاو وبازيان وعدة مناطق أخرى، وكان يقود العمليات إياد خليل زكي، القيادي في قوات الدفاع الوطني العراقي. وخلال هذه المرحلة تم قصف منطقة سيوسينان في قرة داغ بالأسلحة الكيميائية وتدمير أغلب القرى. المرحلة الثالثة: تُعرَف بـ"الأنفال الأسود"، بسبب بشاعة العمليات، وبدأت في السابع من أبريل 1988 وشملت مناطق جمجمال، سنكاو، كفري، كلار، قادر كرم، بيباز، وجرى خلالها تدمير 500 قرية. وفي 14 أبريل قامت القوات العراقية بدفن العديد من الأسر وأفرادُها أحياء، ولذلك اختارت حكومة إقليم كردستان هذا اليوم كذكرى سنوية لـ"الأنفال". المرحلة الرابعة: بدأت في 3 مايو 1988 واستمرت حتى 15 مايو، وشملت القرى الموجودة في مناطق كركوك، بردي، كوية، وبعض المناطق الأخرى. وفي هذه المرحلة تم قصف مناطق كوتبة، عسكر، وشيخان بالسلاح الكيميائي. المرحلة الخامسة والسادسة والسابعة: بدأت في 15 مايو 1988 واستغرقت أكثر من ثلاثة أشهر. في هذه المراحل تم الهجوم على عدة مناطق أبرزها خليفان، سوران، جوما، رانية، قلادزي، قنديل، وقاد العملية وزير الدفاع عدنان خير الله، وعلي حسن المجيد ونزار الخزرجي. المرحلة الثامنة: آخر مرحلة من مراحل الأنفال، وبدأت يوم 26 أغسطس 1988 في منطقة بادينان واستمرت حتى التاسع من سبتمبر وشملت مناطق زاخو، زاويتة، زيوة، أتروش، والعديد من المناطق الأخرى. ينتظرون أقاربهم رغم مرور 30 عاماً على غيابهم رغم مرور 30 عاماً على مجزرة "الأنفال"، إلا أن العديد من المواطنين في مدن إقليم كردستان التي تعرّضت لحملة "الأنفال" ينتظرون أقرباءهم ولم يقطعوا خيط الأمل في إمكانية بقائهم على قيد الحياة، بينما تسعى الأسر التي تيقنت من وفاة أقربائها في العملية للبحث عن جثثهم في الصحراء والمحافظات الجنوبية لإعادة رفاتهم إلى إقليم كردستان. وكل فترة يتم العثور على قبور جماعية جديدة تُجدد الآلام لدى الآلاف من أسر الضحايا. تجاهل عملية الأنفال في الإعلام العربي رغم بشاعة عملية "الأنفال" في الوجدان الكردي واستمرار العثور على مقابر جماعية للضحايا في مناطق مختلفة في العراق، إلا أن هذه القضية لم تلقَ الحد الأدنى من الاهتمام العربي، سواءً على مستوى الحكومات أو الشعوب، لا بل يحصل العكس عندما يحاول البعض تبرير هذه الجرائم واعتبارها أحداثاً جانبية لا تستحق الاهتمام في الوقت الحالي. وهذا الأمر من مصادر الألم لدى المواطن الكردي الذي يحتاج إلى التعاطف والاعتراف بالجرائم التي ارتُكبت بحقه من قبل الأنظمة الحاكمة. كثيرون لا يريدون الاعتراف بأخطاء النظام العراقي السابق خوفاً من تهمة التعاطف مع إيران أو غيرها من التهم، ويُفضّلون التعنت وإنكار الحقيقة واتهام الأكراد بالعمالة لإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية لتغطية جرائم النظام العراقي السابق. وبالرغم من الحقائق واعتراف المتهمين بالجريمة وسهولة زيارة إقليم كردستان لإجراء مقابلات مع أسر الضحايا ورؤية الأماكن التي تعرضت للعملية إلا أن غالبية وسائل الإعلام العربية والإسلامية تتجنب الاقتراب من هذه الجريمة، تارةً خوفاً على سمعة النظام القومي البعثي الذي اعتبره كثيرون ناصراً للسنة والأمة، وتارةً أخرى خوفاً من اسم العملية "الأنفال". ويفهم الأكراد موقف الحكومات العربية التي اختارت التأييد أو الصمت أثناء ارتكاب النظام العراقي السابق لجريمة "الأنفال"، ولكنهم يتساءلون عن موقف المؤسسات والمنظمات والشخصيات الإسلامية التي تؤمن بالأممية وترفع شعارات ضد الأنظمة الحاكمة والدفاع عن المظلومين، ورغم ذلك هي مقصرة بشكل كبير في الدفاع عن الأكراد أو الاعتراف بالمجازر التي حلت بهم على يد الأنظمة القومية تحت شعار الدين. كان على الشخصيات والجماعات الإسلامية أن تندد وتستنكر هذه العملية فور وقوعها لأنها استخدمت اسم سورة في القرآن الكريم لتبرير عمليات إبادة جماعية بحق المدنيين، ولكن غابت هذه الإدانة وساد الصمت في صفوف الجماعات الإسلامية، ما خلق نظرة سلبية لدى الأكراد من موقف هذه الجماعات والشخصيات التي صمتت عن الجريمة سابقاً وترفض التراجع عن مواقفها السابقة إلى الآن. فهل يمكن أن يفتحوا العالم كما يقولون في شعاراتهم وهم يحملون عقلاً ضيقاً وفكراً متحجراً؟
Read more"عمليات الانفال".. الابادة الجماعية ضد الشعب الكوردي
الحصادdraw: غازي حسن عمليات الأنفال أو حملة الأنفال وهي إحدى عمليات الإبادة الجماعية التي قام بها النظام العراقي السابق برئاسة الرئيس صدام حسين سنة 1988 ضد الأكراد في إقليم كردستان شمالي العراق وقد أوكلت قيادة الحملة إلى علي حسن المجيد الذي كان يشغل منصب أمين سر مكتب الشمال لحزب البعث العربي الاشتراكي وبمثابة الحاكم العسكري للمنطقة وكان وزير الدفاع العراقي الأسبق سلطان هاشم كان القائد العسكري للحملة وقد اعتبرت الحكومة العراقية أنذاك الأكراد مصدر تهديد لها وقد سميت الحملة بالأنفال نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم. و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة. استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 قام بتنفيذتلك الحملة بقوات الفيلقين الأول والخامس في كركوك وأربيل مع قوات منتخبة من الحرس الجمهوري بالإضافة إلى قوات الجيش الشعبي وأفواج مايسمى بالدفاع الوطني التي شكلهاالنظام العراقي أنذاك لمحاربة أبناء جلدتهم وقد تضمنت العملية ستة مراحل. المرحلة الأولى: ابتدأت بالهجوم على منطقة سركلو وبركلو وقد استغرقت هذه المرحلة 3 اسابيع. المرحلة الثانية: ابتدأت هذه المرحلة عندما قام النظام العراقي (في عهد صدام حسين) بشن هجوم على منطقة قره داغ واستمرت هذه العملية من 22 اذار إلى 30 أذار من سنة 1988. المرحلة الثالثة: ابتدأت بالهجوم على منطقة كرميان في محافظة كركوك. المرحلة الرابعة: ابتدأت عندما قام النظام العراقي السابق بشن هجوم على منطقة حوض الزاب الصغير. المرحلة الخامسة: حيث قام النظام العراقي بشن هجوم على المناطق الجبلية لمحافظة أربيل وتم تدمير القرى الكردية هناك. المرحلة السادسة: وهي أخر مراحل عمليات الأنفال ابتدأت هذه العملية في 25 من شهر آب \ اغسطس سنة 1988 وقد شملت منطقة بهدنان وقد استمرت هذه العملية حتى 6 من ايلول \ سبتمبر من نفس العام. نتائج الحملة: وقامت الحكومة العراقية أنذاك بتدمير مايقارب من 2000 قرية وقتل الألاف من المواطنين الاكراد في مناطق إقليم كردستان أثناء عمليات الأنفال وإجبار قرابة نصف مليون مواطن كردي على الأقامة في قرى أقامتها الحكومة العراقية أنذاك خصيصا كي يسهل السيطرة عليهم وجرى القاء القبض على اكثر عدد من حملات الأنفال كانت قد تم التخطيط لها مسبقا , وكان الحكومة العراقية قد قامو بزيارات لتلك المناطق و جمع المعلومات المطلوبة التي تساعدهم في وضع الخطط لحملات الأنفال.و عمليات الأنفال مرت بثمانية مراحل والتي كانت بالشكل الاتي - المرحلى الأولى او الأنفال الاولى:- (أنفال منطقة جافايتي) بعد أن قامت الحكومة العراقية في (17 تشرين الاول 1987)باجراء إحصاء شامل للسكان في العراق وبعد أربع أشهر قام باول عمليات الأنفال في كوردستان بتاريخ (23 شباط 1988)في منطقة جافايتي الذي شملت هذة المناطق (دوكان,بنكرد,جوارتا,قةلاجولان,سةرجنار,سورداش,زيي بجوك ,ئةزمر,سوسى,ماوةت,سةركةلؤ, بةركةلؤ)و انتهت بتاريخ 18\3\1988. - المرحلة الثانية او الأنفال الثانية :- أنفال مناطق قرداغ في 22 اذار 1988 الى 1 نيسان 1988 و شملت هذه المناطق (جبال كلةزةردة , بازيان ,قةرةداخ ,دةربةنديخان ,زةراية,عةربةت ) - المرحلة الثالثة او الانفال الثالثة :- أنفال في مناطق كرميان في 7 نيسان 1988 الى 20 نيسان 1988. كانت هذة المرحلة من أكثرالحملات دماراً و إخافتاً و أشد ضررا على الصعيدين المادي و الإنساني لأنه (70-80) الف انسان كوردي فقدوا فيها وشملت هذه المناطق (دوزخورماتو,كفري,كلار,دةربةنديخان,سلسلة جبال قةرةداغ, تةكية,جمجمال, قةرةهةنجيرة,قادركرم,سنكاو,تيلةكؤ,بيباز, ئاغجةلةر). - المرحلة الرابعة او الأنفال الرابعة :- أنفال النهر الاصغر في 3-8مايس 1988 التي شملت منطقة واسعة من الطريق عام التي تصل بين مدينة كركوك و مدينة سليمانية ,من جنوب طريق بي نكوية و بحيرة دوكان التي شملت كل من مناطق (شوان,شيخ بزيني,كوب تةبة,عةسكةر,ديكةلة,ئالتونكؤبري). - الأنفال الخامسة و السادسة و السابعة:- من 15 مايس الى 26 اب 1988 و التي شملت منخفضات الواقعة بين جبال شقلاوة و رواندوز التي فيها قام النظام بقصف بالقنابل الكمياوية كل من القرى (باليسان , بالوكاوة, خةتى)و دمر اكثر من 52 قرية في مناطق( خليفان , خوشناوةتي ,رةواندوز, مناطق جؤمان , جبل قنديل , رانية , جوارقورنة ,و هيزوب , جبال باواجي ) - الأنفال الاخير:- أنفال منطقة بادينان من 25 آب إلى 6 ايلول 1988 الذي تم القصف بالأسلحة الكميائية عل مناطق (زيرةكاني) قرب الحدود عراقية التركية و التي شملت هذه المناطق (دهوك,زاخو,كاني ماسي,زيوة,ديرةلؤك, ئتروش ,زاويته). نتائج عمليات الانفال و تاثيراته:- 1- قتل آلاف الاشخاص بسبب القصف او الأسلحة الكمياوية او قصف الطائرات و السمتيات او الإعدام من الشباب و الشيوخ و نساء و أطفال و بشكل اساسي وعلى الأغلب الذكور. 2- القصف الكميائي لقرى و مناطق مثل(كوب تةبة , بةركةلو, سةركةلو, سيوسينان , قادركةرم)الخ ....بأسلحة كميائية من نوع ( خردل و سيانيد و غاز الأعصاب). 3- تدمير و تنسيف الألوف من القرى في مناطق الأنفال و التي جائت في الأدلة العسكرية للحكومة البعثية بمايلي تم (حرق) و (تخريب) و( تسوية بالارض) و(تطهير المنطقة) و قد تم تطبيق هذة العمليات ايضا بعشرات من المدن الصغيرة و الأقضية و النواحي . 4- بسبب تطبيق سياسة الارض المحروقة وتدمير الغابات و الحدائق و المزارع التي تم حرقها و تدمير عيون الماء و تم تعيين هذه المناطق كمناطق محرمة و اي شخص يدخل هذة المناطق يلقى حتفه إما بالاعدام او رميا بالرصاص . 5- إباحة سرقة في مناطق عمليات الأنفال من ثروات مادية زراعية و ممتلكات حيوانات .... الخ من قبل جيوش الأنفال او (جاش) الكورد بائعي ضمائرهم للبعث. 6- اختفاء عشرات الألاف من شيوخ و شباب و أطفال و نساء بعد ان تم ترحيلهم لمجمعات (طوبزاوة و نوكرةسلمان و ....الخ)و تم تقسيمهم حسب الجنس و العمر و لقد تم ذكرفي تقرير دائرة الأمن أن عدد من بنات المؤنفلين التي تتراوح اعمارهم (19-29) سنة قد سلموو للحكومة المصريةالذين نجوا من عمليات الانفال بسبب فقدانهم لأفراد عائلاتهم ومامرو به من مشاكل اجتماعية مالية نفسية صعبة أو عانو من أمراض مستعصية العلاج نتيجة الأسلحة الكمياوية التي تعرضوا له . 8- ترحيل أصحاب المناطق المؤنفله .مثلا في أنفال منطقة جافايتي الكثير من الأشخاص تم ترحيلهم إلى دولة ايران و الكثير منهم لاقوا حتفهم نتيجة البرد و الصعيق و القصف بالراجمات البعثية . مع أن الحكومة البعثية استعملت تسمية حملات الانفال في 1988,الا أنه منذ استلامه لزمام الحكم رسميا قام بعمليات الأنفال الأكراد فمثلا في نيسان 1980 اكثر من مليون كوردي فيلي تم ترحيلهم و لحد الآن أكثر من (4) آلاف شاب كردي فيلي مجهول المحل.و في 31 تموز 1983 (8) الآلاف من عشيرة البارزاني تم انفالهم هذا ماعدى قبل و بعد انتفاضة 1991 المئات من الشباب الكورد تم قتلهم ودفنهم في مقابر جماعية غير معروفة . من الجدير بالذكر بعد عملية تحرير العراق و سقوط الحكومة البعثية في 9\4\2003 و مجرمي و منفذي عمليات الانفال تم اصدار حكم الاعدام بحقهم.
Read moreالغاز الطبيعي في الإقليم التفاعلات الداخلية والاقليمية والدولية
تقرير : الحصاد الجزء الثاني يأتي اقليم كوردستان في مجال احتياطي الغاز الطبيعي في المرتبة (10) الاوائل على المستوى العالمي، لذلك بإستطاعته اجراء تغييرات في السياسات الاقتصادية وأسواق الطاقة العالمية. تفاعلات وتحديات قطاع الغاز الطبيعي لإقليم كوردستان أولاً : على المستوى الداخلي 1. التحدي الاقتصادي إقليم كوردستان واقعٌ تحت ديون متراكمة تبلغ اكثر من (28) مليار دولار، ديون حكومة الاقليم هذه الناجمة عن نوع من فشل الاقتصاد المستقل أوقعت الإقليم في وضع لم يستطع فيه الاهتمام بقطاع الغاز الطبيعي كما يجب كما لم يستطع الاستثمار في هذا القطاع بالشكل المناسب، ولانجاز هذا فإن الاقليم بحاجة الى جذب شركات ضخمة وعملاقة في مجال قطاع الغاز الطبيعي. 2. منافسة الإتحاد الوطني والحزب الديمقراطي للسيطرة على الطاقة والغاز الطبيعي في اقليم كوردستان كتحدٍ سياسي : لم تكن منافسة الإتحاد الوطني والحزب الديمقراطي منافسة سياسية وإدارية وجغرافية واعلامية فقط في إقليم كوردستان ولن تكون كذلك، بل ان القطاع الاقتصادي وبضمنها قطاع الطاقة، قد شغلت مجالاً واسعاً بينهما، لأن كلاهما قد ايقن تلك الحقيقة "اي طرف يستحوذ على قطاع الطاقة في الاقليم، يسيطر مباشرةً على القطاع الاقتصادي فيه، ومَن يسيطر على القطاع الاقتصادي في الإقليم، فإنه سيسيطر ولو بشكلٍ نسبي على دفة الحكم داخل الإقليم وخارجه". في الفترة الماضية سيطر الحزب الديمقراطي الكوردستاني الى حد كبير على قطاع نفط الإقليم، وبهذا تمكن وحتى مستوً عالٍ من السيطرة على اقتصاد الإقليم وكذلك علاقات الإقليم السياسية والدبلوماسية في الخارج، والإبقاء على مركزه قوياً في الداخل مقارنةً بالقوى الأخرى. لذلك لا يريد الإتحاد الوطني تكرار الخطأ الذي مرَّ عليه في مجال القطاع النفطي، مِن ان يتكرر في استثمار قطاع الغاز في الإقليم ، ويسيطر عليه الحزب الديمقراطي مثلما سيطر على الملف النفطي، لأن معظم احتياطي الغاز في الاقليم، تقع حقوله الكبيرة في حدود المنطقة التي تسمى المنطقة الخضراء. وان الحزب الديمقراطي اقام أقل استثماراته النفطية في هذه المنطقة(الخضراء) واغلب عقوده النفطية تخص الأماكن الواقعة داخل حدود المنطقة الصفراء. 3. الخلافات بين الإقليم والحكومة الفدرالية(الإتحادية) : بإستثمار الغاز الطبيعي في إقليم كوردستان وتصديره خارج سلطة الحكومة الفدرالية تُزيد المشاكل اكثر تعقيداً وصعوبةً، وخصوصاً انها(الحكومة الفدرالية) تعتقد ان تصدير نفط الإقليم وغازه دون الرجوع إليها(الحكومة الفدرالية) امرٌ معاكس للمادة (111) والمادة (112) من الدستور العراقي، لذلك وبسبب القيام بالاستثمار في قطاع الغاز الطبيعي في إقليم كوردستان من دون الحكومة الفدرالية، يحتمل ان تقوم الحكومة الإتحادية بخطوات اكثر تشديداً وخطورة. ثانياً : على المستوى الإقليمي 1. تركيا : تعتبر تركيا البوابة الوحيدة الرئيسية لتصدير الغاز الطبيعي في الاقليم على غرار بيع نفطه عن طريق خط انابيب نفط كوردستان - جيهان التركي. لأن تركيا لديها حدود مشتركة مع إقليم كوردستان بطول (352) كيلومتراً، واتفقت حكومة الإقليم مع تركيا حول بيع غاز كوردستان في عام 2013، ثم وصّت حكومة الاقليم شركة (كَنَل إنرجي) وبشكل عقد انتاج مشترك ان تقوم بتطوير حقول (بنَباوي وميران) وان تنتج فيها الغاز وتنقله الى تركيا. وكان من المقرر ان يكون الامر هكذا في كافة الحقول المنتجة للغاز في كوردستان، لكي ترسل حكومة الإقليم الغاز بنسب كبيرة عن طريق الأنابيب مثلما يفعل في النفط، لكن هذه الخطة لم تنجح لاسباب كامنة وغير واضحة، كما ان اعمال شركة (كَنَل إنرجي) قد اوقفت في كلا الحقلين. 2. إيران : ان تطوير قطاع الغاز في الاقليم والمتاجرة به مع تركيا سيكون تحدياً كبيراً لإيران وسيضر قطاع الغاز الطبيعي فيها، وذلك لأن : أ. اقليم كوردستان سيكون بديلاً لإيران في بيع الغاز الطبيعي لتركيا، لأن الكلفة ستكون اقل لتركيا. ب. ان الغاز الطبيعي في إقليم كوردستان اقل كلفة ليس لتركيا وحسب بل لأوروبا كذلك، وبهذا يصبح غاز إقليم كوردستان منافساً بارزاً لقطاع الغاز الطبيعي في إيران، وبدورها فإن إيران ترى وتعتبر هذا الامر بمثابة تهديد على اقتصادها الواقع حالياً تحت وطأة حصار وضغط شديد. ج. ان حقول الغاز في إقليم كوردستان هي الاقرب جغرافياً لتركيا وأوروبا مستقبلاً، وبهذا تقل كلفة النقل وتزيد من سرعته، ويمكن ان يكون حمايته أسهل من الناحية الأمنية مقارنةً بما لدى ايران. د. ان غاز إقليم كوردستان لن يصبح بديلاً للغاز الايراني لتركيا وأوروبا فقط، بل بمقدوره ان يغطي كافة الاحتياجات الداخلية العراقية للصناعات ولانتاج الطاقة الكهربائية، وإن العراق يشتري الغاز والكهرباء من ايران حالياً. ثالثاً : على المستوى الدولي 1. روسيا : دخلت روسيا سوق الطاقة في اقليم كوردستان في الشهر الثامن من عام 2012 عن طريق شركتَي (لوك أويل وغاز بروم) بعد ابرام عقدين لحفر وانتاج النفط في حقول كَرميان وحلبجة. في الاول من حزيران عام 2017 واثناء (منتدى سانت بيترسبورغ الاقتصادي العالمي)، ابرمت حكومة إقليم كوردستان مع شركة روز نفط الروسية عقداً لمدة (20) عاماً للتعاون في مجال البحث والتنقيب واستثمار الموارد الهايدروكربونية، وتم توسيع العقد في شهر تشرين الاول من نفس العام ليشمل التعاون في مد خط انابيب لنقل الغاز الطبيعي وقادر على نقل (30) مليار متر مكعب من الغاز سنوياً ويُنقَل ويُصَدَرعن طريقه الغاز الطبيعي لاقليم كوردستان إلى الاسواق العالمية. في الثامن من شهر اكتوبر عام 2017 وافق وزير الطاقة الروسي (الكسندر نوفاك) على ربط خط النفط والغاز لاقليم كوردستان بالبحر الاسود، وفي 19 أكتوبر من 2017 وبعد ثلاثة ايام فقط من احداث 16 اكتوبر و (هجوم الحكومة العراقية على المناطق المتنازع عليها) قامت روسيا بشراء نسبة (60%) من ملكية خط انابيب نفط كوردستان- جيهان بقيمة (8 مليارات و 100 مليون) دولار، فضلاً عن هذا منحت شركة روز نفط الروسية قرضاً بقيمة (ملياران و 100 مليون) دولار لإقليم كوردستان. 2. الولايات المتحدة الامريكية للشركات الامريكية الكبرى من امثال (أكسون موبيل وشيفرون) دور مهم في قطاع الطاقة العراقي بشكل عام وإقليم بشكل خاص، ففي شهر اكتوبر من عام 2011 وقَّعت شركة اكسون موبيل اول عقد مع حكومة الاقليم بخصوص الحفر واستخراج النفط، وشملت عمليات البحث والتنقيب ست مناطق في إقليم كوردستان هن (القوش، بعشيقة، بيرمام، بيتواتة، شرق عربت، وقَرةهَنجير)، في حين تقع جزء من هذه المناطق في حدود المناطق المتنازع عليها. رغماً عن ذلك تنظر امريكا بالتعاون مع الإتحاد الأوروبي الى دعم ومساندة قطاع غاز الإقليم وتصدير غازه الى أوروبا للضغط على روسيا ومنافسة الغاز الروسي، من خلال إشراك إقليم كوردستان في مشروع خط (الناب) وهو مشروع لنصب خط انابيب وتصدير الغاز عن طريق أناضول التركية، وتمت المباشرة بتنفيذ هذا المشروع في 17 تشرين الثاني عام 2011، والذي يربط البحر الاسود بالبحر المتوسط.
Read moreقدرة قطاع الغاز الطبيعي لإقليم كوردستان
تقرير : الحصاد الجزء الأول لدى إقليم كوردستان مخزون واحتياطي هائل جداً من الغاز الطبيعي بحيث اذا تم تطويره بشكل صحيح من ومنظم دون التورط في الفساد ولا يُصيبه ما اصاب ملف النفط، حينئذ يكون بمقدوره لوحده تغطية وتأمين كافة الاحتياجات الاقتصادية لإقليم كوردستان وبضمنها رواتب الموظفين، دون الحاجة الى حصته من الميزانية الاتحادية او اية مصادر اخرى للواردات. أهمية الغاز الطبيعي في العالم الغاز الطبيعي اهمية خاصة للدول عموماً والدول الصناعية خصوصاً، لأن للغاز الطبيعي مجموعة من الخصائص المهمة واصبح من الاحتياجات اليومية للانسان. فضلاً عن دورها الكبير في الصناعات البتروكيماوية، وعلى العكس من النفط والفحم، فإن الغاز لا ينتج عنه اي مخلفات ويُبقي على البيئة والطبيعة نظيفةً، وانه مصدر مهم لتوليد الطاقة الكهربائية، وتحاول الدول المنتجة للسيارات ان يجعلوا منه بديلاً للبنزين (بشكل مباشر او غير مباشر عن طريق السيارات الكهربائية)، ورغماً عن هذا كله فقد اصبح الغاز حاجة رئيسية للمنازل والبيوت للتدفئة والطبخ والعديد من الامور الاخرى. إحتياطي الغاز الطبيعي في اقليم كوردستان رغماً عن ان غاز إقليم كوردستان لا يقل اهمية من النفط إلا ان حكومة إقليم كوردستان لم تتمكن او لم تُرِد ان تُطَوِرَ قطاع الغاز، في حين تشير بعض المصادر الى أن اقليم كوردستان يمتلك نسبة (3%) من احتياطي الغاز في العالم والمقدر بـ(100-200) ترليون قَدَم مكعب ما يساوي (2.8 الى 5.7) ترليون متر مكعب، ويقع الجزء الاكبر من هذه الكمية في وسط وجنوب إقليم كوردستان، واكبر واشهَر حقول الغاز هما حَقول (خورمَلة) و(كورمور) الغازي. توجد إحصائيات مختلفة تثبت حقيقة أن اقليم كوردستان يمتلك هذه الكمية الوافرة من الغاز، بحسب بحث مُعَد من معهد أوكسفورد لابحاث الطاقة والمنشور في شهر كانون الثاني من عام 2016، وأشار الى حجم الغاز وقسم من حقول الغاز الطبيعي في اقليم كوردستان. وتزامن بحث لهيئة المسح الجيولوجي الامريكي يفيد ان اقليم كوردستان يمتلك اكثر من (60) ترليون متر مكعب من الغاز الطبيعي. كما اعلن (توني هيوارد) رئيس شركة كَنَل إنرجي التركية في عام 2015، يمكن تقدير ان اقليم كوردستان يمتلك (5) ترليونات متر مكعب من الغاز الطبيعي ما يساوي قرابة (177) ترليون قَدَم مكعب. نسبة احتياطي الغاز الطبيعي الموجودة في اقليم كوردستان اكثر من النسبة التي لدى الدول الكبيرة المنتجة للغاز والتي تؤَمن الغاز للاتحاد الأوروبي، مثلاً لدى (النرويج 61، ليبيا 51، آذربيجان 47، هولندا 23) ترليون قَدَم مكعب من احتياطي الغاز وفقاً لمعلومات عام 2017. وبحسب معلومات شركة دانة غاز الاماراتية في العام 2015، ان احتياطي الغاز الطبيعي في حقول (كورمور وجمجمال) تخمن بـ(75) ترليون قَدَم مكعب. اما بحسب (تقارير الطاقة الامريكية) تبلغ الاحتياطي المثبت للغاز الطبيعي لإقليم كوردستان العراق (25) ترليون قَدَم مكعب، والاحتياطي الغير مثبت للغاز الطبيعي يُخمن بـ(200) ترليون قَدَم مكعب. و وفقاً لتخمينات منظمة الطاقة العالمية (IEA)، فإن إقليم كوردستان بمقدوره تطوير انتاجه في قطاع الغاز الطبيعي حتى عام 2035 لتصل الى حجم (29) مليار متر مكعب سنوياً، وان يرفع سقف قدرته بنسبة (14%) لتبلغ (4) مليارات متر مكعب سنوياً. بالاستناد الى أن اقليم كوردستان يمتلك مخزوناً هائلاً من الغاز الطبيعي مع النفط، ويخمن احتياطي النفط الموجود في إقليم كوردستان بـ(45) مليار برميل، واحتياطي الغاز الطبيعي يخمن بـ(5.7) متر مكعب، ويعتبر هذا مصدراً مهماً ولافتاً للنظر في قطاعَي التجارة والاستثمار وجذب الشركات الاجنبية. أهمية الغاز الطبيعي في اقليم كوردستان تأسس (مشروع غاز كوردستان) عام 2007، حينما عقدت حكومة اقليم كوردستان عقداً مع شركتَي (دانة غاز وكريشنا بتروليوم) معاً لمنح حق التسعيرة، تطوير، انتاج، تسويق وبيع الهايدروكاربونات في حقلَي (جمجمال وكورمور) وذلك في اطار شركة (بيرل بتروليوم). وبحسب التقارير فإن كمية الاحتياطي الموجود في كلا الحقلَين هي كالآتي : (4.4) ترليون قَدَم من الغاز الطبيعي (136) مليون برميل من كونسينديت (13.3) مليون طن من الغاز السائل(الغاز المستعمل في البيوتوالمنازل) (18) مليون برميل من النفط وأسست دانة غاز وكريسنت بتروليوم (180) كيلومتراً من الانابيب الناقلة من كورمور الى اربيل، وباشروا ببيع انتاج الغاز من تلكما الحقلَين الى حكومة اقليم كوردستان، واستخدمتها حكومة الاقليم بدورها لانتاج الطاقة الكهربائية ومستمرة في ذلك الى الآن. اي ان انتاج هذا الغاز كان للاستهلاك المحلي فقط. وحالياً فإن خطأً من الأنابيب بطول (176) كيلومتراً قيد التأسيس لنقل الغاز من حقل كورمور الى المحطات الكهربائية في اربيل والسليمانية والى خورمَلة. كما ان خطاً من الأنابيب الناقلة بطول (50) كيلومتراً من حقل سيميل الى محطة كهرباء دهوك قد انتهى تأسيسه ومستمر بنقل الغاز الى محطة كهرباء دهوك منذ بداية 2014 وهذه المحطة كانت تعمل بالكازوايل سابقاً. كان مقرراً ان تباشر حكومة اقليم كوردستان عام 2020 بتصدير الغاز إلى تركيا بحجم (10) مليار متر مكعب سنوياً عن طريق خط انابيب الغاز الطبيعي لاقليم كوردستان، لكن هذه العملية لم تبدأ حتى الآن. إذا تمكن إقليم كوردستان من تنفيذ هذه الإستراتيجية، فسيكون باستطاعة الاقليم تصدير كمية (30) مليون متر مكعب من الغاز الى تركيا وأوروبا كحدٍ ادنى يومياً، وإذا باع الاقليم متراً مكعباً من الغاز بسعر دولارين( والسعر اكثر من هذا المبلغ حالياً)، فستكون واردات الإقليم (60) مليون دولار لليوم الواحد، وشهرياً تبلغ واردته (1.8) مليار دولار. والكمية التي عثرت عليها حتى الآن تكفي لقرنين قادمين اي لـ(200) سنة المقبلة.
Read moreعقبات انعكاس العلاقات الخارجية على الاقتصاد العراقي
الحصاد draw: حامد عبد الحسين الجبوري - مركز الفرات تسعى أغلب الدول، سواء كانت متقدمة أو نامية، لبناء علاقات خارجية متينة مع دول اقليمية أو دولية، لاعتبارها النافذة التي تمكن الدول من تحقيق أهدافها الخارجية أو الداخلية أو كلاهما معاً. اختلاف أهداف العلاقات الخارجية ونظراً لتجاوز الدول المتقدمة أو على الأقل إنها قطعت شوطاً كبيراً في تحقيق الأهداف الداخلية، فهي تسعى في الغالب لوضع أهداف خارجية كعولمة ثقافتها أو محاربة الإرهاب وتعمل على تحقيقها من خلال بناء علاقات خارجية مع الدول التي تصب في مصلحتها وتحقيق تلك الأهداف. فعلى سبيل المثال سعت أمريكا ولا تزال في بناء علاقات خارجية مع كثير من دول العالم-دول أوربية، دول أسيوية، دول شرق أوسطية-من أجل عولمة ثقافتها السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو من أجل محاربة الإرهاب لضمان سلامة مصالحها الإستراتيجية في تلك الدول. في حين لم يكن الأمر كذلك بالنسبة للدول النامية، فهي لا تزال تعاني من التواضع في تحقيق الأهداف الداخلية، ولا يتسنى لها وضع أهداف خارجية وبناء علاقات لتحقيقها، لان الأولى بها أن تعمل على بناء علاقات خارجية من أجل تحقيق الأهداف الداخلية التي لا تزال متواضعة كالأمن والاقتصاد والخدمات. عقبات انعكاس العلاقات الخارجية على الداخل وما سعي الحكومات العراقية بعد عام 2003 باتجاه العلاقات الخارجية الإقليمية والدولية إلا لتحقيق الاستقرار الأمني وتحسين الاقتصاد وتقديم الخدمات، ولكن أغلب الجولات الخارجية لم تنعكس على الوضع الداخلي العراقي بشكل ملموس. بمعنى إن هناك عقبات كانت تحول دون انعكاس العلاقات الخارجية التي تقوم بها الحكومة العراقية على الوضع الداخلي، وهي عقبات مترابطة فيما بينها ومن أبرزها هي غياب الاستقلال وضعف الاستقرار، إذ لا استقرار بلا استقلال. حيث اتجه العراق نحو نافذة العلاقات الخارجية بعد 2003 وبالخصوص في زمن حكومة العبادي بعد تحرير الموصل من تنظيم داعش الإرهابي الذي أسقطها في نهاية حكومة المالكي، كان ذلك الاتجاه بمثابة دعوة تلك الدول للوقف لجانب العراق ودعمه لمحاربة الإرهاب وإعادة الأعمار. ثم جاءت حكومة الكاظمي وسارت على نفس الوتيرة، لتكمل ما انتهت إليه حكومة العبادي، رغم إن الأولوية التي جاءت من أجلها هي تهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات، ومع هذه الأولوية عملت على فتح نافذة العلاقات الخارجية وزارت العديد من الدول كان آخرها السعودية والإمارات وزيادة عدد الاتفاقيات مع الدول في مجالات مختلفة وعلى رأسها المجال الاقتصادي، من أجل دعم الاقتصاد العراقي وتحسين الأوضاع الداخلية. اختلاف أولويات الحكومات المتعاقبة بشأن العلاقات الخارجية وبالتأكيد، ثمة اختلاف ما بشأن الهدف من فتح نافذة العلاقات الخارجية ما بين الحكومتين، حيث ركزت حكومة العبادي على العلاقات الخارجية من أجل محاربة الإرهاب وإعادة الأعمار، في حين ركزت حكومي الكاظمي على دعم الاقتصاد وتحسين الأوضاع الداخلية من خلال زيارة الدول ودعوتها للاستثمار في العراق. يبدو إن مسيرة الحكومتين كانتا تسيران بنفس الرؤية وبنفس الاتجاه، ونظراً لاختلاف الأحداث على أرض الواقع وما ينبغي على الحكومة أن تتخذه، أصبح لكل حكومة أولويات تختلف عن الأخرى وذلك بما ينسجم مع الحدث الذي وقع، فكانت أولوية حكومة العبادي هي محاربة الإرهاب بالدرجة الأولى وإعادة الأعمار وأولوية حكومة الكاظمي هي دعم الاقتصاد وتحسين الأوضاع الداخلية. التقييم ومن حيث التقييم، يمكن القول، إن حكومة العبادي نجحت في محاربة الإرهاب رغم الوضع المتهالك مالياً واقتصادياً الذي ورثه من حكومة المالكي. تحقق ذلك النجاح بفعل تكاتف الجهود الداخلية من مرجعية وشعب من جانب واستثمار العلاقات الخارجية من جانب آخر. وبالتأكيد إن الدول التي استجابة لحكومة العبادي في محاربة الإرهاب كانت هي أيضاً راغبة وبشكل كبير في محاربة الإرهاب لحماية مصالحها في العراق من جانب وتحقيق الأمن والسلم الدوليين من جانب ثانٍ لان تحقيقهما يعني ضمان حماية بلدانها من انتقال الإرهاب لها. أما على مستوى إعادة الأعمار، فكانت النتائج متواضعة، إذ بلغ حجم التعهدات التي تعهد بها المشاركون في مؤتمر الكويت لإعادة أعمار العراق 30 مليار دولار في عام 2018 في حين كان المطلوب هو88 مليار دولار حسب وزارة التخطيط للإيفاء بإعادة أعمار المناطق المتضررة سواء بفعل الإرهاب أو بفعل عمليات التحرير. يمكن إيعاز انخفاض حجم المشاركة في إعادة أعمار المناطق المتضررة للعقبات التي تم ذكرها آنفاً وهي غياب الاستقلال وضعف الاستقرار، إذ ترى كثير من الدول إن القرار العراقي لا يزال يخضع للإرادة الخارجية، إضافة لضعف سلطة إنفاذ القانون وانتشار السلاح خارج القانون، لذا يرى البعض، أن الالتفاف على إعادة الأعمار أو تسويفها أو سوء إدارتها بالشكل الأمثل هو التحليل الأكثر واقعيةً، فكانت المشاركة متواضعة. أما بالنسبة لحكومة الكاظمي فقد عملت على الورقة الاقتصادية في العلاقات الخارجية الإقليمية والدولية من خلال زيارة أمريكا وطهران وتركيا الأردن والسعودية والإمارات، وإجراء العديد من الاتفاقات الاقتصادية معها، وأبرزها اتفاقية الربط الكهربائي مع الأردن ومصر والسعودية، وإنشاء صندوق عراقي سعودي مشترك، يقدر رأس ماله بثلاثة مليارات دولار، وكذلك أعلنت دولة الإمارات عن استثمارها مبلغ ثلاثة مليارات دولار في العراق وغيرها الكثير من الاتفاقات. لا تقييم بلا وقت كافي ولا يمكن تقييم أداء الحكومة الحالية بشكل دقيق في الوقت الحاضر في مدى قدرة الحكومة على تذليل العقبات وتحييد أثارها وجعل العلاقات الخارجية تنعكس بشكل ايجابي ومباشر على واقع الاقتصاد العراقي ما لم يتم إعطاء الوقت الكافي لظهور النتائج ومن ثم اتخاذ قرار بشأن التقييم ما إذا كانت جيدة أم لا؟ ولذا يبقى السؤال المطروح، هل ستنجح حكومة الكاظمي في ترجمة تلك الاتفاقات على ارض الواقع العراقي وبما يخدم الاقتصاد العراقي؟ إذا ما استطاعت حكومة السيد الكاظمي تذليل تلك العقبات والعمل على جعل القرار العراقي مستقل بعيداً عن الاملاءات الخارجية والعمل وفق مبادئ التعاون والمصالح المشتركة من جانب، واستطاعت أن تعمل، أيضاً؛ على تقوية سلطة إنفاذ القانون وحصر السلاح بيد الدولة الذي من شأنه تحقيق الاستقرار من جانب ثانٍ، كلا الأمرين سيكونان كفيلان بانعكاس العلاقات الخارجية إيجابياً على الاقتصاد العراقي والعكس صحيح. وتبدو بعض المؤشرات إن حكومة الكاظمي تسير إلى حد ما بالشكل المطلوب داخلياً وخارجياً سياسياً واقتصادياً، سينعكس هذا السير بشكل ملموس على ارض الواقع إن عاجلاً أو آجلاً ومع ذلك سيبقى هذا السير محفوفاً بالمخاطر، مما يتطلب الحذر دائماً لأي محاولات تريد الانزلاق به نحو الهاوية.
Read moreأكراد إيران ... احتفوا بالثورة ضد الشاه وأنكرهم النظام الجديد
الحصاد DRAW: independent - ظلت كردستان إيران (غرب البلاد) مسرحاً لعمليات القمع طيلة السنوات الـ41 السابقة، أي منذ إعلان تأسيس نظام "الجمهورية الإسلامية في إيران"، رغم أنهم انخرطوا في الثورة ضد الشاه ودخلوا في مفاوضات مع النظام الجديد للحصول على حقوقهم القومية. ومع سيطرة الخميني على مفاصل البلاد مطلع الثمانينيات - حينما طالب عبر الإذاعة الرسمية الجيش بالتوجه نحو سنندج (عاصمة المحافظة الـ31) لقمع من وصفهم بالأشرار- حتى يومنا هذا، ما زال مسلسل مواجهة النشطاء الأكراد مستمر. ويعاني الإقليم أيضاً من أعلى نسبة بطالة بين الإيرانيين وفق الإحصائيات الرسمية، ويحرم الأكراد من تعلم اللغة الكردية على الرغم مما ينص عليه الدستور الإيراني في المادتين 15 و19. مقاتلون أكراد من أعضاء الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني في نقطة حدودية بين إيران والعراق (غيتي) "اندبندنت عربية" حاورت مصطفى هجري، المسؤول التنفيذي للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، للإجابة على تساؤلات عدة ولتفسير عدد من القضايا الملحة في مقدمتها رؤيته للمشهد الأمني في الإقليم ومستقبل الأحزاب الكردية في مواجهة النظام الإيراني، فضلاً عن وضع كورونا داخل إيران وتطلعاتهم مع إدارة أميركية جديدة برئاسة جو بايدن. قمع بدايات الثورة في البداية، كان هناك توصيف من هجري للفرق بين ما وصفه بـ "القمع" الذي شهده الأكراد منذ بداية الثورة الإيرانية والمواجهات التي يشهدونها في الوقت الراهن، قائلاً، "بعد أوامر الخميني، غزا عشرات الآلاف من القوات القمعية للنظام وعدد كبير من المتطرفين الدينيين التابعين للخميني كردستان وقتلوا مئات الأكراد العزل. منذ ذلك الحين، استمر الهجوم بأشكال مختلفة، باستثناء أنه في السنوات الأخيرة لم يتمّ قتل الشعب الكردي في شكل غزو ظاهر أولي ولكن بأبعاد أكثر خطورة وتدميراً." وتقول السلطات الإيرانية إن عملياتها في كردستان بالتزامن مع انتصار الثورة كانت لإخماد تمرد انفصالي في الإقليم الواقع على الحدود مع العراق وتنفي وقوع مجازر فيه. التهمة "محاربة الله" وأضاف، "ويمكن أن نعطي أمثلة على ما يمكن وصفه بفقر وبؤس شعب كوردستان في ظل نظام الجمهورية الإسلامية والشكل الجديد للعدوان المستمر الذي قدمته سياسات النظام لأهالي تلك المنطقة، ففي عام 2018، بلغ عدد السجناء السياسيين من الأكراد نحو 467 سجيناً كردياً من إجمالي 1152 سجيناً سياسياً، 93 سجيناً كردياً اتهموا بمحاربة الله وأعدم 63 منهم". إن تهمة "محاربة الله" بحسب ما يصفها القضاء الإيراني هي عقوبة لمن يقاتلون الله في تعريف نظام الجمهورية الإسلامية ويعاقب مرتكبها بالإعدام، لكن التقارير الحقوقية تتحدث أن ما تصفه إيران "بمحاربة الله" هي تهمة تستخدمها طهران لدغدغة المشاعر الدينية بهدف القضاء على كل من يعارضها. خيرات كردستان إيران تقع كردستان غرب إيران وتبلغ مساحتها 28 ألفاً و200 كليومتر مربع، وتمتلك غطاء نباتياً متنوعاً وينابيع كثيرة جارية في مدن المحافظة الغربية والتي تفصلها كيلومترات عدة مع العراق، ونشّطت إيران السياحة الداخلية والخارجية هناك خلال السنوات الماضية. لكن على عكس الصورة التي ترسمها إيران عبر وسائل الإعلام الرسمية عن سحر كردستان وروتين الحياة الطبيعية، يقول هجري، "يتم استخراج الموارد الوفيرة بما في ذلك النفط والذهب والأحجار الكريمة، من قبل عملاء النظام، ويتم إرسالها إلى طهران ومدن أخرى خارج كردستان لتصنيعها، وحتى السكان الأصليين لا يُسمح لهم بالعمل في المناجم كعمال، فضلاً عن استغلال المياه الوفيرة في كردستان عن طريق الأنفاق والقنوات الطويلة لاستخدامها خارج كردستان، في حين أن أجزاء من الأراضي الزراعية لا تُزرع بسبب نقص المياه، وفي كثير من مدن كردستان يعاني الناس من نقص في مياه الشرب". وتابع، "عشرات الآلاف من الهكتارات من الأراضي الزراعية في المناطق الحدودية لكردستان، احتلها الجيش ولغمت خلال حرب الثماني سنوات بين إيران والعراق، ما أدى إلى مقتل عشرات الأشخاص في هذه المناطق سنوياً. يقتل المزارعون ومربو الماشية أو يشوهون بسبب الألغام الأرضية". المعارضة داخل الإقليم سألنا هجري عن وضع المعارضة داخل الإقليم، فأجاب، "على الرغم من كل العواقب المؤسفة لسياسات النظام في كردستان، لم يغادر كردستان سوى قيادات المعارضة الكردية البارزة، لكن أعضاء وأنصار أحزاب المعارضة، خصوصاً الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، موجودون داخل كردستان. لديهم حضور فاعل ويقاومون سياسات النظام المناهضة للشعب، وهذه المقاومة ثابتة ومنظمة وشجاعة للغاية، وبعض السياسات القمعية القاسية للنظام ضد الشعب الكردي تعود إلى مقاومة الشعب الذي يقف بعناد ضد اضطهاد النظام ولا يستسلم له". الدستور الإيراني وحقوق الأقليات تنص المادة 15 من الدستور الإيراني على أن "اللغة والكتابة الرسمية والمشتركة لشعب إيران هي الفارسية. ويجب أن تكون الوثائق والمراسلات والنصوص الرسمية والكتب الدراسية بهذه اللغة والكتابة، ولكن يجوز استعمال اللغات المحلية والقومية الأخرى في مجال الصحافة ووسائل الإعلام العامة، وتدريس آدابها في المدارس إلى جانب اللغة الفارسية"، لكن المسؤول التنفيذي للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني نفى تطبيق مواد الدستور ما انعكس على حقوق الأكراد بقوله، "لم يتم تطبيق المادتين 15 و19 من الدستور بشأن التعليم باللغة الأم في المدارس، وبعد أربعة عقود من الجمهورية الإسلامية، لا يزال التعليم في المدارس إلزامياً باللغة الفارسية". كما تنص المادة 19 من الدستور الإيراني على أن "يتمتع أفراد الشعب الإيراني، من أية قومية أو قبيلة كانوا، بالمساواة في الحقوق، ولا يمنح اللون أو العنصر أو اللغة أو ما شابه ذلك أي امتياز". أما عن المساواة وحقوقهم في الداخل الإيراني فأشار إلى أنه "وفقاً للإحصاءات الإيرانية الرسمية، فإن إقليم كردستان لديه أعلى معدل بطالة. وفي عام 2019 أعلن محافظ سنندج أن نسبة البطالة في هذه المحافظة بلغت 28 في المئة، لكن أحد ممثلي المحافظة في مجلس الشورى الإسلامي أعلن أن نسبة البطالة بلغت 45 في المئة، لكن الجمهورية الإسلامية لا تقدم إحصائيات دقيقة، وعادة ما تكون الإحصائيات في هذه الحالات أعلى بكثير من الإحصائيات المعلنة من قبل النظام"، إلا أنه أضاف، "يجب النظر إلى أسباب سوء الوضع في كردستان والسبب وراء انتهاج هذه السياسات بحق سكان الإقليم، واعتقد أنه من جملة تلك الأسباب هو أن جزء كبيراً من شعب كردستان من أتباع "المذهب السني، ولا يعتبرهم النظام الإيراني مسلمين"، ونحن نتعرض "للقمع والتمييز" مثل الأقليات غير المسلمة وغير الشيعية داخل إيران، ويرجع ذلك جزئياً إلى مقاومة الشعب الكردي الملحوظة لقمع النظام ورفضهم الانصياع لسياسات الجمهورية الإسلامية". وتابع، "نتيجة هذا الوضع وعدم وجود فرص عمل في محافظات كردستان، فإن الفقر في هذه المناطق في أعلى مستوياته مقارنة بمناطق أخرى في إيران، بينما نسبة الانتحار في محافظة إيلام، إحدى محافظات كردستان، هي الأعلى في كل أنحاء إيران". العلاقات الإيرانية - العراقية ويفرض سؤال نفسه في حوارنا مع هجري وهو، هل العلاقة بين حكومتي إيران والعراق من أهم عوامل الحرية النسبية أو القمع الشديد بالنسبة للفصائل الكردية؟ ولماذا؟ فقال، "بعد حكم صدام حسين وتشكيل إقليم كردستان العراق في البلاد، ازداد قلق النظام الإيراني من الأكراد، قلق النظام من أن يقاتل الأكراد الإيرانيين تحت تأثير حكومة إقليم كردستان العراق. بالتالي يصبحون أكثر قوة ويتمكن أكراد إيران من إقامة حكومة محلية لأنفسهم في كردستان إيران"، إلا أنه أضاف، "هذا القلق هو أحد أسباب تصاعد العنف ضد الشعب الكردي في إيران وعزلته، ومع هذا الوضع المؤلم، أصبح الأكراد لا يفكرون إلا في الخبز وليس الحرية وإقامة حكومة". ويرى هجري أن إيران من خلال نفوذها في العراق وتوسيع سياساتها المعادية للأكراد في كردستان العراق، خلقت الكثير من الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية لكردستان العراق، مشيراً إلى أن الضغط الذي تمارسه حكومة بغداد في الوقت الحالي على حكومة إقليم كردستان العراق يرجع إلى نفوذ النظام الإيراني وتدخله في حكومة بغداد وبرلمانها، وكذلك الميليشيات العراقية الخاضعة لقيادة إيران، إلا أنه أكد أن إيران تعتبر منح أي حقوق سياسية للإيرانيين من غير الفرس هو بداية تفكيك إيران، لذلك هي ترد بقوة على ذلك. مستقبل الأحزاب الكردستانية في المقابل، هل هناك أي محاولة لتوحيد الخطاب الكردي في إيران والتوصل إلى اتفاق بين الأحزاب الكردية هناك؟، أجاب، "اتحدت الأحزاب الكردية الأربعة المعروفة تحت مظلة واحدة، وهي مركز التعاون والتنسيق المشترك بين قوى المعارضة الكردية الرئيسة، وذلك قبل سنوات، وتوحدت الأهداف ضد النظام الإيراني، ويواصل المركز برامجه بشكل منسق، يتمثل كفاح المركز في إقامة إيران ديمقراطية وفيدرالية تكون فيها لكل القوميات التي تعيش في إيران حكومة داخلية خاصة بها، ووفقاً للقانون، يكونون شركاء في إدارة إيران على نطاقهم الخاص". حرية الصحافة منذ قيام النظام الإيراني تحدثت تقارير حقوقية وإعلامية متعددة عن قمع طهران للصحافيين وغلق العديد من الصحف، ومع مطلع ديسمبر (كانون الأول) نهاية عام 2020، تم سجن 15 صحافياً في إيران، وفي منتصف ديسمبر 2020، أعدمت الحكومة الإيرانية روح الله زم وهو أحد الصحافيين الذي اتهمتهم بالتجسس ونشر الأكاذيب وإهانة مقدسات الإسلام. لكن كيف يتابع المسؤول التنفيذي للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني تعامل إيران مع الصحافة والصحافيين؟ يجيب هجري، "يشعر النظام الإيراني بقلق بالغ إزاء الانعكاس الحقيقي والصحيح لما يحدث في هذه الحكومة وهذا البلد. لهذا السبب يقوم دائماً بترتيب الأحداث والإحصائيات وتقديمها كما يشاء وليس كما هي". وتابع، "بالتالي، فإن النظام الإيراني "يقمع" بشدة حرية التعبير بشكل عام وكذلك "يقمع" الصحافيين الذين يقدمون معلومات دقيقة، والصحافيون الذين يتصرفون بشكل مخالف لسياسات النظام يحكم عليهم بمثل هذه الجرائم الخطيرة في محاكمه الخاصة، ليس هذا فقط، فقد كانت نتيجة سياسة النظام في هذا الصدد غلق صحيفة آزادي (الحرية) داخل إيران، كما يتعرض أهالي الصحافيين الإيرانيين الموجودين خارج البلاد للتهديد والمضايقات، وإذا تمكنوا من الوصول إليهم، يتم إعدامهم أو الحكم عليهم بالسجن لمدة طويلة، وكان زم أحد هؤلاء الصحافيين الذين وقعوا في فخ النظام الإيراني وأعدموا". جو بايدن والأكراد وأسفرت نتائج الانتخابات الأميركية عن فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن ليتم تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة، وسألنا هجري عما ينتظره الشعب الكردي من الرئيس الأميركي الجديد؟ فأجاب، "الشعب الكردي الإيراني مثل جميع الإيرانيين يتطلع للحرية من أيدي النظام الإيراني، مستمرون في نضالهم ويرغبون في إقامة حكومة ديمقراطية يمكن للناس أن يعيشوا أحراراً في ظلالها، وكذلك يريدون إنفاق دخل وخيرات البلاد على رفاهيتهم وازدهارهم وليس على جيوب الجماعات الإرهابية حول العالم". الانتخابات الإيرانية وفي ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة والتي تنطلق في يونيو (حزيران) من عام 2021 قال هجري، "الشعب الكردي ومعظم الشعب الإيراني غير مهتمين بالانتخابات الرئاسية وبقية الانتخابات داخل إيران، وعلى مدى العقود الأربعة الماضية شاهد الناس بشكل متكرر ما يسمى بسيناريوهات الانتخابات، الانتخابات الأخيرة أوضحت للجميع أن مشاركتهم في الانتخابات ليس لها تأثير في النتيجة". واستطرد، "قوانين الانتخابات في الجمهورية الإسلامية تنظم بطريقة تجعل من يذهبون إلى صناديق الاقتراع ممثلين منتخبين للنظام وليس الشعب، ولهذا السبب فإن عدد المشاركين في ما يسمى بانتخابات النظام يتناقص يوماً بعد يوم، ولهذه الأسباب، لا نتوقع شيئاً جيداً من هؤلاء الممثلين لأنهم لا يمثلون الشعب". كورونا في إيران وحول الوضع الوبائي في إيران في ظل انتشار فيروس كورونا وإعلان إيران عن وصول السلالة الجديدة إلى أراضيها، وأنها قد تتسبب في أضرار جسيمة، أوضح هجري أن النظام الصحي في إيران من أكثر النظم الصحية عجزاً في العالم، وقال، "ظهر هذا العجز والضعف بشكل كبير خلال الموجة الأولى من فيروس كورونا، بالطبع هذا أمر طبيعي داخل إيران، كما لم يقدم المسؤولون الحكوميون ووسائل الإعلام الرسمية حتى الآن معلومات دقيقة حول ما حدث للناس من جراء كورونا، معظم نصائحهم للناس هي أخذ الدواء التقليدي وزيارة الأضرحة والدعاء"، مضيفاً، "في إيران، أصبحت كل الأمور المتعلقة بالصحة والعلاج والتعليم، وحتى الحياة الخاصة للناس أيديولوجية، أيديولوجية الإسلام الفقهي الشيعي، يتم النظر إلى كل البرامج الحكومية من منظور تصدير الثورة الإسلامية إلى الدول الأخرى، والنتيجة هي إيران الحالية بكل ثروتها الباطنية والسطحية، يعيش فيها معظم الناس تحت خط الفقر ويكافحون عشرات الأمراض الجسدية والعقلية والاكتئاب والأمراض الاجتماعية". يذكر أن وزارة الصحة الإيرانية تعقد مؤتمرات صحافية بشكل دوري لبيان عدد الإصابات بفيروس كورونا والإجراءات التي تتخذها في هذا الشأن، لكن المعارضين يشككون في الأرقام التي تعلنها السلطات بشأن الإصابات وضحايا كورونا. عمرو أحمد صحافي وباحث
Read moreقضية حمزة: سياق الأزمة الملكية الأردنية وتداعياتها
الحصاد DRAW: غيث العمري, روبرت ساتلوف - معهد واشنطن يبدو أن الأزمة في الأردن قد انتهت في الوقت الحالي، لكن الخلاف العلني المذهل في صفوف العائلة الهاشمية هو بمثابة تذكير بأن استقرار الأردن يحتاج إلى رعاية وليس شيئاً يجب أن يعتبره أصدقاء واشنطن أو عمّان في المنطقة أمراً مفروغاً منه. الأنباء التي جاءت من عمّان - حيث تعهد ولي العهد السابق حمزة بن حسين في نهاية المطاف بالولاء لأخيه غير الشقيق الملك عبدالله الثاني بعد وضع الأمير في مركز شائعات عن [احتمال حدوث] انقلاب، واعتقال مسؤولين كبار سابقين آخرين - تشكل أمراً غير مألوف للغاية في هذه المملكة الشرق الأوسطية المعروفة بهدوئها والتي تقترب في غضون أسابيع قليلة من الذكرى المئوية لتأسيسها. وفي حين أنه من غير المرجح أن تظهر الصورة الكاملة قريباً، إذا ظهرت بالفعل، فإن هذه التطورات تركز الانتباه على الوضع الداخلي في الأردن وتسلط الضوء على الحاجة إلى تعزيز الاستقرار لدى حليف رئيسي للولايات المتحدة بعد فترة من عدم الاهتمام النسبي من قبل واشنطن. المواجهة الملكية المحتملة وسط الاضطرابات الاجتماعية تختلف الإجراءات الأمنية الظاهرة التي اتُّخذت ضد الأمير حمزة اختلافاً حاداً عن الوسائل المعتادة التي تتعامل بها المملكة مع شؤونها الداخلية. وتشمل هذه الإجراءات تجريده من حراسه الأمنيين وتقييد حركته ووصوله إلى خطوط الاتصال والإنترنت. وتظهر أحياناً أخبار التوترات داخل العائلة الهاشمية المالكة، لكن غالباً ما يتم حلها بسرعة وبهدوء بعيداً عن أعين الجمهور. على سبيل المثال، في عام 2017، أعفى الملك عبدالله اثنين من إخوته - أخيه الشقيق فيصل وأخيه غير الشقيق هاشم - من مناصبهما القيادية العسكرية، مما أثار شائعات عن وجود خلاف داخل الأسرة. ومع ذلك، امتثل كلا الأميرين للإعفاء، مما أدى إلى القضاء على المزيد من الشائعات. وكانت قد وقعت حادثة مماثلة في عام 1999 حين أعاد الملك حسين تغيير تراتبية الخلافة قبل أسابيع قليلة من وفاته من مرض السرطان، فاستبدل شقيقه حسن، الذي كان ولياً للعهد منذ عام 1965، بابنه البكر عبدالله، الذي كان حينذاك ضابطاً عسكرياً. وعلى الرغم من الصدمة والضربة الشخصية القوية اللتين تلقاهما الأمير حسن، إلّا أنه لم يحتجّ على ذلك التغيير وعبّر دائماً عن دعمه العلني لابن أخيه كعاهل الأردن. وفي الواقع، يحتاج المرء إلى العودة إلى الأيام المتوترة التي أعقبت اغتيال مؤسس المملكة، عبدالله الأول، عام 1951، ليجد أي سابقة للأمراء الأردنيين الذين يعلنون عن نزاعاتهم علناً - وحتى في ذلك الحين لم يكن هناك حديث عن التخطيط لانقلاب. والأمير حمزة هو الأخ غير الشقيق للعاهل الأردني الحالي والإبن الأكبر من زواج الملك حسين من زوجته الرابعة الملكة نور. وعند اعتلاء عبدالله الثاني العرش عام 1999، قام بتعيين حمزة ولياً للعهد بناءً على رغبة والدهما المحتضر. وقيل أن الملك حسين كان متعلقاً كثيراً بحمزة، الذي اشتهر بالتقوى والتواضع والتواصل مع قبائل الأردن. ولكن بعد خمس سنوات، نزع عبدالله هذا اللقب عن حمزة ومنحه لابنه الأكبر حسين - وهذا ليس بالأمر غير المألوف بالنظر إلى أن الملك الراحل حسين عيّن ثلاثة ولاة للعهد خلال فترة حكمه. ولم يعترض حمزة علناً على القرار في ذلك الوقت، لكنه وضع نفسه لاحقاً كشخصية متعاطفة وصورة رمزية للإصلاح بين الأردنيين المستائين من الوضع الاجتماعي والاقتصادي للبلاد، وخاصة العناصر القبلية الساخطة. وفي البداية، سعى المسؤولون إلى التقليل من أهمية التصرفات الأخيرة للأمير حمزة، التي بدت من بعيد كأنها تقع في مكان ما داخل المنطقة الرمادية بين الانتقادات العلنية والخطوات العملياتية لتنفيذ انقلاب. لكن هذا الوضع تغيّر حين أصدر رسالتين مصوّرتين في 3 نيسان/أبريل، إحداهما باللغة العربية والأخرى بالإنجليزية. ووصفت مقاطع الفيديو هذه القيود التي فرضها رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأردنية على تحركاته واتصالاته، وثم انتقد الفساد وسوء الإدارة في المملكة، حيث ادّعى أنها استمرت فترة دامت "بين خمسة عشر وعشرين عاماً" - أي طوال فترة حكم الملك عبدالله وقرار عزله من منصب ولي العهد. وفي أعقاب هاتيْن الرسالتيْن، تبنت الحكومة الأردنية لهجة أكثر صرامة تجاه حمزة، حيث اتهمه وزير الخارجية أيمن الصفدي خلال مؤتمر صحفي عقده في 4 نيسان/أبريل بـ "تصرّفات ... تستهدف الأمن والاستقرار في البلاد". ثم زاد الأمير حمزة بعد ذلك من حدة التصعيد بتعهده علناً بأنه "لن يمتثل" لأوامر [الجيش] بعدم التواصل مع العالم الخارجي. ولتجنب أي صدام مباشر قد يشوّه صورة النظام الملكي، عرض العاهل الأردني على حمزة سبيلاً بديلاً للمصالحة وفقاً للتقليد البدوي المعروف بالصُلحة، وعهد إلى عمه حسن، الذي يحظى باحترام كبير، بتولي المناقشات الحساسة. وأسفرت هذه المساعي عن عقد اجتماع بين كبار الأمراء في منزل حسن، حيث وقّع حمزة على رسالة استثنائية تعهد فيها بالولاء لعبدالله وولي العهد الحالي حسين، جاء فيها: "في ضوء تطورات اليومين الماضيين، فإنني أضع نفسي بين يدي جلالة الملك". ويبدو أن هذا التنازل يشير إلى انتهاء الحلقة الراهنة [من الخلافات بين الجانبين] على الرغم من أنه من غير المحتمل أن تكون الفصل الأخير من الصراع بين الأخوة غير الأشقاء. ومع أن المواجهة غير مستبعدة في النهاية، فحتى هذه ستنتهي على الأرجح برحيل حمزة عن البلاد بدلاً من سجنه وتحويله إلى شهيد للمعارضة. وأعلن المسؤولون أيضاً عن اعتقال باسم عوض الله وحسن بن زيد مع "ستة عشر إلى ثمانية عشر" شخصاً آخر، معظمهم من مساعدي حمزة ورجال الأمن. وعوض الله، الوزير السابق والرئيس الأسبق للديوان الملكي، هو شخصية مثيرة للجدل واسمه مرتبط بالفساد في ذهن الكثير من الأردنيين. ويتمتع هو وبن زيد - إبن حفيد الملك عبدالله الأول وحفيد رئيس وزراء سابق - بعلاقات واسعة في المنطقة وعملا في أوقات مختلفة كمبعوثيْن خاصّيْن للملك الحالي إلى السعودية. وأدت هذه الروابط، إلى جانب التأكيدات الرسمية المتكررة حول الاتصالات مع "جهات خارجية"، إلى إثارة شائعات بأن دولاً أخرى في المنطقة قد تكون متورّطة في الأزمة. وتأتي هذه الأحداث وسط أجواء متوترة تعيشها المملكة على الساحة المحلية. فوباء "كوفيد-19" ينتشر بكثرة في البلاد حيث بلغت عدد الإصابات 633,000 وعدد الوفيات 7,201 حالة [حتى بداية هذا الأسبوع] في بلد يبلغ عدد سكانه 10 ملايين نسمة، لتصبح بذلك نجاحات الحكومة الأولية في احتواء الوباء مجرد ذكرى بعيدة. وقد تضرر الاقتصاد الأردني، الذي يعاني بالفعل بشدة من الوباء، حيث سُجّلت معدلات بطالة قياسية في نهاية عام 2020، كما أن معدلات الفقر ازدادت بنسبة 39 في المائة خلال العام الماضي. أما الثقة في المؤسسات العامة - مع استثناءات ملحوظة للنظام الملكي والقطاع العسكري/الأمني - فهي متدنية جداً بسبب التصوّرات المنتشرة حول عدم الكفاءة والفساد. وتفاقمت هذه النظرة بسبب سلسلة حوادث مأساوية تُعزى إلى التقصير في أداء الواجب العام خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد وفاة العديد من مرضى "كوفيد-19" في مستشفى حكومي جديد في الشهر الماضي بسبب عدم توفّر الأكسجين. وفي حين لم تحظَ دعوات التظاهر خلال الأسابيع القليلة الماضية بمشاركة واسعة - ويعود ذلك إلى حدٍّ كبير إلى الإجراءات الأمنية الوقائية - إلا أنها أثارت مخاوف من تأجج الاستياء الشعبي تحت السطح. وطوال هذا الوقت، كان يُنظر إلى حمزة على أنه قد وضع نفسه بصورة المتعاطف مع هذه المخاوف وكنقيض للعاهل الأردني. التداعيات المحلية والإقليمية على الرغم من أنه من السابق لأوانه استخلاص استنتاجات قاطعة، إلا أن بعض الأنماط المألوفة قد بدأت بالظهور. فعادة ما تميل التهديدات المحلية الخطيرة في المملكة إلى إنتاج ديناميكية "التجمع حول الراية". وعلى غرار التفجيرات التي قام بها تنظيم «القاعدة» [لثلاث] فنادق في عمان عام 2005 والهجمات الأخيرة لتنظيم «الدولة الإسلامية» ضد الأردنيين، يتم استخدام قضية حمزة لإحداث تناقض حاد بين حقيقتين، هما: الظروف الأقل مثالية بل المستقرة التي تُميّز حالياً الحياة في المملكة، والفوضى التي ميّزت البلدان المجاورة منذ "الربيع العربي". كما أن الرسائل الرسمية قد سلّطت الضوء على صِلات حمزة المزعومة مع المعارضين الأردنيين في الخارج، وكثير منهم فقدوا مصداقيتهم علانية. وتشير الأدلة السردية إلى أن هذه الرسائل تلقى صدى لدى نسبة كبيرة من الشعب. وبالفعل، لم تُعرب أي شخصية عامة بارزة تقريباً عن دعمها علناً لحمزة باستثناء والدته. وعلى الرغم من أن هذا الموقف قد كشف عن عداوة هاشمية تتأجج منذ زمن بعيد، إلا أن الأمر قد ينتهي بتخفيف الضغط المحلي على البلاط الملكي على المدى القريب من خلال تحويل الانتباه بعيداً عن "كوفيد-19" وغيره من التحديات الاجتماعية والاقتصادية. ومع ذلك، تبقى مصادر الاستياء الكامنة التي استغلها حمزة حقيقية، وستعاود الظهور حتماً مرة أخرى في المستقبل إذا لم تعالجها عمّان. وتشمل هذه قضايا طارئة مثل الوباء العالمي، فضلاً عن القضايا الأكثر هيكلية مثل الإصلاحات الاقتصادية والسياسية وإصلاحات الحوكمة الأوسع نطاقاً. وكما حدث في الماضي، من المرجح أن تشهد التداعيات المباشرة لقضية حمزة تعزيز قطاع الأمن على حساب الإصلاح، كما يتضح من الدور المركزي الذي لعبه رئيس الأركان العامة اللواء يوسف الحنيطي في عزل الأمير. ومن الممكن أيضاً أن يبْطِل هذا الوضع تأثير الرسالة التي وجّهها العاهل الأردني في 17 شباط/فبراير وحظيت بتغطية إعلامية كثيفة إلى رئيس دائرة المخابرات العامة بشأن تقليص دور هذه المؤسسة النافذة في بعض المجالات الاقتصادية والسياسية. وحتى قبل اندلاع الأزمة في بداية هذا الأسبوع، كانت الحكومة الأردنية قد أغلقت أساساً منصة الدردشة الشعبية "كلوب هاوس" لمنع الانتقادات غير المرغوب فيها عبر الإنترنت. وعلى الصعيد الخارجي، غالباً ما شكى المسؤولون الأردنيون من أن الدول المجاورة وواشنطن تعتبر الأردن من المسلّمات. وتحوَّل هذا الشعور إلى خوف في عهد إدارة ترامب، التي حافظت على مساعدات كبيرة للمملكة، لكن كان يُنظر إليها على أنها غير مهتمة بآراء عمّان بشأن السياسات في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. ويبدو أن أحداث بداية هذا الأسبوع قد ذكّرت العديد من العواصم بأن التطورات المحلية في الأردن يمكن أن تلعب دوراً مركزياً في الأمن في المنطقة. وعبّرت السعودية بسرعة عن دعمها للعاهل الأردني والتزامها باستقرار المملكة، وتبعتها دول عربية أخرى. وبالمثل، وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس الملك عبدالله بأنه "شريك رئيسي" يتمتع "بالدعم الكامل" من إدارة بايدن. وإذا كان الماضي أي دليل، فسيكون هذا الدعم السياسي مقدمة لدعم مالي متجدد وحتى موسّع من قبل أصدقاء الأردن، وخاصة في منطقة الخليج - التي هي شريان حياة رئيسي محتمل وسط الركود المستحث الناجم عن وباء "كوفيد-19" في البلاد. وفي هذا السياق، يجب على عمّان التعامل بحذر مع اتهاماتها التي لا أساس لها حتى الآن بشأن ضلوع جهات خارجية مهمّة بالمؤامرة المزعومة. فمن بين البلدان التي تم تناقل أسمائها - السعودية، والإمارات، وإسرائيل - ليست هناك مصلحة لأيٍّ دولة منها في زعزعة استقرار الأردن، ولا يمكن أن تكون أيٌّ منها قد اعتقدت أن مؤامرة رديئة قائمة على أمير ساخط وحفنة من مساعديه ربما تستطيع الإطاحة بعبدالله المحصّن. وإذا أوصلت الادعاءات المحددة بشأن عوض الله وبن زيد إلى أدلة دامغة على تواطؤ مسؤولين سعوديين في مثل هذه المؤامرة، سيكون هذا الأمر مضراً لعلاقات الولايات المتحدة مع الرياض. ومع ذلك، فمع انعدام مثل هذا الدليل، من الضروري أن يتجنب الأردن تحويل علاقة متقلّبة بين العائلة المالكة السعودية ونظيرتها الهاشمية إلى ضربة دبلوماسية كاملة، لا سيما بالنظر إلى الدعم المالي والسياسي الحاسم الذي تقدمه الرياض لجارتها الأفقر بكثير. التداعيات على السياسة الأمريكية لطالما كان استقرار الأردن أداةً قيمة لتعزيز المصالح الأمريكية في المنطقة، بدءاً من توسيع السلام العربي-الإسرائيلي وإلى مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية». ولذلك، على المدى القريب، يجب على الولايات المتحدة الاستمرار في التعبير عن دعمها الحازم للأردن وحث حلفائها - الدول العربية وإسرائيل وغيرها - على التعبير بشكل ملموس عن هذا الدعم. إن قيام مكالمة هاتفية بين الرئيس بايدن والملك عبدالله ستبعث رسالة قوية لتحقيق هذه الغاية. يجب على واشنطن أن تعمل أيضاً مع عمّان على التحقق من أي أبعاد خارجية جوهرية للأزمة، فإما توضح تلك الأبعاد أو تقضي على شائعات قد تكون ضارة. وفي هذا الصدد، يمكن لمدير "وكالة المخابرات المركزية" الأمريكية ويليام بيرنز - الذي كان السفير الأمريكي السابق في الأردن - أن يلعب دوراً مفيداً. وفي الوقت الحالي، يجب أن تتمثل الأولوية في مساعدة عمّان على تخطي هذه الحادثة بما يضمن الاستقرار. ولكن بالتوازي مع هذا الجهد - وحتى أكثر من ذلك - فبمجرد انحسار القلق الأولي بشأن قضية حمزة - يتعين على واشنطن إشراك عمّان بصورة غير علنية في تسريع سعيها للإصلاحات الاقتصادية والسياسية وإصلاحات الحوكمة، مع الحفاظ على وتيرة تدريجية وسهلة القبول للتغييرات الجوهرية. ووفقاً لبعض التقارير نقلت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين مثل هذه النصيحة في محادثة أجرتها مع وزير المالية الأردني محمد العسعس في 1 نيسان/أبريل؛ ينبغي على المسؤولين الأمريكيين الآخرين فعل الشيء نفسه. إن الاهتمام وحده على مستوى رفيع من واشنطن والدعم المناسب من الأصدقاء الآخرين، يمنحان عمان فرصة لإجراء إصلاحات ضرورية أعمق لحماية المملكة من تكرر نوبات عدم الاستقرار، والتي يمكن أن تؤثر سلباً وبمرور الوقت على المصالح الأمريكية في جميع أنحاء المنطقة.
Read more