عام فشل " نموذج" القومية الكوردية.
2022-01-06 17:32:57
اراس فتاح
اذا ما سئل مواطنواقليم كوردستان عن أهم الأحداث التي مرت بأقليمهم عام 2021 فقد تتنوع الإجابات في محيطا تعج بالأحداث والأزمات التي لم تطو بعد، مع انقضاء العام.عدد من الأحداث والأزمات طغت على المشهد الكوردي، في العام المنصرم، الاحداث التي مرت على اقليم كوردستان في عام 2021، لم تكن ذات اهمية وقيمة اعلامية في داخل وخارج الاقليم فقط، بل كان ذات مفهوم وبعد سياسي واخلاقي عميق للنخبة الحاكمة والمجتمع الكوردي ايضا، في هذه السنة دمرت العملية الديمقراطية واهمل تماما في صياغة القرارات السياسية والقانونية بشكل كامل، وأعاقت التوترات السياسية عمليات بناء المجتمع وزعزعت استقراره. وبات المجتمع الكوردي يعاني من الانقسامات والخلافات وبناء هوية وطنية، اختلف مجتمع الكوردي في عام 2021، كليا عن مجتمع مابعد الانتفاضة في تسعينيات القرن الماضي، المجتمع الذي ولد بعد الانتفاضة كان يحلم بتعزيز مبدأ احترام حقوق الإنسان وصون كرامته وترسيخ العدالة الاجتماعية بحيث يختلف كليا عن النسخة البعثية في تأليه الرئيس والحزب وفي كل شيء، تحول المجتمع الكوردي في عام 2021 الى مجتمع غيرمستقر يعاني من الفقر، هاربا من افة العوائل الحزبية والتابوهات، فشلت "القومية القطرية الكوردية" في عام 2021 فشلا ذريعا، لانها بدلا من ان تنتج مجتمع موحد ومتمسك بمصير و احلام مشتركة، انتج مجتمع منهار ومنقسم إلى طبقتين اجتماعيتين اقتصاديتين واحدة من النخبة السياسية، ورعاتها وعملائها، والأخرى تتكون من عموم الشعب، انتج جيل غاضب ومستاء يشعر بالإحباط لدرجة أن الكثيرين منهم يحاولون الهروب ومغادرة البلاد بأي طريقة ممكنة، قومية البارتي واليكيتي ( الاتحاد الوطني و الديمقراطي الكوردستاني) المزعومة فشلت فشلا ذريعا في مفاصل مهمة ومصيرية تهم الشعب الكوردي وهي كالتالي.. اولا - تحطيم وتهميش المؤسسات الشرعية للمجتمع، المؤسسة القانونية( المحاكم) المؤسسة التشريعية ( البرلمان)، ثانيا - سرقة الثروة الوطنية، وهضم الحقوق وعدم توفير الخدمات الاولية كالرواتب، الكهرباء، النفط ، الغاز والماء، ثالثا - تحويل القطاعات المهمة في الاقليم، كالتعليم و قطاعات الخدمات الى قطاعات تجارية تدر الاموال، واستغلال القوات الامنية للمصالح الحزبية و الشخصية واستخدامها في حماية مصالحها الاقتصادية رابعا - يتمثل الفشل الاخلاقي الذريع للقومية القطرية الكوردية، بانها خلقت الكثيرمن المآسي وجعلت الكثيرين يتساءلون عن سبب رغبة الكثيرين من إقليم كوردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي وبموارد نفطية ويتميز بالآمان والاستقرار والإزدهار النسبي في القيام بمثل هذه الرحلات المحفوفة بالمخاطر.ويقول العديد من الاكراد العالقين في المخيمات المنتشرة على طول الساحل الفرنسي الشمالي وعلى الحدود بين روسيا البيضاء وبولندا إنهم يحاولون الهروب من الصعوبات الاقتصادية في الإقليم والحصول على حياة أفضل.ويشتكي هؤلاء المهاجرون من ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض الأجور وعدم دفع رواتبهم فضلاً عن ضعف الخدمات العامة وانتشار الفساد وشبكات المحسوبية المرتبطة بعائلتي بارزاني وطالباني والحزبين التابعين لهما اللذان يسيطران على الحكم في الإقليم منذ ثلاثة عقود تقريباً. الهجرة الجماعية لمواطني الاقليم كانت لها صدى اعلامي واسع اصاب الاوروبيين بالقلق وصدم مسؤولي الاقليم، لانهم لايتصورن ولايستوعبون حجم الدمار والواقع السياسي، الاقتصادي والمالي المؤلم الذي انتجوه طوال هذه السنوات. لذلك قامت النخبة الحاكمة كباقي النخب الظالمة في بقية بقاع هذه المعمورة باطلاق حملة اعلامية شعواء ضد هؤلاء المهاجرين و اتهامهم بانهم يسيؤن لسمعة الاقليم، و اخذوا يكيلون الاتهامات لهم جزافا، كان عام 2021 عام التفكك السياسي والقانوني للاتحاد الوطني الكوردستاني، انشغل هذا الحزب بالتصفية الشخصية والصراع الداخلي على السلطة والهيمنة على مراكز القوى داخل المؤسسة العسكرية والادارية والامنية، بدلا من الاهتمام بقضية السلطة وشرعية الحكم و وضرورة اجراء الاصلاحات في اقليم كوردستان.اما( البارتي) الديمقراطي الكوردستاني، فقد ركز اهتمامه وخاصة بعد احداث 16 من تشرين الاول عام 2017 ، وبشكل كبير على ترسيخ وتقوية نفوذ تركيا في الاقليم و ركز جل اهتماهه على الحصول على المناصب في الحكومة العراقية و الحصول على ( الصدقات) من بغداد، بدلا من تركيز جهوده في حلحلة المشاكل العميقة والكبيرة التي تواجه الاقليم ارضا و شعبا، فحكومة مسرور بارزاني نجل زعيم الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني تمكن خلال فترة حكمه من تسجيل ارقام قياسية في كمية النقد الذي وجهه لحكومته داخليا وخارجيا نتيجة اكتشاف سجلات كبيرة للفساد وامتلاكه سجل سيء في مجال حريات التعبير والصحافة، وجهت حكومة بارزاني تهم إسقاط النظام لصحفيين كتبوا مقالات رأي فقط، وهو أقل ما يمكن ان يكفله حتى النظام شبه الديموقراطي،
لم يكن عام 2021 عام فشل الحكم الثلاثي المشترك ( للبارتي، اليكيتي و حركة التغيير) للاقليم كوردستان، بل كان عام الفشل "للاجترار" السياسي لحراك الجيل الجديد و القوى السياسية الاخرى خارج منظومة الحكم، وكان عام الانتقاص من كرامة الانسان الكوردي بشتى الاساليب، وتهميش الصحافة الحرة خاصة وأن هامش الحريات الذي يعمل به الصحفيون يضيق يوما بعد آخر، التطورات الأخيرة جعلت الصحفيين والمدونين على مواقع التواصل الاجتماعي يضعون أسوارا من الرقابة الذاتية على ما يكتبونه خوفا من السلطات. احزاب السلطة تمتلك جيشا جرارا من المدونيين وترسانة من المواقع الالكترونية يستخدمونها عند الحاجة في مهاجمة خصومهم و الصحفيين من اصحاب القلم الحرو يقومون بتشويه سمعتهم و تاريخهم بشتى الوسائل الممكنة، هذه المواقع الالكترونية تعمل كقوة ناعمة في الضل ومتناغمة في نفس الوقت مع القوة الامنية و العسكرية لهذه الاحزاب، هذه المواقع تقوم بالبحث والتمشيط بصورة منظمة عن خصوم هذه الاحزاب، بحسب اعتقادي الى جانب الحزبين( البارتي واليكيتي) القوى السياسية الاخرى، كحراك الجيل الجديد والاسلاميين وحركة التغيير وجماهير الحزب العمال الكوردستاني ايضا منشغلون في داخل وخارج الاقليم على شاكلة الحزبين الحاكمين بانتاج (البلطجية) داخل تلك المواقع الالكترونية حيث شغلهم الشاغل هو توجيه شتى انواع السب و القذف والعبارات النابية لخصومهم واتهامهم بأتهاماتما انزل الله به من سلطان. كان عام 2021 عام صيد وملاحقة النشطاء والمنتقدين واتهامهم بالعمالة لجهات خارجية وتوجيه شتى التهم اليهم والنيل من سمعتهم وكرامتهم، وكان ايضا عام انهيار القيم القومية الكوردية التي جاهد الحزبين( الطالباني و البارزاني) سنين طوال وخاصة بع دنهاية القرن الماضي ترسيخها و تثبيتها داخل عقلية الفرد الكوردي، الهروب الجماعي لمواطني اقليم كوردستان الى الشتات وبلاد الغربة لم يكن تعبيرا عن رغبة هؤلاء للحصول على العيش الكريم والوصول الى بر الامان فقط، بل كان تعبيرا عن مدى انزعاج الشعب الكوردي من هذه النخبة الحاكمة ومن اوهامهم واكاذيبهم وتسويقهم للقومية واستغلالها في الترويج للاحزابهم، الجماهير الكوردية لاتعبتر هؤلاء السياسين و والنخبة الحاكمة ممثلين لهم، لذلك اعتقد ان هذين الحدثين، اشارة واضحة وخطيرة لقطع جميع اواصر العلاقة بين المواطن و السلطة، ظهور مرحلة جديدة من التفكير لدى الفرد الكوردي يحاول من خلالها منع التدهور الذي ضرب شخصيته وانسانيته والعمل على استرجاع مفاهيم المواطنة في اقليم كوردستان.