مرحلة "التهريج "السياسي.
2021-10-31 07:30:32
اراس فتاح. (زاوية اسبوعية يكتبها كل اربعاء لموقع درو)
"المهرج "او"المنحل" اوكما يقال بالعامية ( القشمر) ليس الشخص المناسب الذي بأمكانه تغيير المعادلات الصعبة، انه غير قادرعلى تغيير العالم والعلاقات السلطوية، في احسن الاحوال يقوم بعرض كوميدي اوتراجيدي لكي يضحك على نفسه، انه يتقبل الحقيقة الاجتماعية كما هي، لانه يتعامل معها كمادة، وهذه المادة فقط لتمضية الوقت، انه لايستطيع في هذا العالم الذي يفتقر الى العدالة والمليء بالارهاصات(انقاذ الضحايا) ولا يستطيع ان يكون دليلهم للخروج من المئازق التي تواجههم. بل يكون عونا لهم بأن لا ينشغلوا فقط بالبكاء، لانه هناك شىء اخر يسمى" الضحك".
الدكتاتوريات العاقلة"الرشيدة"يعلمون جيدا اهمية ثقافة "السخرية"، لذلك يشجعون على تعميمها من قمة الهرم الى القاعدة وليس العكس،الدكتاتوريون يحاولون بشتى الاساليب تعويد شعبوهم من المثقفين، الكتاب، السياسين، الاعلاميين والبرلمانيين على( النكات) الساخرة الرخيصة ويعملون على تحويل الاشخاص الى منحليين. هذه السياسية ليست الغاية منها ازالة "الكبت"الذي يعاني منه الناس فقط، بل في احيان اخرى وظيفتها التحايل على النفس والدخول الى عالم غير حقيقي وخيالى، المنحل فی توزیع الضحك" عادل" لانه يستطيع ان يجعل المسؤول والعنصر الامني يضحكان على نفس الشيء وفي نفس الوقت.في بعض الاحيان المسؤول يقلد" المهرج" ويروي النكات السخيفة التي الفت عليه، لكي يبين للعامة انه يمتلك مقدار كبيرمن رحابة صدروانه شخص عادي، المهرج "المنحل"يسخرمن كل شيء، الاسود، الابيض، الصالح، الطالح، الثوري والعميل، رسالته خالية من اي تقييم اخلاقي ويفتقرالى العدالة السياسية.
رسالته الوحيدة والاساسية هي السخرية من هذه الدنيا وجعل دنيانا الاجتماعية مساحة واسعة ومفتوحة وسالكه ليس فيها اي معوقات، ولكي يبتعد عن ملاحقة السلطة وتهديداتها يجعل من نفسه شخص مضحك اوغبي او فيلسوف ساخر، بشتى الطرق يحاول ان يجعل من مادته وشخصه اضحوكة، لكي يضحكنا بغبائه، يسحب البساط من تحت ارجل من يحاولون اصلاح العالم ويسجن النقد البناء داخل حدود السخرية، يسخرمن البسطاء بكل عنف وفي المقابل يسخر بشكل خفيف ولطيف من أركان السلطة، منذ ان بدأ بنقد السلطة و هدفه ليس احداث تغيرات فيها اوالتقليل من شأن الرئيس، بل غايته عدم الاعتراف بواقع "دراماتيكي". حسب مفهومه لايمكن بأي حال من الاحوال التلاعب بها لانه لايملك سوى الضحك للتعبير عن مفهوم ضعفه. ستراتيجيته كالآتي:" انا استطيع في اطار السخرية و الضحك ان انقد من اريد، واذا شعرت بالخطر فأني سأجعل من نفسي مغميا علي".
المهرج، يستطيع في الدولة الدكتاتورية نقد السلطة، خاصة عندما تكون المعارضة في مراحله البدائية. يستطيع اضحاك السلطة عندما يسخر بالمقابل من غباء الشعب، شخصية الساخر( المهرج) من نوع خاص، يقدر ويحترم وعندما يحاول ان يتكلم او يطرح موضوعا، فأن الكل يجتمعون حوله ويصغون اليه. يمتلك سلطة كالرئيس، الا ان سلطته ليس الهدف منه تعنيف وتهديد الاخرين بل لتمضية الوقت ويستعملها للاخفاء الكلمات والعبارات العنيفة، لذلك عندما يوجه تلك العبارات الى احد الاشخاص ويدرك ان الاخير قد اخذ على خاطره منه، يسارع اليه بالقول:" عزيزي كنت امزح معك لاتأخذني بما قلت ولاتأخذها على محمل الجد".
السلطويون في اقليم كردستان بشكل عام و"البارتي" بشكل خاص اقحموا في الحياة الاجتماعية والحزبية و الثقافية الكوردستانية "موديلا" جديدا من السخرية التي لم تدع شيئأ يتعلق بالشعب والآ استهدفه وسخرمنه. سخريات "البارتي" لها اشكال و نماذج عديدة وفي كل مرة وبشكل وبطريقة مختلفة يصعد على ظهرهذا الشعب ويجعل منه مطيته، على سبيل المثال عندما اصر"بارزاني" على المضي بعملية الاستفتاء "قضى على سلطاته" في البداية ومن ثم وضع مصير الشعب بأجمعه على حافة الهاوية. يوم امس نائب في الحزب الديمقراطي الكردستاني ببرلمان الاقليم( جلال بريشان) هدد بانه"سيهتك عرض" كل من يهاجم وينتقد البارتي واليوم رئيس حكومة الاقليم مسرور بارزاني قال:"مستحقات موظفي الاقليم لم تقطع من قبلنا".منذ فترة طويلة حول احزاب السلطة في الاقليم( السياسية والبرلمان) الى نادي للعربدة (القشامر) و مهرجي الاحزاب".