المكونات في العراق و اقليم كوردستان بين الغايات السياسية و التهميش
2021-10-25 17:17:10
دره ر DRAW:
تعرضت الأقليات الدينية والعرقية في العراق على مر التاريخ وخاصة خلال الأعوام التي أعقبت سقوط النظام العراقي السابق عام 2003، إلى حملات إبادة جماعية وتهجير نفذتها مجاميع مسلحة متطرفة والى الاهمال السياسي، الاجتماعي والثقافي، ولم يكن الحال بالنسبة لهم أفضل في اقليم كوردستان، حيث استغلت هذه الاقليات لغايات سياسية في العديد من المواقف.
منح قانون الانتخابات العراقي الأقليات الدينية والسياسية في البلاد 9 مقاعد في البرلمان العراقي والتي تشكل نسبة (2.3%)من أصل 329 مقعدا، خصصت المقاعد لجزء من هذه المكونات وحرم أجزاء أخرى منهم من حق التمثيل النيابي، اما في اقليم كوردستان فخصصت لهم (10%) من مقاعد البرلمان.
ترى الأقليات الدينية الرئيسية أن الكتل الكبيرة لا تزال تمارس نفس سياستها التي اتبعتها طوال السنوات الماضية لغرض الهيمنة على مقاعدها، وبالتالي مصادرة حقوق ناخبيها، بالاضافة الى ذلك فأن الايزيدين و الكاكائيين الذين يقطن الكثير منهم اقليم كوردستان ليس لديهم أي تمثيل نيابي في برلمان الاقليم.
خارطة توزيع( الاقليات) المكونات في العراق
التركمان.
يشكل تركمان العراق ثالث أكبر جماعة عرقية في العراق. ووفقاً للإحصاء عام 1957 والذي يعتمد الى الان، فانهم كانوا يشكلون (2.3%) من نسبة سكان العراق في ذلك الوقت، يعود تاريخ تواجدهم في العراق الى القرن الاول الهجري، يسكن التركمان المدن والقصبات التي تقع في المناطق الفاصلة بين العرب والكورد وهي كركوك، ديالى،نينوى،شمال بغداد ومناطق جلولاء، سعدية، كفري، سليمان بيك،طوز، ينكجة، داقوق وتلعفر.
المسحيين
هناك طوائف مسيحية قديمة عديدة عاشت في العراق، يتراوح عدد أفرادها حاليا بين 250 ألف و500 ألف، بعد أن كان يقدر بنحو 1.5 مليون قبل الغزو الأميركي عام 2003، خلال استيلاء تنظيم داعش على الموصل ومساحات واسعة من الأراضي في العراق عام 2014، وتنفيذ حملة إبادة جماعية ضد الايزيديين والمسيحيين وأبناء الأقليات الأخرى، اضطر المسيحيين الي الهجرة الى خارج العراق ولقد ساعدتهم التسهيلات التي قدمتها دول العالم لهم للوصول الى مبتغاهم، هناك طوائف مسيحية معترف بها رسمياً في العراق. وتعيش الغالبية منها في العاصمة بغداد، وفي محافظة نينوى وفي إقليم كوردستان، (الكلدان) وهم يعتنقون المذهب الكاثوليكي،(الاشوريين النسطوريين)،(السريان) وينقسمون الى قسمين الكاثوليك والارثذوكس، (الارمن) كذلك ينقسمون الى الكاثوليك والارثذوكس أيضاً، وهناك مجموعات أخرى مسيحية صغيرة وهم (البروتستانت و الانجيليين).
خُصص في البرلمان العراقي خمسة مقاعد كوتا للمكون المسيحي في كل من محافظات بغداد، نينوى، كركوك، أربيل ودهوك. وفي برلمان اقليم كوردستان يمتلكون خمسة مقاعد كوتا.
الايزيديين
نشأت العقيدة الايزيدية قبل أكثر من أربعة آلاف عام، وتعتبرمن احدى الديانات المغلقة والغير تبشيرية، إذ لا يمكن لأحد من خارجها أن يعتنقها، يعتبر الايزيديين أنفسهم من أقدم الأقوام التي سكنت بلاد مابين النهرين، تعتمد هذه الجماعة الناطقة باللغة الكوردية في الغالب، على الزراعة، وتقيم غالبيتها في سنجار، يعيش الغالبية العظمي من هذا المكون في مناطق سنجار، شيخان، القوش، بعشيقة ، زمار و مناطق في محافظة دهوك.
ووفق احصاءات الحكومة العراقية كانت تقدر أعدادهم بين ( 500 الى 700) ألف شخص، الا ان بعد سيطرة تنظيم داعش على سنجار في آب 2014 تغيرهذا الرقم، بحسب إحصاءات المديرية العامة لشؤون الأيزيدية في حكومة إقليم كوردستان هجر ما يقارب ( 360) الف ايزيدي وهاجر (100) الف منهم الى خارج العراق.
الكورد الفيليين
تشيراحصاءات وزارة الداخلية ووزارة الهجرة والمهجرين الى ان عدد الكورد الفيليين الذين هجروا قسرا اذ بان النظام السابق هو 130 الف عائلة بين سنة 1980 وسنة 1990، وبحسب الاحصاءات غير الرسيمة تقدراعداد الفيليين حاليا بـ 800 الف شخص ويسكن معظمهم في مناطق ديالى، بغداد وواسط، خصص لهذا المكون مقعدا برلمانيا واحدا، ويعتبر الكورد الفيليين منحهم مقعدا واحدافي مجلس النواب اجحاف بحقهمولايتناسب والحجم السكاني وحجم تضحياتهموالمتمثلة بجريمة الابادة الجماعية التي اقرتها المحكمة الجنائية العراقية العليا في عام 2010، يطالب الفيليين بضمان تمثيل عادل في التوازن الوطني وتكافؤ الفرص المتساوية في سلطات الدولة وتولي المناصب السيادية والوزارية والحكومية دون إقصاء وتهميش.
الصابئة المندائيين
يعود أصل الصابئة المندائيين الى الآراميين، هاجروا الى المناطق الواقعة بين نهري الدجلة والفرات في وسط وجنوب العراق واستوطنوا فيها حوالي 100 عام قبل الميلاد، ووفق احصاء عام 1919 قدرأعدادهم بـ(8500) شخص، حالياً يقدرون بـ(200) ألف شخص منقسمين على محافظات بغداد، كركوك، كوت، ديالى، ديوانية، ناصرية، ميسان، بصرة، بالاضافة الى لغتهم الأم يتكلمون أيضاً اللغة العربية.
تعرض المكون الصابئي مثل المكونات العراقية الأخرى للكثير من أساليب الاضطهاد والتعسف، مما أجبرهم للمغادرة البلاد، لدى المكون مقعداً واحدا تحت قبة البرلمان العراقي.
الشبك
بشكل عام يستقر شبك العراق في المناطق الكوردية، ويعود أصولهم - بحسب المصادر التاريخية- الى قبيلة (الشبك) الكوردية، لم يعرف عددهم بدقة لعدم وجود إحصاء سكاني منذ 4 عقود.
الحكومات المتعاقبة في العراق قبل عام 2003 اعتبرتهم ايزيديين، وفق احصاء عام 1977 خمنت اعدادهم بـ (80) الف شخص، ويتكلمون لهجة كوردية تحتفظ بالكثير من الألفاظ القديمة، إضافة إلى تأثير المحيط الدولي المتمثل بوجود ألفاظ فارسية أو تركية أو عربية.
لهجة الشبك خليط من اللهجة الكورانية، الكرمانجية، العربية والتركية، كان لتجاورهم مع جيرانهم العرب والتركمان في مناطق الموصل والكرمانج في مناطق بادينان بدهوك اثر فاعل على تكوين لغتهم.
يستقر الشبك في مناطق عقرة، حمدانية، تلكيف، بعشيقة، كركوك، أربيل ومناطق في كرميان، ويقدر أعدادهم مابين (300 – 350) ألف في العراق، ويعيش قرابة (60) ألف منهم في المناطق المحيطة بمدينة الموصل.
تعرض الشبكك كباقي المكونات والأقليات الأخرى الى الاضطهاد على يد النظام السابق وكان الصراع على الهوية من أشد أنواع الاساليب القمعية التي واجهتهم.
هناك العديد من المكونات الأخرى في الطيف العراقي، الكاكائيين هم أقلية دينية تعيش داخل إقليم كوردستان العراق ومناطق أخرى تتوزع على محافظات نينوى، كركوك، ديالى، أربيل وحلبجة، -بحسب الاحصاءات غير الرسيمة- يقدر أعدادهم بـ (100) الف شخص. هناك ايضا اقليات اخرى كاليهود والبهائيين.
تمثيل الأقليات في البرلمان العراقي
الأحزاب السياسية الكبرى في العراق قبل اجراء الانتخابات تقوم بمناورات سياسية تفرض من خلالها سطوتها على الأقليات والمكونات، هذه المكونات تخضع في كل مرة بشكل وبأخر لهيمنة وسيطرة تلك الاحزاب، تأمل الاقليات أن تقوم الأحزاب الكبرى بالحد الادنى من واجبها وهي المحافظة على تمثيلها الحقيقي تحت قبة البرلمان، من مجموع 329 مقعدا يشكل المكونات نسبة ( 2.3)% من المجموع الكلي من مقاعد البرلمان وبحسب نظام الكوتا.
خصصت 9 مقاعد فقط في بعض المحافظات، وهي كالاتي، 5 مقاعد للمسيحيين، اما المكون الايزيدي،الشبكي،الصابئي، الكردي الفيلي، لكل منهم مقعد واحد وبذلك يصبح مجموع مقاعد الكوتا 9 مقاعد، وخلال الانتخابات التشريعية التي جرت في عام 2018 حصل تنافس محموم بين أكثرمن 20 ائتلافا وقوائم فردية للحصول على مقاعد الكوتا، الاحزاب الكبيرة لجأت الى اقحام مرشحين من تلك المكونات في قوامها بهدف جمع أصوات جمهور تلك المكونات، أو اخذوا يتنافسون من خلال مرشحين لهم في تلك القوائم على مقاعد الكوتا خارج قوائمهم الرئيسية.
تمثيل الأقليات في برلمان اقليم كردستان
المكونات في اقليم كوردستان تنقسم الى قسمين رئيسيين وهما (قومي– ديني)، المكونات القومية تتمثل بـ(الكورد، التركمان، الكلدان، الاشوريين، السريان والارمن) هذه المكونات لها تمثيل نيابي تحت قبة برلمان اقليم كوردستان، اما الاقليات الدينية فتتمثل بـ(الاسلام، المسيحيين ،الائيزيدية، الكاكائية، الزاردشتية، البهائية، اليهودية والصابئة المندائية)، الا أن الأقليات الدينية ليست لها اي تمثيل نيابي داخل أروقة البرلمان، لان مسيحيي كوردستان ضمنوا لهم مقعد كوتا على أساس أنهم مكون قومي وليس ديني. اما الكورد الفيليين وهم يعتنقون المذهب الجعفري ينظر اليهم كشيعة داخل الاقليم ويعتبرون أكراداً داخل برلمان بغداد، لذلك ضيعت حقوقهم من كلا الطرفيين.
اثناء الدورة الاولى للانتخابات التشريعة التي جرت باقليم كوردستان في 19 ايار من عام 1992 كان المجلس يتألف من 105 مقعداً وخصص من مجموع هذه المقاعد 5 مقاعد للكوتا، عندما بدأت العملية الانتخابية احتدم الصراع بين الاحزاب الكبيرة للظفر بمقاعد الكوتا، هيمن الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الشيوعي على العملية الانتخابية وحصل الممثل الحقيقي للمسحيين وهي الحركة الديمقراطية الاشورية على 4 مقاعد و القائمة التي دعمت من البارتي تمكنت من الحصول على مقعد واحد.
مرشح البارتي الذي تمكن من الفوز بمقعد الكوتا، رشح لنيل منصب وكيل وزير المالية في حكومة الاقليم ومن ثم رشح لنيل منصب وزير المالية وبعدها تسنم منصب نائب رئيس مجلس الوزراء في الاقليم.
وفي الدورة النيابية الثانية، ارتفع عدد مقاعد الكوتا الى (11) مقعد، ومن الملاحظ انه ومنذ الانتخابات التشريعية التي جرت في 30 كانون الثاني من عام 2005 فان الحزب الديمقراطي الكردستاني ( البارتي) قد هيمن ومنذ ذلك الحين وحتى الان و بشكل قاطع على 9 مقاعد من مجموع المقاعد المخصصة للكوتا.
كيف يمكن المحافظة على حقوق الاقليات في كوردستان؟.
بحسب القانون رقم (5) لسنة 2015، قانون حماية حقوق الاقليات والمكونات الصادرمن قبل حكومة اقليم كوردستان، ضمنت جملة من الحقوق للمكونات، الا ان الشيء المهم في هذه القضية هي امكانية تطبيق هذا القانون على أرض الواقع.
قدمت الكثير من الاقتراحات من قبل المراقبين لتدعيم العملية الديمقراطية في الاقليم كان الهدف منها اعطاء شعور للمكونات بأنهم مواطنيين حقيقيين لايختلفون عن باقي مواطني الاقليم بأي شي وهم من الدرجة الاولى.
1-اجراء تعداد عام، بحيث يتم احصاء المكونات بشكل منفرد.
2- تشكيل قائمة خاصة للمكونان من قبل مفوضية الانتخابات، لكي يتمكن ناخبي المكونات بالادلاء باصواتهم لمرشحي مقاعد الكوتا المخصصة لهم فقط.
3- بحسب (المادة الاولى البند الثاني) من قانون حماية حقوق المكونات، المكونات في اقليم كوردستان تنقسم الى قسمين رئيسيين وهي المجموعات القومية وهي كالاتي،( التركمان، الكلدان، السريان، الاشوريين، الارمن) و المجموعات الدينية والمذهبية وهي ( المسحيين، الائيزيديين، الصابئة المندائيين، الكاكائيين، الشبك، الفيليين، الزرادشتيين)، لذلك من الضروري تخصيص مقاعد لهذه الاقليات الدينية التي ليست لديها مقعد كوتا خاص بهم في البرلمان.
4-تأسيس مجلس أعلى للاقليات في اقليم كوردستان، مهمتها تكون استشارية و تقترح مشاريع قوانيين يمكن من خلالها معالجة المشاكل المتعلقة بقضايا الاقليات واشاركها في صياغة وسن القوانيين والمشاركة في رسم الخطط الطويلة الامد والتي من شأنها تحسين اوضاع المكونان والاقليات في اقليم كوردستان وتتيح لهم المشاركة الفاعلة في ادارة المفاصل المتعددة للحكومة.
5- على الاحزاب الكبيرة الابتعاد عن التدخل في تأسيس الاحزاب الموجهة والكارتونية داخل تلك المكونات، وترك الحرية لهم في اختيار الحياة السياسية.
6- اعطاء الفرصة للمكونات بالمشاركة الفاعلة والحقيقية في النظام السياسي و الاداري لحكومة الاقليم.
7- من الافضل للمكونات الابتعاد عن الصراعات السياسية، وعدم الخوض في أمور من الممكن ان تكون نتائجها سلبية عليهم، لذلك من الجيد ان يختاروا في بعض الأحيان ان يكونوا على حياد للحفاظ على مصالحهم.