هل هناك تهديد باقتتال داخلي بين الأكراد؟
2021-06-22 20:01:12
الحصاد:
مصطفى هاشم - واشنطن - الحرة
تتصاعد وتيرة التوترات ما بين الأكراد الأتراك والحكومة الكردية المسيطرة على إقليم كردستان العراق، على إثر حوادث قتل فيها عناصر أمنية من البيشمركة، في وقت يتزايد فيه القصف التركي على المنطقة.
وخلال الأيام الأخيرة، تعالت أصوات موالية لحكومة إقليم كردستان شمالي العراق، متهمة حزب العمال الكردستاني بالتخطيط لـ"زعزعة استقرار الإقليم"، ومطالبة إياه بعدم نقل معركته مع تركيا إلى داخل الإقليم.
ويؤكد الباحث السياسي في الشأن الكردي، هيوا عثمان، في حديثه مع موقع "الحرة" وجود التوتر بين الجانبين، لكنه يتهم تركيا بالوقوف خلف هذا التصعيد.
وقال عثمان "التوتر موجود حقيقة، لكن ما يزعزع أمن إقليم كردستان العراق، هو الجانب التركي من خلال قصفه لكثير من المناطق بحجة وجود حزب العمال الكردستاني".
واعتقلت حكومة مسرور بارزاني، عشرات العراقيين المؤيدين لحزب العمال الكردستاني، في أبريل الماضي، بسبب تنظيم تظاهرة احتجاجا على هجوم تركي في كردستان العراق.
ويقول عثمان إن "هناك بالفعل طلبات من داخل الإقليم لحزب العمال الكردستاني بمراعاة وضع الإقليم، لكن في نفس الوقت، الأتراك يتذرعون بحزب العمال الكردستاني لتنفيذ سياسة الأرض المحروقة في الإقليم"
وكردستان العراق هو إقليم بسلطة كُرديّة يقع شمال العراق ويتمتع بحكم فيدرالي، تحدهُ إيران من جهة الشرق وتركيا من جهة الشمال، وسوريا من جهة الغرب، وعاصمته أربيل.
لكن تركيا لا تحبذ وجود أي كيان كردي على حدودها، كما يرى عثمان، مضيفا أن "الأتراك يريدون دولة عراقية مركزية أشبه بدولة صدام حسين، بدلا من كونه إقليما فيدراليا له صلاحياته الأمنية والعسكرية الداخلية، ومنها أمن الحدود".
وتأتي التوترات بين حزب العمال الكردستاني وحكومة إقليم كردستان، في وقت دخلت فيه الحكومة في تركيا حربا ضد الأكراد الأتراك، حيث صادقت المحكمة الدستورية التركية، الاثنين، على لائحة اتهام معدلة لحل حزب الشعوب الديمقراطي اليساري، الداعم للأكراد، وثالث أكبر حزب في البرلمان.
وفي شمال العراق، تدعم تركيا الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يهيمن على الحكومة في مواجهة الاتحاد الوطني الكردستاني، حزب الرئيس الراحل جلال طالباني، الذي يدعم حزب العمال الكردستاني، بحسب ما يراه المحلل السياسي التركي، بكير أتاجان لموقع "الحرة"، مشيرا إلى أن تركيا ترسل رواتب بعض الموظفين إلى الحكومة في الإقليم.
عملية عسكرية
وبدأت تركيا عملية "مخلب البرق" العسكرية، في 23 أبريل الماضي، في دهوك لملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني المصنف إرهابياً من أنقرة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، والذي يتخذ من الجبال العراقية المحاذية لتركيا قواعد له لشنّ هجمات ضد الدولة التركية وجيشها.
خريطة توضح إقليم كردستان العراق
ونزحت نحو 300 عائلة من قرى العمادية، وفقا لما أعلنته وزيرة الهجرة العراقية، إيفان فائق، أي قرابة 1500 شخص، منذ بدء العملية.
ويرى مدير برنامج تركيا في مركز دراسات "الدفاع عن الديموقراطية" وعضو البرلمان التركي السابق عن حزب الشعب الجمهوري المعارض، أيكان إرديمير، أن "الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يريد نقل المواجهة مع حزب العمال الكردستاني من تركيا إلى أراضٍ يسيطر عليها حزب العمال في العراق أو يعبر منها" إلى تركيا.
وتستخدم تركيا في هجماتها ضد التنظيم، الذي يخوض تمرداً ضدها منذ 1984، الطائرات المسيرة، التي تصل أيضاً إلى منطقة سنجار جنوب دهوك القريبة من الحدود مع سوريا ما حال دون عودة آلاف النازحين الأيزيديين الذين تهجروا نتيجة ممارسات تنظيم الدولة الإسلامية بين 2014 و2017، إلى منازلهم.
ويرى عثمان، الذي تحدث مع موقع "الحرة" من أربيل، أن تركيا تهدف إلى "خلق حرب بين أكراد العراق وأكراد تركيا من أجل زعزعة أمن الإقليم، والحديث للعالم بأن أهل الإقليم غير قادرين على إدارة نفسهم بنفسهم، وبالتالي تكون هناك فرصة للتدخل التركي".
"زعزعة الاستقرار"
ويهدد التوتر المتصاعد بين حزب العمال الكردستاني الانفصالي والحزب الحاكم المهيمن في كردستان العراق بتحطيم هدنة غير رسمية حافظت إلى حد كبير على السلام بين الجماعات الكردية المتناحرة لأكثر من عقدين.
وقالت وزارة الداخلية في إقليم كردستان العراق في بيان في 11 يونيو الجاري، إن حزب العمال الكردستاني أرسل مؤخرا "العديد من المواطنين الحاملين لجنسيات أوروبية إلى داخل إقليم كردستان لاستخدامهم كأدوات لتقويض استقرار الإقليم".
وشددت الوزارة، على أن "حماية الأمن والاستقرار داخل إقليم كردستان عموما والعاصمة أربيل خط أحمر"، متهمة ما وصفتها بـ"أياد داخلية بالتواطئ" مع حزب العمال لتنفيذ مخطط "زعزعة الاستقرار".
فيما كان حزب العمال الكردستاني قد حذر بأنه "لن نقبل بأي تحرك لقوات البيشمركة في مناطق سيطرتنا لا سيما وأنها منطقة حرب بيننا وبين القوات التركية التي تريد احتلال إقليم كردستان انطلاقاً من تلك المناطق".
وفي ذات السياق يتهم المحلل السياسي التركي، بكير أتاجان، في حديثه مع موقع "الحرة" حزب العمال الكردستاني بالتخطيط لزعزعة استقرار شمال العراق من خلال التعاون مع المعارضين لحكومة إقليم كردستان.
وقال أرتاجان إن "حزب العمال الكردستاني يريد أن يسيطر على شمال العراق وإقليم كردستان العراق، وبالطبع ليس وحده ولن يستطع فعل ذلك وحده، لأنه لن يكون صاحب الأرض ولا الشعب"، مشيرا إلى أن الحزب "يتعاون" مع جهات "كردية مقربة لإيران" و"تكره تركيا في الوقت ذاته".
في المقابل يؤكد عثمان أن جانبا كبيرا من هذا التوتر يعود سببه إلى الضغط التركي على حكومة إقليم كردستان، "لأن الدولة التركية بالنسبة لحكومة الإقليم، هي المنفذ الوحيد للتجارة عمليا مع الخارج ولتصدير النفط، وفي نفس الوقت هناك خط تجاري كبير من تركيا إلى الإقليم، والتهديد التركي مستمر بقطع هذه الطرق والضغط على الإقليم للضغط على حزب العمال الكردستاني ولخلق نوع من التوتر".
توترات جديدة
لكن بيان وزارة الداخلية في إقليم كردستان، جاء بعد عدد من الحوادث التي قتل فيها عناصر من البيشمركة، اتهم فيها حزب العمال الكردستاني بالتسبب فيها.
فقد قتل عنصر من البيشمركة في الثامن من يونيو الجاري، بعدما تعرضت قوة مشتركة من المقاتلين الأكراد وحرس الحدود العراقي لإطلاق نار في منطقة حدودية مع تركيا في شمال العراق..
وقال مدير ناحية دركار في محافظة دهوك بإقليم كردستان، أديب جعفر، إن عناصر حزب العمال الكردستاني، الذين يسيطرون على تلك المنطقة، هم من أطلقوا النار على القوة المشتركة التي كانت تعمل على وضع نقطة مراقبة في إحدى المرتفعات الجبلية، ما تسبب بمقتل العنصر.
ويأتي ذلك بعد مقتل خمسة من عناصر البيشمركة السبت عندما تعرضوا لكمين من حزب العمال الكردستاني في جبل متين في محافظة دهوك.
وندد محافظ دهوك الحدودية مع تركيا، علي تتر، الثلاثاء، بـ "الاعتداءات التي تتعرض لها قوات البيشمركة على أيدي عناصر حزب العمال الكردستاني"، واصفاً إياها بـ "الأعمال الإرهابية".
لكن هيوا عثمان يقول لموقع "الحرة" إن هذه الحوادث تحصل عادة، لكن حزب العمال الكردستاني ينفي علاقته بها وقال في كثير من المرات إنها ليست بأمر منه".
وقال عثمان "قد تكون أخطاء من بعض عناصرهم المتواجدة، وفي حادث مقتل خمسة من قوات البيشمركة اتهم الجانب التركي حزب العمال الكردستاني ولكن في نفس الوقت قالوا إنهم لا علاقة به وإنهم مستعدون لأي تحقيق".
وأضاف أن الجانب التركي يستغل مثل هذه الحوادث لإشعال مزيد من التوتر بين الأحزاب الكردية سواء حزب العمال الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، والهدف الأساسي هو إشعال الحرب بينهم لتوفر هذه الحرب ذريعة أكبر للجانب التركي بالتدخل في إقليم كردستان العراق".
وأشار إلى أنه "رغم أن الأطراف الداخلية تؤكد دائما أنها لن تلجأ للاقتتال، فإن وجود الجيش التركي في الوسط وفي مناطق سيطرة الحزبين يخلط الأوراق، وقد يخلق حوادث قد تؤدي إلى توترات جديدة، فهناك احتمالية كبيرة لزيادة التوتر بين الأحزاب الكردية، ولكن في نفس الوقت الضغط الشعبي والمزاج العام معارض بشكل كبير لأي نوع من الاقتتال الداخلي الكردي الكردي".