قضية مُعتَقَلي بادينان مابين الاتحاد الوطني ورئيس الإقليم
2021-05-10 14:13:02
الحصاد:
ترجمة : ك.ق
عبرت قضية مُعتَقَلي بادينان المستوى الداخلي واتخذت بُعداً دولياً الآن، كل الانظار تتجه صوب نيجيرفان البارزاني، كي يفرج عن المعتقلين بإصدار "عفوٍ عام"، لكن قبل رئاسة الإقليم توجد لدى الاتحاد الوطني فرصة داخل محكمة التمييز كي يقف بوجه الحكم، فهل سينسحب القضاة التابعين للاتحاد الوطني من محكمة التمييز ؟ وما الذي يختاره نيجيرفان البارزاني مابين حرية التعبير عن الرأي والعلاقات العائلية ؟
قرار محكمة اربيل
حكمت محكمة جرائم أربيل في 16 شباط من العام الحالي حكماً بالسجن لمدة (٦ سنوات) بحق (5) من ناشطي بادينان وهم كل من (هاريوان عيسى-أياز اكرم-شيروان شيرواني-شفان سعيد-موعدان زيباري)، هؤلاء كانوا قد احدثوا مؤخراً تحركات احتجاجية في مناطق اربيل ودهوك، الواقعة تحت سيطرة الحزب الديمقراطي الكوردستاني.
احدثت قرار محكمة جرائم أربيل موجة من احتجاجات، من كانوا ضد القرار اعتبروه ضربة ضد حرية التعبير عن الرأي، لكن الحزب الديمقراطي وبالتحديد مسرور البارزاني، رئيس الحكومة ينظر الى القضية كموضوع امني بحت.
قسَّمت قرار محكمة اربيل حين صدوره، مؤسسات الإقليم والأحزاب السياسية على جبهتين، فالاتحاد الوطني وحركة التغيير كطرفين مشاركين في الحكومة والاحزاب المعارضة خارج الحكومة، وقفوا ضد القرار.
وعلى مستوى المؤسسات، فقد سبق مسرور البارزاني صدور قرار المحكمة ونعت المعتقلين بـ"الجواسيس"، اما ريواز فائق، رئيس البرلمان فقد وقفت ضد القرار وتم اتهامها من قبل مجلس القضاء بالتدخل في شؤون المحاكم، وفيما بين رئيس الحكومة ورئيس البرلمان أصدر نيجيرفان البارزاني، رئيس الإقليم بياناً طالب فيه محكمة التمييز ان تقوم بمراجعة القضية.
القضية في محكمة التمييز
احيل قرار محكمة أربيل ضد مُعتَقَلي بادينان لغرض المراجعة الى (محكمة التمييز)، وداخل هذه المحكمة هناك هيئتان تعملان على مراجعة الاحكام القانونية وتتكون كل منهما من (5) قضاة، وهما :
• (هيئة الجرائم الاولى)
• (هيئة الجرائم الثانية)
انقسم القضاة الاعضاء في هاتين الهيئتين بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والإتحاد الوطني الكوردستاني، بواقع (3) قضاة للحزب الديمقراطي وقاضيين للاتحاد الوطني في كل هيئة، ما يعني ان الحزب الديمقراطي يملك الاكثرية في كلتا الهيئتين.
الهيئة التي قامت بأعمال التمييز لقضية مُعتَقَلي بادينان كانت (هيئة الجرائم الثانية)، وقد اصدرت الهيئة قرارها في 28 من شهر نيسان الماضي، وصادقت على حكم محكمة جرائم أربيل ضد المعتقلين.
على الرغم من تَأَخُّر الكشف عن قرار هذه الهيئة في موعدها، لكنه اعاد مرةً اخرى مسألة الحريات العامة في إقليم كوردستان الى الواجهة بحرارة مما اسفرت عن احتجاجات واسعة.
احتجاجات هذه المرة كانت مختلفة عن احتجاجات وقت صدور قرار الحكم في محكمة أربيل، فهذه المرة الاحتجاجات تخطت المستوى الداخلي واصبحت القضية ذا بعد دولي، لأن محكمة التمييز في قرارها إتهمت معتقلي بادينان بأنهم قاموا بالتجسس لصالح (امريكا) و(المانيا)، ما أدى الى اصدار بيان احتجاجي من قبل كلتا الدولتين ضد وضع الحريات في اقليم كوردستان، كما اصدرت كندا في الايام الاخيرة ايضاً موقفها رسمياً ضد القرار.
انها المرة الاولى التي تقع فيها حكومة اقليم كوردستان تحت هذه الطائلة من ضغوط الدول الغربية، وإن إثارة هذه القضية في الوقت الحالي الذي يسيطر فيه الديمقراطيون على دفة الحكم في الولايات المتحدة الامريكية، على العكس من دونالد ترمب وعهد الجمهوريين الذي كان غياض البصر فيه عن وضع الحريات وحقوق الانسان من اجل المصالح الاقتصادية، اما جو بايدن وادارته فإنهم يضعون اعينهم على ملف حقوق الانسان على مستوى العالم، عليه تشير التوقعات الى ان حكومة مسرور البارزاني ستصلها وسائل اشد لهجةً من قبل ادارة بايدن بخصوص ملف مُعتَقَلي بادينان في الايام القليلة المقبلة، وعلى المستوى الداخلي فإن الاقوال التي كانت تتحدث عن ان "مسرور البارزاني يدير حكومة بوليسية"، فقد اصبحت تتحول من الظنون الى اليقين.
هذا هو القرار الاخير؟
يعتبر الجميع في اقليم كوردستان الآن قرار (هيئة الجرائم الثانية) بمثابة الحكم النهائي وأنهم يرون في اصدار عفو خاص من قبل رئيس الإقليم نيجيرفان البارزاني بحق محكومي بادينان، هو الحل النهائي لهذه القضية، لكن قبل نيجيرفان البارزاني، هناك فرصة داخل محكمة التمييز لمراجعة ذلك الحكم من جديد، وتقع مسؤولية الاستفادة من هذه الفرصة لصالح مُعتَقَلي بادينان على عاتق الإتحاد الوطني الكوردستاني، كيف؟
الاتحاد الوطني الكوردستاني بمقدوره حسم القضية؟
قرار (هيئة الجرائم الثانية) داخل محكمة التمييز حول تصديق حكم محكمة اربيل لمعاقبة مُعتَقَلي بادينان، لم يصبح حكماً نهائياً بعد، لأن محامو المحكومين قد طالبوا من الهيئة العامة لمحكمة التمييز تصحيح القرار، وبحسب القانون فإن القضايا والمواضيع التي تتشكل الرأي العام بخصوصها، وبعد قرار (هيئة الجرائم)، يمكن احالتها الى الهيئة العامة لمحكمة التمييز، وإذا منع القضاة التابعين للحزب الديمقراطي نقل القرار النهائي الى الهيئة العامة للمحكمة، فسيتبين ان قضية مُعتَقَلي بادينان هي قضية سياسية من البداية والغرض منها هو استهداف المعتقلين انفسهم، وإذا تم السماح بنقل القضية إلى الهيئة العامة للمحكمة، فسيطرأ تغيير على الوضع.
تتكون الهيئة العامة لمحكمة التمييز في إقليم كوردستان من (15) قاضياً، لكن حالياً فإن (14) منهم مستمرون في اعمالهم، (7) من الاتحاد الوطني و(7) من الحزب الديمقراطي، وفي هذه الحالة وعند حسم اي قرار داخل المحكمة، فسيكون الحزب الديمقراطي فائزاً، لانه وبحسب القانون عند تساوي اصوات الاعضاء لحسم اي قرار، فإن وجود صوت رئيس المحكمة(التابع للحزب الديمقراطي) في اي طرف سيرجح كفة ذلك الطرف ويفوز رأي ذلك الطرف قانوناً.
الاتحاد الوطني الذي اعلن دعمه لمُعتَقَلي بادينان، مازال يحتفظ بالفرصة كي يحول دعمه ومساندته للمعتقلين من ورقة دعائية انتخابية الى ورقة حقيقية لاطلاق سراحهم، لأن القضاة التابعين للاتحاد الوطني في محكمة التمييز على الرغم من عدم قدرتهم على الغاء قرار حكم المعتقلين لا بأصواتهم ولا بعددهم، الا انهم يستطيعون الانسحاب من المحكمة احتجاجاً على الوضع، وبهذا يزيدون من الضغوط الواقعة على المحكمة.
وهذا ليس بسابقة، لأنه وبحسب معلومات (الحصاد)، فقد قاطع القضاة التابعين للاتحاد الوطني مؤخراً العمل في مجلس القضاء وذلك لحسم قضية (تجارية)، وقد عادوا الى ممارسة اعمالهم في مجلس القضاء بوساطة من نيجيرفان البارزاني رئيس إقليم كوردستان.