قضية معتَقَلي بادينان والسلطة القضائية 

2021-02-18 12:39:52

 

تقرير : فاضل حمةرفعت - محمد رؤوف 
ترجمة : ك.ق

قضية معتَقَلي بادينان وضعت السلطة القضائية في إقليم كوردستان امام مسؤولية جديدة، لقد إختار المجلس القضائي الصمت امام قرار مسرور البارزاني المسبق ضد المعتقَلين، لكنه(المجلس القضائي) لم يلتزم الصمت تجاه حديث بعد حادث رئيس البرلمان ريواز فائق، من هي السلطة القضائية؟ كيف توزعت على الأحزاب؟ كيف تثبت حيادها في قضية معتقلي بادينان؟ تفاصيل اكثر وأدق ترونها في هذا التقرير.

المحكمة مابين مسرور البارزاني وريواز فائق
قبل ان تنطق المحكمة بقرارها بخصوص قضية معتقلي بادينان وتحسمها، فقد قال رئيس حكومة اقليم كوردستان في مؤتمر صحفي في العاشر من الشهر الجاري: "البعض من معتقلي بادينان ليسوا صحفيين، وإنما هم جواسيس حاولوا القيام بهجمات وتفجيرات".
هذا الحديث لمسرور البارزاني اعتُبِر كتدخل مسبق في قرار المحكمة، لكن المجلس القضائي كونه يمثل سلطة مستقلة لم يصدر عنه اي رد فعل حول أقوال مسرور البارزاني.
لكن يوم أصدرت المحكمة قرارها وفرضت عقوبات بالسجن لمدة (٦ سنوات) بحق (٥) أشخاص من معتقلي بادينان، ظهرت احتجاجات، وأحد الذين اعربوا عن احتجاجهم كان رئيس البرلمان (ريواز فائق)، وهذا ما أغضب المجلس القضائي و رد المجلس على رئيس البرلمان بعد يوم في بيان واتهمه بشكل غير مباشر بالتدخل في شؤون السلطة القضائية.
لم تكن ريواز فائق هي الوحيدة الغير راضية عن قرار محكمة اربيل، فمعظم الناشطون المدنيين والأحزاب السياسية كانوا غير راضين عن القرار، والإتحاد الوطني الكوردستاني وحركة التغيير كطرفين رئيسيين مشاركين في الكابينة التاسعة لحكومة الإقليم كانا ضد القرار.
قضية معتقلي بادينان الآن وضعت السلطة القضائية في اقليم كوردستان امام التسائلات مرةً اخرى، قضيةٌ ينظر البعض اليها كجزء من حرية التعبير عن الرأي والحزب الديمقراطي الكوردستاني صاحب السلطة في مناطق بادينان ينظر الى القضية كقضية أمنية وتهديد على امن وإستقرار إقليم كوردستان.
احال مجلس القضاء مصير قضية معتقلي بادينان الى محكمة التمييز، وعلى هذه المحكمة ان تحسم قرارها في مدة (٣٠) يوماً القادمة حول صحة قرار محكمة اربيل ضد معتقلي بادينان، وإذا اعتبرت محكمة التمييز قرار محكمة اربيل صحيحة، فلا يتبقى اي خيار سوى ان يقوم نيجيرفان البارزاني رئيس الإقليم، بعد قرار المحكمة، بإخلاء سبيل اولئك الأشخاص عن طريق اصدار عفوٍ خاص، وهذا من اصعب الامور لأن نيجيرفان البارزاني لا يريد مواجهة ابن عمه مسرور البارزاني بسبب هذه القضية.

في محكمة التمييز التي تقع على عاتقها القرار النهائي حول القضية، ينبغي وفقاً للقانون ان تكون المحكمة مكونة من (١٥) عضواً، لكن حالياً يتواجد (١٤) عضواً مستمرين في اداء وظائفهم، مناصفة بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والإتحاد الوطني الكوردستاني بحيث لكل منهم (٧) اعضاء، وفي هذه الحالة فإن في كل قضية تحال اليها سيكون البارتي(الحزب الديمقراطي الكوردستاني) هو الفائز لأن رئيس المحكمة ينتمي البارتي ويكون في صف المؤيدين للبارتي، وأنه بحسب القانون في حال التصويت على اي قرار وتساوي الأصوات المؤيدة والمعارضة ستكون الغلبة للجانب الذي فيه رئيس المحكمة(المنتمي البارتي).

حول السلطة القضائية 
مجلس القضاء يعتبر أعلى سلطة قضائية في إقليم كوردستان، انها السلطة الثالثة بجانب السلطة التشريعية(البرلمان) والسلطة التنفيذية(الحكومة).
لم تكن هناك اية سلطة قضائية مستقلة في اقليم كوردستان حتى عام ١٩٩٢، وكانت اعمال كافة المحاكم تنظم وفقاً لقانون رقم (١٦٠) لعام (١٩٧٩) وكانت كل المحاكم تابعة لوزارة العدل في بغداد.
بعد انتفاضة عام ١٩٩١ وإنسحاب نظام البعث من كوردستان، بقى الوضع على ما كان عليه، اي لم تؤسس سلطة قضائية مستقلة في اقليم كوردستان، لأن قانون السلطة القضائية المرقم (١٤) لعام ١٩٩٢ والصادر عن الدورة الاولى لبرلمان كوردستان، قد ربط المحاكم بوزارة العدل، بمعنى ان المحاكم كانت مربوطة مباشرةً بالسلطة التنفيذية(الحكومة) ولم تكن مستقلة.
استمر الوضع القضائي هكذا في إقليم كوردستان حتى سقوط نظام البعثي في عام ٢٠٠٣، كتب العراق دستوراً جديداً في عام ٢٠٠٥، وتم في الدستور منح الأقاليم ممارسة سلطتهم القضائية داخل اقاليمهم، وعلى هذا الاساس اصدر برلمان كوردستان القانون رقم (٢٣) لعام ٢٠٠٧، وبعد هذا تم ولأول مرة فصل المحاكم من وزارة العدل والسلطة التنفيذية وأضيفوا الى مجلس القضاء كسلطة مستقلة بجانب السلطة التشريعية(البرلمان) والسلطة التنفيذية(الحكومة).
وفقاً لقانون السلطة القضائية يعتبر رئيس محكمة التمييز رئيساً للسلطة القضائية في الوقت نفسه، الشخص الشاغل لهذا المنصب يكون منصبه معادلاً لمنصب رئيس البرلمان ورئيس الحكومة، لكن اللافت للنظر ووفقاً للمادة (٣٨) من القانون : "رئيس محكمة التمييز بدرجة الوزير وله راتب ومخصصات الوزير"، اي ان درجته الوظيفية لم ترقى الى مستوى رئاسات الإقليم الثلاث.


ما ومن هي السلطة الثالثة؟
مجلس القضاء بمثابة السلطة الثالثة في إقليم كوردستان،وبحسب القانون الذي يعمل وفقه، ان اعضائه هم الاشخاص الشاغلين لهذه المناصب :
- رئيس محكمة التمييز ونوابه
- رؤساء محاكم الاستئناف في (اربيل-دهوك-السليمانية-كركوك/كرميان)
- رئيس هيئة الاشراف القضائي (لم يصدر لها قانون حتى الآن)
- رئيس الإدعاء العام 
فضلاً عن إستقلال هذا المجلس ووفقاً لقانونه ينبغي الا يكون اعضائه القضاة، حزبيين، ولكن على غرار كافة المؤسسات الاخرى فإن اعضائه موزعين على البارتي(الحزب الديمقراطي الكوردستاني) واليكيتي(الإتحاد الوطني الكوردستاني).
رئيس المجلس المدعو (بَنكين قاسم) ينتمي البارتي، ومعظم اعضائه الآخرين ميالين البارتي وإن اليكيتي ليس له في المجلس سوى ثلاثة أعضاء وهم رئيسا محكمتي الاستئناف في (السليمانية وكركوك/كرميان)، ونائب رئيس مجلس القضاء، ما يعني انه إضافةً الى رئاسة الإقليم ورئاسة الحكومة، فإن البارتي(الحزب الديمقراطي الكوردستاني) يمسك بزمام السلطة الثالثة أيضاً والتي هي السلطة القضائية ويستطيع من خلالها تنفيذ سياساته.
السؤال هو هل يكون للقضاة المقربين من اليكيتي(الإتحاد الوطني الكوردستاني) موقفٌ حول قضية مُعتَقَلي بادينان ام لا؟ خصوصاً ان المكتب السياسي اليكيتي قد انتقد رسمياً شكل وكيفية محاكمة اولئك الاشخاص.
وفقاً لمعلومات (الحصاد)، إن القضاة المقربين من اليكيتي قد قاطعوا العمل في مجلس القضاء في الآونة الاخيرة بسبب حسم قضية تجارية، وإنهم باشروا بأعمالهم في المجلس مجدداً بوساطة من رئيس الإقليم نيجيرفان البارزاني.


ميزانية السلطة الثالثة 
لمجلس القضاء بإعتباره السلطة الثالثة في اقليم كوردستان ميزانية خاصة به، وبحسب القانون المعمول به ان ميزانية هذه السلطة مستقلة ويتم اعدادها من قبل مجلس القضاء ويعرض على برلمان كوردستان لتصديقه كملحق للميزانية العامة السنوية لإقليم كوردستان.
بحسب آخر مشروع لميزانية إقليم كوردستان والصادر عام ٢٠١٣، بلغت ميزانية مجلس القضاء لذلك العام (٤٦ مليار و٧٨٧ مليون) دينار، وبذلك حاز مجلس القضاء على نسبة (٤.٪؜) من المجموع الكلي لميزانية إقليم كوردستان.
وفقاً لقانون ميزانية الإقليم لعام ٢٠١٣، كان لمجلس القضاء (٣ آلاف و٤٦٨) منتسب، يحتمل ان يكون هذا العدد قد ازداد، لكن لا تتوفر اية احصائية جديدة لدى (الحصاد) حول هذا الامر.
لكن وفقاً لقائمة رواتب الشهر الماضي لوزارات حكومة الاقليم، بلغت مجموع رواتب مجلس القضاء (٣مليارات و٧٦٩ مليون) دينار عراقي.

بابه‌تی په‌یوه‌ندیدار
مافی به‌رهه‌مه‌كان پارێزراوه‌ بۆ دره‌و
Developed by Smarthand