الاعتراف الجنائي
2021-02-18 11:33:20
القاضي / عبدالكريم حيدر علي
بخصوص الحكم الصادر بحق المتهمين الخمس وفق المادة ١٥٦ من قانون العقوبات وعلى النحو المعدل في اقليم كوردستان بموجب المادة (١) من القانون رقم ٢١ لسنة ٢٠٠٣ الصادر عن البرلمان الكوردستاني اود ان اتطرق الى بعض الجوانب القانونية :-
الاعتراف الجنائي :
ان الاعتراف اذا كان سليماً ومستوفياً لشروطه القانونية ومن تلك الشروط صدوره من المتهم وهو متمتع بارادة حرة وان يكون صريحاً وان يكون الاعتراف امام المحكمة وقاضي التحقيق ،
فاذا كان الاعتراف قد صدر نتيجة الاكراه المادي او المعنوي فلايؤخذ به في حالة ثبوت الاكراه ،
الرجوع عن الاعتراف :-
وان قاضي التحقيق وعند مثول المتهم امامه والذي اعترف امام المحقق ولكنه انكر التهمة المسندة اليه امامه وادعى المتهم بانه قد تعرض للاكراه عند تدوين افادته من قبل ضابط الشرطة او المحقق فانه يتعين عليه
ارساله الى الفحص الطبي من قبله مباشرة دون ارجاعه الى الجهة التي تجري التحقيق معه هذا في حالة الاكراه المادي اما اذا كان معنوياً فعلى قاضي التحقيق الاستماع الى اقوال اي شخص يمكن ان يكون شاهداً بخصوص تلك الواقعة كل ذلك من اجل فتح قضية مستقلة بحق القائم بالتحقيق واتخاذ الاجراءات القانونية بحقه وفق المادة ٣٣٣ من قانون العقوبات العراقي ،
اما اذا اعترف المتهم امام قاضي التحقيق فانه يحق له الادعاء امام محكمة الموضوع التي تجرى محاكمته بعد الانكار بان اعترافه بالتهمة في مرحلة التحقيق الابتدائي قد صدر منه نتيجة الاكراه وهنا ايظاً يتوجب على المحكمة ان تجري تحقيقاتها بخصوص ذلك الادعاء ولايجوز لها اهمال ذلك لكي تسير العدالة الجنائية في مسارها القانوني والصحيح واذا ثبت لديها صحة الادعاء فان ذلك الاعتراف كدليل جنائي يتم اهدارها لان القانون رقم ٢٢ لسنة ٢٠٠٣ الصادر عن برلمان كوردستان وفي المادة ٩ منه التي نصت على انه ( يوقف العمل بالمادة ٢١٨ من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي ويحل محلها في اقليم كوردستان مايلي ( يشترط في الاقرار ان لايكون قد صدر نتيجة الاكراه ) في حين كان الاصلي على النحو التالي في القانون المشار اليه ( يشترط في الاقرار ان لايكون قد صدر نتيجة اكراه مادي او ادبي او وعد او وعيد . ومع ذلك اذا انتفت رابطة السببية بينها وبين الاقرار او كان الاقرار قد ايد بادلة اخرى تقتنع معها المحكمة بصحة مطابقته للواقع او ادى الى اكتشاف حقيقة ما جاز للمحكمة ان تأخذ به )
ان المشرع الكوردستاني حسناً فعل عندما قرر بعدم الاخذ بالاقرار الصادر نتيجة الاكراه بمعنى ان على المحكمة طرح ذلك الاقرار في مثل تلك الحالة وكانه غير موجود ضمن ملف القضية حتى وان أنتفت الرابطة السببية بينه وبين الاقرار او كان ذلك الاقرار الصادر عن الاكراه مؤيداً بادلة اخرى او ادى الى كشف حقيقة ما ، ولكن المشرع قد اخطأ في الحالات الاخرى غير الاكراه والتي تجعل منه معيباً وغير مقبولاً وهي الاقرار الصادر نتيجة الوعد او الوعيد ، فانه من الضروري على قضاتنا الانتباه الى الفرق الموجود في هذه المسألة بين القانون العراقي وبين التعديل الجاري في اقليم كوردستان
مما يتعين على المحاكم الجزائية في كوردستان ملاحظة كل تلك القواعد القانونية عند تقييمها لاقرار المتهم خاصة في حالة رجوعه عنه امام محكمة الجنايات المختصة او محكمة الجنح ، كما ان محكمة التمييز المختصة لها سلطة الرقابة على كل ذلك فاذا لم تكن محكمة الموضوع منتبهة الى ذلك فانها من جانبها تقوم بتقييم ذلك الاعتراف والادلة الاخرى على ضوء القواعد المشار اليه واذا تولدت الشك في الادلة المتحصلة بشكل عام فان عليها تفسير الشك لمصلحة المتهم باعتبار ان الاصل في الانسان البراءة.
واعتقد ان محكمة التمييز لايزال في هيئاتها قضاة جديرين بالاحترام وانهم علم بتلك القواعد ولهم خبرة طويلة في ذلك الشأن ، وكما هو معلوم وكما استقر عليه قضاء محكمة التمييز الاتحادية ومحكمة تمييز اقليم كوردستان بان المحكمة لايمكن لها ان تعتمد على القرائن في اصدار حكمها بالادانة والعقوبة الا اذا كانت مجموعة من القرائن ولايرقى الشك اليها وكافية لتوليد القناعة والوجدان ( هنا نؤكد على الوجدان القضائي الصرف )
- * عضو محكمة تمييز اقليم كوردستان سابقاً