ارتفاع سعر الدولار .. هدية لحكومة الاقليم
2020-12-20 13:55:38
تقرير : محمد رؤوف – فاضل حمةرفعت
ترجمة : ك. ق
ارتفاع قيمة الدولار مقابل الدينار العراقي هدية مهمة لحكومة اقليم كوردستان، رفع قيمة الدولار يزيد من ايراد الحكومة نحو (80 مليار) دينار شهرياً، وفي هذا الوضع المالي الجديد، مع استمرار ارسال مبلغ الـ(320 مليار) دينار من بغداد، تستطيع الحكومة توزيع الرواتب بدون استقطاعات، وإن لم ترسل بغداد المبلغ، فستضطر الحكومة الى رفع نسبة الاستقطاعات الى 40%، لكن في الحالتين ترتفع الاسعار وتضعف القوة الشرائية، وفي هذه الحالة ستكون طبقة الموظفين والفقراء هم المتضررين الوحيدين، تفاصيل ادق وأكثر في هذا التقرير.
وضع مالي جديد
قام البنك المركزي العراقي، اليوم السبت، بتثبيت سعر (100 دولار) امريكي مقابل (147 الف) دينار للمواطنين، والسعر مابين وزارة المالية والبنك المركزي سيكون (145 الف) دينار مقابل ورقة نقدية من فئة (100 دولار).
تُمْضي الحكومة العراقية سنة مالية صعبة، سنة انخفضت فيها ايرادات الحكومة بسبب ازمات جائحة الكورونا المستجد وانخفاض اسعار النفط، وإعداد مشروع قانون الموازنة اسنة 2021 تظهر من مضمونه ان العراقيين عليهم انتظار سنة مالية اصعب.
وضِعَ هذا المشروع يوم الخميس الماضي امام مجلس وزراء العراقي، وتسرب نسخة منه في نفس اليوم الى وكالات الاعلام وتبين ان مشروع القانون يعمل على الحد من المصروفات العامة.
اعلن عدد من المسؤولين العراقيين العاملين على إعداد مشروع القانون هذا لوكالة (فرانس برس) ان هدفهم في هذا المشروع هو "صمود" العراق بعد تلك الازمة المالية الغير مسبوقة بسبب جائحة كورونا المستجد وانخفاض سعر النفط التي تعرض لها البلاد.
تم تحديد عدد من الاجراءات في مسودة موازنة 2021 لمواجهة الوضع المالي المتردي للحكومة، ومن هذه الاجراءات رفع قيمة الدولار مقابل الدينار العراقي، وكان الدولار يباع في البنك المركزي العراقي بسعر (119 الف) دينار عراقي للفئة النقدية (100 دولار) امريكي، ولكن في مسودة الموازنة تم رفع المبلغ الى (145 الف) دينار.
لم يكن مقرراً الكشف عن رفع قيمة الدولار بهذه السرعة، لكن تسرب مسودة مشروع الموازنة ونشرها في وسائل الاعلام اربك الاسواق واسرع تثبيت السعر الجديد، هذا في الوقت الذي لم يصوت على مسودة الموازنة عند الحكومة ولم يُرسَل الى البرلمان حتَى، وقد قامت وزارة المالية العراقية والبنك المركزي العراقي مضطرين بتثبيت السعر الجديد رسمياً.
يبغي المسؤولون العراقييون تقليل حجم ضغط تأمين وصرف الرواتب على عاتق الحكومة، الذي يشكل اضخم نسبة من المصاريف الحكومية، بتغيير سعر الدولار مقابل الدينار العراقي.
يبلغ عدد موظفي العراق (بضمنه موظفي الاقليم البالغ عددهم 682 الفاً) قرابة (4 ملايين) موظف، يضاف اليهم (3 ملايين) متقاعد مع (مليون) شخص يستلمون رواتب الرعاية الاجتماعية.
نسبة 90% من الواردات العراقية تتم تحصيلها عن طريق بيع النفط، وتعود هذه الواردات بالدولار الى الحكومة العراقية، في حالة رفع سعر الدولار مقابل الدينار، تحصل الحكومة على كمية اكبر من الواردات لتأمين المصاريف.
مع ان الحكومة تستطيع تأمين رواتب الموظفين بهذه الطريقة، إلاَ ان خفض قيمة الدينار مقابل الدولار يعود بالضرر على طبقة الموظفين والفقراء، لان التجار يستوردون البضائع والسلع والاحتياجات الى العراق بالدولار وانهم مرغمون يبيعونها داخل العراق بالعملة المحلية اي الدينار العراقي، وعليه فإن الاسعار ترتفع تلقائياً ويضعف القوة الشرائية عند هذه الطبقة(طبقة الموظفين والفقراء).
بحسب التوقعات ان هذا الوضع المالي الجديد للعراق يمكن ان يؤدي الى رفع نسبة الفقر في البلد الى(40%) من مجموع السكان المقدر عددهم بنحو (40 مليون) نسمة.
تسعى الحكومة بكافة السبل الى رفع حجم وارداتها ولم تلتجأ الى خفض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار الامريكي فقط، فبحسب مسودة موازنة 2021 تبغي الحكومة رفع الواردات الغير نفطية الى (18 ترليون) دينار في حين كانت هذه الواردات قد تم تحديدها في موازنة 2019 بنحو (11 ترليون) دينار، فيما تخص الورادات النفطية و وفقاً لما جاء في مسودة الموازنة من المتوقع ان تبلغ (73 ترليون) دينار، وهذه تقل بنحو (20 مليار) دينار مقارنةً بموازنة 2019.
لم تكن لدى العراق قانون الموازنة لهذه السنة وذلك بسبب الخلافات بين السياسيين، المبلغ المخمن في موازنة 2021 للبرميل الواحد من النفط هو (42 دولار)، وهذا التخمين هو اقل بكثير من السعر الحالي للنفط في الاسواق والسعر المخمن كذلك في موازنة 2019 والمُحَدَّد بـ(56 دولار).
سجلت ميزانية العراق اكبر حجم في سنة 2019 حيث بلغت (133 ترليون) دينار، لكن ميزانية 2021 اكبر بكثير حيث تم تخمين المجموع العام لمصاريف البلد بـ(150 ترليون) دينار.
الدولار وإيراد العراق الجديد
يتم تحصيل نسبة 90% من واردات العراق من بيع النفط، وبلغت الواردات النفطية للعراق في الشهر الماضي مبلغ (3 مليارات و394 مليون و988 الف) دولار، وإذا تم احتساب الواردات على اساس سعر الشهر الماضي اي احتساب (100 دولار) مقابل (119 الف) دينار فسيكون واردات العراق في تلك الشهور نحو (4 ترليون و40 مليار و35 مليون) دينار.
وإذا تم احتساب نفس الواردات مع الفرق الحاصل في قيمة الدولار مقابل الدينار، اي احتساب (100 دولار) مقابل (145 الف) دينار، ستكون واردات نفس الكمية من مبيعات النفط بالدينار نحو (4 ترليون و922 مليار و732 مليون) دينار، وهذا يُظْهِر ان خطة خفض قيمة الدينار قد ادى الى زيادة واردات النفط ما يقارب (ترليون) دينار للحكومة وبسببه تستطيع الحكومة سد العجز الحاصل لديها شهرياً.
اقليم كوردستان وقيمة الدولار
ستكون لمعادلة خفض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار الامريكي نفس التأثير والفعالية على حكومة ومواطني وقاطني اقليم كوردستان، والحكومة تكون هي المستفيدة من هذه الخطة والمواطنين هم المتضررين.
تحصل حكومة اقليم كوردستان على الواردات من العديد من المصادر، وتعود الجزء الاكبر من الواردات بالدولار للحكومة، وان رفع قيمة الدولار مقابل الدينار العراقي في هذه الازمة المالية الخانقة، هي بمثابة هدية لحكومة الاقليم.
بحسب آخر المعلومات التي بحوزة (الحصاد)، ان الواردات التي تحصل عليها حكومة الاقليم بالدولار، وبدون مبلغ الـ(320 مليار) المرسلة اليها من بغداد، تكون شهرياً كالآتي :
• الواردات النفطية : 270 مليون دولار.
• مساعدات التحالف : 17 مليون دولار.
• الواردات المحلية : 170 مليار دينار، منها مايقارب (30 – 50 مليون) بالدولار وفقاً للمعادلة الآتية : تحصل حكومة الاقليم في اقل تقدير على ما لا تقل عن (317 مليون) دولار شهرياً، وإذا تم احتساب هذا المبلغ بسعر الصرف السابق اي (100 دولار) مقابل (125 الف) دينار ستبلغ (380 مليار) دينار، اما اذا احتسب بسعر الصرف الجديد اي (100 دولار) مقابل (145 الف) دينار، فستصل الى (460 مليار) دينار، ما يظهران واردات حكومة الاقليم ستزداد (80 مليار) دينار شهرياً.
ارتفاع قيمة صرف الدولار مقابل الدينار، ستوصل معدل الواردات الشهرية لحكومة الاقليم بدون مبلغ الـ(320 مليار) دينار المرسلة من بغداد، الى اكثر من (530 مليار) دينار.
تحتاج الحكومة لتأمين مصاريفها الشهرية الى (894 مليار)، وإذا صرفت الحكومة الرواتب مع استقطاع نسبة 21% على غرار الشهر الماضي، فإنها تكون بحاجة الى مبلغ (730 مليار) دينار.
في حالة استمرار تمويل مبلغ الـ(320 مليار) دينار من بغداد، تستطيع حكومة الاقليم بهذا السعر الجديد للدولار ان تصرف رواتب الموظفين من دون استقطاعات شهرياً، لكن في حالة عدم تمويل مبلغ الـ(320 مليار) من بغداد، ينبغي على الحكومة ان ترفع نسبة استقطاعات الرواتب الى 40%، وهذه الحالة تخلق وضعاً اسوء خصوصاً ان الاسعار تزداد غلاءً والقوة الشرائية تزداد ضُعْفاً وإزدراءً، بسبب خفض قيمة الدينار مقابل الدولار.