هل يحيي بايدن خطة قديمة لتحويل العراق إلى فدرالية
2020-11-16 17:09:55
الحصاد draw:
انتخب الأميركيون ساكنا جديدا للبيت الأبيض من الحزب الديمقراطي لطي صفحة أربع سنوات من “الترامبية”، ويبدو أن الرئيس المنتخب جو بايدن سيجري العديد من التغييرات، ليس أقلها تحسين صورة بلاده حول العالم وإنما أيضا كيفية تعامله مع سياسات قديمة كان قد أسرّ بها حينما كان نائبا للرئيس السابق باراك أوباما من بينها بناء مستقبل العراق.
أعاد مراقبون إلى الأذهان مقترحا كان قد كشف عنه الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن قبل 14 عاما عندما كان نائبا للرئيس باراك أوباما بخصوص العراق، حيث أراد في ذلك الوقت تخليص البلد من أزمته التي زادت من وطأتها الجماعات المتطرفة.
ومع أن العراق لم يظهر في الحملات الانتخابية لرئاسة الولايات المتحدة، ولكن من المرجح أن يكون ملفا دائما على مكتب بايدن، الذي أيد الغزو الأميركي عام 2003 قبل أن يغير رأيه وكنائب للرئيس باراك أوباما، شارك في قرار سحب القوات الأميركية من العراق الذي اعتبره فرصة للتكفير عن خطئه السابق.
وعندما كان عضوا في مجلس الشيوخ عن ولاية ديلاوير، اقترح بايدن خطة في عام 2006 لتقسيم العراق إلى ثلاث مناطق شيعية وسنية وكردية شبه مستقلة، معتقدا أن هذا سيسمح للقوات الأميركية بمغادرة العراق بحلول عام 2008.
ومن دون هذه الخطوة، توقع بايدن أن يدخل العراق في دوامة العنف الطائفي ويساعد على زعزعة استقرار المنطقة، حيث في ذلك الوقت، كانت القوات الأميركية تحرقها المقاومة العراقية، وكانت تواجه المئات من الهجمات كل يوم.
ويقول المحلل إياد الدليمي في تقرير نشره موقع “ميدل إيست مونيتور”، “إن نبوءة بايدن كانت دقيقة، فقد اندلعت حرب طائفية يوم قصف مرقد الإمام علي الهادي في سامراء واستمرت أكثر من عامين وتبعت ذلك أعمال عنف طائفية حولت المقاومة بعيدا عن قوات الاحتلال الأميركية وأخذتنا إلى نفق مظلم”.
ويبدو أن الأحداث ربما تم التلاعب بها من قبل السياسيين الأميركيين، وربما كان بايدن أحدهم، وظل يضغط ملف العراق على جميع الرؤساء الأميركيين منذ سنوات دون التوصل إلى حلول جذرية لنزع فتيل تلك الأزمة.
وعلى هذا النحو، من المتوقع أن يتعامل معها بشكل مختلف وعلى عكس الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، الذي فضل الكثير من العراقيين لجهوده للحد من النفوذ الإيراني في بلادهم.
جو بايدن اقترح في 2006 تقسيم العراق إلى ثلاث مناطق: شيعية وسنية وكردية
وجاءت تلك التحركات على الرغم من حقيقة أنه خلال فترة ترامب في المنصب، نما التدخل الإيراني في العراق إلى درجة أن الميليشيات التي تدعمها سيطرت على معظم البلاد، ولم تفعل واشنطن شيئا حيال ذلك، باستثناء التهديد بإغلاق السفارة الأميركية في بغداد، والتي كانت بمثابة هدف للصواريخ التي أطلقتها الجماعات الموالية لإيران.
وفي كتابه الصادر عام 2017 بعنوان “أوعدني يا أبي”، يقول بايدن، الذي زار العراق 27 مرة وهو مطلع على الملف العراقي عن كثب، إن “العراق أكثر القضايا إحباطا خلال أربعة عقود من العمل في العلاقات الخارجية”.
ولكن بايدن بعد توليه منصبه في يناير المقبل سيكون أمام واقع جديد وهو أن العراق اليوم ليس كما الأمس حين دعا إلى تقسيمه إلى ثلاث مناطق شبه مستقلة لأن البلد يمر بواحدة من أسوأ مراحله على الإطلاق تحت سيطرة إيران شبه المطلقة من خلال وكلائها المحليين في شكل سياسيين وضباط جيش، وكذلك من خلال أحزابها وميليشياتها السياسية.
وليس ذلك فحسب، بل إن الولايات المتحدة نفسها في لحظة حاسمة في العراق، حيث لا تسيطر على الأرض ولا على النفوذ ولا تستطيع التدخل في صنع القرار السياسي.
ويؤكد محللون أن الضغط الاقتصادي الهائل الذي مارسه ترامب على إيران تحول إلى خيارات لتوسيع نفوذها داخل العراق حيث أفقرت طهران الخزانة العراقية، وأظهرت تقارير دولية أن إيران عززت اقتصادها عبر العراق بما في ذلك بيع النفط الإيراني عن طريق جارتها والحصول على العملة الصعبة.
ومن المرجح أن يحاول بايدن التوصل إلى اتفاق جديد مع إيران، مما قد يؤدي إلى عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاقية النووية لعام 2015، وإن كان ذلك بشروط.
وقد تكون هذه الشروط هي نفسها التي طالب بها ترامب، لكن إيران كانت غير راغبة في الوفاء بها، مما أخر موافقتها حتى يدخل رئيس جديد إلى البيت الأبيض. ومن التنازلات أن تقلص إيران نفوذها في العراق، لأسباب ليس أقلها أن طهران تخطط لإجراء انتخابات في يونيو المقبل.
وتسعى الولايات المتحدة ما بعد ترامب لاستعادة مصالحها في العراق، التي تضررت من النفوذ الإيراني، خاصة بعد مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني مطلع يناير الماضي بالقرب من مطار بغداد الدولي.
وتأثرت المصالح الأميركية في عهد ترامب بعد توجيه الكثير من التهديدات في مقابل القليل من الإجراءات، وكثيرا ما أعرب الرئيس المنتهية ولايته عن رغبته في التخلص من العراق لأنه يمثل صداعا لواشنطن.
وربما لا يكون بايدن متحمسا بشأن خطته لتقسيم العراق إلى ثلاث مناطق، لأن مصالح الولايات المتحدة تكمن في وجود دولة موحدة. ومع ذلك، فإن الاعتراضات الإيرانية على الوجود الأميركي في العراق قد تدفع بايدن إلى إحياء هذا الاقتراح. وهذا من شأنه أن يعزز تطلعات بعض السياسيين العراقيين إلى الفدرالية التي يتحدثون عنها الآن علانية على أسس طائفية وعرقية.