الرئيسَان المشتَرَكان لا يصلان الى البارزاني
2020-11-11 18:15:13
تقرير : محمد رؤوف – فاضل حمةرفعت
اوصل بافل الطالباني في زيارة جديدة لأريبل آخر رسالة لليكيتي الى المسؤولين الكبار في البارتي، حدد اليكيتي مدة زمنية اقصاها نهاية العام الحالي لتنفيذ اتفاق تشكيل الحكومة مع البارتي، وإلاّ سييتخذون موقفاً حاسماً وفق قولهم، في كل مرة نفذ فيها الرئيسان المشتركان لليكيتي مناورة سياسية تجاه البارتي لم يحصدا إلاّ الفشل، ان الرئيسين المشتركين يبغيان الوصول الى قمة هرم السلطة في البارتي (مسعود البارزاني)، لكنهما لم يلتقيا الا بنيجيرفان البارزاني والمكتب السياسي للبارتي، وهؤلاء ليسوا اصحاب القرار النهائي للبارتي.
رسالة جديدة الى البارتي
زار بافل الطالباني الرئيس المشترك لليكيتي اربيل قبل يومين، وبحسب معلومات (الحصاد) انه اوصل رسالة جديدة من اليكيتي الى نيجيرفان البارزاني رئيس اقليم كوردستان ونائب رئيس البارتي.
لم يحصل (الحصاد) حتى الآن على تفاصيل رسالة بافل الطالباني، لكن المصادر من داخل اليكيتي يتحدثون عن ان بافل الطالباني يؤكد في الرسالة على اصرار اليكيتي على تنفيذ الاتفاق المُوَقَع ما بين الحزبين لتشكيل الكابينة التاسعة للحكومة.
تحدث بافل الطالباني في الرسالة ان اتفاق تشكيل الحكومة ليست لملأ المناصب فقط، وانما تحتوي على مواضيع اخرى لم تُنَفَّذ حتى الآن ويطالب البارتي ان يجيب بشكل نهائي فيما يخص تنفيذ ذلك الاتفاق مع اليكيتي.
لليكيتي ملاحظات على هذه المحاور المتعلقة بإتفاقه مع البارتي لتشكيل الحكومة :
• اللامركزية الادارية والمالية.
• شراكة اليكيتي في الحكومة.
• شغل مناصب اليكيتي في الحكومة و(فيتو) البارتي على مرشحِي اليكيتي.
• موقف اليكيتي حول الوضع القائم في كوردستان ومشكلة حزب العمال الكوردستاني(ب. ك. ك.)
تأتي زيارة بافل الطالباني لأريبل بعد مبادرة لتطبيع العلاقات بين الحزبين، وجائت المبادرة من الحكومة ومن قِبَل مسرور البارزاني رئيس وزراء حكومة الاقليم ونائبه قوباد الطالباني نتيجة للمبادرة الصادرة من اعلام الطرفين لإيقاف الحملة ضد بعضهما البعض في 17 من الشهر الماضي، اي بعد يوم من ذكرى "16 اكتوبر" ولمدة 72 ساعة، وراقب اتفاق ايقاف الحرب الاعلامية بين الطرفين كل من بشتيوان صادق وزير الاوقاف من البارتي ودارا رشيد وزير التخطيط من اليكيتي.
وجة اليكيتي بعد هذه المبادرة برسالة حول القضايا العالقة بينهما الى البارتي، وطلب(اليكيتي) فيها حسم قضية اللامركزية الادارية والمالية وحِصَص اليكيتي داخل الحكومة.
رَدَّ البارتي على رسالة اليكيتي وأوضح حول مسألة اللامركزية بأن هذا الموضوع جزء من البرنامج الحكومي واليكيتي بإمكانه تطبيق اللامركزية في اطار هذا البرنامج، وفيما يتعلق بحصة اليكيتي في الحكومة و تحديداً مرشح اليكيتي لمنصب رئيس هيئة المناطق الكوردستانية الواقعة خارج الاقليم (روند مُلاّ محمود) ولكن البارتي يرفضه، وجاء في رد البارتي حول هذا الموضوع مؤكداً مرة اخرى ان مسرور البارزاني لايوافق على شغل هذا المنصب من قِبَل روند ملا محمود، روند هو عضو في قيادة اليكيتي وهو من اهالي مدينة كركوك، ويتهمه البارتي بأنه مضتلع في احداث 16 اكتوبر، لذلك يمارسون ضده الفيتو، وعليه وبعد مرور اكثر من عام وخمسة اشهر على مباشرة الكابينة الحكومية التاسعة بأعمالها، لم يستطع اليكيتي شغل ذلك المنصب بعد.
اما بخصوص شراكة اليكيتي في الحكومة، يؤكد البارتي على ان الاتفاق قد تم تنفيذه وحُظِيَ اليكيتي بأغلب المناصب الحكومية التي من حصته، وقد ملأ اليكيتي عدداً من مناصب رؤساء الهيئات و وكلاء الوزارات والمستشارين داخل الحكومة مؤخراً.
ما الذي يريده اليكيتي؟
عموماً يبغي اليكيتي استرجاع سلطات اللامركزية الادارية والمالية لحدود المناطق الواقعة تحت سيطرته في هذه الجولة من المفاوضات، لكن الذي حصل عليه من البارتي حتى الآن هو ذلك الضرب من اللامركزية الموجودة حالياً في اطار وزارة الداخلية وبعض السلطات الممنوحة لمحافظِي المحافظات، يرغب اليكيتي بالمزيد، ويريد فرض اللامركزية الادارية والمالية الكاملة قانونياً لمناطق نفوذه بشكلٍ لا ترجع فيه السليمانية في قراراتها الادارية والمالية الى اربيل، هذا ما جعل البارزاني يلجأ الى ارسال رسالة عن طريق المكتب السياسي لحزبه الى اليكيتي ويعرض عليهم مشروع العودة الى مرحلة ما قبل توحيد الحكومة اي عَرَضَ عليهم خيار الادارتين.
اليكيتي لا يريد العودة الى عهد الادارتين، بل يريد العودة الى زمن بداية توحيد الحكومة عام 2005، لأن في ذلك الزمن كان اليكيتي شريكاً في السلطة مع البارتي في اربيل، بالاضافة الى اخذ حصته بشكل مستقل في المناطق الخاضعة لسيطرته من ايراد الاقليم واستخدامه وفق رغبته في السليمانية، فضلاً عن هذا يعتقد اليكيتي من الناحية الادارية ان السلطة في اربيل مُحْتَكَرَة تماماً ولا تملك السليمانية اية سلطة في اتخاذ القرارات الادارية فيها، فعلى سبيل المثال كانت المديرية العامة للاستثمار في السليمانية تمنح اجازات ورخص المشاريع للمستثمرين من اصحاب رؤوس الاموال والتجار، لكن هذه السلطة نُقِلَت الى اربيل الآن ولم تَبْقَ للمدير العام في السليمانية اية سلطة، وهذا الامر ينطبق على المديريات الاخرى وفقاً لما يذكره اليكيتي.
في المقابل يعاتب البارتي على اليكيتي، إذ ابلغ البارتي رسمياً اليكيتي بإحتجاجاته حول كيفية ادارة المنافذ الحدودية ويذكر انه قد نَظَّمَ ادارة المنافذ الحدودية في مناطقه وبسببه ازدادت ايرادات تلك المنافذ، في حين يُمارَس التهريب بشكل فاضح في المنافذ الحدودية في مناطق ادارة اليكيتي ولهذا لا يُستَجمَع الايراد الكافي للحكومة، لن يقدر مسرور البارزاني بعد الآن على تجميع اموال مناطق البارتي وارسالها لتغطية مصاريف مناطق ادارة اليكيتي إن لم يعاون اليكيتي الحكومة في زيادة ايراداتها.
مسألة البيشمركة والقوات الامنية
اليكيتي على خلاف مع البارتي فيما يتعلق بقضية البيشمركة والقوات الامنية.
لم يُجَدَّد مجلس امن اقليم كوردستان بعد مباشرة مسرور البارزاني في منصب رئيس وزراء حكومة الاقليم, و رَدَّ اليكيتي مؤخراً على بيان لمجلس امن الاقليم، مما ادى الى انزعاج البارتي.
حالياً البارتي على مشارف المجابهة والقتال مع (ب. ك. ك.)، ولم يحمل اليكيتي هذا الامر محمل الجد، حتى ان الفريق الحكومي لليكيتي كانوا غير راضين من اصدار حكومة الاقليم لبيان ضد تحركات (ب. ك. ك.) داخل الاقليم، الا ان قوباد الطالباني تمكن من معالجة الامر وتخطي البيان.
عَلِمَ (الحصاد) انه في آخر لجتماع للمكتب السياسي لليكيتي ذُكِرَ ان اليكيتي ليس مع قتال الـ(ب.ك.ك.)، ويتحدث البعض في حال اندلاع القتال فإن اليكيتي لن يُشرِك قواته في ذلك القتال.
لا يرغب اليكيتي ان تكون السلطة العسكرية والامنية بِيَد مسرور البارزاني رئيس وزراء حكومة الاقليم، بل يرغب بما كان عليها في السابق، اي ان تكون السلطة عند رئيس الاقليم نيجيرفان البارزاني و قانونياً هو القائد العام للقوات المسلحة في اقليم كوردستان وفي نفس الوقت فإن مجلس امن الاقليم هو السلطة الامنية العليا في الاقليم وهو مربوط برئاسة الاقليم وليس برئاسة الحكومة.
النفط والطاقة
من الانزعاجات الاخرى لليكيتي ما يخص كيفية ادارة ملف النفط في اقليم كوردستان، ويطالب اليكيتي ان يكون شريكاً في اتخاذ القرارات في ذلك القطاع، وفقاً لمعلومات (الحصاد) بدأت الانتقادات تظهر في اليكيتي حول منح حكومة الاقليم العقود النفطية الكبرى لشركات البارتي وتحديداً شركة (كار) ولا حصة لليكيتي فيها.
هذا في الوقت الذي ارسل المسؤولون الكبار في البارتي في العديد من المرات برسالات الى اليكيتي بخصوص الملف النفطي وأبلغوهم بأنهم شركاء ويستلمون حصتهم بحيث تُحَوَّل الى رقم حسابي في بنك "مصر" في دبي واليكيتي تَسَلَّمَ حصته شهرياً. وكان البارتي قد ردَّ على اليكيتي حول هذا الموضوع قائلاً بأن قوباد الطالباني نائب رئيس وزراء الاقليم مطلع وعلى علم بملف النفط.
زيارات بافل لأربيل
مرَّت العلاقات بين اليكيتي والبارتي بأوضاع متأزمة في شهر تموز الماضي مثلما الآن، حينها هدد اليكيتي وتحديداً لاهور شيخ جنكي بتعليق المشاركة في البرلمان والحكومة وفي المقابل هدد مسرور البارزاني بإعادة ما حدث مع حركة التغيير وطرد وزراء اليكيتي من الحكومة، ولكن بافل الطالباني زار اربيل عن طريق وساطة والتقى نيجيرفان البارزاني في ساعة متأخرة من الليل واتفقوا على تشكيل لجنة مشتركة لتقوم بمناقشة المشاكل بين الحزبين وإيجاد الحلول لها، هكذا شَكَّلَ الطرفان اللجنة و في 11 آب زار وفد من البارتي برئاسة هوشيار الزيباري مصيف دوكان واجتمعوا مع بافل الطالباني و وفد اليكيتي، واسفر الاجتماع عن قرار وقف الحرب الاعلامية بين الحزبين حينها، لكن ذلك القرار لم ينفذ وتوقفت الاجتماعات ولم تلي ذلك الاجتماع اية اجتماعات اخرى.
من الممكن ان تكون زيارة بافل الطالباني لأربيل هذه المرة ايضاً دون جدوى كسابقتها في شهر تموز، لأن ردود البارتي لم تطرأ عليها اي تغيير يذكر.
يحتمل ان يكون العائق الاكبر امام الرئيسين المشتركين في علاقاتهما مع البارتي انهما لم يستطيعا عقد اجتماع القمة مع البارتي، الرئيسان المشتركان يرغبان بالتحدث الى اصحاب القرار في البارتي وهم البارزاني الأب مسعود والبارزاني الإبن مسرور، لكن البارتي يجمعهما بنيجيرفان البارزاني والمكتب السياسي للحزب، اللذان لا يملكان السلطة والقرار الحاسمين في البارتي.
هذه هي المرة الثانية التي يزور فيها بافل الطالباني اربيل للتباحث حول علاقات اليكيتي مع البارتي، لكن البارتي لم يزُر السليمانية على مستوى شخصه الاول ولا الثاني ولا حتى الثالث ولم يستجب لانزعاجات اليكيتي.
اصوات متعددة لليكيتي
مضى قرابة العام على عقد آخر مؤتمر لليكيتي وانتخاب هيئة قيادية جديدة، لكن منزله مازال مبعثراً والمؤتمر قَسَّمَه اكثر بدلاً من ان يلملم شمله.
لم يُكَمَّل النظام الداخلي للحزب بعد مضي عام على المؤتمر، ولم يُحسَم حتى الآن سلطات المجلس السياسي الاعلى الذي يترأسه كوسرت رسول وأعضائه هم الاعضاء السابقين للمكتب السياسي للحزب، هؤلاء غير راضين من سياسات بافل الطالباني ولاهور شيخ جنكي ويقومون بإجراء مناورات سياسية احياناً، لكنهم لم يشكلوا اية خطورة على مركز الرئيسين المشتركين، كتب كوسرت رسول مؤخراً رسالة للرئيسين المشتركين حول ما يحصل في المنافذ الحدودية، لكن حينما نشر (الحصاد) نسخة من الرسالة نفى المكتب الاعلامي لكوسرت رسول الرسالة، وهكذا لم تحقق الرسالة مبتغاها كما ارادت ولم تصل مغزاها بالشكل المراد الى الرئيسين المشتركين.
من ناحية اخرى يمر اليكيتي بأزمة مالية و إن ايراد الحزب لا يغطي مصاريفه، ومؤخراً شَكَّلَ الرئيسان المشتركان لجنة من ثلاثة اعضاء لتجميع واردات الحزب، مسؤولوا الحزب متمكنين مالياً لكن مؤسسات الحزب هزيلة وبلا ايراد، و ان ايراد اليكيتي اختلط مع ايراد مسؤوليه بشكل يصعب على الرئيسين المشتركين فصلها عن بعضها.
من جهة اخرى
تاه فريق اليكيتي داخل البرلمان والحكومة ما بين اتجاهين، الاتجاه الاول يشرف عليه قوباد الطالباني وأخوه بافل الطالباني وعلاقتهم جيدة وطبيعية مع البارتي، والاتجاه الآخر يشرف عليه لاهور شيخ جنكي وهم على خلاف مع البارتي والبارزاني ولم يعترف بهم البارتي والبارزاني لِحَدْ اللحظة.
الرئيسان المشتركان لليكيتي (بافل الطالباني ولاهور شيخ جنكي) بعد مباشرتهما في منصبهما لم يحصدا إلاّ الفشل في اية مناورة سياسية خاضاها تجاه البارتي، منها ما يخص مشكلة (زين ورتي) واللامركزية الادارية والمناورات السياسية داخل البرلمان ومحاولات عرقلة القرارات الحكومية، وقد احرق البارتي بدهاء كافة اوراق الضغط المتوفرة في ايدي الرئيسن المشتركين، والآن وبعد هذة السلسلة من الفشل المتكرر هناك اقاويل تتحدث عن ان الرئيسين المشتركين يمهلون البارتي الى نهاية العام الحالي لحل المشاكل العالقة بين اليكيتي والبارتي، وبعكسه سوف يتخذان القرار بشكل منفرد حول مصير حدود ادارتهما، لكن هل يتمكنان من اتخاذ قرارات مهمة بشأن ما تؤول اليه علاقاتهما مع البارتي في ظل الوضع الداخلي الغير مستقر لحزبهما؟
ترجمة : ك. ق.