التحديات التي تقف أمام كيان إقليم كوردستان

2020-10-26 17:30:18

الحصاد draw:
قراءات مستقبلية/ مركرز الدراسات المستقبلية 

 

توطئة
 

لقد واجه إقليم كوردستان الآن تحديات جذرية، وانقسمت تلك التحديات علي مستويات سياسية واقتصادية من جهة، ومصير وباء كورونا وتعامل وزارة التربية لكيفية البدء بالعملية الدراسية وأنماط التعامل مع عراقيل وأضرار ومنافع كل من الاختيارات الماثلة أمامها، من جهة أخري.

وقد خُصِّصتْ قراءتنا في العدد السابع لبحث ودراسة تلك المعضلات والتحديات التي هي علي كلا المستويين الرئيسين، أحدهما شامل ومرتبط بجميع تلك التحديات التي أخذت بتلابيب الإقليم ولها دور وفاعلية وتأثير في مستقبل التحركات السياسية للاقليم وكذلك أساليب إدارته، وتمثل في مشكلات الصراعات الداخلية، والأزمة الاقتصادية، وضعف عملية الدمقرطة وآثارها، وعلاقة الاقليم مع بغداد والدول الاقليمية وأمريكا أيضا، كل ذلك أمام مستقبل غامض ومضطرب، وتكون لوجهة الاحداث المقبلة التي تطرأ في الاشهر القادمة في العراق والمنطقة، آثار مباشرة علي الاقليم.

وعلي المستوي الثاني فقد ناقشت قراءتنا في هذا العدد، موضوع البدء بعملية الدراسة والتعليم في كلتا الوزارتين: وزارة التعليم العالي ووزارة التربية، وقد قامت بتحليل الاختيارات الماثلة أمامهما وأيضا بحثت الاثار والعراقيل والافاق التي تقف أمام ممارسة التعليم الالكتروني أو فتح أبواب المدارس والاختيارات الاخري.

 

المحور الأول: التحديات التي تقف أمام كيان إقليم كوردستان

إن كيان إقليم كوردستان وبحدوده وسلطاته الانية، له جذور تاريخية، ولم يكن وليد الزمن الذي يلي سقوط نظام صدام، وان فيدرالية الاقليم هي نتيجة تطور وانماء الارادة والاهداف ونضال الحركات الكوردية منذ عشرات سنين، من أجل تحقيق الحرية وترسيخ الهوية القومية وصد محو الهوية بجميع حقولها.

وكحل للقضية الكوردية، في ستينيات القرن الماضي، فقد تم ذكر تشكيل نمط لامركزي في كوردستان العراق لأول مرة، ومن ثَم في بداية السبعينيات تطور الامر الي الحكم الذاتي (الاوتونومي)، وبعد التسعينيات، أصبح تشكيل كيان اقليم فدرالي، شعارا رئيسا للحركات الكوردية وقد صادق عليه البرلمان الكوردستاني والمعارضة العراقية. وقد صودق علي هذا التوجه في الدستور العراقي لعام 2005 وأصبح شعب كوردستان ذوي كيان دستوري معترف به داخليا وخارجيا. هذا عدا تبلور أمل لدي جزء من الناس والمثقفين والقوي الوطنية الكوردستانية منذ بدايات القرن الواحد والعشرين بجعل هذا الاقليم رُوبة للاستقلالية واعلان دولة كوردستان.

أما الآن، وبعد مرور 15 عاما من الاعتراف الدستوري بكيان اقليم كوردستان، فقد واجه هذا الاقليم تحديات داخلية واقليمية خطيرة، جزء منها مرتبط بأداء السلطات الكوردية ذاتها، وجزء منها مرتبط بمحاولات القوي الاقليمية ومكايدها، وجزء آخر برؤية وموقف القوي العراقية.

–التحديات الداخلية:

1- صراعات القوي السياسية: الصراعات كما كانت دوما بين الحزبين الكبيرين في الاقليم (الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني)، حيث في العقود الثلاثة الماضية، كانا مصدر غالبية المشكلات ومحرك اهم التبادلات الداخلية في الاقليم، بسبب الحرب الداخلية بينهما أو النزاعات والاتفاق الاستراتيجي بينهما، شروعا بتقسيم القرار السياسي، والسلطة المالية حتي وصل الامر الي تشطير جغرافية الاقليم واعادة اتحادهما بشكل مهزوز في ظل نوع من الادارة الثنائية الخفية. وكان كابوس الصراعات لم يزل حتي الان غاشيا جناحيه عليهما، وازدادت مخاطر افراطه يوما تلو اخر، وخصوصا في مجال عدم توحيد قوات البيشمركة، والمؤسسات الامنية، وعدم توفر رؤية استراتيجية مشتركة الي السياسة والامن الخارجي للاقليم، ومن الواضح ان هذه الصراعات لم تهدد الامن الداخلي للكيان فحسب، بل هي أسباب عدم توحيد وجهة النظر للمعضلات الوطنية خارج الاقليم، فضلا عن عدم توحيد الصفوف امام التبادلات الخارجية، إذ كان دوما مصدر التهديد وله تاثير اقليمي و دولي مدقع علي القرار السياسي للاقليم.

2- الأزمة المالية: بسبب انهيار سعر النفط في الاسواق العالمية، ونتيجة انتشار وباء كورونا، فقد أدت هذه الاسباب الي تفليج الامكانات المالية للاقليم، حيث حسب بعض المصادر ففي الشهرين الثالث والرابع للسنة الراهنة التي هي بداية الازمة، انخفض دخل حكومة الاقليم بنسبة ما يقارب 45% من بيع النفط ونسبة 90% من وارداته الداخلية، بل حسب آخر اعلان رسمي لوزارة مالية الاقليم في 17/8/2020 فان الواردات الداخلية للاقليم وواردات بيع نفطه لا تتجاوز 390 مليار دينار، رغم انه لم يكن واضحا هل هذه الواردات هي دخل شهر واحد أو أكثر؟ واذا قارنناها بواردات شهر واحد من أشهر سنة 2019 التي هي أكثر من 600 مليار، فنجد أنها انتقصت بنسبة 35%، هذا فضلا عن أنه في الخمسة أشهر ماضية تم إرسال 320 مليارا فقط من قبل حكومة بغداد الي حكومة الاقليم كنصيبه في الميزانية. وفي ظل هذه الظروف فان حكومة الاقليم خلال فترة الاشهر الثمانية السابقة للسنة الراهنة، استطاعت أن تصرف وجبتين من رواتب الموظفين، ولم يكن من المؤمل ان تسيطر علي هذه الازمة الاقتصادية في الفترة القريبة المقبلة، وخصوصا إذا لم يرتفع سعر النفط بشكل ملحوظ حتي نهاية السنة، ولم تتحسن الظروف الاقتصادية للعالم في ظل انتشار وباء كورونا، ولم تكن هناك محاولة وخارطة طريق ملحوظ للخروج من الاقتصاد الريعي (النفطي) والمجتمع المستهلك، ولم يتطور وضع عملية الاتفاق بين الاقليم وبغداد كما كانت متوانية في الفترة الماضية، رغم انه في الاونة الاخيرة توصل الطرفان الي شبه حل لمشكلاتهما (وذلك كبصيص نور الامل).

3-أزمة انتشار  وباء كورونا: علي الرغم من أن حكومة إقليم كوردستان استطاعت، في بداية انتشار الوباء، في الشهرين الثالث والرابع للسنة الراهنة، أن تعرض مستوي قيما لمواجهة الوباء، الا عدد المصابين والوفاة بسبب الوباء نفسه ازداد من تاريخ منتصف الشهر السادس في اقليم كوردستان، حيث إن نسبة المصابين به في هذا الشهر فقط في محافظات الاقليم، وصلت الي 13%-14% من جميع نسبة المصابين في العراق، وهذا ما أدي الي ثقل كاهل المستشفيات ومؤسسات القطاع الصحي في الاقليم، حيث كان هذا القطاع في الاساس يعاني من اشكاليات عدة، من حيث قلة المستشفيات وقلة سرائر المرضي، ونقص الكوادر الصحية حتي الوصول الي النقص في الادوية والاحتياجات الاخري لمواجهة أي مرض وبائي ومدقع. وفي ظل هذه الظروف الصحية العصيبة والضعيفة واستمرارية الازمة الاقتصادية، لم يكن هناك أفق واضح ليقدر الاقليم علي الصد من انتشار الوباء بالمستوي المطلوب، ويردع من ازدياد ضحاياه.

4-معضلات الحكم الرشيد: رغم الأزمات السابقة كافة، فقد كانت عملية الحكم في الاقليم، دوما، مفعمة بالمعضلات والمد والجزر بين الاستخدام الساذَج لعديد من الوسائل الديمقراطية مثل: الانتخابات، وحريات الصحافة والتعبير عن الرأي والتجمع العام، لكن انتهاكها بشكل علني، الاعتراف بالمعارضة ومنافستها للسلطة، لكنه في الوقت نفسه عدم ضمان دورها. تقنين مبادئ اللامركزية الادارية والمالية في الوحدات الادارية والجغرافية لكن عدم الالتزام بتوزيع المهام والسلطات عليهم. هذا الي جانب معضلة اسقلالية البرلمان والسلطة القضائية ومؤسسات المجتمع المدني، حيث وحسب ايقاع العلاقة الماثلة بين القوي والاحزاب السلطوية فقد اصيبت هذه المؤسسات بالخمول و الايقاف والتهميش. هذا عدا معضلات توزيع الخدمات البدائية، والصحية، و التربوية، والتعليمية والضمان الاجتماعي، وتضخم أعداد الموظفين وازدياد عدد المؤسسات الادارية في الاقليم مقارنة بضعف أدائها وانتاجها، إضافة الي ذلك ثمة معضلة الانتشار الملحوظ للفساد التي أدت الي تنفيد ثقة المواطنين بالمؤسسات الحكومية بشكل كبير.

–التحديات الخارخية:

1- ضعف مكانة الكورد في بغداد:

علي خلاف الدور الكبير الذي أدته قوات بيشمركة كوردستان عند الحرب ضد داعش، فبعد الانتهاء منها واليأس من محاولة الاستفتاء وسحب قوات البيشمركة من المناطق المتنازع عليها وإرجاع سلطات الاقليم الادارية الي الحدود الجغرافية لما قبل 9/4/2003، فقد تراجعت سيطرة القوي الكوردية وضَعُف رسم وملمح اقليم كوردستان في السياسة العراقية، وقد ازدادت انتقادات أعداء الكورد والاقليم في بغداد يوما تلو آخر، كما يعلو صوت وانتقاد تلك القوي التي تري أن سياسة واقتصاد كوردستان هي عبء أثقل كاهل العراق، بل الان أصبح الطعن في الكورد وسياستهم ورموزهم أداة سياسية متينة تستخدمها بعض القوي والأشخاص، عند انفجار الازمات واقتراب موعد الانتخابات، لتهدئة الشارع وجمع أصوات أكثر وتشغيل ماكنة ضد الكورد، بل وصل هذا الوضع الي مستوي مطالبة بعض القوي العراقية بتعديل الدستور ومحو مبادئ ووسائل الفيدرالية، بذريعة ان هذه المبادئ والوسائل مهدت الطريق لتجاوزات الكورد علي الدستور والاقتصاد العراقي، لذا ينبغي أن تُعاد كوردستان وأقليمها الي كيانهما المستحق بهم ولا يستحقون أكثر من اللامركزية الادارية في أحسن الاحوال. لذا فان أحد أسباب خمول خطوات الاتفاق في هذه الدورة بين أربيل وبغداد يعود الي ضعف مكانة الاقليم في بغداد، الي جانب صعوبة نتائج الازمة الاقتصادية علي عاتق العراق، هذا فضلا عن أن الاقليم بعد 2012 واتِّباعه سياسة (الاقتصاد المستقل) عام 2014 أبدي نوعا من عدم الاكتراث السياسي والاقتصادي إزاء الحكومة الفدرالية، مما أدي، الان، الي رد الحالة الي أصحابها من قبل بغداد.

2 – تراجع أمريكا عن دعمها للكورد: بعد 2003 وصولا الي 2017، كان الكورد في نظر الامريكيين مؤازرا فعالا لنصرة صراعاتها مع ايران والجماعات الارهابية في العراق والمنطقة الي جانب السنة والقوي العراقية الليبرالية، لكن بعد خيبتها من دمقرطة الدولة العراقية والانسحاب من الاتفاق الذري مع ايران وازدياد المحاولات لاجبار امريكا للانسحاب من العراق سريعا، وذلك في ظل ازدياد سيطرة القوي والاطراف السياسية والمسلحة التابعة لايران في المؤسسات التشريعية والعسكرية العراقية وأخذ موطئ قدم في المكونات الحكومية، هذه الامور أجبرت أمريكا، من أجل تحقيق أهدافها وتعديل كفة ميزانها في المواجهة مع ايران، أن لا تراهن علي دعمها للكورد او السنة او اية قوي أخري، بل تتحاور مباشرة مع المؤسسات الرئيسة والعليا العراقية بشكل استراتيجي، وهذا ما أدي الي إضعاف أكثر لمكانة الكورد في العراق ولدي القوي العظمي، حيث تبلورت قناعة لدي البعض بان الكورد مايزالون في محاولة الخروج من ذلك التهميش والانساك اللذين أصابهما بعد عملية الاستفتاء عام 2017 علي الخارطة السياسية لامريكا والقوي العظمي الدولية والاقليمية.

3-ازدياد سيطرة القوي الاقليمية: علي الرغم من أنه بعد عام 1991، كان للاقتتال الماثل بين توركيا والاحزاب والكوردية (حزب العمال الكوردستاني ب.ك.ك)، وكذلك بين ايران والقوي الكوردية (العصبة والديمقراطي)، تأثير في خلق المشكلات الامنية والسياسية لاقليم كوردستان، الا ان الهدف الاخير من تحركاتهما وتدخلاتهما في اقليم كوردستان لم يكن محصورا في قمع الاحزاب المعارضة لهما فحسب بل تطرق الي بلبلة الأمن في كيان الاقليم، فمثلا بعد استفتاء عام 2017 كانت تركيا خوفا من اعلان إلحاق كركوك بالاقليم، إذ كانت كركوك وأهاليها في المخيلة الجيوبولتيكية التركية امتدادا لأهل وأرض دولتها، لذا أبدت موقفا عسيفا ضد الاستفتاء وأيدت رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بشدة، ليلج في أرض كركوك بالجيش والحشد الشعبـي، أما بالنسبة لموقف ايران، فليس بالخفي علي أحد ان قاسم سليماني نفسه يشرف مباشرة علي تقدم الجيش العراقي والميليشيات العراقية التابعة لايران للاستيلاء علي جزء من المناطق المتنازع عليها. والان، فان تأهب الجيش والتحركات العسكرية الاخيرة لكلتا الدولتين ضد الاحزاب والقوي المضادة لهما داخل أرض إقليم كوردستان، يحتمل خلق مخاطر كبيرة علي كيان الاقليم، وخصوصا الهجمات التركية الجوية والبرية الاخيرة علي أرض اقليم كوردستان، حيث يتوقع منها أن الهدف هو صنع ذلك الحزام الامني الذي تريد تركيا صنعه منذ سنين طوال في حدود الاقليم، وان مخاطر وقوع هذا التنبؤ يبرز حجمه الاكبر عندما كان هناك احتمال أن تلك الهجمات التركية شنت بمباركة السلطات العراقية. لذا ففي ظل عدم وسع حكومة اقليم كوردستان لمواجهة الهجمات التركية ومنع (ب ك ك) من شن الهجمات علي تركيا، حينذاك يحتمل ان تكون احدي النتائج هي انتشار القوات العراقية والدولية لحماية حدود الاقليم من حرب (ب ك ك) مع تركيا، اضافة الي ذلك يحتمل ان تقبل الدول الجوار، لتضئيل دور اقليم كوردستان اقليميا، أن يُولي اهتمام أكبر بجيش العراق الفدرالي في اي تغييرات مستقبلية من اجل حماية الحدود الدولية لاقليم كوردستان، وبهذا فان حكومة اقليم كوردستان تفقد السيطرة علي حدودها من حيث الجانب السياسي والامن القومي، كما يضر أكبر ضرر بواردات المعابر الحدودية.

–سيناريوهات مستقبل كيان اقليم كوردستان

في ظل تلك التحديات الداخلية والخارجية اعلاه، يمكن أن نتوقع عدة سيناريوهات لاقليم كوردستان، وهي:

أولا: بقاء كيان الاقليم كما هو الان، أكثر السيناريوهات زُلفي ومنطقيا، لكن مدي استمرارها قصير بسبب تحديات سلطة الاقليم السيئة، ما لم يقم حكام الاقليم بإصلاح شامل في جميع الحقول السياسية والاقتصادية والادارية، وليس ببعيد أن تزداد أصوات المعارضين من ذوي الطبقات المتشتية، التي تكاد تبرز في المدن، تؤدي الي مظاهرات شاسعة، ومن المعلوم حينذاك يكون أحد مطالبهم الرئيسة هو اقالة الحكومة الحالية وحل البرلمان، والانتخابات السابقة لأوانها. حينذاك لا يبعد أن تتكر بعض السيناريوهات التي حصلت في العراق /شهر تشرين من العام الماضي في الاقليم، والتي أدت أخيرا الي استخدام العنف ضد المتظاهرين ومن ثم إقالة الحكومة وتعميق أزمة إعادة تشكل الحكومة الجديدة.

ثانيا: حل أو تحجيم الكيان الحالي لاقليم كوردستان وإعادته الي وضع اداري ضعيف بحيث لا يتجاوز مداه عن اغلال اللامركزية الموجودة قبل انتفاضة 1991،  خصوصا وحسب رؤية بعض القوي العراقية، ينبغي أن يكون الهدف، في الاخير، من اتفاق هذه المرة بين بغداد واربيل هو التشديد الاكثر علي تلك الاغلال ومن ثم تعديل الدستور وحل المبادئ الفدرالية حتي ينهي ذلك الانحراف الثلاثيني المسمي بـ(ظاهرة اقليم كوردستان). فضلا عن انه توجد الان بعض القوي العراقية والشخصيات الكوردية يحاولون صنع توجيه لتحقيق ذلك الهدف، في الانتخابات المقبلة، رغم ان مدي فوز هذا الاتجاه مرتبط بمدي تأييد الناخب الكوردي له ومدي تثبيت الخطاب الاستوطاني العراقي وايضا مدي استعداد الحكومة الفدرالية لدعم الاقليم اقتصاديا وتخفيف كاهل الازمة الاقتصادية علي معيشة اكثرية سكان الاقليم، لكن في ظل الرِّداءِ الطائفي الذي كسته الحكومة العراقية مدة 15 عاما مضي، فقد أدي الي ضعف تأهيل الارضية لبناء هذه الابعاد.

ثالثا: تقسيم أو اعادة تنظيم الوضع الداخلي للاقليم الي كيانين أو منطقتين متشابهتين من حيث النفوذ القانوني والعسكري، سواء بسبب تعميق الصراعات الداخلية بين الحزبين الكبيرين الحاكمين، أم بسبب التفاهم فيما بينهما للضرورة ومنافع اعادة تنظيم هكذا بشكل قانوني وسليم وحسب مبادئ اللامركزية السياسية والمالية الصحيحة، بحيث يقدر علي تخفيف أعباء الكاهل الاداري والمالي لكليهما علي الحكومة المركزية في ذاك الحين، لاشك ان الاتفاق السلمي علي هكذا سيناريو يسود لازدياد تطوير القدرات الاقتصادية والانسانية للاقليم وايضا لتفعيل وتامين احتياجات الناس وتحقيق الاهداف الاستراتيجية للكورد في الداخل والعراق والخارج، وهو جدير بالدعم.

رابعا: تفعيل ورقة الاستفتاء واعلان استقلالية اقليم كوردستان والانفصال عن الدولة العراقية، هذا الامر يكون صعبا من حيث الواقع، لكنه من الممكن اللجوء اليه كتمني الحكام لمواجهة بعض التحديات الداخلية، او للضغط علي العراق لقبول اتفاق مفعم بالمكاسب السياسية والمالية اكثر للاقليم، ومن الواضح ان تمنطُق هذا السيناريو مرتبط بالتغييرات الكبيرة في موقف الدول العظمي الدولية والاقليمية منها ازاء هذا الاختيار باتجاه مواءمتها مع الموقف، ويتحمل ان يكون الاختيار الاكثر منطقيا هو الاتفاق مع بغداد او اجبارها علي اعادة تنظيم الاقليم علي مبادئ الكونفدرالية كمرحلة انتقالية، ولاشك ان قبول مثل هذا الاختيار الذي هو نافع لأهداف الكورد البعيدة المدي، ينبغي ان يضمن الفرص الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية للعراق.

إذن، علي الرغم من ان بعضا من هذه السيناريوهات تحمل فرصا لكوردستان واقليمها، لكن معظمها مصدر التهديد لهما. ومن أجل الاستفادة الاكثر من أية فرصة، فلابد لذوي القرار في الاقليم أن يراعوا: أن معضلات الاقليم هي شاملة ومتعددة، لذا فان معالجتها يجب ان تكون متشعبة، اذ لا تنحصر معضلات الاقليم علي الرواتب والمالية فحسب، رغم كونهما الان، من أبرز المعضلات، لذا فليس اصلاح هذا المجال حلا لجميع المعضلات، بل جنبا الي جنب الخطوات المالية ينبغي ان يخطوا خطوات اخري في المجالات المتشتية، مثل: انهاء عملية المصادقة علي الدستور، وتسييد مبادئه في جميع الخطوات الاصلاحية، اعادة تنظيم قوات البيشمركة ومَأْسَسَتِهَا، تفعيل اللامركزية، مواجهة ومكافحة الفساد بطريقة جادة، اعادة احترام وسيادة مركزية القرار الي المؤسسات السياسية العليا المنتخبة، العمل علي تعدد الابعاد الاقتصادية والتقليل من الاعتماد علي بعد اقتصادي واحد (وهو استهلاك النفط)، وكثير من الخطوات الاخري.

 

– الباحثون:د.يوسف گوران،د.ئوميد رفيق فتاح، د.عابد خالد رسول،د.هردي مهدي ميكة

– السليمانية – اقليم كوردستان 

بابه‌تی په‌یوه‌ندیدار
مافی به‌رهه‌مه‌كان پارێزراوه‌ بۆ دره‌و
Developed by Smarthand