مسرور بارزاني: استخدام رواتب الشعب كضغط سياسي أمر غير مقبول
.jpg)
2025-07-26 16:44:09
عربية:Draw
أبدى إقليم كوردستان استعداده لإجراء محادثات مع الحكومة العراقية بشأن قانون جديد للنفط والغاز، وهو أحد النقاط الشائكة في ملف العلاقات المتأزمة بين الإقليم شبه المستقل والحكومة الاتحادية، بحسب رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني في مقابلة مع "الشرق".
تعود الأزمة إلى فبراير 2022، عندما قضت المحكمة الاتحادية بعدم دستورية قانون النفط والغاز في إقليم كردستان العراق، وبأن وزارة النفط هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن جميع العمليات النفطية في البلاد.
تعاون من أجل التصدير
وقال بارزاني في المقابلة مع قناة "الشرق" إن الإقليم الواقع في شمال البلاد "يحاول التعاون مع بغداد لإيجاد حلول بشأن تصدير نفط الإقليم ".
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، شهدت قضية النفط بين الجانبين انفراجة نسبية، بعدما أعلن العراق التوصل إلى اتفاق مع الحكومة في أربيل يتعلق بخطة لنقل النفط الخام من الإقليم إلى بغداد، في خطوة رئيسية نحو استئناف صادرات الإقليم المتوقفة منذ أكثر من عامين.
وبموجب الاتفاق، سيزوّد إقليم كوردستان شركة تسويق النفط الوطنية "سومو" بكامل النفط المنتج من حقول الإقليم والبالغ حوالي 230 ألف برميل يومياً، على أن تلتزم وزارة المالية الاتحادية بتسديد سلفة لحكومة الإقليم مقدارها 16 دولاراً (عيناً أو نقداً) عن كل برميل مستلم بموجب قانون تعديل قانون الموازنة، على ألّا تقل الكمية المستلمة عن 230 ألف برميل يومياً حالياً، وتضاف إليها أية زيادة في الإنتاج وذلك عن طريق لجنة القياس والمعايرة المشتركة.
طالبت بغداد مراراً وتكراراً بتسليم نفط الإقليم بالكامل إلى شركة تسويق النفط العراقية "سومو"، مقابل تعويض حكومة الإقليم عن تكاليف الإنتاج والنقل، وهو الاقتراح الذي رفضته أربيل، ما تسبب في توقف التصدير الذي كان يتم عبر ميناء جيهان التركي، حتى أصدرت محكمة دولية في مارس 2023 أمراً بإلزام أنقرة بسداد نحو 1.5 مليار دولار تعويضاً لبغداد عن نقل النفط دون موافقتها.
وكان بارزاني قد أشار الشهر الماضي إلى أن تعليق الصادرات كلّف الإقليم نحو 25 مليار دولار من الإيرادات.
الهجمات على المنشآت النفطية
من ناحية أخرى، قال بارزاني إن الإقليم شبه المستقل يعرف من يقف وراء الهجمات على منشآته النفطية، والتي جرت في وقت سابق من الشهر الجاري باستخدام طائرات مسيرة، لكنه قال إنه سينتظر نتائج التحقيق، لافتاً إلى أن الهجمات تزامنت مع توقيع حكومة الإقليم على صفقات مع شركات أميركية بقطاع الطاقة.
"الولايات المتحدة حليف ونتبادل المعلومات الاستخباراتية معها بشأن مهاجمة منشآتنا النفطية، لأن بعض الحقول التي تمت مهاجمتها تديرها شركات أميركية"، وفق رئيس حكومة كوردستان.
كما أبدى رئيس حكومة إقليم كردستان انفتاحة على التعاون مع السعودية، مؤكداً على أن الجانبين يتمتعان بعلاقات تاريخية.
أسفرت الهجمات التي استهدفت البنية التحتية النفطية للإقليم، عن تعطيل إنتاج ما يتراوح بين 140 و150 ألف برميل يومياً من النفط، ما يعني خسارة يومية تُقدر بحوالي 10 ملايين دولار بالأسعار الحالية. بدأت الهجمات في 14 يوليو، واستمرت لأربعة أيام متتالية، مما خفض الإنتاج في عدة حقول نفطية رئيسية بأكثر من النصف.
ملف الرواتب
في السياق ذاته، انتقد بارزاني ما وصفه باستخدام الحكومة العراقية مسألة صرف رواتب موظفي الإقليم كورقة ضغط سياسية في الخلاف بين الجانبين، مشيراً إلى أن ذلك يشكل انتهاكاً دستورياً.
وقال رئيس وزراء الإقليم "من المؤسف جداً أن تصبح رواتب الشعب ورقة سياسة أو محل خلاف بين بغداد وأربيل.. بموجب القانون والدستور، يحق للشعب تلقي رواتبهم بدون تأخير ومن دون أي مشاكل. استخدام رواتب الشعب كضغط سياسي أمر غير مقبول. شهدنا تأخر صرف الرواتب لمدة 3 أشهر، في الأيام القليلة الماضية فقط تم صرف رواتب شهر مايو".
وأضاف "وزارة المالية على المستوى الاتحادي تتدخل في تفاصيل رواتب وموازنة الإقليم، مما يشكل انتهاكاً للدستور وحقوق كوردستان.. الحل الأكثر دستورية هو الاتفاق على موازنة لكوردستان في قانون الموازنة القادم".
جذور دستورية للخلاف
للخلافات بين أربيل وبغداد جذورها الدستورية والسياسية، وقد وضع الدستور العراقي الذي أُقر في 2005، بعد عامين من سقوط نظام صدام حسين، إطاراً عاماً للعلاقة بين بغداد وأربيل، لكنه ترك ثغرات قانونية جوهرية، فقد نصّت (المادة 111) على أن "النفط والغاز ملك كل الشعب العراقي"، بينما المادة 112 تمنح الحكومة الاتحادية، بالتعاون مع الأقاليم والمحافظات المنتجة، "إدارة الحقول الحالية".
وهنا تكمن المشكلة، إذ لم يحدد الدستور العراقي بوضوح من له الحق في إدارة الحقول المكتشفة بعد 2005، أو توقيع العقود مع الشركات الأجنبية.
وتؤكد بغداد أن الحكومة الاتحادية وحدها المخولة بإدارة جميع الثروات الطبيعية، وتوقيع العقود الدولية، والتحكم بعائدات النفط والغاز عبر شركة "سومو".
وفي المقابل، ترى أربيل أن الدستور يمنحها صلاحيات واسعة في إدارة الحقول المكتشفة بعد 2005، وتوقيع العقود مباشرة مع الشركات الأجنبية، مستندة إلى مبدأ "الاختصاصات غير الحصرية" للحكومة الاتحادية.
وقد أدّت هذه التفسيرات المتباينة إلى سلسلة من الأزمات بين الطرفين، ففي 2007، أقر برلمان كردستان قانون النفط والغاز الخاص به، وهو ما اعتبرته المحكمة الاتحادية العليا في بغداد "غير دستوري" عام 2022.
وفي مارس 2023، تصاعد النزاع عندما أوقفت تركيا صادرات النفط من الإقليم بعد حكم دولي لصالح بغداد، ما أدى إلى خسائر مالية لكردستان وتراكم ديون تُقدر بنحو 6 مليارات دولار.
وفي محاولة لتنظيم العلاقة، أقر البرلمان العراقي قانون الموازنة 2023–2025، محدداً حصة الإقليم بـ12.6% بشرط تسليم 400 ألف برميل يومياً لشركة سومو، لكن تنفيذ هذه الشروط تعثر بسبب استمرار الخلافات.
أبرز تصريحات بارزاني خلال المقابلة:
نرحب بمبادرة السلام والمحادثات بين تركيا وحزب العمال الكردستاني.
المكون الكوردي يريد أن يبقى منصب الرئيس العراقي من نصيبه.
بغداد تستخدم كل ورقة ضغط متاحة لتهميش الإقليم وإضعافه
أكبر عقبة أمام علاقة جيدة مع بغداد هي الإرادة السياسية.
لا يوجد إرادة سياسية من بغداد لتطبيق المادة 140 بشأن كركوك.
نأمل أن تعتبر بغداد نجاحات الإقليم نجاحاً لكل العراق.
على الحكومة السورية فتح الباب للأكراد وتلبية مطالبهم.
أي تدهور أمني في المنطقة سيكون له تداعيات سلبية على الجميع.
نحن لسنا جزءاً من المشكلة بين إسرائيل وإيران ولا ندعم أي حروب.
نأمل ببدء مرحلة جديدة من الاستقرار في المنطقة.
كردستان تحترم العلاقة مع الجيران لا سيما مع إيران.
لن نكون مصدراً لتهديد أي من الدول المجاورة.