استعصاء تشكيل حكومة إقليم كردستان: 10 أشهر على الانتخابات
.jpg)
2025-07-24 11:02:14
عربيةDraw:
رغم مرور أكثر من 10 أشهر على الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان العراق، لا تزال عملية تشكيل الحكومة الجديدة عالقة في حلقة مفرغة من المفاوضات المتعثرة والخلافات الحزبية المتجذرة ما بين الحزبين الرئيسيين، "الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود بارزاني، و"الاتحاد الوطني الكردستاني" بزعامة بافل طالباني. وعلى الرغم من الجولات المتكررة والبيانات الإيجابية التي تصدر بين الحين والآخر، لم تثمر المباحثات عن أي اختراق حقيقي في جدار الأزمة.
ويبدو أن الانقسامات العميقة بين القوى السياسية الرئيسية، لا سيما بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، تجاوزت الخلافات التقليدية، لتتحول إلى أزمة ثقة تهدد فعلياً بتقويض أسس التوافق السياسي الذي استند إليه تشكيل حكومات الإقليم في العقدين الماضيين. ويقول عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبد الكريم،إن مفاوضات تشكيل حكومة إقليم كردستان "متوقفة منذ فترة طويلة".
ويبيّن عبد الكريم أن "الخلافات السياسية ما زالت قائمة على بعض المناصب المهمة والحساسة في حكومة إقليم كردستان، وهذا ما يعطل كل الاتفاقات السياسية، ونرى هناك صعوبة في الوقت الحالي للمضي نحو تشكيل الحكومة دون حسم الخلافات ما بين "الديمقراطي" و"الاتحاد"، وكذلك إيجاد حلول سريعة ومستمرة مع بغداد لاستمرار إرسال رواتب الموظفين"، مرجحاً أن "ملف تشكيل حكومة إقليم كردستان سيؤجَّل إلى ما بعد انتخابات مجلس النواب العراقي المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، فحالياً الكل سيكون مشغولاً بالحملات الانتخابية والدعائية، لكن المتغيرات ربما تجري في أي لحظة، إلا أن المعطيات الحالية تشير إلى وجود جمود سياسي وعدم تقدم بأي مفاوضات جديدة بشأن تشكيل الحكومة الجديدة".
من جانبه، يقول القيادي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني أحمد الهركي، إن "السيناريو الأقرب لتشكيل حكومة إقليم كردستان هو بعد الانتخابات العراقية القادمة". ويبيّن الهركي أن "الفترة الماضية شهدت حوارات معمقة بين الحزبين (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني)، لم تقتصر على تشكيل الحكومة، بل توحيد الرؤى بين الحزبين، وتقريب وجهات النظر للمرحلة المقبلة".
ويعتبر أن عملية تأخر تشكيل الحكومات "باتت سمة سلبية في تشكيل الحكومات العراقية، سواء في إقليم كردستان أو الحكومات في بغداد، كما أن تشكيل الحكومة المقبلة في إقليم كردستان يتزامن مع ملفات أخرى، كتوحيد البيت الكردي في المرحلة المقبلة، والاستفادة من تجارب الحكومات السابقة لتقديم أداء حكومي أفضل في الحكومة القادمة".
في المقابل، يقول المختص في الشأن السياسي من أربيل ياسين عزيز، إن "مفاوضات تشكيل حكومة الإقليم القادمة لم تحقق تقدماً يُذكر خلال الفترة الأخيرة لعدة أسباب، أهمها عدم تفرغ الحزبين لموضوع تشكيل الحكومة الجديدة، وذلك لانشغالهما بتسوية المشاكل العالقة بين الإقليم والحكومة الاتحادية، ويُتوقع بعد أن يتوصل الإقليم مع بغداد إلى اتفاق جيد ليعود الحزبان للانشغال بتشكيل حكومة الإقليم، على الرغم من وجود معلومات بأن هناك اتفاقاً مبدئياً بينهما على تأخير تشكيل الحكومة إلى ما بعد الانتخابات النيابية في العراق، على اعتبار أن الحزبين يستعدان في المرحلة المقبلة لخوض تلك الانتخابات المهمة، على ألا يغيب موضوع تشكيل الحكومة عن مباحثات الطرفين".
ويوضح أن أهم المشاكل بين الحزبين هو تقاسم الرئاسات الأربع في الإقليم، وهي رئاسات الإقليم، والحكومة، والبرلمان، ومجلس القضاء الأعلى، حيث يطالب الاتحاد الوطني برئاستين من أصل أربع، كما يطالب الاتحاد الوطني بحقائب وزارية سيادية مهمة، منها وزارة الداخلية، بينما يضع الحزب الديمقراطي خطوطاً حمراء على بعض المناصب، منها رئاستا الإقليم والحكومة ووزارات مثل الداخلية، والثروات الطبيعية".
ويضيف: "من المتوقع أن تكون هناك مرونة من الحزبين حتى يتم التوصل إلى اتفاق يرضي الطرفين، لكن كما قلت، الحزبان ليسا في عجلة من أمرهما في موضوع تشكيل الحكومة، لاسيما بعد قرار المحكمة الاتحادية العليا العراقية رد الدعاوى المقدمة من معارضين في الإقليم يطالبون فيها ببطلان انتخابات برلمان الإقليم الأخيرة".
ورغم عقد الجانبين أكثر من 15 لقاء مباشرا للتفاهم على شكل الحكومة وبرنامجها، وتقاسم المناصب الرئيسة في الإقليم الذي يتمتع بحكم شبه مستقل عن بغداد، منذ الغزو الأميركي للعراق سنة 2003، إلا أن أي خطوات واقعية تجاه تشكيل الحكومة لم تظهر، وسط دعوات قوى كردية معارضة إلى حل البرلمان، وإعادة تنظيم الانتخابات مرة أخرى. ويتمسك الحزب الديمقراطي الكردستاني، بمناصب رئاسة الإقليم، ورئاسة حكومة الإقليم، إلى جانب مناصب أخرى مهمة، أبرزها الداخلية وجهاز الأمن والثروات الطبيعية والمالية، في حين يقول غريمه التقليدي حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، إنه يرغب بمناصب رئيسة وإنه لا ينبغي احتكارها من قبل الحزب الديمقراطي فقط.
وفرضت نتائج الانتخابات في الإقليم، معادلة سياسية صعبة، حيث لم يحقق أحد الحزبين الكبيرين الفائزين الأغلبية البرلمانية التي تمكنه من تشكيل الحكومة وحده، وهي معادلة النصف +1، أي 50 مقعداً بالإضافة إلى مقعد واحد. وفاز الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في الإقليم، ويقوده مسعود بارزاني، بـ39 مقعداً من مجموع مقاعد البرلمان البالغة 100، تضاف إليها ثلاثة من مقاعد الأقليات التي فازت بها قوى مقرّبة منه، بينما يمتلك منافسه حزب الاتحاد الوطني، الحاكم في مدينة السليمانية بقيادة بافل طالباني، 23 مقعداً، إضافة إلى مقعدين من مقاعد الأقليات. أما حراك "الجيل الجديد"، الذي يرفع شعار المعارضة في إقليم كردستان العراق، فقد حصل على 15 مقعداً، يليه حزب الاتحاد الإسلامي الذي حصل على سبعة مقاعد، ثم حزب الموقف الوطني الذي فاز بأربعة مقاعد، وجماعة العدل بثلاثة مقاعد، ومقعدان لحزب جبهة الشعب، ومقعد لكل من حركة التغيير والحزب الاشتراكي.
المصدر:العربي الجديد