من يقف خلف إطلاق المُسيّرات في العراق؟

2025-07-03 16:56:24

 عربية:Draw

شهد العراق، ليلة الاثنين وفجر الثلاثاء، عدة هجمات بواسطة طائرات مُسيّرة ومقذوفات صاروخية استهدفت مواقع مدنية وعسكرية وأخرى للطاقة، كان أبرزها مطار كركوك الدولي، ومصفاة بيجي النفطية ومخيم نازحين، وحقل غاز، وقعت ضمن محافظات كركوك وصلاح الدين والسليمانية، وبلدة زاخو ضمن إقليم كردستان العراق. الهجمات التي أعلنت السلطات فتح تحقيق موسع، حول من يقف خلفها، لم يصدر أي تقرير أمني بشأنها لغاية الآن، وسط جدل متصاعد بشأن الجهات المتورطة في الهجوم وهدفها من هذه العمليات، خاصة أنها جاءت بعد أيام من استهداف طائرة مُسيّرة لرادار تابع للجيش العراقي وأدى إلى تدميره بالكامل دون أن تتبنى أي جهة مسؤولية ذلك.

وأسفر مجموع الهجمات عن خسائر مادية كان أبرزها في مطار كركوك، حيث تعرض المدرج الرئيسي للمطار لأضرار كبيرة، بينما تعرض منزل عراقي لسقوط مقذوف حربي أدى إلى خسائر مادية، وأعلنت دائرة الصحة في كركوك إصابة عنصر أمن أيضا.

وقد أثارت هذه التطورات مخاوف داخلية سياسية وشعبية، وسط تحذيرات من إمكانية انزلاق الوضع إلى مواجهات أوسع، في ظل عجز الحكومة العراقية عن تحديد من يقف خلف تلك الهجمات وأماكن انطلاقها رغم تشكيل لجان تحقيقية، وسط دعوات لوقفة جادة لمراجعة الاستراتيجيات الدفاعية الجوية.

ويقول الخبير في الشأن الأمني العراقي أحمد الشريفي، إن "المعطيات المتوفرة لدينا عن الهجمات أنها نفذت بطائرات مُسيّرة، انطلقت من داخل العراق، ولم تأت من خارج الحدود، كما يحاول البعض الترويج لذلك". وبين الشريفي أن "الطيران المُسيّر، تمتلكه أطراف مختلفة داخل العراق، منها عناصر حزب العمال الكردستاني، وأغلب الفصائل المسلحة، وكذلك التنظيمات الإرهابية، خاصة وأن تلك الطائرات يظهر أنها مُطورة محلياً، ولهذا كل تلك الأطراف هي بدائرة الشك تكون رغم إعلان البعض منها، البراءة من تلك العمليات".

وأوضح الخبير العراقي أنه "بما لا يقبل الشك، المتورط جهة داخلية، لا تريد الاستقرار للعراق الأمني والسياسي؛ خاصة في ظل التطورات الإقليمية الأخيرة، فهي تريد دفع العراق نحو الحرب من أجل مصالح شخصية وإقليمية ويجب الحذر من ذلك ويجب على الحكومة كشف تلك الجهة وكشف هذا المخطط الخطير، الذي يمكن أن يتصاعد بشكل أخطر وأكبر خلال المرحلة المقبلة".

الباحث في الشأن السياسي بإقليم كردستان ياسين عزيز قال، إن "الهدف من الهجمات كان إثارة الفوضى وخلق حالة عدم استقرار أمني بالعراق، وخلط الأوراق والتأثير على القرار السياسي داخل العراق". وتابع عزيز معلقا على الهجمات: "نرى الاستهدافات شملت أقصى الشمال العراقي إلى الجنوب مرورا بمناطق الوسط، وتحديد من يقف وراء هذه الهجمات لن يكون سهلا وسط استباحة الأجواء العراقية وضعف إمكانات الدولة في تأمين الأجواء، مما يمنع حدوث أي خرق أمني؛ لاسيما خروقات وصلت لاستهداف مواقع عسكرية ومدنية ومواقع بنى تحتية".

وأكد الباحث العراقي أنه "ليس أمام الدولة سوى أن تلجأ لتقوية النظام الدفاعي الجوي، مع جهد استخباري مميز والتوجه إلى وضوح العلاقة مع الولايات المتحدة والتحالف الدولي، لاسيما في ما يتعلق ببنود اتفاقية الإطار الاستراتيجي؛ بحيث يتم من خلال هذه الاتفاقية وضع النقاط على الحروف في المسؤولية الأمنية، لاسيما في الأجواء. كما على الفاعل السياسي العراقي وهو فاعل متنفذ أن يترك ضبط الأمن وحصر السلاح بيد الدولة والمؤسسة العسكرية الرسمية".

في المقابل، وصف السياسي المقرب من رئيس الوزراء العراقي عائد الهلالي، في حديث مع "العربي الجديد"، الهجمات بأنها: "حرب غير معلنة تُدار عن بُعد وبأدوات متقدمة، وتحاول تشكيل معادلة الأمن بالعراق"، معتبرا أيضا أنها "تكشف هشاشة المنظومة الدفاعية أمام أدوات تكنولوجية منخفضة التكلفة لكنها عالية الأثر. فالمُسيّرات التي باتت تجوب السماء دون رادع، قد لا تكون مجرد رسائل تكتيكية، بل أدوات لضرب الاستقرار، وإعادة إنتاج الصراع داخل الحدود العراقية".

وأضاف الهلالي أن "الأسئلة تتكاثر: من يقف خلفها؟ هل هي إسرائيل كما تلمح بعض الفصائل، أم الولايات المتحدة في سياق تصفية حسابات مع الحشد الشعبي، أم أن الأمر أعقد من ذلك، ويتعلق بصراع إقليمي تتداخل فيه الأطراف الدولية والمحلية على السواء؟".

وتابع أنه "في ظل هذا الغموض، تبرز مشكلة أعقد، وهي أن العراق رغم تعاقب الحكومات، لا يزال يفتقر إلى منظومة دفاع جوي فعّالة قادرة على رصد هذه التهديدات واعتراضها. فراداراته محدودة، وتكنولوجيا التصدي لديه لم تُحدث بعد، بينما تستمر الأطراف المجهولة في تطوير أدواتها، ما يضع البلاد أمام معادلة أمنية غير متكافئة".

وأكد السياسي العراقي أن "التصدي لهذه الحرب يتطلب أولًا إرادة سياسية واضحة تعترف بخطورة التهديد، بعيدًا عن حسابات التوازنات والتحالفات. كما يجب على العراق أن يتحرك سريعًا باتجاه تحديث قدراته الدفاعية، سواء عبر شراء أنظمة دفاع جوي متطورة، أو عبر التعاون مع دول صديقة ذات تجربة في هذا المجال، كروسيا أو الصين أو حتى دول أوروبية تمتلك تقنيات مضادة للطائرات المُسيّرة".

وشدد على أن "بناء منظومة استخبارية متطورة، قادرة على جمع المعلومات وتتبع مصادر الإطلاق ومواقع التحكم، بات ضرورة وجودية، وليس ترفًا أمنيًا. لا يمكن لأي دولة أن تواجه حربًا غير تقليدية مثل حرب المُسيّرات وهي غافلة عن شبكات الاتصالات، ومسارات الاختراق، ومصادر التمويل".

وختم الهلالي قوله: "لقد دخل العراق فصلاً جديدًا من الحروب: حرب الأشباح الإلكترونية والمُسيّرات الخفية، وإن لم يتهيأ لها بعقل أمني استباقي، فستتحول سماؤه إلى ميدان دائم للتجريب، وجغرافيته إلى ساحة مفتوحة لرسائل الآخرين".

وباشرت السلطات في العراق تحقيقاً واسعاً مع قيادات عسكرية وأمنية بارزة إثر هجمات متفرقة بطائرات مُسيّرة وصواريخ قصيرة المدى استهدفت مواقع عسكرية ومدنية، في مدينتي كركوك وصلاح الدين وإقليم كردستان العراق، شمالي البلاد، إضافة الى معسكر التاجي في العاصمة بغداد وقاعدة الإمام علي العسكرية في محافظة ذي قار جنوب البلاد وأوقعت خسائر مادية.

وجاءت تلك الهجمات بالتزامن مع وقف الحرب الإيرانية – الإسرائيلية في ظل ما تواجهه الحكومة العراقية، اختباراً محرجاً، بسبب اختراق الطيران الإسرائيلي لأجواء البلاد، وهو ما يكشف خللاً واضحاً بمنظومة الدفاع الجوي العراقية، وعدم جاهزيتها للتعامل مع أي تطورات أو تهديدات، بينما توجه أطراف سياسية وشعبية في البلاد، انتقاداتها لضعف الإجراءات الحكومية بهذا الاتجاه.

المصدر: العربي الجديد

بابه‌تی په‌یوه‌ندیدار
مافی به‌رهه‌مه‌كان پارێزراوه‌ بۆ دره‌و
Developed by Smarthand