العراق: مفاوضات جديدة بين بغداد وأربيل لحل أزمة الرواتب وتصدير النفط
.jpg)
2025-07-01 10:10:13
عربيةDraw
شهد اليومان الماضيان مفاوضات جديدة بين الحكومة العراقية في بغداد وحكومة إقليم كردستان المحلية شمالي البلاد، بهدف التوصل إلى اتفاق أو حل يفضي إلى إنهاء أزمة دفع رواتب موظفي الإقليم وكذلك إعادة تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي المتوقف منذ مارس/ آذار 2023. تعود جذور الأزمة إلى الخلاف المزمن حول آلية توزيع الثروات والتزامات الطرفين، إذ تتمسك الحكومة الاتحادية في بغداد، بموقفها الذي يربط تحويل الأموال إلى الإقليم بتسليم كامل إيرادات النفط من حقوله، فضلاً عن الجباية، والجمارك، والضرائب المحلية، باعتبارها من موارد الدولة السيادية التي يجب أن تدخل ضمن حسابات وزارة المالية.
وبموجب قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنوات 2023–2025، خُصص لإقليم كردستان نسبة 12.67% من إجمالي الإنفاق العام، مقابل التزامه تسليم 400 ألف برميل نفط يومياً لشركة التسويق الوطنية "سومو"، فضلاً عن تحويل الإيرادات غير النفطية، التي تشمل الضرائب والجباية والرسوم الجمركية المحلية. ويقول النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في أربيل، شريف سلمان، إنّ "مفاوضات جديدة بدأت بين بغداد وأربيل منذ يومين في بغداد من أجل إيجاد حلول سريعة لدفع مرتبات موظفي الإقليم، وكذلك ملف إعادة تصدير النفط من جديد، الذي ألحق أضراراً كبيرة بالاقتصاد العراقي بصورة عامة".
وبيّن سلمان أنّ "الحوارات الفنية والقانونية حالياً تجري بشكل إيجابي عبر لجان مختصة من قبل الطرفين، لكن هناك تدخلات سياسية من أطراف في بغداد هي من تعمل دائماً على عرقلة أي جهود تريد التهدئة والحلول ما بين الطرفين، ونخشى أن تتدخل هذه الأطراف مجدداً لإثارة المشاكل بعد التقارب الأخير، فهناك حلول فنية وقانونية مرضية لكلا الطرفين"، وفقاً لقوله. وأضاف أنّ نتائج مفاوضات وفد حكومة إقليم كردستان في بغداد ستتضح أكثر خلال اليومين المقبلين، "ولا سيما أنّ هذا الوفد يمتلك صلاحيات كاملة للحوار والاتفاق، ونحن نثق برئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ونعرف جيداً أنه يسعى لحل المشاكل سريعاً".
لكن محمود الحياني، عضو تحالف "الإطار التنسيقي" الحاكم في بغداد، اعتبر، أنّ أي تفاهم أو اتفاق مع أربيل يجب أن يكون وفقاً للدستور والقانون، وليس "وفق المصالح الشخصية أو السياسية". وتابع: "مع قرب انتخابات مجلس النواب، فإننا نراقب مثل هذه المفاوضات وما سينتج من قرارات بدفع الرواتب او إعادة تصدير النفط. إقليم كردستان لم يلتزم إطلاقاً بنود الموازنة ولم يُسلم ما عليه من التزامات مالية، ولهذا أُوقِف صرف الرواتب". واتهم الحياني حكومة الإقليم بأنها "تتحمل توقف المرتبات، وكذلك عرقلة إعادة تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي، لكونها متعاقدة مع شركات أجنبية بكلفة عالية جداً من حيث الاستخراج وغيرها من الأمور الفنية الأخرى، دون الرجوع إلى وزارة النفط العراقية وشركة سومو المخولة في عمليات تصدير النفط العراقي".
الباحث في الشأن السياسي حسين الأسعد، قال إنّ "الخلاف بين بغداد وأربيل، مزمن وليس بجديد، ومرده إلى عدم الثقة بين الطرفين، كذلك بسبب استغلال هذه الخلافات المتكررة سياسياً وانتخابياً، فهذه الورقة تستخدم سياسياً، وتستخدم كورقة ضغط حتى في ما يخص التحالفات السياسية ما بعد الانتخابات". وذكّر الأسعد بأنّ "المفاوضات دوماً ما تصل إلى حلول آنية فقط، وبعد ذلك تعود الخلافات بشكل أعمق". وكانت وزيرة المالية العراقية طيف سامي، قد أبلغت رسمياً، قبل أيام، حكومة الإقليم بتعذّر استمرار الوزارة في تمويل الرواتب، مرجعة ذلك إلى "تجاوز كردستان الحصة المقررة لها ضمن قانون الموازنة الاتحادية البالغة 12.67%".
وتصاعدت ردود الفعل الغاضبة من جانب الإقليم، إذ ندد الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم بزعامة مسعود بارزاني بالقرار، وأكد في بيان أنّ "بغداد لا تزال مستمرة في انتهاك الحقوق الدستورية لإقليم كردستان، وآخر تلك الانتهاكات يتمثل بكتاب وزارة المالية الذي يتعارض مع الدستور وأسس الاتفاق السياسي لتشكيل الحكومة، ويُعد استغلالاً سياسياً لقوت المواطنين". وتُعد أزمة الرواتب الحالية امتداداً لخلافات عميقة بين بغداد وأربيل، تتعلق بإدارة الموارد النفطية وحصص الموازنة، وتأتي بوادر الأزمة الأخيرة في وقت يستعد فيه العراق لخوض الانتخابات البرلمانية المقرّرة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، ما قد يؤثر بسير التحالفات والتفاهمات السياسية المقبلة.
المصدر: العربي الجديد