العراق يتراجع عن دعم العملية التركية ضد "العمال الكردستاني"

2024-07-12 11:40:58

عربية:Draw

بعد موجة غضب سياسي وشعبي، ندّد مجلس الأمن الوطني العراقي بالتوغل التركي أكثر من 40 كيلومتراً داخل الأراضي العراقية، في موقف لافت بعدما قيل إنها مرحلة جديدة بين بغداد وأنقرة، عقب زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى بغداد، أواخر شهر أبريل (نيسان) الماضي.

وقال الناطق الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلّحة، اللواء يحيى رسول، في بيان صحافي، إن "المجلس تناول التدخلات والخروقات التي تمارسها القوات التركية في المناطق الحدودية المشتركة، وجرى تأكيد رفض التوغل العسكري التركي، والمساس بالأراضي العراقية، وأن على تركيا مراعاة مبادئ حسن الجوار، والتعامل دبلوماسياً مع الحكومة العراقية، والتنسيق معها تجاه أي موضوع يتعلق بالجانب الأمني".

ونفت وزارة الخارجية العراقية وجود أي اتفاق مع تركيا بشأن تحركاتها العسكرية الأخيرة ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني داخل الأراضي العراقية، وأكدت حرصها على "إيجاد حلول سياسية للملف بدلاً من الحل العسكري"، طارحة في الوقت نفسه إمكانية استنساخ تجربة "المعارضة الإيرانية في العراق" التي تمت باتفاق بين بغداد وطهران. ويواصل الجيش التركي عمليات القصف الجوي والبري لمناطق وجود مسلحي حزب العمال الكردستاني وتحركاتهم، وهو ما تسبب باندلاع حرائق كبيرة في مزارع الأهالي وتدمير مئات الدونمات الزراعية.

وتسبب توغل القوات التركية داخل العراق في تناقض تصريحات المسؤولين العراقيين بشأنها. وقال مستشار رئيس الوزراء العراقي إبراهيم الصميدعي، قبل أيام، إن هناك تنسيقاً بين الحكومتين العراقية والتركية بخصوص العمليات العسكرية للجيش التركي في إقليم كردستان، وأكد أن حزب العمال الكردستاني يقوم بعمليات إجرامية، وأن "الحكومة العراقية صنفته منظمة إرهابية، والعمليات التركية تجري وفق تنسيق بين بغداد وأنقرة". وقال وزير الدفاع التركي يشار غولر، أمس الخميس، إن عمليات "المخلب - القفل" في شمال العراق ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني ستنتهي في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، قبل حلول الشتاء.

وقال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، أمس الخميس، إنه "لا يوجد أي ضوء أخضر من الجانب العراقي للأتراك لشن عملية عسكرية شمالي العراق"، مبيناً، في تصريحات لقناة الحرة الأميركية، أن "الجيش التركي موجود داخل الأراضي العراقية منذ عام 1991 في بعض مناطق محافظة دهوك، وأن مسألة وجود الجيش التركي ستكون نقطة تتم مناقشتها خلال اجتماعات تعقد مع المسؤولين الأتراك قريباً"، وأضاف أن "الأتراك يربطون وجود قواتهم داخل الأراضي العراقي بوجود حزب العمال الكردستاني، وأن هذه المشكلة (العمال الكردستاني) هي مشكلة تركية، وحاليا أصبحت عراقية أيضا، وبالتالي يجب التعامل معها بالطريقة العراقية".

استنساخ التجربة الإيرانية مع العمال الكردستاني

وأشار حسين إلى ما حدث مع طهران من قبل، قائلا: "توصلنا مع الجانب الإيراني لمجموعة من الاتفاقات في ما يتعلق بالأحزاب المسلحة المعارضة له في الإقليم، ويمكن استخدام النموذج نفسه مع تركيا وحزب العمال"، مشيراً إلى أنه "جرى تحويل بعض أعضاء هذه الأحزاب الإيرانية المعارضة إلى مخيمات اللجوء، وآخرين سافروا إلى خارج العراق". وكانت بغداد وطهران قد أعلنتا توقيع اتفاقية أمنية بين البلدين في منتصف العام الماضي 2023، تقضي بتفكيك معسكرات المعارضة الإيرانية الموجودة في إقليم كردستان العراق، وقد أقدمت السلطات العراقية على إنشاء مخيمين لإيواء الجماعات الكردية الإيرانية المعارضة بعد نزع سلاحها وإقصائها عن الحدود العراقية الإيرانية، وشغلت قوات عراقية وقوات البيشمركة المناطق الحدودية بعدما أبعدت عنها تلك الجماعات.

من جهتها، أعلنت منظمة السلام العالمي الأميركية (CPT)، أن الجيش التركي قصف إقليم كردستان 285 مرة خلال 27 يوماً. وقال مسؤول مكتب حقوق الإنسان في المنظمة كامران عثمان إنه "وفقاً لإحصائيات المنظمة، فإن الجيش التركي قصف إقليم كردستان 285 مرة خلال الفترة من 15 يونيو/حزيران إلى 11 يوليو/تموز الجاري، معظمها في حدود محافظة دهوك، ما تسبب بإخلاء ثماني قرى في قضاء العمادية بمحافظة دهوك بشكل كامل، وهناك 602 قرية معرضة لخطر الإخلاء". وأضاف عثمان، في تصريح لمحطة إخبارية كردية، اليوم الجمعة، أن "نحو 182 عائلة نزحت من القرى الحدودية التابعة لمحافظة دهوك خلال هذه الفترة، معظم أفرادها كانوا على حدود قرية نيسكا، وجرى إجلاء جميع السكان، أي 26 عائلة"، مؤكداً أن القصف تسبب "بإحراق 65 ألف دونم من الأراضي الزراعية في محافظة دهوك".

ويمثّل نشاط مسلحي حزب العمال الكردستاني داخل العراق واتخاذه منطلقاً لشن اعتداءات متكررة داخل تركيا العقدة الأبرز في المباحثات بين تركيا والعراق. لكن تقدماً واضحاً تحقق هذا العام بعد اعتبار العراق "العمال الكردستاني" منظمة محظورة، والتعهد بالعمل مع تركيا في هذا الإطار.

مشاورات في أربيل

وبدأ مستشار الأمن القومي، قاسم الأعرجي، مباحثات في أربيل مع المسؤولين هناك بشأن تنسيق المواقف بين بغداد وأربيل بشأن ذلك، في وقت تستمر فيه الخلافات بين الطرفين بشأن الموقف من حزب العمال الكردستاني التركي

وقال مصدر أمني إن "مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي وصل إلى أربيل، عاصمة إقليم كردستان، على رأس وفد رفيع المستوى، للتباحث مع القيادات الكردية بشأن توغل الجيش التركي في محافظة دهوك".

وأشار إلى أن "زيارة الوفد جاءت بتوجيه من رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، للاطلاع والوقوف على آخر التطورات".

وكان وزير الدفاع التركي، يشار غولر، قد قال،  أول أمس الأربعاء: "نحن عازمون على إنشاء ممر أمني بعمق 30 إلى 40 كيلومتراً على طول حدودنا مع العراق وسوريا، وتطهير المنطقة بالكامل، وسنواصل العمليات حتى يجري تحييد آخر عنصر منهم".

أنقرة ـ بغداد... أوراق مبعثرة

ويأتي الموقف العراقي الجديد بعد أقل من أسبوع على توجيه أصدره السوداني للوزارات العراقية المعنية بمتابعة تنفيذ مذكرات التفاهم والاتفاقيات التي وُقّعت خلال زيارة إردوغان إلى بغداد شهر أبريل الماضي.

وكانت بغداد قد وقَّعت مع أنقرة نحو 30 مذكرة تفاهم واتفاقية تتناول مختلف المجالات والميادين؛ في المقدمة منها المياه، وطريق التنمية والاقتصاد والاستثمار والتنسيق الأمني وغيرها من الميادين، ولا سيما أن أنقرة بدأت تراهن كثيراً على طريق التنمية الذي من المؤمَّل أن تطلق مرحلته الأولى، العام المقبل.

وفي وقت عملت الحكومات العراقية المتعاقبة فيه على عدم استفزاز تركيا بسبب امتلاكها الورقة المائية التي تستطيع بموجبها الضغط على العراق، فإن دخول حزب العمال الكردستاني، بعد تدهور علاقته مع أنقرة أواسط ثمانينات القرن الماضي، زاد الأمور تعقيداً بين الجانبين، وهو ما أدى، أواخر التسعينات، إلى إبرام اتفاقية تنسيق أمني بين أنقرة وبغداد بشأن ملاحقة عناصر حزب العمال بعمق قد يصل إلى 15 كم داخل الأراضي العراقية.

ولا تزال مذكرة التفاهم قائمة، لكن زادت التعقيدات في العلاقة العراقية ـ التركية، بعد الاحتلال الأميركي للعراق، وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى مليارات الدولارات، ودخول الفصائل المسلّحة منذ عام 2019 على خط العلاقة الجديد مع عناصر حزب العمال الكردستاني، خصوصاً في قضاء سنجار المتنازَع عليه بين الحكومة العراقية من جهة، وبين حزب العمال مدعوماً من بعض الفصائل المسلّحة من جهة أخرى، فضلاً عن الخلافات الحزبية داخل إقليم كردستان.

وكانت تقارير أميركية قد رصدت، خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي، دخول الجيش التركي صوب إقليم كردستان بـ300 دبابة ومدرَّعة، وإقامة حاجز أمني ضمن حدود منطقة بادينان، خلال الأيام العشرة الماضية من الشهر نفسه.

ووفقاً للتقارير، فإن الدبابات والمدرَّعات التركية توغلت في قرى أورا، وسارو، وأرادنا، وكيستا، وجلك، وبابير، مؤكدة تنقل نحو 1000 جندي تركي بين قاعدة كري باروخ العسكرية التركية، وجبل متين خلف ناحية بامرني في غضون ثلاثة أيام، وأقاموا حاجزاً أمنياً بين قريتي بابير وكاني بالافي، ولا يُسمح لأي مدنيّ بالمرور إلا بعد التحقيق معه وإبراز هوية الأحوال المدنية العراقية أو البطاقة الوطنية.

المصدر- وكالات

 

بابه‌تی په‌یوه‌ندیدار
مافی به‌رهه‌مه‌كان پارێزراوه‌ بۆ دره‌و
Developed by Smarthand