التخبط في قرارات المحكمة الاتحادية العليا وصلاحيات رئيس إقليم كوردستان

2024-04-11 22:07:57

عربية:Draw

د. بكر صديق

 لا مناص من ان المؤسسات الدستورية القائمة في اقليم كوردستان ، اصبحت غير محصنة من الزوال او التفكيك ، بسبب رزمة من الاحكام والقرارات التي اصدرتها او التي  تصدرها المحكمة الاتحادية العليا تجاه إقليم كوردستان . هذه القرارات ، باختلاف انواعها تستهدف المساس  بالاستحقاقات الدستورية التي اقرت عليها ‘المواد 116 و117 و120و121 من دستور 2005. في هذا المقال نود ان نستذكر الصلاحيات الدستورية والقانونية لرئيس اقليم كوردستان التي من الممكن اللجوء اليها لمواجهة الظروف المؤاتية بسبب حل البرلمان من جهة ومن جهة ثانية، نتوقف عن التخبط التي أوقعت فيها المحكمة الاتحادية العليا في قراراتها المتعلقة بإقليم كوردستان  ،وبهذ المفهوم  نشير الى النقاط اللاقانونية التي شابت القرارات المحكمة الاتحادية المتعلقة بحل البرلمان وقانون انتخابه ومن ثم قرارها بتوطين رواتب الموظفين.وعلية سوف نبادر بذكر تلك الانحرافات للمحكمة الاتحادية وما يمكن التمسك باسانيد قانونية وعرفية لمواجهة الظرف الاستثنائي المفروض على اقليم كوردستان ومؤسساته الدستورية ، من خلال النقاط التالية:-

اولا:الملاحظات القانونية العامة

هناك قواعد قانونية عامة لا يمكن لاية محكمة ان تتغاضى او التنصل عنها عندما تصدر حكما بخصوص قضية معروضة امامها لانهاء الخصومة . ومن اهم هذه القواعد هي:-

1-لا يجوز ان تنطق المحكمة في منطوق حكمها بتجاوز طلبات الخصوم. وتكييفا لهذه القاعدة والدعوى القضائية المتعلقة بقانون انتخاب برلمان كوردستان ،نجد  بان المحكمة الاتحادية  تجاوزت في قرارها المتعلق بامور الكوتا، طلبات الخصوم ، لان الغاء الكوتا لم يكن طلبا من طلبات الخصوم بل كان الطلب للمدعي هو اعادة النظر في عدد الكوتا وسبل توزيعها على الدوائر الانتخابية.فصحيح ان المحكمة واثناء النظر في قضية معروضة امامها  لها الحق في فحص دستورية القوانين او احد النصوص القانونية ، وان احكام دستور 2005 خالية من بحث امور الكوتا ، الا ان قانون انتخاب مجلس النواب العراقي اقر على ذلك ، حيث منح المشرع بمقتضى المادة 13-ثالثا من هذا القانون ،حصة عادلة من الكوتا لكل من مكونات المسيحية والايزيدية والصابئة المندانية والشبك والكورد الفيليين .وهذا لا يفيد بان المشرع العراقي على مستوى الدولة الاتحادية جانب الصواب في هذا المنوال، لان الخضوع لمبدأ المشروعية ، لا يأتي فقط من التمسك باسانيد قانونية او تطبيقا لها بل يكفي ان لايكون مخالفا لاحكام القانون، وعند امعان النظر للنصوص المنضوية في دستور 2005 ، سكتت تلك النصوص  عن التطرق الى امور الكوتا ، ولا يمكن اعتبار هذا السكوت بنوع من التقصير ، لان السلطة التشريعية كباقي المؤسسات الاخرى التنفيذية والقضائية ، تمتلك نوعا من الحرية في مباشرة اختصاصاتها التشريعية والتي تسمى فقها وقضاء بالسلطة التقديرية . ومفاد ذلك ان الاقرار او عدم الاقرار على موضوع الكوتا في صلب الدستور لا يحول دون التطرق اليه من قبل السلطة التشريعية .ذلك ان هدف  التشريع هو تنظيم المجتمع وحماية حقوق الافراد وحرياتهم بما يتلائم مع الاهداف السامية لمختلف مكونات الشعب.وهذا ما اكدت عليها المادة 125 من دستور 2005 بالقول"يضمن هذا الدستور الحقوق الادارية والسياسية والثقافية والتعليمية للقوميات المختلفة كالتركمان والكلدان والاشوريين، وسائر المكونات الاخرى ، وينظم ذلك بقانون"وبهذا المفهوم يستنبط من فحوى هذه المادة  بان الاقرار على الكوتا يعد من اسمى الحقوق لمشاركة الاقليات المعترف بها من قبل المشرع الدستوري.ولكن من الممكن ان يخطا المشرع عمدا او بدون عمد، في تنظيم هذه الحالات ولكن تعتري التصرفات غير القانونية لاية سلطة من سلطات الدستورية ، مقتضيات مبدأ المشروعية التي لا يجوز وفقا لهذا المبدأ ،ان تفلت اية جهة من رقابة القضاء .لذلك نرى انه وطبقا لفحوى المشروعية ان تبسط المحكمة الاتحادية العليا رقابته على امور الكوتا، في تنظيم القوانين على نحو، تصحح في ظلها مسار التنظيم القانوني وتعديله وليس بالغاءه نهائيا.

2-لا يجوز للمحكمة ان تصدر قرارا ، يعلق تطبيقه على تحقيق شرط او شروطا معينة.وبموجب هذه القاعدة ان المحكمة ليست صائبة في قرارها المتعلق بتوطين رواتب الموظفين لان التوطين معلق على شرط توفر ادخال البيانات واصدار البطاقات الذكية لدفع الرواتب بدلا من تمويل الاقليم لرواتب موظفي الاقليم .

3-لايجوز للمحكمة ان تصدر حكما او قرارا يحتوي على امر او توجيه للسلطات الادارية، لان ذلك يخالف مبدأ الفصل بين السلطات الذي اكدت عليه المادة 47 من دستور 2005.والتي تنص على " تتكون السلطات الاتحادية ، من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ، تمارس اختصاصاتها ومهماتها على اساس مبدأ الفصل بين السلطات "وهذا هو الانحراف الذي اوقعت فيه المحكمة عندما اصدرت قرارها بخصوص توطين رواتب موظفي الاقليم ، حيث يحتوى قرارها بخصوص التوطين على توجيه امر لوزارة المالية الاتحادي على نحو، الزمت الاخيرة بنوع معين من التصرف لتمويل رواتب موظفي الاقليم ،لان كانت الاولى بالمحكمة ان تفصل النزاع المعروض امامها والمتعلق بامور تمويل الرواتب لموظفي الاقليم ، على نحو لا لبس فيه كي لا تتغاضى او تتنصل وزارة المالية الاتحادي عن تاخير تمويل رواتب موظفي الاقليم لوزارة المالية لاقليم كوردستان. لان المنطق القانوني السليم لتمويل الرواطب لموظفي الاقليم يأتي في التقييد بالمواد المنضوية في قانون الموازنة الاتحادية .

ثانيا:الصلاحيات القانونية التي يمتلكها رئيس الاقليم لمواجهة ظرف استثنائي

ان حل البرلمان وتداعياته القانونية والسياسية وما تمخضت عنه من اتساع تدخلات المحكمة الاتحادية في مجالات مختلفة ضد الاستحقاقات الدستورية لاقليم كوردستان  ، يعد من احد تطبيقات حالة الضرورة او ما تسمى بحالة الطواريء.فصحيح ان امر السلامة الوطنية رقم 1 لسنة 2004 وما اوحت بها الفقرة تاسعا من المادة 61 من دستور 2005 لا يعتد بها بخصوص ما يعاني منها اقليم كوردستان ، لان المشرع في  امر السلامة الوطنية والمشرع الدستوري في المادة 61 من دستور 2005 المشار اليها ،لم يكونان موفقان في تدوين جميع الحالات التي تؤدي الى حدوث ظرف استثنائي ، حيث ان حالة الطواريء هي خطر محدق  يداهم جميع او احد المؤسسات الدستورية بسبب الحرب او الاضطرابات الداخلية او عدوانا خارجية او تفشي وباء او  عندما تكون الدولة في حالة حل المؤسسة التشريعية ، كل هذه الحالات تجعل الهيئات الدستورية غير قادرة على القيام بمهامها الموكلة اليها وفقا للدستور او القوانين المنظمة لاعمالها في الظروف العادية .ففي تلك الحالة وخصوصا عندما يحل البرلمان لايٍ سبب كان، يحق لرئيس السلطة التنفيذية بسد هذا الفراغ لفترة زمنية استثنائية والتي تسمى عرفا بالمشروعية الاستثنائية ، حيث يباشر رئيس السلطة التنفيذية مهامه من خلال القرارات التنظيمية او اللوئح والتي تسمى عرفا بلوائح الضرورة . هذه اللوائح تعد بمثابة قرارات لها قوة القانون. وبناء على ذلك ، ندعو رئيس الإقليم التمسك بتلك الصلاحيات وفقا للقواعد العرفية التي تدعوا الى استخدام سلطة اصدار قرارات الضرورة التي لها قوة القانون لمواجهة هذه الحالة التي شابت اقليم كوردستان بسبب حل البرلمان . ومن هذا المنطلق بمقدوره ان يخاطب السلطات الاتحادية ومن بينها المحكمة التحادية العليا ، كي يستوضح لديها بان قراراها المتعلق بخصوص الغاء المواد الداخلة في قانون انتخاب برلمان كوردستان و الغاء الكوتا او اسناد عملية انتخاب برلمان كوردستان الى المفوضية العليا للانتخابات على مستوى الدولة الاتحادية ، لا تدخل في اختصاصات المحكمة الاتحادية ، لانه وبمقتضى العرف المذكور ، يحق لرئيس الاقليم على سبيل المثال باصدار قرار تنظيمي وبعد حل البرلمان بتحديد موعد لانتخاب البرلمان ومن ثم اصدار قرار تنظيمي باختيار او تشكيل هيئة قضائية مؤقتة للاشراف وادارة العملية الانتخابية المقبلة وبصورة مؤقتة وهذا هو الحل الامثل القانوني .واستناد على ما أسلفنا ، لرئيس الاقليم  الحق بالولوج في مفاوضات قانونية مع السلطات القضائية الاتحادية لاعادة هذا الحق القانوني العرفي لكي تتخلي المحكمة عن التدخل في شؤون الانتخابات البرلمانية لان ذلك يمس نظام او مبدأ الفصل بين السلطات وفقا لما اقرت عليه المادة 47 من دستور 2005.

 

 

بابه‌تی په‌یوه‌ندیدار
مافی به‌رهه‌مه‌كان پارێزراوه‌ بۆ دره‌و
Developed by Smarthand