تفاهمات أمنية ومالية وراء قرار تركيا استئناف تصدير النفط من شمال العراق
2023-10-03 10:33:47
عربية:Draw
أثارت تصريحات وزير الطاقة التركي ألب رسلان بيرقدار اليوم الاثنين حول استئناف تصدير النفط العراقي عبر خط الأنابيب الذي يربط البلدين الأسبوع الحالي الدهشة في العراق، وبينما رفضت وزارة النفط العراقية التعليق، قال مصدر في الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود البارزاني إن تفاهمات مالية وأمنية بين بغداد وأنقرة يشرف عليها رئيس الوزراء كانت وراء القرار التركي.
وأوقفت تركيا صادرات النفط التي تبلغ 450 ألف برميل يوميا من شمال العراق عبر خط الأنابيب العراقي التركي في مارس آذار بعدما أمرت غرفة التجارة الدولية تركيا بدفع تعويضات لبغداد تقدر بحوالي 1.4 مليار دولار عن أضرار لحقت بها من تصدير حكومة إقليم كردستان النفط دون إذن الحكومة الاتحادية بين 2014 و2018.
وكان خط الأنابيب ينقل أيضا ما يقرب من 75 ألف برميل يوميا من النفط التابع للحكومة الاتحادية من حقول كركوك.
وفي وقت لاحق، بدأت أنقرة أعمال صيانة للخط الذي يمر منه نحو 0.5 بالمئة من إمدادات النفط العالمية، واتفق الجانبان على الانتظار حتى اكتمال الصيانة لاستئناف الضخ رغم استمرار المعركة القانونية بشأن قرارات التحكيم.
لكن اليوم الاثنين قال وزير الطاقة التركي بيرقدار في مؤتمر أبوظبي الدولي للبترول (أديبك) إن الخط جاهز للعمل اعتبارا من اليوم.
وأبدت مصادر حكومية عراقية، دهشتها من الإعلان التركي، ورفضت التعليق لعدم توفر معلومات، كما رفضت وزارة النفط التعليق.
وقال مصدر رفيع في الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يحكم إقليم كردستان الواقع في شمال العراق، أن"تفاهمات مالية وأخرى أمنية وراء قناعة أنقرة بضرورة استئناف تصدير النفط".
وأضاف المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه "هذه التفاهمات تمت حصرا بين رئيس الحكومة الاتحادية محمد شياع السوداني ونائبه لشؤون الطاقة ووزير النفط حيان عبد الغني مع الجانب التركي، وجرى التوصل إلى إمكانية تقسيط مبلغ التعويضات المترتبة على أنقرة أو استبدالها بخدمات تقدمها في مشروع طريق التنمية أو قطاعات أخرى".
وطريق التنمية مشروع طموح يعتزم العراق تنفيذه ويتكون من طريق لشاحنات نقل البضائع وسكك حديدية لنقل السلع والمسافرين، ويبدأ من ميناء الفاو الكبير في أقصى جنوب العراق ويمر بعشر محافظات وصولا إلى تركيا.
وتابع المصدر قائلا "أما بالنسبة للجانب الأمني، اقتنعت أنقرة أخيرا بأن اجتياحها للأراضي العراقية بهدف مكافحة حزب العمال الكردستاني باءت بالفشل وكبدتها خسائر ضخمة، وإبرام اتفاق مشابه للاتفاق الأمني بين العراق وإيران كفيل بالحد من هجمات الحزب على أراضيها".
وشنت تركيا مساء الأحد غارات جوية مكثفة استهدفت معاقل حزب العمال الكردستاني في مرتفعات جبل قنديل بشمال العراق، وذلك بعد ساعات من هجوم انتحاري استهدف مديرية الأمن التركية بالعاصمة أنقرة.
ولدى تركيا عشرات المواقع العسكرية في الأراضي العراقية، ودأبت على شن غارات جوية بطائرات حربية وطائرات مُسيرة على أهداف للحزب الذي تصنفه تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية. وقال الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد اليوم الاثنين إن بلاده ترفض الهجمات التركية على أراضيها أو وجود قواعد تركية في إقليم كردستان، مؤكدا أنه يأمل في التوصل لاتفاق مع أنقرة لحل الأزمة.
ومضى المصدر قائلا "رئيس الوزراء توصل خلال الفترة الماضية إلى صيغة مع هيئة الحشد الشعبي بفصل إحدى تشكيلاته، وهي قوة أيزيد خان والتي كل عناصرها من الأيزيديين العراقيين، لتحجيم تحركات حزب العمال الكردستاني بين العراق وسوريا، وهي منطقة للحزب الديمقراطي نفوذ جيد فيها".
"بالإضافة إلى الضغط على حزب الاتحاد الوطني الكردستاني لقطع علاقته مع حزب العمال وإغلاق معسكراته في محافظة السليمانية مع تنفيذ خطة وزارة الداخلية بالسيطرة التامة على الخط الصفري على الحدود بين العراق وتركيا كما فعلت مع الشريط الحدودي مع إيران المتاخم لإقليم كردستان".
وطالب عضو حزب الاتحاد الوطني الكردستاني برهان شيخ رؤوف، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية الاثنين، تركيا وحزب العمال الكردستاني "بحل مشاكلهم بعيدا عن أرض العراق".
ويقول الفريق جبار ياور، الأمين العام السابق لوزارة البيشمركة (المقاتلين الأكراد) في إقليم كردستان، بأن هناك رؤى مشتركة حول ضبط الحدود العراقية مع إيران وتركيا "وتوصلت بغداد وطهران إلى تفاهمات أدت إلى تحجيم حركة المعارضة ونزع سلاحها".
ووقع العراق وإيران اتفاقا أمنيا في وقت سابق من العام الحالي، أوقفت إيران على إثره هجماتها على إقليم كردستان مقابل وقف نشاط الجماعات المعارضة لها. وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي أمس الأحد إن بلاده ماضية في تنفيذ جميع فقرات الاتفاق الأمني المشترك مع إيران، وإن المنطقة التي حددتها إيران أخليت بالكامل وتم نزع أسلحة المعارضة الإيرانية فيها.
وأضاف ياور "السيطرة على خط صفر على الحدود مع تركيا ليس بسهولة ما جرى على حدود إيران، كون حزب العمال ليس لديه مقرات أو معسكرات على الأرض وينتشر في مخابئ مسلحة، إضافة إلى امتدادهم على الشريط الحدودي مع إيران، ويتمركز في هذه المناطق منذ العام 1984، وهي مناطق نائية ولا تتحرك فيها السيارات مما يصعب عملية السيطرة عليها، وليس من السهل وصول قوات الحدود العراقية إلى الخط صفر".
وتابع قائلا "على الرغم من الوجود العسكري التركي في العمق العراقي لمسافة بين 30 و40 كيلومترا وفي شريط يمتد حوالي 200 كيلومتر بحوالي 80 ثكنة عسكرية، فإنها (تركيا) لم تنجح في كبح جماح هذه الجماعات".
وقال النائب في البرلمان العراقي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني محما خليل إن أنقرة توصلت إلى قناعة بأن وقف تصدير النفط يضر الاقتصاد التركي.
وأضاف "بعد تواتر زيارات الوفود التركية إلى بغداد، اتفق الطرفان على معاودة التصدير لعائده الإيجابي على الجميع. الديون سيتم حسمها بالتفاهم واللجان المشترك".
وتوقع خليل أن يقوم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بزيارة تأجلت عدة مرات إلى بغداد بعد هذه التفاهمات بين الجانبين.
وكالة أنباء العالم العربي