لماذا يغير عقد توتال إنرجيز مع العراق قواعد اللعبة؟

2023-07-23 13:14:50

عربية:Draw

وقّع العراق وشركة توتال إنرجيز الفرنسية العملاقة للنفط اتفاقا مؤجلا طال انتظاره بقيمة 27 مليار دولار لتنفيذ أربعة مشاريع للنفط والغاز والطاقة المتجددة لمدة تصل إلى 30 عاما. ومن المقرر أن ينطلق العمل به في غضون الأسابيع الأربعة المقبلة. وتعتبر هذه الصفقة حاسمة في تمكين العراق من زيادة إنتاجه النفطي من حوالي 4.5 مليون برميل يوميا إلى 13 مليون برميل يوميا في غضون خمس سنوات.

ويحمل هذا الاتفاق أهمية كبيرة لتعزيز قدرة البلاد على إنهاء اعتمادها على إيران في استيراد الغاز والكهرباء لتغذية شبكتها الكهربائية. ويعتبر الغرب الصفقة مهمة لتأمين الوصول إلى احتياطيات النفط والغاز الضخمة في العراق أثناء سعي مختلف دوله للوصول إلى مصادر جديدة تعوّض الإمدادات التي لم تعد تتلقاها من روسيا.

ولا ينبغي نسيان مصالح الشرق الأوسط في مواجهة التأثير الصيني – الروسي المتزايد في المنطقة. ولم تكن مساهمة العراق في الإجراءات جزءا من إستراتيجية جيوسياسية متداخلة تهدف إلى الهيمنة على العالم (كانت هذه خطط الصين، مع القليل من المساعدة من روسيا(

وبدلا من ذلك، كان العراق يحاول تلقي أكبر قدر ممكن من العمولات التي يتسلمها في شكل “مدفوعات تعويضات نقدية” لشركات واجهة مختلفة تعود إلى بعض كبار المسؤولين الحكوميين. ويشير الكاتب سايمون واتكينز في تقرير بموقع أويل برايس الأميركي إلى أن العراق كان في مرحلة ما في طور إعادة تأسيس شركة النفط الوطنية العراقية التي يُنظر إليها على نطاق واسع في سوق النفط على أنها واحدة من أكثر المؤسسات فسادا. لكن لسوء حظه، سرعان ما أصبح واضحا أنه لا يمكن للمرء أن يصبح شخصية بارزة في شركة النفط والغاز الرائدة في فرنسا من خلال كونه ساذجا ككل من توقّع أن تكون فكرة إعادة إحياء شركة النفط الوطنية العراقية جيدة.

ورفضت توتال إنرجيز بسرعة الدخول في شراكة مع المؤسسة لعدم وضوح وضعها القانوني. ثم أبطلت المحكمة الاتحادية العليا في العراق في أكتوبر 2022 قرار إعادة إحياء شركة النفط الوطنية العراقية على أساس أن العديد من بنودها التأسيسية تنتهك الدستور. وأصبحت الصفقة مع شركة توتال إنرجيز احتمالا واقعيا مرة أخرى.

وتنص الاتفاقية الحالية على امتلاك الحكومة العراقية (من خلال شركة نفط البصرة) حصة 30 في المئة في الصفقة العملاقة. وستمتلك شركة توتال إنرجيز 45 في المئة منها، بينما تمتلك شركة قطر للطاقة الحصة المتبقية البالغة 25 في المئة.

ووفقا لمصادر في مجمعات أمن الطاقة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فقد تشجّع العراق بالصين وروسيا لتقديم مثل هذه المطالب لتوتال إنرجيز. وبعد الاستئناف التاريخي الأخير للعلاقات بين إيران والسعودية بوساطة الصين وروسيا ولو بشكل أقل، فهمت طهران أن عليها أن تفعل كل شيء ممكن لمنع الشركات الغربية من إبرام صفقات في العراق.

وقال مصدر مختص في أمن الطاقة في الاتحاد الأوروبي لأويل برايس إن مسؤولا رفيع المستوى من الكرملين أخبر إيران أنه “بإبقاء الغرب بعيدا عن صفقات الطاقة في العراق وتقريب بغداد إلى المحور الإيراني - السعودي الجديد، ستصبح نهاية الهيمنة الغربية في الشرق الأوسط الفصل الحاسم في الزوال النهائي للغرب".

 

ويتماشى هذا مع ما تريده الصين من الشرق الأوسط في مخططها المحدد في مشروع الحزام والطريق. وهي تريد تحويل المنطقة إلى محطة نفط وغاز كبيرة يمكنها من خلالها تعزيز نموها الاقتصادي لتتفوق على الولايات المتحدة باعتبارها القوة الاقتصادية والسياسية الأولى بحلول 2030.

وتوجد أكبر ثلاثة احتياطيات من النفط والغاز في المنطقة في إيران والعراق والسعودية، مما يدفعها إلى تأكيد نفوذها عبر هذه الدول في البداية. لكن أهداف روسيا، التي تمتلك بالفعل الكثير من النفط والغاز، في الشرق الأوسط تبقى أكثر تنوعا. ويكمن أحد أهدافها في مواصلة ممارسة النفوذ في العديد من البلدان التي تعتبرها أساسية للحفاظ على بعض سيطرتها على دول الاتحاد السوفياتي السابق. ويكمن هدف آخر مُستجدّ في اعتماد هذا التأثير لتعزيز مكانتها كشريك مهم للصين.

وستدخل الصفقة الضخمة البالغة 27 مليار دولار حيز التنفيذ في غضون أربعة أسابيع، وستغير قواعد اللعبة بالنسبة إلى العراق. ويكمن أهم المشاريع الأربعة في استكمال مشروع الإمداد المشترك بمياه البحر (سي.إس.إس.بي). وهو حاسم لتمكين العراق من الوصول إلى أهدافه طويلة المدى لإنتاج النفط الخام والتي تبلغ 7 ملايين برميل يوميا، ثم 9 ملايين برميل ثم ربما 13 مليون برميل يوميا.

ويشمل المشروع استخراج مياه البحر من الخليج ومعالجتها ثم نقلها عبر خطوط الأنابيب إلى منشآت إنتاج النفط للحفاظ على الضغط في مكامن النفط لإطالة فترة نشاط الحقول وتعزيز إنتاجها. وتتمثل خطة المشروع التي طال تأجيلها في توفير حوالي 6 ملايين برميل من المياه في البداية لما لا يقل عن خمسة حقول في جنوب البصرة وواحد في محافظة ميسان، ثم توسيعها لاستخدامها في حقول أخرى.

ويحمل المشروع الثاني ضرورة ملحة تكمن في جمع الغاز الطبيعي المصاحب وتكريره، حيث يتواصل حرقه في خمسة حقول نفطية في جنوب العراق وهي حقل مجنون وغرب القرنة 2 واللحيس وأرطاوي والطوبا. وأبرزت تعليقات وزارة النفط العراقية الأولية العام الماضي أن المصنع الذي يشارك في هذه العملية من المتوقع أن ينتج 300 مليون قدم مكعب من الغاز يوميا ثم يضاعف ذلك بعد مرحلة ثانية من التطوير.

وصرّح وزير النفط العراقي إحسان عبدالجبار العام الماضي أن الغاز المنتج من مشروع توتال إنرجيز الثاني في الجنوب سيساعد العراق على قطع وارداته من الغاز من إيران. كما سيسمح الاستيلاء الناجح على الغاز المصاحب بدلا من حرقه للعراق بإحياء مشروع البتروكيماويات المتوقف منذ فترة طويلة مع شركة نبراس للطاقة الذي تبلغ تكلفته 11 مليار دولار، والذي يمكن استكماله في غضون خمس سنوات ليحقق أرباحا تقديرية للبلاد تصل إلى 100 مليار دولار خلال مدة العقد المبدئي التي تبلغ 35 عاما.

المصدر: صحيفة العرب اللندنية

بابه‌تی په‌یوه‌ندیدار
مافی به‌رهه‌مه‌كان پارێزراوه‌ بۆ دره‌و
Developed by Smarthand