انتخابات برلمان إقليم كردستان مع انتخابات مجالس المحافظات؟
2023-05-31 15:57:49
عربية:Draw
شكّلت الانتخابات النيابية المبكرة في العراق في العام 2021 نقطة تحول مفصلية، وهي الخامسة منذ دستور بريمر عام 2003، وأول انتخابات تجري وفق نظام الدوائر الانتخابية في المحافظات العراقية تجدر الاشارة إلى أنّ رئاسة إقليم كردستان العراق قد حدّدت18 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل موعداً لإجراء انتخابات برلمان الإقليم. كما أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية بدء استعداداتها الفنية لانتخابات مجالس المحافظات، حيث صوّت مجلس النواب في مارس/ آذار الماضي، على تحديد 6 نوفمبر/ تشرين الثاني موعداً لإجراء انتخابات مجالس المحافظات .
وتشمل هذه الانتخابات 15 محافظة من أصل 19 محافظة، إذ إن هناك أربع محافظات: دهوك وأربيل والسليمانية وحلبجة ( المحافظة الجديدة)، ضمن إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي.
كما تجدر الاشارة إلى أنّ المفوضية قد شكلت لجانًا فنية مختصة للاستعداد للانتخابات، خاصة بمجالس المحافظات بوضع المواصفات الفنية والكمية والإعداد للأجهزة والكلف التخمينية والجوانب الفنية والإدارية العامة
وبحسب دستور 2003، فإن لمجالس المحافظات صلاحيات واسعة، بسبب عدم خضوعها لسيطرة أو إشراف أي وزارة، وتتمتع بصندوق مالي مستقلّ، وبصلاحيّات إداريّة واسعة؛ ما يجعلها شبه إدارات ذاتيّة داخل الدولة الفدراليّة. بالتزامن مع إجراء الانتخابات البرلمانيّة الكرديّة.
مخاوف لوجستيّة
يشترط القيّمون على إجراء الانتخابات تحقيق إجراءات لوجستيّة، قد تكون صعبة لكنّها ليست مستحيلة. ومنها مثلاً تحديث بيانات النّاخبين بايومتريًّا، وهذا ما قد يسهّل العمليّة الانتخابيّة من مختلف نواحيها، ويساهم في الحدّ من بعض محاولات الاحتيال أو التزوير التي قد تحدث
كما أنّ عدد المسجلين لم يتجاوز بعد الـ18 مليونًا من أصل 28 مليونًا يحقّ لهم التصويت. وهذا ما قد ينعكس ضعفًا في المشاركة. لعلّ ذلك ناتج عن غياب حملات التوعية والتثقيف الانتخابي من قبل الحكومة أوّلاً، ومن قبل بعض الأحزاب.
بعض الوجوه المسيحيّة الفاعلة
لاستمزاج الآراء الانتخابيّة، كان لمنصّة جسور عربيّة حديث مع "روبینا تياري" عضو برلمان إقليم كردستان، والمنضوية في تحالف الوحدة القومية من تيّار شلاما.
تشارك " تياري" في اللجان البرلمانيّة كلجنة الشؤون القانونية، ولجنة المناطق الكردستانية خارج الاقليم. وتجدر الإشارة إلى أنّ عدد المقاعد من الكوتا المخصصة للكلدان السريان الاشوريوين خمسة للناطقين بالسريانيّة ومقعد للأرمن ليصبح عددها ستّة. والنائب روبينا تياري هي أحد الاعضاء الثلاثة لكتلة الوحدة القومية في برلمان كردستان التي يرئسها "روميو هكاري" وهو رئيس حزب بيث نهرين، وتضمّ الكتلة أيضًا "جنان جبار" رئيس المجلس القومي الكلداني.
التحضيرات المسيحيّة
أمّا بالنسبة إلى التحضيرات المسيحية للإنتخابات القادمة في إقليم كردستان فتعتقد "تياري" أنّه ستكون "عدة قوائم، وربما سيكون هناك اتحاد بين بعض من الاحزاب المسيحية." وتوكّد "بشكل عام سيكون هناك عدة قوائم .
عن آخر المستجدّات بالنسبة إلى قانون الانتخابات تلفت في حديثها لجسور إلى أنّه " تم التصويت على تفعيل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات." لكنّها تعتقد أنّه "سيتم مناقشة قانون الانتخابات في وقت لاحق."
أمّا فيما يتعلّق بالكوتا المسيحيّة التي شرحناها أعلاه، يتمّ التباحث في إمكانيّات مختلفة كأن يكون هنالك صناديق خاصة بالمكون المسيحي مثلاً. فيما يعمل بعضهم لأن تكون الصناديق مشترَكَة. ومن حيث مطالبة القوى المسيحيّة تلفت " تياري" في حديثها إلى أنّهم كأكبر كتلة مسيحية طالبوا بأن" تكون الانتخابات بدائرة موحدة".
معوّقات لوجستيّة وتشريعيّة
لكن يبقى أنّ موضوع الصناديق الخاصّة مرتبط ببعض المسائل اللوجستيّة حيث تشير "تياري" في معرِضِ حديثها لجسور أنّهم طالبوا بأن " يكون للمكونات القومية يوم خاص للإدلاء بأصواتهم. فإذا تمّ تحقيق هذا الطلب سيكون هناك صناديق خاصة بهم."
وفيما يتعلّق بالقوانين والتشريعات النيابية بما يخصّ برلمان كردستان، من حيث المحافظة على الوجود المسيحي الحرّ، وتطلعات المسيحيين في الاقليم ترى " تياري" أنّ المسيحيين داخل الإقليم "لا يواجهون أيّ مشاكل من هذا الاتجاه."
مع الملاحظة إلى أنّ الناحية المدنيّة والدينيّة بالنسبة إلى القوميّات المسيحيّة في الإقليم هي أفضل بكثير من المركز. فيما يتحفّظ بعض المراقبين للشأن العراقي من خارج العراق على مصادرة بعض الحقوق السياسيّة للمسيحيّين.
لكنّ " تياري" ترى في حديثها لجسور أنّ حكومة الإقليم قد " سنّت عدة قوانين تحافظ على المساواة والعدالة بين المواطنين جميعهم داخل الاقليم." وتبقى بعض المخاوف من أن يتمّ استغلال هذه المعوّقات بطريقة سياسيّة لضرب حقيقة التمثيل المسيحي في الإقليم.
ترجيح التوصّل إلى حلّ مشترَك
عن مستوى وطبيعة المشاركة في الانتخابات البرلمانيّة الكردستانيّة، وإذا ما كانت الاحزاب والقوى السياسية كافّة ستشارك في هذه العمليّة، أو إذا كان هنالك أيّ احتمال لوجود مقاطعة، لا سيّما وأنّ بعض الجهات السياسيّة تعترض على قانون الانتخابات الحالي؛ فتتوقّع " تياري" أن " تتوصّل الأطراف جميعها إلى حلّ مشتَرَك للصالح العام. وتؤكّد أنّ "المشاركة في الانتخابات استحقاق وواجب في الوقت نفسه."لكن ماذا عن إمكانيّة الاتّفاق على إبقاء حصّة المسيحيين ستّة مقاعد، أو عن وجود أيّ نية في زيادتها أو حتّى إنقاصها؟
تختم "تياري" حديثها لجسور مؤكّدةً أنّ "المقاعد الحالية ستبقى على حالها" وتلفت إلى أنّهم كقوى سياسيّة طالبوا "بزيادة عدد هذه المقاعد".
في المحصّلة
إنّ الانتخابات البرلمانيّة الكردستانيّة التي تمّ التوافق على إجرائها بعد أكثر من عام على الخلافات السياسية بشأن آليتها وتوزيع الدوائر الانتخابية بين مدن الإقليم، وبعد تمكّن الأحزاب الكردية السبعة الأكثر نفوذًا من الوصول إلى اتفاق وهي: "الاتحاد الوطني الكردستاني" بزعامة بافل الطالباني، و"الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود البارزاني، و"حركة التغيير"، و"الاتحاد الإسلامي"، و"جماعة العدل"، و"الشيوعي الكردستاني" و"العمال والكادحين"؛ من المتوقّع ألا ينحصر الإطار التنافسي فيما بينها على قاعدة توافقيّة انسجامًا مع توافق إجرائها.
أمّا بالنسبة إلى أهميّة انتخابات مجالس المحافظات العراقيّة فهي تكمن في قدرتها على تفعيل الحياة السياسيّة العامّة في العراق ككلّ. كما تلعب دورًا تنمويًّا أساسيًّا في الحياة اليوميّة للشعب العراقي على اختلاف انتماءاته. ويبدو من الوقائع السياسيّة والمتابعات اليوميّة للأحداث العراقيّة أنّ هذه الانتخابات في الإقليم لن تكون حادّة، حيث ستقتصر المنافسة على الخدمة العامّة الأفضل للناس.
أمّا في محافظات المركز فمن المرجّح أن تتحوّل هذه الانتخابات إلى مادّة خلافيّة جديدة بين قطبي الحكم أيّ التيّار والإطار. وذلك في محاولة من طرفي الصراع لتثبيت الوجود الشعبي تمهيدًا للسيطرة السياسيّة التامّة في الانتخابات البرلمانيّة القادمة المتوقّع حصولها في العام 2025 في حال أنهى مجلس 10 أكتوبر 2021 ولايته بسلام.