تركيا تتجاهل طلب العراق العودة إلى تصدير النفط
2023-05-13 22:32:13
عربية:Draw
رفضت تركيا السماح للعراق باستئناف صادرات النفط عبر خط الأنابيب الذي يصل حقول نفط كردستان بميناء جيهان، ما ينذر بإثارة أزمة إذا ما تخطى الرفض الأيام التي تعقب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة اليوم الأحد.
وكان وزير النفط العراقي حيان عبدالغني وجه طلبا رسميا يوم الجمعة بأن العراق يريد استئناف صادرات النفط عبر خط أنابيب من إقليم كردستان في شمال العراق إلى ميناء جيهان التركي اعتبارا من يوم السبت، إلا أنه لم يتلق ردا، مما يشكل تجاهلا يرقى إلى مستوى الإهانة، قياسا بما تعنيه “المصالح المشتركة” بين البلدين.
وقال عبدالغني إن العراق مستعد لضخ 485 ألف برميل يوميا من بينها 400 ألف برميل من إقليم كردستان وما يتراوح بين 75 ألفا و85 ألفا من حقول كركوك النفطية، إلا أن الشحنات لم تتحرك مع بقاء الأنبوب مغلقا.
وتحاول تركيا ابتزاز العراق من أجل التخلي عن حقوقه في تعويضات تبلغ 1.5 مليار دولار نجمت عن مخالفة تركيا لطلب سابق للعراق بعدم تصدير النفط من حقول كردستان من دون موافقة شركة تسويق النفط المركزية العراقية. وواصلت أنقرة تصدير النفط واستهلاكه بسعر منخفض يصل إلى نحو 20 دولارا للبرميل، بالتوافق فقط مع حكومة الإقليم، بشكل غير قانوني في الفترة من 2014 إلى 2018.
وأوقفت تركيا في 25 مارس الماضي عمليات الضخ بعد الحكم الذي صدر عن غرفة التجارة الدولية في باريس، إلا أنها واصلت إغلاق الأنابيب حتى بعدما تلقت الطلب الرسمي من العراق باستئناف التصدير. وتتذرع تركيا بأنها تريد إجراء عمليات فحص وصيانة للأنابيب.
وقال عبدالغني إن دفع التعويضات ليس مطروحا للنقاش مع تركيا. ولكن وكالة رويترز نقلت عن مصادر قولها “إن تركيا تسعى للتفاوض حول هذه التعويضات وإنها تريد حلا نهائيا لقضايا تحكيم مفتوحة أخرى قبل استئناف التدفقات”.
وعلى الرغم من أن وزير النفط العراقي أعرب عن تفاؤله باستئناف ضخ النفط، إلا أن وكالة بلومبرغ الأميركية نقلت عن مسؤول تركي رفضه الافتراض بأنّ النفط العراقي على وشك التدفق مرة أخرى.
وهناك ما يبرر الخشية من أن تميل الحكومة العراقية إلى قبول الإهانة، بالرهان على عودة الضخ، وقد تلجأ إلى المساومة حول مبلغ التعويضات، أو طريقة تسديدها، بدلا من البحث عن بدائل أخرى لتصدير نفط حقول كردستان.
ويقول مراقبون إن العراق لا يعجز عن ضخ 450 ألف برميل إضافية يوميا من موانئ البصرة وتسديدها إلى حساب دائن لصالح إقليم كردستان، ريثما يتم العثور على خط تصدير بديل يتجاوز تركيا جملة وتفصيلا. ويتمثل أحد البدائل بإحياء خط التصدير إلى ميناء بانياس. وهو ما يتطلب إصلاحات غير معقدة، ولكنه يتطلب موافقة من جانب الولايات المتحدة التي تفرض عقوبات ضد سوريا.
وتشمل البدائل الأخرى، إيجاد أنابيب تربط حقول كردستان بحقول نفط كركوك. كما أن الأردن سبق وأن طلب زيادة وارداته من النفط، إلا أن الأحزاب الموالية لإيران ما تزال تقف حجر عثرة أمام تنفيذ هذا الطلب، وهي تقبل المساومة مع تركيا على أن تلبّي مصالح العراق مع الأردن. وقال عبدالغني إن حكومة إقليم كردستان وافقت على السماح لسومو بتسويق نفطها الخام وتحديد الأسعار بنفس الصيغة التي تستخدمها سومو لنفطها. وقالت ثلاثة مصادر مطلعة لوكالة رويترز إن عائدات تصديرها ستودع في حساب مصرفي لحكومة الإقليم لدى بنك سيتي في الإمارات، وسيكون بمقدور بغداد إجراء أعمال تدقيق.
كما أبرمت سومو عقودا مع المشترين لخام حكومة إقليم كردستان. وقال أحد المصادر الثلاثة إن العقود المبرمة مؤخرا تصل مدة سريانها إلى ثلاثة أشهر لكنها لا تغطي حجم الديون الكبيرة المستحقة على حكومة إقليم كردستان لشركات تجارية. ولكن مسؤولين في وزارة النفط قالوا إن مسألة ديون حكومة إقليم كردستان قضية ثانوية أمام التعنت التركي، وإن الحكومة العراقية جادة في التوصل إلى اتفاق يرضي الطرفين.
ويشكل توقف ضخ النفط إلى ميناء جيهان عامل ضغط على توازنات الأسواق، ويخفض الإمدادات لبعض المستوردين في أوروبا، كما أنه يزيد المشكلات التي تواجه شركات النفط العالمية والتي تؤدي إلى تأخير الإنتاج وتكاليف إضافية مثل فترات الانتظار الطويلة لإصدار تصاريح دخول الموظفين وإجراءات الإفراج من الجمارك.
وقالت شركة النفط النرويجية “دي.إن.أو” العاملة في كردستان إنه “إلى أن يتم استئناف التصدير وانتظام المدفوعات لمبيعات النفط السابقة والجارية، لا تستطيع “دي.إن.أو” تقديم أيّ توقعات لإنتاج كردستان للعام بأكمله”.
بدورها، ألغت “جينيل إنرجي”، توقعاتها للإنتاج في 2023، قائلة إنها لم تعد صالحة للإعلان في ظل إغلاق خط الأنابيب بين العراق وتركيا منذ مارس.
وقالت الشركة التي تركز أنشطتها على إقليم كردستان العراق إنها ستصدر توقعات جديدة بمجرد إعادة فتح خط الأنابيب وتأكيد خطط الاستثمار.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة بول وير إن “استمرار إغلاق خط الأنابيب بين العراق وتركيا أمر مخيب للآمال للغاية، وبرغم استمرار التكهنات بشأن توقيت استئناف التصدير، لا يمكننا التنبؤ بأيّ يقين بموعد استئناف الصادرات”.
ويقدر حجم الخسائر الناجمة عن توقف الصادرات بنحو 35 مليون دولار يوميا. وفي حال تجاوز التوقف 60 يوما متواصلة فإن الأضرار التي تلحق بالعراق سوف تبلغ نحو ملياري دولار، أي أكثر من حجم التعويضات التي تحاول تركيا التهرب من دفعها.
المصدر: صحيفة العرب اللندنية