قرار هيئة تحكيم دولية بشأن نفط كردستان يضاعف الضغوط على أربيل
2023-03-27 06:50:52
عربية:Draw
تقول أوساط سياسية عراقية إن القرار الصادر عن هيئة تحكيم دولية بشأن النزاع الدائر بين بغداد وأنقرة منذ سنوات حول تصدير نفط كوردستان عبر ميناء جيهان التركي من شأنه أن يشكل عامل ضغط إضافي على قادة كوردستان في المفاوضات الجارية بينهم والحكومة الاتحادية حول القضايا العالقة.
وتوضح الأوساط أن قوى الإطار التنسيقي التي تشكل المظلة السياسية لحكومة محمد شياع السوداني ستحرص على استغلال القرار الذي يصب لصالح بغداد، من أجل الضغط على الإقليم للحصول على المزيد من التنازلات.
وتخوض حكومة كوردستان التي يقودها مسرور بارزاني منذ أشهر مفاوضات ماراثونية مع حكومة السوداني من أجل إنهاء الملفات الخلافية بين الجانبين، ومنها قانون النفط والغاز المعطل منذ سنوات.
وقد نجح الطرفان في تحقيق بعض الاختراقات في علاقة بحصة الإقليم من الموازنة المالية للبلاد والتي تقدر بـ152 مليار دولار، بتخصيص 12 في المئة منها لكوردستان العراق، على أن يتم إيداع عائدات النفط الخاصة بالإقليم في حساب بنكي خاضع للحكومة العراقية. ويراهن الطرف الكوردي على أن تؤدي هذه التوافقات إلى تسوية لباقي الملفات ومنها قانون النفط والغاز، لكن قرار هيئة التحكيم الدولية قد يفتح شهية البعض من القوى السياسية للمساومة والابتزاز.
ورجحت رئاسة إقليم كردستان الأحد استئناف تصدير النفط مرة أخرى عبر الأنبوب الممتد إلى ميناء جيهان التركي وذلك تعقيبا على الحكم الدولي الذي كسبته الحكومة الاتحادية والذي تسبب بإيقاف التصدير من ذلك الأنبوب.
وقال المتحدث باسم رئاسة الإقليم دلشاد شهاب في مؤتمر صحافي "لغاية الآن لا نعلم بصدور قرار رسمي بشأن إيقاف تصدير نفط إقليم كوردستان"، مؤكدا ذهاب وفد من حكومة الإقليم إلى العاصمة بغداد للتباحث حول هذا الشأن مع الجهات ذات العلاقة.
وأضاف أن هناك اتفاقا بين تركيا وحكومة كوردستان بشأن تصدير النفط، مثلما هناك اتفاق بين العراق وتركيا. ومضى شهاب قائلا "وإذا ما حصل توقف مؤقت لتصدير النفط، فنحن مطمئنون باستئناف واستمرار عملية تصدير نفط كوردستان". وأعلن رئيس حكومة إقليم كوردستان في تغريدة له في وقت سابق أن فريقاً من حكومته "سيزور بغداد الأحد من أجل الحوار، للبناء على النيّة الحسنة لمناقشاتنا".
وكان مصدر كوردي مطلع ذكر بأن وفدا حكوميا من الإقليم سيزور العاصمة بغداد ليبحث مع وزير النفط حيان عبدالغني مشروع قانون النفط والغاز وقرار القضاء الفرنسي حول تصدير نفط إقليم كوردستان. وأضاف المصدر أن "الوفد يتكون من وزير الثروات الطبيعية بالوكالة ورئيس ديوان مجلس الوزراء في الإقليم أوميد صباح، واللجنة المشكلة لإعداد مشروع قانون النفط والغاز مع الحكومة العراقية".
وأعلنت وزارة النفط العراقية في وقت سابق أن تركيا أوقفت السبت استيراد النفط من إقليم كردستان بعد القرار القضائي. وقال المتحدّث باسم وزارة النفط العراقية عاصم جهاد إن "تركيا أبلغت سلطات إقليم كوردستان بإيقاف التصدير انصياعاً لقرار المحكمة". وجاء في وثيقة صادرة عن مكتب شحن النفط العراقي في ميناء جيهان التركي، أكّد جهاد صحتها، "في الساعة 12:35 من يوم 2023/3/25 تم إيقاف الضخ من محطات الجانب التركي".
ويأتي هذا الإجراء الذي لم تعلق عليه السلطات التركية بعد، إثر قرار هيئة التحكيم في غرفة التجارة الدولية في باريس التي حكمت لصالح العراق في نزاعه مع تركيا بشأن صادرات النفط من إقليم كوردستان. ويعود هذا النزاع إلى العام 2014 حين رفعت بغداد دعوى ضد جارتها تركيا أمام هيئة التحكيم اعتراضاً على إعلان أنقرة عن تصدير نفط إقليم كوردستان إلى الأسواق العالمية من دون إذن الحكومة العراقية.
وعارضت الحكومة العراقية التي تجمعها علاقات متوترة أحياناً مع سلطات إقليم كوردستان ، بشدّة القرار التركي، معتبرةً أنها الطرف الوحيد الذي يحقّ له إدارة تصدير النفط من الإقليم وإيراداته. وعلى الرغم من معارضة بغداد، كانت أربيل تصدّر النفط عبر تركيا. ويبلغ معدّل تصدير الإقليم نحو 450 ألف برميل في اليوم.
وبحسب بيان لوزارة النفط العراقية السبت، فإنّ الحكم الصادر عن هيئة التحكيم الدولية “يلزم جميع الأطراف باحترام الاتفاقات والمواثيق الدولية بهذا الشأن” ويؤكد “أن وزارة النفط من خلال شركة تسويق النفط العراقية ‘سومو’ هي الجهة الوحيدة المخولة بإدارة عمليات التصدير عبر ميناء جيهان التركي".
بناء على الحكم الصادر الخميس، قالت الوزارة في بيانها إنها “ستقوم ببحث آليات تصدير النفط العراقي عبر ميناء جيهان التركي مع الجهات المعنية” في إقليم كوردستان و”مع السلطات التركية بما يضمن إدامة الصادرات النفطية، والإيفاء بالتزامات 'سومو' مع الشركات العالمية عبر ميناء جيهان".
ويشكّل ملفّ النفط ملفاً خلافياً أساسياً بين الحكومة المركزية في بغداد وسلطات إقليم كوردستان المتمتع بحكم ذاتي. وترى أربيل أن الحكومة المركزية تسعى لوضع يدها على ثروات الإقليم النفطية، فيما تطالب بغداد بأن تكون لها كلمتها في إدارة الموارد النفطية التي تستخرج من كوردستان.
وسبق وأن صدر قرار من المحكمة الاتحادية، وهي أعلى هيئة قضائية في العراق، في فبراير من العام الماضي يقضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز لحكومة إقليم كوردستان الصادر عام 2007، وإلغائه لمخالفته أحكام مواد دستورية، فضلا عن إلزام الإقليم بتسليم الإنتاج النفطي إلى الحكومة الاتحادية.
وقال بيان المحكمة، حينها، إن القرار شمل إلزام حكومة الإقليم بتسليم "كامل إنتاج النفط من الحقول النفطية في الإقليم والمناطق الأخرى، التي كانت وزارة الثروات الطبيعية في حكومة إقليم كوردستان تستخرج النفط منها، وتسليمها إلى الحكومة الاتحادية والمتمثلة بوزارة النفط العراقية، وتمكينها من استخدام صلاحياتها الدستورية بخصوص استكشاف النفط واستخراجه وتصديره".
ويرى مراقبون أن الاتفاق الأخير بين الحكومة والإقليم بشأن إيداع إيرادات النفط والغاز ضمن حساب بنكي للحكومة الاتحادية في مقابل الإفراج عن حصة الإقليم من الموازنة العامة يشكل مدخلا مهما للتسوية، لكن ذلك لا ينفي وجود مخاوف مشروعة لدى الجانب الكردي من أن تعمد بعض القوى إلى تعطيل اتفاق نهائي بشأن قانون النفط والغاز في سياق عملية مقايضة بملفات أخرى ومن ملفات ترتبط بحسابات القوى الإقليمية النافذة في العراق كإيران.
ويعدّ العراق ثاني أكبر الدول النفطية في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، وهو يصدّر ما معدّله 3.3 ملايين برميل من النفط الخام في اليوم.
المصدر: العرب