حساب أموال النفط: خطوة للتسوية بين بغداد وأربيل أم تهدئة مؤقتة
2023-03-17 22:19:34
عربية:Draw
تظهر ردود الفعل الأولى في العراق أن تخصيص حساب بنكي لإيرادات نفط إقليم كردستان وجعله تحت رقابة الحكومة خطوة من شأنها أن تقود إلى تسوية للعناصر الخلافية بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة الإقليم. لكن مراقبين يرون أن هذه الخطوة قد تكون مجرد واجهة لتهدئة مؤقتة يعود بعدها التوتر لأن الأكراد يرون أن هذا الإجراء يحد من استفادتهم من عائدات نفط الإقليم.وقال المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي هشام الركابي إن التفاهم بين الحكومة العراقية الاتحادية وحكومة إقليم كردستان يسمح بأن تكون إيرادات الإقليم بحساب معلوم وتحت رقابة الحكومة.
وأكد الركابي، في تغريدة على حسابه الرسمي في تويتر، أن “التفاهم العالي وحرص الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان أسفر عنه ما ورد في الموازنة الاتحادية”.
وأضاف “لأول مرة منذ عام 2003 تكون إيرادات نفط الإقليم في حساب معلوم وتحت رقابة الحكومة الاتحادية، وفي ضوء ذلك أُغلِقت الحسابات الأخرى كلها”.
قد تؤدي هذه الخطوة إلى تحقيق اختراق في الخلاف المستمر منذ فترة طويلة بشأن تقاسم عائدات النفط بين الحكومة الوطنية العراقية وإقليم كردستان، خاصة أن الاتفاق على مدفوعات منتظمة من الموازنة سيساعد حكومة الإقليم على تخفيف تراكم رواتب موظفيها.
وسعى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني منذ تسلمه الحكومة إلى البحث عن تهدئة مع إقليم كردستان، حيث زاره قبل أيام وتحدث عن “اتفاق شامل” لكل القضايا الخلافية بين الإقليم والمركز.
وخلال لقاء مع رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني أكد السوداني أن الحكومة العراقية تمتلك الإرادة والرغبة الجادة في إنهاء الملفات العالقة بين بغداد وأربيل بشكل جذري، والانتقال إلى أفق واسع من العمل المشترك والفرص الاقتصادية التي تعود بالخير على أبناء شعب كردستان وكل المحافظات.
ودفع السوداني باتجاه تحويل 400 مليار دينار عراقي (308 ملايين دولار) إلى الحكومة الكردية بعد حوالي شهرين من حكم المحكمة الاتحادية العليا بأن أوامر حكومة بغداد بتحويل الأموال إلى حكومة إقليم كردستان لدفع الرواتب في عامي 2021 و2022 غير قانونية لأنها انتهكت قانون الموازنة العراقي.
يشار إلى أن هذا الاتفاق مرتبط بالتفاهم على حصة الأكراد من الموازنة وهو اتفاق لم يلق رضاء كاملا من الإقليم لكن وضعه الداخلي الصعب اقتصاديا دفعه إلى القبول.
وبموجب الدستور العراقي من حق حكومة إقليم كردستان الحصول على جزء من الموازنة الوطنية. لكن هذا النظام انهار في عام 2014، حين سيطر الأكراد على حقول النفط الرئيسية في شمال العراق بكركوك من مقاتلي تنظيم داعش، وبدأوا في بيع الخام من هناك بشكل مستقل.
ويرى المراقبون أن التهدئة السياسية القائمة على الحماس الشخصي من رئيس الوزراء العراقي قد تؤجل الخلافات لكنها لا تحلها، مشيرين إلى أن الخلاف الجوهري يرتبط بأجندة إقليم كردستان التي تنبني على الانفصال وتسعى إلى تهيئة شروطه، وأن رؤيتها لإدارة عائدات النفط تدخل تحت هذه الأجندة، وأنه مهما قدمت الحكومة المركزية من تنازلات فستكون دون انتظارات قادة الإقليم.
ومنذ عام 2003 تختلف بغداد وأربيل على موضوع إدارة الحقول النفطية في الإقليم، حيث تقول بغداد إن الإقليم لا يصرّح بالمبالغ الحقيقية لتصدير النفط، ولا يسلم تلك المبالغ إليها، بينما تقول كردستان إن الصادرات من الحقول النفطية في أراضيها يجب أن تخضع لإدارتها، سواء من ناحية منح التراخيص للاستكشافات الجديدة، أو إدارة الحقول الموجودة أصلا، أو التحكم في الإنتاج والتصدير للوجهات التي تختارها، أو التعاقد على الشراء والتطوير.
قاد هذا التناقض إلى خلافات كثيرة حسمها قرار المحكمة الاتحادية الذي رفض قانون النفط والغاز في الإقليم واعتبر أنه غير قانوني.
وسبق أن أصدرت المحكمة الاتحادية في العام الماضي قرارا يقضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز لحكومة إقليم كردستان الصادر عام 2007، وإلغائه لمخالفته أحكام مواد دستورية، فضلا عن إلزام الإقليم بتسليم الإنتاج النفطي إلى الحكومة الاتحادية.
وفي يناير الماضي زاد التوتر بين بغداد وأربيل بعد أن قضت المحكمة الاتحادية، وهي أعلى هيئة قضائية في العراق، بعدم دستورية إرسال الحكومة مبالغ مالية لتمويل رواتب الموظفين والعاملين في القطاع العام في إقليم كردستان.
واتهم مسعود بارزاني في رسالة مفتوحة إلى الرأي العام المحكمة الاتحادية بتنفيذ أجندات مشبوهة، داعيا الأطراف المكونة لائتلاف إدارة الدولة إلى بيان مواقفها حيال ما وصفه بانتهاكات المحكمة ضد مصالح العراق وإقليم كردستان.
وقال إنه كلما سنحت فرصة لتوفير جو إيجابي بين إقليم كردستان وبغداد، وظهرت بوادر لحلحلة المشاكل، عملت المحكمة الاتحادية فورا على إجهاض ذلك بقرار عدائي، مما أدى إلى تعقيد المشاكل.
المصدر: صحيفة العرب