كركوك قبل وبعد الاستفتاء - وأحداث 16 تشرين الاول عام 2017
2022-06-22 11:49:40
عربية Draw :
قبل أن أدخل في تفاصيل هذا الموضوع، أود الإجابة عن سؤالين أثنين:
1- لو لم يقم الإقليم بإجراء الاستفتاء، هل كانت الحكومة الاتحادية تقوم بالسيطرة على كركوك بالقوة العسكرية؟
بدون شك، حتى لو لم يقم الإقليم بإجراء الاستفتاء لكانت الحكومة العراقية تستعيد السيطرة على كركوك،ولكن كانت تبعات ونتائج هذا الاجراء أقل وطأة على ماهي عليها الان، كان بإستطاعة الكورد تشكيل مجموعات ضغط ( لوبيات) للحصول على الدعم الدولي وخاصة من دول التحالف، التي كانت داعمة للكورد منذ سقوط النظام السابق في 2003 وحتى الانتهاء من الحرب على تنظيم داعش في عام 2017، كان من المتوقع عودة الجيش العراقي الى كركوك قبل عام 2014 ، الى نفس أمكان نفوذه وسيطرته، ولكن مع وجود أمر واقع وهو بقاء سلطة الكورد بالاعتماد على أساس المادة 140 الدستورية، التي تنص على التطبيع في المناطق المتنازع عليها.
2- لو لم يجري الإقليم الاستفتاء في كركوك، هل كانت أحداث 16 من تشرين الاول تحصل؟ وهل كانت مدينة كركوك ستواجه نفس المصير الحالي؟ بإعتقادي لو لم يجري الإقليم الاستفتاء في كركوك، لكانت النتائج مختلفة جدا، لكانت الاطراف الكوردية تحافظ على تماسكها وقوتها ومكتسابتها، وما كانت تصل الى هذا المستوى من الضعف وما كانت تتعرض الى الضغوطات ( العراقية، الايرانية و التركية) لهذه الدرجة، لكانت ستحصل على الدعم الاميركي والدولي، وماكانت العلاقات بين الديمقراطي الكوردستاني و الحكومة الاتحادية تصل الى هذا المستوى من التشنج والانسداد في كركوك والمناطق المتنازع عليها. بصيغة أخرى نستطيع أن نجزم بأن أحداث 16 من تشرين الاول كانت ردة فعل تجاه الكورد، لانهم عند ظهور تنظيم داعش في عام 2014 قاموا بإقتحام مقر الفرقة 12 التابعة للجيش العراقي في قاعدة( كيوان) وكان لهم دورأيضا في انهيار الجيش العراقي في الموصل، حيث انهم استولوا على اسلحتهم وقاموا بنهب مقراتهم هناك، بالاضافة الى ذلك كان هناك سبب رئيسي أخر وهو،" لو لم يشارك الاطراف السياسية الكوردستانية الاخرى كالاتحاد الوطني الكوردستاني و حركة التغيير في الاستفتاء، لما كان بأستطاعة الحزب الديمقراطي إجراء الاستفتاء لوحده والاصرار عليه، استطاع الكورد بعد نضال دام أكثر من ( 100) عام من تحرير كركوك في عام 1991 اثناء الانتفاضة، ودام سيطرتهم على المدينة اسبوع فقط ، بعد سقوط النظام في عام 2003، أعطت دول التحالف فرصة إدارة المدينة مرة أخرى الى الكورد رغم إعتراض دول المنطقة وخاصة تركيا، أدار الكورد المدينة لمدة 14 عاما عبر فرض السلطة وسطوة مكون واحد على باقي المكونات، والتهميش والاعتقال والتغيب والتهديد والتهديم والرعب والتهجير وكان هذا النوع من الادارة مثار استهجان وانتقاد كورد المدينة أنفسهم. فشل الحزبين الرئيسيين في إدارة كركوك ومارسوا أسوء سلوكيات التهميش والاقصاء وفقدان الثقة، حتى وصل الحال الى أن يكون هناك أدارتين داخل المدينة احداها تابعة للديمقراطي و الاخرى تابعة للاتحاد الوطني وأيضا مديريتين للاسايش ومديريتين للتربية ، مكونات المدينة كانوا ينتظرون بفارغ الصبر الفرصة السانحة للتخلص من حكم الكورد، وكان الاستفتاء والانتصارعلى داعش في عام 2017 فرصتين سانحتين لهملاستعادة كركوك، المدينة التي تشكل مع المناطق المتنازع عليها نسبة51 % من مساحة أراضي كوردستان وهي ذات أهمية كبيرة من الناحية الاقتصادية والجيوبولتيكية وتعتبر من وجهة نظر العرب (مفتاح انشاء الدولة الكوردية)، هناك تساؤلات تطرح نفسها بقوة، وهي،" بعد أن فقد الكورد ( كركوك) كم من الوقت والنضال والدماء، سيحتاجون لكي يعيدوا هذه المدينة مرة اخرى الى أحضان كوردستان؟،وهل هذه الاحزاب الكوردستانية التي كانت سببا في ضياع كركوك بإستطاعتها إستعادة كركوك مرة اخرى ؟، الجواب هولا، لان هذه الاطراف لم تأخذ عبرة من أخطاء الماضي ويمكن أن نتأكد من ذلك بكل سهولة، أنظر الى الصيغة التي يقومون من خلالها بإدارة إقليم كوردستان والسياسية التي يتبعونها تجاه كركوك في الوقت الحالي. ليس من المستبعد أن يكون مصير إقليم كوردستان كمصير كركوك في ضل السياسية الخاطئة وغير المدروسة لهذه النخبة الحاكمة. وقد حذرت المبعوثة الاممية جينين بلاسخارت وحذرالسفير الاميركي السابق في العراق ماثيو تولر أيضا في أيار 2022 ،حكام الإقليم من مغبة الاستمرار في هذه السياسية الخاطئة التي من الممكن أن تتسبب بإنهاء تجربة الاقليم. البيانات والارقام التي حصلت عليها، تبين وبشكل واضح أن تبعات وارتدادات أحداث 16 تشرين الاول 2017 ماتزال مستمرة في كركوك، قبل هذا التاريخ كان الكورد يسيطرون على مفاصل الحكم في المدينة و يشكلون الاكثرية في كل الدوائر والمؤسسات والاجهزة الامنية، أما الان قدعادوا الى المربع الاول، أي الى قبل عام 2003، بات الكورد بعد 2003 يشكلون 50% من أصوات الناخبين في المدينة وكانوا يحصلون على 6 مقاعد من أصل 12 مقعدا خلال انتخابات مجلس النواب ، أما الان فقد سلبت منهم كل ماكانوا يملكونه قبل الاستفتاء، انتهى عهد حكم وإدارة المدينة من قبلهم، الآن المحافظ من القومية العربية، قائمقام مركز المدينة من القومية التركمانية، وسلبت منهم ايضا استحقاقاتهم في الدوائر و المؤسسات الاخرى، والسبب يعود الى عدم انسجام واتفاق "اليكيتي والبارتي" في تمثيل الكورد بالشكل الصحيح والمؤثر في العراق وكركوك، أهملوا خلال 19عاما الماضية تطبيق المادة 140 الدستورية التي تنص على تطبيع الاوضاع في المناطق المتنازع عليها، وتم تنفيذ 20 % فقط من هذه المادة.
التوازن ونسبة الموظفين الكورد والمكونات الاخرى في الدوائر والمؤسسات الحكومية في كركوك :
يشكل الكورد نسبة 50% من السكان في كركوك، الا أن رغم ذلك يشكل الموظفين الكورد نسبة 25.6% من أعداد الموظفين في تلك الدوائر، أما التركمان فيشكلون نسبة 15 %من السكان، الا أن نسبة تواجدهم في الدوائر والموسسات الحكومية تبلغ 25.8%، يشكل العرب نسبة 35% من السكان، ومع ذلك يشكلون نسبة أكثر من 47 % من اعداد الموظفين العاملين في الدوائر الحكومية.
نسبة مدراء الدوائر الخدمية في المحافظة بين الكورد والمكونات الاخرى بعد أحداث 16 تشرين الاول 2017.
من مجموع 106 دائرة حكومية، 34 دائرة منها من حصة الكورد ، مع أن الكورد يشكلون 50% من السكان، أما التركمان الذين يشكلون 15% من السكان، حصتهم 32 دائرة حكومية.
توزيع الوحدات الإدارية على المكونات في كركوك بعد أحداث 16 تشرين الاول 2017.
من مجموع ( 8) ناحية، ناحيتين فقط تدار بالوكالة من أشخاص من القومية الكوردية وهما ناحيتي ( بردي و سركران)،.أما الاقضية، من مجموع ( 8) اقضية لم يعطى أدارة اي من هذه الاقضية الى شخص من القومية الكوردية.