معارضة تحت الطلب ...
2021-07-27 10:43:24
سعد الهموندي
ليست المرة الأولى في التاريخ الكوردي التي تواجه فيه كوردستان خطر التدخل الخارجي ، فمن هيمنة العثمانيين على مقدرات المنطقة حتى أوائل القرن الماضي، إلى تدخل القوات البريطانية، وصولاً إلى الحروب التي خاضها البيشمركة مع الأنظمة الدكتاتورية. وعند كل تهديد بالعدوان على كوردستان كانت بعض الواجهات الداخلية العاملة، تبدأ التهليل لهذا العدوان وتلميع صورته، رغم أنها حاضرة على الساحة السياسية، فتسعى بذلك إلى استثمار الرافعة السياسية التي قد يؤمنها لها العدو، بعد استنفاد إمكانيتها الذاتية على تأمين رافعتها الشعبية بعملها السياسي على الصعيد الداخلي، وذلك أن رصيدها السياسي مرهون بتحقيق الأهداف الخارجية لهؤلاء الأعداء..
فحل أزمات البلاد المتراكمة، حسب زعمهم، هو ثمنٌ باهظ على المنهوبين لكي يدفعوه، مقابل إنجاز مطالبهم المحقّة، وعليه يدخل هؤلاء في عملية طويلة يجاهدون فيها لإقناع فقراء البلد بضرورة التدخل الخارجي، كحلٍ وحيد لأزمتهم المتفاقمة..
وقد جاء تغييب البرنامج السياسي لهذه القوى اللاوطنية، ليعبر في جوهره عن ارتهانها لإجندات هذه الدول التي سعت، ومازالت تسعى، إلى تفكيك بنية جهاز أمن كوردستان وإضعاف الانتماء للوطن فكانت مواقفهم على الدوام صدى لمواقف هذه الدول كيفما جاءت...
وإن موقف الدول المجاورة برفضه الاستفتاء، كان لسان حال القوى اللاوطنية التي كانت تتلقف تصريحات الدول المجاورة على اختلافها، وتعيد صياغتها كمواقف ومبادرات تعبر عنها علانية...
لذلك فلا يحق اليوم لأحزاب الديكور التي ولد بعضها من رحم أحزاب أخرى أن تدعي البطولة وأن تحمل خطابا ثورياً، في حين كانوا هم المتنفذين داخل الأحزاب الحاكمة وكانوا ينهبون الشعب ويأكلون من خيرات الوطن.
كما لا يحق لمن دعم أهداف أعداء الكورد أن يكون صاحب قرار سياسي أو أن يكون طرفاً في لعبة خسيسة هدفها تشويه حكومة مسرور البارزاني، خاصة أنهم اليوم يلعبون دور الضحية محاولين خلط أوراق الحقيقة بالأوراق المزيفة، لكن هذا الشعب ذكي وفطن ولن يثق بهم، وعليه فإن أرادوا استرجاع احترام الكورد جميعاً عليهم أن يعتذروا للشعب كما فعلت شخصيات سياسية وإعلامية في زمن ملا مصطفى ومسعود البارزاني ، بعد أن ندموا على ماضيهم التعيس.
فالمشكلة اليوم أن الكثير من الأحزاب المعارضة في كوردستان إذا أرادت أن تتميز دون عناء تبدأ بانتقاد سياسة مسرور البارزاني الأمنية التي تعمل دوماً على جعل الآمان الخط الأول، وهذا بالضبط ما يقلق أعداء الكورد فهؤلاء المتسلقون يريدون أولاً إبعاد مسرور عن خطوات أبيه الذي حمل راية الإصلاح والانتماء، وثانياً يريدون إضعاف هذه العائلة السياسية التي صنعت تاريخ هذه الأرض.
لذا فعلى الشعب الكوردي اليوم أن يلعب دور المصفاة التي تُميّز الصالح من الطالح من الخبيث، وأنا على يقين بأن الشعب قادر على أن يفرق بين الحقيقي والمزيف دون وصية من أحد، وسيبقى هذا الشعب هو الضامن الوحيد لحياة سياسية تتمتع بديمقراطية حقيقية وآمان مستدام.