تحالف الإتحاد الوطني وحركة التغيير .. في صالح مَن؟
2021-05-04 19:50:39
تقرير : الحصاد
لحركة التغيير اتفاقان سياسيان اثنان مع الإتحاد الوطني الكوردستاني، أحد الاتفاقين ولِد ميتاً ولم يبصر النور، والثاني لم يُنَفَّذ بجدية وتم تنفيذه بالنقصان، والآن ابرمت اتفاقها الثالث المتمثل بتشكيل تحالف للاشتراك في الانتخابات العراقية المبكرة، ما الاستفادة التي يحصل عليها الاتحاد والتغيير من بعضهما؟
هل يكون تحالف الإتحاد والتغيير بديلاً للحزب الديمقراطي في البرلمان العراقي المقبل؟
الاتحاد والتغيير .. اتفاق جديد
ابرم الإتحاد الوطني الكوردستاني وحركة التغيير اتفاقاً جديداً بينهما وتحت اسم "تحالف كوردستان"، وقررا المشاركة معاً في الانتخابات البرلمانية العراقية، وهذا التحالف يترأسه لاهور شيخ جنكي الرئيس المشترك للإتحاد الوطني الكوردستاني.
يعتبر هذا الاتفاق هو ثالث اتفاق سياسي الذي يبرمه حركة التغيير منذ تأسيسه عام 2009، مع الاتحاد الوطني الكوردستاني.
بعد أسبوع من الحوار وبعيداً عن عيون وعدسات الاعلام، لم يفصح الإتحاد والتغيير للرأي العام عن اية معلومات ماعدا انهما شكلا تحالفاً للانتخابات، وهذا ما جاء متأخراً، بشكلٍ لم ينشر إعلام الحزبَين حتى اسم التحالف الى ان تم تسجيل التحالف لدى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.
لا يعرف تفاصيل الاتفاق حتى الآن، هل هذا الاتفاق يخص الانتخابات وتوزيع المقاعد على أساس الدوائر الانتخابية؟ ام هو إتفاق سياسي ويستمر الى ما بعد الانتخابات وأن الطرفين قد وَحَّدا رؤيتهما تماماً على المستوى العراقي؟
هناك احتجاج داخل الإتحاد الوطني على الإتفاق، أسرة كوسرَت رسول علي، رئيس المجلس السياسي الأعلى للاتحاد يقولون انهم ليسوا على علم بالإتفاق ولم يُوضَع اربيل موضع اعتبار في الإتفاق، مُلا بختيار يصف الإتفاق بالإتفاق "الاضطراري" الذي التجأ اليه الطرفان بسبب ضعف موقعهما الشعبي، بإختصار بافل الطالباني ولاهور شيخ جنكي الرئيسان المشتركان للاتحاد الوطني هما مهندسا الاتفاق، اللذان تنصب اعينهما من بعد وفاة نَوشيروان مصطفى، المنسق العام السابق لحركة التغيير، على إعادة جل حركة التغيير الى احضان الإتحاد الوطني الكوردستاني.
حول الإتفاق
منذ إتخاذ قرار اجراء الانتخابات المبكرة في العراق وقياديي حركة التغيير حبذوا فكرة تشكيل تحالف ثلاثي (الحزب الديمقراطي الكوردستاني + الاتحاد الوطني الكوردستاني + حركة التغيير) وبذلوا جهداً لتشكيل هذا التحالف، إلا ان الحزب الديمقراطي والإتحاد الوطني لم يوفقا في التوصل الى اتفاق.
عندما قرر كل من الإتحاد الوطني والحزب الديمقراطي المشاركة في الانتخابات بشكل منفرد، وجدت حركة التغيير نفسها امام أربعة سيناريوهات :
* المشاركة في الانتخابات بشكل مستقل.
* المشاركة مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني في الانتخابات.
* المشاركة مع الاتحاد الوطني الكوردستاني في الانتخابات.
* المشاركة مع المعارضة في الانتخابات.
من بين السيناريوهات الأربعة اختارت حركة التغيير التحالف مع الاتحاد الوطني، لأن الاختيارات الاخرى لم تكن لتضمن العدد المرجو من المقاعد التي كانت الحركة تطالب بها، لأن المشاكل الداخلية في الحركة ومشاركتها في الكابينة الحكومية التاسعة الحالية كانت قد اضعفت موقعها الجماهيري بصورةٍ غير محسودة عليها.
اختيار حركة التغيير للاتحاد الوطني للتحالف معه يمكن ان يكون خياراً اضطرارياً للحركة وخصوصاً ام الحركة لديها اتفاق في اقليم كوردستان مع الحزب الديمقراطي، ويمكن لهذا التقارب الذي قام به الحركة نحو الاتحاد الوطني ان يضر في الآخر باتفاق الحركة مع الحزب الديمقراطي من جهة، لكن من جهة اخرى يمكن للاتفاق ان يحول حركة التغيير من قوة يستخدمه تارةً الحزب الديمقراطي ضد الإتحاد الوطني، ويستخدمه الإتحاد الوطني ضد الحزب الديمقراطي تارةً اخرى، الى قوةٍ يمكنها ان تستخدم تلكما الحزبان ضد بعضهما البعض.
في المقابل يستفيد الاتحاد الوطني من الاتفاق بأنه يستطيع من جديد ان يجمع مقاعد منطقته في سلة واحدة وينافس بها سياسياً بعد الانتخابات وخصوصاً عند توزيع كعكة السلطة في بغداد.
عند تشكيل الحكومة العراقية الجديدة في 2018 برئاسة عادل عبدالمهدي، كانت لدى حركة التغيير اتفاق مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني فيما يخص إقليم كوردستان، إلا أن الحزب الديمقراطي لم يمنح اي منصب وزاري لحركة التغيير ما جعل الحركة تشعر بالغضب، اما هذا التحالف لحركة التغيير مع الإتحاد الوطني الكوردستاني يمكن ان يضمن عدداً من المناصب في الحكومة العراقية المقبلة.
فضلاً عن كل هذا، فإن التحالف مع الاتحاد الوطني لهذه الانتخابات العراقية المبكرة سيُبقي على حظوظ حركة التغيير في البقاء داخل المعادلة السياسية العراقية، وهذا التحالف قد نقل حركة التغيير الى داخل جبهة جديدة في العراق الذي يقال بأن الايرانيين يعملون على إحياء هذه الجبهة في اللعبة السياسية التي تلي الانتخابات.
الانتخابات العراقية المبكرة هي ثمرة "ثورة اكتوبر" عام 2019 في العراق، التي اجبرت رئيس الوزراء عادل عبد المهدي على الاستقالة، امريكا ساندت هذه التظاهرات آملاً ان تؤدي الى إنهاء حكم القوى التقليدية القريبة من ايران، وقد وقف الايرانيون ضد تلك التظاهرات، والانتخابات المبكرة التي من المقرر إجرائها في العاشر من تشرين الثاني في هذا العام الحالي، ستكون الجولة النهائية من الخلاف الموجود بين ايران والولايات المتحدة الامريكية حول مصير العراق.
ينتظر الامريكيون من قانون الانتخابات الجديد في العراق ان يكون عاملاً مساعداً لمجيء اشخاص سياسيين جدد الى الواجهة السياسية، اشخاص يمكن ان تُسَلَّم اليهم زمام الامور في العراق مستقبلاً، كما يريد الايرانيون بدورهم توصيل رسالة الى الامريكيين مفادها انه فضلاً عن ازدياد احتجاجات الشارع ضدهم، إلا ان القوى التقليدية يحتفظون بمواقعهم في الساحة العراقية، وإن تلك القوى لهم علاقات ايجابية مع ايران تمتد جذورها الى زمن النضال ضد نظام صدام.
يراهن الحزب الديمقراطي على تفوق الصدريين، اما الاتحاد الوطني فانه ينظر عن كثب الى عمار الحكيم وحيدر العبادي والأطراف الشيعية الاخرى، وينظر الى فوز وإنتصار الحلبوسي ضمن الاطراف السنية مقابل تيار اسامة النجيفي وحلفائه.
بعد الانتخابات وعند تشكيل الكتلة الأكبر لتشكيل الحكومة، من المحتمل ان يجابه تحالف الإتحاد الوطني وحركة التغيير الحزب الديمقراطي، وهذا ما يكون له وقع وتداعيات على موقع حركة التغيير داخل حكومة الاقليم.
تأريخ اتفاقات الإتحاد الوطني مع حركة التغيير
انشق نَوشيروان مصطفى في 2009 عن الاتحاد الوطني الكوردستاني وأسس مع عدد من القيادات المنشقة عن الإتحاد الوطني حركة جديدة سميت بـ"حركة التغيير"، اجاب نَوشيروان مصطفى وقتئذ على سؤال الذين كانوا يقولون أن حركة التغيير انشقت عن الإتحاد الوطني بقوله : "حركة التغيير قوة جديدة وليست منشقة عن اي حزب آخر، وأنهم قد تركوا الاتحاد الوطني لاصحابه"، ورغماً عن الخلافات أبرمت حركة التغيير أول اتفاق رسمي مع الاتحاد الوطني في 12 تشرين الثاني عام 2014، كان هذا اتفاقاً لتشكيل الحكومة المحلية في السليمانية.
وفي 17 آيار عام 2016 وقعت حركة التغيير على إتفاق جديد مع الاتحاد الوطني الكوردستاني، وهذا الاتفاق كان اتفاقاً اوسع من الاتفاق السابق، واطلق عليه اسم "الاتفاق السياسي بين الاتحاد الوطني وحركة التغيير" وفي بعض الاحيان كان يطلق على هذا الإتفاق بإتفاق "دَباشان"، وهذا الإتفاق ابرمه الراحلان جلال الطالباني ونَوشيروان مصطفى، لكن لم يستطع هذا الاتفاق ايضاً ان يعيد العلاقات بين الحزبين الى الحالة الطبيعية، لأن الإتفاق لم يدخل حَيز التنفيذ.